دروس في النمو “النضج” الروحي – الدرس الأول

النـمو “النضج” الروحي الدرس الأول

 

” فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ ” (متى48:5).
يختتم الرسول بطرس رسالته الثانية بتوجيه هام، وضروري لكل من فتح قلبه للرب يسوع وملـّكه على حياته.. فها هو يوصيهم قائلاً: ” وَلكِنِ انْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ” (٢بطرس ٣: ١٨)، أما رسول الأمم “بولس” ففي أكثر من مناسبة يُعبر عن رغبته في النمو أكثر وأكثر فيقول: ” لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ” (فيلبي ٣: ١٠). ويصلي قائلاً: ” وَهذَا أُصَلِّيهِ: أَنْ تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُمْ أَيْضًا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ فِي الْمَعْرِفَةِ (معرفة الرب الاختبارية) وَفِي كُلِّ فَهْمٍ، (روحي)”،”  لِتَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلرَّبِّ، فِي كُلِّ رِضىً، مُثْمِرِينَ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ، وَنَامِينَ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ ” (فيلبي ١: ٩، كولوسي ١: ١٠).
إذن النمو الروحي أمر يحتاج بل ويسعى إليه جاهدًا كل من اختبر الولادة الثانية وتمتع بالخليقة الجديدة، فنحن كأطفال “مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ ” (١بطرس ١: ٢٣)، علينا أن لا نبقى في مرحلة الطفولة الروحية إلى أزمنة طويلة، بل نكون باذلين كل اجتهاد لكي ننمو فنبطل ما للطفل (١كورنثوس ١٣: ١١، ١٢)، وكما أن النمو الجسدي والنفسي يمُر بمراحل متعددة هكذا إنساننا الروحي أيضـًا، فمن الطفولة إلى مرحلة الأولاد ثم الآباء (١يوحنا ٢: ١٢، ١٣)، وحين نجتاز مرحلة الطفولة لن نكون “مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ … نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ” (أفسس ٤: ١٤ ـ ١٥). وكما أن النمو النفسي يعني الاستقرار الداخلي من ناحية العاطفة، هكذا أيضاً فالنمو الروحي يشير للثبات بل والثمر.
ما هي مجالات النمو؟؟
١. في فهم مشيئة الله، ويأتي عن طريق الصلاة والطلبة والامتلاء بالروح القدس وعلاقتنا العميقة مع كلمة الله.
٢. في الفكر: ” فَلْيَفْتَكِرْ هذَا جَمِيعُ الْكَامِلِينَ مِنَّا ” (فيلبي ٣: ١٥)، “وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ” (1كورنثوس16:2)
٣. في الكلام: ” إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا”  (يعقوب ٣: ٢)
٤. الإيمان والمحبة: “وَالرَّبُّ يُنْمِيكُمْ وَيَزِيدُكُمْ فِي الْمَحَبَّةِ بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ…” (١تسالونيكي ٣: ١٢).
ما هو الهدف من النمو أو النضج الروحي؟
أ. نكون صورة المسيح
” وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ” (٢كورنثوس ٣: ١٨). “لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ” (رومية ٨: ٢٩).
ب. لنكون شهوداً أمناء له:
” اَلصِّدِّيقُ كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو، كَالأَرْزِ … لِيُخْبِرُوا بِأَنَّ الرَّبَّ مُسْتَقِيمٌ” (مزمور ٩٢: ١٢، 15)  الأرز يمد أصوله بعمق واتساع في لبنان ينمو
ج. للتأثير في المحيطين بنا
“يُزْهِرُ كَالسَّوْسَنِ، (السوسن نبات ينمو سريعا) وَيَضْرِبُ أُصُولَهُ كَلُبْنَانَ .. تَمْتَدُّ خَرَاعِيبُهُ يَعُودُ السَّاكِنُونَ فِي ظِلِّهِ يُحْيُونَ (هوشع 14: ٥، 6، 7).
د. الاستمرارية وثبات الانتصار في الحرب الروحية
فَتَخْرُجُونَ وَتَنْشَأُونَ (تنمو) وَتَدُوسُونَ الأَشْرَارَ لأَنَّهُمْ يَكُونُونَ رَمَادًا  (ملاخي 4: 2، 3).
هـ. لبنيان الجسد (الكنيسة)
“كُلُّ الْجَسَدِ مُرَكَّبًا مَعًا،  … يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ” (أفسس ٤: 16).
إذا كان النمو على هذا النحو من الأهمية… نتساءل إذن كيف ننمو؟؟
١. الصلاة. أي الشركة مع الرب” وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ” (١يوحنا ١: ٣)،”اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. ” (يوحنا ١٥: ٤).
٢. الاتكال على النعمة الغنية”فَتَقَوَّ أَنْتَ يَا ابْنِي بِالنِّعْمَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (٢تيموثاوس ٢: ١، ٢كورنثوس ٩: ٨).
٣. الكلمة “وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ” (أعمال ٢٠: ٣٢)،”كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، لأَنَّكُمْ أَقْوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَقَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ” (١يوحنا ٢: ١٤).”أَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ” (عبرانيين ٥: ١٤).
٤. الشركة مع المؤمنين”الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ مُرَكَّبًا مَعًا، وَمُقْتَرِنًا بِمُؤَازَرَةِ كُلِّ مَفْصِل، حَسَبَ عَمَل، عَلَى قِيَاسِ كُلِّ جُزْءٍ، يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ” (أفسس ٤: 1٦). كل مؤمن يحتاج شركة أخوية مع بقية افراد عائلته المسيحية.
٥. التجارب المتنوعة:” اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ،… لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ. ” (يعقوب ١: 2، ٤).
ما هي التحديات أو الإعاقات في طريق النمو الروحي
١. الاكتفاء: الشعور أنني لا أحتاج إلى التقدم للأمام مثل ملاك كنيسة اللاودكيين.
” لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ ” (رؤيا ٣: ١٧).
٢. الأفكار القديمة البالية
” وَأَمَّا الْخُرَافَاتُ الدَّنِسَةُ الْعَجَائِزِيَّةُ فَارْفُضْهَا ” (١تيموثاوس ٤: ٧).
٣. الرخاوة أو الحياة غير الجادة
” كُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ(متسابق) يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ”(١كورنثوس ٩: ٢٥ ـ ٢٧).
ما هي سمات الشخص الذي يسلك في طريق النمو؟
المؤمن الثابت في المسيح يركض في طريق النمو
١. يحب الرب ويحفظ وصاياه (يوحنا ١٥: ٩، ١٠، متى ٢٢: ٣٧ ـ ٣٩).
٢. يحب الأخوة (عبرانيين ١٠: ٢٤ ـ ٢٥)،
٣. مثمر وفعال في ملكوت الرب (يوحنا ١٤: ١٥، ١٥: ٥).
٤. قدوة للمؤمنين (١تيموثاوس ٤: ١٢ ـ ١٦).
أخيراً
  • النمو الروحي: اتجاه قلبي مستمر طول الرحلة، ليس حدثـًا فورياً أو موقـفـًا واحداً.
  • النمو الروحي يحتاج مثابرة دون يأس
  • النمو الروحي يتطلب تجاوب مع الله، فها بولس يقول: “لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلاً، وَلكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي أَيْضًا الْمَسِيحُ يَسُوعُ” (فيلبي ٣: ١٢).
  • النمو الروحي ليس شيء يعمله الله لنا بدوننا، “الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا” (رومية ٨: ٢٦)، و” لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ” (فيلبي ٢: ١٣). “لكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِي”. (١كورنثوس ٣: 6)
موضوعات للصلاة:
  1. ١تيموثاوس ٤: ١٥
  2. ١كورنثوس ٣: ٧
للدراسة الشخصية
ـ تابع النمو الروحي في شخصيات بطرس، وتيموثاوس ومرقس
ـ في الشواهد التالية حديث عن النضج أو النمو الكامل ما هو؟ (١ يوحنا ٤: ١٨، يوحنا ١٧: ١٣، ١كورنثوس ١٤: ٢٠).
“يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ” (مزمور ٨٤: 7)  لتكن هذه صلاتك باستمرار.
خدمة أنهار الحياة
انتقل مباشرة إلى: