اللسان في حياة الإنسان

إن الكلام الذي يخرُج من اللسان هو عبارة عن صوَر موجودة في الفكر والقلب، ينفِّذها هذا العضو الصغير الذي يعبّر عن ما يدور في داخل الإنسان، فيساعد على التواصل مع الآخر.

فإما أن يكون مضمون الكلام يبني ويشجع، أو هدّام فتكون النتجية دمار كبير.

وهذا اللّسان الصغير هو الذي يدير الإنسان إما لكي يمجّد الله ويقدم محبّة للجميع من حوله، أو لكي يلعن الساكن في السموات ويبث من خلاله السموم والسلبية في كل مكان، وهذا ما يصفه فيه الكتاب المقدس “وَأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا. بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ.” يعقوب 3: 8، 9. وهذا الأمر يحذّر منه الرسول يعقوب فعلى الإنسان المؤمن بالمسيح أن ينتبه لكلامه ويجعل كل ما يخرج من فمه مباركًا لكي تفوح منه رائحة المسيح بين الجميع، فنحقق غاية وجودنا بأن نمجّد الأب السماوي الذي منحنا الغفران من خلال المسيح “فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” متى 5: 16

فكل إنسان عليه مسؤولية كبيرة وجديّة عن كل كلمة تخرج من فمه، فإذا كان الكلام ليس بمحله وغير نافع، سيدفع صاحبه ثمن التهوّر في الحكم على الأمور من خلال لسانه، فالذي يزرعه الإنسان إياه يحصد إيضا. فَإذا تركنا لساننا يتكلم على هواه دون أي رادع، نجعله ينجِّس الجسم كله “هكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ.” يعقوب 3: 6. وعندها سيكون تصحيح الموقف بغاية الصعوبة والرجوع إلى ما قبل الكلام سيكون مستحيل، فلننتبه ونتروّى قبل أن تخرج الصور من أفكارنا ونحولها إلى كلمات مسموعة نزعج بها الآخرين “لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحًا بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ.” كولوسي 4: 6

الإنسان الحكيم الذي يريد أن يحيا بمخافة الله وإرضائه عليه أن يدقق على حياته أمام الله، ويعرف أن جسده ملك للمسيح وللروح القدس الساكن فيه، وكل أعضائه هي ليست له بل هي للذي افتداه ومنحه عربون الخلاص والتبني. واللسان هو أكثر الأعضاء الذي يحتاج أن يكون تحت مِظلّة مراقبة الله اليومية لكي تخرج منه كلمات التعزية في أوقات الحزن والتشجيع في أوقات الإحباط والمدح وقت الإنتصار والنقد البنّاء للآخر لإرجاعه الى أحضان الله. دون أن ننسى أن كلمة واحدة تحرق كل شيء وكلمة أخرى تبني وتُرجع كل شيء.

“اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ.” لوقا 6: 45

 

كلمة الحياة – بواسطة: كريم