الغفران الحقيقي

«كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، شَفوقينَ، مُتسامحين كما سامَحكم الله أيضًا في المسيح» ( أفسس 4: 32 )
عندما أتى ”أبيمالك“ ليعمل اتفاقًا مع إسحاق، كان إسحاق مُحقًا عندما قال لأبيمالك: «ما بالكم أتَيتم إليَّ وأنتم قد أبغضتموني وصرفتموني من عندكم؟» ( تك 26: 27 ). ثم لاحظ كلام ”أبيمالك“ إلى إسحاق: «كما لم نَمَسَّك وكما لم نصنع بكَ إلا خيرًا وصرفناك بسلام» (ع29). كانت تلك كذبة. لقد كسر الفلسطينيون الاتفاق الذي أبرَمَهُ إبراهيم معهم ( تك 21: 22 -34). لقد طَمُّوا الآبار، ثم سحبوا الماء من الآبار التي حفرها إسحاق. ثم أجبَـروا إسحاق أن يُغادر أرضهم، وليس بوسائل سِلمية. ثم بعد كل هذه المشاحنات، يطلب أبيمالك من إسحاق إبرام معاهدة سلام!

ماذا فعل إسحاق؟ لقد مارَسَ تعليم رومية 12: 18 «إن كان مُمكنًا فحسب طاقتكم سالِموا جميع الناس». لقد صفحَ إسحاق عن أبيمالك والفلسطينيين اتّباعًا للسلام. لقد صنعَ صُلحًا معهم «صنعَ لهم ضيافة، .. ثمَّ بكَّروا في الغد وحلفوا بعضهم لبعض، وصرفهم إسحاق. فمضوا من عنده بسلام» (ع30، 31). ولاحظ أن إسحاق لم يطلب من أبيمالك اعتذارًا رسميًا، ولم يُجبره أن يُعطي تعويضًا عن الآبار المسروقة؛ لقد صفح عنه إلى التمام، وشيَّعه بسلام. هذا هو الغفران الحق.

ونحن لا نقصد أن المجرمين وفاعلي الشر وناقضي العهد، لا يُقاصَصوا قانونًا. كلا! العدل ينبغي أن يأخذ مجرَاه. ولكن عندما نختار أن نصفح، دعونا نفعل ذلك بطريقة حقيقية. عادةً ما يكون الصفح بشروطنا. فنحن نتوقع اعتذارًا، ونبحث عن نوع من التعويض كترضية عن الإساءات التي ألَمَّت بنا. هل هذا غفران حقيقي؟ هل هذا من صنف الغفران الذي وهبَهُ الله لنا؟ لقد غفر لنا الله مجانًا؛ خلاصنا هِبَة مجانية! لقد دفع هو أُجرة خطايانا! وعندما يُساء إلينا، فهو يطلب منَّا أن نصفح بنفس الطريقة؛ مجانًا وتمامًا. والغفران الحقيقي يعني التخلُّص من الغضب، من المرارة، من الكلام الخبيث، وتصرفات الانتقام.

كون أن عبيد إسحاق وجدوا نبعًا جديدًا من الماء في ذات اليوم الذي فيه صنع إسحاق عهدًا مع الفلسطينيين ( تك 26: 32 )، فهذا علامة على مُصادقة الله على ما فعله إسحاق: الغفران. فالغفران الحقيقي يُقابَل دائمًا بمُصادقة الله. الغفران التام هو هِبَة الله لنا. وهو يطلب منَّا أن نغفر للآخرين على ذات القياس، خصوصًا إخوتنا وأخواتنا في المسيح. تذكَّر يا أخي أنه قد صفح لصالبيه!

ديفيد ريد – طعام وتعزية