What is a good Conscience? الضمير الصالح وما هو

الضمير الصالح وما هو

حازم عويص – linga.org

ما هو الضمير؟

يعرّف قاموس وينستون الضمير بأنه “الحس أو الوعي الأخلاقي داخل الفرد، والذي يحدد ما إذا كان الفعل الذي يقوم به صحيحًا أم خاطئًا، جيدًا أم سيئًا.”

الضمير هو صوتٌ خلقه الله في الإنسان ليستطيع التميز بين الخطأ والصواب، حتى لو لم تصل رسالة الإنجيل إلى هذا الإنسان بعد. فالضمير هو شيء فطري وعام في كل البشر، ولكنّ مشكلة الضمير هي أنه قابل للانحراف، لذلك يوصينا الكتاب المقدّس كمؤمنين أنه يجب أن يكون لنا ضميرٌ صالح. صوت الضمير ليس هو الروح القدس لأن صوت الروح القدس لا ينحرف ابدًا. الروح القدس هو الله الخالق، أما الضمير فهو أداة مخلوقة في داخل الإنسان كي يستطيع أن يميز بين الصواب والخطأ. إن الكلمة اليونانية المترجمة “ضمير” في كل مراجع العهد الجديد هي “suneidēsis” ومعناها “الوعي الأخلاقي” أو “الإدراك الأخلاقي”.

إن الضمير يصدر عنه رد فعل عندما تكون أفعال الإنسان أن أفكاره أو كلماته متوافقة مع، أو على النقيض من مبادئ الصواب والخطأ. وكلمة «ضمير» تعني حرفيا «معرفة المرء نفسه».‏ وبعكس كل المخلوقات الارضية الاخرى،‏ أعطانا الله المقدرة على معرفة أنفسنا.‏ فيمكننا ان نسبر أعماقنا ونقيِّم ذواتنا.‏ فالضمير حكَم داخلي يفحص تصرفاتنا ومواقفنا واختياراتنا.‏ وهو يرشدنا لنتّخذ قرارا صائبًا أو يحذّرنا من قرار سيء.‏ فيُشعرنا بالارتياح عندما نحسن الاختيار، ويعذّبنا عندما نسيء فعل ذلك.

قيل عن الضمير:

  • الضمير لا يمنعك من فعل الخطية لكنه يمنعك من الاستمتاع فيها.
  • المنطق قد يقودنا للأخطاء لكن الضمير لا يفعل أبدًا
  • الضمير هو الصديق الذي يحذّرنا قبل أن يحاكمنا القاضي.

الحقيقة أنّ الكتاب المقدس ذكر لنا عدة أنواع أو صور من الضمير: كالضمير الشرير (أف 4: 18، رو 1: 18 -32 ،1تي 4: 2، تي 1: 15، عب 10: 22)، والضمير المشتكي (يو8 :1 – 11)، والضمير الطاهر (1تي 3: 9، 2تي 1: 3، عب 10: 2- 10) الضمير الضعيف (1كو 8: 7، 1كو 8: 10) ضمير بلا عثرة (أع 24: 16) الضمير الصالح (1تي 1: 1- 5، 1تي 1: 19، 1بط 3: 16). في هذه المقالة سنكتفي بالشرح قليلًا عن الضمير الصالح.

الضمير الصالح يوجّه حياة المؤمن المسيحي ويعمل تحت مظلة وقيادة الروح القدس.”ولك إيمان وضمير صالح الذي إذ رفضه قومٌ انكسرت بهم السفينة من جهة الإيمان أيضًا” (1تي: 1- 19) يقول وليم ماكدونالد: بالنسبة إلى الإيمان المسيحيّ، لا يكفي أن نكون أصحاب عقيدة صحيحة. قد يكون أحدنا مدقِّقًا للغاية، ولكن من دون أن يكون عنده ضمير صالح. كتب هاملتون سميث Hamilton Smith يقول: إنّ أصحاب المواهب والمتقدّمين الغارقين في خضم الانشغالات الكثيرة، والوعظ المستمرّ، والعمل المنظور، ينبغي لهم أن يحذروا التعرّض لإهمال حياة التقوى السرية أمام الله … إن حياة التقوى التي منها يجب أن تتفرّع كل خدمة حقيقية هي الحياة التي تثمر لله، والتي يجازيها – تعالى – خيرًا في اليوم المُقبِل. كان بعض الذين عاشوا في أيام بولس قد ألقوا جانبًا الضمير الصالح فانكسرت بهم السفينة من جهة الإيمان. لقد تمّ تشبيههم بربّان سفينة أحمق رمى بوصلته إلى البحر. إنّ الذين انكسرت بهم السفينة من جهة الإيمان كانوا مؤمنين حقيقيين، لكنهم لم يحافظوا على ضمائرهم رقيقة وحسّاسة. بدأوا حياتهم المسيحية كمركب شجاع يمخر عباب اليمّ، لكنهم عوضًا عن أن يرجعوا إلى المرفأ محمّلين بالبضائع والأعلام مرفرفة، ارتطموا بالصخور وجلبوا العار على نفوسهم وعلى شهادتهم.

الضمير هو خادم لمنظومة قيم الفرد. فمنظومة القيم الضعيفة أو غير الناضجة تنتج ضميرًا ضعيفًا، في حين أن نظام القيم الناضج المكتمل ينتج إحساسًا قويًا بالصواب والخطأ. في الحياة المسيحية، يمكن أن ينقاد ضمير المؤمن بفهم غير مكتمل للحقائق الكتابية ويتسبب في شعور بالذنب والعار غير متناسب مع الواقع. لذلك فإن النضوج في الإيمان يعمل على تقوية الضمير، (راجع 1كو 8: 4-13) السؤال: كيف نحصل على ضمير صالح؟ “لذلك أنا أيضًا أدرب نفسي ليكون لي دائمًا ضميرٌ بلا عثرة من نحو الله و الناس.” (أع 24: 16). في عالمنا هذا ومع طبيعة فاسدة كطبيعتنا، نواجه مشاكل أخلاقية تمتحن باستمرار التزامنا للمبادئ المسيحية. الصلاح كله موجود في الله وحده وعلى قدر تقرّب المؤمن المسيحي من الله وتكوين علاقة قوية معه من خلال ابنه يسوع المسيح، سيكتسب هذا الشخص الضمير الصالح. فنحن كمؤمنين أيضًا كلما قضينا وقتًا مع أبينا السماوي أخذنا أكثر فأكثر منه كل الصلاح والحب ويكون لنا ضمير صالح.

الغرض من الضمير الصالح ليس الافتخار والوقوف أمام الله والإحساس بالبر الذاتي، ولكنّ الضمير الصالح هو عمل كرازي في حد ذاته. يرانا الناس فيشتمّوا فينا رائحة أبينا السماوي. من له ضمير صالح لا يفرح عندما يقول الناس له: أنت عظيم يا فلان ولكن يفرح عندما يمجّد المسيح الذي فيه من خلال صورته التي سمح الله أن يراها الناس من خلاله. إن رسالة الضمير موجهة نحو الإرادة؛ فإذا أطاعت الإرادة، سينمو الضمير وينضج، أما إذا قاومت الإرادة فسيضعف الضمير، ويسهل إسكاته فصلّ لكي يعطيك الرب ضميرًا صالحًا؛ ضميرًا حساسًا. واحذر من موقف الكتبة الذين كان لديهم ضمير حساس في الأمور التافهة، ولكنهم تغاضوا عن الأمور المهمة في الناموس، (راجع متى 23: 23).

إن الضمير هو شيء حيّ، وخاضع للنمو والنضج. “وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِحٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَسِيحِ، يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ. (1بط 3: 16). حتى في أيامنا هذه يوجد أناس لا يحبون المسيحيين فيتكون لديهم إحساسٌ سلبيٌّ تجاههم. ولكن يسمح الله بأن يتعامل هؤلاء الأشخاص مع إنسان مسيحي حقيقي فيجدوا رصيدًا من المحبة والتسامح والاحتمال والضمير الصالح، فيقولون بالعامية “فيكم ناس كويسين”. سمعنا نحن المسيحيون كثيرًا مقولة: “هذا الإنسان رائع لكن خسارة فهو مسيحي.” لماذا هذا التغيير؟ لأنهم أشتموا رائحة المسيح الزكية في المسيحي الحقيقي. أمّا لو قابلنا الشتيمة بشتيمة والإساءة بإساءة فالعداء سوف يستمر ويزداد. ولن نمجد اسم أبينا السماوي، بل سيجدّف على اسمه ونكون نحن السبب.

حين يعاشر شخصٌ من هذا النوع مسيحيًّا حقيقيًّا سيخزى لأنه بعد أن عامله وشعر بالصلاح الذي فيه، سيتغير موقفه من داخله. فالناس حتى لو لم يؤمنوا بإله هذا المسيحي سوف يشهدوا بصلاحه فهم لم يروا أحدًا في قداسته وطهره وأمانته ومحبته التي أكتسبها من أبيه السماوي. فليعطنا الرب ضميرًا صالحًا طاهرًا بلا عثرة من نحو الله والناس. ولإلهنا كل المجد آمين.