حوار مع الخالق – شجرة مثمرة

وتطلعت وكانت الأرض الممتدة مكسوة بالخضرةِ ..كلوحةِ فنان ماهر

أشـجار كثيفة وألوان متنوعة ….ومن بين هذه الأشجار وقفت إحداها …تبدو قوية ومنتصبة ولكنها عارية ..بلا أوراق تكسوها

فقلت في حيرةٍ يالها من شجرةٍ بائسةٍ …. عديمة الجمال ، خالية من الإخضرار ، لا تحمل ثمراً ولاظل لها ، بلا نفع للآخرين ولا حتى مأمن لطيرٍ يسكن فيها .

وسمعت صوتك في داخلي ينبهني …. قائلاً: لا تتعجلي الحكم

أريدك أن تكوني مثلي …أنا لا أنظر إلى العينين بل إلي القلب ( اصم 16 :7 )

أمعِـني النظر .. هل تلاحظي …أوراق صغيرة جداً بدأت تنبت في فروعها .

إنها تحمل حياة في داخلها …وأنا لا أزدري بالأمور الصغيرة ( إش 42 :3 )

.فقلت لك..ولكن الأشجار الأخريات من حولها غاية في الجمال

فأجبتني …لا تـُـقـارنيها بمن حولها .

إنها مختلفة ..إنها تبدو عارية .. بلا جمالٍ في نظرك ، متأخرة في عطائها ، ولكنني أراها في حقيقتها

أراها ثابتة.. وتمد أصولها …. قوية الجذور… ثابتة في مواجهة الرياح .

لا تخضر في بداية الموسم .. ولكن أنا أعلم جيداً التوقيت ( مز 31 : 15 ، جا 4 : 11 ).

إنها ليست سريعة كمثيلاتها ..ولكن خضرتها تمتد لأزمنه أطول …..

أتعلمي …

العشبُ يظهر و يخضر سريعاً جداً..ولكنه يـيبـس وزهره يذبل بين يوم وليله ( مز 90 : 6) .

أما تلك الشجرة ….

 

أراها رائعة. تصنع أغصاناً كبيرة حتى تسـتطيع طيور السماء أن تتآوى تحت ظلها (مر 4 :32 )

.مثمرة .. وثمرها نافع … تـعجبت ، صمت ، وتحيرت …..

وها هو صوتك الحلو يناديني في داخلي ….

هل تفهمين ما أريد أن أخبرك به ؟؟

أريدك أن تري نفسك كما أراك أنا …

أنا لا أُقارن بين أولادي …. انا لا أقارنك بمن هم حولك … أنت غالية القيمةِ ( ابط 1 :19 )

أنت مختارةُ .. ( اش 48 : 10 ، ابط 2 : 9 ) أنا قد أحببتك ( إش 43 :4 ) … كما أنت ..

قد تظني أن سـنين عمرك تعبر سريعاً كعداءٍ …وتفنى كقصةٍ ( مز 90 :8 )..

وتقارني نفسك بغيرك ولا تجدي ثمراً كثيراً كما تمنيتي

وقد لا تفهمي لماذا هذا التأخير ..

وأحيانا تخجلي من أنظار المحيطين ، لأنهم يرونك صغيرة

وأحيانا لا يلتفت إليك العابرين

ولكني أراك ..جميلة ..بلا عيب فيك

أنتِ في عيني جنة مغلقة .. بل ينبوع جنات ( نش4 :7 ، 12 ، 4 : 15 )

أراك رائعة وأنتِ خارجة من البريةِ مستندة على حبيبك

صخر الدهورِ

لا تقلقي   لأنك صغيرة …أنتِ تحملي حياتي فيك أحببتك وإخترتك وأقمتك لتذهبي وتأتي بثمرٍ ويدوم ثمرك ( يو 15: 16 )

بل لن تكفي أبداً عن الإثمار ( إر 17: 8 ) …. لأنه من قبلي يوجد ثمرك ( هو14 :8 )

حـينـئذ ترنم قلبي في داخلي…

أحمدك من أجل أني قد امتزت عجباً

عجيبة هي أعمالك ونفسي تعرف ذلك يقيناً ( مز 139: 14)

 

بقلم سوسن ثابت – أنهار الحياة