الصلاة في المسيحية لا تقتصرلكي تكون مجرد تعبير عن العبادة بما يفعله العبد نحو ربه ، بل انها تعبير عن علاقة حميمة بين شخصين. وهي حوار بين شخصين متقاربين. وليس المقصود بالمتقاربين أي من نفس المستوى أو التشابه ولكن بينهما علاقة قوية.
إن الصلاة في المسيحية بذلك ترتكز على الدعامة الهامة التي اعلنها المسيح في علاقة الانسان بالله (الوصية الاولى) وهي أن تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك (مرقس 30:12) يقرر الكتاب المقدس ان الايمان الذي لا يرتكز على المحبة لا قيمة له في 1 كورنثوس الاولى اصحاح 13 ويقرر الرسول يعقوب ايضا ان الشياطين يؤمنون ويقشعرون. اسمع قول السيد المسيح في انجيل لوقا 47:7 “من اجل ذلك أقول لك: قد غفرت خطاياها الكثيرة، لانها احبت كثيراً..”
الصلاة: هي صلة وهي عبارة عن ( حوار بين شخصين متقاربين). هي ليست شخص يردد بعض الكلمات يرفعها الى العلاء لعل الاله يسمعها. بل الإثنان يتحدثان ويتحاوران ويسمع بعضهما الاخر. فهو حوار بكل ما تحتويه من معاني.
ربما يثور سؤال ولكن كيف يصبح الانسان قريبا من الله وفي علاقة حميمة يجمعها حب من كل القلب والنفس والفكر والقدرة؟
- تقبل فداء المسيح وتؤمن ان موته لاجلك يهبك غفران من اجرة خطاياك.
- تقبل سيادة المسيح على قلبك وعلى عقلك لكي تحكم كلمته ووصاياه طريقة تفكيرك وكلامك وسلوكك ومشاعرك.
- ترتبط به من خلال تعاليمة وكلامه ومن خلال الصلاة، الشركة مع اولاد الله ابناء النور.
- التحول التام عن عبودية الخطية والاشرار وقبول طاعة المسيح ووصاياه (الرجوع الى الله بالتوبة).
عبر الكتاب المقدس عن الصلاة بالتعابير المختلفة الآتية :
1- تحاجج : اش1: 18 هلم (نتحاجج) يقول الرب ان كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج ان كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف
2- الإستماع كالتلميذ : اش50: 4 اعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لاعرف ان اغيث المعيي بكلمة (يوقظ) كل صباح يوقظ لي اذنا لاسمع كالمتعلمين
3- حديث الإبن لأبيه : مت6: 6 و اما انت فمتى صليت فادخل الى (مخدعك) و اغلق بابك و صل الى ابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية
4- الحديث مع الله : مزمور 3:4 فَاعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ قَدْ مَيَّزَ تَقِيَّهُ. الرَّبُّ يَسْمَعُ عِنْدَ مَا أَدْعُوهُ.
هكذا تحدث عن الصلاة آباء الكنيسة الأولى أي من خلفوا رسل المسيح مثل :
- الصلاة هي رفع العقل إلى الله” (القديس يوحنا الدمشقي).
- الصلاة التصاق بالله في جميع لحظات الحياة ومواقفها فتصبح الحياة صلاة واحدة بلا انقطاع ولا اضطراب” (القديس باسيليوس الكبير).
- الصلاة هي الأقوال المقدسة الصادرة من القلب.. وهي سجود أمام الله.. هي مزامير تهليل وتمجيد.. هي الإرادة في الحياة مع الله.. (مار اسحق السرياني)
(الأب متى المسكين، حياة الصلاة الأرثوذكسية، الطبعة الثانية، مصر1968)
وبحسب تعبير الأب متى المسكين فإن الصلاة هي : نداء الله الداخلي المستمر في داخل كيان الإنسان حتى يبلغ الإنسان غاية قصد الله من خلقته وهو الإتحاد به, أما بحسب الظاهر فهي إستجابة حرة للإرادة الصالحة حينما تفيق حين لآخر وتلبي الدعوة الإلهية للمثول أمام الله والحديث معه. ( الاب متى المسكين- حياة الصلاة الأرثوزكسية . الطبعة الثانية .ص 25)
لذلك فلن تدرك معنى الصلاة بعد الرجوع الى الله والارتباط به عندما يدرك الإنسان نفسه ويدرك مع من يتحدث وكيف يسمع صوت الله. وحتى يتولد بداخلك جوع للصلاة والتواصل لابد أن تفهم نتائج ارتباطك الوثيق بالله كما يللي :
1- أنت إبن لله لسببين هامين:(راجع يوحنا 12:1، رومية 16:8و21 يوحنا الاولى 2:3، 10 يوحنا الاولى 2:5)
أ. أنت مخلوق على صورته. فهو خلقك على نفس الصورة التي يحبها ويظهر بها ذاته للعالم كله. لكن لسبب المعصية فقد تشوهت هذه الصورة فينا.
ب.أنت مخلوق خليقة جديدة بسبب قبولك لفداء المسيح لك مخلصاً وسيادته علي حياتك رباً. فبسبب فداء المسيح صار ممكناً للإنسان أن يصير مرة أخرى صورة الله لأنه يحمل في داخله صورة الله الحقيقة وهو المسيح (كورنثوس الثانية 17:5)
2- الله هو أبيك :
عندما تدرك بأن الله أبيك سيمكنك بسهولة أن تتحدث إليه وتسمعه. فكم مرة كانت لديك رغبة في أن يسمعك شخص قادر على توجيهك وإرشادك وإستجابة مطالبك؟ كم مرة كنت ترغب في أب حقيقي يحتضنك ويربت على كتفك وتشعر معه بالأمان؟
عندما تدرك أبوة الله فإنك حتماً ستجوع إلى التواصل معه. تحكي معه وتشكو له وتشكره ….إلخ. وستعرف كيف تتكلم معه وتسمعه .
هل إتخدت قرارك بالايمان بالمسيح فاديا ومخلصا؟
هل تقبله ملكا على قلبك وحياتك؟
هل ترغب ان تحبه من كل قلبك ونفسك وفكرك وقدرتك (ارادتك)؟
هل عرفت بأن الله لا يرغب في عبيد بل أبناء؟
الله يحبك كإبنه وليس كعبده.
لا يرغب في أن تصير عبداً طوال حياتك بل يرغب في بنوتك له.
هل تصدق انك انت موضوع مسرته؟
وهو يريد أن يستمتع معك وأنت معه.
كله آذان صاغية لك فهل فمك مفتوح له؟
وهل أذنك مفتوحة لكلماته؟
انه يحبك وينتظرك
هل تقبل اليه؟
نور لجميع الأمم