العين هي المرآة التي تعكس الصورة الخارجية لأي منظرٍ كان، فيدخل الى العقل اولاً ومن ثم الى القلب.طبيعتنا البشريّة تستهوينا المناظر الخلاّبة والاناقة والمشاهد الجميلة لأن الله خلق كل شيء جميل انما الانسان منّ شوّه جمال الطبيعة وفسدها.يلفت نظرنا دائماً الشخص الانيق الجذّاب الملفت للنظر ونحكم عليه سلفاً من خلال ملابسه ولون بشرته حتى دون ان نتحدّث اليه ونعرف مدى ثقافته ودماثة اخلاقه.كم من المرّات تأتي النتيجة عكس ما رأته عيوننا وما ذخّرناه في عقولنا.هذا هو الانسان وهذه طبيعته نحكم على بعضنا البعض من النظرة الاولى فنقول هذا انسان عظيم وهذا لا وكم من المرّات نكتشف اننا كنّا على خطأ وإنّ المنظر لا يعكس دائماً حقيقة الانسان الداخليّة.أمّا الرب له طريقة اخرى فهو ينظر الى القلب ويعرف الانسان جيداً لانّه هو جابله،يعرف احاسيسه وما يجول في باطنه.
اصرّ الشعب قديماً ان يملّكوا عليهم ملكاً ايّام صموئيل النبي ،فإختاروا من بين كل الشعب شاول وهوشاب حسن،ولم يكن في اسرائيل احسن منه.من كتفه فما فوق كان اطول من كل الشعب.ولكنّ كان فلبه بعيداً عن وصايا الرب فبعد ان ملك اخطأ فرفضه الرب وارسل النبي صموئيل الى يسّى البيتلحمي قائلاً اني رأيت في بيته ملكاً.فلما جاء صموئيل الى بيت يسى لفت ناظره ابنه الاكبر الياب فظنّه هو من يريده الرب ملكاً ولكنّ الرب قال له:لا تنظر الى منظره وطول قامته لاني قد رفضته.لانّه ليس كما ينظر الانسان.لانّ الإنسان ينظر الى العينين و أمّا الرب فينظر الى القلب.(صموئيل الاول 16/7)
وهكذا كان انّ يسى عبّر اولاده السبعة امام صموئيل وكان الرب يرفضهم الواحد تلو الآخر،ووقع الاختيار اخيراً على ابنه داود الذي لم يكن في المنزل بل بالحقل يرعى الغنم. الخلاصة من هذه الحادثة ان الرب اراد ان يعلمنا انه هو وراء قلب الانسان وليس منظره الخارجي ويريد منّا ايضا ان لا نحكم على الآخرين من خلال ما تشاهده اعيننا.فكم من المرّات تكون احكامنا جائرة بحق اللآخرين وبعدها نكتشف اننا كنّا على خطأ واننا حكمنا ليس بالصواب ويُصبح هذا الانسان من اعزّ واقرب الاصدقاء. قلب الانسان من يعرفه غير الله، فهو فاحص القلوب والكلى وهو من يعرف ما يجول في دواخلنا.تتحدث الى احدهم فيبتسم لك ويوهمك انه يُحبّك وانه يستمع الى حديثك وهو يستمتع به ،أمّا باطنه مختلف كلّياً فهو يضمر لك الشر او البغض او عدم الاكتراث لانه قلبه ليس معك ولا يحبك كما انت تظنّ.هكذا نحن البشر بصورة عامة نفترب الى من يمدحنا ويمجّدنا ويرفعنا ونبتعد عن كل من يريد خيرنا فينبّهنا وقصده دائماً ما هو لخيرنا.الرب وضع بين ايدينا كتابه المقدّس وفيه كل ما هو لخيرنا ولحياةٍ افضل،نضعه جانباً ونذهب نبحث عن ملذّاتنا الوقتيّة في اماكن اخرى ونجعل قلوبنا على كل ما يظهر لنا جميلاً وحسناً،دون ان نوجّه اعيننا الى الرب ونجعل آذاننا صاغية لصوته.نشطح بعيداً ظنّاً منّا اننا سنصل الى ما هو احسن وافضل،لكننا نخور في الطريق ونعلم بعد حين اننا وراء سراب كنّا ظنناه مياهً عذبةً جميلة مترقرقة في صحراء هذه الحياة،ولكن عنما اقتربنا اكثر فأكثر ظهرت الحقيقة المرّة واكتشفنا اننا كنّا وراء اوهام.
الرب يقول :ايّها الانسان اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي.الرب ينظر الى القلب لم يقل اعطني عيناك انما لتلاحظ عيناك طرقي.لان الرب يعرف ما في القلب وما في داخله،يقول الرب يسوع:وأما ما يخرج من الفمّ فمن القلب يصدر.وذاك يُنجّس الإنسان لأنّ من القلب تخرج افكار شريرة مثل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف.(متى15/18و19)
لذا داود النبي بعدما اكتشف اسرار قلبه وما كا يحتويه من امور شريرة صرخ الى الرب طالبا:قلباً نقيّاً اخلق فيّ يا الله وروحاً مستقيماً جدد في داخلي.(مزمور51/10) كم نحن بحاجة اخوتي في هذه الايّام ان نصرخ جميعاً الى الرب هذه الصرخة الصادقة التي صرخها النبي داود و نقول له ايضاً :اختبرني يا الله واعرف قلبي،امتحنّي واعرف افكاري وانظر إن كان فيّ طريق باطل واهدني طريقاً ابديّاً.نعم فالرب امين وعادل يسمع صراخنا فيستجيب لنا ويُغيّرحياتنا ويخلقنا خليقة جديدة لا تنظر الى الخارج بل الى دواخلنا فتعمّ المحبة التي نفتقد اليها في هذه الايّأم الصعبة التي نمرّ بها.سيطر الشر على قلب الانسان ويستخدم الشيطان كل امكانيّاته لهدم الانسان وتحطيمه ونحن نساعده بذلك دون ان ندري لاننا فقدنا المحبة التي تربطننا بعضنا ببعض ورحنا نبحث عن ملذّاتنا وما تراه اعيننا من اشياء جميلة وخلاّبة.تركنا الله ووصاياه،تركنا كتابه وكلامه ورحنا نبحث عن ملذّات في مجلاّت وكتب اباحيّة نرى فيها سعادة وقتيّة كما يلحس القرد المبرد ظنّاً منه انه لذيذ وطعمه لذيذ دون ان يدري انّه يلحس دماءه.نعم احبائي كلّنا في موازين الرب الى فوق لا احد افضل من الآخر الكل زاغوا وفسدوا ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد وهذا ليس كلامي بل كلام الله.فلنتضع ونسجد امام الله بتوبةٍ صادقة ونقول له يا رب تعبت و انت القائل تعالوا الي يا جميع المتعبين و ثقيليّ الاحمال وأنا اريحكم.نأتي اليك يا الله بكل احمالنا واثقلنا ونرميها عند قدميك حتى يا رب تريحنا وتخلق فينا قلباً جديدا ونسكن معك انت القائل:لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك.نعم يا رب يسوع انت هو كنزي العظيم،اجعلني دائما بقربك انت حمايتي في برّية هذا العالم امل قلبي الى شهاداتك لا الى المكسب،اجعل فينا دائماً روح التواضع لانه مكتوب مكرهة الرب كل متشامخ الفلب،نقّي قلوبنا حتى نستطيع ان نراك ولا تبهرنا مباهج هذا العالم.
نعم احبائي مكتوب:اليوم يوم خلاص اليوم يوم مقبول.اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسّوا قلوبكم.ارفع قلبك الى الرب ولا تقسّيه وتلذذ به فيعطيك سؤل قلبك له كل المجد الى دهر الدهور.
آمين.
arabicchristianchurch.com.au