الخشبة التي تنقذ من الموت! (4)

فكيف للعدل والرحمة أن يلتقيا؟
ولك أن تتخيل اخي المُسلم أذا قتل أحدهم شخصاً وذهب إلى البوليس وسلم السلاح المستخدم فى القتل وأرشدهم عن جثة القتيل وتم القبض عليه وبعدها وقف أمام القاضي قائلاً له:
أننى سأقوم بدفع كل ما أملك صدقة وهبة للمحتاجين.. وسأقوم بأداء كل الفرائض وتكليف العبادات، بل وأصلي الفرض بفرضه، وأقوم بعمل النوافل.. وسوف أسع وأحج بيت الله.. وأصوم كل صيام مفروض علىً.. فأنا نادماً تأباً أتوب الأن أمام الله وأمامك ولن أفعل ذلك فيما بعد ياسيادة القاضي الرحيم..

فهل سيفرج عنه القاضى؟
طبعاً لا.. وهذا مافعله محمد مع الزاني المدعو {الإسلمي}.. كما ذكر فى (صحيح البخاري- كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة – 13 – باب: هل يقول الإمام للمقرِّ: لعلك لمست أو غمزت – الحديث رقم 6438).. عندما أعترف بزناه وتاب إلا أن محمد رجمه بعد أن تاب..!
هذا عكس مافعل الرب مع التى أمسكت فى ذات الفعل فقد قال لها ولا أنا أيضاً أدينك، أذهبى بسلام .. لقد غفر الرب خطاياها لآنه بعدها صلب من أجلها رافعاً كل خطاياها وكل خطايا البشر على عود الصليب.. وفيه يقول المرنم “الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا.” (مزمور 85: 10).
ويقول القديس بولس الرسول”وَيُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ {أى بالصليب}.” (رسالة أفسس 2 : 16).

ولكن من هو الفادي الذي يصلح ليقوم بفداء الإنسان والمُكفر الذى يكفر عن الانسان سيئاته أمام عدل الله؟
1- هل هو ذبيحة حيوانية تكفر عن الإنسان؟
إذا كانت الكفارة تعني الستر والغطاء، فلا يصلح أن تكون الذبيحة أقل في قيمتها من قيمة الإنسان ليمكنها أن تكفِّر عنه، أي تغطيه وتستره. وعليه فلا تنفع ذبيحة حيوانية ” ٤ لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا.” (رسالة العبرانيين 10: 4).

2- هل يصح أن يكون الفادي إنسان عادي؟
يجب أن يكون الفادي خالياً من الخطية. فلو كان خاطئاً، لاحتاج هو نفسه لمن يكفِّر عنه وما صَلُح لكي يفدي غيره. ولهذا ففي العهد القديم، عهد الرموز، كان يلزم أن تكون الذبيحة بلا عيب.. وعليه فإن الإنسان العادي، نظراً لأنه مليء بالعيوب، لا يصلح لكي يكفِّر عن البشر.

3- هل ينفع أن يكون الفادي إنساناً باراً مثل أخنوخ أو نوح أوأيوب؟
مع أن كل البشر خطاة، وليس بار ولا واحد” ١٠ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ.” (رسالة رومية 3: 10). لكن هب أننا وجدنا شخصاً بلا خطية، فهل يصلح ليفدي؟ الواقع إنه نظراً لأن هذا الفادي مطلوب منه أن يفدي لا إنساناً واحداً بل كثيرين، فإنه حتى لو وجدنا الشخص البار، فإنه لن يصلح أن يقوم بفداء الكثيرين بل يفدى نفسه فقط وكما يقول الكتاب فى (سفر حزقيال 14 : 13 – 14) ” ١٣ «يَا ابْنَ آدَمَ، إِنْ أَخْطَأَتْ إِلَيَّ أَرْضٌ وَخَانَتْ خِيَانَةً، فَمَدَدْتُ يَدِي عَلَيْهَا وَكَسَرْتُ لَهَا قِوَامَ الْخُبْزِ، وَأَرْسَلْتُ عَلَيْهَا الْجُوعَ، وَقَطَعْتُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ، ١٤ وَكَانَ فِيهَا هؤُلاَءِ الرِّجَالُ الثَّلاَثَةُ: نُوحٌ وَدَانِيآلُ وَأَيُّوبُ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يُخَلِّصُونَ أَنْفُسَهُمْ بِبِرِّهِمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.”، أى أن كل انسان بار يستطيع أن يخلص نفسه فقط لذلك يجب أن يكون الفادي بار غير محدود قيمته أكبر من جميع البشر معاً. وعليه فلا ينفع أن يكون إنساناً على الإطلاق.

4- هل ينفع أن يكون ملاكاً أو مخلوقاً سماوياً عظيماً؟
لنتخلص من المشكلة السابقة، هب أننا وجدنا مخلوقاً سماوياً عظيماً، قيمته أكبر بكثير من قيمة الناس، فهل يصلح هذا المخلوق أن يفدي البشر؟ الواقع إن الفادي لو كان مخلوقاً لا تكون نفسه ملكه هو بل ملك الله خالقها، لأن الجبلة ملك جابلها وبالتالي فلا يحق له أن يقدِّم نفسه لله، إذ أنها هي أساساً ملك الله. وعليه فإن الملائكة ورؤساء الملائكة لا يصلحون أن يفدوا البشر، لأنهم مخلوقون من الله.. لذلك نقول على المسيح أنه مولود غير مخلوق.

5- إذاً من هو الفادي؟
إن هذا الشخص – بالإضافة إلى كل ما سبق- ينبغي ويتحتم أن يكون إنساناً لكي يمكنه أن يُمثِّل الإنسان أمام الله، يملك روحه ويقدر أن يقيم نفسه بعد موته وكما يقول كاتب العبرانيين ” ٥ لِذلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ:«ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ، وَلكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا.”(رسالة العبرانيين 10: 5).. وبهذا وحده يمكن أن يكون نائباً عنه، وأن يمثله أمام الله.

سابعاً هل يمكن أن يضلل الله عباده طيلة ستة قرون ويخدعهم؟
هل من المعقول أن يخدع الله العباد ويوقع الشبه على شخص آخر ويجعل القاتل قتيل والقتيل قاتلاً.. ؟! كما يقول كاتب القرآن فى (سورة أل عمران 3: 54 – 55) “وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)”.. وإذا كان المُسلم يؤمن بأن إلهه خداع فهذه مشكلته وكما يقول كاتب القرآن فى (سورة النساء 4 : 142)” ِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ..”.. فلا يليق بالله أن ننسب له أعمال الظلمة التى تشين الانسان..
فهل يمكن أن يخدع الله البشر بأن يوقع الشبه على آخر ليظنوا ويعتقدوا أن المسيح صلب ودفن وقام لمدة 530 سنة قبل الإسلام ثم يأتى محمد ليقول أنه شبه به, هذا الكلام لا يليق بإله يترك أتباعه يؤمنون بشئ ثم يخبرهم بشئ آخر بعد 530 عاماً أو لعله نسى إخبارهم, إن هذا الكلام لا يؤمن به إلا ضعاف العقول.. وحاشا لله أن يفعل ما لا يليق بالتنزيه..
وفى ” وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ..” (سورة النساء 4 : 157) نلاحظ الأتي:
(أ) إستحالة تفسير النص “ولكن شبه لهم” بأن شَبَه المسيح وقع علي آخر أو آخرين للأسباب الآتية:
1 – غياب النص القرآني الصريح عن وقوع التشبيه علي شخص آخر.
2 – إنتفاء وعدم وجود شهود عيان لهذا التشبيه.. لا من أتباع المسيح و لا من أعدائه.
3 – إن رفع المسيح إلي السماء في حد ذاته ينفي الحاجة لأن يصلب شخص آخر مكانه وخاصة إن التفسير لا يقدم جواباً شافياً عن كون هذا الشخص مِقدَاما مُضحياً من أجل المسيح أم جباناً مُجرماً يأخذ عقاباً عادلاً.. وهذا ركن مهم جداً في نفي التشبيه.

(ب) إستحالة أن يكون رفع المسيح قد حدث قبل وفاته و بعثه حيا للأسباب الآتية:
1 – النصوص القرآنية التي تتكلم عن رفع المسيح تتكلم عن إن وفاته تسبق رفعه, مثل “متوفيك ورافعك” و “فلما توفيتني”.
2 – لا يوجد أي شاهد عيان سواء من أتباع المسيح أو من أعدائه شاهده وهو يُرفَع حيا قبل صلبه.
3 – تعارض قضيتي التشبيه والرفع يلزم بطلان كليهما أو إحديهما, فلوكان المسيح قد شُبّه فلماذا يُرفع وإذا كان قد رُفع فلماذا يُشبّه؟.. وحيث أن النص يقول برفعه فالتشبيه يكون تخيلاً وقع علي عقول اليهود لأن وفاة المسيح كانت بيد الله وليس بفعلهم, وببطلان تفسير التشبيه {إلقاء شبهِهِ علي آخر} فيكون رفعه قد تم بعد وفاته فعلاً بيد الله و بعثه حياً حسب وعد الله وحسب النص القرآني أيضاً.

ثامناً القرآن ينكر صلب المسيح وقتله بأيدي اليهود، مع أن اليهود يعترفون بذلك والمسيحيين يؤكدونه ويفتخرون به!
الإنجيل كله هو خبر صلب المسيح والبشارة به كفادٍ وذبح عظيماً للبشر.. بل وهناك العشرات من النصوص في القرآن التي تفيد أن القرآن جاء مصادقاً لما مع اليهود والمسيحيين من التوراة والإنجيل.. ويذكر القرآن في مواضع أخرى موت المسيح وقيامته وارتفاعه إلى السماء كقوله فى (سورة آل عمران 3: 55)” إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)”.. أنظر (سورة المائدة 5: 117).. (سورة مريم 19: 33).

تاسعاً أليس غريباً أن يجيء من ينكر صلب المسيح بعد حدوثه بستمائة سنة؟
إن حادثة الصلب حقيقة تاريخيّة سجّلها ودونها الرّومان واليونان واليهود والمسيحيين فى سجلاتهم.. كما أنه لم تترك ألأناجيل أى مجال للتفسيرات أو التأويلات المختلفة وذكرت وقت موت المسيح ومكانة وظروفة وواضح تماماً أنه صلب وقبر وقام من الأموات وعندما ذكرت هذه الكتب أنه تم صلبة خارج أسوار أورشليم فى عهد بيلاطس البنطى توافقت وتطابقت أقوالها مع الحقائق التاريخية الثابتة والأثار والمخطوطات.. فعلى المُدعى الذى لم يكن موجوداً فى تاريخ الصلب ولا من نفس البلد أن يأتي بالبينة التى تدحض كل الأدلة التاريخية والأثار والمخطوطات وشهادات الشهود من تابعي المسيح وأعدائه وأعتراف صالبيه بصلبه.. إلخ، والحقيقة أن أنكار صليب المسيح فى القرآن من أقوى الأدلة التى تثبت بشرية القرآن وأن كاتبه شاهد زور لأنه شاهد غير أمين.

عاشراً قانون الإيمان المسيحي:
في مجمع نيقية الذي انعقد سنة 325م أقر أساقفة العالم المسيحي قانون الإيمان مقرراً صلب المسيح لأجل خلاصنا، وهو القانون الذي تم كتابته من نصوص الإنجيل مثل (رسالة كورنثوس الأولى أصحاح 15 : 1- 9)” ١ وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلْتُمُوهُ، وَتَقُومُونَ فِيهِ، ٢ وَبِهِ أَيْضًا تَخْلُصُونَ، إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلاَمٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلاَّ إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثًا! ٣ فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ، ٤ وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ، ٥ وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ. ٦ وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاق إِلَى الآنَ. وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. ٧ وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. ٨ وَآخِرَ الْكُلِّ ­ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ­ ظَهَرَ لِي أَنَا. ٩ لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ، أَنَا الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً، لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ.”.. وهذا القانون يتلوه كل مسيحي في كل كنيسة في كل مكان وزمان! وآثار المسيحيين في القرون العشرين الفائتة في كل أنحاء العالم تحمل شارات الصليب.. فكيف ينكر أحدٌ تاريخيّة الصليب؟

وآخيراً أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ:
أقول الصليب هو الحل الإلهي لأنقاذ أى انسان من طوفان غضب الله والحل لعطشك الروحي وعبورك لمجد الله وأنقاذك من الموت الأبدي.. والأهم أنه يجعلك وارثاً لله فى جناته.. وهذا ما قاله كاتب القرآن عن المؤمنين فى (سورة المؤمنون 23 : 10 – 11):
” أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)”،

وأيضاً قال فى (سورة القصص 28 : 5):
” وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ “،
مما جعل المؤمنين يقولون فى (سورة القصص 28 : 58):
“.. وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ”،

و كافئهم قائلاً فى (سورة الأعراف 7 : 43):
“.. وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ”،
وقال عن الجنة فى (سورة مريم 19 : 63):
” تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا”،
ودعى إبراهيم لله قائلاً فى ( سورة الشعراء 26 : 85):
“وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ”،
وفى (سورة الزخرف 43 : 72 – 73):
“وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)”.
أكد القرآن أن زكريا أبو النبي يحيى (يوحنا المعمدان) وقف متضرعاً طالباً من الله قائلاً فى (سورة مريم 19 : 5 – 7):
“فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا(7)”.. أى يرثه من بعد موته.
وأيضاً يقول القرآن (سورة النمل 27 : 16):
” وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ..”.. وذلك من بعد موته..

وبحسب (فقه) قانون المواريث وحتى يتحول
الأب لموَرِث،
وكل أملاك الأب لإِرثْ،
والابن لـــوًارث،
يلزم بيان موت الموصي ليتحول لمُوَرث (الأب) والابن يكون وارثاً يرث أبيه (البنوية هى العلاقة القانونية مع الأب) ويرث الابن كل أملاك الموَرث أى تتحول إلى إرث خص بالوارث.

وكما يقول الكتاب المقدس فى (رسالة العبرانيين 9 : 16 – 17):
“لأَنَّهُ حَيْثُ تُوجَدُ وَصِيَّةٌ، {أى وثيقة الأرث} يَلْزَمُ بَيَانُ مَوْتِ الْمُوصِي. (أى شهادة وفاته)، لأَنَّ الْوَصِيَّةَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمَوْتى، إِذْ لاَ قُوَّةَ لَهَا الْبَتَّةَ مَا دَامَ الْمُوصِي حَيًّا”.

قد يقول أحد ولكن الله وارث فى القرآن أيضاً واسمه الوارث:
كما ورد فى (سورة الحجر 15 : 23):
“وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ”…
بل ونجد أن كلمة الوارث أسم من اسماء الله الحسنى .
وهنا نسأل:
كيف يكون الله وارث؟
ووارث لمن؟
وما هو نوع هذا الأرث الذي سيرثه؟
وقد يقول البعض أن الله هو من له ما فى السماوات ووما على الأرض، رب كل شيء ووارثه ، وهو الباقي بعد فناء خلقه الذى لا يشاركه فى ملكه أحد وإليه يرجع كل شيء وكما يقول بالقرآن فى (سورة مريم 19 : 40) :
” إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ” .
وكما قال زكريا لله فى (سورة الأنبياء 21 : 89):
“وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ”.

ونسألك أخي المُسلم:
أذا سرق أحد اللصوص أمتعتك، وبينما أنت تطارده لتسترد حقك حدث له حادث أذ جاءت سيارة مسرعة وصدمته فمات وأخذت ما سرقه منك بعد موته..
فهل أنت وارث لهذا اللص أم مُسترد لما سلبه وسرقه منك؟
فكان بنبغي على الله أى يسمي نفسه بالمسترد للارض وما عليها وليس الوارث وشتان بين المُسترد والوارث.
أذاً كيف سنرث الجنة بحسب فقه المواريث؟
لكى تُرث الجنة عليك أن تكون ابن للمَورث (أى صاحب الجنة) وبعدها يلزم بيان موت المَورث (أى أعلام الوراثة).
قد شهد القرآن بأن الذين أتوا الكتاب من قبله يقولون أنهم أبناء الله وأحباءه فى (سورة المائدة 5 : 18): ” وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ.. “، فأصطدم محمد معهم لأنه لم يرى فيهم سمات الابن كحامل الطبيعة الإلهية بالرغم من أهميتها للأرث، فالبنوية هى العلاقة القانونية وتعصيب الوارث للمورث بل وأظهر رد محمد على اليهود والنصارى على عدم فهمه لمعانى البنوية والتبني.
ومن هنا أوجه سؤالي لأخي المُسلم ..
كيف سترث الجنة؟
ألم تسال نفسك هذا السؤال المهم..
ولكى ترث عليك أن:
1 – تكون لك علاقة قانونية مع المُورث تؤهلك لأن ترث أى ذو صفة قانونية للمورث صاحب الجنة..
2 – يلزم بيان موت المُوَرث أى صاحب الجنة.

ملحوظة هامة:
لن يدخل أحد الجنة بأعماله ولكن بِرَحْمَةٍ مِنْ الله:
قال محمد فى صحيح مُسلم – كتاب صفة القيامة والجنة والنار – بَاب لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ بَلْ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى:
“لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ قَالَ رَجُلٌ وَلَا إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَلَا إِيَّايَ إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ “..
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=8151&idto=8159&bk_no=53&ID=1312#docu

ولكن كيف يموت صاحب الجنة التى سأرثها ؟
عزيزي لقد كان الصليب هو شهادة وفاة صاحب الجنة وأعلام الوراثة القانوني الذي يؤهلك لتكون وارث لها،
ولآن الله هو “الحي القيوم” أى الحى الذى لا يموت وأن مات بعد تجسده يقوم بقوة نفسه،
الحى يعبر عن إلوهيته جل جلاله الذى لا مثل له ولا مثل أعماله لأنه هو عظيم وصانع العجائب..
والقيوم تعبير عن ظهور الله فى الجسد {مع إستبقاء طبيعته الإلهية الربانية دون أى تغير} ليكفر عنا سيئاتنا أمام عدل الله ويُدخل الإنسان للجنة بموت الظاهر فى الجسد على الصليب،
كما قال كاتب القرآن فى (سورة التحريم 66 : 8):
” يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ..”،
أى أن الله يدفع ويكفر لله عن سيئاتكم!!
ولكى يكون لك هذه العلاقة القانونية للمُورث وتكون وارث عليك أن تقبل وتصدق هذا العمل العظيم كما صدق النبي موسي وبني إسرائيل أن العصا هى الأداة الإلهية لعبورهم البحر وأنقاذهم من الموت فى البر ومصدراً لينابيع الماء ودخول الفراديس.. فعليك أن تصدق وتقبل لتتحول إلى ابن ووارث لتسكن مع الله إلى أبد الأبدين، وكما قال الكتاب المقدس فى (يوحنا 1 : 12 – 13):
” ١٢ وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ {أى قبلوا عمل المسيح} فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. ١٣ اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ.”.
وفى (رسالة رومية 8 : 15 – 17):
” ١٥ إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ {لأن العبد لا يرث} أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ:«يَا أَبَا الآبُ». ١٦ اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. ١٧فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ”.

عزيزي
أن أردت أن تقبل التحول من حياة العبودية لحياة البنوية، أرفع يدك وأدعو الله من كل قلبك قائلاً:
بابا، أقبلك الأن اباً لي الأن..
بابا أعطيك قلبي ومحبتي..
أقبل الصليب أداتك للخلاص
وأفتخر به لأنه إعلام الوراثة الذى يجعلني وارثاً لكل شيء فى اسم يسوع المسيح طلبت، أمين.

الأخ مجدي تاد
كنيسة كلمة المصالحة