خلعت الحجاب

استجمعت شجاعتي وقررت أن أخلع حجابي، ذهبت لعملي صباحاً وشعري حُرّ بدون غطاء.

استقبلني زملاء العمل بعضهم بالتّرحاب والغالبيّة بالتّهكُّم!. بالرّغم من أن بعض المتهكّمات كُنّ يرتدين ملابس فاضحة، مع حجاب الرأس.

وحينما عدت إلى منزلي، كان أبي يجلس في الصالة وشاهدني بدون حجاب، تسارعتْ دقات قلبي فهو شخص متشدّد جداً خاصة معنا نحن البنات. وقد انتفض من مكانه وشدّ شعري وانهال عليّ بالضرب.
ضربني حتى تورّم وجهي. ضربني بقسوة، وكأن قطعة القماش هذه قد أنهت علاقتي به. وقرر أن لا يخرجني من منزلي إلاّ إذا كنت سأرتدي النقاب!.

تساؤلات منطقية
– هل كل فتاة ترتدي الحجاب محترمة وبريئة؟
– هل ارتداء الحجاب لإرضاء الله أم لإرضاء الناس والمجتمع؟
– هل لدى الله مشكلة مع شعر المرأة؟
– وهل المرأة مجرّد جسد؟
إذا كان الهدف من الحجاب هو إرضاء الله فيجب أن يكون ناتجاً عن قرار شخصي نابع من قلب الفتاة. فبالتأكيد أن الله لا يرضيه أن نُجبر على إرضائه وقلوبنا بعيدة عنه.

أنتِ لست سلعة جنسية
المشكلة هي في بعض المعتقدات التي ترسخت في مجتمعاتنا، تلك التي تنظر للمرأة على أساس أنها مجرد جسد يجب تحاشيه وتغطيته، جسد علينا الخوف من آثار شهوته علينا، جسد علينا التحكم فيه وقهره حتى لا يخرج من تحت سيطرتنا.
أنتِ إنسانة قبل أن تكوني جسداً. أنتِ مخلوقه حرّة وجميلة، بل من أجمل مخلوقات الله، ليس من حيث الشكل فقط، ولكن أنتِ مصدر للحب والحنان والرعاية والسلام في عالمنا.

هل الحجاب يرضي الله؟
نمارس ممارسات كثيرة لنُرضي الله، ولكن هل هذه الممارسات فعلاً هي ما يرضي الله؟
لذا هيا لنفكر معاً:
– لأن الله عادل فأنتِ لست أقلّ من الرَّجُل.
– لأن الله هو من خلقك، وخلق الإنسان ذكراً وأنثى على صورته. فليس فيك شيء نجس.
– لأن الله ينظر إلى قلب الإنسان، الذي إذا كان نقيّاً وطاهراً، ظهرت هذه النقاوة والطهارة في الكلام والملابس والعلاقات مع الجميع.
– لأن الله خلقنا أحراراً فلا يمكن أن يدع أحد يجبرنا على شيء، وخاصة الأمور المتعلقة بعبادته.
– لأن الله يتعامل معنا بصورة شخصية، فمعرفته هي اختبار خاص بك وحدكِ، عليك أنتِ وحدكِ أن تبحثي عن الطريق إليه.

عزيزتي، الله يحبك ويراك بصورة مختلفة عن التي بها ترين نفسك، يراك بصورة مختلفة عن تلك التي يراك الآخرون بها. الصورة التي خلقك ويريدك عليها.
يحبك ويشعر بك، يشعر كم ظُلمت بسبب معتقدات وأفكار قاسية منتشرة في مجتمعك. يحبك ويريد أن يتواصل معك الآن.
قولي له: “يا رب، حضورك يملأ الكون، وأنت هنا وتسمعني، عرفني الطريق إليك، اِلْمس قلبي بمحبتك العظيمة، لا تتركني تائهة، لا تتركني بعيدة عنك. فقط عرّفني طريقك”.

maarifa.org

المسيحية والعنف

لا شك أنّ ظاهرة العنف التي تجتاح العالم في هذه الأيام، ظاهرة تدعو إلى التأمل والقلق. فلقد أصبح الإنسان يقتل أخاه الإنسان بشكل لم يحدث من قبل حتى في أقدم العصور تخلفاً. فالقتل اليوم ليس لأجل قضية ولا يُوجَّه ضد أعداء، بل القتل يتم لشهوة القتل، ويُوجَّه ضد أناس لا علاقة لهم بقضايا، كراكبي طائرة أو سفينة أو مشاة في شارع أو مرتادين في مقهى. وقد يُوجَّه ضد إنسان ينتمي إلى فكر معين أو جنس آخر أو وطن معادٍ، دون أن تكون له مواقف تستدعي القتل علماً أنّ كلَّ هذه المبررات قد وُضعت خطأً لتبرير القتل الذي حرّمه الله. فهو يقتل لمجرد

الانتماء، وهذا ما يسمى بالقتل حسب الهوية.

وموقف المسيحية من العنف أُخذ عليها لا لها. فلقد ظنَّ الكثيرون أنَّ التسامح الذي تبديه المسيحية في تعاليمها هو ضعف، لا يصلح في مقاومة العنف الذي يكتوي العالم بناره اليوم، وإن كان البعض يطلقون على هذا الضعف تسامياً – تأدباً منهم – بقولهم إنَّ سمو تعاليم المسيحية لا تصلح في مجتمعات اليوم.

لكن المتأمل جيداً في كلمات المسيح التي يتعرَّض فيها لظاهرة العنف، لا يجد فيها أي مسحة من الضعف، بل يكتشف فيها قوة غير عادية لنزع بذور الانتقام من داخل الإنسان، ومعالجة العنف بصورة مثلى. ودعونا نقرأ ما قاله المسيح: “سمعتم أنَّه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً. ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك، فاترك له الرداء أيضاً. ومن سخرك ميلاً واحداً فاذهب معه اثنين. من سألك فأعطه. ومن أراد أن يقترض منك فلا تردَّه. سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلُّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم” (متى 5: 38- 45).

المسيح هنا يقول إنَّ التجاء شخص ما إلى العنف لتوفير احتياجاته أو فرض آرائه ليس من الإنسانية في شيء. ولا يلجأ إنسان إلى العنف إلا تحت ضغوط اجتماعية ونفسية واقتصادية رهيبة. فبدلاً من أن تدين الضارب وتضربه أي تعاقبه، وبهذا تنتهي المشكلة ظاهرياً، سواء بردعه أو بمنعه عن الضرب غصباً، فمن الأصوب أن تعالج ظاهرة العنف ذاتها، وذلك بأن تمتص الضربة الأولى. فالذي يلجأ للضرب أو الاغتصاب أو تسخير الآخرين، يحتاج إلى عطف لأنه يتصرَّف بدون عقل، ويحتاج إلى من يمتص غضبه ثم يعالجه بعد ذلك. إنَّ امتصاص الضربة الأولى ينزع بذور الانتقام من دواخلنا، ويدعونا للتفكير في احتياجات من يلجأ إلى العنف، سواء احتياجه للثقافة أو للعمل أو للمال. ولذلك يقول المسيح: “من سألك فأعطه”. ولم يوضح ماذا سأل وما الذي تعطيه له. إنَّ المسيح يقول ﴿أعطه﴾ ما ترى أنه في حاجة إليه، ربما احتياجه لا إلى ثوب بل إلى إحساس بالأمان…لا إلى عزلةٍ، بل إلى حب وانفتاح وعطاء ذات.

إنَّ مقابلة العنف بالعنف لن يحل المشكلة، بل يزيدها تعقيداً. والمسيح يقول بدلاً من أن ترد بالضرب وتعفي نفسك من المسؤولية، فكر في احتياجات من يلجأ للعنف. إنَّ الذي يريد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك، اترك له الرداء أيضاً، لأنَّ دفاعك عن الثوب هو دفاع عن فكر خاطئ أو موقف خاطئ للمجتمع ولك تجاه هذا الشخص. وهذا الموقف الخاطئ هو الذي دفع هذا الإنسان لأن يعتدي عليك ويأخذ ثوبك. لذلك عليك أن تعطيه الثوب والرداء ليهدأ، ويكون هذا اعترافاً منك بخطأ موقفك كشخص وشريك لخطأ مجتمع. ثم عليك أن تهدأ وتقيم حواراً مع نفسك للإجابة على عدة أسئلة هامة جداً: لماذا خاصمني؟! لماذا أراد ثوبي؟ لماذا لجأ للعنف لتحقيق هذا؟!

والسؤال الملح الآن، هو كيف يصل الإنسان إلى هذا المستوى من النضج؟! والمسيح لم يترك هذا السؤال معلقاً بلا إجابة، بل قدم إجابته بحسم وموضوعية، فقال، لكي يصل الإنسان المؤمن إلى هذا المستوى الرفيع من الفكر والروحانية، عليه أن يثق بذاته وبسلطان المسيح فيه.

“سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن، أما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك… لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين” (متى ٥ :٣٨-45).

إنَّ عدم مقاومة الشر وامتصاص نوبة العنف، لا يقدم عليها إلا إنسان واثق بذاته والقوة التي تعمل فيه. فهو ابن لأب يشرق على الجميع مهما كان موقفهم منه، ويمطر على الكل دون تمييز. والثقة بالذات ترفع المؤمن فوق القانون الطبيعي. والسمو فوق القانون يأتي نتيجة الثقة بالعدل والإحساس بالسلطان.

فلكي نحقق الهدف من هذه الوصايا علينا أن نضيق الفارق بين ما نفكر فيه وما نمارسه. إنَّ الفكر هو :لا تقاوموا الشر، والممارسة هي: كيف نحقق هذا رغم الاحتكاك البدني والعنف المادي والنفسي؟! ما ذكره يسوع من إدارة الخد وترك الرداء هي مجرّد أمثلة، وعلينا نحن في عصرنا الحديث، أن نترجم “لا تقاوموا الشر” الترجمة المناسبة، في مواجهة الشرور العصرية، كالضغط النفسي وضغط الإعلام والحرمان من وظيفة أو ترقية…الخ

وليس الغرض فقط أن نرتفع نحن كبشر ونسمو بعدم مقاومة الشر، بل أن نقضي على الشر بصورة إيجابية واضحة، ويتم ذلك بعدم المقاومة. فالهدف هو محاربة الشر والقضاء عليه بصورة يومية ومتكررة.

إنَّ الطريق العادي الذي يسلكه الإنسان عندما يُعتدى عليه هو الانتقام. فاللطم يقابله تلقائياً لطمة مضادة.. وهكذا. لكن المسيح هنا يقول: لا تسير في الطريق العادي الذي يسير فيه كل البشر. فإن كنت تريد أن تطهر ذاتك من الانتقام خذ الطريق المضاد. لا تقاوم.. حوِّل الآخر.. اذهب معه اثنين… أعط ولا ترد أحداً.. إنه تدريب روحي ونفسي لتغيير شخصيتنا والسمو بها. إنَّ المسيح يدرِّب أتباعه هنا لتكون لهم نظرة جديدة للحياة، ولكي تتطوَّر شخصياتهم، ويقتلعوا جذور الانتقام من قلوبهم، الذي هو في الأصل اتجاه غريزي حيواني.

هل لنا طموح للوصول للكمال؟ إذاً لنتدرب على كيف نحب أعداءنا، وكيف نحقق الهدف من وجودنا في وسط المجتمع الذي نعيش فيه، وكيف نصلح أنفسنا والآخرين دون اهتزاز للثقة بالنفس، ودون إحساس بالضعف. فنحن نقوم بهذا من موقع قوة وسلطان، وفهم وإدراك، ومشاعر وأحاسيس. من موقع المسامحة والصفح والغفران والمحبة كما علَّمنا المسيح.

الحياة المنتصرة

إشكالية العقل والإيمان

من الأطروحات التي نستمع إليها من وقت لآخر وكأنها أمر بديهي إطروحة تناقض العقل مع الإيمان، وهذا الأمر ليس وليد جيلنا بل توارثته الأجيال لدرجه أصبحت من الطبيعي جداً أن نستمع لأحد المثقفين في ندوة أو في وسيلة من وسائل الإعلام وهو يتحدث عن التناقض الطبيعي بين العقل والإيمان، بل هناك رجال دين من المشهورين والمحسوبين على التيار المثقف منهم من يتحدث أنه لكي تؤمن عليك أن تلغي عقلك، أو على الأقل لا تناقش ما تؤمن به منطقياً أو عقلياً، وأرى أن كثيرين من الذين ينحون هذا المنحى هم غير قادرين على الدفاع عن إيمانهم بالمنطق، أو غير قادرين على التعبير عن أنفسهم فيما يؤمنون به بطريقة عقلانية،

لذلك يأخذون من البداية موقف تجنيب العقل للحديث عن الإيمان، لكن إذا عدنا إلى المعنى اللغوي للكلمتين العقل والإيمان نجد أن كلمة العقل عكسها الجنون أو الفوضى الفكرية، لأن الكلمة في القاموس تأتي بمعنى عقل الشئ أي ربطه أو حكمه وتأتي منها عقال الرأس أي تحديد الرأس وربط رأس الجمل لقيادته، فالعقل هو الإطار المنظم المحدد للفكر وما يضبطه ليجعله مقبولاً ثم الخروج بنتائج محددة يؤدي إلى قرار يبنى على الرأي والنتيجة.

أما الإيمان فكلمة عكسها الكفر أو الثقة في أي شئ غيبي أو غير حسي، لذلك بوضع الكلمتين جنباً إلى جنب نجد أنه لا يوجد تناقض بينهما لأن العقل ليس عكس الإيمان أو ضده والعكس صحيح، هذا من الناحية اللغوية أما من الناحية الفلسفية فالإيمان هو التصديق بالقلب، هو الثقة فيما يؤمن به الشخص والإيقان بأمور لا يستخدم فيها الشخص حواسه، ولكن هذا التعريف في نظري ناقص ذلك لأن للإيمان منطق أو ما يسمى منطق الإيمان، فالذي يؤمن بوجود إله وأن هذا الإله مهتم بالإنسان، وأن الإنسان له القدرة أن يتصل بالله من خلال المنطق الإنساني الذي قبل منطق الله في الخلق والوجود والأخلاق والخلاص والحرية.. إلخ

هذا الإنسان له منطق معين في إيمانه، فهو لم يجنب العقل، بل أن وجود الله لا يلغي وجود الإنسان ولا يهمشه ولا يصادر تفكيره أو إبداعه أو تمرده، بل أن الإنسان كلما تمرد على الأطر الموضوعه كان أقرب إلى الله الذي هو الحرية.. وهكذا، ولذلك فنحن نعتقد أن الإيمان نسبي فالله هو الحقيقة المطلقة والذي يظن أنه يمتلك هذه الحقيقة يصبح هو الله أما من يعبر عن إيمانه بالله من وجهة نظره مع قبول وجهات النظر الأخرى فهو يعبر عن فهمه للحقيقة ولا يدعي أن هذا هو الفهم كامل.

إذاً ما هو التفكير العقلاني أو العلمي:

التفكير العلمي هو طريقة معينة في النظر إلى الأمور وأسلوباً خاصاً في معالجة المشكلات أو ما يسمى بـ “العقلية العلمية” والتي يمكن أن يتصف بها الإنسان العادي حتى لو لم يكن يعرف نظرية واحدة معرفة كاملة.

إنها العقلية المنظمة التي تسعى إلى التحرر من مخلفات الجهل والخرافة، والعلم ليس معادياً لأي شئ.. وأعظم خطأ يرتكبه المدافعون عن مبدأ معين، أو عن النشاط الروحي للإنسان هو أن يعتقد أن العلم مصدر خطر عليه.

ولا شك أن التفكير العلمي أو العقلاني هو أنجح وسيلة إمتلكها الإنسان للسيطرة على واقعه، أنه السبيل للإنتصار على كل مشكلات الواقع المعاش، فالتفكير العلمي هو العقلانية التجريبية، إنه تجسيد لطريقة التفكير المثمره الملتزمة بالعقل، فعندما يضع العقل فروضاً معينه لحل مشكلة ما هنا تكون تجربة هذه الفروض على أرض الواقع هي المحك لتعديل هذه الفروض أو رفضها أو قبولها، وهنا لابد من إستخدام الحواس جنباً إلى جنب مع معطيات الواقع فيتضح موقع الخطأ والكذب في الفرض المطروح وهنا يتم تصحيحه والبحث عن فرض جديد يعرض بدوره على محكمة التجريب وهكذا دواليك في متوالية لتقدم لا يتوقف أبداً، وهكذا كل إجابة للعقل تطرح تساؤلات أبعد فيؤدي كل تقدم إلى تقدم أعلى ومهما علونا في مدارج التقدم فلن يغلق العقل التجريبي أبوابه ولن بنتهي البحث العلمي مطلقاً، بل يزداد نشاطاً وهو يسعى سعياً دؤباً ليتخطى حاضره مغيرا ًإياه نحو المستقبل الأفضل دائماً. في هذه الحركة التقدمية تقوم وقائع التجريب بدور ناقد قاسي لا يعرف الرحمة حين يحدد أماكن الخطأ، ولا شك أنها مسألة عسيرة أمام الواقع والوقائع، إنها روعة العلاقة الحتمية بين العقل والتجريب، الفهم والحواس، اليد والدماغ، الفكر والواقع، إنها العقلانية التجريبية.

ويلتزم التفكير العقلاني (العلمي) بقيم في التعامل مع الواقع، مثل التخطيط والتفكير المنهجي والإبداع والتنافس لحل المشاكل في تعددية الرأي والرأي الآخر، ثم الالتجاء إلى محك الواقع للفصل بين فكره وفكره أفضل.

والأهم من هذا نجد البحث الدائم والمستمر عن الخطأ والقصور الموجود في كل محاولة إنسانية والمجال المفتوح دائماً للنظرية أو المحاولة الأقدر والأجود والتقدم الأعلى والإقتراب إلى ما هو أفضل دائماً، وهذا يعني الإحتمالية والنسبية وعدم الدوام لأية خطوة تتم أو إنجاز يحرز.

لذلك كان التفكير العقلاني العلمي هو أنجح وسيلة إمتلكها الإنسان للتعامل مع واقعه سواء على المستوى العلمي أو العملي.

التفكير العقلاني العلمي ومستويات الوجود

إذا كانت الهوية المميزة للتفكير العقلاني العلمي أنه في كل مستوياته- العلمية أو العملية- ينصب على العالم الواقعي أو الكون الفيزيقي الملموس وإذا كنا نعلم أن هذا العالم الواقعي أو هذا المستوى من الوجود ليس هو بالطبع المستوى الأوحد للوجود…بل أن الإنسان يتميز عن أي موجود أخر بتعدد مستويات الوجود التي تتراوح بينها أبعاد تجربته الوجودية الفريدة والسارية، فبجانب العالم الواقعي المعاش هناك العالم الممكن والمرجو، عالم ما ينبغي أن يكون، ثم عالم العاطفة والوجدان، عالم القيم والمثل، عالم الفن، العالم الغيبي أو الميتافيزيقي، العالم الأيدولوجي، إذا ليس بالعالم الواقعي الملموس وحده يحيا الإنسان وبالتالي ليس بالعلم وحده يحيا الإنسان، بل بتآلف جميع أبعاد تجربته الحضارية العلم والدين والفلسفة والقيم والفن والأيدولوجيا.. أن الحضارة الناضجة تعني تفتح وتفاعل كل هذه الأبعاد معاً، حيث أن جميعها تهدف إلى إثراء الإنسان وإلى وجود أكثر إكتمالا ًوأكثر إشباعاً، وهكذا فإن الصراع بين جانبين أو اكثر من جوانب الحضارة يعني أزمة يجب العمل على تجاوزها وهكذا نستطيع القول أن الحضارة تحتاج إلى العقل والإيمان معاً، العلم والدين معاً وليس مجديا ًالبته التضحية بأي منها على حساب الآخر.

التفكير العقلاني العلمي والإيمان المستنير

إن الأساس العام للإستنارة في كل صورها يعني النظر بعين الإعتبار للعقل الإنساني ولقدراته ولإمكانياته المتوالية وبالتالي الإنفتاح على متغيرات الواقع والقدرة على قبول الآخر هذا في مقابل التطرف والعقيدة التي تمتلك الحقيقة المطلقة وإنكار كل ما عداها، بل والانغلاق على ظاهر النص الديني ولا شك أن النص الديني هو أساس ومحور إرتكاز لأي فكر ديني سواء كان هذا الفكر مستنيراً أو منغلقاً لكن الإتجاه المستنير في الإيمان يؤمن بقدرة العقل وتغيير الواقع، ويتعامل مع النص الديني بمناهج قادرة على التحديث وبعث الحياة فيه ليتجدد مع كل جديد ويصبح ملائماً لكل عصر ومكان ليعطي إجابات جديدة للأسئلة المستحدثة وهنا يصبح للدين رسالته الكاملة والشاملة وعلم التفسير (التأويل أو الهرمينوطيقا) يفرض علينا نفسه اليوم، فقد قفز هذا العلم قفزة واضحة عبر المناهج المعاصرة، وأصبح يتحدث عن الحوار مع النص وهنا ينصهر النص والقارئ معاً، الماضي والحاضر، في علاقة متجددة أي أن النص يبقى مفتوحاً دائماً لفهم جديد وتأويل جديد وبالتالي تصبح النصوص معاصره دوما ًلكل من يقرأها مجددا ً، فظاهر النص ليس هو الحقيقة ولكن الحوار مع النص يفتح علاقة أو علاقات مع الحقيقة وكل عصر يدخل في العلاقة المناسبة له فيتحدث النص بلغة الحاضر دائماً وهكذا لا يفقد النص علاقته بالواقع الحي ولا يفقد بالتالي حيويته فحيويته متجدده باستمرار.

ويرجع الفضل في هذا لأباء اللاهوت اللبرالي في القرن التاسع عشر وأبرزهم فريدريك شلاير في (1768 – 1834) والذي قال أنه ليس هناك ما يسمى بلغة مقدسة وقد وضعت بين دفتي الكتاب المقدس لا شأن للعقل به بل إن اللغة الدينية لغة عادية تتغير تبعاً للقوى التي تعبر عنها، ثم تجدد هذا المنهج بعد ذلك كعلم له قواعده يلغي التباعد بين القارئ والنص مهما تقادم به الزمن بل ينبعث النص حيا ًفي ذهن كل متلق له فيبقى مصدراً لا ينضب أبداً وإمكانية متجدده دوماً وهنا نأتي إلى سؤالين في منتهى الأهمية ما هي علاقة الإيمان المستنير بالتفكير العقلاني ؟ وكيف يمكن الإستفادة من أبعاده ؟ ! وللإجابة على هذين السؤالين علينا أن ندرك أن الإيمان المستنير موقف حضاري ناضج يدرك خاصية الإستقلال والتميز للبحث والتفكير العلمي، واستقلالية التفكير العلمي العقلاني هي أهم خصائصة ومعيار العلم كما قلنا من قبل هو معيار القابلية للإختبار والتكذيب وهو ما يفرق بين ما هو علمي وما هو غير علمي، ولذلك فقضايا الإيمان والغيب والفلسفة والفن والأخلاق، بعض منها أهم وأعلى من العلم وأكثر فاعلية، لكنه ليس علما ً، فهي غير قابلة للإختبار التجريبي ولا للتكذيب وليس مطلوباً منها أن تقبله لأنها تقوم بوظائف أخرى، وموقف الإيمان المستنير هو الذي يعترف بهذه الاستقلالية، ويدرك أنه لم يعد مجدياً ولا حتى معقولاً ملاحقة أو تجنب التفكير العقلاني أو حتى أسر فرص الوصاية عليه، ودليلنا على ذلك أن القرن السابع عشر في إنجلترا جمع بين نجاح حركة الفيزياء الكلاسيكية والإصلاح الديني البروتستانتي في وقت واحد وعوامل نجاح الحركتين أديا إلى الإشتراك في الثورة على السلطة الدينية المتصلبة وليس على الدين نفسه بل كانت الثورة لأجل الدين.

يقول فرانسيس بيكون نحن ندرس توراة الطبيعة، وأن للعلم روافد دينية جياشة تكشف قدرة الله التي تتجسد في خلائقة في نفس الوقت الذي فيه حمى فرانسيس بيكون العلم من تدخل اللاهوت.

وفي النهاية نقول أنه إذا أدرك الإيمان المستنير أن الوجود من صنع الله وأن العلم من صنع العقل الإنساني وأدرك أن الوجود قديم والعلم حادث، الوجود ثابت والعقل متغير، الوجود باق والعقل نام، الوجود حتمي والعقل حرية الوجود مفعول فيه والعقل فاعل، الوجود كينونة والعقل صيرورة، هنا يتفاعل الإثنان معاً لأجل إنسان أكثر سعادة.

 

الحياة المنتصرة

يسوع والإسلام

فيما يلي ستة أسئلة يطرحها كثيرًا أتباعُ الإسلام وآخرون عن يسوع.

تقدم هذه المقالة عرضًا محترمًا للغاية إلى جميع من يريد أن يعرف يسوع، حتى أنها لا تناقش أي اعتراضات على أحد، ولا توجه نقد إلى أي دين من الأديان بأي طريقة كانت.

فيما يلي الأسئلة الستة التي يجيب عنها هذا المقال.

1. يسوع والإسلام: هل الكتاب المقدس هو كلمة الله؟ أم أنه تغير أو تحرف على مر الزمن؟

نعرض فيما يلي مقدمةً بها عدد قليل من الآيات الموجودة في الكتاب المقدس: “إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ”. (1)

إن كلمة الله لن تزول. وسوف يتحقق كل شيء قيل بالكامل وبالتمام في النهاية. تقول كلمة الله مرة أخرى: “اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ”. (2)

كما تقول أيضًا: “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ”. (3) فكل الكتاب هو موحى به من الله.

وكذلك تضيف أنه: “يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ. وَأَمَّا كَلِمَةُ إِلهِنَا فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ”. (4)

نحتاج أن نسأل أنفسنا: “هل الله قادر على حماية كلمته؟ هل الله قادر على تحقيق كلمته؛ أي أنها لن تزول أبدًا كما أنها سوف تتحقق؟”

هل الله قدير؟ نعم، بالطبع. وهذه هي كلمة الله لكل البشر. هل نتهم الله نفسه عندما نقول إنه غير قادر على حماية كلمته من التعرض للتغيير والتحريف؟

لم يتغير شيءٌ في الكتاب المقدس. وقول غير ذلك ليس سوى شائعة.

لا يقول القرآن إن الكتاب المقدس قد تعرض للتغيير والتحريف. بل يقول العكس، حيث يكرم التوراة والكتاب المقدس. ويذكر عدة مرات التوراة و”الزابور” (العهد القديم والمزامير) و”الإنجيل” (العهد الجديد).

عندما ظهر الإسلام في القرن السادس، أي بعد مجيء يسوع المسيح بحوالي 600 سنة، كان الكتاب المقدس مقبولًا ومعروفًا بصحته.

ومن ثم قد تتساءل، هل تغير الكتاب المقدس وتعرض للتحريف منذ القرن السادس؟ كلا. وكل ما عليك فعله هو أن تقارن بين الكتاب المقدس الموجود اليوم مع الكتاب المقدس المكتوب منذ زمنٍ طويل.

يمكن أن نجد أسفار الكتاب المقدس بالكامل، التي ترجع إلى سنة 300 قبل الميلاد، أي قبل ظهور القرآن بمئات السنوات. وتستطيع أن تجد نسخة من الكتاب في متحف لندن، ونسخة أخرى في الفاتيكان والكثير من النسخ في العديد من الأماكن الأخرى. إذا قارنت نسخة الكتاب المقدس الحالية مع الكتاب المقدس الموجود من 300 قبل الميلاد، ستجد أن الكتاب الذي في أيدينا هو الكتاب نفسه الذي كان موجودًا في ذلك الوقت.

هل تعلم أنه يوجد اليوم ما يقرب من 25000 نسخة مكتوبة بخط اليد لأجزاء من العهد الجديد؟ وعندما قارن المؤرخون هذه المخطوطات، توصلوا إلى أن العهد الجديد الذي بين أيدينا اليوم دقيق بنسبة 99.5% على الأقل مع الأصل بدون أي تغيير أو تحريف.

(وتشير نسبة 5. % إلى اختلافات في الهجاء والكتابة ولكن بدون تغيير في المعني).

قد تكون سمعت عن الاكتشافات الآثرية الحديثة الخاصة بلفائف البحر الميت؛ حيث وُجِدت هذه اللفائف، في كهف قمران من الطرف الشمالي الغربي للبحر الميت.

وقارن الباحثون بين الكتاب المقدس الذي بين أيدينا اليوم مع ما وجدوه، واكتشفوا أنه لا يزال متشابهًا تشابهًا كبيرًا للغاية، وهما متطابقان تقريبًا بنسبة 100%.

لا تعطِ الفرصة لأي شخص أن يقول لك إن العهد الجديد أو الكتاب المقدس قد تغير أو تعرض للتحريف من الكتابة الأصلية؛ لأن ذلك ببساطة ليس دقيقًا تاريخيًّا.

الكتاب المقدس لم يتغير.

حسنًا لكن ما معنى وجود أربعة أناجيل؟ هل هذه الأناجيل كتب مقدسة مختلفة عن بعضها البعض؟

نعم بالعهد الجديد، أربعة أناجيل هي متى ومرقس ولوقا ويوحنا. وتساعد هذه الأناجيل في الواقع على إظهار أن الكتاب المقدس لم يتعرض مطلقًا إلى أي تحريف. ويمثل هؤلاء الكُتَّاب أربعة شهود، كتبوا أربع روايات عن حياة يسوع، عما قاله وفعله.

تخيل إذا شاهد واحدٌ أو اثنان- أو دعنا نقول أربعة أشخاص- حادثة سيارة في زاوية أحد الشوارع. وطلب من كل واحد أن يكتب روايته وشهادته عن الحادثة للمحكمة. هل تعتقد أن كل واحد سوف يقدم الوصف نفسه بالضبط، أي الشهادة نفسها بالضبط كلمة بكلمة؟ بكل وضوح لن يحدث ذلك. سوف يكتب كل واحد من منظوره أو منظورها ما رآه أو رأته. وهذا ما حدث عندما كتب كل واحد من هؤلاء الشهود روايته عن يسوع بصفتهم شهود عيان.

وعلى مر العصور، أشركت الأنظمة القضائية الشهود وسمعت شهادتهم. وفي قضايا في غاية الأهمية، لا يمكن أن تأخذ شهادة أحد الأشخاص مقابل شخص آخر. فكثيرًا ما تحتاج أكثر من شاهد واحد. ويقول الكتاب في العهد الجديد، مقتبسًا من العهد القديم هذه الكلمات: “عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ وَثَلاَثَةٍ تَقُومُ كُلُّ كَلِمَةٍ”. (5)

لم يكتب أربعة شهود فحسب عن يسوع في الأناجيل، بل كتب المزيد من الشهود الكثيرين مثل يعقوب وبولس ويهوذا وبطرس وآخرون باقي الأسفار في العهد الجديد.

قال يوحنا: “اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ”. (6) فقد كانوا شهود عيان ليسوع. لذلك كتبوا ما رأته عيونهم.

ماذا عن جميع اللغات التي كتب بها الكتاب المقدس وكل الترجمات؟

كُتب الكتاب المقدس باللغة العبرية واليونانية. وأي كتاب مقدس بغضِّ النظر عن السنة التي طبع فيها، دائمًا ما يكون ترجمة من اللغات الأصلية وهما اللغتين العبرية واليونانية. (فلم تترجم مطلقًا الكتب المقدسة من الإنجليزية إلى الإنجليزية على سبيل المثال. فقد بدأت الترجمة دائمًا من النص الأصلي).

يوجد بعض الكتب المقدسة عبارة عن شروحات وليست ترجمات، وقد عرفت بصفتها شروحات. ومع ذلك، الترجمات الوحيدة هي التي تترجم ما تقوله النصوص الأصلية باللغتين العبرية واليونانية.

ترجمت كتابات الكتاب المقدس التي باللغتين العبرية واليونانية إلى الآلاف من اللغات. لماذا حدث ذلك؟ لأن الله يريد العالم أجمع أن يعرف الأخبار السارة التي تبشر بالخلاص.

لا توجد صعوبة في ترجمة الكتاب المقدس، فبعض أجزاء الكتاب المقدس شعرية مثل (الأمثال ونشيد الأنشاد والمزامير). لكن كُتب جوهر الكتاب المقدس نفسه بلغة بسيطة تتعامل مع حياتنا اليومية، لذا لم يكن من الصعب ترجمة الكتاب المقدس. وتعد حقيقة أن الكتاب المقدس مباشر وبسيط في روايته سببًا آخر للثقة فيه.

فيما يلي قصة حقيقية:

“ذات يوم اتصل بي ابني. وكان مقيمًا في بلد آخر، وعمل حادثة بالسيارة في وسط الطريق السريع. حيث اصطدمت سيارة أخرى بسيارته، وانقلبت سيارة ابنى 180 درجة، واستقرت في وسط الطريق السريع في الاتجاه المعاكس.

وقال: “والدي أنا بخير، لكن ماذا أفعل الآن؟”

كان ابني في مشكلة. وكان يحتاج إلى مساعدة. حسنًا هل تعتقد أن هذا هو الوقت المناسب كي أرسل له رسالة شعرية؟ هل أرسل له قصيدة كنت قد حفظتها؟ بالطبع كلا.

في هذا الوقت، عليَّ أن أقول له ببساطة: “يا جون، تحتاج أن تقوم بما يلي؛ فأنت في مشكلة كبيرة وأقول له كيف يخرج من هذه الورطة”. وهذا بالفعل هو جوهر الكتاب المقدس؛ فالإنسانية في مشكلة وتتجه نحو الذهاب إلى الجحيم. لأن الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله. ونحن نحتاج إلى رسالة بسيطة تقدم الخلاص. يخبرنا الكتاب المقدس، كيف ننال الغفران، وكيف نكون في علاقة حميمة مع الله تبدأ من الآن وتمتد حتى الأبدية. وهي رسالة تغير حياتنا.

2. يسوع والإسلام: هل يقول الله إن أحد الأديان سوف يحل محل دين آخر؟

هل يقصد الله أن نبدأ باعتناق اليهودية ونتحول إلى المسيحية ثم ينتهى بنا الحال إلى اعتناق الإسلام؟

كلا، فالله ثابت. ولم يكن مهتمًّا على الإطلاق بتأسيس دين.

بداية من إبراهيم، كان الله واضحًا في الكشف عن نفسه لنا حتى نكون في علاقة معه. وكان هدف الله وغرضه من خلقنا هو بناء علاقة معنا وليس تأسيس ديانة.

دعونا نلقي النظر على البداية مع آدم وحواء. حيث كان لهما تواصلاً مباشرًا مع الله الذي كان يسدد جميع احتياجاتهم.

ثم ظهر الشيطان لآدم وحواء في صورة الحية وجربهما، وللأسف اختارا أن يثقا في الشيطان ولا يطيعا ما قاله لهما الله. ونتيجة لذلك، انفصلت علاقة آدم وحواء بالله.

لكن هل تعلم ما قاله الله على الفور للشيطان؟ قال الله إن مولود المرأة سيكون عدوًّا للشيطان. وإن الشيطان سوف ينتصر انتصارًا جزئيًّا ويسحق عقب مولود المرأة، ولكن مولود المرأة سوف يضرب الضربة الأخيرة ويسحق رأس الشيطان.

فيما يلي النص:

“فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ”. (7)

سوف يحقِّق الشيطانُ انتصارًا قصير الأمد ويسحق عقب نسل المرأة.

وعلى مر التاريخ، من هو الرجل الوحيد المولود من امرأة وليس من رجل وامرأة؟ إنه يسوع، ابن مريم، أليس كذلك؟

سحق الشيطانُ عقبَ نسل المرأة، لكن نسل المرأة سحق رأس الشيطان لأن الطريقة الوحيدة لقتل الحية هي سحق رأسها.

ماذا يعني ذلك؟ لا يوجد سوى تفسير واحد لذلك.

سدد الشيطان ضربةً إلى يسوع على الصليب عندما سُمِّرت قدماه ويداه. لكن يسوع رد عليه بالضربة الساحقة. وعلى الصليب، هزم يسوعُ الشيطانَ. ودفع ثمن خطايا جميع الجنس البشري، وقدم للجميع الغفران وطريقة لاسترداد العلاقة مع الله.

كتب إشعياء النبي عن هذا النسل قائلاً:

“لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا”. (8)

من الذي يتكلم عنه إشعياء النبي؟ كان من الواضح جدًّا أنه يتحدث عن يسوع. ومتى كُتِب ذلك؟ كتب قبل ميلاد يسوع المسيح بأكثر من 600 سنة.

منذ البداية وعلى مدار الآلاف من السنين، قال الله إن يسوع سوف يأتي ويموت، مثلما قرأنا في إشعياء. ما الذي سوف تعتقد فيه عن الله إذا ما جاء في اللحظة الأخيرة وغير فكره؟ ماذا لو غير الله فكره ولم يرسل يسوع حتى يموت بدلًا منا بعد الآلاف من السنين من وعد يسوع؟ إن الله لا يغير فكره.

3. يسوع والإسلام: أليس من التجديف أن تقول إن الله له ابن؟

الله روح. ويسوع هو ابن الله الوحيد بالمعنى الروحي، وليس الجسد. إذا قال أحد الأشخاص لك: “أنت ابن أرز لبنان”، فهذا يعني أن الشخص من لبنان. وإذا كان من مصر يطلق عليه: “أنت ابن النيل”. وعندما يقال إن يسوع هو ابن الله، فهذا يعنى أن يسوع من الله، وهذه العبارة هي لقب يُطلَق على الشخص. عندما ظهر الملاك إلى مريم، قال لها: “الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ”. وكان ذلك لقب، فالمسيحيون لا يؤمنون بأن الله أقام أي علاقة جنسية مع أي امرأة.

قال إشعياء: “لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ”. (9)

لذا، فيسوع هو الله الذي جاء في صورة إنسان من خلال مريم العذراء، هو الله وابن الله في الوقت ذاته، مولود من العذراء مريم.

في اعتقادك، لماذا سمح الله ليسوع أن يُولَد من العذراء مريم؟

عندما يُولَد من امرأة وليس من رجل وامرأة يعني ذلك أنه لم يحمل الطبيعة الخاطئة لآدم وحواء. عندما سقط آدم وحواء في الخطية، مرَّرا الطبيعة الخاطئة من جيل لآخر، من خلال أولادهما، لنا.

لذلك فنحن جميعًا مولودون بالخطية، ونحن جميعًا مولودون بميول نحو عمل الأشياء بطريقتنا بدلًا من طريقة الله، لذلك فنحن جميعًا نخطئ. وهذا هو الذي جعل داود النَّبي يصرخ قائلًا: “بِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي”. فنحن جميعًا مولودون بالخطية. ونعيش كخطاة ونحتاج جميعًا إلى فادٍ.

لكن كان يسوع يحتاج لكي يفدينا أن يكون له طبيعة مختلفة. احتاج أن يكون من روح الله، الروح القدس؛ حيث ليس فيه خطية على الاطلاق. وهذا ما قاله إشعياء: “لم يكن في فمه غش” ولم يفعل خطية.

ظهر الله في الكتاب المقدس، في صورة عليقة تحترق عندما أظهر نفسه إلى موسى، كما ظهر بصورة صوت من السماء عندما تكلم مع إبراهيم. فمن ذا الذي يستطيع أن يقول إنه غير مسموح لله أن يظهر في صورة إنسان حتى يكشف عن نفسه لنا؟

4. يسوع والإسلام: هل مات يسوع على الصليب أم لا؟

كيف امتحن الله إبراهيم؟ طلب الله من إبراهيم أن يضع ابنه على المذبح. وفي طريقهم إلى الجبل، سأل الابن “أين الخروف للمحرقة؟” فأجاب إبراهيم: “الله يرى له الخروف للمحرقة”. وقدم الله الخروف الذي أخذه إبراهيم وقدمه ذبيحة لله.

انظر إلى الرسالة التي يعطيها لنا الله وتتفق مع هذه القصة.

الله يخلِّص، فقد خلَّص ابنَ إبراهيم بخروف واحد.

ثم في سفر الخروج، نرى أهمية الخروف مرة أخرى؛ حيث يحذِّر اللهُ شعبَه في مصر بأنه سوف يضرب المصريين. فإذا وضع المؤمنون بالله دم الخروف على عتبه بابهم، فالله سوف يجعل ملاك الموت يعبر عنهم وهكذا ينقذهم من الموت. وقد نالت أمة من المؤمنين الخلاص بسبب خروف واحد.

ثم نرى الخروف مرة أخرى في سفر اللاويين؛ حيث كان على الكاهن في كل سنة أن يأخذ خروفًا واحدًا خارج المدينة ويقدمه ذبيحةً عن خطايا أولئك المؤمنون بالله. وفي كل عام، كان الشعب الواحد ينال الخلاص بخروف واحد.

ثم نسمع يوحنا المعمدان يخاطب الجمهور قائلًا عن يسوع: “هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!” سوف يخلِّص حملٌ واحد، العالمَ أجمع وكل الذين يؤمنون به.

ماذا كان سيحدث لو لم يسمع إبراهيمُ صوتَ الله، أو لم يؤمن أن الله يتكلم له؟ هذا صحيح، كان سيقتل ابنه!

ماذا كان سيحدث لو لم يؤمن الناس بالله ولم يرشوا دم الخروف على عتبة الباب؟

ونصل هنا إلى السؤال، منذ 2000 سنة، عُلِّق يسوع، حمل الله، على الصليب وسلم حياته لأجلك. يقول الكتاب بوضوح لنا: “اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا”. (11)

ما هي النتيجة لو قلت: “لا لم يصلبوه. ولم يقتل”. إن حمل الله هذا قدم نفسه ذبيحة ليدفع ثمن خطاياك، وخطايا العالم أجمع. ماذا لو قلت إنه لم يُصلَب، وإن حمل الله لم يَمُت لأجل خطاياك كي تنال الغفران؟

5. يسوع والإسلام: إذا كان يسوع قد مات على الصليب ودفن ثلاثة أيام، هل ذلك يعني أن الله كان ميتًا خلال هذه الأيام الثلاثة؟

سؤال مهم. وفيما يلي شرح سوف يساعد في الإجابة عنه.

دعنا نقول إن لدينا زهرية، ليس بها أي ورد أو ماء، وهي مجرد مليئة بالهواء. ما هو الفارق بين الهواء الذي خارج الزهرية والهواء الذي بالداخل؟ فالهواء الذي بداخل الزهرية له شكل، أليس كذلك؟ وهو الهواء نفسه الذي في الجو من حيث التركيب، لكن الهواء الذي في داخل الزهرية له شكل.

إذا أخذنا هذه الزهرية وحطمناها في الحائط، ما الذي سوف يحدث للهواء الذي بداخل الزهرية؟

هل سيموت الهواء؟ كلا، فالهواء لا يمكن أن يموت. يمكن أن تتهشم الزهرية إلى آلاف من القطع الصغيرة، لكن لا شيء سوف يحدث للهواء سوى أنه سوف يفقد شكله.

عندما مات يسوعُ على الصليب، مات جسده، لكن روح يسوع لم تَمُت قط، لأن روح الله لا يموت أبدًا. أخذ الله صورة إنسان، ولكن يسوع لم يكن قط مجرد إنسان.

على الصليب، دفع يسوعُ ثمنَ خطايانا وأزال الحاجز الذي كان يقف بيننا وبينه. وبسبب موت يسوع، نستطيع أن نكون في سلام مع الله. بالرغم من أننا مذنبون، فإن عدل الله قد تحقق بالكامل من خلال يسوع، حمل الله الذي تألم لأجلنا. وقد ظهرت محبة الله تمامًا في أن يسوع وضع حياته طوعًا لأجلنا.

قد تقول: “إن ذلك غير عادل”. وأنت محق في ذلك؛ فنحن لا نستحق موت يسوع لأجلنا. لكن كان ذلك هو حل الله لنا. هل نقول لله كيف يجب أن يفعل ذلك؟

دفع يسوع عقوبة الموت التي كانت علينا، حتى لا نحتاج أن نموت بسبب خطايانا، وهو يريدنا أن نكون في علاقة معه، حتى نعرف محبته ويكون لنا حياة أبدية.

إليك قصة أخرى حقيقية تساعدك أن تفهم ما فعله يسوع لأجلنا.

كان يوجد قاضٍ بار لم يكن يأخذ أي رشاوى. وكان هذا القاضي عادلًا وأمينًا. وكانت امرأةٌ قد أُمسِكت بتهمة وقُدِّمت إليه. وكانت العقوبة التي قد تُوقَّع على المرأة هي السجن المؤبد أو دفع مبلغ كبير من المال لم يكن بحوزتها.

سألها القاضي: “هل أنتِ مذنبة أم لا؟”
صرخت المرأة: “لا أستطيع سيادتكم أن أدفع ثمن الحكم. لا أستطيع أن أدفع المال. من فضلك ارحمني”.
قال لها القاضي: “أنا أسألكِ، هل أنتِ مذنبة أم لا؟ هل تعترفي بذنبكِ؟”
وأخيرًا قالت المرأة الشابة: “نعم سيادتكم أنا مذنبة”
فقال لها: “إذًا عليكِ أن تدفعي الثمن أو السجن المؤبد”. وأغلق القضية.

بدأت المرأة تصرخ وتبكي، وأخرجوها من قاعة المحكمة إلى السجن. ثم خلع القاضي رداء القضاء، وخرج من المحكمة. وذهب إلى الخزانة العامة، وهناك دفع كل المال الذي بحوزته ودفع فدية لأجل هذه الشابة. لماذا؟ لأنه أحب هذه الشابة جدًّا. وكانت ابنته، وافتدى ابنته بنفسه وبكل ما يملك.

عندما خلع القاضي رداء القضاء، أصبح مثل أي إنسان عادي آخر. وهذا بالضبط ما فعله يسوع؛ حيث ترك السماء، وخلع رداء المجد، وأصبح مثل أي إنسان آخر. ومات لأجلنا، وبالتالي، لم تعد خطايانا تديننا وتفصلنا انفصالًا أبديًا عن الله.

قال جميع الأنبياء إن يسوع سوف يأتي ويموت عن خطايا العالم؛ فيسوع هو الرجاء الوحيد للجنس البشري لكي يكون لهم حياة أبدية.

بالعودة إلى البداية مع آدم وحواء، قال الله للشيطان إن نسل المرأة سوف يسحق رأس الحية، وسوف ينال الجنسُ البشريُّ الفداءَ. بموت يسوع وقيامته، غلب سلطان الشيطان وهزمه. هزم يسوع الخطية والموت والانفصال عن الله مسددًا ضربة ساحقة للشيطان.

6. يسوع والإسلام: لماذا لا يُرَى يسوع على أنه نبيٌّ؟

لا يوجد سوى إله واحد. وفيما يلي ما نعرفه عن حقيقة الله:

الله أبدي- دائمًا موجود، موجود الآن وسيكون موجودًا دائمًا.
الله قدوس- بدون خطية؛ فهو كامل.
الله حق- فكلمته دائمة، غير متغيرة وحقيقية وموثوق بها.
الله حاضر- في كل مكان، وفي كل الأوقات.
الله جبار- ولا حدود لقوته وسلطانه.
الله كلي المعرفة- فهو دائمًا كلي المعرفة بكل شيء.
الله هو الخالق- لا شيء موجود غير مخلوق منه.

لا يوجد سوى إله واحد، وكل الصفات السابقة المذكورة عنه حقيقية. ونعرف ذلك بسبب ما يكشفه الكتاب المقدس عن الله الحقيقي؛ فقد اختار أن يُظهِر نفسه للجنس البشري ويُظهِر صفاته لنا.

ويكشف الكتاب المقدس أيضًا أن يسوع يمتلك نفس صفات الله وسماته بالضبط، كما أنها سمات روح الله. على سبيل المثال، الله أبدي.

يقول الكتاب عن يسوع: “هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ”. (12)

ويقول الكتاب أيضًا: “الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشًا أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ”. (13)

لكن إذا كان لا إله إلا إله واحد، كيف يمكن أن يكون يسوع أيضًا هو الله؟

نحن نعيش في عالمٍ ثلاثي الأبعاد على الأرض، وكل شخص له طول وعرض وعمق. قد يبدو شخصان متشابهان في شيء. وقد يكون لهم اهتمامات متشابهة، ووظائف متشابهة، لكن لا يمكن لشخص أن يطابق شخص آخر؛ فهم أفراد متميزون ومختلفون.

ومع ذلك، يعيش الله بدون حدود العالم الثلاثي الأبعاد؛ لأنه روح. كما أنه أكثر تعقيدًا منا بصورة لا نهائية. وهذا هو سبب أن يسوع الابن يمكن أن يكون مختلف عن الله الآب. ولكنهما واحد.

يتكلم الكتاب المقدس بوضوح عن: الله الابن، والله الآب، والله الروح القدس. لكنه يخبرنا أيضًا بوضوح أنه لا يوجد سوى إله واحد. فإذا كان علينا أن نستخدم الرياضيات، فلن تكون العلاقة 1 + 1 + 1 = 3، لكنها ستكون 1 × 1 × 1 = 1. فالله واحد.

عندما قال إشعياء: “وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»”. (14) وتعني عمانوئيل حرفيًّا أن “الله معنا”.

قال يسوع إن معرفته معرفةً شخصيةً؛ تعني معرفة الله، ورؤيته هي رؤية الله، والإيمان به هو الإيمان بالله.

ولكي تعرف المزيد عن حياة يسوع، وكيف أثبت هذه الآيات، برجاء اقرأ مقال: إيمان ليس أعمى .

ومع ذلك، يوجد شيء آخر عن الله ينبغي أن تعرفه؛ فالله يحبك ويعتني بك.

يخبرنا يسوع: “كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ”. (15)

ويدعونا يسوع: “تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ»”. (16)

يصارع الجميع حتى يعمل شيئًا يشبع الله. لكن يسوع يقدم لنا حرية جديدة. ونحن نختبر محبته، ولدينا حافز جديد لإرضاء الله. وذلك لا عن خوف، بل ينبع من الفرح بمعرفة الله.

اختبر بولس، واحد من أتباع يسوع، ذلك وعلق عليه قائلاً: “فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا”. (17)

إذا كنت ترغب في فهم ما يقدمه يسوع لك، من فضلك، اقرأ “أإيمان ليس أعمى”.

 

موقع لكل طالب عربي

مجرم … ولكنه تبرأ

لكل الناس قدر محدود من معرفة الخير والشر لكنهم فيما بينهم وبين أنفسهم يقيسون انفسهم واختباراتهم وظروفهم ليس على تلك المعرفة بل على مقياس شخصية يرتضونها لأنفسهم .
فالسكير مثلاً لا يرى في الخمر ضرراً بالغاً بينما هو ينظر الى السرقة بأنها خطية لا تغتفر. والتاجر الذي يتعامل في السوق السوداء يقنع نفسه بأن ذلك انما هو اسلوب من اساليب التجارة تقتضيه المصلحة، وهو لا يحسب التعامل مع السوق السوداء شراً نظير الترنح بالخمر . والرجل الأديب المستقيم يقنع نفسه بأنه يفعل ما يقتضيه الواجب وأنه يرثي لحال الخاطئ المكشوف أمره ، لكنه ينسى كم من فكر خاطئ شرير ساد على ذهنه وكم من رغبة أثيمة ملكت على مشاعره وانقاد لها سراً دون ان يعلم به الآخرون متناسيا ومتجاهلاً أن الله يدين القلوب ويعرف ما فيها ، كل شيء مكشوف وعريان أمامه، بينما الإنسان يحكم على السلوك المنظور وظواهر الأمور فقط.
وهكذا نرى ان كل انسان يقارن نفسه بمن هو دونه ويهنئ نفسه على ما هو فيه كما في :
كورنثوس 10: 12 … الذين يمدحون انفسهم …هم اذ يقيسون انفسهم على انفسهم ويقابلون انفسهم بانفسهم لا يفهمون.
أما مقياس بر الله فهو واحد .
فاذا ما تنبه الضمير وأخذ ينظر الى الخطيَّة بنظرة الله لها ، لا يسعه حينئذ إلا أن يكتشف أنه مذنب وهالك ، فلا يحاول تبرير نفسه بقياسها على من هو اشرّ منه ، بل يعترف اعترافاً صريحاً بذنبه ويدين نفسه ويتوق ان يعرف هل ممكن ان يسامحه الله ؟ .
قد يتعزى الإنسان ويهدأ قلبه المضطرب حين يجد من هو أشرّ منه ، ولكن هذا ليس الكل ، فانه لا يطيق يرى الله باريه مُظهراً له غنى نعمته الفائقة ، فمع ان النعمة معناها حصول الخاطئ على غفران الله دون مقابل إلا أن مبدأ الخلاص بالنعمة يتعارض مع أفكار الإنسان ويسمو على إدراكه ، والإنسان بشكل عام ينفر من هذا المبدأ ، بل أنه يحسب النعمة في قرارة نفسه نوعاً من عدم العدالة ، لأن هذا الأمر يذلل الطبيعة البشرية اذ نرى أنفسنا مضطرين للاعتراف بحالتنا الهشة وحاجتنا القصوى الى النعمة التي بدونها لا نستفيد ولا نفيد شيئاً بالمقياس الإلهي، وانما الذي يؤهلنا لنعمة الله ويدفعنا لها هو تعاستنا وخطيتنا وخرابنا .
لما كان آدم في الجنة اختبأ من الله حين اكتشف ذنبه . فصرفه ذنبه عن الله خالقه وصديقه الوحيد في الوقت الذي كان فيه أحوج ما يكون إليه . وهكذا هي الحال اليوم ، فالإنسان يهرب من ربه الذي يحبه ويريد مسامحته .
فاذا كان القارئ او القارئة يريد أن يحصل على عفو شامل وكامل من الله خالقه ومبديه فليأتي أولاً الى الرب يسوع المسيح وينفرد به كالخاطئ المذنب، حاكما على نفسه من كل قلبه .
ليس مطلوباً منه أن يَعِد بشيء ولا ان يحاول اصلاح نفسه ليحسّن من حاله، بل ليأت كما هو بخطاياه إلى المُخلِّص يسوع المسيح مؤمنا به وبموته عن الخطاة الفجار وبقيامته المجيدة وتائباً له .
قيل أن ولي عهد انكلترا زار أحد السجون ، ورغبة منه في ان يعفو عن من يستحق العفو، فكان كل سجين يبرر نفسه إلا عجوزاً انحنى واعترف بجريمته بكل اتضاع وانه يستحق السجن ، فحاز هذا على العفو عن دون غيره من السجناء الذين برروا انفسهم ولم يعترفوا بما اقترفوه.
ان السيد يقول في مرقس 2 :17 … لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى.لم آت لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة.

 

مجلة النعمة

اختارنا لنكون قديسين

«اختارَنا فِيهِ قَبلَ تأسِيسِ العَالَمِ، لِنكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قدَّامَهُ فِي المَحَبَّةِ» ( أفسس 1: 4 )
هدف الله من وراء خلاصك لم يكن فقط أن يجعلك تعيش سنواتك القليلة على الأرض بصورة أسهل أو أكثر إمتاعًا. كانت رؤيته تحمل نهاية أبدية. كان هدفه أن يجعلك قدوسًا، كما هو قدوس، حتى تستطيع أن تُمجِّده بصورة كاملة، حتى تُرضيه وتتمتع بشركة عميقة معه للأبد.

إن «اللهُ … اخْتَارَنَا … لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ .. فِي الْمَحَبَّةِ». فقداستك ليست هدفًا ثانويًا لأي هدف آخر لك في الحياة، بل هي إرادة الله العُليا لحياتك. إنها شيء أرادَهُ الله، وخطَّط لأجله، وأمدَّك بالإمكانيات له، حتى قبل أن يخلق العالم.

وهذه ليست فقط دعوتنا الفردية أن نكون قديسين، بل أيضًا دعوتنا الجماعية كجسد المسيح. إن الكنيسة كائن حي، يسكنه روح الله القدوس، ومستعدٌ ليكون عروس الرب يسوع. والغرض المُعلَن من عريسنا نحو عروسه هو أن «يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً … مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ» ( أف 5: 27 ).

ومثلما يتوق العريس الأرضي لتلك اللحظة التي تسير فيها عروسه عبر ممر (الكنيسة) للقائه، مكسوَّة برداء جميل ناصع البياض، ليس فيه بقعة واحدة، هكذا يتوق الرب يسوع لليوم الذي سنظهر أمامه، خالين من كل عيب، مكسوِّين ببرّه، لنكون عروسه المقدسة للأبد. وكما تستعد المرأة المخطوبة بشوق ومحبة ليوم عُرسها، راغبة أن تكون الأجمل لعريسها، هكذا يجب أن فكرة الزفاف لعريسنا القدوس تحفزنا لقضاء حياتنا – على الأرض – في اتباع القداسة، التي هي غاية الله النهائية لنا، وشوق قلبه العظيم لعروسه.

أن نكون قديسين هو غرضُ خلقنا. وهو مآلنا، لأنه الحال النهائي لكل ابن حقيقي لله، ولكل جسد المسيح، بحسب الوعد الرائع «إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ» ( 1يو 3: 2 ). إذًا، ما هو رد فعلنا أمام هذا اليقين؟ «وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هَذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِـرٌ» ( 1يو 3: 3 ). حين نضع في الاعتبار غرض خلقنا ومصيرنا النهائي؛ حين نتذكَّر أننا عروس رائعة طاهرة تتجهز لعريسها، يُلهمنا هذا باتباع القداسة بإصرار، وبشوق لهذا اليوم المجيد الذي فيه سنكون أخيرًا قديسين قلبًا وقالبًا.

هل تُشارك الله في غرضه لحياتك؟ ما الذي تعيش لأجله؟ منذ الصباح حتى الوقت الذي تسند فيه رأسك بالليل، هل تتعاون إراديًا معه، وتتبع غرضه الأبدي في جعلك قدوسًا؟

 

طعام وتعزية – نانسي لي دي موس

المسيحي الحقيقي

في أعمال 7: 54 –60 نرى صورة واضحة لمَن هو المسيحي الحقيقي كما نراه في استفانوس:

(1) إنه شاخص إلى السماء (ع55): بينما كان الذين حوله ناظرين إلى أسفل، ليتناولوا حجارة ليرجموه «وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ»؛ هذا هو المسيحي حتى بالمُباينة مع المؤمن اليهودي الذي كهنوته أرضي، بركاته أرضية، ميراثه أرضي. لكن المسيحي شاخص إلى السماء. وكلمة ”شَخَصَ“ تختلف عن كلمة ”نظر“؛ فيمكن أن أنظر نظرة عابرة، لكن ”شَخَصَ“ تعني أنه ركَّز عينيه، ثبَّت عينيه. يا تُرى، هل نحن شاخصين إلى السماء؟

(2) «وَهُوَ مُمْتلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ»: وهذا التعبير نقرأه في لوقا 4: 1 «أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». ومن مواصفات الشمامسة في أعمال 6: 3 مملوئين من الروح القدس. ثم نقرأ عن استفانوس أنه «رَجُلاً مَمْلُوًّا مِنَ الإِيمَانِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ» ( أع 6: 5 ). وكلمة ”مملوءًا“ تَصف حالة مستمرة، بينما ”امتلأ“ تصف حالة عارضة تنتهي بانتهاء الغرض منها. فالمسيحي شخص يُسيطر عليه روح الله ويمتلك كل كيانه. إنه امتياز عجيب للمؤمن المسيحي. وما الذي يتمخَّض عنه هذا الأمر كونه مُمتلئًا من الروح القدس؟

(3) «فَرَأَى مَجْدَ اللهِ»: إن إنجيلنا هو «إِنجِيلِ مجد اللهِ المُبارك» ( 1تي 1: 11 )؛ مجد الله المُعلَن في شخص المسيح المُمجَّد في الأعالي. والمؤمن في رومية 5: 2 يفتخر، أي يفرح ويُسـرّ، على رجاء مجد الله. فالمسيحي مؤهل للوقوف أمام مجد الله، والمدينة السماوية أورشليم المقدسة في رؤيا 21 تُرى ولها مجد الله.

(4) «وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ»: لا يقول: ”ورأى ابن الله قائمًا“- هذا ليس غريب. فهو كابن الله أتى من السماء وذهب إليها – لكن رأى ”يسوع“ اسمه البشري الإنساني – أي أن هذا الشخص الذي قيل عنه «رجُل أوجاع ومُختبر الحَزَن» هو بعينه عن يمين الله. ذاك الذي جالَ يصنع خيرًا ورُفض وصُلب – هذا الشخص الذي مَثَّلَني على الصليب – الذي حَمَل خطاياي هو الذي عن يمين الله، وهذا يَدُّل على أن خطاياي التي حملها انتهت تمامًا، وإلا ما كان المسيح ليُرى قائمًا عن يمين الله. وهنا نرى مقامنا ومركزنا كمؤمنين.

 

طعام وتعزية – فهد حبيب

القادر على كل شيء

«وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا … يَقُولُ الرَّبُّ، القَادِرُ عَلَى كُـلِّ شَيْءٍ» ( 2كورنثوس 6: 18 )

لقد تكرَّرت عبارة «الْقادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» أربعة عشر مرة في الكتاب المقدس ( تك 48: 3 أع 20: 32 ؛ خر6: 3؛ إش13: 6؛ يؤ1: 5؛ 2كو6: 18؛ رؤ1: 8؛ 4: 8؛ 11: 7؛ 15: 3؛ 16: 7، 14؛ 19: 15؛ 21: 22). والعدد 14 يعني الكمال المُضَّعِفْ لقدرة الله. وكما قيل عن الله إنه «الْقَادِرُ عَلَى …» هكذا أيضًا نجد الروح القدس يَصف كلمته بأنها «الْقَادِرَةِ أَنْ …» (أع20: 32؛ 2تي3: 15؛ يع1: 21). فلنتأمل فيما قد فعلته لنا قدرة الله وكلمته:

‏ * في خلاصنا: شكرًا لله الذي بقدرته تمَّم خلاصنا. فهو – تبارك اسمه – «الْقَادِرُ أَنْ يُخَلِّصَ وَيُهْلِكَ» ( يع 4: 12 ). فقد تمجَّد الله في خلاصنا الأبدي، وفي الطريق يُخلِّصنا من كل ضيق «فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ» ( عب 7: 25 ). وكما الله هكذا كلمته، فقد قيل عنها: «وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» ( 2تي 3: 15 ). «فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ» ( يع 1: 22 ).

‏ * في ثباتنا: أنه قادر أن يُثبتنا كأفراد «وَلكِنَّهُ سَيُثَبَّتُ، لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُثَبِّتَهُ» ( رو 14: 4 ). أيضًا كجماعة «وَلِلْقَادِرِ أَنْ يُثَبِّتَكُمْ، حَسَبَ إِنْجِيلِي وَالْكِرَازَةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، حَسَبَ إِعْلاَنِ السِّرِّ الَّذِي كَانَ مَكْتُومًا فِي الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ» ( رو 16: 25 ). والشيء المُطمئن ثباتنا إلى النهاية «الَّذِي سَيُثْبِتُكُمْ أَيْضًا إِلَى النِّهَايَةِ بِلاَ لَوْمٍ فِي يَوْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. أَمِينٌ هُوَ اللهُ الَّذِي بِهِ دُعِيتُمْ إِلَى شَرِكَةِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا» ( 1كو 1: 8 ، 9).

‏ * في حفظنا: كم نشكر الله، أنه في ختام رسالة يهوذا، التي تُحدِّثنا عن الارتداد، يضعنا الروح القدس بين يدي الله «وَالْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ، وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الابْتِهَاجِ، الإِلهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ» (يه24، 25).

‏ * في طلباتنا: «وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا، لَهُ المَجْدُ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ إِلَى جَمِيعِ أَجْيَالِ دَهْرِ الدُّهُورِ. ..» ( أف 3: 20 ، 21).

 

طعام وتعزية

اللسان في حياة الإنسان

إن الكلام الذي يخرُج من اللسان هو عبارة عن صوَر موجودة في الفكر والقلب، ينفِّذها هذا العضو الصغير الذي يعبّر عن ما يدور في داخل الإنسان، فيساعد على التواصل مع الآخر.

فإما أن يكون مضمون الكلام يبني ويشجع، أو هدّام فتكون النتجية دمار كبير.

وهذا اللّسان الصغير هو الذي يدير الإنسان إما لكي يمجّد الله ويقدم محبّة للجميع من حوله، أو لكي يلعن الساكن في السموات ويبث من خلاله السموم والسلبية في كل مكان، وهذا ما يصفه فيه الكتاب المقدس “وَأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا. بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ.” يعقوب 3: 8، 9. وهذا الأمر يحذّر منه الرسول يعقوب فعلى الإنسان المؤمن بالمسيح أن ينتبه لكلامه ويجعل كل ما يخرج من فمه مباركًا لكي تفوح منه رائحة المسيح بين الجميع، فنحقق غاية وجودنا بأن نمجّد الأب السماوي الذي منحنا الغفران من خلال المسيح “فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” متى 5: 16

فكل إنسان عليه مسؤولية كبيرة وجديّة عن كل كلمة تخرج من فمه، فإذا كان الكلام ليس بمحله وغير نافع، سيدفع صاحبه ثمن التهوّر في الحكم على الأمور من خلال لسانه، فالذي يزرعه الإنسان إياه يحصد إيضا. فَإذا تركنا لساننا يتكلم على هواه دون أي رادع، نجعله ينجِّس الجسم كله “هكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ.” يعقوب 3: 6. وعندها سيكون تصحيح الموقف بغاية الصعوبة والرجوع إلى ما قبل الكلام سيكون مستحيل، فلننتبه ونتروّى قبل أن تخرج الصور من أفكارنا ونحولها إلى كلمات مسموعة نزعج بها الآخرين “لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحًا بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ.” كولوسي 4: 6

الإنسان الحكيم الذي يريد أن يحيا بمخافة الله وإرضائه عليه أن يدقق على حياته أمام الله، ويعرف أن جسده ملك للمسيح وللروح القدس الساكن فيه، وكل أعضائه هي ليست له بل هي للذي افتداه ومنحه عربون الخلاص والتبني. واللسان هو أكثر الأعضاء الذي يحتاج أن يكون تحت مِظلّة مراقبة الله اليومية لكي تخرج منه كلمات التعزية في أوقات الحزن والتشجيع في أوقات الإحباط والمدح وقت الإنتصار والنقد البنّاء للآخر لإرجاعه الى أحضان الله. دون أن ننسى أن كلمة واحدة تحرق كل شيء وكلمة أخرى تبني وتُرجع كل شيء.

“اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ.” لوقا 6: 45

 

كلمة الحياة – بواسطة: كريم

من يشبع جوعي؟

هناك عائلات تعيش في عدة أماكن في هذا العالم بجوع كبير، فإذا حصلوا على رغيف خبز كأنهم وجدوا كنزا عظيما ظنا منهم أن هذا الرغيف سيمنحهم بعض الأمل في الحياة فيعيشون في

معادلة صراع البقاء، لينغمسوا في حرب كبيرة بين الجوع ولقمة العيش، ونجد أمثلة في الكتاب المقدس عن الذين لحقوا بالمسيح من أجل أن يطعمهم ويسد جوعهم وعطشهم.

وإذا تابعنا هذه الأحداث في نصوص الكتاب المقدس نجد أن المسيح إهتم بهؤلاء الناس المساكين وتحنن عليهم حيث أطعم آلاف من الناس الجائعين كباراً وصغاراً، فعلينا أن نعترف أن مشكلة الجوع الجسدي هي مشكلة حقيقية وواقعية نجدها في كل زاوية من زوايا حياتنا اليومية، ولا يستطيع أحد الهروب منها أو التغاضي عنها وكأنها غير موجودة. ولكن رغم أهميتها وجديتها فالمسيح يأخذنا إلى الأزمة الحقيقية وإلى جوهر المشلكة الإنسانية في علاقته بالخالق حيث يطرح مسألة الجوع الروحي وكيفية إشباعه بأنه أولوية وضرورة قسوة في حياة الناس “فقال لهم يسوع أنا هو خبز الحياة من يقبل إليّ فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا”. يوحنا 35:6

بعدما أخرج الله الشعب من أرض العبودية وعبرّهم في البحر الأحمر بمعجزة عظيمة، جاعوا وتذمروا على موسى متذرعين بحجج واهية بأنه جاء بهم إلى البرية لكي يفنيهم. في ذلك الحين رفع موسى رأسه نحو السماء وطلب التدخل من الله. فأعطاهم المن السماوي لكي يأكلوا ويسدوا جوعهم ومن بعدها السلوى التي ملأت السماء والأرض، وكل هذا كان رمزاً عن المسيح الذي جاء ليشبع النفس البشرية من جوعها الروحي، ففي العهد الجديد نادى يسوع بصوت عظيم “أنا هو خبز الحياة. آباؤكم أكلوا المنّ في البريّة وماتوا. هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. أنا هو الخبز الحيّ الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيّا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم”. يوحنا 6: 45-51

في المسيح وحده نجد الشبع الروحي وبه يسدّ كل العوز، فحين علّق على الصليب قدم جسده من أجل الجميع وفتح أبواب السماء وأشبع حياتنا بمحبته الغنية وفاض علينا بينابيع الخلاص فأرتوت قلوبنا وشبعت، المسيح حاضر دائما ليمنحنا المن السماوي من لدنه المبارك فهو يهتم بطيور السماء، أيهمل أولاده وأحبائه “أعين الكلّ إياك تترجى وأنت تعطيهم طعامهم في حينه. تفتح يدك فتشبع كلّ حيّ رضى”. مزمور 145: 15 و16

 

كلمة الحياة – بواسطة: كريم

هل الإسلام يكمّل او يناقض؟

يقولون الأديان السماوية ثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام، ولكن السؤال الكبير الذي يطرح هل الجميع يتوجهون نحو نفس الإله؟ وهل الجميع لهم سلطان روحي حقيقي على حياة الناس، وهل هم يقدمّون الحل الجذري للخطية؟ هناك الكثير من الأسئلة التي يمكن أن تسأل حول هذا الموضوع، ولكن الثابت والراسخ أن هناك تباين كبير بين الإسلام وبين الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.

 

فالكتاب المقدس يطرح الله الذي خلق الكون كما ذكر في التكوين ومن ثم يخبرنا عن تعاملات الله مع شعبه عبر 4000 سنة من الإختبارت في العهد القديم، فمع نوح كان أروع واجمل إختبار، أنقذ الله نوح بعد ان أغرق الأرض بالماء من شدّة الخطية، وماذا نقول عن ابراهيم الذي كاد أن يسلّم ابنه ذبيحة على جبل المريا حيث هناك وبصوت كبير أوقفه الله واستبدله بكبش كذبيحة، وماذا نقول عن موسى الذي شق البحر الأحمر بأمر مباشر من الله.

وهناك الكثير جدا من الإختبارات التي حصلت مع الشعب في القديم التي لا نستطيع أن تعدّها لكثرتها. و كان الله يحضّر الشعب لمجيء المسيح لكي يكون هو الذبيحة الحقيقية عن خطايا الجميع “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يوحنا 16:3)، لهذا يوجد 339 نبوة عن المسيح في العهد القديم.

حتى جاء ملء الزمان وكان الحدث العظيم بمجيء يسوع إلى العالم لكي يقدّم نفسه ذبيحة من أجل كثيرين “ولكنّ الله بيّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا” (رومية 8:5). وبالفعل يسوع قام بالمهمة إلى النهاية فوجّه نظره إلى الصليب وقال قد أكمل وتمّ كل شيء، فالغفران أصبح متاحا لكل من يأتي إلى المسيح بالتوبة والإيمان.

ومن ثم وبعد 500 عام ظهر وفي الجزيرة العربية من يريد أن يناقض هذه الرسالة ولكنه ادعى بأنه يكمّل رسالة المسيح، ولكن وبكل صراحة كان هدف دخول الإسلام هو إلغاء للمسحية بالكامل، فتاقض ما كتب في العهد القديم والجديد وقلب كل الموازين الإلهية الحقيقية وجعل أسماء جديدة لرجالات الله وغيّر بالأحداث التاريخية، حتى كان ما يعرف بالقرآن والإسلام، الذي يهدف بإبعاد الناس عن الرب يسوع الذي يريد أن يعطي الخلاص للجميع.

فكانت الكارثة الكبيرة، تغلغل القرآن بسبب سهولة العبادة وبسبب ما يقدّم من ملذات جسدية للإنسان فقد غلفت الخطية بثوب نقي وكأن الله لا يرى ولا يسمع فأصبحت الخطية التي نهى عنها الرب يسوع مسموحة ففرح الكثيرين وتبعوا الإسلام، وهم لا يعرفون أين يذهبون، فالإسلام يا صديقي شوّه رسالة الله الحقيقية وأبعد الناس عن كلمة الله وإتهمها بالتحريف، وهذا كله لكي يوجد له مكان.

عزيزي القاريء: من القلب أقدّم لك رسالة مسيحية حقيقية نابعة من كلمة الله لك مباشرة، لا تغش نفسك بديانات أرضية لا مكان لها في السموايات، ولا تقنع نفسك بأن تتيّع الرسالة الحقيقية فكل شيء بدون المسيح سيؤدي إلى الهلاك، تعال الى الله بكل شكوكك وخطاياك واعترف له بكل شيء فذبيحة الصليب أي يسوع المسيح كفيلة لكي تقدّم لك غفران الخطايا، فالإسلام يا صديقي لن يوصلك إلى السماء ولن يجد لك الحل لخطاياك فهو يناقض ولا يكمّل، فتعال ولاتؤجل.

elhaq.com

ما هو الغرض من هذه الحياة؟

أسئلة سمعتها من الناس، وأنا نفسي أكررها كثيراً: ما هو المعنى والغرض من هذه الحياة؟

ما هو المعنى من حياتي أو لماذا أعيش؟ ما هو سبب وجودي على هذه الأرض؟

الدمار من حولي، الدماء والظلم، الشر والخطر، الخوف والألم، مشاكل لا نهاية لها!! لماذا كل هذا؟ يبدو أن الحياة بلا أي معنى.

فعلاً تبدو الحياة بلا معنى. لكن ماذا يحدث لو وضعنا الله في معادلة الحياة؟؟

يثبت العلم الحديث استحالة وجود الإنسان صدفة، وذلك بسبب فرادة البصمة الوراثية لكل إنسان، لذلك علينا أن نقر بأن الله هو الذي خلقنا، ومن المؤكد أنه خلقنا لسبب وغرض معينين.

خلق الله الإنسان لكي يكون في تواصل معه، ولكي يكون لنا علاقة به مميزة ورائعة. ولكي نعرف من هو هذا الخالق العظيم أعطانا كلمته “الكتاب المقدس”.

ومن خلال الكتاب المقدس نعرف بأن الله روح وأن التواصل معه هو روحي. وأن الله أعطانا حياةً لنعيشها على الأرض كي نوطد علاقتنا به أكثر فأكثر، وأن نعيش له.

لكن كلمة الله “الكتاب المقدس” لا تعلمنا فقط عن الحياة على الأرض، فهي ليست الهدف. فالهدف هو أن نحيا مع الله إلى الأبد بحياة لا يوجد فيها ألم ولا عذاب ولا شر ولا ظلم.

غاية خلق الله للإنسان أن يتمتع بالحياة الأبدية. وما حياتنا على الأرض إلا هي مرحلة لا بد أن نعبر فيها كي نصل إلى محطتنا الأخيرة والنهائية التي هي العيش مع الله الخالق.

أهم سؤال أطرحه على نفسي اليوم وعلى كل إنسان، إن كان هذا هو قصد الله من خلقنا، فهل نعيش كبشر بحسب مقاييس الله ومعاييره التي تؤهلنا أن ننتقل إلى الحياة الأبدية؟

 

maarifa.org