من أصعب الأمور التي قد تعيق التواصل بين العباد لا بل قد تفرق بينهم وتبني حواجز وأسوار هي سوء فهم الأحد للآخر، وهذا ينطبق على كل أنواع العلاقات في المجتمع، بدءا بالفرد بينه وبين نفسه، فالزوجين فالعائلة المصغره، الأكبر، البلده، الدوله فالدول بين بعضها البعض.
نعم، قلنا الفرد بينه وبين نفسه، فقد يسيء الإنسان فهم صيرورته وسبب وجوده على الأرض، وبالتالي يدخل في صراع مع هويته وهدف حياته على الأرض، واسئله كثيره تتردد في ذهنه تزعجه وتعكر صفوه بل قد تشل تقدمه في الحياه فيسير على غير هدى.
أن كان هذا حالنا مع انفسنا، فكم وكم يكون الوضع حيال علاقاتنا مع الآخرين ضمن العلاقات المذكورة أعلاه في حالة إساءة فهمنا إياهم وفهمهم إيانا.
احد المفاهيم التي ارتأيت ذكرها، والتي قد يساء فهمها الى اقصى الحدود هي عقيدة الثالوث في المسيحيه: الآب والابن والروح القدس …
كي نمنع أي التباس في فهم الثالوث من المهم أن نقول ونذكّر أن الثالوث ليس ثلاثة آلهه – حاشا وألف كلا … إنما الثالوث هو الله الإله الواحد الوحيد، ولكن في ثلاث صور: الله الآب الذي لم يره احد قط، الله الابن الذي تجسد أخذًا صورة إنسان كي يفدي الإنسان من الخطيه، والله الروح القدس الحي في أولاده لكل الذين قبلوا المسيح ربا ومخلصا على حياتهم.
الله الواحد والوحيد، بمحبته العظيمة لخليقته، وكي يستطيع أن يفدي الإنسان من الخطيه التي سكنت فيه منذ آدم الأول، كونه كلي القدره والعظمه والعدل، أخذ صورة إنسان مثلنا مولودا من عذراء ليس بمشيئة رجل بل من الروح القدس، عاش في أرضنا، تألم آلامنا، شفى امراضنا، أعطانا كلمة الحق ثم، والأعظم من كل ذلك، فدانا من خطايانا بعد أن تعلق على الصليب، حاملا عنا عقاب الموت، مات بدلا عنا، ثم قام غالبا ومنتصرا على الموت وبالتالي أعطانا حياة، وما علينا إلا ان نقبله مخلصا ونملكه ربا على حياتنا.
بعدما صعد الرب للسماء أعطانا الروح القدس، أي روحه، كي يسكن فينا ويعطينا القوه كي نعيش الحياة المسيحيه الحقيقية التي أوصانا بها الرب في كلمته، فبدون ذلك ليس بإمكاننا تطبيق تعاليم المسيح، وان كنا نعرفها ومقتنعين بها.
من المهم ان نؤكد انه لم يكن بإمكان إنسان عادي، حتى نبي، ان يفدي الإنسان من الخطيه، لان الإنسان بطبيعته خاطئ، وبما ان “الحديد بالحديد يحدد والإنسان يحدد وجه صاحبه” (سليمان الحكيم في سفر الأمثال أصحاح ٢٧ الايه ١٧) كان من الضروري بل والحتمي ان الله نفسه، كلي القدره وكامل المحبه والمنزّه عن الخطيه، ان يأخذ صورتنا ويأتي إلى أرضنا كي يفدينا من الخطيه كما ذكرنا.
كي لا يساء فهم عقيدة الثالوث في المسيحيه، وكل الصراعات التي قد تتأتى من ذلك، نؤكد أن الله هو واحد ووحيد ولا شريك له، وان الثالوث هم في الواحد كالمثلث ذي ثلاث زوايا ولكنه مثلث واحد، وكالشمس التي تعطي النور والحرارة والاشعه، كذلك الله هو الله الآب، الله الابن والله الروح القدس، كذا قال المسيح انه هو والآب واحد الذي أعطانا من روحه، كذا تؤكد كلمة الله على مدار صفحات الكتاب المقدس، وكذا ينص دستور الإيمان المسيحي، الذي يستهل الدستور بالحقيقة: “أومن باله واحد”