الألم والتشكيل الإلهي

كـل تأديب … أخيرًا يُعطي الذين يتدرَّبون به ثمر بر للسلام» ( عبرانيين 12: 11 )

عندما يُدخلنا الرب إلى نار التجربة ليس غرضه تنقيتنا فقط، فهو يريد أن يُشكِّلنا، مُستخدمًا الضغط والحفر والتزين، لكي يصير المؤمن إناءً نافعًا له ولخدمته ( 2تي 2: 21 ).

إن كان يعقوب مثالاً للتنقية، فموسى مثال للتشكيل. تهذَّب موسى بكل حكمة المصريين، وصار مقتدرًا في الأقوال والأفعال، بعد أن تعلَّم أفضل علوم مصر وحضارتها؛ ولكن مع كل هذا أخرجه الرب من مصر، فكل علوم وجامعات مصر ليست بقادرة على إخراج الإناء بالشكل الذي يريده الرب.

أين هي المدرسة التي تُعلِّم ما هو أفضل من علوم مصر في ذلك الوقت؟! إنها مدرسة البرية وتجاربها المُحرقة. تخرَّج موسى من مصر مُتهورًا ومُندفـعًا وقاسيًا ومتعجـلاً ( أع 7: 23 – 25). بعد أربعين سنة في مصر صار موسى رجلاً عنيفًا وبلا رحمة بل وقاتلاً أيضًا ( خر 2: 14 ). نعم لديه غيرة وشجاعة لكنهما ليسا بحسب التشكيل الإلهي. لذلك يأخذه الصائغ الماهـر ليُعَرِّضَهُ إلى حرارة البرية الشديدة، فيُضْغَط ويتضايق ويُحرَم ويتألم لمدة أربعين سنة أخرى، ليُصبح طيِّعًا سهل التشكيل، ليُشكِّله الصائغ حسب فكره، عندئذ يظهر الرجل الحليم، وتختفي كل شراسة واندفاع، ونرى الإناء الذي هو بحسب فكر الرب. وهنا يشهد عنه الرب: «وأمَّا الرجل موسى فكانَ حليمًا جدًا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض» ( عد 12: 3 ).

عزيزي القارئ، ربما قد ظهرت فينا صورة المسيح لكنها ليست واضحة، أو ربما ظهرت بعض صفات المسيح وليس كلها. ربما قد ظهرت فينا غيرة المسيح ولكن بدون وداعة المسيح فتصبح الصورة مشوَّهة، فيجدَّف على الاسم الحَسَن بسببنا. لذلك تتوالى التجارب وتستمر حياة البرية والضيق والألم ويستمر التشكيل. إلى متى؟! «إلى أن يتصوَّر المسيح فيكم» ( غل 4: 19 ).

أخي، لا يوجد ما يُغيِّرنا ويُشكِّلنا مثل الضيق والألم والحرمان، فنتعلَّم الصبر والانتظار، الخضوع والطاعة، التواضع والمحبة، الإيمان والرجاء، والشكر والحلم. ( عب 12: 11 ).

 

طعام وتعزية