قرأت قصة طريفة عن مؤمن حقيقي يمتلك صالون حلاقة ووضع فى قلبه أن يتحدث عن المسيح وخلاصه وعن الأبدية مع أي شخص يأتي إلى الصالون ليحلق شعره وجهز الكتب والنبذ ووضعها على كرسي بجوار كرسي الحلاقة ولكنه كان يتردد ولا يعرف كيف يبدأ الحديث وهكذا قارب اليوم أن ينتهي دون أن يتحدث مع أحد، وأخيراً قرر أن يتحدث مع أول رجل سيدخل الصالون الآن لأنها كانت آخر فرصة وسيغلق الصالون بعدها ـ فدخل رجل طلب من صاحب الصالون أن يحلق له شعره ولحيته وبعدما وضع المؤمن الصابون على لحية الرجل وكان قص نصف شعر رأسه، أخذ المؤمن يحد الموس الكبير فى جلده كانت فى الصالون وقال للرجل بصوت عالي مرتعش: هل أنت مستعد للموت ؟.. فظن الرجل أن صاحب الصالون سيقتله فهرب دون أن يكمل قص شعره .. بالطبع هذه القصة الطريفة تظهر لنا أن هذا المؤمن لم يبدأ الحديث بطريقة مناسبة وتؤكد أهمية بداية الحديث. ولأننا نعلم أنه لا يوجد شخصان متشابهان تماماً فى كل شئ لذا على رابح النفوس أن يدرس فى ضوء كلمة الله وبالصلاة أفضل الطرق التي تجعل النفوس تقبل المسيح وكما قال الرسول بولس: “ليس أننا كفاة من أنفسنا أن نفتكر شيئا كأنه من أنفسنا بل كفايتنا من الله الذي جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهدٍ جديدٍ. لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل ولكن الروح يحيي” (2كورنثوس 5:3-6) ولكن كيف تبدأ
How to start dialogue as a individual work -1 – كيفية بداية الحديث في العمل الفردي
1- أن تجد الشخص الذي تتحدث إليه:
ويمكن أن تلتقي به بعد الاجتماعات الروحية “.. ثم حضر أيضاً إلى الهيكل ..” (يوحنا 8) أو فى البيوت “كيف لم أؤخر شيئا من الفوائد إلا وأخبرتكم وعلمتكم به جهراً وفي كل بيت” (أعمال 20:20) ، “ارجع إلى بيتك وحدث بكم صنع الله بك” ( لوقا 39:8 ) أو فى الشوارع والأسواق “كان يكلم في المجمع اليهود المتعبدين والذين يصادفونه في السوق كل يوم” (أعمال 17:17) أو في المواصلات “فقال الروح لفيلبس تقدم ورافق هذه المركبة فأمر أن تقف المركبة فنزلا كلاهما إلى الماء فيلبس والخصي فعمده” (أعمال 8: 29، 38 ) أو فى مكان العمل “وفيما هو مجتاز رأى لاوي بن حلفى جالساً عند مكان الجباية فقال له اتبعني فقام وتبعه” (مرقس 14:2) أو حتى فى السجن ( رسالة فليمون ).
2-إن وجدت الشخص تحدث معه وهناك على الأقل ثلاث طرق للبداية:
أولاً : الطريقة المباشرة
سمع أحد المؤمنين صوت الروح القدس في داخله يدعوه ليكلم شخصاً عن المسيح بالطريقة المباشرة وعندما تقابل معه في الشارع قال له: يا أخ فلان أشعر بدافع قوي أن أسألك ما هو موقفك الشخصي من الرب يسوع؟ فأجابه الرجل: أني أشكرك على هذا السؤال فمنذ 20 عاماً وأنا في انتظار أحد يسألني هذا السؤال وأرغب أن أتقابل شخصياً مع المسيح ولا أعرف كيف وأخجل أن أسأل أحد فهل تأتي معي إلي البيت لتحدثني وأسرتي عن المسيح؟، وذهب معه وربحه وأسرته للرب يسوع وتحقق الوعد لهذا الرجل آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك (أعمال31:16) .
والطريقة المباشرة هي أن أسال الشخص أسئلة مباشرة تتعلق بقبوله المسيح مثل:
1 – هل حصلت على الحياة الأبدية ؟
2 – هل تمتعت بالولادة الجديدة ؟
3 – هل حصلت على السلام الأبدي بعد نهاية الحياة؟
4 – هل سلمت حياتك وكل شئ للمسيح؟
5 – هل تمتعت بفداء المسيح؟
6 – هل لك ثقة أن لك مكان فى السماء ؟
7 – عندما يأتي المسيح ثانية هل ستخطف إليه مع الكنيسة؟ وأوضح صورة لهذه الطريقة المباشرة حديث الرب مع نيقوديموس فى (يوحنا3):
1- لقد تقابل معه: “كان إنسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس رئيس لليهود هذا جاء إلى يسوع ليلاً وقال له يا معلم نعلم انك قد أتيت من الله معلما لان ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معه” (يوحنا3: 1-2).
2- قال له مباشرة: ” إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله” (يوحنا 3:3) .
3- وضح له أن الولادة بالماء الذي يشير إلى كلمة الله: لقد كان نيقوديموس رئيس لليهود وهو يعلم من العهد القديم أن الماء إشارة إلى كلمة الله “لأنه كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجعان إلىّ هناك بل يرويان الأرض ويجعلانها تلد وتنبت وتعطي زرعا للزارع وخبزاً للأكل هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع إلىّ فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح فيما أرسلتها له” (أشعياء 55 : 10-11) ، “وأرُش عليكم ماء طاهراً فتطهرون من كل نجاستكم ومن كل أصنامكم أطهركم وأعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديدة في داخلكم وأنزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم .. وأجعل روحي في داخلكم وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها” (حزقيال 36: 24-27)، (يعقوب18:1) ، (1بطرس 23:1) ، (يوحنا 3:15 ) ، (أفسس 16:5) قارن (1كور15:4) مع (1كو16:14) فالولادة بكلمة الله والروح القدس ” .. وقال له أن المولود من الجسد جسد هو” (يوحنا 6:3) .
4- ذكر له مثل الريح: “الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتى ولا إلى أين تذهب هكذا كل من ولد من الروح” (يوحنا 3: 8).
5- سأله “أنت معلم إسرائيل ولست تعلم هذا” (يوحنا 3: 10).
6- ذكره بحادثة موسى :عندما رفع الحية وهكذا قاده للصليب “كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية لأنه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يوحنا 3: 14-16).
7- أكد له أن “الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد” (يوحنا 18:3) – وإن كان نيقوديموس جاء إلى الرب يسوع ليلاً (يوحنا 2:3) ولكن بهذا العمل الفردي وبالطريقة المباشرة نراه يشهد فى المجمع بالمسيح “قال لهم نيقوديموس الذي جاء إليه ليلاً وهو واحد منهم. ألعل ناموسنا يدين إنسان لم يسمع منه أولاً ويعرف ماذا يفعل” (يوحنا50:7،51) بعد موت المسيح جاهر بإيمانه إذ شارك فى دفن الرب “وجاء أيضاً نيقوديموس الذي أتى أولاً إلى يسوع ليلاً وهو حامل مزيج مر وعود..” (يوحنا39:19) . ولقد اشتهر رابح النفوس العظيم جون فاستر إنه كان على طول الخط يستخدم هذه الطريقة المباشرة لعدم إضاعة الوقت حسب رأيه. ولقد شهد واحد من الذين ربحهم فاستر للمسيح بالطريقة المباشرة انه امتعض فى البداية بسبب هذه الطريقة ولكنه أكد أن الروح القدس استخدم فاستر معه بهذه الطريقة المباشرة بقوة وحسب قول هذا الشخص لولا أن فاستر أيقظني بهذه الأسئلة المفاجئة ما كنت أفقت من خمار خطاياي.
وبالطبع أكثر المناسبات لاستخدام الطريقة المباشرة بعد الاجتماعات الكرازية إذ تكون النفوس تحت تأثير روحي قوى أو أحياناً إذا كان الخادم مدرب على استخدامه هذه الطريقة بعمل الروح القدس لأنها مباشرة وسريعة.
ملاحظات:
1- لا يصلح أن نسأل من نتحدث إليه بالطريقة المباشرة أسئلة عامة مثلاً هل أنت مؤمن؟ .. هذا سؤال عام .. فالكل يؤمن بشخص أو شيء .. حتى الملحد يؤمن بإلحاده .. الأسئلة الأجدر التي ذكرناها في البداية.
2- في بداية خدمتي بالعمل الفردي كنت لا أقدر ولا أفضل الطريقة المباشرة لصعوبتها ولخوفي من ضيق الناس من هذه الأسئلة المباشرة ولكن بعد مرور أكثر من 25 عام وأنا استخدم هذه الطريقة أفضلها وغالباً ما أستخدمها أكثر من الطريقتين الأخيرتين.
ثانياً : الطريقة الغير مباشرة
فى بعض الأحيان تستغرق البداية وقتا يمكن أن يصل إلى سنين لبناء كوبري من المحبة المسيحية مع هذا الشخص إلى أن تحين الفرصة ويربحهم للمسيح وهو ما يسمى (Friendship Evangelism) أي تكوين عنصر من المودة والمقصود بالطريقة الغير مباشرة أن تبدأ الحديث بأمور الحياة اليومية كالطقس أو الإقتصاد أو الزلازل أو المجاعات أو الحوادث .. إلى أن تصل بالنفس إلى المسيح ومن أبدع وأروع أمثلة استخدام هذه الطريقة حديث المسيح مع السامرية (يوحنا4).
1- ذهب إلى مدينتها: لمقابلتها “فأتي إلى مدينة من السامرة يقال لها سوخار بقرب الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف ابنه” (يوحنا 4: 5).
2- لم يكن هذا صدفة: “كان لا بد له أن يجتاز السامرة” (يوحنا 4:4) .
3 – تقابل معها الساعة السادسة: (أي الثانية عشر ظهرا بتوقيتنا الحالي) أي فى الوقت التي لم تكن فى الخطية في ذات الفعل ” .. فإذ كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر وكان نحو الساعة السادسة” (يوحنا6:4) فمهم أن تقول الكلمة فى وقتها “تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها” (أمثال 11:25) .
4- أوجد نفسه فى طريقها: عندما جلس على البئر لأنه كان يعلم أنها ستأتي إلى البئر فى هذا الوقت “.. فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء ..” (يوحنا 4: 7).
5- تعامل الرب معها بكل حكمة:
أ – تقابل معها على انفراد لأن تلاميذه كانوا قد مضوا إلى المدينة ليبتاعوا طعاماً (يوحنا 4: 8) لكي يسهل عليها الاعتراف له.
ب- لم ينتقدها أو يشعرها بالحقارة أو العار بل بالعكس مدحها كثيراً “حسناً قلت .. هذا قلت بالصدق” (يوحنا 4: 17-18).
ج – طلب منها ماء وكأنه هو المحتاج إليها “.. فقال لها يسوع أعطيني لأشرب” (يوحنا 4: 7).
د -واجه الحق الروحي واحتياجها الحقيقي مستخدماً الحديث عن الماء المادي (يوحنا 4: 10).
هـ – شرح لها أن شهوات العالم لن تروى “كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد بل .. يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية” (يوحنا 4: 13-14).
و – بدأ الرب استحضار ضميرها أكثر عندما قال لها ادعى زوجك “قال لها يسوع أذهبي وادعي زوجك و تعالي إلى هنا” (يوحنا 4: 16).
ل- استمر فى حديثه عن الهدف النهائي: وهو أن تعرفه كالمسيا ورفض الدخول إلى مناقشات عقائدية طائفية عن السامرة والسجود “قالت له المرأة يا سيد أرى أنك نبي آبائنا سجدوا فى هذا الجبل وأنتم تقولون فى أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه” (يوحنا 4 :19-20) .
ن- لم يحتقر الأسئلة التي ذكرتها عن النبى الآتي والسجود (يوحنا4: 20- 25).
6- قادها فى الوقت المعين: للاعتراف له بخطاياها واحتياجاتها “قالت له المرأة يا سيد أرى أنك نبي” (يوحنا 4: 19).
7 -أعلن إليها نفسه كالمسيا: “قال لها يسوع أنا الذي أكلمك هو” (يوحنا 4: 26 ) وهذا هو الهدف الرئيسي من عمله الذي أتمه بنجاح.
أدعوك أيها الدارس العزيز وأيتها الدارسة الفاضلة:
أن تركع أمام هذا المبشر العظيم الرب يسوع لتقول له علمني يا رب وأعطني حكمة “المسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله و براً و قداسة و فداء” (1كورنثوس 1: 30).
ملحوظة هامة
ليس معنى بناء كوبري من المودة بيني وبين النفس للحديث معها بالطرقة غير المباشرة أن أنغمس في صداقة مع الأشرار لربحهم فالمعروف “أن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة” (1كورنثوس 33:15) “.. أما خاطئ واحد يفسد خيراً جزيلاً” (جامعة 18:9) ولكن المقصود إظهار المودة ومساعدة الآخرين وإظهار اللطف المسيحي إلى أن تتاح الفرصة المناسبة للحديث، وليس معنى أن بناء الكوبري يحتاج لوقت طويل أن هذه قاعدة فيمكن أن يتم بناء كوبري المحبة هذا في دقائق معدودة فالرب يسوع، أعظم مبشر “.. كان محب للعشارين والخطاة” (لوقا 34:7) “وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه” (لوقا 1:15) وذهب ليبيت عند زكا “فلما رأى الجميع ذلك تذمروا قائلين أنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ” (لوقا 7:19) ، ولكن في نفس الوقت مكتوب عنه “.. هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة ..” (عبرانين 26:7) “.. في طريق الخطاة لم يقف وفي مجلس المستهزئين لم يجلس” (مزمور1:1) .