أعظم الكتب ..
أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل (يو 10:10)
ما أعظم الكتاب المقدس ..
أليس هو إعلان الله عن نفسه ؟ أليس هو رسالته الشخصية لكل منا ؟
إقرأ معى آخر صفحة من الكتاب المقدس وركز معى فى هذه العبارة التى جاءت بها ” أنا يسوع كوكب الصبح المنير (رؤ 16:22) .. “
وكأن الرب فى نهاية كتابه يوقع بإسمه الغالى .. وكأنه يقول لكل منا :
هذا الكتاب هو كتابى الخاص : إنه يحوى كلماتى الغالية ووعودى العظيمة .. إننى أحبك بلا حدود ولذا فقد قدمته لك مجانا ..
صديقى .. هل أنت فعلا ترى أن الكتاب المقدس هو من أعظم عطايا الله لك ؟
دعنى أساعدك على الاجابة .. دعنى أضع أمامك بعض الأسئلة التى تكشف لك إجاباتها عن حقيقة تقديرك لهذا الكتاب الفريد ..
- هل حرصت اليوم على قراءته .. ؟
- وهل حرصت أن تقرأه فى أحسن أوقات إنتباهك
- وإذا كنت بالفعل قد قرأت فيه .. فهل تم هذا دون أن يتشتت ذهنك ؟
- ثم هل رأيت فى قراءة اليوم رسالة من الله خاصة لك تتعلق بظروف حياتك ؟
- وهل وقت القراءة كان وقتا ممتعا قضيته مع الرب .. وهل وجدت فى كلمة الله بركة خاصة ولذة مميزة ؟؟
صديقى إن أحسست بإحتياج إلى ما يساعدك حتى تتمتع وتنتفع أكثر بقراءة الكتاب ، فهذا الكتيب هو لك ..
والآن إرفع قلبك معى إلى الله وأطلب منه أن يعطيك أن تستفيد من هذه الصفحات القليلة ..
حين تقرأ الكتاب لا تقرأه كأى كتاب آخر .. هذه النقطة هامة جدا جدا .. لأن الكتاب المقدس ليس فقط أعظم من كل الكتب ، بل هو يختلف عنها تماما فهو ليس كلام إنسان بل الله ذاته ، لذا لابد أن تقرأه بطريقة مختلفة تماما ..
- إقرأه وأنت واثق أنك جالس عند قدمى القدير .. ثق أن الله المحب هو بذاته الذى يتحدث معك ، وحين تثق أنك جالس بالفعل فى حضرته فستلمس بنفسك أن قراءتك صارت شيئا مختلفا تماما عن ذى قبل ، وسترى كيف يجعل الرب قلبك حساسا ، يدرك قوة الكلمات ويعرف سلطانها ..
لذا أينما كان المكان الذى تقرأ أو تسمع فيه كلمات كتابه ، ثق أنك فى قدس الأقداس تجلس .. ثق أن المعلم الوديع هو بنفسه الذى يشرح لك الكلمات وينقلها إلى أعماقك ، بل ويحفرها فى قلبك بأحرف من نور ..
هذه الثقة شرط هام للغاية بدونه لن تستفيد شيئا مهما طالت مدة قراءتك للكتاب ..
تعلم إذا أن تبدأ قراءتك بصلاة كالتى كان يرددها ماراسحق السريانى (يارب أعطنى أن أكتشفك هنا .. وإمنحنى أيضا أن أكتشف قوة كلماتك)
تعلم أن ترفع قلبك بصلاة داود النبى ” إكشف عن عينى فأرى عجائب من شريعتك (كتابك)” (مز 18:119)
- إقرأ الكتاب وفى قلبك إيمان بأن كلماته هى كما يقول الرب يسوع “روح وحياة ” (يو 63:6) .. إنها كلمات “ حية وفعالة ” (عب 12:4) فإذا قرأتها بهذا الايمان نفذت إلى أعماقك وألهبت قلبك بحرارة الروح القدس ..
- يقول لنا أوريجينوس ( من القرن الثانى ) : (أتريد أن أظهر لك كيف تشعل نار كلمات الروح القدس قلوب المؤمنين .. إقرأ ما قاله تلميذى عمواس بعد حديث الرب لهما “ألم يكن قلبنا ملتهبا فينا إذا كان (الرب) يكلمنا فى الطريق ” (لو 32:24 ) .. أتريد أن تشتعل بالنار .. أتريد أن يمتلئ داخلك بالجمر المتوهج ، دع كلمات الرب وحديث الروح القدس يلهبك .. إنصت إلى ما يقوله داود “حمى قلبى فى جوفى ، عند لهجى (بالكلمة ) إشتعلت النار ” (مز 3:39) .
- إقرأ الكتاب وأنت واثق أن كلماته تحرر وتشفى .. الرب يسوع يقول لنا ” تعرفون الحق (كلمة الله ) والحق يحرركم ” (يو 32:8) وداود يشهد فى المزمور قائلا : أرسل كلمته فشفاهم ” (مز 20:107) .
وباختصار لتكن جلستك مع الكتاب لقاءا حيا مع إلهك الذى يحبك
لقاء مع إله المواعيد العظمى والثمينة :
حين تقرأ الكتاب ، لا تتردد أن تضع بقلمك خطا أو أكثر تحت الآيات التى يشعرك الله أنها تحمل لك وعودا خاصة منه .. لماذا ؟ لأن هذه المواعيد لابد أن تتحقق معك “لأن الله ليس إنسانا فيكذب أو إبن إنسان فيندم . هل يقول ولا يفعل. أو يتكلم ولا يفى” (عد 16:13) .
ستلمع جدا هذه الوعود أمامك وستحدث فرحا غامرا فى قلبك ..
- فإذا كنت تعانى من تأنيب الضمير بسبب نجاسات الماضى ، فها هى وعوده الذهبية التى تملأ الكتاب تخبرنا بأنه يقبلنا متى أتينا إليه ، وأن دمه يطهرنا من خطايانا مادمنا نعترف بها ونتوب عنها ..
- وإن كنت يائسا بسبب هزيمتك المتكررة من الخطية ، فتش فى الكتاب ، فستجد وعودا تؤكد أن المسيح يحرر ..
- وإذا كنت قلقا كثير التحير ، فإمسك بالآيات التى يعدك الله فيها بالسلام الحقيقى ..
- أما إن كنت تعانى من موجات حزن لا تعرف لها سببا فهناك الآيات الكثيرة التى تؤكد وعد الله لأولاده بالفرح الكامل والمجيد ..
- وإن كنت تتعرض لهزائم متلاحقة من إبليس فآيات الكتاب تعلن أن للمؤمن الحقيقى سلطانا أن يدوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو (لو 19:10)
الكتاب يعلن أن كل هذه الوعود هى لك ، لكن لن تنالها إلا بعد أن تثق بقلبك فى صدقها .. خطوة هامة أن تعرف ، ولكنها خطوة وحدها لا تكفى بل لابد من خطوة أخرى هى أن تثق بقلبك أن إلهك أمين وسيحقق وعوده ..
لكن كيف تقتنى الثقة ؟
الثقة أيضا كالمعرفة تأتى من قراءة الكتاب .. تأمل فى الآيات .. رددها أكثر من مرة ومع الوقت سيمتلئ قلبك بالثقة فى صدقها .. الرسول بولس يوضح لك الآمر قائلا : “الايمان (يأتى) بالخبر والخبر (هو) بكلمة الله ” (رو 17:10) .
و “كلمة” فى هذا النص هى باليونانى “Rhema” وهى التى تطلق على كلمة خاصة (a specific word) موجهة إلى شخص معين تخصه هو بالذات كما تطلق على كلمة قيلت لتواجه أمرا محددا ..
ففى كل مرة أقرأ كلمات الكتاب المقدس وأنا أصلى ليكن لى هذا التوقع أن الروح القدس سيشير إلى آية أو أكثر مما اقرأه ككلمة خاصة (rhema) موجهة من الله لى أنا بالذات لتناسب تماما احتياجى فى هذا الوقت المحدد ..
لأردد هذه الآيات بفهم .. مع الوقت ستسكن فى قلبى وستنشئ فيه إيمانا .. وهذا الايمان القلبى هو الذى يفتح لى باب الامتلاك والتمتع .
لقاء مع إله راع يطعم خرافه ويغذيهم ..
كلمة الله غذاء ضرورى لكل مؤمن .. بغيره يصاب حتما بالهزال الروحى والنتيجة هزائم متكررة من إبليس ثم عبودية مستمرة لميول الانسان العتيق الشريرة .. إن كلمة الله ” لبن عقلى عديم الغش ” (1بط 2:2) ضرورى جدا للمبتدئين فى حياتهم مع الله ، وهى ايضا “طعام قوى للبالغين ” (عب 12:5 ) ، بدونه يفقدون حرارة حبهم الأول للمسيح .
تأمل معى هذه الآية التى قالها ارمياء النبى ” وجد كلامك فأكلته ” (أر 16:15) لا تقرأ الكتاب قراءة سطحية سريعة كأنه حمل ثقيل تريد أن تتخلص منه حالا .. هذه القراءة لا تعبر عن كلمة ارمياء “أكلته ” .. لا تكذب على نفسك فهذه القراءة لا تفيد شيئا ..
لا تنسى أن السبب الرئيسى للسطحية الروحية التى تتسم بها حياة الكثيرين ، إنهم لا يقضون وقتا كافيا منفردين مع الكتاب .. نعم لن تكون أبدا قويا أمام صعاب الحياة ولن تصبح شاهدا للمسيح مؤثرا فى الناس إذا حرمت نفسك من وقت كاف كل يوم مع الكتاب ..
تعود أن تقرأ كلمات الكتاب أكثر من مرة ، فليس دائما ما يكون إعلان الله الذى فى كلماته مباشرا وظاهرا على السطح .. كم كان صادقا القديس العذب مار أفرام السريانى حين تأمل قائلا : (حقا من هو كفء يا الله لآن يدرك كل الثراء الذى فى كلمة واحدة من كلماتك ) .
الرب يدعوك أن تدخل إلى العمق وأن تفتش فى الكتاب (يو 39:5) .. وان تقارن ما تقرأه بالأجزاء المثيلة لها ” قارنيين الروحيات بالروحيات ” (اكو 13:2)..
إقرأ الكتاب بانتظام كل يوم لكى تستمر قويا .. إنك لا تستطيع أن تتوقف عن الطعام الجسدى يوما واحدا ولا تخور ، هكذا الأمر تماما مع الغذاء الروحى ..
وليكن هذا شعارك : الكتاب كل يوم .. والكتاب فى أفضل وقت من اليوم ..
لقاء مع الاله القدوس الذى ينقى أولاده :
لابد أن تعرف أن إرادة الله قداستنا، وأن هذا ممكن متى إعتمدنا على توجيهاته لنا ، ووثقنا فى عمله فينا .. خطة الله أن نتنقى بالكلمة ..
لذا أترك الكتاب يحكم على أخطائك ويفضح المختبئ منها فى القلب من إلتواءات شريرة خادعة .. آه لو تركت الكلمات تفحصك وتدينك .. آه لو عرفت عمليا كيف أن الكلمة تميز ” أفكار القلب ونياته” (عب 12:4) ستعرف الظلمة التى فيك ومتى عرفتها إعلن فى محضر القدير رفضك لها .. سينقيك منها سريعا .. قصص الكتاب وآياته هى المصباح المتقد الذى يظهر شرورك وكما يقول الأنبا أنطونيوس : ( من يعرف خزيه ، يعرف كيف يطلب النعمة ) .. وياللروعة إن إلهنا هو إله كل نعمة “شمس البر والشفاء فى أجنحتها ” .. إنه يشفينا من كل جروحنا التى نشكفها أمامه ..
لقاء مع إله يمتعك بأعماق أعماق قلبه ..
كيف أعرف أفكار الله ومقاصد قلبه نحوى .. لا شئ آخر غير الكتاب كما يقول ” سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى ” (مز 105:119) .. لكن هذا لا يحدث إلا عندما يكون لى الايمان بأن الروح القدس روح الله الذى وحده “يفحص أعماق الله ” (1كو 10:2) هو الذى يهيمن على القراءة ، وهو الذى يمنح ذهنى إستنارة خاصة .. فى هذا الوقت فقط سألمس فى الكلمات أمورا أعمق بكثير من ظاهرها وأدخل بالفعل إلى قلب الله وأدرك أعماقه ، وكل يوم تزداد معرفتى به ، وبالتالى ينمو حبى له ..
وفى كل مرة أقرأ قصة فى الكتاب أو اطالع تعليما به أو أقابل صلاة من صلوات رجاله سأجد شيئا جديدا رائعا ، سيقودنى الروح لمعرفة أعماق قلب الآب وأسرار ملكوته .. أى أمتياز هذا .. وهذا هو الطريق للفرح الغامر كما يقول ارمياء النبى ” وجد كلامك فأكلته فكان كلامك لى للفرح ولبهجة قلبى .. ” (أر 16:15)
والآن إلى بعض الارشادات العملية :
فى كل مرة تجلس فيها مع الكتاب المقدس حاول أن تجد إجابات لمثل هذه الأسئلة ..
+ هل أمامى آية تلمس قلبى بعمق .. هذه الآية يجب أن أحفظها وأرددها مع نفسى بين الحين والآخر أثناء اليوم ..
+ هل الآيات تشير إلى خطية أو أكثر فى حياتى ، هذا يعنى أن يسوع يدعونى أن أتوب وأعترف بها ..
+ هل فى الأصحاح ما يتحدث عن المسيح ، شخصيته أو طرقه .. شئ عرفنى عنه أكثر .. فلا تأمل فيه فهذا سيقودنى إلى ثبات أكثر فى حبه وشبع دائم به .
+ هل فيما أقرأ شئ عن علاقتى بالرب يسوع .. كلمات عن الصلاة أو الصوم أو التناول .. لأسأل نفسى ماذا يريد الرب أن يعلمنى هنا .. ولأصلى أعطنى يارب قوة أن أخضع لك ..
+ هل أقرأ تحذيرا لا بد أن أتنبه له .. مبدأ يجب أن أطبقه .. وعدا لأفرح به وأثق فيه وأصلى لتحقيقه ..
+ هل هناك صلاة لأصلى بها ..
أيها الحبيب ..
لاتنسى مطلقا كلمات القديس جيروم ( الذى يجهل الكتاب هو بكل تأكيد يجهل المسيح ) ..