لقد قال رب المجد يسوع لتلاميذه، وبحق: “سلاما أترك لكم، سلامي أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب” (يو 14 : 27). وفعلا، فسلام الرب يختلف تماما عن سلام العالم، فهو ينبع من الداخل ويظهر للخارج، بينما سلام الأرض متعلق بالظروف الخارجية، والتي غالبا ما تكون مزعجة وتسبب اضطرابات وقلق ومخاوف، وبالتالي تنعكس على عالمنا.
هذا السلام الذي أعطانا أياه يسوع لهو مميز وعجيب، فهو مناقض لقوانين الطبيعة البشرية وغير متعلق بالظروف الخارجية التي يجتازها المؤمن، كيف لا وداود يهتف بمزاميره قائلا: “أيضا أذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا لأنك أنت معي” (مز 23 : 4)، كما وقال الرب لتلاميذه: “قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيّ سلام. في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم” (يو 16 : 33). كذلك فالسلام هو من ثمر الروح القدس المذكور في رسالة غلاطيه 5 : 22، ولذا فهو يحتاج ألى “شحن” روحي، فكما نهتم في شحن هواتفنا الخلوية يوميا كي نستطيع أن نتواصل مع بعض كذلك نحتاج ألى “شحن روحي” للسلام في حياتنا ببناء علاقة يومية، حميمة ووطيدة مع سيدنا الفادي يسوع، وبذلك نمتلئ من روحه القدوس كل يوم، وعكس ذلك سوف يضعف سلامنا وعندها ستبدأ “البطارية الروحية” تفقد من قوتها شيئا فشيئا، وهذا سوف يزعزع السلام فينا وتبدأ المخاوف والشكوك والقلق بالتسلل لحياتنا.
لنتذكر دائما الآية التي تقول: “لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله، وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع” (في 4 : 6 – 7).
لنقترب الى الله بقوة وعزم شديد، بالذات في أيامنا هذه، حيث نعيش في عالم مليء بالاضطراب والمخاوف ولا يعرف للطمأنينة مكانا، فنحيا بسلام المسيح الحقيقي ونبث السلام في بسمتنا ووجوهنا وحياتنا لكل من حولنا