تنمية علاقتنا مع الرب
أخي وأختي في المسيح
لكل علاقة حميمة مقومات لتنمو وتستمر. وأهم مقومات علاقتنا الجديدة مع الرب هي ان نتكلم ونتواصل معه لأنه هو طلب منا ذلك في عدة آيات من الكتاب ومنها:
“اطلبوا الرب وعزه. التمسوا وجهه دائما” ( ١ أخبار الأيام ١٦: ١١).
“فلنتقدم بثقة الى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه” (الرسالة إلى العبرانيين ٤: ١٦).
“وادعني في يوم الضيق انقذك فتمجدني” (مزمور ٥٠: ١٥).
“إسالوا تعطوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يفتح لكم.لان كل من يسال ياخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له” (متى ٧: ٧-٨).
“لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتعلم طلباتكم لدى الله” (الرسالة إلى أهل فيلبي ٤: ٦).
ولنا ثقة عندما نصلي انه قريب منا، يسمعنا كما تعلمنا كلمته: الرب قريب لكل الذين يدعونه الذين يدعونه بالحق (مزمور ١٤٥: ١٨).
أين نصلي؟
قال السيد المسيح: ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون ان يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوراع لكي يظهروا للناس. الحق اقول لكم : انهم قد استوفوا اجرهم! واما انت، فمتى صليت، فادخل الى مخدعك واغلق بابك وصل الى ابيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية (متى ٦: ٥- ٦). وهنا لا يعني ان الصلاة تكون فقط في مخادعنا لأن المسيح نفسه في الجسد كان يذهب إلى الجبل في بعض الأحيان للإنفراد مع الآب كما تقول كلمته: وفي تلك الايام خرج الى الجبل ليصلي. وقضى الليل كله في الصلاة لله (لوقا ٦: ١٢). وأيضا لا تعني كلمات المسيح انه ضد الصلاة الجماعية لأنه يقول بعد قليل في نفس السفر: لانه حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي فهناك اكون في وسطهم ( متى ١٨: ٢٠). فالمهم إذن هو مناجاة الرب من اجل علاقتنا معه وليس من أجل رضى واستحسان الآخرين.
متى نصلي؟
يعلمنا الكتاب ان نناجي الرب في كل حين ونرى ذلك من أمثلة المؤمنين الذين صاروا قبلنا وكان الرب راضيا عنهم مثل النبي داوود، وفي تعليم الرسل لشعوب الكنائس الاولى.
قال النبي داوود: في كل يوم أباركك وأسبح أسمك إلى الدهر والأبد (مزمور ١٤٥: ٢). وقال : يا رب إله خلاصي بالنهار والليل صرخت أمامك (مزمور ٨٨: ١).
وتقول كلمة الرب لشعب كنيسة كولوسي: واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر (الرسالة إلى أهل كولوسي ٤: ٢).
ماذا نقول؟
قال السيد المسيح: حينما تصلون، لا تكرروا الكلام باطلا ً كالأمم. فأنهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم. لأن اباكم يعلم ما تحتاجون اليه قبل ان تسألوه (متى ٦: ٧- ٨). فالموضوع إذن ليس بعبارات سحرية نكررها عبثا ً بل كلمات صادقة من القلب وقد أعطتنا كلمة الرب الكثير من الأمثلة عما احتوته صلوات اعزاء الرب الذين صاروا معه قبلنا وهي موجودة لكي نتعلم منها وليس في تردادها اي سحر او داعي للحرفية، بل الصدق في التعبير عن مشاعرنا في هذه العلاقة مع الرب.
بعض النماذج الكتابية
هناك نماذج كثيرة يمكنكم استخدامها كبداية في تعلمكم مناجاة الرب من أجل أنفسكم ومن أجل الآخرين. تجدون هذه الأمثلة في صلوات المسيح في البشائر الأربع (متى ومرقس ولوقا ويوحنا). كما تجدونها في صلوات تلاميذ المسيح في الرسائل وفي مزامير داوود وغيرها من الكتب التي تحتوي على نماذج صلوات تساعدكم على معرفة ماذا تقولون. وهنا ثلاثة نماذج نعطيها كمثال فقط ولكن يمكنكم إيجاد المزيد في الكتاب المقدس:
– الصلاة الربانية
قال السيد المسيح: صلوا انتم هكذا- ابانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض. خبزنا كفافنا اعطنا اليوم. واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن ايضا للمذنبين الينا. ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير. لان لك الملك والقوة والمجد الى الابد. امين (متى ٦: ٩- ١٣).
– صلوات رسل المسيح
ونرى في رسائل الرسل نماذج كثيرة يمكن إستخدامها للصلاة وتلاوتها والتعلم منها.
صلي معنا كلمات الرسالة إلى أهل كولوسي ١: ٩-١٢:
من اجل ذلك نحن ايضا، منذ يوم سمعنا، لم نزل مصلين وطالبين لاجلكم:
١- ان تمتلئوا من معرفة مشيئته، في كل حكمة وفهم روحي
صلي: أيها الآب إملأني (او إملأ فلان) من معرفة مشيئتك، في كل حكمة وفهم روحي
٢- لتسلكوا كما يحق للرب، في كل رضى
لكي أسلك (او يسلك فلان) كما يحق للرب، في كل رضى
٣- مثمرين في كل عمل صالح
وأكون ( او يكون فلان) مثمرا ً في كل عمل صالح
٤- ونامين في معرفة الله
وأن انمو (او ينمو فلان) في معرفة الله
٥- متقوين بكل قوة بحسب قدرة مجده: لكل صبر وطول اناة بفرح
وأن أكون (او يكون فلان) متقوٍ بكل قوة بحسب قدرة مجدك: لكل صبر وطول اناة بفرح
٦- شاكرين الاب الذي اهلنا لشركة ميراث القديسين في النور
وأشكرك ايها الآب الذي أهّلتني (او أهلت فلان) لشركة ميراث القديسين في النور
بإسم الرب يسوع اصلي. آمين
– صلوات المزامير
ولنا ايضا في صلوات داوود مثال يحتذى به إذ كان يناجي الرب بصدق ويخبره عن مشاعره، لذلك قال عنه الرب: وجدت داود بن يسى رجلا حسب قلبي، الذي سيصنع كل مشيئتي (أعمال الرسل ١٣: ٢٢).
قال داوود: ارحمني يا الله حسب رحمتك. حسب كثرة رأفتك امحُ معاصيّ. اغسِلني كثيراً من إثمي ومن خطيتي طهرني… (مزمور ٥١).
يمكنكم استخدام مزامير داوود للصلاة وكما سترون انه صادق مع الرب في مشاعره بدون نفاق حتى ان صلواته في بعض الأحيان قد تُظهِر الشعور الطبيعي لشخص تحت تجارب الحياة ولكن عند نهاية صلواته نشعر بالتغيير الذي حدث له خلال هذه الصلوات ونراه يتأمل الأمر من منظار الأبدية. تأمل في مزامير داوود فترى انسانا ً صادقا ً مع الرب في علاقته وكلامه يخبره عن مشاعره بدون نِفاق ولا تدين مزيّف، بل يعطيه حقه في العلاقة. هذه هي العلاقة التي يطلبها منك الرب كما نرى في كلام السيد المسيح: ولكن تاتي ساعة، وهي الان، حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للاب بالروح والحق، لان الاب طالب مثل هؤلاء الساجدين له ( يوحنا ٤: ٢٣).
نستودعكم بين يدي القدير ونصلي ان يبارككم الرب ويقود خطاكم