الشهادة للآخرين
أخي وأختي في المسيح
قال السيد المسيح لتلاميذه “أو أية إمراة لها عشرة دراهم، إن أضاعت درهماً واحداً، ألا توقد سراجاً وتكنس البيت وتفتش بإجتهاد حتى تجده. وإذا وجدته تدعو الصديقات والجارات قائلة: إفرحن معي لأني وجدت الدرهم الذي أضعته. هكذا أقول لكم يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب” (لوقا ١٥: ٨-١٠). وهذا المثل يتكلم عنّا نحن الذين كنا نبحث عن الحق فوجدنا ما هو أكثر وأثمن من أي درهم. والمغزى من المثل لهذا الدرس هو أهمية أن نشارك حكاية بحثنا وما وجدناه مع الآخرين ولا نبقي هذه الحقيقة مخفية فقط. عندما شفى المسيح الذي كان به شياطين وأخرجها منه، طلب الرجل من يسوع أن يكون معه ولكن يسوع قال له “ارجع إلى بيتك وحدث بكم صنع الله بك” (لوقا ٨: ٣٩). فمن هذه وغيرها من الأمثال وكلام المسيح مع التلاميذ والذين شفاهم نتعلم حقيقة هامة لكل مؤمن وهي ضرورة مشاركة عمل الرب مع الآخرين لكي يتضاعف مفعول ونتائج عمل الله فتلمس حياتهم أيضاً. طبعا ً فعل ذلك يتطلب حكمة وشجاعة وقد يتطلب أيضا ً التضحية، فلا ننسى ان نحسب حساب النفقة.
كيف أشهد للآخرين
١- بطريقة حياتك: يخبرنا الكتاب أننا قد أصبحنا في المسيح خليقة جديدة “إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديداً” (رسالة كورنثوس الثانية ٥: ١٧). ويطلب منا الكتاب المقدس ” فأطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله، عبادتكم العقلية، ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم، لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة” (رسالة رومية ١٢: ١- ٢). ويتم ذلك عندما ندع كلمة الله تتمم عملها في حياتنا “لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى، وأنتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية بنعمة مترنمين في قلوبكم للرب. وكل ما عملتم بقول أو فعل، فاعملوا الكل بإسم الرب يسوع، شاكرين الله والآب به” (رسالة كولوسي ٣: ١٦- ١٧)، ونثبت في المسيح ” وبينما هو يتكلم بهذا آمن به كثيرون. فقال يسوع لليهود الذين آمنوا به: إنكم إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي وتعرفون الحق والحق يحرركم” (يوحنا ٨: ٣٠- ٣٢). وقد ذكّر بولس تيموثاوس بأهمية أن لا يستهن به أحد بل يكون قدوة في الكلام والتصرف والمحبة والإيمان والطهارة (أنظر رسالة تيموثاوس الأولى ٤: ١٢). وشدد الرب يسوع قائلاً ” أنتم ملح الأرض ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح؟ لا يصلح بعد لشيء إلا لأن يطرح خارجاً ويداس من الناس. أنتم نور العالم، لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل ولا يوقدون سراجاً ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات” (متى ٥: ١٣- ١٦).
٢- بمشاركتك شهادتك: أنت رسالة حية لعمل الله الحي. ومن قول الرب يسوع لمعاصريه أن يخبروا الأخرين عن عمل الله في حياتهم نعلم ما يتوقعه منا وهو أن نخبر الأخرين لأنه “كيف يدعون بمن لم يؤمنوا به؟ وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به؟ وكيف يسمعون بلا كارز…إذاً الإيمان بالخبر، والخبر بكلمة الله” (رسالة رومية ١٠: ١٤ و١٧). وقبل أن يذهب يسوع أعطى تلاميذه مأمورية عظيمة وهي “إذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها” (مرقس ١٦: ١٥). وقد شعر الرسول بولس بثقل هذه المأمورية فنجده يقول “… إذ الضرورة موضوعة عليّ. فويل لي إن كنت لا أُبشِّر” (رسالة كورنثوس الاولى ٩: ١٦).
هناك طرق كثيرة متاحة لنا في عصرنا الحديث لمشاركة الآخرين عن عمل الرب. ففي عصر رسل المسيح نجد أن الرسائل كانت من الطرق التي إستخدمها التلاميذ ليصلوا لأشخاص كانت المسافات تمنعهم من الوصول إليهم. واليوم هناك الكثير من الوسائل للتواصل قد تساعدك على توصيل رسالة الخلاص للآخرين. وقد أخبرنا الكتاب عن طرق كثيرة استخدمها الرب وتلاميذه فنرى فيلبس يقول لنثنائيل “وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع إبن يوسف الذي من الناصرة. فقال له نثنائيل: أمِن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح؟ قال له فيلبس: تعال وانظر” (يوحنا ١: ٤٥-٤٦). وهذه الدعوة البسيطة “تعال وانظر” كانت كل ما احتاج فيلبس أن يقول ولنثنائيل أن يتواجه مع الحق. ونرى نفس البساطة في قول المرأة السامرية التي بعد مقابلتها مع المسيح جاءت إلى قريتها وقالت لهم “هلموا أنظروا إنساناً قال لي كل ما فعلت، ألعل هذا هو المسيح؟فخرجوا من المدينة وأتوا إليه” (يوحنا ٤: ٢٩). اطلب من الرب الحكمة كي يرشدك إلى الطريقة المثلى والأدوات الأفضل لتشارك بها الآخرين عنه وتشهد لهم وتأتي بهم إليه.
وقد ترك لنا الكتاب المقدس هذا الوعد وهذه الصورة الثمينين عن المؤمنين “وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت” (رؤيا يوحنا ١٢: ١١).
نستودعكم بين يدي القدير ونصلي ان يبارككم الرب ويقود خطاكم