the resurrection Joy – فرح القيامة

“وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرًا  والظلام باق. فنظرت الحجر مرفوعًا عن القبر” (1:20).

 

قال الملاك: “… يسوع المصلوب، ليس هو ههنا لأنه قام كما قال” (متى 28: 5 و6).

 

اليوم عند اليهود يبدأ الساعة السادسة مساء بتوقيتنا، ولمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال من مساء الأربعاء حتى مساء السبت… في أسبوع الفصح ساد الظلام في أفق حياة تلاميذ المسيح…

 

ظلام الهزيمة، فقد ظنوا أن سيدهم هزم حين أخذه اليهود والرومان وصلبوه… وظلام الشك الذي ملأ قلوبهم من جهة حقيقته، وظلام الحزن على فراق ذاك الذي عزاهم، وأراح قلوبهم، وملأ حياتهم سلامًا أثناء وجوده معهم…

 

لكن بعد نهاية السبت قام المسيح… وخرج من قبره والقبر مغلق، فلم يكن بحاجة أن يرفع الملائكة الحجر عن قبره ليخرج منه، وعندما نزل ملاك الرب من السماء ودحرج الحجر عن باب القبر، فعل ذلك ليثبت أن المسيح قام وأنه ليس في القبر… وبقيامة المسيح أعلنت السماء هزيمة الظلام… وحديث هذه الرسالة سيرتكز في معنى قيامة المسيح، إن قيامة المسيح أكدت:

أولا: أنه هو الذي صلب على الصليب:

عند ظهر المسيح لتلاميذه بعد قيامته “وقف في وسط وقال لهم سلام لكم، ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه” (يوحنا 19:20)، لقد قصد المسيح بان يتأكد تلاميذه تماما أنه هو الذي صلب على الصليب، ولذا أراهم يديه ليروا فيها آثار ثقوب المسامير، وأراهم جنبه ليروا فيه آثار الحربة التي طعنه بها أحد العسكر.

ثانيًا: صدق نبوات العهد القديم ونبوات المسيح:

تنبأ داود عن قيامة المسيح فقال:”لأنك لن تترك نفسي في الهاوية، لن تدع تقيك يرى فسادًا” (مزمور10:16).

 

وقد أعلن بطرس في خطابة لليهود يوم الخمسين أن هذه النبوة تمت حرفيًا في المسيح “أنه لم تترك نفسه في الهاوية ولا رأى جسده فسادًا” (أعمال31:2). وأعلن أن “يسوع هذا أقامه الله ونحن جميعًا شهود لذلك” (أعمال32:2).

 

كذلك تنبأ عن موته ودفنه وقيامته فقال: “لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون أبن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال” (متى40:12)، وقال أيضًا “أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيرًا ويُرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويُقتل. وبعد ثلاثة أيام يقوم” (مرقس31:8)، وقد صُلب المسيح، ودُفن، وبقي في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال، من مساء الأربعاء في أسبوع الفصح حتى مساء السبت، فالمسيح لم يصلب يوم الجمعة بل صُلب يوم الأربعاء وبقي في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال كما قال، وقام بعد انتهاء يوم السبت، لقد أكدت قيامة المسيح صدق النبوات.

ثالثًا: أنه ابن الله وأعلنت أن الله جامع في وحدانيته:

أعلن بولس الرسول هذا الحق بكلماته: “بولس عبد ليسوع المسيح المدعو رسولا المفرز لإنجيل الله. الذي سبق فوعد به بأنبيائه في الكتب المقدسة، عن ابنه، الذي صار من نسل داود من جهة الجسد، وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات. يسوع المسيح ربنا” (رومية1: 1-4).

 

أعلن بولس عبوديته للمسيح، وأعلن أنه مفرز لإنجيل الله، وأن هذا الإنجيل هو ما وعد به الله بأنبيائه في العهد القديم، وأن قيامة المسيح أعلنت بقوة الروح القدس أنه ابن الله، وأن يسوع المسيح هو ربنا.

في هذه الآيات المضيئة:

نرى الآب الذي وعد بتقديم الابن ذبيحة لأجل خطايا الآثمين والذي أقامه من الأموات.

 

ونرى الابن الذي أعلنت قيامته حقيقته، والذي أقام نفسه (يو2: 12-18).

 

ونرى الروح القدس الذي أعلن بقوة أن قيامة المسيح أكدت حقيقة كونه ابن الله.

 

فقيامة المسيح أعلنت بما لا يدع مجالا للشك أنه ابن الله الأزلي.

 

وقد هتف توما الرسول – الذي ملأه الشك في حقيقة قيامته – بعد أن رأى آثار المسامير في يديه، وأثر الحربة في جنبه، وتأكد من قيامته قائلا له: “ربي وإلهي” (يوحنا 28:20) وقَبَل المسيح اعترافه.

رابعا: أكدت هزيمة الموت وأنارت الحياة والخلود:

إن لم تكن هناك قيامة من الموت وحياة أبدية، فحياتنا الأرضية يمكن أن ينطبق عليها ما قاله شكسبير، “قصة ترويها عجوز شمطاء جالسة إلى جوار النار”، لكن الله جعل الأبدية في قلب الإنسان كما قال الملك سليمان: “قد رأيت الشغل الذي أعطاه الله بني البشر ليشتغلوا به. صنع الكل حسنًا في وقته وأيضًا جعل الأبدية في قلبهم التي بلاها لا يدرك الإنسان العمل الذي يعمله الله من البداية إلى النهاية” (جامعة 3: 10 و 11).

 

الأبدية هي تفسير الوجود كله… تفسير مآسي الوجود… وأحزان الوجود… وكوارث الوجود… وسر الوجود “فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجهًا لوجه، الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عُرفت” (1كورنثوس 12:13).

 

وقيامة المسيح أكدت هزيمة الموت، وأنارت لنا الحياة والخلود، ولهذا كتب بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: “فلا تخجل بشهادة ربنا، ولا بي أنا أسيره، بل اشترك في احتمال المشقات لأجل الإنجيل بحسب قوة الله، الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة، لا بمقتضى أعمالنا، بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية، وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح، الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل” (2تيموثاوس1: 8-10). فبعد أن يتحلل الجسد الذي تعيش فيه ويعود إلى التراب الذي صنع منه، ستكون هناك قيامة، وستختلف قيامة المؤمنين بالمسيح المغسولين بدمه عن قيامة الأشرار… فالمؤمنون بالمسيح سيقومون بجسد كالجسد الذي قام به المسيح من الأموات.

 

“فإن سيرتنا نحن هي في السموات، التي منها أيضا ننتظر مخلصنا هو الرب المسيح، الذي سيغير شكل تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء” (فيلبي3: 10و21).

 

تحدّث بولس عن الجسم الذي سيقوم به المؤمنون بالمسيح المصلوب، فقال: “هكذا أيضا قيامة الأموات، يزرع في فساد ويقام في عدم فساد، يزرع في هوان ويقام في مجد، يزرع في ضعف ويقام في قوة. يزرع جسمًا حيوانيًا ويقام جسمًا روحانيًا… الإنسان الأول من الأرض ترابي، والإنسان الثاني الرب من السماء، كما هو الترابي هكذا الترابيون أيضًا، وكما هو السماوي هكذا السماويون أيضًا. وكما لبسنا صورة الترابي سنلبس أيضًا صورة السماوي” (1كو15: 42-49).

 

هذا هو رجاء المؤمنين الحقيقيين، الذين آمنوا قلبيا بالرب يسوع المسيح نالوا خلاصه، وهذا الرجاء هو سر فرحهم وقوته، لأنه “إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فإننا أشقى جميع الناس” (1كورنثوس 19:15).

ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وبقيامته أنار لنا الحياة والخلود، فلنهتف من قلوبنا بفرح عظيم قائلين: “المسيح قام… بالحقيقة قام”.   

when the boat crashes – حينما يتحطم القارب

حينما يتحطم القارب

ماذا تفعل إذا وجدت نفسك ذات يوم وقد أحاطت بك المخاوف من كل جهة ، تريد أن تحرمك من هدوء الذهن وسلام القلب ؟

ماذا ، لو ضغطت عليك الشدائد فتهت معها ولم تعد تدرى كيف تتصرف أو إلى أين تسير ..

ماذا ، لو داهمتك أعاصير الفشل ورياح القلق واشتهيت الراحة وبحثت عنها دون جدوى ..

ماذا لو تحطم قاربك وبت تصارع بين الغرق والحياة ، وليس من يمد يده لينتشلك .. هل ستخور عزيمتك .. ؟

هل ستنهزم .. هل تفقد الأمل ؟

هل تترك نفسك للغرق ..

لا .. لا تستسلم ، الآب السماوى الذى بذل ابنه لأجلك ، فى  قلبه لهفة نحوك .. يحبك ، لا يريدك أن تفشل .

قد يخطئ أصدقاؤك فى فهم مقاصدك وقد يسيئون الظن بك وقد يحاول بعضهم أن يحطم قلبك بخيانته ، أما الله فليس كذلك .. هو “أب” وهل يترك “أبو الرأفة وإله كل تعزية ” (2كو 3:1) .

ابنه يغرق أمام عينيه .. ألا تدفعه محبته التى بلا حدود لكى يتحرك فى الوقت المناسب لينتشله ويحمله على ذراعيه .

نعم ..

نعم ، لن يتركك أبدا إذا وضعت ثقتك كاملة فيه .. سيمد يده القوية نحوك .. سيحول هزيمتك إلى نصرة ، وستذوق عيناك النوم بلا أدوية ..

صديقى ، ليست هذه كلماتى أنا حتى ترتاب فيها وتظن إنني أخدرك .. كلا ، هذه هي كلمات الكتاب المقدس التى لا تكذب أبدا .

صديقى ، كفى إهدارا للوقت .. لماذا تترك ذهنك يفكر ويفكر بلا هوادة سائرا فى خط دائرى ليعود فى كل مرة إلى ذات النقطة التى بدأ منها .. ألا تسمع صوت الرب “كفاكم دوران ‎” (تث 3:2) .

هيا .. إنني أشجعك .. هيا إلى مكان هادئ بعيدا عن الضجيج والصخب .. تعال ومعك أعظم كتاب فى الوجود لتقرأ فيه ..

هيا ومعك الكتاب المقدس ..

افتحه ، وقلب فى صفحاته باحثا عن الآيات التى تتحدث عن محبة المسيح ، التأمل فى محبته هو الإنقاذ .. هو أعظم علاج الفشل والقلق ..

كم يمتلئ الكتاب بالعديد جدا من هذه الآيات .. كم هى قوية ، ترفع النفس وتجدد الذهن وتملأ القلب بالسلام .. إنها بالفعل كما اختبرها أرميا النبى تجلب الفرح وبهجة القلب (ار 16:15) .

وقد تقول لى ، لم أنمو بعد فى حياتى مع الله بالقدر الذى يتيح لى أن أصل إلى هذه الآيات ، وحتى إذا وجدتها فليست لى طاقة ذهنية للتأمل فيها والانتفاع منها ..  حسنا .. من أجل هذا السبب ارشدنا الله لنكتب لك هذه الصفحات التالية :

ولتسمح لنا أن نشاركك التأمل فى بعض من الآيات العظيمة للكتاب ، التى تتكلم عن محبة الله لنا ، والتى تسحق القلق وتأتى بالسلام الغامر إلى القلب ..

ولنبدأ بآية من سفر التثنية :

الآية تقول “حبيب الرب يسكن لديه آمنا . يستره طول النهار ” (تث 12:33) .

والآن قبل أن تقرأ التأمل المكتوب فيها ارفع قلبك إلى الله وحدثه بمثل هذه الكلمات :

يارب .. يا من تحبني ..

أنت تعلم كل ما أجوز فيه ..

أنت تشعر بكل ما فى داخلى ..

سأقول الصدق معك ..

ليس لى قوة ..

ولكن نحوك عينى ..

ليتك تستخدم كلمات التأمل

لتشجيعى ،

ولتحريرى الكامل من القلق ..

حبيب الرب :

هل تصدق أن الرب يحبك .. كلمة الله تخبرنا بأن كل مؤمن حقيقى ، فتح قلبه للملك المسيح وقرر أن يحيا فى شركة معه ، له أن يتمتع دائما بهذه الثقة .. إنه “حبيب الرب ” .

  • إنه ضمن الذين قال عنهم الرسول بولس إنهم “المحبوبون من الله ” (1تس 4:1) .
  •  إنه واحد من خراف الرب الخاصة التى يحبها ” وفى حضنه يحملها ” (أش 11:40) ويدعو كلا منها باسمه (يو 3:10) .
  •  وله أن يدرك أن الرب يحبه جدا جدا ، حبا شخصيا خاصا .. ويستطيع أن يقول عنه بفرح “الذى أحبنى وأسلم نفسه لأجلى ” (غل 20:2) ..
  •  وله أن يتمتع بكلماته الكثيرة المفعمة بالحب مثل “محبة أبدية أحببتك .. ” (أر 3:31) ، “لا تخف لأنى فديتك دعوتك باسمك أنت لى ” (أش 1:42) ، “أنا الرب إلهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف أنا أعينك ” (أش 13:41) .
  • نعم قد يضعف المؤمن ويخطئ فيجرح قلب الرب المحب سواء بعدم الثقة فى أمانته أو بالتعدى على كلماته وأوامره .. لكن مع هذا فالرب “ليس عنده تغيير ” (يع 17:1) ، لن يغير قط من محبته .

يا للمجد ، إن كل مؤمن فى شعب الله له أن يتمتع بهذا الحب ، حتى الذى أتى للتو من الكورة البعيدة معترفا بخطاياه وتائبا عنها .. وهذا الحب سيشفى أعماقه ..

ترى هل لا تزال نفسيتك مريضة إلى الآن وتعانى من الإحساس بالتفاهة وصغر النفس وانعدام الثقة فى القدرة على النجاح ؟ .. هذه الأحاسيس غالبا ما تسيطر على الإنسان إما بسبب مواقف فشل عديدة مر بها أو نتيجة لتربية بعيدة عن الإنجيل تبنت فكرة أنه أقل أو أصغر من غيره .

هل أنت كذلك ؟ .. انظر إن سفر التثنية عندما سجل لنا هذه الآية التى تبدأ بعبارة “حبيب الرب ” سجلها ضمن حديثه لبنيامين .. وبنيامين هو أصغر إخوانه والوحيد فيهم الذى عانى من صدمة وفاة أمه لحظة ولادته ..

هل لازلت تعانى من الشعور بالنقص أو من آثار قسوة تعرضت لها بالماضي .. الرب يسوع يقول لك إنه أحب على نحو خاص بنيامين الصغير والذى حرم من حنان الأمومة .. وإنه أيضا يحبك ، يحبك جدا ..

ادخل إلى مخدعك واغلق بابك ، تحدث معه عن كل آلامك وصراعاتك الداخلية .. لا تمنع دموعك من الانهمار .. سيكشف الرب عن حبه الخاص لك وسيفيض بمحبته العجيبة داخل قلبك ، وسيشبعك ..

“حبيب الرب ” عبارة جميلة جدا وحلوة للغاية .. الرب يحب المؤمنين به جدا ، يسكب محبته فى داخلهم ليشفيهم بها من كل آثار الجروح القديمة التى جرحوا بها فى الماضى من آخرين اقسوا عليهم أو استهزؤا بهم .

حب الرب يشفى المؤمن من نتائج مواقف الفشل السالفة ويعوضه بغنى عن السنوات التى عاناها محروما من الحب والحنان أو مهانا يتألم من سيطرة الآخرين واستهزائهم ..

تأمل معى كيف تمكنت السامرية أن تنتصر على عطشها الشديد لخطية النجاسة .. تأمل معى كيف تحولت فى موقف واحد من زانية مهانة إلى كارزة مقتدرة ، ولكن هل تغيرت بالقسوة ؟ .. كلا !! بل بحب الرب ، حبه العجيب ملأ فراغ قلبها .. أشبعها وأرواها ، ففاضت به إلى عطاش آخرين !!

أيها المؤمن ، هل تحطم قاربك وصرت تصارع الأمواج وحيدا .. إلتفت إلى الأمام ، ستلمح الرب سائرا فوق المياه المخيفة ، يتحداها مقتربا إليك .. امعن النظر إليه .. برغم كل شئ فسترى جماله العجيب ، ستنظر طلعته البهية .. ستنظره يقترب إليك وستسمعه يكلمك بصوته العذب .. رجاء أنصت إليه .. ستصل إلى أذنيك كلمات مطمئنة كثيرة .. سيقول لك إنني أحبك جدا .. إنني أشعر بك .. أنت لست وحيدا ، أنا معك .. لن تغرق أبدا .. لن تنهزم هات يدك بسرعة وضعها بلا تردد فى يدي ..

حبيب الرب يسكن لديه آمنا :

أي أن كل مؤمن مهما كان عمره الروحى صغيرا له أن يتمتع بالسكنى لدى الرب والشعور بالأمان ، مادام قد عزم أن يحيا حياة جادة معه ..

كان نوح وأسرته يسمعون أصوات الرياح العاصفة والمياه المتدفقة ، فهل ارتجفت قلوبهم ؟ .. كلا ، لماذا ؟ لأنهم كانوا محتمين داخل فلك ..

الرب يسوع هو الفلك الحقيقى الذى يجب أن أختبئ فيه دائما حتى أتمتع بالحماية المؤكدة .

أيها الرب يسوع ..

أعطنى أن أرى نفسى كل حين مختبئة خلف جراحك ..

أعطنى أن أدرك أننى فيك محتميا بدمائك الثمينة ، ولذا لن يؤذنى شيء ..

الرسول بولس كان يرى نفسه دائما مختبئا فى الرب ولذا فما أكثر المرات التى قال فيها عن نفسه أنه “فى المسيح” ..

حبيب الرب يسكن لديه آمنا يستره طول النهار:

يستره أى يغطيه cover him ..

أيها القارئ ، هل لك علاقة حقيقية بالرب يسوع ؟

هل تعرف كم يحبك ؟

هل تدرك أنه اشتراك بثمن لا يقدر العالم كله مجتمعا أن يسدده ؟ لقد اشتراك بالدم .. بدمه الثمين الذى سفكه بالآم وأهوال يعجز القلم أن يصف مدى فساوتها ..

هل تثق إنه يحبك ؟

الذى يثق أن الرب يحبه يثق أيضا أنه يتمتع بحمايته ..

هيا .. هيا نثق فى حب الرب لنا .. هيا .. هيا نفتح قلوبنا لسكيب محبته ..

هيا .. هيا نتمتع بحمايته ..

هيا نرنم مع داود إحدى ترنيماته العذبة .. هيا ننشدها معه بملء الفرح وكل الصدق :

“الرب نورى وخلاصى ممن أخاف

الرب حصن حياتى ممن أرتعب

إن نزل على جيش لا يخاف قلبى

إن قامت على حرب ففى ذلك أنا مطمئن

لأنه يخبئنى فى مظلته فى يوم الشر

يسترنى بستر خيمته ” (مز 27: 1-5) .

ترنيمة أخرى مختلفة :

ثم تأمل معى هذا المقطع الجميل الرائع من سفر أشعياء :

غنوا للكرمة المشتهاة

أنا الرب حارسها

أسقيها كل لحظة لئلا يوقع بها

أحرسها ليلا ونهارا ” (إش 27: 2،3) .

والآن ألا تتعجب معى لما تعلنه هذه الكلمات ..

  •           لقد تعودنا أن نغنى ونسبح للرب يسوع ولكن هذه الآيات تقدم لنا أمرا آخرا مختلفا تماما .. الرب هو بنفسه الذى يدعو سكان السماء ليغنوا لنا ..

المؤمنون على الأرض يغنون للرب الذى فى السماء ، والرب فى السماء يقود الملائكة ليغنوا للمؤمنين الساكنين الأرض .. أمر عجيب لا يمكن أن يفهم إلا فى ضوء أمر واحد هو حب الله المدهش لنا ..

  •                       ثم تأمل كلمات الرب إنه يطلق علينا لقب “الكرمة المشتهاة ” ثم يؤكد قائلا “أنا حارسها” .. الرب يحرسنا ، هو الذى يقول ألا تصدقه ؟! .. لماذا إذن تقلق ؟ لماذا تسمح للمخاوف أن تعذب نفسك ؟ لماذا لا تردد دائما كلمات داود النبى “الرب يحامى عنى ” “مز 8:138) ، محتماى فى الله ” (مز 7:62) .
  •                        ثم انظر أيضا ماذا يقول الرب “أسقيها كل لحظة ” .. آه يا للحب العجيب المعلن لنا هنا .. هل سمعت عن زارع يسقى حقله طول الوقت .. الرب يسوع الزارع الأعظم يسقينا كل لحظة ، ونحن فى الخلوة معه كما ونحن نعمل ونقابل الناس .. أثناء اليقظة وكذلك وقت النوم .. كل لحظة .. كل لحظة .. إنه يهتم بنموك الروحى أكثر جدا جدا من اهتمامك أنت .. هو يحبك ، يرعاك “حسب كمال قلبه ” ويهديك “بمهارة يديه ” (مز 72:78) ، “يفدى من الحفرة حياتك ” (مز 4:103) .. ويجعل كل الأشياء تعمل معا لخيرك (رو 28:8) .
  •                        ألا تهدأ .. فالذى أعلن عن نفسه فى المزمور إنه الحارس الذى لا ينعس ولا ينام ها هو هنا يعلن مرة أخرى إنه يحرس ليلا ونهارا ..

أيها القارئ .. هل تثق أنك ” حبيب الرب ” .. إذن كيف تخف إذا انكسر فى لحظة ما مجداف قاربك أو حتى إذاتحطم القارب ذاته .. ثق إنه إله صادق وحتما سيتمم وعده .. سيحرسك ليلا ونهارا ..

ثق إنه يشعر بك :

ذات يوم وقف الرب وسط المتألمين لموت لعازر ، ففاضت عيناه الوديعتان بدموع غزيرة .. آه ، إن قلب الرب حساس جدا “يرثى لضعفاتنا ” (عب 15:4) .. يحبنا فيتألم لآلامنا .. آلامنا صارت بالفعل آلامه ..

والآن إلى آية من العهد الجديد:

تأمل معى ما قاله الرب يسوع فى إنجيل متى “أما أنتم فشعور رؤوسكم جميعها محصاة” (متى 30:10) الأصل اليونانى لكلمة محصاة تعنى ذات أرقام “numbered” وليس مجرد إحصاء للعدد الإجمالي “counted” كل شعرة فى الرأس لها رقم خاص ويعرف الله ترتيبها ، وكأن هناك قائمة خاصة لشعر كل منا فإذا سقطت منه واحدة تسجل أمام رقمها ما يشير إلى سقوطها ..

يا لسمو هذا الحب .. لا مثيل له .. الرب يهتم بأصغر شئ فينا ، فكيف إذن نستسلم للمخاوف ! كيف نشك فى عنايته ؟ .. إننا فى كل مرة نفعل هذا نكسر قلبه ..

ثم تأمل معى كلمات الرب السابقة لهذه الآية مباشرة .. الرب يقول “أليس عصفوران يباعان بفلس وواحد منها لا يسقط بدون أبيكم ” (متى 29:10) .

انظر ، الآية لا تعنى فقط أن الرب يعلم بسقوط العصفور القليل القيمة فى نظر الناس بل أكثر .. هذا العصفور لن يسقط أبدا وحيدا ، الآب السماوى سيكون بنفسه معه ..

أليس هذا معزيا جدا لنا ، ولا سيما حينما نضع فى أذهاننا أننا فى نظر الآب السماوى أفضل من عصافير كثيرة ..

الوحى يقول عن المؤمنين أنهم

حدقة عين الرب (تث 10:32) .. آه يا لقوة هذا التعبير .. أليست العين هى أغلى ما يمتلكه الانسان ؟ نعم ولذا استخدم الرب هذا التشبيه ليقول به لكل مؤمن “صرت عزيزا فى عينى ، مكرما وأنا قد أحببتك ” (أش 4:43) .. كم أنت ثمين لدى ، ما يجرحك يجرحنى وما يؤلمك يؤلمنى .. لا تنظر إلى قاربك الذى تحطم ، ولا تنصت إلى هدير المياه الرهيب .. أغمض عينيك بسرعة عن العيان .. أغلق أذنيك عن سماع كلمات التخويف ..

هيا أدخل إلى مخدعي .. وافتح كتابى .. واقرأ عن حبى .. سيعود السلام إلى داخلك .. وستفرح بالقارب المحطم لأنه أعطاك فرصة ذهبية لتختبر بعمق ، حبى وقوتى ..

He did not forget you – لم ينساك

لا .. لم ينساك

أتيب لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل (يو 10:10)

قدتركنى الرب ..

هكذا صرخت بمرارة وهى ترى نفسها عاجزة عن الخروج من الدائرة المظلمة التى إلتفت حولها ..

كانت لها من قبل علاقة حية مع الرب يسوع .. كم من أوقات حلوة قضتها جالسة عند قدميه تقرأ فى كتابه أو واقفة تصلى أمامه أو سائرة فى الشوارع لتفتقد أحباءه .. آه أية إيام جميلة عاشتها بين العبادة والخدمة .. لقد اختبرت قوة الايمان وبهجة التسبيح وجمال الشركة مع الله .. لكن وآسفاه .. ثمة شئ خطير قد حدث غير من حالتها ونزع منها إبتسامتها التى تعود الناس رؤيتها مرتسمة على وجهها .. آه لم تعد تشعر بحضور الله .. دخل الحزن أعماقها وبدأ يزداد كلما تذكرت الأيام الأولى وكلما مالت بتفكيرها إلى مقارنة نفسها بغيرها ..

ماذا حدث ؟

هل سقطت فى خطية واستمرت تخطئ مستسلمة لها ؟

أم أخطأ فى حقها بعض أحبائها ، ثم جاء رد فعلها مخالفا لمشيئة أبيها السماوى فدخلت الظلمة حياتها .. أم هى ظروف .. لم تواجهها بنور الانجيل ، فأزعجتها وأيقظت فيها مخاوف دفينة ومتاعب نفسية قديمة لم تصفيها من قبل أمام عرش النعمة ..

ايا كان السبب فالحقيقة أن إبليس هو العدو الخفى الذى استثمر كل ما حدث .. لقد نجح فى أن يحول عينيها عن الرب يسوع .. عن حبه لها ، عن خدمته .. حول عينيها إلى ذاتها .. إلى آلامها ومشاكلها .. يا للأسف .. لقد سقطت فى شباكه وبدأت تشفق على نفسها وتطلب شفقة غيرها ولم تدر إنها بهذا قد توغلت داخل الممر المظلم الذى ينتهى بهاوية اليأس ..

ياإلهى ..

هل حقا تركتها .. ؟ أهى محقه فى صرختها “لقد تركنى الرب .. ” (أش 14:49) .

هل أوصدت أمامها كل أبواب الأمل ..

أيها القارئ العزيز .. إن نظرنا إلى الله من خلال ظروفنا الصعبة ومشاكلنا المتعثرة وأخطائنا الكريهة فإننا سنميل أن نفكر هكذا ، لكن إذا عكسنا الوضع ونظرنا إلى كل متاعبنا من خلال إلهنا المحب فأن النتيجة التى سنصل إليها ستكون مختلفة ..

صديقى دعنى أشرح لك الأمر بأكثر وضوح بتأملنا فى واقعة سجلها الكتاب المقدس فى الأصحاح 49 من سفر أشعياء .. دائما الكتاب هو النور اللامع الذى يحمينا من التيه ويحفظنا من خدعات إبليس الماكرة ..

الاصحاح يتحدث عن شعب الله المأسور فى بابل .. كم كان بائسا ؟ عشرات السنوات قد مرت منذ أن سباهم الأعداء إلى بابل .. مئات الكيلومترات تفصلهم عنأورشليم مكان عبادتهم .. مكان الفرح والمجد .. صحراء وجبال فى الطريق إليها .. حواجز ضخمة .. لا أمل فى الهروب .. لا أمل فى العودة .. وأورشليم نفسها لقد صارت أطلالا مخيفة حتى أن نحميا حين زارها بعد سنوات قليلة لم يقدر أن يتجول فيها راكبا على دابته (نح (14:24) ..

أمور أشعرت الشعب بالاحباط . وخرجت من قلوبهم الصرخة الأليمة .

“قد تركنى الرب “

وأجاب الرب ..

بماذا أجاب الرب على يأسهم .. أيوجد بعد طريق يعيد به شركته معهم من جديد ؟

هل تعود لهم إبتسامة الأمل مرة ثانية ؟

نعم .. نعم .. هكذا أجابهم الله بأن كشف لقلوبهم أعماق حبه لهم .. الله يحبنا جدا جدا ، وحين نثق فى هذا الحب ونرى تحت ضوئه فشلنا وضعفنا ومشاكلنا فإننا سنرى كل هذا بطريقة مختلفة تجعلنا نرتفع فوقه ونتحرر من الشفقة على ذواتنا .. وننتصر على الاكتئاب .. صرخ الشعب “ قد تركنى الرب ..”

وأجاب الله بأن كشف عن  أعماق حبه لهم والكلما ت التى قالها لهم هى أيضا رسالته لكل  إبن له ضعفت أو أنعدمت شركته معه ..

إلى كل إبنة له متعطشة للسلام والهدوء .. للسعادة والنشاط فى الخدمة ..

إلى كل إبن له فقد أحلامه فى إختبارات روحية مجيدة واستعبد لفكرة إنه بعيد عن أى إحتمال للشفاء .. الله يقول .. إن حبه العظيم هو العلاج لاكتئاب أولاده ..

أيها الروح القدس ..

ياروح الحب النارى ..

ليس لى آخر سواك يكشف لى عن الحب الالهى .. إكشفه لقلبى .. وقلب كل قارئ ..

(1) فهو حب لا نظير له

حب الله لك يسمو عن أى حب آخر .. الشعب المأسور فى بابل صرخ “سيدى نسينى ” (أش 14:49) وأجابه الرب بكلمات ما أثمنها .. كلمات تسحق كل إفتراءات إبليس التى تشككنا فى محبة أبينا السماوى.

لقد قال ” هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم إبن بطنها ، حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك ” (أش 15:49) .

كم تحب الأم أطفالها .. وكم يظهر حبها متألقا على نحو خاص وقت آلامهم .. لا تبتعد عنهم .. تسهر بجوارهم .. تنفق بلا حدود لأجل راحتهم .

آه إن هذا الحب العظيم ليس سوى إنعكاس باهت لحب الله الأعظم .. فالأم قد تنسى .. أما الله فيستحيل أن ينسى أولاده ..

صديقى قد يتنكر لك الأصدقاء وقد يتخلى عنك الأقرباء وقد تفتقد حنان الأسرة الصادق .. لكنك إن صدقت إن يسوع يحبك وفتحت قلبك له لأستطعت أن تقول صادقا مع داود “أبى وأمى قد تركانى والرب يضمنى ” (مز 10:27) .

يسوع يحبك حبا فريدا .. إسمعه يقول لك ” محبة أبدية أحببتك من أجل ذلك أدمت لك الرحمة (أر 3:31) .

لقد حمل خطاياك .. كل خطاياك .

تحمل عقوبتها كاملة .. مات بدلا منك ..

مات لتكون لك حياة أبدية ..

إنه حب متسع كأتساع المحيط ، عميق كعمق مياه البحار ، مرتفع كإرتفاع السماء هو حب غير محدود لأنه ببساطة حب الاله اللا محدود .. لم ولن يحبك شخص آخر مثلما يحبك هو ..

آه كم نحتاج أن نترك مشاعرنا تتأثر بهذا الحب ، إذ متى إستسلمنا له أجرى تغييرات ضخمة فى حياتنا .. آه كم نحتاج أن نصلى للروح القدس .. ياروح الله أسكب بغزارة محبة المسيح فى قلوبنا ..

(2) وهو حب لا يقهر

آه ، كم نحزن روح الله الوديع بشدة حين نقتنع بإن مشاكلنا لن تحل وإن حياتنا الروحية لن تعود قوية كما كانت من قبل وأننا لن نتعزى مرة أخرى ..

صديقى ثق إن حب يسوع لك هو دائما منتصر ، يقهر كل المعطلات التى تمنع تمتعنا به .. لم يكن الشعب يرى شيئا واحدا أمامه لا يدعو لليأس ..

أورشليم .. مكان أفراحه صارت خربه .. كل شئ يبدد الأمل .. كل شئ أسود .. أسود .. لكن أنظر معى ماذا يقول الرب لأورشليم .. “أسوارك أمامى دائما ” (أش 16:49) . نعم أنت أطلال ولكننى أراك بأسوارك العالية ..

أنت الآن فى عار ولكننى أنظرك فى مجد .. نعم هذه هى صورتك التى أراها دائما فى قلبى .. ثقى فى لن تظلى كما أنت ..

أيها القارئ لا تدع العدو يحزن قلبك بحزن اليأس الذى ينشئ موتا .. أنت ترى الخراب أما الله فينظر إلى الأسوار .. أنه يشاهدك فى وضعك الذى ستصير له حينما تتمم نعمته الغنية عملها فيك .. ثق فى حبه .. إنتظره حتى ينتهى من إعادة تشكيلك ولن تكون كما أنت الآن ..

الجبال ..

حبال شامخة وصحراء شاسعة كانت تفصل بين بابل مكان أسر الشعب وأورشليم موضع تعزيتهم .. وكان الشعب ينظر لهذه الصعاب فيصاب بالأحباط .. لقد قال “أجعل كل جبالى طريقا .. ” (أش 11:49) . وكأنه يقول .. شعبى لن أزيل من أمامكم هذه الجبال .. سأفعل ما هو أعظم .. إن طريقى فى الحلول تختلف عن طرقكم ..

سأجعل هذه الجبال التى ترعبكم جبالى أنا .. إحدى أدواتى التى أستخدمها للتعبير عن حبى لكم .. لا لن تعوق هذه الجبال عودتكم .. ستصبح طريقكم إلى اختبارات جديدة لمحبتى .. كثيرا ما يستخدم الله الجبال التى تواجهنا من إجل تنقيتنا .. لاحظ معى إن الله يقول “كل جبالى ” ضع خطا تحت كلمة “كل ” .. يالها من كلمة .. الرب يريدنا أن نؤمن بأن كل الجبال بدون استثناء لن تقدر أن تهزم محبته لنا .. بل سيستخدمها كلها لخيرنا ..

صديقى .. كم تحتاج أن تلتفت إلى الرب يسوع وتقول له هذه الصعاب التى أواجهها هى جبالك أنت .. أعطنى أن أثق أنك ستحولها إلى طريق يمتعنى بفيض بركاتك التى لاتقدر بثمن ..

حب يسوع منتصر ، لا شئ يقدر أن يعطل مقاصده نحوك متى وضعت ثقتك فيه .. هو يحبك ..

(3) وهو حب يحرر

وكشف الله لشعبه عن جانب آخر لحبه ..

أنه حب يحرر .. كان الشعب مأسورا فى قبضة عدو قوى للغاية .. وكان لسان حاله ” هل تسلب من الجبار (مملكة بابل ) غنيمة وهل يفلت سبى المصور ” (أش 24:49) .

آه ياللرد الالهى .. نعم تسلب من الجبار عنيمة لأن الله أحب هذه الغنيمة جدا .. وحب الله يحرر .. “هكذا قال الرب حتى سبى الجبار يسلب وغنيمة العاتى تفلت .. وأنا أخاصم مخاصميك وأخلص أولادك ” (أش 25:49) .

أيها القارئ ربما يكون إبليس قد نجح نتيجة لاستهتارك السابق وإنزلاقك إلى الخطية فى أن يستعبدك .. قد تكون عبدا لخطية جنسية أو ميل عاطفى ليس من الله أو لادمان أو لمحبة المال أو لحب المديح من الناس أو للبغضة لأشخاص معينين .

صديقى ربما حاولت أن تخرج من هذه العبودية ثم وجدت نفسك تعود لها مرة أخرى .

صديقى مقابل كل مرة تشعر بفشلك رجاء إلتفت مئة مرة للرب يسوع وأمتلئ قوة من كلماته “حتى سبى الجبار يسلب ” ..

الرب يسوع أقوى من إبليس والخطيه .. هو يحبك ويشعر بمعاناتك .. تمسك به .. إشبع به .. سيأتى الوقت الذى تتمتع فيه بالنصرة ..

(4) حب ثابت

فى العهد القديم عندما كان الرجل يطلق زوجته كان يتحتم عليه أن يعطيها كتاب طلاق وإلا حسب طلاقه ناقصا .. وعندما سبى شعب الله إلى بابل وطال سبيهم لنحو سبعين عاما تصوروا أن الله قد نسيهم .. وشبهوا أنفسهم بالزوجة المطلقة المنسية والمهجورة .. لكنهم كانوا كالكثيرين لا يعرفون قلب الله .. كلا .. لم يطلقهم الله .. وها هو بحبه يتحداهم “ أين كتاب طلاق أمكم التى طلقتها ” (أش 1:50) . إننى لم أطلقكم بل أنتم الذين تركتمونى وأحببتم الظلمة .. أننى لازلت أحبكم وفى إنتظار عودتكم ..

صديقى حب يسوع لك لن تغيره تصرفاتك . تأمل معى فى كلماته العظيمة التى نطق بها لك نفس إرتبطت به “ هوذا على كفى نقشتك ” (أش 16:49) .

أنا منقوش على كف يده .. وأى يد هذه .. ‎؟ هى يد القوة المطلقة التى يمسك بها كل الأمور .. نعم هى حقا هكذا لكننى أحب أن أراها من الجانب الآخر كما رأها التلاميذ عشية يوم القيامة ..

يد المحبة التى تحمل إلى الأبد أثر المسمار .. المسمار الذى إنغرس فى لحمه ونفذ منه ليربط جسده بخشبه العار .. بالصليب ليموت بدلا منى .. نعم .. على يده هذه .. على أعظم مكان سجل فيه أثر للحب كتب هو اسمى .. ولم يكتبه بقلم وحبر .. بل نقشه .. حفره (Engraued) آه إن حبه لى عجيب للغايه ، لا يتغير أبدا ..

خطاياى التى فعلتها لن تقلل محبته لى .. أخطأ بطرس .. أنكر سيده أمام جارية ، وبكى بكاءا مرا .. لقد جرح بطرس قلب الرب بجرح عميق .. لكن ماأعجب هذا القلب .. حبه لبطرس لم يتغير .. وأرسل الرب رسالة خاصة لبطرس بعد قيامته يجفف بها دموعه .. ثم تقابل معه وطرح خطيته فى بحر النيسان ورد له فرحه الأول .. حب الرب للخطاه لا ينقص بسبب خطاياهم .. هو .. هو لا يزال يلوح لهم بيده المثقوبه .. يناديهم .. تعالوا .. أنا عطشان لتوبتكم ..

يؤكد لهم .. إنه سيعوضهم عن السنين التى أكلها الجراد .. سيغسلهم من خطايهم بدمه الثمين .. سيجدد أذهانهم بكلمات إنجيله .. سيشبع أرواحهم بسكيب حبه .. جسده القائم ودمه المعطى الحياه .. سيهزم ضعفهم بروحه الذى سيعمل فيهم .. وسيحولهم الى شاهدين له كارزين باسمه ..

أيها القارئ

دعنى الآن أختم هذا الكتيب بقصة من جنوب أفريقيا .. بينما كان الصبيه يقطعون الأشجار فى إحدى الغابات جرح واحد منهم جرحا عميقا فى قدمه .. ضغط رفقاؤه بأيديهم على الجرح حتى توقف نزيف الدم ..

حمله اثنان منهم وسارا به إلى خارج الغابة إلى مركز طبى للعلاج .. إلا إنه فى كل مرة كانت قدمه المصابة تلمس الأرض كانت تعود وتنزف تاركة على الأرض بقعة كبيرة من الدماء .

ساروا عبر طريق ملتو طويل وأخيرا بلغوا المركز الطبى خارج الغابة وهناك بدأ الأطباء فى العلاج وبعد قليل أتت أم الصبى فتعجب الأطباء لوصولها بمفردها بهذه السرعة وسألوها كيف عرفت الطريق ولم تسيرى فيه من قبل .. اجابت الأم التى كانت فرحة بوجودها بجوار إبنها ” الأمر كان لى سهلا للغاية .. فقط تتبعت بقع الدماء ” .

أيها القارئ أحيانا يبدو الطريق للتمتع بالله شائكا بسبب أزمات الحياه .. صديقى .. ليس من مشكلة .. تتبع من جديد آثار خطوات الفادى وما أسهل إكتشافها !! فكل خطوة منها قد طبعت بالدماء .. فى أى موقف صعب تمر به .. أنظر إلى الصليب .. أنظر الدماء الثمنية .. تأمل الحب الذى تعلنه .. وستجد نفسك مرة أخرى فى الطريق ..

يسوع لم ولن ينساك ..

يسوع يحبك ..

Blood cries out – دم يتكلم

دم يتكلم..

دم الرب.. ما أعظمه!!

دم يعلن عن حب الرب لي.. لقد مات بدلا عني، دم ما أقواه!!

 

يغفر الخطايا ويزيل الذنوب.. يطهر الضمائر ويقدس النفوس أي سلام عجيب يملأ به القلوب.. وأي قوة جبارة يمنحها لسحق إبليس.. “دم كريم” (1 بط 1: 19)، هكذا وصفه الوحي، وكلمة كريم في أصلها اليوناني تعني “دم مكلف وثمين”.

 

جم مكلف، فقد كلف الرب آلاما وأهوالا وموتا مشينا.. ودم ثمين، فما أغلاه في قلوب المؤمنين.. لولاه ما تمتعوا بسلام الحاضر، وما كان لهم أي رجاء في أمجاد المستقبل..

آه كم يستحق هذا الدم العظيم، انشغال نفوسنا وتهليل قلوبنا .. كم يستحق!!

 

هيا.. هيا بلا أدنى تباطؤ.. هيا إلى جلسة هادئة عند قدمي الحبيب.. الحمل والراعي، المذبوح والقائم.. نركز أنظارنا بشدة في دمائه الثمنية التي سفكت لأجلنا وانتصرت لحسابنا.. نتأمل فيها فتنتعش نفوسنا، وتبتهج قلوبنا.. ونمجدها فنرعب بها أعدائنا.

 

ربي الحبيب

قجني مع هذا الكتيب، المس بكلماته احتياجاتي.. أنر ذهني، اشعل قلبي بالحديث عن دمك.. دم الرب يتكلم.. يتكلم.  نعم ويتكلم بكل قوة، معلنا أعظم الحقائق وأسماها.. هذا ما أكده لنا الرسول بولس في كلماته الثمينة إلى العبرانين “أتيتم.. إلى وسيط العهد الجديد يسوع وإلى دم رش يتكلم أفضل من هابيل” (عب 13: 34)

 

أولا: هو دم يكلمنا عن الكفارة

الكفارة.. أي احتياج لها.. بدونها، مهما قلت عيوبنا وسمت أفعالنا وتحسنت أخلاقياتنا، حتما سنذهب إلى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت.. لكن شكرا لدم الرب، فهو يتكلم ويقول أنه كفارة عن خطايانا، وها هو الرسول بولس يؤكد هذه الحقيقة المجيدة قائلا: “متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح.. الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه (رو 3: 34، 35).  دم الرب هو الذي يكفر..

 

الدم يكفر عن النفس (لا 17: 11).  ولكن ما معنى الكفارة؟  لقد استخدم الكتاب المقدس هذه الكلمة في معنيين رئيسيين:

v     المعنى الأول هو التهدئة

v     والثاني هو التغطية

 

دم الرب هو الوحيد الذي يقدر أن يهدئ غضب الله ويرفعه عن العصاه.. هو الوحيد الذي له كل القوة أن يغطي الخطايا ويحجبها تماما عن عيني الله العادل..

 

الكفارة بالمعنى الأول

عندما سمع يعقوب أن أخاه عيسو قادم مع أربعمائة رجل قال أستعطف (أهدئ) هنا في أصلها العبري هي نفس كلمة “أكفر”.

لقد أال يعقوب غضب أخيه بهدية، أما الرب فبالدم.. آه ياللحب العجيب، بدم نفسه يهدئ غضب الله العادل الآتي علينا بسبب آثامنا..

دم الرب يكفر.. بمعنى أنه يزيل الغضب الإلهي، لماذا؟

دم الرب يعلن أن الغضب الذي كنا نستحقه بسبب خطايانا قد أتى بالفعل كاملا على الرب، الحمل الوديع عندما علق على صليب العار بديلا عنا.

آه، ما أروع هذا، تأمل كيف يؤكد لنا القديس يوحنا هذه الحقيقة العظمى قائلا: “إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم” (يو 1: 9)

الله عادل.. لذا فغضبه لابد وأن يقع على كل من لا يطيع وصاياه.. عقوبة الموت لابد وأن تنفذ.. ولكه أيضا أمين.. فإن وجد شخص برئ يقف بديلا عن الخاطئ ويتحمل العقوبة بدلا منه.. عفا عن الخاطئ وأطلقه مبررا.

ياللمجد، الرب يوسع ملك الملوك هو هذا البديل الذي أتى وحمل كل خطاياك وكما يقول الرسول بولس قفد صار على الصليب “خطية لأجلنا.. لنصير نحن بر الله فيه” (2كو 5: 31).

ياللنعمة الغنية!! لسنا فقط نحسب أبرارا أمام الله، بل لقد صرنا بر الله.  دم الرب يصنع العجائب، يبرر الخطاة، يحسبهم كأنهم لم يخطئوا، يصيرهم “بر الله”

فهل تفتح قلبك للرب؟  هل تسلمه قيادة حياتك؟  هل ترفض خطاياك وتقف أمامها بحزم .. هل تعترف بها.. هل تمسك بالدم المسفوك لأجلك، هل تحتمي به؟  هل تفعل هذا، إذن فلتفرح وتتهلل ولتبتهج مرددا كلمات المزمور العظيمة التي تقول: كبعد المشرق عن المغرب أبعد عنا معاصينا” (مز 103: 13) ولتهتف مع الرسول بولس قائلا: “ونحن متبرون الآن بدمه (بدم الحمل) نخلص به من الغضب” (رو 5: 9).

يالعمل دم الرب، هو الوحيد الذي يهدئ غضب الله العادل.. هو الوحيد الذي يرفعه يستحيل على أي شخص لا يحتمي به أن يتمتع برحمة الله..

انظر ماذا حدث عندما أكمل حبيبنا الرب يسوع سفكه لدمه الغالي، لقد انشق الحجاب الفاصل وأصبح الطريق إلى العرش الإلهي مفتوحا دائما أمامنا.. يمكننا كما يقول الرسول “أن نتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه.” (عب 4: 16)

 

لذا فلنعظم دم الرب يسوع جدا فبسبيه لم يعد العرش الإلهي عرشا للدينونة والغضب بل للنعمة الغنية.. نتقدم إليه لننال الرحمة الكثيرة.. هيا .. هيا نتقدم إلى العرش “بقلب صادق في يقين الإيمان” (عب 10: 22)

آه، ما أعظم هذه الكلمات التي أعلنها الرسول بولس لأهل أفسس:  “الآن في المسيح يسوع أنت الذين كنتم قبلا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح” (أف 3: 13)

قريبين بدم المسيح.. نعم!!، فهل تثق أن هذه الكلمات هي لك أيضا، إنها بالفعل كذلك..

ثق في جم المسيح، ثق أنه يرفع غضب الله عنك.  ثق في دم المسيح، ثق أنه يعطيك أن تتمتع برحمته.  والكفارة بالمعنى الثاني هي: “التغطية” لقد جاءت الكلمة بهذا المعنى في تك 6: 14، ضمن حديث الله مع نوح عن الفلك “وتطليه (أي الفلك) من داخل ومن خارج بالقار كلمة “تطليه” في أصلها العبري هي نفس كلمة “تكفر”، وكلمة “قار” هي نفس كلمة “كفارة”. هنا … الفلك “مغطى” من الداخل والخارج بغطاء … لماذا؟

 

حتى لا يكون هناك أي احتمال لوجود ولو ثغرة واحدة صغيرة تنفذ منها مياة الدينونة إلى نوح وعائلته.. آه يالحماية الله لأولاده.. وهكذا أيضا كل مؤمن حقيقي رافض للخطية معترف بها، له أيضا حماية دم الرب الثمين هو أعظم حماية، هو أعظم غطاء، هو يحجب عنه تماما مياة دينونة العدل الإلأهي.. لقد أخطأ من قبل مرارا، وقد يخطئ فيما بعد وإن كان في كل مرة يجدد تمسكه بالرب معترفا بخطيته رافضا لها… أخطأ وقد يخطئ “وأجرة الخطية هي موت” (رو 6: 33)، فهذا هو قانون الله الثابت .. لكن شكرا للرب يسوع، فقد أتى ومات بدلا منه، وأعطاه دمه الثمين غطاءاً له، يستر به خطاياه.

 

يالفرح المؤمن الذي يتمسك بدم الرب.. العدل الإلهي لن يرى خطاياه ليعاقبه عليها، وبلغة سفر ميخا كأنها طرحت في أعماق البحر (مي 7: 19) .. وهل يمكن أن ترى شيئا مرة أخرى بعد أن يسقط منك في عرض البحر؟..

 

آه، يالفرح المؤمن الذي يتمسك بالكفارة، بغطاء الدم.. الله لن يرى خطاياه، ولن يعود يذكرها..

 

“أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها” (إش 43: 35). أي امتياز له.. تأمل كيف يمدحه المزمور قائلا: “طوبى للذي غفر إثمه وسترت خطيته” (مز 32: 1)

 

أيها القارئ.. هل تتمتع بكفارة دم المسيح.. هل تثق أنه غطاء يحجب خطاياك التي تعترف بها تائبا؟  تمسك بالدم، ضع ثقتك فيه “فبدون سفك دم لا تحصل مغفرة” (عب 9: 33). وتمسك بالدم فهو يكفر عن خطاياك، عن كل خطاياك.. يحجبها عن وجه الله العادل، يرفع غضبه عنك.

ثانيا: هو دم يتكلم عن التطهير

الخطية هو قوى مدمرة فهي لا تفصل الإنسان فقط عن الله، بل تدمره، تفسد تفكيره، تملأهة بالصراعات، تفقده فرحه وسلامه وبساطته، تقيم الحاجز بينه وبين الآخرين وتجلب له الآلام والمرارة..

 

الخطية هي أقوى القوى المدمرة على الإطلاق .. لكن دم الرب يسوع أقوى منها..  اطمئن، اطمئن جدا جدا..  دم الرب قادر أن يعالج كل ما حدث لك بسبب الخطية، ارقأ معي هذه الدعوة الصادقة التي تأتي لك على نحو شخصي، نابعة من قلب الله.

 

لهم نتحاجج يقول الرب.. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج (إش 1: 18).  هلم، أي هيا الآن.. والقرمز، صبغة حمراء اللون شديدة الالتصاق جدا جتى أنه لا يمكن نزعها أبدا من القماش.. وهكذا الخطية تترك في النفس آثاراً مدمرة لا يمكن التخلص منها بأية طريقة بشرية مهما كانت.. لكن الدم، دم الرب الثمين يستطيع .. ياللمجد يجعل الإنسان أبيض كالثلج..

 

الدم، دم الرب الحمل هو الوحيد القادر أن يطهر، الوحيد القادر أن يزيل كل أثر للخطية، هذه الحقيقة العظمى يعلنها لنا الرسول يوحنا بكلمات مضيئة تفرح قلوبنا جدا:

“إن سلكنا في النور كما هو في النور (إن امتحنا تصرفاتنا وأفكارنا في نور الرب ورفضنا ما تكشفه من ظلمة فينا) فنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية” (يو 1: 7).  والرسول بطرس يؤكد لنا أيضا هذه الحقيقية الغالية قائلا: حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة .. الذي بجلدته شفيتم.. (1بط 3: 34)

 

دم الرب يتحدث لنا عن جروح الجلد الذي مزقت كل جسده.. إنها تشفي نفوسنا وأجسادنا من كل أمراض أحدثتها فينا الخطية.. يالقوة دم الرب، لا يغفر فقط الخطايا التي نفعلها بل يمحو كل آثارها..

 

فهل تعلن معي ثقتك في الدم؟  إنه دم يطهر القلب. الخطية تلوث قلب الإنسان وتصيره كما وصفه إرميا “أخدع من كل شيء وهو نجيس” (إر 17: 9) تجعله كما قال الرب نبعا “للأفكار الشريرة، وجميع الشرور” (مز 7: 1، 23).

 

حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة”  يالقوة دم الرب الفائقة.. يطهر القلب ويجعله قلبا نفيا.. لقد كانت للأمميين قبل أن يدخل الرب حياتهم قلوب نجسة فماذا فعل لها دم الرب؟  يقول الرسول بطرس شاهدا “طهر (الله) بالإيمان قلوبهم” (أع 15: 9)

 

والدم أيضا يطهر الضمير

تقول لنا الرسالة إلى العبراينيين أن دم الرب يطهر ضمائر المؤمنين لكي “لا يكون لهم أيضا ضمير خطايا” (عب 10: 3)..  ما معنى هذه الآية؟  هل المقصود أن ضمائرهم ستفقد الإحساس بالخطأ؟ على العكس تماما سوف تنمو حساسيتها يوما وراء آخر، إنما المقصود أنها ستتخلص من كل عقد الذنب، التي هي السبب الرئيسي للأمراض النفسية.

 

يقول الرسول بولس مؤكدا “فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله.. ونحن متبررون الآن بدمه” (رو 5: 1، 9).  ويؤكد مرة أخرى شارحا: “لأنه إن كان دم ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوشة على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد (في العهد القديم)، فكم بالحري دم المسيح يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي” (عب 9: 13).

 

والآن ما هي هذه الأعمال الميتة (العديمة الجدوى) التي يطهر دم المسيح الضمائر منها؟  لا شك أنها تشمل الأعمال التي نادت بها الفلسفات البشرية لكي يفعلها الإنسان ليكفر بها عن خطاياه أملا في أن يأتي بالراحة إلى ضميره المعذب.

 

كلا يستحيل أن يستريح ضميرك بأية أعمال تفعلها بهدف تكفر بها عن خطاياك.. بر الإنسان الذاتي يعجز كل العجز عن أن يهدي الضمير المشتكي أو يريح القلب المضطرب.. دم المسيح، ودم المسيح فقط هو الذي يقدر.. وعندما يطهر ضمير إنسان فإنه يحوله من فعل الأعمال الميتة إلى خدمة الله الحي.  فلا يعود يفعل أعمالا يكفر بها عن خطاياه بلا جدوى، بل يمتليء قلبه بحب الرب الذي سامحه مجانا، فيحيا له باذلا لخدمته كل طاقاته قابلا لفرح أن يحمل نيره الهين وحمله الخفيف.

 

ثالثا: وهو دم يتكلم عن التقديس

وما معنى التقديس؟ التقديس هو التخصيص.. والمقدسون هم المخصصون لله.  الرب يسوع قدسنا، أي خصصنا له.  كيف؟.. لقد اشترانا بثمن.. والثمن لم يكن شيئا آخر سوى دمه الثمين.. يكتب الرسول بولس شارحا “يسوع أيضا لكي يقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب (أي وهو مرفوض من العالم)” (عب 13: 13).  لقد اشترانا الرب بدمه فصرنا له.. أخذنا من العالم لننفصل عن اتجاهاته الآثمة.. يقول الرسول مؤكدا “لستم لأنفسكم أيها الأحباء.. قد اشتريتم بثمن” (1كو 6: 19، 20).

لقد شرح لنا الوحي هذه الحقيقة بطريقة رمزية في طقس تقديس كهنة العهد القديم، كان دم الذبائح يوضع على آذانهم اليمنى وأباهم أيديهم اليمنى وأباهم أرجلهم اليمنى.. وكذلك أيضا على ملابسهم.. ماذا يعني هذا؟  قد قدسني الله.  اشتراني بجملتي له.. الدم هو ثمن الشراء، اشترى به أذني فصارت ملكا له، تسمع صوته الحلو يعزيني ويطمئنني ويقودني.. اشترى به قدماي فصارت أيضا ملكا له، تحملاني لا كما كانت تريد ذاتي في الماضي أن أسير في مسالك الأنانية المظلمة بل كما يريد هو في طرق المحبة الباذلة والفرح العجيب..

 

واشترى أيضا بالدم يداي، فصارت ملكا له، يضع يده عليهما (2مل 13: 16)، فيعمل بهما أعماله المدهشة ويستخدمهما لمقاتلة أعدائه (مز 133: 1) ولحمل رايات نصرته.. من مجد إلى مجد.  صرت بجملتي له: إذن (حواسي) وقدماي (مسيرتي) ويداي (أعمالي وقتالي مع إبليس).. لا أمتلك شيئا، كل ما هو لي حتى ملابسي صارب بسبب الدم ملكا له.. الكل تحت تصرفه المطلق.. ما أروع هذا، أن أكون للملك الذي أحبني وفداني..

 

أيها القارئ..

هل تشعر أنك عديم القوة أمام أعدائك، الإنسان العتيق.. الخطية.. تيارات العالم.. قوى الظلمة.. تشدد وتشجع، واجههم بكل الثقة أنك الآن قد قدست (خصصت) لله بالدم.  صرت ملكا له، ولذا لم يعد لهم أي سلطان عليك..

 

رابعا: وهو دم يتكلم عن القوة

 

يذيع لنا سفر الرؤيا هذا الخبر السار جدا “الآن صار( بسبب الصلب والقيامة) خلاص إلهنا وقدرته وملكه.. لأنه قد طرح المشتكي على إخواننا الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهارا وليلا” (رؤ 13: 10)  إبليس يشتكي.. يشتكي على البشر، يشير إلى خطاياهم مطالبا بحقه أن يسيطر عليهم لكي يقودهم معه إلى الهلاك، إنه يتمسك بالقنون الإلهي، إن الخطية تفصل مرتكبها عن الله وتحكم عليه بالموت.

 

الخطية التي لم تغفر تفسل الإنسان عن الله وبالتالي فهي تعطي لإبليس السلطان أن يقيده.  لكن فلنشكر الرب يسوع، لنشكره من كل القلب.  فقد واجه إبليس، وأبطل حقه في أن يسيطر علينا.. وعرف إبليس أن الرب قد حمل جميع ذنوبنا، عرف أن الدم ينزع منا كل خطايانا التي أعطته الحق أن يسيطر علينا..

 

وها هو الرسول ينشد متهللا “من سيشتكي على مختاري الله.  الله هو الذي يبرر” (رو 8: 33).  فهل تشدو معه.. وكيف لا تشدو فرحا وإبليس لن يقدر بعد أن يشتكي.. لقد دخل الرب يسوع إلى العرش الإلهي وانتزع لنا بدمه من العدل الإلهي شهادة بتبرئتنا.. لقد حصل لنا على “فداء أبدي” (عب 9: 13).. لقد “أسلم لأجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا” (رو 4: 35).

 

هيا.. هيا نعلن تمسكنا بدم الرب.. هيا نعلن تمتعنا بغفران خطايانا وسيقف إبليس أمامنا عاجزا ليس له سلطان على نفوسنا أو أجسادنا أو أعمالنا.. هيا نعلن باستمرار ثقتنا في دم الرب يسوع ولن يقدر السحر ولا الحسد ولا أية قوة شريرة أخرى أن تضرنا.

 

يقول لنا الكتاب المقدس: (الله) لم يبصر إثما في يعقوب (أي في أولاد الله).. ليس بسبب أنهم لم يخطئوا قط بل لأنهم رفضوا خطاياهم ووضعوها تحت الدم.. والنتيجة: ليس عرافة (سحر) على يعقوب (أي أولاد الله) (عدد 33، 33).

Be a hero – كن بطلا

أتيت لتكون لهم حياة  وليكون لهم أفضل (يو 10:10)

فى مثل رائع من أمثلته المعبرة ، حدثنا الرب عن صاحب كرم ، إستأجر عمالا ، بعضهم أرسله للكرم منذ الصباح الباكر ، وبعض اتفق معه قبل أن ينتهى يوم العمل بساعة واحدة ..

ثم جاء الوقت لمحاسبة كل منهم ، وياللعجب فقد أعطى من عملوا هذه الساعة الأخيرة ، نفس ما أعطاه للذين تعبوا طوال النهار !! ياللعجب من محبة الرب الفياضة !!

فهذه هى محبته العجيبة التى يقدمها لكل من تأخر فى فتح الباب له .

هذه هى محبته العجيبة التى يقدمها لكل من يأتى إليه الآن بعد سنين عديدة أكلها الجراد .. هذه هى محبته العجيبة التى يقدمها لك الآن ، إن لم تكن بعد قد بدأت العمل معه فى كرمه .. سيعوضك عن كل ما فقدته ..

وسيعطيك أجرا كاملا ، كما لو كنت قد بدأت منذ زمن طويل .. الرب يدعوك أن تعمل معه هذه الساعة الأخيرة .. وستأخذ أجر يوم كامل !! نعم “هى الساعة ألأخيرة ” (1يو 18:2) فالوقت الباقى لنا على الأرض قليل جدا إذا قورن بإحتياجات الكرازة .. إن موعد مجئ الرب قد إقترب للغاية ، وها هى قد أرسل لنا رسالته العاجلة “ها أنا آتى سريعا وأجرتى معى ” .. (رؤ 12:22) .

+ + +

هيا أيها القارئ الحبيب

إنها الساعة الأخيرة .. والرب يلح فى الدعوة .. هيا ، قبل أن يفوت الوقت ، وتخسر هذا الامتياز .. هيا ، للعمل فى كرمه .. هيا ، قم من سقطتك ، إن كنت لا تزال منطرحا فى هاوية الاثم .. هيا .. إطرح عنك كل تكاسل وتردد .. هيا .. فالرب يدعوك إلى حياة مجيدة هيا .. إلى موكب النصرة .. هيا .. فالوقت يجرى أسرع من عداء .. هيا .. تشدد وتشجع ، تشجع جدا .. قل معى بإصرار .. لا لن أظل فى الهزيمة .. لا  لن أبقى أسير سجون الخطية .. لا ، لن استمر مستسلما للاحباط والعجز .. الرب دعانى إلى النصرة .. الرب وعدنى بالغلبة .. سأسير خلفه مرفوع الرأس ..

أيها القائ الحبيب .. هيا الآن

هيا .. إلى حياة جادة ، جنديا للرب .. هيا .. إلى حياة مليئة بالانتصارات ، تشع بالسلام والفرح هيا ، أيتها النفس الغالية التى يحبك الرب جدا جدا .. هيا “انتفضى من التراب .. انحلى من ربط عنقك أيتها المسبية ” (إش 2:52) هيا ، فالرب يريد أن يمتعك بإميتاز العمل معه ، فى كرمه .. إنها الساعة الأخيرة ، وهو يريد أن يجعل حياتك مضيئة ، لامعة ، وقد أسمعك وعده الثمين “مجدى عليك يرى ” (إش 2:60) .

الرب يريدنا أبطالا له

فى إصحاحين ذهبيبن (2صم 23، 1 أخ 11) ، تحدث الكتاب المقدس عن أشخاص عاشوا أبطالا ، لقد سجل لنا أسماءهم مرفقة بسجل لأهم أعمالهم البطولية .. قال عنهم أنهم “الأبطال الذين لداود ” .

إصحاحان ذهبيان يقولان لنا ، كونوا أنتم أيضا أبطالا لداود الحقيقى ، للرب الملك .. صديقى ، السماء تريد أن تسجل أسمك أنت ايضا بطلا للخروف المذبوح .. “لاتقل إنى ولد ” (ار 7:1) .

كلمة الله تشجعك قائلة “ليقل الضعيف بطل أنا ” (يؤ 10:3) . اطمئن ، اطمئن جدا ، لن تكون أبدا بطلا بقوتك الذاتية أو بإمكاناتك الطبيعية ، فهذه أمور لا تصلح لمعارك الروح .. ستكون بطلا بقوة الرب ، وهو يريد أن يمتعك بقوته !!

ولنلقى نظرة سريعة على بعض أبطال داود ، ولنتعلم منهم الدروس العظيمة ، ولنستودع نفوسنا لله ولكلمة نعمته ، وهى قادرة أن تبنينا أبطالا .. أبطالا لمجد الرب ..

البطل الأول ، اسمه “يوشيب ” ..

يقول الوحى أنه “هز رمحه على ثمان مئة فقتلهم دفعة واحدة !! ”

إنه بطل لأنه إمتلك من الرب قوة غير عادية .. وأنت أيضا بإستطاعتك أن تمتلك قوة غير عادية .. ببساطة لأن إله يوشيب هى إلهك .. وهو يريدك أن تكون بطلابه ..

للأسف ، كثيرون من المؤمنين ضعفاء ، والسبب إما أنهم لا يعرفون أو أنهم لا يثقون بأن الرب يريد أن يملأهم بقوة غير عادية ، مع أن كلمة الله تمتلئ بالآيات التى تؤكد أن مشيئته هى أن يكون كل المؤمنين أقوياء ومنتصرين ، وساحقين لقوى الجحيم ..

  •             فالرب بنفسه يقول “تلبسوا قوة من الأعالى .. ” (لو 49:24) .
  •             والرسول بولس يكتب قائلا “ملكوت الله ليس بكلام بل بقوة ” (1كو 20:4) .. “ تقووا فى الرب وفى شدة قوته ” أف 10:6) “يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه فى الانسان الباطن ” (أف 16:3)
  •             والقديس يوحنا يقول لنا “أنتم أقوياء . وكلمة الله ثابته فيكم ” (ايو 14:2) .

انظر .. لم يكن قد مضى وقت طويل منذ أن آمن اسطفانوس بالرب يسوع ، ومع هذا فقد سجل لنا الوحى عنه أنه “كان مملؤا إيمان وقوة ” (أع 8:6) .

صديقى .. إبليس يهاجم الآن بضراوة شديدة .. لن تقدر أن تقاومه بأية قوة ذاتية .. ستفشل فى أن تنتصر على الخطايا التى يحاربك بها إذا اعتمدت فقط على إرادتك ، وستعجز عن مواجهة مفاجآته الاقتصادية التى سيحاربك بها إذا كنت متكلا على ما تختزنه من مال ..

لا .. لن تقدر أن تواجه هجمات إبليس بدون قوة الرب الغير عادية .. 

لقد إنتصر الرب عليه لحسابك ، وهو يدعوك الآن لكى تتمتع بهذه النصرة ..

ذات يوم إزدحم كثيرون حول الرب يسوع ، لكن إمرأة واحدة فقط هى التى أخذت منه القوة .. لماذا ؟ لانها وثقت إنها ستأخذ منه قوة غير عادية لشفائها .. كان لها اثنتى عشر سنة فى المرض ، ومع هذا فقد وثقت أن الرب منتصر على المرض . شقت طريقها وسط الزحام باذلة كل استطاعتها حتى لمست هدب ثوبه بكل الثقة ، فقال الرب “علمت أن قوة قد خرجت منى ” (لو 46:8) ، لقد سرت القوة منه إليها وأعطتها الشفاء ..

صديقى ، إلى الآن ، كثيرون يزدحمون ليستمعوا إلى كلمات الرب ولكن قليلين كهذه المرأة يأتون واثقين أن “قوة تخرج منه ” (لو 19:6) .. لذا فقليلون مثلها هم الذين يتمتعون بقوته الغير عادية للنصرة والحرية والشفاء ..

انظر إلى كل من داود وشاول وقت أن تحداهم جليات ، شاول كان الملك وكانت له خبرة طويلة فى القتال ، أما داود فكان لا يزال فتى صغيرا لا عهد له بالحروب ، مع هذا فقد هرب شاول من مواجهة جليات بينما تقدم داود غير حاسب لشئ سوى مجد الرب .. وماذا حدث ؟ لقد انتصر داود وسحق جليات وداس عليه بعز وأعلن مجد الرب .. ما سر الاختلاف بينهما .. ؟

الثقة هى السر .. شاول تأمل قو العدو فخاف منه ، أما داود فنظر إلى قوة الرب ، ووثق أنها له ، توقع منه القوة الغير العادية فامتلكها وانتصر بها ..

آه أيها القارئ ، الرب يريدك بطلا كداود وكيوشيب .. ثق أن قوته الغير العادية هى لك ، ثق أنك فيه اقوى من كل التحديات.

والبطل الثانى اسمه “العازر “

لماذا سجل الوحى اسمه ؟ .. ذات يوم شبت معركة بين شعب الله وبين أعدائهم ، ولقوة الأعداء تراجع الشعب من أمامهم ، إلا “العازار” وقف بمفرده وضرب العدو حتى “كلت (أرهقت) يده ولصقت يده بالسيف ” .. والنتيجة أن الرب “صنع خلاصا عظيما فى ذلك اليوم ورجع الشعب وراءه للنهب فقط ” .

آه ، كيف فعل هذا الأمر الغير متوقع ، كيف لم يرتجف قلبه إذ راى كل الشعب يتراجع خائفا .. كيف لم يتراجع معهم ؟ .. كيف ؟ ..

من الكلمات اليونانية البارزة التى إستخدمها العهد الجديد كثيرا ليعبر بها عن ثبات المؤمنين فى المعارك ، كلمة “هيبومون” “Hupo Mone” وهى كلمة ترجمت إلى العربية فى الكتاب المقدس الذى نستخدمه بكلمة “صبر” لكن الكلمة فى أصلها اليونانى لا تعنى مجرد الاحتمال السلبى للمحن والضيقات .. الكلمة معناها أعمق بكثير .. فهى تعنى ايضا

“remained behind” أى الثبات فى الموقع برغم تراجع الآخرين ..

كان “العازار ” يمتلك صفة الهيبومون ” التى يعلن الوحى أنها لنا ويحثنا على إمتلاكها (2كو 4:6 ، 2كو 12:12 ، 1تس 3:1 ) ، كان العازار يمتلك صفة الثبات ، مجاهدا ضد العدو على الرغم من انسحاب الرفقاء ..

الرب يريدك أنت أيضا أن تمتلك هذه الصفة ، يكتب القديس يوحنا ذهبى الفم قائلا “الهيبومون ” هى أم التقوى ، والثمر الذى لا يذبل فى أى وقت ، هى القلعة التى لا تؤخذ ابدا ، والميناء الذى لا يعرف العواصف .. هى ملكة كل الفضائل .. هى السلام وقت الحرب والهدوء أمام التجربة والأمان وسط المؤامرات ” .

الرب يريدك كالعازار أن تمتلك صفة “الهيبومون ” .. أن تواصل الجهاد ضد إبليس والخطية حتى ولو تراجع الجميع عن مساعدتك . لم يهتز “العازار ” ، لم يضعف قلبه ، لم يتراجع ، قبض بشدة على سيفه حتى إلتصقت يده به ..

وعن ماذا يتكلم السيف ، يجيبنا الرسول بولس قائلا “خذوا .. سيف الروح الذى هو كلمة الله ” (أفس 17:6) .

كثيرون يتراجعون عن المسيرة مع الرب يسوع عندما يتخلى عنهم من يقفون بجوارهم .. يتراجعون لأنهم ليسوا كالعازار لا يقبضون على السيف (كلمة الله ) جيدا .. لا يثقون فى كلمات الكتاب المقدس .. لا يثقون فى أن الوعود التى يقدمها سوف تتحقق إذا تمسكوا بها ..

صديقى هل تقف الصعاب أمام نموك الروحى .. هيا إقبض على سيف الروح .. هيا تمسك بكلمة الله التى تنقل لك كلمات الرب “أنا أسير قدامك ، والهضاب أمهد .. اكسر مصراعى النحاس ومغاليق الحديد أقصف ” (إش 2:45) .

ترى هل الكل حولك خائف ومرتجف ؟ .. إنه وقت الثبات ، اقبض على السيف جيدا ، لا تصدق الواقع المخيف الذى تراه بعينيك ، صدق الله الذى يقول لك “لاتخف لأنى فديتك دعوتك بإسمك أنت لى .. ” (إش 1:34) .

هلى تعانى من الاحساس بالفشل ؟ هل ترى ان كل ما هو حولك يقول أنك فاشل (سواء فى حياتك الروحية أو العملية ) .. الروح القدس يشجعك أن لا تستسلم .. يقدم لك السيف لكى تقبض عليه وتسحق به أرواح اليائس : تأمل هذه الاية (الله لم يعطينا روح الفشل بل  روح القوة ” (2تيم 7:1) اقبض عليها بقلبك واصرع بها اعدائك ..

هل أنت مريض .. هل تسمع إبليس يقول لك أنه ليس أمل فى الشفاء .. لا ، لا تستسلم .. ثق أن “غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله ” (لو 27:18 ) .. “تشرق شمس البر والشفاء فى أجنحتها ” (ملا 2:4) .

صديقى قد يأتى عليك وقت تجد فيه كل شئ منظور يقول لك أنك حتما ستنهزم ، حتما ستعود إلى الخلف .. صديقى فى ذلك الوقت انظر طويلا إلى الرب المنتصر واقبض لك قوتك على السيف ، تمسك بالوعد انه سيسير بك ” من قوة إلى قوة ” (مز 7:84 ) ” ومن مجد إلى مجد ” (2كو 18:3) .

تأمل معى مرة أخرى “العازار ” لقد ثابر فى القتال حتى “كلت (أعيت ) يده ” لكنه لم يعبأ بهذا الاعياء . آه ، هذا هو الايمان الحقيقي .. هذا هو الايمان الحى العامل .. لم يوقفه التعب والارهاق .. لماذا ؟ .. لأن يده كانت تلتصق بالسيف ، بكلمة الله ، وماذا كانت الكلمة تقول له عن الهه .. آه إنه الاله الأمين الذى “يعطى المعى قوة ، ولعديم القدرة يكثر شدة ” (إش 29:40) .. الاله الذى دائما يحول الضعف إلى قوة !!

البطل الثالث اسمه شمه

هذا البطل كلفه داود بحماية حقل مملؤ من العدس .. فلما هجم العدو وهرب كل الشعب ، رفض هذا البطل أن يهرب ووقف وحيدا يدافع عن الحقل ..

ربما قالوا له .. أنت تفعل المستحيل ، أنت تعرض نفسك لموت محقق ، ثم أنه فى النهاية حقل عدس لا يستحق آية تضحية .. لكن هل هى فعلا كذلك لا يستحق التضحية .. نعم هو حقل عدس زهيد الثمن ، إلا إنه الحقل الذى أخذه من داود الملك وأى إمتياز هذا أن يدافع عنه حبا واكراما للملك ..

وأنت ربما تنظر للحقل الذى أعطاه لك الرب للدفاع عنه وتقرر انه لا يستحق التضحية ، ربما تكون من الذين يعانون من مرض الاحساس بصغر النفس فتشعر أن حياتك الروحية لا تستحق أى جهد يبذل وأن الخدمة التى تقوم بها ليست بذات قيمة فتستسلم للخطية .. صديقى ، فلتتذكر شمه ..

لقد فقد منه نصف الحقل فلم يسلم العدو النصف الآخر ، ثبت فى المنتصف وظل مقاتلا حتى حرر النصف الأول .

صديقى ، ربما هاجمك العدو .. ربما هاجمك بخطية قديمة ، وربما يكون قد أسقطك بالفعل فيها .. خطية علنية أو سرية .. ربما تكون قد فقدت شجاعتك وبدأت تشعر بأن المعركة التى تحاربها هى معركة قاسية جدا وغير متكافئة وانك لم تعد قويا كما كنت من قبل ، وقد تسمع مئات الأصوات ترن فى أذنيك وتقول لك أن الوقت قد تأخر جدا لتعويض ما فقد .

صديقى ، هذه أصوات كاذبة من أبو الكذاب .. قف باسم الرب .. قف .. قف ، هيا اهتف بالنصرة .

الرب الهك ، يحب النصرة ، يبغض الهزيمة .. ثق انه انتصر ويريد أن يمتعك بنصرته .

هو يقول لنا “صلوا كل حين ولا تملوا ” (لو 1:18) .. هل تعرف ماذا تعنى عبارة “لا تملوا ” .. ان أصلها اليونانى يعنى ” لا تفقدوا قلوبكم .. ” لا تطرحوا شجاعتكم .. لا تصيروا جبناء ” .

قد تخسر نصف الحقل ، فيجعلك هذا تئن فى نفسك وتقول آه ، لقد صليت كثيرا بلا فائدة .. لم يتغير شئ .. فلأستسلم للواقع ولأرضى بالهزيمة ..

الرب يتجه اليك قائلا لا .. لا تستسلم .. كن مثل شمه .. لا ، لا تفقد شجاعتك .. لا ، لا تكن جبانا .. استمر مصليا .. مصليا كل حين ، فأنا جالس على العرش أعلى من ضجيج الأمواج التى تقلقك .

ثابر مصليا .. قم من سقطتك ، خسائر بعض المعارك ليست نهاية القتال .

قاوم الهزيمة مثل شمه .. وان كنت قد فقدت الأيام الماضية فى الخطية والاثم ، قم الآن ولا تسمح بفقدان المزيد من الأيام .. قم فالرب يريد أن يحول هزيمتك إلى نصرة .. الرب يريد أن يصنع معك خلاصا عظيما .

قم سريعا ، افصل نفسك عن عالم اللهو والدنس .. هيا ، اطرد العدو  الذى يحرمك من الاختلاء مع الرب والجلوس عند قدميه .. هيا أيها الحبيب ، اطرد العدو الذى حرمك من مجد الخدمة .. ثق أنك تستطيع ، فالوحى يؤكد قائلا “قاوم إبليس فيهرب منكم ” .. نعم سيهرب حتما إذا قاومته.

أيها القارئ

ان كنت قد تلامست مع محبة الرب العجيبة التى يحبك بها فلا تكن سلبيا ، هيا عبر له عن حبك .. هيا ، انها الساعة الأخيرة وهو من محبته يريد أن يكافئك كما لو كنت قد عملت معه منذ الساعة الأولى .

هيا اعمل فى كرمه ..

  •             كن بطلا مثل “يوشيب” .. ثق ان لك من الرب قوة غير عادية وفى استطاعتك أن تتقوى فيه وفى شدة قوته .. أليس فى إمكانك أن تقف أمامه كل يوم تأخذ منه فى مخدعك .. ألم يحثك أن تأتى إلى مائدته السماوية لكى تثبت فيه وهو فيك من خلال التناول من جسده المقدس ودمه الكريم .

ألم يعطك سلطانا أن تدوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو ..

  •             كن بطلا مثل ” العازار ” لاتدع ما تراه بعينيك الجسديتين يقلل من عزيمتك للعمل فى الخدمة أو يثنى من حماسك لتبعية الرب .. عش بالايمان ، اقبض على السيف جيدا تمسك بالكلمة .. ثق ان إيمانك سيزداد بقدر ما تزداد معرفتك بإلهك من خلال الكتاب المقدس كل يوم ..
  •             وكن بطلا مثل “شمه ” .. ارفض الهزيمة .. قاوم ، ثق ان النصرة هى لك ..

نعم هى بكل تأكيد لك ..

سيدى

اسمح واستخدمنى

واجعلنى بطلا لك ..

seek first the kingdom and his righteousness – أطلبوا أولا ملكوت الله وبره

قرر شاب فقير أن يسافر بحثًا عن عمل بالخارج، فظل يدخر حتى بالكاد جمع ثمن التذكرة، وأخذ معه قليلاً من الطعام للرحلة، ولكن السفينة تعطلت أسبوعين بسبب هبوب إعصار فجائي. نفذ الطعام من هذا الشاب وشعر أنه سيموت جوعًا، ففكر قائلاً: لماذا لا أذهب إلى مطعم السفينة وآكل ما يكفي لإنقاذي من الموت جوعًا، فإذا ضربوني حتى الموت أو بقيت بدون طعام فالمصير واحد.

 

اتجه المسكين إلى المطعم، وطلب وجبة كاملة دسمة، ثم طلب فاتورة الحساب، فأجابه الجرسون في دهشة: سيدي: عندما اشتريت تذكرة السفر على السفينة، اشتريت معها كل الوجبات التي ستحتاجها أثناء الرحلة.

 

كثيرون يتصرفون مثل هذا الشاب. إنهم يستلمون تذكرة السفر إلى السماء بالإيمان بالرب يسوع المسيح، ويظنون أنها للأبدية فقط، فيعيشون في انحناء تحت ثقل الظروف.

 

عزيزي: ثق فيه ليس فقط من جهة الأبدية، لكن أيضًا في كل الظروف و “ما وعد به هو قادر أن يفعله”.

the Kindness – اللطف

للطف: صفة من صفات الله ؛ فيقول الكتاب المقدس : «فهوذا لطف الله» (رومية11: 22)، وأيضًا الانجيل يقول ان اللطف هو ثمرة من ثمار الروح القدس في المؤمن (غلاطية5: 22). وهو جزء مما يجب أن يتحلى به المؤمن الحقيقي

الانجيل يقول «فالبسوا كمختاري الله المحبوبين… لطفًا» (كولوسي3: 12).

واللطف ليس فقط بشاشة الوجه والكلام الجميل ،بل هو جوهر داخلي يرتبط بشركة صحيحة مع الله وشبع قلبي بالمسيح، فينتج عنه حلاوة المزاج ورقة الطباع، فنفكر في الآخرين بتواضع، ونهتم بخيرهم، ونرغب في خدمتهم، ونفضِّلهم على أنفسناحتى ولو كلفنا ذلك تضحية كثيرة.

إن وصية الروح القدس لنا «كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض» (أفسس4: 32).

والمسيحي الحقيقي ليس فقط يتجنب الشرور والخطايا، بل أيضًا يتجنب الكلام الخشن والحدة في التعامل. ويجب أن تظهر صفات المسيح في حياته وكلامه, فيكون لطيفًا مع الآخرين؛ وهذا ينشأ من الشركة مع الرب.

قال أحدهم: ”إن كلمة اللطف هي أجمل كلمة تُعبّر عن نعمة عظيمة، وعندما نكون لطفاء، فإننا لا نسبِّب ألمًا للآخرين، بل بالعكس نخفِّف من آلامهم ونسبِّب سرورًا لهم. إنه سلوك الشفقة والعطف والمودة والحنان مع الآخرين“.
***

الله الآن يتعامل باللطف مع كل البشر حتى يرجعوا إليه بالتوبة والإيمان، فيقول الكتاب: «لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة» (رومية2: 4). وكل مؤمن حقيقي بالسيد المسيح و رسالته اختبر لطف الله في الخلاص، فلقد «ظهر لطف مخلّصنا الله… خلّصنا» (تيطس3: 4، 5).

وأيضًا نلمس لطف الله في كل أيام حياتنا من خلال رعايته وحفظه واهتمامه بنا, فلقد اختبر عبد إبراهيم هذا الأمر بعد أن وجد رفقة لتكون زوجة لابنه اسحاق , فخرَّ وسجد للرب وقال: «مبارك الرب إله سيدي إبراهيم الذي لم يمنع لطفه وحقه عن سيدي».

وأيضًا قال يعقوب شاكرًا «صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الأمانة التي صنعت إلى عبدك. فإني بعصاي عبرت الأردن والآن قد صرت جيشين» ويوسف عندما كان في أرض مصر كان الرب معه وبسط إليه لطفًا (تكوين24: 27؛ 32: 10؛ 39: 21).

وتغنى داود قائلا: «لطفك يُعظِّمُني» (2صموئيل22: 36). وفي المستقبل سيُظهر الله في الدهور الآتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع (أفسس2: 7).

فإن كان الله تعامل معنا باللطف وما زال يتعامل, فيجب أن نكون لطفاء في تعاملنا مع الآخرين.

إن اللطف الحقيقي نتعلمه من ربنا يسوع المسيح وكيف كان يتعامل مع النفوس , فالعشّارون والخطاة كان يحبهم ويقبلهم ويأكل معهم. والأطفال دعاهم واحتضنهم ووضع يديه عليهم وباركهم. والجموع التي تراكضت إليه سلّم عليهم وعلّمهم وأشبعهم وشفى مرضاهم. والتلاميذ احتمل عدم فهمهم وعلّمهم على انفراد وشجعهم كثيرًا. لقد كان بحق لطيفًا مع الجميع!

واللطف المسيحي نابع من عمل الروح القدس، وليس هو المكتسب من التربية ومن المدارس ومن المدنية. كما أنه ليس لطفًا ظاهريًا، فيوجد من يلاطف الآخرين بألفاظ حسنة, لكنها في أكثر الأوقات لأجل غايات بشرية؛ فيكون كلامهم حلوًا والقلب مشحونًا بالكذب والغش.

واللطف ليس معناه أن نتساهل مع الشر أو لا نتمسك بالحق, فالرب يسوع الذي كان لطيفًا مع الخطاة ورقيقًا, كان أيضًا حازمًا فيما يتعلق بحقوق الله ومجده, وحادثة تطهير الهيكل تشهد على ذلك (يوحنا 2: 14- 17).

فمن جانب لا بد أن نكون لطفاء بعضنا مع بعض، ومن جانب آخر لا بد أن نتمسك بالحق ونرفض الشر.

ومن أمثلة اللطف في الكتاب المقدس ما فعله داود مع شاول الملك ,الذي كان يطارده ويريد أن يقتله؛ ولكن عندما وقع الملك شاول في يد داود وهو في الكهف لم يقتله بل أشفق عليه, فتأثر شاول الملك من معاملة داود اللطيفة ومن كلامه, فرفع صوته وبكى. (1صموئيل24).

وأيضًا ما فعله الملك داود مع مفيبوشث – الأعرج الرجلين – حيث بحث عنه وطمأن قلبه وردّ له كل حقول شاول أبيه، وليس ذلك فقط، بل جعله يأكل على مائدته دائمًا.

بينما عكس ذلك نجده في أصحاب أيوب الذين لم يكونوا لطفاء معه, إذ نسبوا إليه الرياء وأن هناك شرًّا دفينًا, فزادوا من ضيقته ومن ألمه، ودفعوه لكي يحامي عن نفسه.

فليحفظنا الرب من الخشونة والحِدة ولنكن لطفاء بعضنا مع بعض.

و ينبغي أن نكون لطفاء، ليس فقط خارج المنزل مع الآخرين, بل أيضًا داخل المنزل وفي العائلة, فيجب أن يكون الابن لطيفًا مع أبيه، والأخ مع أخوته

أخي.. أختي.. إن كثيرًا من تعزية الحياة متوقفة على مدى لطفنا مع الآخرين. فالحياة تصير تعسة إذا احتقرنا الأمور الصغيرة في آداب الحديث والجواب المبهج والوجه المبتسم.

ليعطنا الله أن نتعلّم اللطف الحقيقي منه، وذلك عندما نشبع به ونتمثّل به. ولتكن ذراعنا ممدودة للآخرين لمساعدتهم وإسعادهم، وليكن كلامنا معهم غير ثقيل، بل لطيفًا حانيًا, متذكرين القول المبارك: «كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض».

Cross points – نقاط أو محطات الصليب

إن محطات الصليب، والمعروفة أيضاً بطريق الآلام، هي قصة الساعات الأخيرة في حياة يسوع المسيح على الأرض والتي مازالت تقدم قناعة الإيمان والتطبيق العملي لحياة كل مؤمن. إن محطات الصليب تذكار صريح للأسلوب المتضع الذي إرتضى به المسيح أن يترك كل مميزات الألوهية لكي يوفر طريقاً للخلاص بتقديم ذاته كذبيحة.

توجد عدة روايات تصف هذه الساعات الأخيرة، إحداها كتابية والبقية روايات تقليدية عن الساعات الأخيرة في حياة المسيح. تسير الرواية التقليدية لمحطات الصليب كالتالي:

1. يسوع يحكم عليه بالموت.
2. يسوع يحمل الصليب.
3. يسوع يقع للمرة الأولى.
4. يسوع يقابل أمه مريم.
5. سمعان القيرواني يجبر على حمل الصليب.
6. فيرونيكا تمسح الدم عن وجه المسيح.
7. يسوع يقع للمرة الثانية.
8. يسوع يقابل نساء أورشليم.
9. يسوع يقع للمرة الثالثة.
10. يسوع يجرد من ثيابه.
11. يسوع يسمر على الصليب – الصلب.
12. يسوع يموت على الصليب.
13. جسد يسوع يرفع من على الصليب – المناحة.
14. جسد يسوع يوضع في القبر.

في هذه الرواية بحسب التقليد فإن المحطات 3، 4، 6، 7، 9 ليست كتابية. لذلك تم تطوير “الطريق الكتابي إلى الصليب” وفي ما يلي الوصف الكتابي لمحطات الصليب والتطبيق العملي لكل منها.

المحطة الأولى للصليب: يسوع على جبل الزيتون (لوقا 22: 39-46).
صلى يسوع على جبل الزيتون لكي يرفع الآب الكأس من يده وبهذا قصد موته على الصليب؛ وهذا أظهر بشرية المسيح (لوقا 22: 39-46). ليس من الصعب تخيل عظم توقعه للأحداث التي كان سيواجهها. يأتي وقت في حياة كل المؤمنين حيث يجب أن يختاروا بين إرادة الله وإرادتهم الشخصية، وهذا الإختيار، مثل إختيار المسيح، يظهر مدى الإلتزام والطاعة تجاه الله، بالإضافة إلى حالة القلب الحقيقية. رغم أن يسوع كان مدركاً لمصيره الذي سيواجهه عندما كان يصلي على جبل الزيتون طالباً من الله أن يغير الأحداث، كانت صلاته أن تتم إرادة الله بغض النظر عما يحمله له المستقبل. حتى وهو مسمَّر على الصليب وأنفاس الحياة تنسحب منه كان يسوع لا يزال يعلمنا أهمية طاعة كلمة الله وأهمية الثقة فيه في كل المواقف.

المحطة الثانية للصليب: يهوذا يخون يسوع وإلقاء القبض عليه (لوقا 22: 47-48)
عندما خان يهوذا المسيح لم يصبح فقط أحد الشخصيات المكروهة جداً في التاريخ، بل أصبح تذكاراً يلاحق كل مؤمن للأوقات التي سقط فيها في تجربة الخطية. بالنسبة للمؤمن، فإن الوقوع في الخطية يشبه خيانة من أعطى حياته من أجلنا. فكم يكون عظم الخيانة عندما تكون الخطية سلوكاً مختاراً، إذ نبتعد عن طريق الإيمان متعمدين (لوقا 22: 47-48)؟ لقد عاش يهوذا مع يسوع وجلس عند قدميه يتعلم منه لسنوات. ولكن لأن قلبه لم يتغير فعلاً بقوة الروح القدس، فقد سقط عندما جربه الشيطان. كمؤمنين علينا أن “نمتحن أنفسنا” لنرى إن كنا فعلاً في الإيمان (كورنثوس الثانية 13: 5).

المحطة الثالثة للصليب: السنهدريم يدين المسيح (لوقا 22: 66-71)
طلب مجلس السنهدريم المكون من سبعين من الكهنة والكتبة ورئيس كهنة واحد أن يعدم بيلاطس المسيح. هذه الحادثة بمثابة تحذير لكل المؤمنين ألا يرفعوا أنفسهم بإدانتهم للآخرين. إن المعرفة الكتابية والمناصب الرفيعة في هذا العالم ما زالت تعوزها القداسة، والتفكير المتعالي يمكن بسهولة أن يسبب سقوط حتى أكثر المتدينين تشدداً. يعلمنا الكتاب المقدس أن نحترم كل ذي منصب، ولكن في النهاية يجب أن تسود إرادة الله وكلمته في حياتنا. المؤمنين لهم عطية معمودية الروح القدس لتعزيتهم وتعليمهم وإرشادهم في كل موقف، مما يسمح لهم بإتخاذ كل قرار وفقاً لإرادة الله الكاملة، مما يمحو حاجة الإنسان للحكام الدينيين على شاكلة السنهدريم. لقد أدى تسليم الشعب اليهودي للسلطة الدينية للسنهدريم إلى فساد الكثير من الكهنة والكتبة أعضاء السنهدريم، وعندما بدأ يسوع يعلم تعاليم تناقض سلطانهم بدأوا يتآمرون عليه، وفي النهاية طالبوا بموته صلباً على أيدي الحكومة الرومانية (لوقا 22: 66- 71).

المحطة الرابعة للصليب: بطرس ينكر المسيح (لوقا 22: 54-62).
عندما ألقي القبض على يسوع، إتهم عدد من الموجودين بطرس بأنه كان من أتباع يسوع (لوقا 22: 54-62). وكما تنبأ المسيح، أنكر بطرس أنه يعرف يسوع ثلاث مرات. كان بطرس تلميذ المسيح المحبوب والمؤتمن والذي شهد عياناً كثير من معجزاته، بل إنه مشى على الماء مع يسوع (متى 14: 29-31). ومع هذا أظهر بطرس ضعفاً بشرياً بإنكاره للمسيح خوفاً من أن يلقى القبض عليه هو أيضاً. مازال المسيحيين حول العالم اليوم يواجهون الإضطهاد من المجتمع غير المسيحي، بدءاً من الإساءة اللفظية إلى الضرب وحتى الموت. قد يدين الناس بطرس من أجل إنكاره للمسيح وخوفه مما قد يفعله به الرومان حال إكتشافهم لعلاقته بالمسيح، ولكن كم من المؤمنين يمكن أن يقولوا أنهم لم يصمتوا أبداً بشأن إيمانهم في وجه التمييز الديني سواء في السر أو في العلن؟ هذا الصمت يظهر الضعف البشري. كان إيمان بطرس إيماناً غير كامل، والسبب الأساسي هو أنه في ذلك الوقت لم يكن قد قبل الروح القدس. ولكن بعد حلول الروح القدس في يوم الخمسين ليسكن في قلوب المؤمنين (أعمال الرسل 2) أصبح بطرس أسداً مقداماً في الإيمان، ولم يخشى فيما بعد من الإعلان عن إلهه.

المحطة الخامسة للصليب: بيلاطس البنطي يحاكم يسوع (لوقا 23: 13-25).
من غير المتوقع أن يدان المسيح في أية محكمة بمعايير اليوم القانونية، خاصة في ضوء عدم وجود أي دليل حقيقي ضده. لم يجد بيلاطس البنطي علة في أي شيء فعله المسيح وأراد أن يطلق سراحه (لوقا 23: 13-24)، ولكن السنهدريم طالب بيلاطس بالحكم على يسوع بالموت. فإن السنهدريم الذين كانوا يحكمون وفقاً للناموس والتقليد الموسوي المتشدد إعتبروا يسوع تهديد حقيقي لسلطتهم على اليهود. علَّم يسوع الناس أن الخلاص بنعمة الله وليس بالإلتزام بالعديد من المباديء التي وضعها السنهدريم وهذا التعليم لم ينقض فقط سلطان القادة الدينيين ولكنه شكل خطراً حقيقياً على دخلهم المادي. وحتى اليوم، فإن رسالة الخلاص بقوة وإختيار الله وليس بمجهوداتنا، هي رسالة غير مستحبة. إن البشر في طبيعتهم الساقطة دائماً ما يريدون تحقيق خلاصهم بمجهوداتهم الذاتية، أو على الأقل أن يكون لهم دور في ذلك، حتى نستطيع أن ننال على الأقل بعض من المجد. ولكن الخلاص هو من الرب الذي لا يعطي مجده لآخر (إشعياء 42: 8).

المحطة السادسة للصليب: يسوع يعذَّب ويتوَّج بإكليل الشوك (لوقا 23: 63-65).
إن الشفاء المشار إليه في هذا المقطع هو شفاء روحي، أو شفاء من الخطية. إن غفران الخطايا وإسترداد رضى الله يرمز إليهما غالباً بالشفاء. قبل أن يولد المسيح من مريم العذراء بأكثر من خمسمائة عام، تنبأ إشعياء أن يسوع سيجرح من أجل معاصينا (إشعياء 53: 3-6) ويسحق من أجل آثامنا وبحبره ننال الشفاء.

المحطة السابعة للصليب: يسوع يحمل الصليب (مرقس 15: 20)
عندما حمل المسيح صليبه فإنه حمل أكثر من مجرد خشبة الصليب. فدون أن يعلم الكثير من المتفرجين في ذلك اليوم، كان يسوع يحمل خطايا البشرية، ويواجه العقاب الذي كانت تستوجبه تلك الخطايا، والذي كان سيتحمله نيابة عن الإنسان. يقول يسوع في متى 16: 24 “إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي”. كما يعلن أن هذا ليس أمراً إختياراياً: “…مَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي” (متى 10: 38). إن حملنا للصليب، وهو أداة موت، يعني الموت عن الذات لكي نعيش كخليقة جديدة بالكامل (كورنثوس الثانية 5: 17) في خدمة وطاعة المسيح. هذا يعني تسليم إرادتنا لله وعواطفنا وطموحاتنا ورغباتنا. علينا ألا نسعى وراء سعادتنا كهدف أسمى، ولكن أن نتخلى عن كل شيء بل ونضع حياتنا ذاتها إذا لزم.

المحطة الثامنة للصليب: سمعان القيرواني يساعد يسوع في حمل الصليب (لوقا 23: 26)
قد يعتبر سمعان القيرواني ضحية للظروف. فقد جاء في الغالب إلى أورشليم لحضور إحتفالات عيد الفصح ومن المتوقع أنه لم يعرف شيئاً عن الأحداث الجارية. نحن لا نعرف الكثير عن سمعان القيرواني حيث لا يذكر عنه شيء في الكتاب المقدس بعد أن ساعد يسوع في حمل الصليب الذي كان سيسمر عليه (لوقا 23: 26). عندما أمره الجنود الرومان أن يساعد يسوع، لم يقاوم سمعان أمرهم، ففي الغالب كان يخشى على حياته في ضوء ما يحدث. على عكس يسوع الذي حمل الصليب طوعاً، كان سمعان القيرواني “مجبراً” على حمل الصليب. كمؤمنين علينا أن نشارك يسوع في آلامه طوعاً كما يأمرنا بولس الرسول “فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ” (تيموثاوس الثانية 1: 8).

المحطة التاسعة للصليب: يسوع يقابل نساء أورشليم (لوقا 23: 27-31).
عندما تقابل يسوع مع النساء الباكيات وبعض من تلاميذه في طريقه إلى الصلب، حذَّرهم من البكاء عليه، ووجههم أن يكون إهتمامهم بشأن أنفسهم وحياة أولادهم، نظراً لزيادة الشر في أنحاء أورشليم (لوقا 23: 27-31). حتى في أثناء معاناته وألمه الكبير ووسط الإهانات لشخصه لم يكن يسوع مهتماً بنفسه بل بحياة وأنفس أولئك الذين يواجهون الدينونة الأبدية بسبب الخطية التي في حياتهم. نفس هذا التحذير ينطبق على المؤمنين اليوم، إننا يجب أن ننتبه ولا نسمح لإهتمامنا بهذا العالم أن يسبق تكريسنا وطاعتنا لله. قال يسوع: ” مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ” (يوحنا 18: 36)، وكمواطنين للسماء يجب أن يكون إهتمامنا وتركيزنا موجها إلى هناك.

المحطة العاشرة للصليب: صلب المسيح (لوقا 23: 33-47).
من الصعب، بعد وقوع الحدث بأكثر من ألفي عام، أن نتخيل الرعب في ذلك اليوم حين أجبر المقربين من يسوع على الوقوف جانباً بينما كانت المسامير تدق في يديه ورجليه وتثبته على الخشبة التي سيلفظ عليها أنفاسه الأخيرة كإنسان (لوقا 23: 44-46). لم يكن أحباؤه وتلاميذه يدركون المعنى الكامل لما كان يحدث آنذاك. لم يستطيعوا أن يفهموا أن هذا الفعل البشري الشرير كان نتيجة هدف إلهي وخطة لخلاص كل من يؤمنون بالمسيح. وبالنسبة لنا اليوم: “كَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصاً هَذَا مِقْدَارُهُ؟” (عبرانيين 2: 3). “وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ” (أعمال الرسل 4: 12).

المحطة الحادية عشر للصليب: يسوع يعد اللص التائب بدخول الملكوت (لوقا 23: 43)
من الممكن أن اللص على الصليب بجانب المسيح إستطاع أن يفهم أن الحياة لم تكن تنتهي بالنسبة ليسوع، ولكنه كان يتجاوز العالم المادي إلى الوعد الأبدي الذي جاء منه لأجل البشر. أصبح هذا اللص أول من دخل الفردوس بناء على النعمة من خلال الإيمان بيسوع المسيح (أفسس 2: 8-9). قال يسوع لهذا اللص أنه سيكون معه في الفردوس في ذلك اليوم لأنه قبل إبن الله وآمن به. من الواضح أن هذا مثال أن الإنسان يخلص بالنعمة من خلال الإيمان وليس بالأعمال، كما كان يعلم أولئك الذين إضطهدوا يسوع وأدانوه.

المحطة الثانية عشر للصليب: يسوع على الصليب يكلم أمه وتلاميذه (لوقا 23: 48-49)
كان يسوع في لحظاته الأخيرة ما يزال يضع إحتياجات الآخرين قبل إحتياجاته حين سلَّم أمه إلى رعاية تلميذه الحبيب يوحنا (يوحنا 19: 27). طوال حياته وحتى مماته كان قدوة لنا في وضع إحتياجات الآخرين قبل إحتياجاتنا الخاصة، مخضعين الكل لإرادة الله الكاملة. إن الإستعداد للثبات في كلمته، والتضحية الأمينة من أجل الآخرين في وجه المخاطر هي صفات تميز الحياة المسيحية الحقيقية.

المحطة الثالثة عشر للصليب: يسوع يموت على الصليب (لوقا 23: 44-46)
في لحظة موت المسيح، إنشق حجاب الهيكل الذي كان يفصل الناس عن قدس الأقداس. كان هذا مرعباً لكل اليهود الذين شهدوه والذين لم يدركوا أن هذا رمز لنهاية العهد القديم وبداية العهد الجديد. لم يعد الإنسان يعاني من الإنفصال عن الله بسبب الخطية، ولكننا الآن نستطيع أن نقترب إلى عرش النعمة بجرأة في الصلاة من أجل مغفرة الخطايا. إن حياة يسوع وموته الكفاري أزالا حاجز الخطية وأصبح الخلاص متاحاً للإنسان بالنعمة.

المحطة الرابعة عشر للصليب: وضع يسوع في القبر (لوقا 23: 50-54).
بعد موت المسيح تم إنزاله من على الصليب، ووضع جسده في قبر تبرع به رجل إسمه يوسف من بلدة الرامة اليهودية (لوقا 23: 50-54). كان يوسف أيضاً عضواً في السنهدريم، ولكنه كان معارضاً لمحاكمة وصلب المسيح. كان يوسف يؤمن سراً أن يسوع هو المسيا وفقاً للمكتوب ولكنه كان يخشى عاقبة الإعتراف بإيمانه علناً (يوحنا 19: 38). بعد موت يسوع ذهب يوسف إلى بيلاطس سراً وطلب منه جسد يسوع حتى يتم دفنه بحسب العادة.

لم تصبح تضحية المسيح الكبيرة مجرد كفارة عن خطايا الإنسان ولكنها أصبحت النصرة التي تهزم الموت الذي كان المصير المحتوم لكل البشر المولودين تحت لعنة الخطية. الخطية تحمل معها عقابها المحتم، وذلك العقاب هو الموت. خالقنا أمين وعادل ولهذا يتطلب أن يدفع ثمن الخطية. ولأن الله رحيم ومحب كما أنه عادل فقد أرسل إبنه الوحيد ليدفع ثمن خطايانا عالماً أنه بغير ذلك فإننا تحت دينونة أبدية (يوحنا 3: 16). إن محبة الله ورحمته أظهرتا بعظمة بكلمات يسوع على الصليب عندما طلب من الله أن يغفر لأولئك الذين قتلوه في جهلهم (لوقا 23: 34). من السهل الإفتراض أن عدم إستعداد الإنسان للتسليم الكامل في طاعة لكلمة الله وناموسه هو بسبب جهله وعدم حكمته. ولكن المفارقة في هذا الإفتراض هي أن الموت الذي سببته ليسوع على الصليب يصبح موتاً روحياً لأولئك الذين لا يستطيعون التغلب على نفس ذلك الجهل الذي يطارد الكثير من البشر اليوم. إن الشخص الخاطيء الذي يرفض قبول عطية الخلاص الذي دبره المسيح بموته هو بالتأكيد نتيجة الجهل المتمرد والخطية تفصل بين الإنسان وحكمة الله.

keys of rest – مفاتيح الراحة

مفاتيح للراحة

هل من أُمور تُضايقك وتضغط عليك ، تُفقدك هدوءك وسلامك؟
هل صـرت عصبياً ، مُحتـد الطباع ، تنفعل لأتفه الأسباب ؟
وهل تُريد أن تتمتع براحة داخلية لا تقدر أن تؤثر عليها أية مفاجأت تأتي بها الأيام ؟
هل تُريد أن تستريح ؟ هل تبغي راحة لقلبك ، راحة مستقرة تحفظك هادئاً مهما قست الظروف ، واشتدّت  العواصف ؟
هذا المقال لك ، فهو يضع في يدك أربعة مفاتيح رئيسية لاقتناء هذه الراحة الداخلية التي لا تُقَدر بثمن ..
والمقال يتخذ من يوسف مثالاً .. فكم كانت الأحداث التي أحاطت به قاسية إلي أقصي حد ، يشهد الوحي : « مررتـه ورمته واضطهدتهُ أرباب السهام» ( تك 49 : 23 ) .. كان مميزاً بين اخوته فحسدوه ، وألقوه في البئر ليتخلصوا منه وادعو أن وحشاً قد فَتَك به .. كم جَرَحَ هـذا مشاعره جداً !! وكم كان صعباً علي نفسيته الرقيقة أن يُلقي في السجن مُتهماً بذنب لم يرتكبه !!
لكن هذه هي نصف الحقيقة ، أما نصفها الثاني فمُشرق جداً ومُشجع للغاية .. إنه يشهد لإلهنا العظيم الذي يُحـَول اللعنة إلي بركـة ( تث 23 : 5)، الذي يُخرج من الجافي حلاوة (قض 14 : 14 ) .. الإله الذي يُريح التعابي ..
لقد داوي جروح يوسف ، فهو الطبيب العظيم .. لقد عوضه بإحسانات كثيرة فهو « الغني في الرحمة » ( أف 2 : 4 ) ، لقد أراحه من كل جهة ، فهو « إله كل نعمة » ( 1 بط 5 : 10 ) الذي يعطي من ملئه « نعمـة فوق نعمة » ( يو 1 : 16 ) ..
تأمل كلمات الوحي « الرب كان معهُ ومهما صنع كان الرب يُنجحهُ » ( تك 39 : 23 ) .. ضع خطاً تحت كلمة مهما ، فهذا هو حب وغني إلهنا .. هذا هو فيض نعمته .. تأمل أيضاً كلمات يوسف نفسه التي تشهد لشفاء الله لمشاعره .. « أنساني كل تعبي .. وكل [ ما عانيت منه في ] بيـت أبـي [ مـن إخوتـي ] » ( تك 41 : 51 ) ..
تأمل أيضاً كلماته التي تشهد لإحسـانات الله معه « الله جعلني مُثمراً » ( تك 41 : 52 ) .. إن الوحي يُقدم لنا مفاتيح انتصار يوسف علي ظروفه المريرة ، ليتمتع بالراحة، وذات المفاتيح هي لك وبإمكانك أن تستـخدمها ، لأن إله يوسـف هـو إلهك ..
ثق أيهـا الحبيب أنك مدعو للراحة ..

المفتاح الأول : أن تثق أنه يحبك

لقد وثق يوسف في محبة الله له ولم يسمح قط للظروف أن تسلب منه هذه الثقة ..
لقد وثق أن محبة الله له أقوي من كل شــئ « ميــــاه كثيرة لا تســتطيع أن تطفــــئ المحبـــة والسـيول لا تغمــرها » (نش 8 : 7 ) ..
تأمل هذه الكلمات التي قالها عنه الوحي « [ بركات ] من رِضي الساكن في العليقة [ شجرة شوك  thorny bush] ، فلتأت علي رأس يوسف » ( تث 33 : 16 ) ..
لقد عرف يوسف رِضيَ [favor] الساكن في شجرة الشوك [thorny bush] ..
تذكر كيف شاهد موسي هذه الشجرة الشوكية وهي تتقد بالنار ولا تحترق ( خر 3 : 2 ) ..
أيها الحبيب ، ربما تكون الظروف الضاغطة قد نجحت في أن تسلب منك هدؤك ، وربما تكون قد استطاعت أن تدفعـك إلي متاهات الجـنس أو الإدمان .. هل امتلأت بالشوك ؟ هل صرت مستعبداً لخطايا تجرحك في الأعماق ، وتجرح غيرك ؟ هل صرت سيئاً جداً في عيني نفسك ولا تقدر أن تحتمل نفسك ؟
أيها الحبيب لا تخجل من أن تعترف بهذا ، أياً كان الشوك الذي امتلأت منه ، فإلهك لن .. لن يحرقك .. إنه إله النعمة !!
إنه يُريد أن يملأك بحبه الناري الذي يخفي الأشواك بنوره الساطع ..
كلا ، إنه ليس بعيد عنك « الرب قريب » ( في 4 : 5 ) ، حين يلمحك آتياً إليه ، يركض إليك بكل سرعة لكي يُعانقك .. إنه يُريد راحتك ..
هل سئمت الحياة ؟ هل كرهت نفسك ؟ هل تشعر بأنك مرفوض ممن تحبهم ؟ .. آه ، تستطيع أن تغلق عينيك الآن ، وتتخيل الرب وهو يحتضنك ، وهو يداوي جـروحك .. تـراه وهو يحمـلك علي يديه ويُدللك علي رُكبتيـه ( إش 66 : 12 ) ..
الله قط ليس لتدميرك .. إنه لعلاجك ، لسعادتك .. لراحتك الكاملة .. لراحتك الكاملة ..
هل تُـريد أن تتـوب توبـة حقيقيـة ؟ .. ابدأ بهذا المفتاح.. ثق أن الله يحبك جداً جداً .. استرح في أحضان محبته الأبوية الغافرة .. اشبع بهذه المحبة وستقدر أن تدوس بقدميك علي كل لذة للخطية « النفس الشبعانـــة تدوس العســـل » ( أم 27 : 7 ) ..
هل تُريد أن تنال شفاءً أو تحريراً من سلاسل قيّدك بها إبليس ؟.. ابدأ أيضاً بهذا المفتاح ، ثق في حب الرب لك .. إنه لن يتركك ولن يهملك ولن يهدأ حتي يُكملُ شـفاءك وحريتك .. لا تُرَكّز النظر في الشوك .. لا تُرَكّز التفكير في خطاياك التي جرحتك أو في قيودك .. تأمل حبه العظيم ، تأمل دمه الغافر ، تأمل الروح القدس الذي يُعطي قوة ..
لا ، لا تُرَكّز النظر في الشوك بل في نار حبه التي لا تُحـرقك بل تُنقـيك ، وتجعلك مُشرقاً مضيئاً ، « لأنكم كنتم قبلاً ظلمة وأما الآن فنور في الرب » ( أف 5 : 8 ) ..
المفتاح الأول ، أن تثق أنك مازلت محبوباً جداً بالرغم من كل ما أرتكبته من أخطاء وحماقات .. الله يحبك بلا حدود.. وهو لراحتك ..

المفتاح الثاني : أن تدع يد الرب تلمسك

تأمل معي ما يقوله الوحي في هذه الآية عن يوسف « تشددت سواعد يديه من يدي عزيز [Mighty God] يعقـــوب » (تك 49 : 24) ..
ما معني أن سواعد يدي يوسف قد تشددت ؟..
لقد تعرضت للإرهاق نتيجة لعنف المعارك وصارت في احتياج إلي من يُشَددها ..
الرب القدير يحبه ، لم يتركه.. وضع يده علي يديه فتَشَدَّدَت ..
أيها الحبيب ، هل أرهقتك الحرب الروحية ؟ هل أُصبت بالملل ؟ هل فقدت حماسك القديم ؟ هيا إلي المفتاح الثاني.. هيا إلي لقاء خاص مع الله .. دع يده تُوضع علي يديك ..
كان يوآش الملك ضعيفاً ، عاجزاً عن أن يواجه جيش آرام ، فذهب إلي لقاء خاص مع رجُل الله أليشع ، فماذا حدث ؟ ..
وَضَعَ أليشع يده علي يديه، فتغير كل شئ !! لقد صار يوآش قادراً أن يري بالإيمان العدو مهزوماً عند قدميه ( 2 مل 13 : 14 ـ 21 ) ..
اذهب ، اذهب أنت أيضاً إلي لقاء خاص مع الله ، اهدأ عند قدميه ، قُل له المس يديّ .. أنت القدير « الذي يُعلِّمُ يديَّ القتال فتُحني بذراعي قوس من نحاس.. يمينك تعضدني .. تُمنطقني بقوة للقتال » ( مز 18: 34 ، 35 ، 39 ). سيعطيك الروح أن تري بالإيمان العدو ضعيفاً ، ستسخر من الظروف .. وسيلمس الله يدك .. ستتشدد ، سترتفع يداك عالياً في التسبيح والغناء الروحي ، سترتفع مُعلنة النصرة علي العدو وأنه « في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا » ( رو 8 : 37 ) ..
تَذَكَّر ما حدث حينما لمس جسد إيليا ، المملوء بالروح القدس ، جسد الصبي الميت .. لقد دبت فيه الحياة من جديد .. لقد كان ميتاً فصار حيّاَ .. اسمح للرب أن يلمس بيده القوية كل أماكن الضعف والموت التي فيك .. عندما يلمسك الرب ستنساب منه قوة حقيقية ، ستتقوي وستشدو فرحاً « ليقل الضعيف بطلٌ أنا » ( يؤ 3 : 10) .. « حينما أنا ضعيف فحينئذٍ أنا قوي » ( 2 كو 12 : 10 ) ..
لا .. هذه ليست أوهام نفسية ، إنها قـوة حقيقية تسري من يد الله « لك ذراع القدرة . قوية يَدُك . مُرتفعة يمينك » ( مز 89 : 13 ) .. إنها قوة حقيقية ، تُريد أن تُوقف نزيف الإعياء الذي فيك كما أوقفت من قبل نزيف المرأة الذي ظَلَّ اثنتي عشرة سنة يسلبُ منها صحتها وأموالها التي أنفقتها لدي الأطبـاء ( مر 5 : 25 ـ 29 ) ..
أيها الحبيب هل تشعر بضعف وإعياء .. لا تستسلم للحزن واليأس ، هيا مع الرسول بولس قُلْ بإيمان « بكل شرور أفتخر بالحريّ في ضعفاتي لكي تحلّ عليَّ قوة المسيح » ( 2 كو 12 : 9 ) ..
هيا إلي الرب بكل ضعفك وإعيائك .. هيا إلي لقاء خاص معـه .. هيـا الآن سـيضع يـده عليك لتسير « من قـوة إلي قـوة » ( مز 84 : 7 ) و « من مجد إلي مجد » ( 2 كور 3 : 18 ) ..

المفتاح الثالث : أن تبني بيتك علي الصخر

هل تُعاني من التذبذب .. تارة تري نفسك قوياً في الإيمان ، وتارة أُخري تشعر بالضعف الشديد أمام الأفكار السوداء التي تُهاجم ذهنك ؟
هل تعرف لماذا يحدث هذا ، دعني أقول لك الحقيقة .. أنت لم تبن بيتك علي الصخر ..
كُن صادقاً مع نفسك .. هل تستمد إحساسك بالأمان من امتلاكك للمال أو السلطة أو من عشرة الأصدقاء والمعارف أو من علاقة عاطفية .. هذه أُمور من الممكن أن تتغير ، لذلك فليكن إحساسك بالأمان مؤسساً علي الصخر .. علي ثقتك في أمانة إلهك ..
هل تُريد أن تتمتع براحة مستقرة غير معتمداً في إحساسك بالأمان علي المنظور ؟ .. ابْنِ كل حياتك ، جهودك ، أفكارك ، عواطفك ، كل شئ علي الصخر الحقيقي .. على كلمات الرب .. علي أمانته في تحقيقها ..
تأمل هذه العبارة الهامة التي قالها المزمور عن يوسف « قول الرب امتحنه » ( مز 105 : 19 ) .. ما معني هذه العبارة ؟ .. كان يوسف مُعرضاً لإمتحان .. لقد امتحنته كلمات الرب فوجدته يُصدقها ، فعندما كان في السجن كان يُصدق وعد الله الذي أتاه عبر الأحلام بأن مجداً خاصاً ينتظره .. لم يستسلم للعيان ، كان يُصدق الله ..
كان يوسف قد بني بيته علي الصخـر ، لـذا تمتـع بالراحـة ، يقول الوحي عنه « تشدَّدت سواعد يديه .. من هناك .. من الراعي صخر إسـرائيل [ أي صخـر المؤمنـين ] » ( تك 49 : 24 ) ..
كان يوسف يثق أن قول الله صادق دائماً مهما كان ما يراه بعينيه أو يسمعه بأُذنيه مُناقضاَ لكلمات الله ..
أنت أيضاً ابْنِ كل حياتك علي ما يقوله الله .. هذا هو الصخر ..
هل تُعاني من مرض ؟ .. لا تستسلم للخيالات المُزعجة ، ابْنِ أفكارك علي الصخر .. ابنها علي ما يقـوله اللـه « أنـا الـربُ شـافيك » ( خر 15 : 26 ) ، « أُزيل المرض من بينكم .. أُكمـل عـدد أيامك » ( خر 23 : 25 ، 26 ) ..
هل أنت مُقيد بقيد عاطفي أو جنسي أو بإدمان ؟ هل تشعر بالعجز أمام هذا القيد ؟ .. هيا ابْنِ بيتك علي الصخر ، علي ما تقوله كلمة الله ، إن الرب يسوع مات بديلاً عنك لكي يُطهرك من خطاياك بدّمه .. وإنه حَمَل أوجاعك لكي يُحررك منها .. لقد قُيِّدَ لكي يفك قيودك ..
اعلن ثقتك في أن دمه يغسلك .. يجعلك أبيض من الثلج ..
اعلن ثقتك أنه قُيِّدَ لكي يُحررك من كل القيود ..
اعلن ثقتك أن لك الفرح والسلام وأن الخطية لن تسودك .. هذه هي وعود الله التي يجب أن تبني حياتك عليها .. هذا هو الصخر الذي يجب أن تبني عليه حياتك ..
اهزأ بالظروف المُضـادة .. الرب لك ، وقوته لك ووعوده ستتحقق إذا آمنت بها .. لقد كانت الظروف مُضادة جداً ليوسف ، لكنه عاش بالإيمان .. وسخر من الحوائط العالية التي شيّدها إبليس أمامه ليُشـعره بالعجز ، وماذا يقول الوحي ؟ .. يا لأمانة الرب.. الوحي يشهد « يوسف غصن شجرة .. أغصـان قد ارتفعت فـوق حـائط » ( تك 49 : 22 ) ..
عِشْ مستنداً علي وعود الله وسترتفع أغصانك فوق أي حائط يُشيده العدو لك .. هذا هو المفتاح الثالث الهام للراحة .. الاعتماد علي كلمات الرب .. إنه بناء الحياة علي الصخر ..

المفتاح الرابع : أن تتمتع بإنعاش الروح القدس

يُحاول إبليس جاهداً أن يُصيب أرواح المؤمنين بالإعياء ..
الروح القدس هو الذي يُنعش روحك ، هو الذي يُجدد قوتك ..
تأمل ما قاله الوحي أيضاً عن يوسف « مُباركة من الرب أرضه بالندي » ( تث 33 : 13 ) .. الندي الذي يسقط من السماء قبل بزوغ الشمس ليُنعش النبات هو رمز للروح القدس الذي يُعطي لك إنعاشاً في بداية كل يوم ، لتبدأ بنشاط وقوة ..
الروح القدس هو الندي الذي يُنعشك .. إن اسمه المُعزي ( يو15 : 26 ) وهي ترجمة لكلمة بارقليط اليونانية والتي تعني أيضاً المُحامي والمساعد والرفيق ..
ليكن الروح القـدس رفيقك الدائم .. كُنْ  في شـركة دائمـة معه ..
تمتع بإنعاشه من خلال حوارك معه، طلبك لحكمته وإرشاده ، واستماعك لتوجيهاته « كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله » ( رو 8 : 14 ) ..
تمتع بإنعاش الروح وأنت تصلي بالروح ( 1 كو 14 : 15 ) ..
تمتع بإنعاش الروح في جلستك الهادئة مع الكتاب المقدس ..
تمتع بإنعاش الروح في ثباتك في الرب في التناول من جسده ودمه ..
تمتع بإنعاش الروح .. دائماً تمتع به ..
اُطلب أن يعمل الروح فيك بكل قوته .. اُطلب أن تمتلئ به .. تأمل ما قاله الكتاب عن يوسف « يوسف غصـن شجـرة مثمـرة علي عيْن » ( تك 49 : 22 ) .. لقد كان مثمراً لأنه كان يشرب دائماً من عين المياه الحيّة ، من الروح القدس ..
 اشرب أنت أيضاً دائماً من مياه الروح .. سيمسح الروح حياتك بالبهجة الحقيقية ، وسيجدد ذهنك ليفهم أمور الله .. وسيغمر قلبك بتعزيات قوية ..
الروح القدس سيجعلك حساساً لسماع صوته.. سيقودك ، سيجعلك نورا للناس.. سيرون فيك الرب الذي يُريح التعابي ..
إنها أربعة مفاتيح هامة للراحة..
• ثق في حب الرب لك .
• دع يد الرب تلمسك .
 •ابْن بيتك علي الصخر [ علي الكلمة ]
 •تمتع بإنعاش الروح .
 سيدي ..
أثق أنك راحتي المؤكدة ..
لا .. لن أتزعزع ..
دمُك يحميني ..
كلمتك تبنيني ..
روحك يقودني ..
ملائكتك تحرسني ..
ومن قوة إلي قوة ..
ومن مجدٍ إلي مجدٍ ..

peace in the midst of turbulent world – سلام وسط عالم مضطرب

لقد قال رب المجد يسوع لتلاميذه، وبحق: “سلاما أترك لكم، سلامي أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب” (يو 14 : 27). وفعلا، فسلام الرب يختلف تماما عن سلام العالم، فهو ينبع من الداخل ويظهر للخارج، بينما سلام الأرض متعلق بالظروف الخارجية، والتي غالبا ما تكون مزعجة وتسبب اضطرابات وقلق ومخاوف، وبالتالي تنعكس على عالمنا.

هذا السلام الذي أعطانا أياه يسوع لهو مميز وعجيب، فهو مناقض لقوانين الطبيعة البشرية وغير متعلق بالظروف الخارجية التي يجتازها المؤمن، كيف لا وداود يهتف بمزاميره قائلا: “أيضا أذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا لأنك أنت معي” (مز 23 : 4)، كما وقال الرب لتلاميذه: “قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام. في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم” (يو 16 : 33). كذلك فالسلام هو من ثمر الروح القدس المذكور في رسالة غلاطيه 5 : 22، ولذا فهو يحتاج ألى “شحن” روحي، فكما نهتم في شحن هواتفنا الخلوية يوميا كي نستطيع أن نتواصل مع بعض كذلك نحتاج ألى “شحن روحي” للسلام في حياتنا ببناء علاقة يومية، حميمة ووطيدة مع سيدنا الفادي يسوع، وبذلك نمتلئ من روحه القدوس كل يوم، وعكس ذلك سوف يضعف سلامنا وعندها ستبدأ “البطارية الروحية” تفقد من قوتها شيئا فشيئا، وهذا سوف يزعزع السلام فينا وتبدأ المخاوف والشكوك والقلق بالتسلل لحياتنا.

لنتذكر دائما الآية التي تقول: “لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله، وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع” (في 4 : 6 – 7).

لنقترب الى الله بقوة وعزم شديد، بالذات في أيامنا هذه، حيث نعيش في عالم مليء بالاضطراب والمخاوف ولا يعرف للطمأنينة مكانا، فنحيا بسلام المسيح الحقيقي ونبث السلام في بسمتنا ووجوهنا وحياتنا لكل من حولنا

What i have written, i have written – ما كتبت قد كتبت

قبل الخوض في محاكمة يسوع من قبل بيلاطس البنطي، صاحب المقولة المذكورة في العنوان، نلقي لمحة على شخصية بيلاطس، فمعنى أسمه “ضغط” (PILATUS) “البحر” (PONTIUS)، وهذا قد يشير ألى شخصيته، كالبحر الهائج في الاضطراب والعواصف، وهكذا كانت فترة حكمه التي اتسمت بالكثير من الثورات اليهودية وتلطخت يداه بالكثير من الدماء (أنظر من فضلك لو 13 : 1). ولد في العام العاشر قبل الميلاد، روماني الجنسية، تسلم حكم مقاطعة اليهودية عام 26 م على عهد الامبراطور الروماني طيباريوس قيصر لغاية عام 36 م، ومحاكمة الرب كانت بعد 7 سنين من حكمه (33 م). كان بيلاطس شخصية ذات مكانة، حيث كان في الحرس الملكي الخاص بالقيصر.

“ما كتبت قد كتبت” هي مقولة لفظها بيلاطس البنطي بعد أن توجه أليه رؤساء كهنة اليهود طالبين أن يغيّر النص لليافطة التي علّقت بأعلى خشبة الصليب، فهم طبعا لا يعتبرونه كذلك ولا يريدون أن يرى الناس “ملك اليهود” بمشهد الضعف والأذلال بل واللعنة (بحسب الآية: “ملعون كل من علّق على خشبة” – غل 3 : 13)، فطلبوا تغيير العنوان بأن يكتب أن يسوع يقول أنا ملك اليهود (أو “أنا أقول أني ملك اليهود”)، فأجابهم بيلاطس: “ما كتبت قد كتبت” (يو 19 : 19 – 22) وبذلك رفض لمطلبهم. طلب آخر أبى بيلاطس أن يحققه لرؤساء الكهنة والفريسيين هو عندما طلبوا منه ضبط القبر وأن يضع حراسا “لئلا يأتي تلاميذه ليلا ويسرقوه ويقولوا للشعب أنه قام من الأموات”، أجابهم بيلاطس: “عندكم حراس، أذهبوا واضبطوه كما تعلمون” (مت 27 : 64 – 65).

هذا الرفض لمطلبي اليهود يعكس في الحالتين نفسية بيلاطس التي تدنّت للحضيض بعد أصداره أمر تسليم الرب، هادرا بذلك دما بريئا لبار لم يجد فيه علة للموت، وكمحاولة لأسكات ضميره أخذ ماء وغسل يديه أمام الجميع وأعلن: “أني بريء من دم هذا البار. أبصروا أنتم” (مت 27 : 24) وأسلم يسوع لمشيئتهم. هل فعلا أعلان بيلاطس لبراءة المسيح يبرئه من الحكم عليه بالصلب ؟! أن الوضع الأمثل للأجابة على هذا السؤال هو شهادة يسوع نفسه بعدما سأله بيلاطس: “أما تكلمني، ألست تعلم أن لي سلطانا أن أصلبك وسلطانا أن أطلقك، أجاب يسوع لم يكن لك عليّ سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق، لذلك الذي أسلمني أليك له خطية أعظم” (يو 19 : 10 – 11).

من هنا نفهم أن يسوع يحكم على بيلاطس بأن خطيته عظيمة، والأعظم منها خطية يهوذا مسلّمه، فارتعب بيلاطس من هذا الحكم والسلطان الصادر من كلام الرب عليه، والدليل لارتعاب بيلاطس هو ما حدث بعد ذلك، فيقول الوحي: “من هذا الوقت كان بيلاطس يطلب أن يطلقه ولكن اليهود كانوا يصرخون قائلين أن أطلقت هذا فلست محبا لقيصر، كل من يجعل نفسه ملكا يقاوم قيصر” (يو 19 : 12).

هذه الآية الأخيرة تصوّر الصراع الذي انتاب بيلاطس ما بين براءة الرب وتهديدات اليهود بالفتنة والشغب والتلميح برفع دعوى لقيصر بتهمة “جعل يسوع نفسه ملكا”، فأذا علم ذلك عند القيصر لكان حكم بيلاطس مهددا بالخطر (أنظر من فضلك مت 27 : 24 ومحاولة تجنّب بيلاطس الشغب من اليهود). للأسف، غسل بيلاطس يديه أمام الجمع لا يبرئه من الحكم على يسوع بالصلب، فهو الذي استجوب الرب ولم يجد فيه علة واحدة للموت (لو 23 : 4، 14) ولا هيرودس أيضا (لو 23 : 15)، وكذلك اعتراف بيلاطس وأقراره “وها لا شيء يستحق الموت صنع منه” (لو 23 : 15)، فهو أراد أن يطلق يسوع (لو 23 : 20) وسأل اليهود ثلاث مرات “وأي شر عمل ؟!” (لو 23 : 22) فلم يجد أجابة واحدة أو علّة مما يشتكي اليهود عليه: “وها أنا قد فحصت قدامكم ولم أجد في هذا الأنسان علة مما تشتكون به عليه” (لو 23 : 14).

 لا ننكر محاولات بيلاطس أطلاق الرب، منها عن طريق حبس باراباس، محاولات باءت بالفشل الذريع أمام صرخات اليهود النجسة والحاسدة والحاقدة “أصلبه أصلبه”، كيف لا وبيلاطس يعلم كل العلم أن اليهود قد أسلموا الرب حسدا (مت 27 : 15 – 18)، وفوق كل ذلك، وفي قمة الصراع المذكور، ترسل أليه زوجته محذرة: “أياك وذلك البار، لأني تألمت اليوم كثيرا في حلم من أجله” (مت 27 : 19). على الرغم من كل الأنذارات والتحذيرات، لا بل وأعلان بيلاطس براءة الرب، فقد اختار بيلاطس تسليم يسوع للصلب حرصا على حكمه وكرسيه ولأسكات وأرضاء اليهود. لقد ضرب بيلاطس فرص التوبة عرض الحائط، فخطيته عظيمة.

يقول التاريخ أنه في نهاية فترة حكمه تسبّب بيلاطس في حدوث فتن عديدة في اليهودية لعدة أسباب، منها أقامة تماثيل للقيصر في هيكل أورشليم خلافا للناموس وابتزاز أموال القرابين لأقامة قناة مياه تغذّي أورشليم، مما سبّب هياجا وشغبا وقتل الكثير من اليهود، ولما تولّى كاليجولا الأمبراطورية الرومانية أمر بأضافة حكم اليهودية ألى صديقه هيرودس أغريباس الثاني (حاكم الجليل اليهودي) فعزل بيلاطس البنطي من حكمه ونفاه ألى فينا حوالي عام 44 م، ونظرا لحزنه ومهانته ونفيه بعد خدماته للأمبراطورية انتحر بيلاطس البنطي في منفاه بفينا. كم يذكّرنا ذلك بنهاية يهوذا الأسخريوطي.

If my people humble themselves – اذا تواضع شعبي

أن كلمة الله مليئة بالوعود والامتيازات والبركات لشعب الرب، ولكن ليس بدون ثمن أو شروط لتحقيقها في حياتنا، فمع كل وعد هناك شرط أو أكثر لتتميمه كما يملي وحي الروح القدس عبر صفحات الكتاب. طبعا من الواضح أن الشرط الأساسي للدخول في دائرة الوعود الألهية هي قبول الرب يسوع مخلصا لحياتنا وتتويجه ملكا على عرش قلوبنا، فيسوع المسيح هو الطريق الوحيد للوصول للآب السماوي بحسب قول الرب: “ليس أحد يأتي ألى الآب ألا بي” (يو 14 : 6).

أن خطوة الخلاص ما هي ألا بداية لطريق مليء بالتحديات والضيقات ضد تيار العالم والخطية وأبليس (أنظر من فضلك مثلا يو 16 : 33، أع 14 : 22، مت 7 : 14)، ولذلك فالسير في هذا الطريق يتطلب معرفة القوانين الألهية وأطاعتها دون كلل أو ملل، عندها سنستطيع الحصول على المواعيد واحدا تلو الآخر، ألى أن نصل ألى قامة ملء المسيح.

من الجدير بالتشديد أن الرب يسوع دفع ثمن فدائنا على الصليب، وليس هذا المقصود بال-“ثمن” المذكور هنا، ولكن كي يصبح فعل الخلاص الذي حققه فادينا يسوع ساري المفعول على حياتنا يجب أن نقبل عمل الفداء في حياتنا بالأيمان وعندها وفقط عندها سنصبح أولاد الله، فهذا هو الشرط الذي علينا نحن عمله، بحسب الآية التي تقول: “وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون بأسمه” (يو 1 : 12) وكذلك الآية المعروفة: “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية” (يو 3 : 16). أذن فالحياة مع المسيح مشروطة بالأيمان بالرب “… لكي لا يهلك كل من يؤمن به …”. هناك وعود تتطلب مجهود ودفع ثمن منا، مثلا الوعود التي قالها الرب بالموعظة على الجبل: “أسألوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، أقرعوا يفتح لكم” (مت 7 : 7، لو 11 : 9)، فهناك حاجة للسؤال، والأكثر من ذلك الطلب، والأعمق منهما القرع، هذه شروط تتطلب دفع ثمن وعمل بجدية ونشاط واجتهاد كي ننال الموعد، كيف لا و”الرخاوة لا تمسك صيدا، أما ثروة الأنسان الكريمة فهي الاجتهاد” (أم 12 : 27).

أن المشكلة تكمن أنه في أحيان كثيرة نريد المواعيد أو البركات دون أن ندفع الثمن أو دون الأيفاء بالشروط الكتابية لكل وعد، وهذا قد يوقعنا في مآزق فيبدأ أبليس بتشكيكنا بالرب وأمانته وكلمته. أن الله لم يخلقنا كالآليات التي لا خيار لها، فهو يريد منا أن نريد وأن نعمل من أجل المسرة، مسرة الآب السماوي (في 2 : 13)، فخلق الأنسان ووضع أمامه كل شجر الجنة على شتى أنواعه، ولكن وضع في وسط الجنة شجرة معرفة الخير والشر وحذره من الأكل منها، ذلك كي يختبر محبة الأنسان لله وأطاعته له طوعا واختيارا وليس بالأجبار والأكراه.

أذا مررنا عبر وعود الله لأسرائيل في القديم لرأينا أن كل الوعود مربوطة بأطاعة الرب والسير بحسب وصاياه وأحكامه، والتي، وللأسف، ضرب بها شعب أسرائيل عرض الحائط وكانت النتيجة أن الشعب سبي وتشتت في أرجاء المعمورة. الأمثلة على ذلك كثيرة، نقتبس منها مثلا الآية من سفر أخبار الأيام الثاني 7 : 14 عندما تراءى الرب للملك سليمان بعد تتويجه ملكا على الشعب، قائلا: “فأذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية، فأنني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأبرئ أرضهم”. أن هذه الشروط أساسية في اتباعنا للمسيح ومسيرة حياتنا في غربة هذي الحياة، وبكل بساطة يقول الرب بأن استجابة صلواتنا نحن شعب الرب والغفران وأبراء أراضينا أي أنتاج المحصول والبركة والثمر لهي منوطة بحياة التواضع لشعب الرب الحقيقي “الذين دعي اسمي عليهم” والصلاة وطلب وجه الرب والرجوع عن طرقنا الردية، أي التوبة اليومية وتجديد العهود مع الرب، ومن الواضح أن هذه الوعود مشروطة بالتواضع والصلاة والتوبة، فهي تبدأ بكلمة “أذا” – أداة شرط.

نقرأ كذلك في سفر النبي ميخا الكلمات التالية: “قد أخبرك أيها الأنسان ما هو صالح، وماذا يطلبه منك الرب ألا أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع ألهك” (مي 6 : 8)، أذن فالله يطالبنا بصنع الحق ومحبة الرحمة والسلوك بتواضع مع الرب، فكلها متطلبات متعلقة بأفعال يجب عملها بشكل يومي ومستمر: أن نصنع، أن نحب وأن نسلك، وعندها سننال الحياة الصالحة التي هي بحسب قلب الرب.

أن الحياة المسيحية الحقيقية لا تقتصر في خطوة الخلاص ولا يجب أن تنتهي عند الشاطئ، بل هي حياة عمل مستمر بجد واجتهاد لأطاعة الرب اليومية من خلال كلمته كي نستطيع أن نحصد الوعود الألهية وننال الموعد فننهي حياتنا بنجاح. سليمان الحكيم في سفر الجامعة يقول بوحي الروح: “نهاية أمر خير من بدايته” (جا 7 : 8)، فمع مرور

السنين، وبعد أن نلنا الخلاص، قد نكل ونتعب في السباق أو قد تميل وتتركز قلوبنا نحو البركات والخيرات التي ينعم الرب فيها علينا فنبدأ بالهبوط والفتور، وكتغطية لذلك يقنعنا الشيطان بحياة الاكتفاء واللامبالاة، ويسممنا بأفكار مثل “نحن مخلّصون بدم المسيح، مواظبون على حضور الكنيسة، باتصال دائم مع أخوتنا بالمسيح، الرب منعم علينا ببركاته … وهذا يكفي …”، وبكلمات أخرى فنحن بذلك نرمي بالسلاح الروحي شيئا فشيئا ونعتقد أن كل شيء على ما يرام. أن سليمان الملك نفسه، وللأسف، وقع في هذا المطب، فلم ينه السباق بنجاح بل أغوته شهوات الجسد وغرور الغنى فزاغ قلبه عن الطريق.

ليتنا في بقية مسيرتنا في هذي الحياة نسعى لأجل مسرة ألهنا، نتواضع، نحب الرب والقريب، نسلك بلياقة بالروح، نعمل بأمانة بلا كلل ونكون بحسب قلب الرب، مثبتين أنظارنا نحوه، فننال المواعيد التي وعد بها لنا بكلمته فننهي السباق بنجاح، وعندها سنهتف مع الرسول بولس ونقول: “قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الأيمان، وأخيرا قد وضع لي أكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل، وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضا.” (2 تي 4 : 7 – 8).