Overcoming Guilt-التغلب على الشعور بالذنب

Overcoming guilt

التغلب على الشعور بالذنب

Keys to powerful living

مفاتيح لتحيا حياة أقوى

Responding to the message of our conscience

استجابتنا لرسائل الضمير

يُمكن للشعور بالذنب أن يكون المراقب الصارم لتصرفاتنا، بحيث يدفعنا بعيدًا عن الله. ومن جهة أخرى، يستطيع الشعور بالذنب أن يعيدنا إلى علاقة شخصية صحيحة مع الله، ويجعلنا واثقين من محبة الآب أكثر من أي وقت مضى.

إن كيفية استجابتنا للشعور بالذنب اليوم تستطيع أن تحدد نجاحنا في الحياة لسنين قادمة. حتى أنّها تستطيع أن تكشف لنا أين سنقضي الأبدية.

كيف نستمع إلى ذنوبنا

يذكر الكتاب المقدس أنّنا مخلوقون على صورة الله ومجده. إن هذا الامتياز الرائع، بأنّنا نحمل صورة الله، يحمل في طياته أيضًا متطلبات تدفعنا لنعيش حياة صالحة. فعندما نقوم بشيء ما يتناقض مع إحساسنا بما هو صحيح أو خاطئ، يحدث شيء مثير للقلق والفزع: نشعر بالذنب.

وعندما تشعر بأنك مذنب، فإن تلك البوصلة الأخلاقية بداخلك، تقرع جرس الإنذار مشيرةً إلى أنك قد وقعت في الخطية. وبالتالي فالخطية تفصلك عن الله.

ولهذا السبب، فمن الضروري أن تستمع إلى ذنبك بحذر. وألّا تحاول تجاهل ذلك الشعور المزعج بأنّه مجرد سوءٍ في الأخلاق. استمع إلى قلبك. ثم صمّم على معرفة ما يسبب شعورك الداخلي بالذنب.

المذنب كمتّهم

حتى وأنت تقرأ هذه الكلمات، من المحتمل أنّك تسعى إلى معرفة سببٍ ما لشعورك بالذنب. فربما قد سبّبت الإهانة لشخصٍ ما. أو أنّك فعلت شيئًا تعلم أن الله لا يريدك فعله.

يمكن أن ينشأ الشعور بالذنب من الأمور التي نقولها أو نفعلها، والتي تنتهك ناموس الله بشكل مباشر. حتى وإن لم نكن على دراية بفقرةٍ معيّنة من الكتاب المقدس، فقد أعطانا الله ناموسًا مكتوبًا في قلوبنا يساعدنا على التنبّه حين نقع في الخطية (رومية 2: 15)

إن الشعور الحقيقي بالذنب هو طريقة يستخدمها الله لإنذارنا، لكي نتوب ونرجع عن خطايانا، فيغفر لنا، ويطهرنا، ويجعلنا خاليين تمامًا من الذنب. الواقع هو أن الكتاب المقدس يقول ” إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ” (رومية 3: 23). وفي فقرة أخرى يقول ” لكِنَّ الْكِتَابَ أَغْلَقَ عَلَى الْكُلِّ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ، لِيُعْطَى الْمَوْعِدُ مِنْ إِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ.”

الشعور بالذنب هو واقعة حياتيّة؛ لأن الخطية هي واقعة حياتيّة كذلك. كما أنّ عواقب خطيتنا هي الموت (رومية 6: 23). ولكن الله لا يتركك “يغلق عليك” تحت ثقل الخطية والعواقب المميتة لها. لقد فتح لنا طريقًا من خلاله يحرّرنا من خطايانا وذنوبنا.

ردّ الله على الشعور بالذنب

إن الله يعمل من خلال كل الأمور التي تحدث في حياتنا، بما فيها ذنوبنا، كي يجذبنا إلى يسوع (يوحنا 6: 44-45؛ 14: 6؛ رومية 8: 28-29). فقد صنع الله لك طريق الرجوع بواسطة ابنه يسوع المسيح، وبغضّ النظر عن كلّ ما قد فعلتَه.

لقد عاش يسوع حياته كاملةً بلا خطيّة، ومع ذلك كان لديه الاستعداد التام أن يموت على الصليب ويتلقّى العقاب الذي نستحقه. إنّ موته على الصليب وقيامته المظفّرة يضمنان لك كل البركات الإلهية، بما فيها الغفران. كلّ ما عليك فعله هو أن تتوب وتسلّم حياتك للرب يسوع (أعمال الرسل 3: 19).

هذا ما يدعوه الكتاب المقدس “الولادة الثانية” من روح الله (يوحنا 3: 3، 5). نحن ندخل في اختبار الولادة الثانية من خلال التوبة عن خطايانا، وإخضاع حياتنا ليسوع المسيح كمخلص ورب، والثقة بإيمان أنّه سيغفر لنا ويطهرنا من كل خطية (رومية 3: 23؛ 10: 13؛ 1يوحنا 1: 8، 9؛ يوحنا 1: 12)

كيف تعيش دون الشعور بالذنب

إن ردّ الله على الخطية والشعور بالذنب، يحقّق ما لم يستطع الجهد البشريّ أن ينجزه. فشكرًا لدم المسيح، حيث نستطيع “أن نتقدّم” إلى الله “فِي يَقِينِ الإِيمَانِ، مَرْشُوشَةً قُلُوبُنَا مِنْ ضَمِيرٍ شِرِّيرٍ، وَمُغْتَسِلَةً أَجْسَادُنَا بِمَاءٍ نَقِيٍّ.”

إن هذا التطهير ليس مجرّد واقعة تحدث لمرّة واحدة. ففي كل مرّة يقوم بها الروح القدس بتبكيت “تأنيب” أرواحنا على أننا أخطأنا، نستطيع آنذاك أن نرجع إلى عرش نعمته لكي ننال رحمة (عبرانيين 4: 16). وإذا فشلنا مرة في التوبة كاستجابة إلى الشعور بالذنب، يمكننا أن نتوقع استمرار الله بالعمل في حياتنا إلى حين أن نأتي إليه بتواضع. لأن الله يطلب الأولاد الذين يخدمونه بـ “ضمير طاهر” (1تيموثاوس 3: 9).

إن امتلاك ضميرٍ صالح يتطلّب أيضًا أن نسير بتواضع وتوبة نحو أولئك الذين حولنا. لذا تأكّد من أنك تطلب المسامحة وتسامح في الوقت نفسه.

الاستيلاء على المشتكي

في بعض الأوقات، يستخدم إبليس “عدوّ نفوسنا” الشعور بالذنب ليبعدنا عن الرب. يصف الكتاب المقدس إبليس بـ “المشتكي على الإخوة” الذي يظهر أمام الله ليلًا نهارًا ويشتكي أمامه على المؤمنين (انظر رؤيا 12: 10).

إن هذه الشكاوى “الاتهامات” تترك لدينا شعورًا وكأن الله لم ولن يغفر لنا. فنستجيب نحن لهذا بالعار، والغضب، والمرارة، والاكتئاب، ما يبعدنا من ناحية أخرى عن محضر الله.

إن هذا النوع من الشعور بالذنب الذي لا يفارقنا حتى بعد أن نتوب إلى الرب يسوع ونرجع إليه، هو ليس من الله. فكما رأينا، أن دم المسيح يرضي برّ الله بالكامل. وبالتالي ” لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (رومية 8: 1).

إن كنت قد قدّمت توبةً عن كل خطاياك، ولكنك لا تزال تشعر بأن المشتكي لا يزال يهددك خلسة، واجه هذه الشكاوى بكلمة الله. فكما قال يسوع “إِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا” (يوحنا 8: 36).

يمكنك أيضًا أن تصلّي

إن الله يريد أن يحررك من أيّ شيء يعرقل حياتك بشكل كامل، ويعيق حريتك في المسيح. إذا كنت تريد معالجة مشكلة الشعور بالذنب، اختر النهج الذي يقودك إلى الحياة؛ وهو التوبة. ثم ثابر في بقائك على هذا النهج من خلال قبولك الكامل لغفران الله وتطهيره:

“أيها الآب، أنا أعترف لك بخطاياي. أشكرك لأنّك غفرت لي كل خطية ارتكبتُها. وأشكرك لأنك حرّرتني من ثقل الشعور بالذنب. وأطلب منك أن تساعدني أن أستمرّ في العيش من أجلك كلّ يوم. آمين”

كلمة الله عن الشعور بالذنب

“فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِدَمِ يَسُوعَ. طَرِيقًا كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثًا حَيًّا، بِالْحِجَابِ، أَيْ جَسَدِهِ … لِنَتَقَدَّمْ بِقَلْبٍ صَادِق فِي يَقِينِ الإِيمَانِ، مَرْشُوشَةً قُلُوبُنَا مِنْ ضَمِيرٍ شِرِّيرٍ، وَمُغْتَسِلَةً أَجْسَادُنَا بِمَاءٍ نَقِيٍّ.” (عبرانيين 10: 19، 20، 22)

نصوص كتابية للدراسة

رومية 6: 23

أجرة الخطية؛ هبة الله

1تيموثاوس 4: 2

أثر الكذب على ضمائرنا

1يوحنا 1: 9

أمانة الله في الغفران

إرميا 31: 34

لا ذكر للخطية بعد

يوحنا 1: 12؛ 5: 24؛ 8: 36

الإيمان بيسوع ينجي من الخطية

رومية 6: 18، 22؛ 8: 1

التحرر من الخطية والدينونة

You are my Handiwork-أنت عمل يد ي

أنت عمل يدي

عندما استيقظت صباح اليوم، همس الرب في أذني قائ اًل: “أنت عمل يدي”. تص ّور! أنا عمل يدي هللا! وأنت

ن “عمل اليدين” هو الشيء المصنوع بصفة شخصية بأيدي فنّان؛

هللا! وف اقا لتعريف المصطلح فإ ي

عمل يد

ن مبدع الكون، من خلق السماوات واألرض، أولى اهتمامه

إ .ي

مثل النحات أو الحائك أو الرسام أو الحرف

في صنعي وصنعك. لقد صنعنا بأيديه وأشرف على كل تفصيلة.

ك ْليَتَي.

ت (يا هللا) ا ْقتَنَ ْيت

أ ْن ك

أل َّن

ن أ ِّمي

جتَنِي فِي بَط

نَسَ

خ َفا ِء،

ت فِي ا ْل

صنِع

حي َنما

عظا ِمي

ف عَ ْنك

ختَ

تَ  ْم    َل    .

أل ْرض

عماقِ ا

ت فِي أ

ورقِ ْم

15 ،13 :139 مزمور

ل جز ٍء معقّ ٍد

كل ك

ن إله الكون قد ش

ف مأساوية، فإ

وجودنا ليس مج ّرد مصادفة. حتى وإن ولدنا تحت ظرو

من ذواتنا. هو يح ّبنا، بغض النظر عن الحالة التي جئنا فيها إلى هذه الحياة.

لماذا خلقنا هللا؟ إ ّنه يريد أن يح ّبنا. ويريدنا أن نحبّه ونختبره. ويرغب بأن يبني عًلقة معنا. ويريدنا أن

نمجده على كل ما صنع.

الفنان الماهر والمحترف، عندما يصوغ قطعته الفنّية رائعة، يسميها تحفة. وعند انتهائه من هذه التحفة، يوقّع على عمله لكي يعرف اآلخرون أ ّنه هو من أنجزها. وعلى نفس المنوال، يس ّمينا هللا أبونا “تحفته” ويضع

ب بك وبي، ومسرو ٌر بنا، نحن عمله.

معج

هللا ن

توقيعه على حياتنا. إ

يمكن أن يكون هناك نسخ كثيرة من التحفة نفسها، ولكن هناك نسخة واحدة هي األصل. هناك واح ٌد فقط

منك، ومص ّمم بفرادة من قبل هللا، من حباك بالشخصية، والمهارات، واإلمكانيات، والرغبات. أنت فقط

تستطيع أن تفعل األمور الصالحة التي خططها لك منذ فترة طويلة.

وأل ّننا تحفة هللا. فقد خلقنا من جديد في المسيح يسوع، لكي نتمكن من القيام باألعمال الصالحة التي عيّنها لنا

في السابق (أفسس :2 )10 “ألَ َّننَا نَحن ع َملُهُ، مخ ُلوقِين  ِفي ا ْل َمسيحِ يَ  وع ألَع َمال صا ِلح ٍة، ْد سبَق هللاُ  َفأَع َّدها

لكي نَسلُك  ي َها”.

أنت عمل يدي هللا، تحفته. اشكره ألنه خلقك وأعطاك تلك الصفات الخاصة. واطلب منه أن يقودك في

طريق الحياة التي أع ّدها لك.

The Oneness of God-Trinity-وحدانية الله

وحدانية الله

(أ) الله واحد

إنّ وحدانية الله مبدأ أساسي في الكتاب المقدس:

  1. العهد القديم (التوراة؛ إلخ):

“إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ” (تثنية 6: 4؛ 4: 35، 39؛ 32: 39)؛ “اُنْظُرُوا الآنَ! أَنَا أَنَا هُوَ وَليْسَ إِلهٌ مَعِي” (تثنية 32: 39 a؛ خروج 20: 3؛ صَمُوئِيلَ الثَّانِي 7: 22؛ الْمُلُوكِ الأَوَّلُ 8: 60)؛ “أَنْتَ اللهُ وَحْدَكَ” (مزامير 86: 10 b؛ ملاخي 2: 10)؛ “هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَفَادِيهِ رَبُّ الْجُنُودِ: «أَنَا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخِرُ وَلاَ إِلَهَ غَيْرِي” (إشعياء 44: 6، 8)؛ “اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ لأَنِّي أَنَا اللَّهُ وَلَيْسَ آخَرَ” (إشعياء 45: 22، 5-6، 18، 21؛ 46: 9). “قَبْلِي لَمْ يُصَوَّرْ إِلَهٌ وَبَعْدِي لاَ يَكُونُ. أَنَا أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ” (إشعياء 43: 10-11).

  1. العهد الجديد (إنجيل؛ إلخ):

“فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ” (مرقس 12: 29؛ متى 4: 10)؛ “اللهَ وَاحِدٌ” (رومية 3: 30 a؛ تِيمُوثَاوُسَ الأُولَى 2: 5)؛ “نَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ وَثَنٌ فِي الْعَالَمِ وَأَنْ لَيْسَ إِلَهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِدا” (1 كورنثوس 8: 4 b)؛ “اللهَ وَاحِدٌ” (غلاطية 3: 20 b؛ تَسَالُونِيكِي الأُولَى 1: 9؛ يعقوب 2: 19؛ أفسس 4: 6؛ يهوذا 25).

في الواقع، علّمت الكنيسة أن الله واحد منذ بداية المسيحية.

(ب) معرفة الله

لقد وضع الله في قلب الإنسان الرغبة في معرفة مصدره وغايته ومصيره. قد وُهبت معرفة الله للإنسان ليس لإرضاء فضول العقل البشري، ولكن لتحقيق الخلاص للبشرية. ليست هذه معرفة علمية أو فلسفية، ولكنها فطنة روحية للإنسان الداخلي تأتي بنعمة الله بواسطة الإيمان بالمسيح. يحتاج الإنسان إلى هذه المعرفة لكي يحب ويعبد الإله الأبدي الحي القدير الحقيقي، ويعيش معه في حياة شركة أبدية.

ألله هو مصدر ونهاية كل شيء؛ غير مخلوق، كامل، كائن حتمي؛ لانهائي، أزلي أبدي؛ كلي الحضور، كلي المعرفة، كلي القدرة، خالق، مخلص، ومتمم كل شيء؛ كلي الوجود والسمو في نفس الحين، قدوس موجود في وسطنا؛ كامل الحرية، روحي، مستجيب؛ طاقاته ممتازة، مقدسة، صالحة، عادلة، جوادة، محبة، كريمة، رحيمة، صابرة؛ ومن ثم مباركة ومبتهجة أبديا. قداسة الله لا تضاهى في الجمال.

تسمو وتعلو حقيقة الله الأكثر إيجابية على عقل ومنطق الإنسان. الله هو سبب ومصدر وجود كلّ الأشياء. طبيعته الإلهية هي روحية كلية. الله هو كائن شخصي موجود كحقيقة شخصية عُليا بسيطة. إن علم اللآهوت الأرثذوكسي يُميز بين جوهر/طبيعة ذات الله الداخلية الغير مخلوقة السامية، وطاقاته الغير مخلوقة القدسية التي تنبع منه. يقول القديس باسيليوس: “نعرف إلهنا من أعماله، لكننا لا نستطيع أن نقترب من جوهر ذاته الإلهية، لأن أعماله (طاقاته) تنزل وتأتي إلينا بينما لا يمكن الإقتراب من جوهره الإلهي.” لا يستطيع العقل البشري المحدود أن يعرف جوهر الله الأقدس. نؤمن بجوهره الأقدس لأننا نختبر طاقاته (قواته وأعماله) المختلفة. نعرفه في أعماله وطاقاته التي لا يمكن فصلها من جوهره. فإن الطاقات الإلهية القدسية تبيّن الله بنفسه في أعماله وإعلانه عن ذاته. فهي تتخلّل كلّ خليقته. تشبه طاقات الله أشعة الشمس. الأشعة هي طاقات الشمس، ولكنها ليست مادة الشمس. الطاقات الإلهية هي الله، ولكنها ليسب جوهره. الطاقات الإلهية هي الوسائل التي بواسطتها يعمل الله خارج نفسه (جوهره). يدخلون حياة الإنسان والكون. لكن جوهره لا يفعل ذلك.

لا يخلق الله العالم من جوهره، ولكن بطاقاته. بكلّ عملية (نمط طاقة)، يخلق أو يُدعم ألله سمة مُعينة من الخليقة. إنّ الطاقات الإلهية هي خواص لله مُعبرة في سلسلة من الأعمال. الله، الفاعل لكلّ العمليات المتنوّعة، كامل لا يتأثر ولا يتغير. كلّ طاقات الله لانهائية ولن تتوقّف عن الإنبثاق من الله.

يخلق الله كل شيء بحرية كاملة. لا يوجد أي ضغط خارجي أو ضرورة على الله لكي يخلق عالما. أوجد الله المخلوقات حتى يفيض عليها بخيراته. يسمو الخالق فوق كل خليقته. لا يضمحل خير الله وكينونته بفعل الخلق. لم يفقد الله جزءا من كينونته عندما خلق. عملية الخلق مثلما “توقد شعلة واحدة الكثير من المشاعل، بدون أن يقلل هذا من ضوء الشعلة الأولى التي أشعلت العديد من المشاعل” (تاتيان).

يحفظ الله المخلوقات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بوسائل ثانوية. تعتمد كينونة كل مخلوق على الله “الَّذِي بِيَدِهِ نَفَسُ كُلِّ حَيٍّ وَرُوحُ كُلِّ الْبَشَرِ” (أيوب 12: 10). لا يمكن لأي مخلوق أن يستمر في الوجود لحظة واحدة، بل ينهار إلى العدم، إذا لم تحتفظ بوجوده الطاقة الإلهية.

نختبر ونعرف الله من عملياته المختلفة فيما يتعلق بالعالم المرئي، وأنفسنا. تستهدف العمليات الإلهية قيادة الخليقة إلى التقديس. ممكن للإنسان أن يحيى في حياة شركة حقيقية مع الله بالمشاركة في طاقاته، على الرغم أنّ جوهر الذات الإلهية عال وغير مشارك. المؤمن المسيحي يتقدس تدريجيا، وتزداد معرفته بطاقات الله القدسية، بالمشاركة في نعمة الله، التي هي إحدى الطاقات الإلهية الغير مخلوقة. يؤمن المؤمن المسيحي بقوة في الله الحيّ لأنه يعرفه مباشرة خلال طاقاته في تجربته واختباراته الشخصية، ليس بسبب براهين منطقيّة وحجج معقولة، التي، رغم مساعدتها في الفهم، قد لا تؤدي إلى الإيمان القوي.

سجية الله البارة الصادقة الحقيقية لا تتغيّر في سماتِها. ألله كامل في كلّ شيء. لذلك هو ليس بحاجة إلى أن يتغيّر لكي يصبح أكثر كمالا: “لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ” (ملاخي 3: 6a ؛ رومية 11: 29؛ بُطْرُسَ الأُولَى 1: 25؛ يعقوب 1: 17). لكي يبقى الله صادق لسجيته التي لا تتغير، قد تتغيّر مشاعره وردّه نحو شخص أو مجموعة من الناس خيرا أو شرا نتيجة تغيّر في الشخص أو المجموعة: “فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقًّا وَعَدْلًا فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟ وَإِذَا رَجَعَ الْبَارُّ عَنْ بِرِّهِ وَعَمِلَ إِثْمًا وَفَعَلَ مِثْلَ كُلِّ الرَّجَاسَاتِ الَّتِي يَفْعَلُهَا الشِّرِّيرُ, أَفَيَحْيَا؟ كُلُّ بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَهُ لاَ يُذْكَرُ. فِي خِيَانَتِهِ الَّتِي خَانَهَا وَفِي خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا يَمُوتُ” (حزقيال 18: 21-24).

نستمد معرفتنا عن الله من مصدرين أساسيين:

  1. خليقة الله. ندرك الله غير المنظور وحبه الأبدي وقوته وجلاله بملاحظة خليقته النظورة. “مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ…” (رومية 1:20).
  2. الوحي الإلهي، الذي بلغ ذروته في تجسد كلمة (ابن) الله في المسيح. “اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ” (يُوحَنَّا 1: 18). “…وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الاِبْنُ وَمَنْ أَرَادَ الاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ” (متي 11: 27). “وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ…” (يُوحَنَّا الأُولَى 5: 20). يُقدم الكتاب المقدس والتقليد المقدس الوحي الإلهي. حتى يمكن التعبير عن بعض الحقائق الألهية بلغة بشرية، تستخدم بعض مقاطع من الكتاب المقدس أسلوب التشبيه لوصف طبيعة وأعمال الله، مثل عيون الله، ويديه وقدميه ورفقه، وغيرها. ينبغي ألا تُؤخذ هذه التشبيهات حرفيا. لقد علمنا السيد المسيح أن “اَللَّهُ رُوحٌ…” (يوحنا 4: 24).

(ج) الثالوث الأقدس

  1. عقيدة الثالوث الأقدس

لا يمكن للإنسان وهو المخلوق المحدود أن يفهم بالكامل طبيعة خالقه اللانهائي، وأعماله وأفكاره الداخلية. المستوى الأعلى بكثير للوجود الإلهي غامض وغير مفهوم للإنسان المخلوق ذي الوجود الأوطأ. إذا كنا لا نستطيع فهم وجودنا البشري بالكامل، كيف نستطيع أن نفهم بالكامل أسرار خالقنا! معرفة الإنسان مقيّدة بنمط تعليمه، الذي يحدث خلال الواقع المحدود في هذه الحياة. ولعله من المهم أن نتذكّر قصّة القديس أوغسطينوس عندما كان سائرا على شاطئ البحر يحاول فهم أسرار الثالوث الأقدس. رأى طفلا صغيرا يحاول وضع البحر في حفرة صغيرة حفرها في الرمل. فقال أوغسطينوس للطفل أنه لا يمكنه فعل ذلك. أجاب الطفل، الذي كان في الحقيقة ملاكا، قائلا، “وأنت لا تستطيع أن تفهم بالكامل الثالوث الأقدس الغير محدود بعقلك المحدود.” قال القديس أغسطينوس: “إذا كنت تفهمه، فإنه ليس الله.” إنّ أسرار الله أكبر كثيرا من منطق العقل البشري. الحقيقة ليست دائما بسيطة. في كثير من الأحيان، الحلول البسيطة هي حلول خاطئة. الإله الذي قد ندّعي فهمه بالكامل بمنطقنا البشري هو أصغر من عقل الإنسان، وبالتالي، ليس أكثر من صنم يُشبهنا اخترعه البشر في مخيلتنا. الإله الذي يمكن تخفيضه إلى حدود منطق العقل البشري لا يمكن أبدا أن يكون الله الحي الحقيقي. ليس هو الله الحي الحقيقي للكتاب المقدس والكنيسة المسيحية: “هُوَذَا اللهُ عَظِيمٌ وَلاَ نَعْرِفُهُ وَعَدَدُ سِنِيهِ لاَ يُفْحَصُ” (أيوب 36: 26؛ 11: 7-8). قال الرب الإله خلال النبي إشعياء: “لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ هَكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُم” (إشعياء 55: 9).

ينبغي أن يخدم العقل البشري الوحي الإلهي باتضاع، ولا يحكم عليه. ينبغي أن يخضع العقل البشري لحكمة الله. الإله الحقيقي هو أعلى من منطق العقل البشري المحدود، لأنه غير مخلوق لانهائي، في حين أن العقل البشري مخلوق محدود. عقيدة الثالوث الأقدس موحى بها في الكتاب المقدس. لا يمكن إثباتها بالعقل البشري. لكنها لا تناقض منطق العقل. يحتاج الجنس البشري أن يقبل بالإيمان إعلان الله عن نفسه في الوحي الإلهي في الكتاب المقدس. ينبغي تقديم الوحي الإلهي على المنطق البشري.

أدرك القديس أوغسطينوس أنّ الله ترك آثارا وعلامات ثلاثية في كل مكان حولنا. الأمثلة على ذلك تكثر. تتألف الشمس من مادتها/جسمها، وهجها/ضوئها، وحرارتها. تتكون الشجرة من جذرها، فروعها/ساقها، وثمارها. عند النقطة الثلاثية للماء (في علم الطبيعة)، يوجد الماء بشكل سائل، وغاز (بخار)، وثلج في آن واحد. يتكون الكون المرئي من الفضاء، والمادة/ الطاقة، والزمن. يتطلّب الفعل الإنساني للفهم العقل، مواضيع الفهم، والإدراك/الفهم. يتطلّب الحبّ مُحبّا، محبوبا، وعاطفة الحبّ التي تضم الثلاثة في واحد. كما أن الله مثلث الأقانيم: عقل، وكلمة/حكمة، وروح في واحد. الإنسان الذي خُلِق علي صورة الله (تكوين 1: 26-27) يتكون من عقل، وفكر (كلمة)، وروح متحدين في إنسان واحد. الفكر (الكلمة) مُنجبة/مولودة من عقل الإنسان، وروحه منبثقة منه. على نفس النمط، الابن مُنجب/مولود من الله الأبّ، والروح القدس منبثق من الآب. نرى في كلّ هذه الأمثلة وحدة ومساواة وتمييز. رغم أنّ في هذه الأمثلة المساعدة تشابه، وإشارة وإيحاء إلى الثالوث الأقدس، هي ليست كاملة التشابه.

وهكذا، فإن الكون الذي قد خلقه الله يشهد ويؤكد طبيعة خالقه المثلثة، التي هي التعبير الكامل عن كيانه. بينما تنتشر في الطبيعة المخلوقة أمثلة عن وحدة الثالوث الأقدس، لا يمكن العثور على أي كائن طبيعي مخلوق ذي وحدة غير متميزة مثل الإله الوحيد الشخصية.

إنّ مبدأ الثالوث الأقدس هو أحد المبادئ الأساسية للإيمان المسيحي. الله جوهر واحد غير مُقسّم وأقدس في ثلاثة أقانيم/أشخاص متميّزين: الله الآب، كلمته/حكمته (الله الابن)، وروحه القدوس (الله الروح القدس). الله قائم بذاته، عاقل/ناطق بحكمته/كلمته، وحي بروحه. من أوجه اختلاف الطبيعة البشرية المخلوقة عن الطبيعة الإلهية الغير مخلوقة الفريدة من نوعها، أن الطبيعة البشرية واحدة لكنها ليست فريدة من نوعها نظرا لأنها تتكاثر في كل مرة يولد إنسان جديد. الثالوث الأقدس أزلي أبدي موجود قبل خلق الكون بأزمان طويلة. ليس له بداية وليس له نهاية. لم يحدث على الأطلاق في أي زمن أن الله الآب وُجد بدون كلمته/حكمته (إبنه) أو بدون روحه القدوس (حياته). كلمات، الآب، الابن، الروح القدس، والولادة، تُستخدم بطريقة رمزية مجازية للتعبير عن حقائق لاهوتية أزلية أبدية بواسطة اللغات البشرية القاصرة حتى يستوعبها عقل الأنسان المحدود. يعجز الإنسان عن وصف حقيقة الله باللغات البشرية بدون استخدام التشبيه والمجاز. يشبه هذا أب بشري يستخدم لغة بسيطة عندما يحاول شرح موضوع صعب لطفله.

عندما تحدث الوثنيون في القديم عن الثلاثيات، اعتقدوا باتحاد ثلاثة آلهة مستقلة، مثل 1+1+1=اتحاد كونفدرالي. الثالوث الأقدس ليس ثلاثة آلهة منفصلة متحدين في واحد. في الواقع، التوحيد المسيحي الثالوثي يدحض ويفند هذا الاعتقاد الوثني. العقيدة المسيحية للثالوث الأقدس تبدأ بواحد متميز في ثلاثة، وتنتهي في واحد. يشبه هذا 1=1×1×1=1. لقد خلق الله الواحد المثلث الأقانيم الطبيعة، وفرض عليها قوانين الفيزياء والرياضيات. ومع ذلك، هو نفسه لا يخضع لهذه القوانين. إنه يسمو فوقهم.

لم تُعلم المسيحية أبدا أن العذراء مريم، والدة السيد المسيح، هي إلهة. رغم ذلك، يقول القرآن في المائدة 5: 73-75، 116؛ النساء 4: 171؛ والتوبة 9: 31 أن المسيحيين يعبدون ثلاثة آلهة: ألله، ومريم، والسيد المسيح. لم يميز محمد بين هذه البدعة المسيحية القليلة الأهمية (بدعة المريميين) التي حاربتها الكنائس المسيحية واختفت في نهاية القرن السابع الميلادي وبين الإيمان المسيحي الصحيح المنتشر في كافة العالم المسيحي في زمانه.

بسبب وحدة الجوهر الأقدس الغير مُقسّم، تُوجد إرادة/طاقة واحدة فقط في الثالوث الأقدس لأشخاص اللاهوت الثلاثة. هذا يعني أنّ لا أحد من أشخاص اللاهوت الثلاثة يعمل بشكل مستقل من الشخصين الآخرين. هناك التقاء والتصاق متبادل دائما (يوحنا 5: 19؛ 10: 30). في الثالوث الأقدس، الآب هو المصدر الوحيد–الأصل الأول الذي ليس له أصل– للابن، وللروح القدس. إنّ أشخاص الثالوث الأقدس الثلاثة متّحدون في جوهر اللاهوت بدون وساطة أو مسافة. كلّ شخص إلهي يُقيم في الآخرين بدون إمتزاج وبدون اختلاط. في أيّ من أشخاص الثالوث الأقدس، الشخصين الآخرين مرئيان ومُعلنان بشكل مستمر، لأن الإنجاب والانبثاق هي أفعال داخلية في اللاهوت المطلق اللانهائي.

كلّ شخص إلهي في الثالوث الأقدس يحتوي الآخرين؛ ويمتلك، ليس ثلث الألوهية، بل كلها. رغم ذلك، كلّ شخص في الثالوث الأقدس متميّز شخصيا. قوانين علم الرياضة المحدودة لا تنطبق على الله الذي هو أعلى منها. الله ثلاثة في واحد، وغير قابل للانقسام. إنّ أشخاص الثالوث الأقدس الثلاثة متميزون، لكنّهم داخليون في وحدتهم ككائن لا يعرف أي تفريق لدرجة أنّه من المستحيل فصلهم لثلاثة كيانات بينها عدم استمرار. إنّ جوهر اللاهوت الموجود بذاته غير مُقسّم لأشخاص منفصلين. وحدة الله ليست وحدة أجزاء مفصولة، لكنها وحدة أجزاء مُتميّزة. هكذا، طاقات اللاهوت بأكمله تُعلن للمؤمن المسيحي أحيانا في الأب، وأحيانا أخرى في الابن وفي الروح القدس.

إنّ أشخاص الثالوث الأقدس الثلاثة من نفس الجوهر الإلهي الواحد الغير منقسم؛ ولهم، في طبيعتهم الإلهية، نفس الخواص الإلهية بالنسبة للأبدية، والإرادة، والطاقة، والقوّة، والمجد، والسلطان. إنّ التمييز بينهم مؤسس على خواصهم الأقنومية التي تتعلق بمصدرهم. الأب هو المصدر الوحيد في الثالوث الأقدس الذي ليس له مصدر ويتميز بالأبوّة. الابن يتميز بأنه ابن الآب المولود/المُنجب منه. الروح القدس يتميز بأنه مُنبثق من الآب. الله الآب لا يخلق الله الابن والروح القدس تماما مثل الأم التي لا تخلق طفلها. الترتيب المذكور في الكتاب المقدّس للآب والابن والروح القدس كالأشخاص الأول، والثاني، والثالث في الثالوث الأقدس لا يدلّ على أيّ رتبة، تفوق، أو تبعية لهم في الثالوث الأقدس لأنهم جميعا متساويين في اللاهوت وكائنين منذ الأزل إلى الأبد. هذا الترتيب يقترح فقط علاقة الأب كمصدر الابن والروح القدس.

في العملية الإلهية الواحدة، كلّ شخص إلهي في الثالوث الأقدس يساهم بما هو ملائم ومميز له: الأب، في المقام الأول ولكن ليس على سبيل الحصر، هو خالق الكلّ (ألله فوقنا)؛ الابن (كلمة/حكمة الله الآب)، في المقام الأول ولكن ليس على سبيل الحصر، هو الذي به خُلِقت كلّ الأشياء وبه تم الفداء (الله معنا)؛ الروح القدس، في المقام الأول ولكن ليس على سبيل الحصر، هو مُعطي الحياة ومصدر التقديس (الله فينا وفي كل الخليقة). الله الواحد حاضر في كل أعمال الثالوث الأقدس.

إنّ أشخاص الثالوث الأقدس داخليون في بعضهم، ولذلك لا يحصلون على شيء من الخارج، لكنّهم متميزين في شخصياتهم، ويجدوا أنفسهم في حركة دائمة وحياة شركة محبّة وكينونة. تُقوّي هذه المشاركة الشخصية الكليّة الطابع الشخصي لله إلى الدرجة الأعظم. إنّ الوحدة الكاملة لأشخاص الثالوث الأقدس مؤسسة على الحبّ الإلهي المثالي الذي يتميّز بإنكار الذات التامّ. لا توجد أنانية في هذه الوحدة. الروح القدس، الشخص الثالث في الثالوث الأقدس، هو المعزي الذي يؤسّس حياة شركتنا مع الله. خلال الروح القدس، يسكن الله في المؤمن المسيحي. يقدّس الروح القدس تدريجيا المؤمن المسيحي في المسيح. خلال الروح القدس، يشارك المؤمن المسيحي في طاقات الله. نستطيع القول أنّ الروح القدس هو الله فينا، الابن هو الله معنا، والآب هو الله الأعلى منّا.

  1. الله ليس وحيد الشخص

من المهم تأكيد حقيقة أنّ الإله الذي هو شخص وحيد منحصر في ذاته لا يستطيع اختبار ملء السمات الإلهية الأساسية الخاصة بالعلاقات الشخصية لحياة الشركة والحبّ وسكب الذات التي يعيشها الأقانيم الإلهية الثلاثة للثالوث الأقدّس منذ الأزل. الإله الوحيد الشخص يعتمد على خليقته في التعبير عن هذه السمات الأساسية. فهو قابل للتغيير، لأن خليقته لم تكن موجودة في الأزل، وهو يعتمد على شيء خارج كيانه. لذلك الإله الوحيد الشخص هو إله ناقص لأنه لا يستطيع أن يختبر ملء الوجود. الله القدير كامل في ذاته الإلهية في كلّ شيء. لذلك لديه اكتفاء ذاتي في داخله، ولا يحتاج إلى خليقته ليختبر حياة شركة المحبة معها أو ليعبر عن أي من سماته الإلهية الأساسية. الخليقة لا تضيف أيّ شيء لوجوده وكينونته. الله لم يخلق العالم لإشباع حاجة ضرورية لديه. الثالوث الأقدس ليس له احتياج لآخر حيث يصبّ ويسكب محبّته العظيمة، لأن الآخر هو في الثالوث الأقدس. الله المُكتفي ذاتيا لا يعتمد على أيّ وجود غير إلهي خارج ذاته، ولا يتغير. لذلك، الإله الحقيقي الحيّ للكون لا يمكن أن يكون إله وحيد الشخص.

النقص الآخر في الإله الوحيد الشخص أنّه يفتقر إلى وسائل المشاركة العميقة القريبة الوثيقة مع خليقته. لا يمكن أن تتم هذه المشاركة بواسطة ملاك يُرسله اللّه، لأن الملاك هو مخلوق محلي ومحدود يستطيع أن يتّصل خارجيا فقط بشخص واحد في وقت ما. كما أن الملاك لا يستطيع أن يُؤثر في قلب الإنسان من الداخل لكي يعطيه إضاءة إلهية داخلية. على عكس ذلك، الروح القدس الغير مخلوق للإله الحيّ المثلث الأقانيم غير محدود وغير محصور في مكان معين (المَزَامير 139: 7-12؛ إِرْمِيَا 23: 24؛ أَعْمَالِ الرُّسُلِ 17: 28). الروح القدس يضيء بالنور الإلهي في الأعماق الداخلية لقلوب كثير من المسيحيين في نفس الوقت. يود الله حياة شركة مع خليقته. يسكن الله بروحه القدوس (الشخص الثالث في الثالوث الأقدس) في خليقته البشرية المؤمنة. هو إله عظيم جدا يحكم الكون، وهو إله يهتمّ بالبشر لدرجة أنه يحيى حياة بشرية كاملة في المسيح يسوع، وهو إله مُحب وودود لدرجة أنه يعيش في كلّ مؤمن مسيحي.

الإله الوحيد الشخص لا يُكوِّن علاقات. فقد عاش قبل الخليقة في عزلة تامة ووحدة كاملة في فراغ أبدي. لا يوجد في مجتمع إلهي. لا يستطيع إله وحيد الشخص أن يخلق كائنات ترغب المعيشة في مجتمع. على العكس من ذلك، تؤمن المسيحية أن الثالوث الأقدس هو المجتمع الإلهي الأزلي الأبدي في وحدة مطلقة. ولذلك، فإن البشرية، باعتبارها انعكاسا لإله المسيحية، ترغب المعيشة في مجتمع. أعمال الله هي انعكاس لطبيعته.

سمات إله التوراة والإنجيل الخاصة بالعلاقات الشخصية (مثل المحبة، والشركة، والتعاطف، وسكب الذات، الخ) قد أُعربت وعُبِرت منذ الأزل في إطار العلاقة بين الأشخاص الثلاثة للثالوث الاقدس. من جهة أخرى، الإله الوحيد الشخص يعتمد على خليقته للتعبير عن هذه الصفات. إنه معتمد على خليقته ومُتغير. هو قابل للتغيير، لأن خليقته لم تكن موجودة في الأزل، وهو يعتمد على شيء خارج كيانه حتى ينمو في تحقيق ذاته. انه ليس الإله المُتسامي المطلق الغير قابل للتغيير. ليس هو الإله الحقيقي، بل مجرد كائن رفيع!

(د) تعليم الكتاب المقدس عن الثالوث الأقدس

إنّ تعليم الكتاب المقدّس عن الثالوث الأقدس مؤسس في العهد القديم (التوراة):

تكلّم السيد المسيح، المخلص المنتظر الموعود، خلال إشعياء النبي قبل تجسده وولادته من مريم العذراء بحوالي سبعمائة سنة قائلا:

“تَقَدَّمُوا إِلَيَّ (الابن). اسمعوا هَذَا. لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنَ الْبَدْءِ فِي الْخَفَاءِ. مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ وَالآنَ السَّيِّدُ الرَّبُّ (ألآب) أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ (الروح القدس)” (إشعياء 48: 16؛ 42: 1)؛ “رُوحُ (الروح القدس) السَّيِّدِ الرَّبِّ (ألآب) عَلَيَّ (الابن) لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ. أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ” (إشعياء 61: 1؛ 63: 7-10).

في كلتا الآيتين، “السيد الرب” هو الله الأب، وروح السيد الرب هو الروح القدس. ظهر الرب لإبراهيم في هيئة ثلاثة رجال تكلّموا معه كواحد؛ وعبد إبراهيم الواحد (تكوين 18: 1-5، 9-19). لقد عاش إبراهيم حوالي 2000 سنة قبل المسيح. تمجّد الملائكة الله في ملكوت السماوات بترتيل ترنيمة الثلاث تقديسات: “قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ” (إشعياء 6: 3؛ رُؤْيَا 4: 8).

العهد الجديد (الإنجيل، إلخ) يوضّح ويؤكّد مبدأ الثالوث الأقدس. يؤكّد ألوهية ووحدة الآبّ، وكلمته (الإبن)، وروحه القدوس، فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ، وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. “فَأَجَابَ الْمَلاَكُ: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْك (مريم العذراء) وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ (ألآب) تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ” (لوقا 1: 35). “وَنَزَلَ عَلَيْهِ (يسوع) الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ (الآب) مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ بِكَ سُرِرْتُ!»” (لوقا 3: 22؛ متى 3: 16-17؛ 17: 2-5؛ أَعْمَالِ الرُّسُلِ 20: 28). تؤكّد الصيغة المختصة بالمعمودية ألوهية، وتمييز، ومساواة، ووحدة الأبّ، والابن، والروح القدس: “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ” (متى 28: 19؛ 16: 15-17). الآب، والابن، والروح القدس كانوا متجلين ومتميّزين في معمودية السيد المسيح (متى 3: 16-17). مباركة القديس بولس الرسول تجمع بالتساوي وبتمييز السيد المسيح (الابن)، والله (الآب)، والروح القدس (2 كورنثوس 13: 14). الروح القدس لله الآب يًعلن الإبن: “بِهَذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ (ألآب)، وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهَذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ” (1 يوحنا 4: 2-3). إنّ الروح القدس هو شخص إلهي في الثالوث الأقدس مُنبثق من الآب ومُرسل من الآب والابن، كما قال المسيح: “وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي” (يوحنا 15: 26؛ كولوسي 1: 13-16؛ العبرانيين 1: 1-4).

(ه) وحدة الله المثلث الأقانيم

لا تقلّ الثقة في وحدانية الله برؤية تعقيد وتفاصيل داخل تلك الوحدانية. إنّ وحدانية الله الحي المثلث الأقانيم كاملة تماما للأسباب التالية:

  1. أشخاص الثالوث الأقدس الثلاثة: الآب، وكلمته (الإبن)، وروحه الأقدس من نفس الجوهر الإلهي الواحد الغير منقسم. هم من نفس المادة والطبيعة الإلهية الواحدة الغير منقسمة.
  2. رغم أنّ هناك ثلاثة أشخاص في الاهوت، توجد إرادة واحدة فقط وطاقة مشتركة واحدة في الاهوت. الأبّ، الإبن، والروح القدس لهم نفس الإرادة الإلهية الواحدة، ليس ثلاثة؛ وفقط طاقة إلهية واحدة، ليس ثلاثة. لذلك، لا يمكن أن يحدث نزاع وخلاف في اللاهوت. لا يتصرّف أحد أشخاص الثالوث الأقدس أبدا منفصلا ومستقلا عن الإثنين الآخرين. هم إله واحد، ليسوا ثلاثة آلهة. قال المسيح: “أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ” (يوحنا 10: 30).
  3. يوجد مصدر واحد فقط في اللاهوت: الله الآب. هو الأصل الوحيد الذي ليس له أصل في اللاهوت. ألله الابن منجب/مولود من الله الآب. ألله الروح القدس مُنبثق من الله الآب.
  4. يُقيم ويُوجد كلّ شخص من أشخاص الثالوث الأقدس الثلاثة في الشخصين الآخرين، بدون اختلاط وبدون انفصال: “قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هَذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ أَرِنَا الآبَ؟ أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ” (يوحنا 14: 9-10).
  5. “… اللهَ مَحَبَّةٌ” (يُوحَنَّا الأُولَى 4: 8). المحبة هي في طبيعة الله الواحد المثلث الأقانيم. تميز المحبة الإلهية اللانهائية الكاملة المستمرة المتبادلة العلاقة الإلهية الشخصية للأقانيم الثلاثة في الثالوث الأقدس. اشتياق الإنسان للحب يعكس هذه الحقيقة الإلهية.

 

3lotus.com

The Peace the is in Jesus-السلام الذي في يسوع

السلام الذي في يسوع

call-of-hope.com

“سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ” ﴿يوحنا ١٤: ٢٧”.

ما أعظم الكلمات التي نطق بها المسيح قُبيل صلبه، وما أعظم ما تنطوي عليه من حقائق إلهية مباركة. وبالتأمل في الإصحاحات الأخيرة من إنجيل يوحنا نلاحظ أمرين هامين: الأول هو أنّ السيد كان يعلم بكل ما هو مزمع أن يتألم به. والثاني هو أنه رغم علمه هذا كان يتمتَّع بسلام كامل. يا لعظم هدوئه وثباته في تلك الساعة الحاسمة! ويا لسمو تعاليمه لتلاميذه عن المحبة والفرح والسلام!

فما هو إذًا معنى السلام الذي تحدّث عنه يسوع وما هي حقيقته؟

السلام ليس هو السلبية وعدم التأثر بالظروف والمؤثرات التي تدور حولنا، أو كما يظن البعض إنه عدم المبالاة وعدم الشعور. إنه عمل إيجابي. إنه اطمئنان القلب في الداخل من جهة كل الأمور التي تدور في الخارج.

ففي غمرة الأحزان والظروف القاسية نجد يسوع يخاطب العالم قائلًا: “سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ” ﴿يوحنا ١٤: ٢٧﴾.

ليس السلام نوعًا من الكبت وعدم إظهار المشاعر. ولا هو الركود، مثل البحيرة التي تبدو صافية عندما لا تكون هناك زوابع أو عواصف. كذلك فإنه ليس عدم المبالاة وإغفال الحقائق الأبدية كما يفعل الكثيرون من الخطاة لتهدئة ضمائرهم.

من الأفضل لنا أن تمتلئ حياتنا بزوابع الخوف من أن يكون لنا مثل هذا السلام المزيف. إنَّ السلام في حقيقة الأمر لا يتعلق بمشاعرنا المتغيرة المتقلبة، بل يتعلق باقتناعنا وفهمنا لحقيقة الأمور. كيف مات الشهداء وهم في سلام؟ ليس بمشاعرهم وعواطفهم فهي لا تميل للاستشهاد؛ لكنهم استشهدوا بسبب اقتناعهم بصحة الطريق الذي يسيرون فيه، وبصحة عقيدتهم، وحبًا في الذي مات لأجلهم، ولذلك تمتَّعوا بالسلام حتى في ساعة الموت.

السلام يتعلق بإيماننا بالحقائق الإلهية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ منا، والتي لو اضطررنا أن نموت في سبيلها لما تردَّدنا، لأننا لا نشك مطلقًا في صحتها. إنَّ سلامنا يستند على “الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا” (لوقا ١: ١)، وعلى “الملكوت الذي لا يتزعزع” (عبرانيين ١٢: ٢٨). وفي الوقت ذاته فهو لا يستند مطلقًا على ما نشعر به، أو على ما يدور في إحساساتنا. وحين يمتلكنا التأكيد والضمان من جهة الطريق الذي نسير فيه فإننا نتمتَّع بالسلام. لما سأل النبي أليشع المرأة الشونمية عن ابنها أجابته: “سلام” ﴿٢ ملوك ٤: ٢٦﴾، مع أنه كان ميتًا حينذاك، وحزنها عليه لا يُعبَّر عنه. فهي لم تبنِ سلامها على الظروف، أو على مشاعرها، بل على صلاح معاملات الله، وعلى إيمانها بأنَّ الله قادر على الإقامة من الأموات.

كان هذا هو سلام الرب يسوع أيضًا، راحة داخلية جاءت نتيجة المعرفة الصحيحة والتأكيد المطلق. لاحِظْ معرفته بالأبدية في قوله: “فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ… أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا” ﴿يوحنا ١٤: ٢﴾. كان يعلم أنه من عند الآب خرج، وكان يعلم لماذا أتى، ويعلم أنه سوف يمضي إلى الآب. وتكراره خمس مرات القول: “أنا ماضٍ… لأبي”، دليل التأكد الكامل من صحة هذه الحقيقة.

أما من جهة المستقبل فتظهر معرفته به من قوله: “وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ” ﴿يوحنا ١٤: ٣﴾.

لقد كان سر سلام يسوع في ساعة آلامه مؤسسًا على معرفته وتأكده من أنَّ الحاضر والمستقبل والأبدية هي في يدي الله الآب. وهذه هي نفس الطريق التي بها نستطيع أن نحصل على السلام الذي لا يمكن للعالم أن يعطينا إياه أو يأخذه منا.

فما أحوجنا لمثل هذا السلام. كثيرون يتمنون الحصول عليه، ويرغبون من كل قلوبهم أن يتمتعوا به، لكنهم لا يستطيعون، ولا يدركون ما يتمنون.

إن حاجتنا إلى السلام تنبع من وجودنا في عالم مضطرب يبغضنا ويحقد علينا من خلال محاربات الشيطان لنا وغياب الله عن حياتنا.

لقد علَّم المسيح أننا إذا أردنا أن نحصل على سلامه الحقيقي هذا، علينا أن ندرك أنه الوحيد الذي يمنحنا هذا السلام والثقة بخصوص الحاضر والمستقبل والأبدية.

ونحن لا نستطيع أن نعرف هذه الأمور ونتأكد منها إلا عن طريق معرفة الرب يسوع المسيح نفسه. هو الذي أظهر لنا محبة الآب وسلطانه وعلاقته الوثيقة بنا، وهو وحده الذي أخبرنا عن المنازل الكثيرة التي في بيت الآب، وأنه ذاهب ليعدَّها لنا، وسوف يأتي ويأخذنا إليه ثانية.

ألا ينبغي أن تدعونا هذه الحقائق المؤكدة الثابتة الراسخة إلى أن نطمئن ونكون في سلام تام؟

على أنّ أعجب جانب في موضوع السلام، وفي كلمة “سلامي” هو “ياء” المتكلم. هذا هو أمجد وأقدس اختبار يمكن أن نحصل عليه. فالمسيح لم يأت لكي يعلِّمنا عن السلام، بل ليسكن فينا بسلامه الشخصي. هذا هو السلام الإلهي، “سَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل” ﴿فيلبي ٤: ٧﴾. حين كان الرب على الأرض بالجسد كان ﴿مع﴾ التلاميذ، وأما الآن فهو ﴿في﴾ المؤمن بالروح القدس. لذلك قال لهم: “خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي” ﴿يوحنا ١٦: ٧﴾. ﴿هو سيمكث فيكم﴾ في ذلك اليوم – أي عند مجيء الروح القدس – ﴿تعرفون إني أنا فيكم﴾.

لاحظ الفرق بين “أترك” و“أعطي” في قوله: “سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ”. فالسلام الأول يأتي عن طريق الوراثة، أما الثاني فهو عطية يمنحها الشخص وهو على قيد الحياة. لقد ترك لنا السلام الناتج عن المعرفة والتأكيد، لكنه أيضًا أعطانا سلامه الشخصي الخاص به الناتج من حياته فينا بالروح القدس.

وكيف يصبح حلول المسيح فينا بالروح القدس حقيقة ملموسة؟ بالشركة المستمرة بين المسيح والمؤمن لحظة بعد لحظة “اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ” ﴿يوحنا ١٥: ٤﴾.

The Power of Grace-قوة النعمة

 

قوة النعمة

جوزيف سلوانس – lfan.com

خطية الانسان تسببت في انفصاله عن محضر الله وعشرته وسقوط الانسان ادى الى طرده من حضرة الله ووجوده الدائم معه. لكن الفداء الذي قدمه الله كفارة بدم الحمل دفع ثمن الخطية ووفي مطالب العدل الالهي فعم السلام بين الانسان الراجع لله وشخص الله القدوس.

2 بطرس 1:1-10 ما هو مصدر النعمة وقوتها ونتائجها؟ أين نجد هذه القوة؟ كيف يمكننا أن نحصل عليها؟ هل ستغير حياتنا؟

أولًا: قوة النعمة والسلام تبدأ في ميلاد قلب جديد. فبهما معرفة الله ويسوع المسيح: عدد 1 سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله الى الذين نالوا معنا ايمانا ثمينا مساويا لنا ببر الهنا والمخلص يسوع المسيح

نحصل على الخلاص من خلال نعمة الله المقدمة في يسوع المسيح بفدائه المقدم كفارة عن خطايانا

النعمة التي بها نخلص تصنع سلام بين الانسان والله أي المصالحة (رومية 1:5)

خطية الانسان تسببت في انفصاله عن محضر الله وعشرته وسقوط الانسان ادى الى طرده من حضرة الله ووجوده الدائم معه. لكن الفداء الذي قدمه الله كفارة بدم الحمل دفع ثمن الخطية ووفي مطالب العدل الالهي فعم السلام بين الانسان الراجع لله وشخص الله القدوس. عندما يدخل الايمان الى قلب الإنسان يحدث تغيرا شاملًا في كيان الانسان الداخلي. فيتغير الفكر والرغبات والميول والاهداف وخطط الانسان وآماله!

ثانيًا: قوة النعمة تأتي من خلال المسيح وحده (تضحيته وفداؤه): عدد 2 لتكثر لكم النعمة والسلام بمعرفة الله ويسوع ربنا

لماذا يسوع فقط هو مصدر قوتنا:

1.عندما يكون مصدر القوة لله وليس منا يقودنا ذلك للاتضاع امام الله (2كورنثوس 7:4)

2.عندما يكون عمل المسيح هو مصدر قوتنا يصبح امننا فيه. (فيلبي 7:4) لان اساس الغفران في دمه (كولوسي 14:1)

 

ثالثًا: قوة النعمة نجدها في كلمة الله (الكتاب المقدس): عدد 3، 4 كما ان قدرته الالهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الالهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة

هذه هي الطريقة الوحيدة التي نعرف بها من هو يسوع المسيح (2 تيموثاوس 16:3)

كلمة الله تظهر بشاعة الخطية، دمارها وخداعها

كلمة الله تظهر لنا محبة الله ومقامنا فيه وشكل علاقتنا به

كلمة الله تعلن لنا عن الحق الكامل وتشهد عن النعمة الغنية

رابعًا: بقوة النعمة نفهم الانجيل – عدد 5 لهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة

عندما نفهم المكتوب نحصل على القوة (مرقس 24:12)

عدم فهم المكتوب ينتج عنه ضعف (هوشع 6:4)

نفهم من الكلمة اننا في الجسد معرضون للضعف ولسنا معصومون (رومية 7: 23-24)

نفهم من كلمة الله عن عمل دم المسيح وفداؤه،

نفهم من الكلمة عن دور نعمة المسيح المخلصة

نعرف الروح القدس ومن هو وعمله في حياتنا وفي الكنيسة من خلال الكلمة المقدسة

ندرك من كلمة الله شكل علاقتنا بالله كأبناء بابيهم والسلطان المخول لهم منه وحقوقهم المعطاة لهم.

خامسا: قوة النعمة تتعامل مع الجذور – الاعداد 6 -10 وفي المعرفة تعففا وفي التعفف صبرا وفي الصبر تقوى وفي التقوى مودة اخوية وفي المودة الاخوية محبة. لان هذه إذا كانت فيكم وكثرت تصيركم لا متكاسلين ولا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح. لان الذي ليس عنده هذه هو اعمى قصير البصر قد نسي تطهير خطاياه السالفة.  لذلك بالأكثر اجتهدوا ايها الاخوة ان تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين. لأنكم إذا فعلتم ذلك لن تزلوا ابدا.

إنّ قلب الانسان هو اساس قراراته. احيانا ينظر البعض الى مظاهر المرض وليس الى مسبباته.

ليست المشكلة انني ابدأ ولا أكمل، وليست أنني غضوب أو مشكلتي في الكبرياء أو الغيرة أو الحسد أو الشهوة لكن المشكلة في رغبه القلب في التمادي في الخطية والبقاء بها. الخطر الداهم ليس أنّك تدرك ان امامك اسد مفترس لكن المشكلة أنك تلهو معه على انه حيوان اليف حتى ما يتحول ان يزأر لكي يلتهم فريسته.

الثبات يعني:

لا تنسى مكانك في المسيح أنّك طاهر

لا تسمح للخجل ان يوقفك

لا تسمح لليأس ان يجرك للوراء

لا تسمح لمجاملات الاخرين ان توقفك عن الركض للأمام

لا تسمح للكبرياء ان تحول بينك وبين الخدمة والطاعة

الثبات يعني:

 

ان تأخذ موقف حاسم مع الخطية ولا تتعايش أو تتآلف معها

ان ترفض الخطية وتتركها عند الصليب

ان ترفض الفشل وان تنهض بإيمان

The Trinity-الثالوث إلهٌ واحد

الثالوث إلهٌ واحد

مارك عبد المسيح – صوت أونلاين

“ليست كل  الأديان واحد، ولا تُشير كل الأديان لله في مركز عقيدتها. ففي قلب كل ديانة هُناك تعهُّد وتمسُّك بغير مساومة لتعريف – بطريقة مُحددة – مَن هو الله ومَن الذي لا يُدعى إله، ومن خلال تعريف الإله تُعرّف الحياة بأكملها، معناها وغايتها.”[1] ~ رافي زكارايُس.
لذلك فعقيدة الثالوث في قلب المسيحية، لا تُعرِّف الله فقط (طبيعته وجوهره)، ولكنها تُعرّفنا ما ينبغي أن نكون عليه (طريقة تفكيرنا وأسلوب حياتنا) كانعكاس للإله الذي نعبده. ولكن:
1- كيف نفهم الثالوث كما شرحه الكتاب المقدس؟
2- لماذا لم تأتِ كلمة الثالوث في الكتاب المقدس؟!
3- هل يتعارض الثالوث مع قوانين المنطق؟
4- هل يختلف ثالوث المسيحية عن الوثنية؟ (أشهر الهرطقات)
5- لماذا يصعب علينا إدراك الثالوث؟

في هذا المقال سنحاول تقديم شرح لعقيدة الثالوث وإجابة مُبسطة لهذه الأسئلة، ولكن قبل أن نبدأ علينا أن نُشير لمعنى كلمة “أقنوم” إذ أن الكثير من المسيحيين اليوم يستخدمون هذا المُصطلح دون إدراك معناه ولا سبب استخدامه. “أقنوم” كلمة سريانية الأصل مُترجمة عن الكلمة اليونانية (هيبوستاسس ὑπόστασις). وكلمة هيبوستاسس ὑπόστασις ليس لها مرادف في اللغة العربية أو الإنجليزية، لذلك تمت ترجمتها أحيانًا إلى “ذات” أو “نفس”. وفي حين أن الترجمات الإنجليزية استخدمت كلمة “شخص – Person” بسبب عدم وجود كلمة أفضل من ذلك، فضلّ اللاهوتيون العرب استخدام كلمة “أقنوم” للتفريق بين كلمة “شخص” وكلمة “هيبوستاسس”. ويوضح عوض سمعان الفرق في المعنى بقوله أن “الشخص” منفصل عن أشخاص آخرون لا يُشاركهم نفس الطبيعة، بينما الأقنوم كترجمة لـὑπόστασις، فكيان أو ذات أو حتى شخص كما تترجمها الأنجليزية يشترك – ولا ولم يوجد بغير اشتراك – في طبيعة واحدة التي هي طبيعة الله نفسه. فالأقانيم مع تميُّز أحدهم عن الآخر في الأقنومية، فكل أقنوم في الثالوث يملك كامل صفات جوهر الله، وهُم واحد في الجوهر وصفاته ومميزاته، لأنهم ذات الله الواحد، أي أنُّ الأقانيم الثلاثة تشترك (وتكوّن) في هذا الجوهر.[2]

 (1) لخّصَ القديس أغسطينوس عقيدة الثالوث التي استقَتها الكنيسة من صميم تعليم الكتاب المقدس في سبع نقاط، وأكّد أن فُقدان أي واحدة من النِقاط السبع يجعلنا أمام هرطقة (تعليم زائف) منافية للثالوث المذكور في الكتاب المقدس:

1- الآب هو الله.
2- الابن هو الله.
3- الروح القدس هو الله.
4- الآب ليس هو الابن (أي هُناك تمايُز بينهما).
5- الآب ليس هو الروح القدس (~).
6- الابن ليس هو الروح القدس (~).
7- الله واحد.
وسننظر لآيات من الكتاب المقدس تَدعم كل نقطة من السبع نقاط:
1- الآب هو الله؛ وهو المصدر وضابط ومُدبّر الكُل في الخلق وفي تدبير الخلاص والفداء.
يقول يسوع المسيح في (يوحنّا 6: 27) “اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّ هَذَا اللَّهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ.” (كذلك، غلاطية 1:1؛ أفسس 3: 14- 15). “الله أبو ربنا يسوع المسيح” هو اللقب الجوهري للأقنوم الأول في الثالوث (رومية 15: 6؛ 2 كورنثوس 1: 3؛ 1 بطرس 1: 3).

2- الابن هو الله؛ وهو كلمة الله الأزلي الذي تأنّس وعاش بيننا في شخص يسوع المسيح، ليُعلِنَ لنا عن الآب. وهو الذي صُلِبَ ومات بالجسد وقام من الأموات لكي يُخلصنا من الخطية ولكي يؤسس ملكوت الله.
فنقرأ في العهد القديم نبوات عن الابن الذي سيأتي وسيكون إلهًا قديرًا، “لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرًا أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ.” (إشعياء 9: 6).
الأمر الذي أعلنه يسوع المسيح عن نفسه حين قال «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ» (يوحنّا 8: 58) ؛ و”أنا كائن “Ego Emi هُنا التي استخدمها يسوع للإشارة لنفسه، هو الاسم الذي أخبر الله به موسى حينما ظهر له في هيئة عليقة تحترق وقال له “أهيه الذي أهيه”  Ego Emi (خروج 3: 14). علمًا بأن هذا التصريح جعل اليهود يرفعون الحجارة على المسيح ليرجموه، إذ رأوا أنه يُجدف.
(كذلك، يوحنّا 1: 1، 3، 14؛ عبرانيين 1: 3 و8- 9؛ مرقس 14: 62- كذلك أنظر مقالتنا عن “مَن هو يسوع المسيح”).

3- الروح القدس هو الله؛ وهو المُرسَل من الآب والابن لكي يُجدد قلوب الخطاة، ويسكن في المؤمنين ويُقدسهم ويشهد عن عمل المسيح فيهم وبهم. وهو له كل صفات الله.
(2 كورنثوس 3: 17) ” وَأَمَّا الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ.”
يؤكد داود النبيّ أن روح الرب هو نفسه إله إسرائيل (2 صموئيل 23: 2- 3). وفي (أعمال الرسل 5: 3- 4) يطلق بطرس اسم “الروح القدس” و”الله” بشكل تبادلي معلنًا أن الروح القدس هو نفسه الله. وكذلك، في عبرانيين 9: 14 يُدعى “الروح أزلي”، أي هو مساويًا في الأزلية لله، وينسَب له أعمال الخلق (أيوب 33: 4)، الصفات الشخصية كالكلام والحديث (أعمال الرسل 13: 2).

4- الآب ليس هو الابن؛ هذا يظهر في مشهد معمودية يسوع حيث يتحدث الآب عن ابنه المحبوب (مرقس 1: 9- 11)، وفي صلاة الابن المتجسد للآب في (يوحنّا 17). كذلك، في اقتباس يسوع لنبوة دَاوُدَ…(حين) قَالَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ: قَالَ الرَّبُّ (الآب) لِرَبِّي (الابن): اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي، حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ

5- الآب ليس هو الروح القدس؛ (لوقا 11: 13) “الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ؟” فالمُعطي والعطية مُتمايزان.
(كذلك، يوحنّا 15: 26؛ 2 كورنثوس 1: 21- 22).

6- الابن ليس هو الروح القدس؛ نادى يوحنّا المعمدان في وقت خدمته “أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا هُوَ (يسوع المسيح/ الابن) فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ». (مرقس 1: 8).
(كذلك، يوحنّا 14: 15- 16 من أقوال المسيح).

7- الله واحد؛ وهذا ما أكّده الكتاب المقدس بعهدَيْه؛
فإحدى أشهر الفقرات في العهد القديم (في التوراة) هي “اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ” (تثنية 6: 4-6) وقد كانت ولا تزال هذه بمثابة الشهادة الأهم في اليهودية Shama Isreal. كذلك تمتلئ كتب الأنبياء بتصريحات الوحدانية “أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلَهَ سِوَايَ…. لَيْسَ غَيْرِي. أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ”. (إشعياء 45: 5- 6). فبدراسة سياق العهد القديم ككُل يتبيّن أن يهوه إله إسرائيل يطالب شعبة بالالتزام بعلاقة عهديّة معه وحده، كعلاقة الزوج الواحد بالزوجة الواحدة. وكثيرًا ما يُحذرهم من تعدد الآلهه (خروج 20: 3- 5؛ تثنية 13: 1- 5). ولكن لكل قارئ للعهد القديم بعناية يُلاحظ أنه بلا شك “يصرخ لإعلان جديد عن وحدانية الله”[3] ، وهذا ما أشرنا إليه وسنؤكده بعد قليل.

والآن سننظر سريعًا لامتداد “الوحدانية” في عصر العهد الجديد وكتابات الأناجيل والرسائل. هُنا بعض الأمثلة، إذ نجد يَسُوعُ المسيح نفسه يقول “إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.” (مرقس 12: 29). وأيضًا، رُسل المسيح يؤكدون هذه الحقيقة، “أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ” (يعقوب 2: 19؛ وأيضًا، 1 تيموثاوس 2: 5).

والآن علينا أن نلاحظ، حديث الله عن نفسه بصيغة الجمع في كثير من الأحيان في العهد القديم، هذا في ظل غياب جمع التعظيم في اللغة الأصلية (العبرية) التي كُتب بها. “وَقَالَ اللهُ (إلوهيم): نَعْمَلُ (Let us make) الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا” (تكوين1: 26،27). (وأمثلة أخرى في تكوين 3: 22؛ إشعياء 6: 8). بالإضافة لاستخدام لفظ “ملاك الرب” (المُرسل من عند الرب) بشكل تبادلي مع “الرب” أو “الله” في كثير من مواضع العهد القديم، وقد كان دائمًا “ملاك الرب” هو من يتواصل مع الأشخاص الذين أراد الله بنفسه توجيه الحديث إليهم (تكوين 16، 22؛ خروج 19- 24؛ قضاة 13: 6؛ إشعياء 6).

كما أن وجود شخصية “ابن الإنسان” الذي رآه دانيال في رؤيته (دانيال 7: 13- 14)، وهو شخصًا يُعطى سلطان ومجدًا وملكوتًا ويستحق العبادة. جعل بعض المفسرين يؤكدون أن هذا الشاهد كان بمثابة إعلان لبعض اليهود عن وجود ثنائية إلهية! فكل هذه الأمور تجعل أي قارئ مُحايد للعهد القديم يرى إشارات للتوحيد في توازي مع إشارات التعددية الإلهية.

(2) لذلك فبالرغم من غياب كلمة ثالوث في الكتاب المُقدس، إلا أننا نستطيع أن نرى العقيدة بوضوح في مُعظم أسفار الكتاب المقدس. مثلما لا نجد كلمة “كُليّ الوجود” أو “كُليّ المعرفة” أو “المُكتفي بذاته” لوصف الله ولكنّنا لا نتردد في استخدام تلك الألفاظ لمرجعيّتها الكتابية السليمة.

كما أننا نرى بوضوح آيات كتابية تُشير للثالوث في نفس الوقت، مثل:
(متّى 28: 19) “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.”
(2 كورنثوس 13: 14) “نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ.”
(كذلك، 1 كورنثوس 12: 4- 6؛ وحدث الميلاد في لوقا 1: 30- 38؛ والمعمودية في مرقس 1: 10- 11).

(3) اعترض أحد الفلاسفة على عقيدة الثالوث، في حديث مع اللاهوتي آر. سي. سپرول، قائلًا “أنها لا تتفق مع قانون “عدم التناقض” وهو أحد قوانين المنطق الهامة”، وبعد حديثهما يقول آر. سي. سپرول:

“على الأغلب لم يكن هذا الفيلسوف مُلمًّا بقانون “عدم التناقض”، فهذا القانون يقول: “(أ) لا يُمكن أن تكون (أ) و (لا أ) في نفس الوقت وفي نفس العلاقة”. ونحن حينما نعترف بإيمانِنا في الثالوث، نؤكد أن الله واحد في الجوهر essence، وثلاثة في الأقانيم person. بمعنى أن الله واحد في (أ) وثلاثة في (ب). فإن قُلنا أن الله واحد في (أ) وثلاثة في (أ)، نكون قد وقعنا في تناقض. وإن قُلنا أن الله أقنوم واحد وثلاثة أقانيم في نفس الوقت، فهذا يكون تناقض أيضًا. ولكن على قدر ما تُمثل عقيدة الثالوث سرًّ mystery، وربما نؤكد أنها أعلى وأبعد من قدرتنا لإدراكها بشكل كامل، إلا أن الصياغة التاريخية لها ليست متناقضة”.[4]

(4) أشهر الهرطقات كانت نتيجة لتجاهل إحدى النقاط السبع في وصف الثالوث:
(أ) المودالية (السابلية):
قالت أن الآب والابن والروح القدس هُم ثلاثة تجليات لشخص (أو أقنوم واحد) ظهر في التاريخ بثلاث طُرق أو في ثلاثة عصور مختلفة. ظهر الله في صورة الآب في الخلق (العهد القديم)، ثم ظهر في صورة الابن في التجسد (العهد الجديد)، وأخيرًا ظهر في صورة الروح القدس في الكنيسة (أي ثلاث حالات لنفس الشخص).
وبذلك تكون قد أكدت على الوحدانية الإلهية وتخلّت عن التمايز بين الأقانيم.

(ب) الثلاثية الوثنية Tritheism:
قالت أنّ هُناك ثلاثة آلهة منفصلين. الأمر الذي يُشبه الوثنية التي تُنادي بتعدُّد الآلهة (مثل آلهة المصريين: إيزيس وأوزوريس وحورس؛ وكذلك آمن الهنود بالآلهة “برهمان” و”شنوا” و”شيوا” ولكن – ولأجل إيمانهم بالتطور والتناسخ – كانت هذه الآلهة عندهم تُمثل تطورات متلاحقة  في الكون من ناحية “وجوده” و”بقائه” و”فنائه” وكان كل واحد من هذه الآلهة يُمثل مظهرًا منفردًا من هذه المظاهر.[5] وغيرها من آلهة ديانات الشرق القديم التي تحدثت عن ثلاثة آلهة دون أي ذكر لاتّحاد جوهرهم، بل أن بعض الأساطير تحدثت عن صراع بين الآلهة لاختلاف مشيئاتهم والبعض يتحدث عن تزاوج بين الآلهة، الأمر الذي لأجله ترفض المسيحية “البدعة المريمية” – التي انتشر في شبه الجزيرة العربية في القرنين الخامس والسادس الميلادي، واعتقد معتنقوها في ثالوث مُكوّن من الأب والابن ومريم العذراء فقالوا أن الله (الأب) تزوج فعليًا من العذراء مريم (الأم) وأنجبا المسيح (الابن)، وهذا الأمر غريب تمامًا عن الكتاب المقدس ولا يوجد أيّة أدلة تُثبت صحته. وبذلك تكون الثلاثية قد أخفقت إذ أكّدت على التمايز بين الأقانيم الإلهية وتخلّت عن الوحدة في الجوهر.

ولعلّ خضوع الابن للآب في الدور ما يُسمى بالـ subordination، هو ما جعل البعض (مثل شهود يهوه) يتبنون أفكار مغلوطة عن المُساواة بين الأقانيم رُغم تمايز الأدوار فيما بينهم. لذلك، علينا أن نفهم أن خضوع الابن والروح القدس للآب في الدور أو الوظيفة لا يُقلل من ألوهية أي أقنوم، إذ بالدراسة المتأنية نجد معظم الصفات الإلهية منسوبة بالكامل لكل أقنوم من الثلاثة.
(راجع 1 كورنثوس 15: 24- 28؛ يوحنّا 14: 28 مع يوحنّا 10: 30؛ 5: 19- 23؛ 20: 28- 29).

ولعل أقرب الأمثلة التي توضّح معنى المساواة في القيمة والصفات الذي يوجد بالتوازي مع الإختلاف والخضوع في الأدوار يُمكن أن نراه في حين “خَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.” (تكوين 1: 26، 27) فكلاهما خُلِقا على صورة الله، وليس هُناك فرق بينهما في القيمة أو الحقوق أو الصفات (غلاطية 3: 28). وهذا يسير مع – وغير مناقض – تعليم الكتاب المقدس أن الرجل هو رأس المرأة، وأنه هو يحبها كنفسه وهي تخضع له بمحبة وتقدير (1كورنثوس 11: 3؛ أفسس 5: 22- 28)، لذا فخضوع المسيح “الابن” للآب لا يعني اختلاف في أيّ من الصفات الألوهية بل تمايزًا في الأدوار في ظل اتحاد المشيئات.

(5) لعل ما قاله سي. أس. لويس في كتابه الشهير “المسيحية المجردة” عن الثالوث، هو أكثر ما يهدِّئ فضول الكثيرين في تساؤلهم لماذا لا يُمكننا أن نستوعب وحدانية الله في الثالوث. حيث يشرح لويس فكرته مستخدمًا رؤيتنا للأبعاد الهندسية.

فالإنسان الذي يرى فقط البُعدين (2Dimensions) يستطيع أن يتخيل مربع مُسطّح مرسوم بخطيّ طول وعرض، أمّا من له القدرة على رؤية الثلاثة أبعاد (3D)، فيُمكنه أن يرى المُكعب ذا الستة مربعات المرسوم بطول وعرض وارتفاع.
ولكن إن تحدّثتَ لمن لم يرَ ولا يعرف الأجسام ثلاثية الأبعاد، عن ستة مربعات يُكوّنون مربعًا واحدًا، فسيتّهمك بالتناقض، رُغم صحة ادّعائك! وهكذا سنفعل إن جاءنا شخص الآن يُحدثُنا عن البعد الثامن (8D) مؤكدًا أن هُناك يُمكن أن نرى 18 مربعًا في مربع واحد! ببساطة إن كان الله هو الله فبالتأكيد يكون وجوده أعظم وأسمى من كل ما رأينا في الوجود، وإن كانت ثلاثيات الوجود (كالمادة والزمن وغيرها) تعكس طبيعته، لكن سيظل الإله المُحب منذ الأزل الموجود في وحدانية تتميز بالشركة المُبهجة بين أقانيمة الثلاثة أعظم من إدراكنا ومن أي شيء سبق ورأته أعيُننا.

“إن الآب والابن والروح القدس يُمجِّد بعضهما بعضًا…. وفي مركز الكون، تُشكِّل المحبة الباذلة للذات العُنصر الحيويّ المُتبادَل في حياة الله الثالوثيَّة. فأقانيم اللاهوت يُمجِّد بعضُهم بعضًا ويتحادث بعضهم مع بعض ويَخضَعُ بعضُهم لبعض…. فلمَّا كان المسيحيُّون الشرقيُّون الأقدمون يتكلُّمون بشأن پركيوريسس Perichoresis  في الله،  عنوا أنَّ كلَّ أقنوم إلهيّ يكتَنفُ الأخَرَين في لبَّ كَينونته. ففي حركة دائمة من المُفاتَحة والقبول، يحتوي كلُّ أقنومٍ الآخَرَين ويُحيط بهما.
ليس الله في المسيحيَّة شيئًا لا شخصيًا ولا شيئًا ساكنًا – ولا حتَّى مجرَّدَ شخصًا واحدًا – بل هو نشاطٌ حيويٌّ نابض: حياةٌ أو حتَّى دراما من نوعٍ ما. وأكادُ أقول، إنْ كنتَ لن تحسِبَني عديمَ التوقير، أنَّه نوعٌ من الرَّقص….. إنَّ نموذجَ هذه الحياة الثُّلاثيَّةِ الأقانيم هو النبعُ العظيمُ للطاقة والجمال مُتَدفِّقًا من قلب الحقيقة بالذّات.”[6]

————-

[1] Ravi Zacharias, Jesus Among Other Gods, 7.

[2]عماد شحاده، ضرورة التعددية في الوحدة الإلهية، 29- 32.

[3] عماد شحاده، ضرورة التعددية في الوحدانية الإلهية، 34.

[4]  R.C.Sproul, What is Trinity? (Crucial Questions Series Book 10), Kindle edition, Chapter 1.

[5] إلياس مقار، إيماني، دار الثقافة، 60.

[6] تيموثي كلر، الإيمان في عصر التشكيك، دار النشر أوفير، 298.

Toward Eternity-نحو الأبدية

نحو الأبدية

Alnour.com

لقد وضع الله في قلب الإنسان أشواق نحو الخلود الأبدي، لهذا فكل الشعوب تبحث عن الطريق إلى الحياة الأبدية، وكل فرقة أو مجموعة تظن أنها سالكةً في طريق الله، وبأنها ستكون في محضر الله بعد الرقود أو الموت الجسدي. فمنها من تقدّم الذبائح الحيوانية استرضاء للخالق، ومنها من تعبد أصنامًا قد صنعت بالأيدي، ومنها من تسجد لأنواع من الحيوانات، وأيضا نجد جماعة تظن بأنها تعبد الله الواحد، وتضع لنفسها طقوس أرضية غير لائقة تمزجها مع فكر الله.

وكل هذا الضجيج من المجموعات والفرق والأديان يقف الكتاب المقدس ليحسم هذا الجدل القائم بين الجميع، ليقول بالروح القدس “توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمةً وعاقبتها طرق الموت” (أمثال 25:16).

لا تبحث في المكان الخاطئ، ولا تضّيع الفرصة في خلاص نفسك. ولا تجعل مجهودك يذهب في مهب الريح، ربما أنت متدّين كثيرا وكل يوم تصلي وتقرأ في كتابك، وتظن بأنك تسير نحو الأبدية مع الله، فتمارس كل الأساسيات وكل الطقوس التي تعلمتها منذ الصغّر من الأهل ربما، أو من المجتمع الذي أنت فيه فكل هذا لن يوصل بك إلى الطريق الصائب، فالله منذ الأزل قد أعدّ كل شيء وهو عالم بأننا خطاة جهّال وتائهين في برية مظلمة لا معين لنا ولا منقذ ونصيبنا الدينونة العادلة من الله القدوس لأننا عصينا وصاياه واخطأنا.

فالذي أعدّه الله أعظم وأروع من أن نفكر فيه، لهذا أرسل يسوع المسيح ليكون هو الوسيط بين الله والإنسان الخاطئ “لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح” (1تيموثاوس 5:2)، فخطايانا التي لطّخت قلوبنا وأفكارنا وضعت حاجزًا كبيرًا بيننا وبين الله القدوس، قد تكون أنت ضمن هذا العالم الساقط وأيًا كان مظهرك الخارجي لكن صوتا خفيا في أعماقك يصرخ فيك قائلا “إنك تخدع الناس وتخدع نفسك أيضًا”.

وبدلًا من أن تستجيب للذي أنت فيه اتجّه نحو نداء الله فهو أعظم بكثير، نداء العالم يشدّنا نحو الهلاك ونحو الفساد الأخلاقي والروحي والأدبي فنشوّه الصورة التي خلقنا عليها، ظانين أننا ضمن مجموعة تشفع فينا، ولكن مع الأسف هذا سيؤدي بنا إلى هلاك رهيب. أما نداء الله فهو عبر المسيح الذي قال “أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي” (يوحنا 14:6)، وهنا تبدأ الرحلة الحقيقية نحو الأبدية، فيسوع المسيح هو كل الطريق ولا يوجد سواه لكي تصل إلى الخلود في محضّر الله.

وبه كل الحق الكامل، فهو بلا عيب وصاحب دماء طاهرة سفكت على صليب الجلجثة من أجل الخطاة، وحقه يلمع مثل السيف القاطع، ومثل النور البهي وسط ظلمة حالكة، ومثل المرساة للنفس الهائجة فتعطيها هدوء مدهش، نعم يسوع هو كل الحق.

والأهم من ذلك هو رئيس الحياة، أي هو نبع كل شيء ينبض، وهو مصدر كل الكائنات، فبه كان كل شيء ومن غيره لم يكن شيء مما كان، فهو الذي أعطاك نسمة حياة في الخلق الجسدي ويريد أن يمنحك حياة جديدة عبر التوبة والإيمان توصل بك نحو الأبدية “إذا إن كان أحد في المسيح فهو خليقةٌ جديدةٌ الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدًا” (2 كورنثوس 17:5).

عزيزي القارئ: إن كنت تبحث عن الأبدية لكي تكون مع الخالق، مع الله الذي أحبك، فلا تغش نفسك بكل ما أنت فيه، وجّه أنظارك نحو المسيح المخلص، وأطلب منه أن يمنحك الأشواق للحياة الأبدية، وارم كل أحمالك عليه واجعله ربا وسيدا ومخلصا، فما من طريق تؤدي إلى السماء سوى بالمسيح. لا تضّيع الفرصة. هو دوما بانتظارك.

Forgivness-غفران لا مثيل له

غفران لا مثيل له

كريم – kalimatalhayat.com

كم مرة شعرت في داخلك بمشاعر غير نقية باتجاه صديقك أو جارك أو حتى أخيك. وكم مرة تمنيت الشر أو حتى الموت لأحد الأشخاص الذي تصرف معك بطريقة مدمّرة ومحطّمة لحياتك.

عندما تمر في هذه الحالة أو في هذا الاختبار، تذكّر غفران المسيح لك حينما كنت مثقّلًا بخطاياك الكثيرة، ونظر إليك نظرة محبة، وقال لك: مغفورةٌ لك خطاياك، اذهب ولا تخطئ أيضًا.

هل تستطيع أن تتصرف في هذه الظروف كما تصرّف معلمنا ومخلصنا يسوع المسيح؟ وهل تستطيع أن تقدم حياتك كذبيحةٍ حيةٍ مرضيةٍ أمام الله، لكي تكون قدوة في المحبة وفي الغفران وفي التواضع أمام الله والجميع. فكلمة الله تعلمنا بوضوح “فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين أحشاء رأفات ولطفًا وتواضعًا ووداعًة وطول أناةٍ” (كولوسي 3: 12).

إن قوّة الاحتمال والصبر تظهر مدى جدية الإنسان المؤمن، ومدى التزامه بقضية المسيح، فيسوع على الصليب أظهر تواضعًا وقّوة احتمال غير عادية، إذ حمل خطايا الجميع من دون تذمر أو تراجع. فهو من البداية وجه نظره إلى تلة الجلجثة، عالمًا أن الصليب الخشبي المرتفع هو من نصيبه، فذهب بصمت ومن ثم تعلّق بين الأرض والسماء وقال “يا ابتاه اغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون.” فهل نستطيع أن نفعل كما فعل هو، وأن نتحمل أثقال بعضنا البعض. كما تعلمنا كلمة الله “محتملين بعضكم بعضًا ومسامحين بعضكم بعضًا إن كان لأحد على أحد شكوى. كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضًا” (كولوسي 3: 13)

الغفران الحقيقي يظهر جليًا وسط الأوقات الصعبة. والغفران الصادق النابع من قلبٍ محبٍّ، يترجم عمليًا في علاقات الناس مع بعضها البعض. فلا تستطيع أن تقول أنّني غفرت، وفي المقابل أنت تضع الفخاخ لكي توقع بأخيك وبجارك وبصديقك. إن التعاليم المسيحية التي وضعها المسيح لنا غير مستحيلة التطبيق، إذا تعاملنا معها كما تعامل المسيح نفسه من ناحية الأمانة والمحبة والصدق والغفران. فلكي تعيش غفرانًا لا مثيل له عليك أن تقبل هذا التحدي، بأن تضع قلبك الحجريّ أمام الله طالبًا منه التغيير، فهو سيمنحك قلبًا بحسب قلبه، وحبًّا بحسب حبه، وغفرانًا بحسب غفرانه. فهل تقبل هذا التحدي؟

What did Jesus Say-ماذا قال يسوع؟

ماذا قال يسوع؟

call-of-hope.com

في إحدى الجلسات التي ضمَّت عددًا من المثقفين، فُتح باب المناقشة حول مشاكل العصر، وموقف الإنسان المؤمن من التسيُّب الموجود في المجتمع، والانحراف الذي يطل برأسه من خلف درج مكتب، أو طرف لسان رئيس عمل، أو من خيوط متشابكة معقدة في الأسرة أو في العمل أو في البيئة المحيطة. وطُرحت أسئلة كثيرة، مثل: ما موقف الإنسان المسالم من الاستفزاز المستمر، وخاصة أنَّ الصفح الدائم يجعل المستفز يتمادى ويتعامل بأسلوب غير أخلاقي؟ فما معنى الصفح في مجتمع لا أخلاقي؟! وتساؤل آخر… في مجتمع استهلاكي أصبح الذي معه القرش يساوي قرشًا.. هل يرهق الإنسان نفسه في العمل على حساب صحته وأسرته وعلاقته بالله؟! وهكذا توالت الأسئلة لتطرق باب كل موضوع في هذه الحياة.

وكان السؤال الرئيسي: كيف يحاسبنا الله؟!

والمأساة الحقيقية التي نعيشها هي طريقة فهمنا لله ولعلاقته بنا من خلال الوصايا. فنحن نتفق على أنَّ الإنسان يعيش حياة العصيان لله، فهو يعيش حياة الفجور وعدم المبالاة بقوانين وفرائض ووصايا الله، التي أعلنها لكي يحوّل الإنسان إلى طاعته، ولا شك في أننا نتفق على أنَّ الوصايا الإلهية هي أساس الطاعة. لكننا نتصور أنَّ الله يقدم لنا مجموعة من الوصايا الجامدة والعبادات كالصلاة والصوم والصدقة، يجلس ليراقبنا ولا هدف له إلا إحصاء أخطائنا ومحاسبتنا عليها. وهكذا تحكم الوصايا العلاقة بين الله والإنسان، ولا توجد علاقة مباشرة بينهما. فعلاقة الله بها أنَّه مصدرها، وعلى الإنسان أن يتقبَّلها، وهي تربط بين الإثنين، فإن أطاعها بحرفيّتها دون تصرُّف منه فهو عبد لله، أما إذا حاول أن يفهم روحها وأن يعمل فكره فيها، كان مضادًا لله. لذلك يقف العبد أمام الوصايا صاغرًا، محاولًا تفسيرها وتطبيقها على حالته الخاصة وفي معظم الأحيان يفشل.

لقد حاول اليهود تفسير الوصايا العشر في التلمود ﴿كتاب يجمع بين التعليم والتفسير للعهد القديم من الكتاب المقدس﴾، وذكروا كل حالة يمكن أن تقع تحت وصية منها بتفاصيل غايةً في الدقة والغرابة. فهم يحددون المسافة – بالضبط – التي يسيرها المؤمن يوم السبت، ووزن الذهب الذي تحمله المرأة في حليّها يوم السبت. وفي حالة كذا … يكون التصرُّف هكذا.. إلخ. وهكذا أصبحت الوصية الواحدة في تفسيرها ألف وصية ووصية.. ماذا تلبس المرأة؟ هل تغطي شعرها أم لا؟ … إلخ. وتظهر المشكلة عندما يجد الإنسان نفسه في موقف غير منصوص عليه. هنا يقع في مأزق، وربما يقع ضحية لمفسرين مغرضين أو سطحيين، ولا يعرف إن كان قد تصرَّف خطأ أم صوابًا، فيعيش يعاني من عقد الذنب التي تترسَّب في داخله.

والتعاليم التي نتلقاها اليوم تصور الله كائنًا مجهولًا مختفيًا خلف كلماته الموحى بها، وليس على الإنسان إلا أن يتعامل مع الكلمات. وهكذا نجعل الوصية هدفًا وليست وسيلة لهدف، فنتعب لكي نوفيها حقها. ونصبح عبيدًا لها ولسنا عبيدًا لله. وبهذا أصبح تفسير إنسان ما للوصية سببًا في تكفير أخيه الإنسان واستبعاده من قائمة المؤمنين بالله. لقد ألغى الإنسان بفكره وعبقريّته مفهوم الوصايا الصحيح وإنسانيته في علاقته بالله وأصبح كائنًا يتحرك في إطارها الحرفي. واليوم نرى الوصية بحسب ما فسَّرها الأقدمون – سيفًا مسلَّطًا على رقابنا. فالمفسرون الأقدمون يتحكمون في ماذا نلبس اليوم؟ وماذا نأكل؟ وماذا نشرب؟ وكيف نتكلم؟ وكيف نعبد؟ وكيف نسلك؟ وإذا حاول إنسان ما أن يحقق إنسانيته في علاقته مع الله، وينفذ إلى جوهر الوصية لا شكلها، أصبح عبدًا ضالًا خارجًا عن الدين، فتفسير الأقدمين، هو التفسير الإلهي للوصية.

لكن السؤال هو: هل هذا هو الوجه الحقيقي للمسيح؟! لقد قابل السيد المسيح مواقف كثيرة في حياته كان عليه أن يبدي فيها رأيه عن العلاقة بين الإنسان والله والوصية. ففي مرة رأى مريضًا وأحسَّ أنَّ لديه رغبة في إبرائه، وبالطبع له القدرة على شفائه. لكن المشكلة تمثلت في أنّ اليوم كان سبتًا. فإذا شفاه كان كاسرًا للوصية عاصيًا لله، وإذا تركه أحس بالألم في داخله. وهنا تأمل المسيح في الوصية لا كهدف في ذاتها لكن كوسيلة وتأمل في الله وهو يضع الوصية.. هل وضعها لخير الإنسان أم لضرورة ما، وفكر أيهما أهم في نظر الله، الإنسان أم حرفية الوصية. وفي لحظة توصَّل إلى قرار: هو أنّ السبت جُعل لأجل الإنسان وليس الإنسان لأجل السبت، وأنه يحل فعل الخير في السبت. فتقدم وشفى الإنسان رغم انتقادات الفريسيين ﴿إحدى الجماعات الدينية المتشددة﴾، ومحاولة محاكمته من رجال الدين والتشاور عليه لكي يهلكوه.

إنَّ المشكلة التي نعيشها اليوم هي أننا نتخيَّل إلهًا صغيرًا بحجم تفكيرنا، نشكله بحسب تشكيلنا النفسي والاجتماعي، فنصنع إلهًا لنا ونعبده. وهذا لا يختلف كثيرًا عن عبادة الأصنام في القديم. فنحن نصنع إلهًا من تخيلنا ثم نعبده، وندين الناس من خلاله. هذا الأسلوب جعل الناس يتشككون في كل شيء من حولهم، أصبح لا حول لهم ولا قوة، إذ هم يحسون أنهم في كل لحظة يكسرون وصية، وكلما كسروا وصية أصبح الإحساس بالذنب سيدًا عليهم وترسبت عقد الذنب في دواخلهم، وأثر ذلك على انطلاقهم الروحي والفكري وعلى علاقتهم بالله. فقد أصبح الناس يحسون أنهم يحملون ذنوبًا جسيمة وهم يأتون إلى الله، مع أنهم – حقيقة – لا يحملون كل هذا الكمّ من الذنب. رغم أنهم يعيشون كالعبيد، لأنهم اختاروا لأنفسهم عقائد وديانات تستعبدهم من خلال فرائض ووصايا.

وهكذا وُجد على الأغلب ثلاثة أنواع من البشر: الأول رفض الله رفضًا نهائيًا، وصرح بعدم وجوده وأصبح الانسان مرجع حياته، والثاني ألقى بنفسه تحت نير الوصايا والفرائض وأصبح غير خلاَّق، فعاش حياة التخلُّف والطفولة الإيمانية. والثالث يعيش الصراع بين القيم الدينية والواقع، ولا يعرف كيف يعيش الوصية بذهن مستنير كابن لله.

لكن دعوة المسيح هي نوعية أخرى من الحياة تختلف عن هذه النوعيات الثلاث. إنها تدعو الإنسان إلى حياة يكون فيها حر الإرادة رافع الرأس، مع إله يحترم إنسانيته ويعامله كابن، ويفضله على حرفية الوصية. يثق فيه ثقة كاملة – يوضح له فقط الاتجاه العام الذي يريده أن يسلك فيه، والهدف الذي يراد الوصول إليه، ثم يترك له كيفية وسبل التطبيق: «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضًا، وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا» ﴿يوحنا ١٤: ١٢﴾.

What does Believing in Jesus Mean?-ماذا يعني الإيمان بالرب يسوع؟

ماذا يعني الإيمان بالرب يسوع؟

Everyarabstudent.com

إن كل هذه الكلمات عن المسيح جميلة وعظيمة ولكنني لم أفهم أبدًا ماذا يعني الإيمان بالرب يسوع؟

هذا لسان حال كثيرين اليوم، وهم يرددون كلمات أو يسمعونها، لكنهم لا يعرفون معناها ولا كيف يعيشونها..

تعالوا لنرى المعنى معًا..

أولًا إن الإيمان بالرب يسوع يعني أنك لا تعتمد على نفسك ولكن تثق بالرب يسوع المسيح الذي يصل بك إلى السماء. فنحن لا يمكن أن ندخل السماء بفعل الأعمال الحسنة أي الأشياء التي نعتقد إنها تجعلنا مقبولين عند الله. ولكننا نحتاج بالأولى أن نُرحم من خطايانا مدركين أن الرب يسوع مات من أجل خطايانا. وأن موته على الصليب عنا هو الطريقة الوحيدة لغفران خطايانا. يقول الكتاب المقدس:

+ «لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا». أعمال10: 43

+ «الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ». أفسس1: 7

بعدما يؤمن الشخص بالرب يسوع المسيح لغفران الخطايا تبدأ بداخله حياة جديدة. «إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا». 2كو5: 17.. فيصبح الشخص تابع للرب يسوع. وبما أنه تابع للرب يسوع فإنه يعتمد على الرب يسوع في باقي أمور حياته وليس فقط في موضوع غفران الخطايا.

فمثلًا قال الرب يسوع أنه المعلم في يوحنا13: 13-14 لقد قال الرب يسوع لتلاميذه أنه سيرسل لهم الروح القدس والروح القدس سيعلمهم كل شيء (يو26:14) ويرشدهم لكل الحق (يو13:16) يُعلّم الله الإنسان طرقه وحقه. ووفقًا لقيمنا وسلوكنا فإن الله ينظف تفكيرنا من كل ما هو خطأ ويُرينا من خلال رؤيته ما هو صواب. وهذه طريقة أخرى يوضح الله بها حبه لنا.

إن الله يعرف كل الحق ويريدنا أن نبني حياتنا على هذا الحق. لقد قال الرب يسوع:

+ «فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا أُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ عَاقِلٍ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ وَوَقَعَتْ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ.». متى7: 24- 25

+ «فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: «إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تلاَمِيذِي 32وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». يوحنا8: 31-32

+ «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. 29اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ». متى11: 28-29

إن أهم جزء في إتباع الرب يسوع هو أن نتعلم منه. وباعتمادنا على الرب يسوع كمعلمنا فإنه يرشدنا حتى نعيش حياة جديدة وفقًا لإرادته وحقه الكتابي. فهو يُرينا كيف نعيش وسيرشدنا حتى نتعلم أن نصلي. عندما نتعلم ما يريده منا سنعتمد على قوته “الروح القدس” حتى نفعل ما يريده.

إن اتباع الرب يسوع هو اعتمادنا عليه بالكامل. لقد قال الرب يسوع لتلاميذه:

+ «أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا».  يوحنا15:

What does the Bible teach about Trinity?-ماذا يعلمنا الكتاب المقدس عن الثالوث الأقدس؟

ماذا يعلمنا الكتاب المقدس عن الثالوث الأقدس؟

Gotquestions.org

أنه من الصعب توضيح المبدأ المسيحي عن الثالوث الأقدس. وحيث أنّه من الصعب لأي إنسان فهم هذا المبدأ بصورة شاملة فمن الأصعب شرحه وتوضيحه. إنّ الله عظيم بصورة غير محدودة ولذلك فأنه من الواقعي ألا نتوقع أن نفهم كل شيء عنه. الكتاب المقدس يعلمنا أن الآب هو الله وأن يسوع المسيح هو الله وأن الروح القدس هو الله. ويعلمنا الكتاب المقدس أنه يوجد اله واحد. وبرغم انه من الممكن محاولة فهم علاقة الثالوث الأقدس وشخصياته فأنه من الحكمة أن ندرك من البداية أنه موضوع يصعب علي العقل البشري ادراكه. ولكن كل ذلك لا يعني أنه ليس الحقيقة أو ان مبدأ الثالوث الأقدس غير مبني علي تعاليم كتابية.

يجب الأخذ في الاعتبار عند دراسة هذا الموضوع أن كلمة “الثالوث” غير مذكورة في الكتاب المقدس. ولكن هذا مجرد تعبير لمحاولة توضيح شخصيات الله. يجب علينا فهم أنه إله واحد وليس ثلاثة. الثالوث الأقدس هو يمثل الله وشخصياته الثلاث. وليس هناك أي خطاء في استخدام تعبير الثالوث الأقدس وان كان غير مذكور في الكتاب المقدس لأنه مبني على تعاليم الكتاب المقدس. وإن كان ذلك يمثل لك مشكلة فحاول فقط أن تتذكر أن التعبير “جد” غير مذكور في الكتاب المقدس ولكننا نعلم أن الكتاب المقدس يذكر جدود مختلفين. فعلي سبيل المثال نحن نعلم أن ابراهيم كان جدًا ليعقوب. فلا تدع التعبير يعرقلك فالأهم هنا هو المبدأ المقدم بالتعبير “الثالوث الأقدس” وهو بالقطع مذكور في الكتاب المقدس. والآن وبعد ان انتهينا من المقدمة، دعونا نلقي نظرة الي الآيات الكتابية التي تعضد الثالوث الأقدس:

1) يوجد اله واحد : تثنية 4:6 و كورنثوس 4:8 وغلاطية 20:3 وتيموثاوس الأولي 5:2.

2) الثالوث الأقدس يتمثل في ثلاثة شخصيات: تكوين 1:1 و 26:1 و 22:3 و 7:11 وأشعياء 8:6 و 16:48 1:61 ومتي 16:3 -17 ومتي 19:28 وكورنثوس الثانية 14:13. في دراسة العهد القديم ندرك أهمية الالمام باللغة العبرية. في تكوين 1:1 يستخدم الاسم “الوهيم” بصورة الجمع. وفي تكوين 26:1 و 22:3 و 7:11 و أشعياء 8:6 يستخدم “نحن”. وبالنظر الي استخدام آلوهيم ونحن نري أن الكتاب المقدس يشير الي أكثر من اثنان. في اللغة الانجليزية يوجد “مفرد” و “جمع” بينما في العبرية يوجد “مفرد” “مثني” و “جمع”. و صيغة الجمع استخدمت مع آلوهيم للإشارة الي (الآب و الابن والروح القدس).

في أشعياء 16:48 و 1:61 يتحدث الابن بينما يشير الي الآب والروح القدس. قارن أشعياء 1:61 بلوقا 14:4-19 لكي تري فعلا أنه الابن الذي يتحدث. والآيات في متي 16:3-17 تصف معمودية يسوع. ونري هنا حلول الروح القدس علي الابن بينما يعلن الآب سروره بالابن. وفي متي 19:28 و كورنثوس الثانية 14:13 أمثلة علي شخصيات الله.

3) شخصيات الثالوث الأقدس تظهر واضحة ومميزة في العهد القديم في: (التكوين 24:19 و هوشع 4:1) و (مزمور 7:2 و 12 و أمثال 2:30-4) يتحدث عن الآب والابن. و (عدد 18:27) و (مزمور 10:51-12) يميز بين الآب والروح القدس. و (مزمور 6:45-7 و عبرانيين 8:1-9) يميز بين الله الابن والله الآب. ونفس الشيء واضح في العهد الجديد في يوحنا 16:14-17 يتحدث يسوع عن ان الله الآب سيرسل معينا أي الروح القدس. هذا يعني أن يسوع لم يعتبر نفسه الآب أو الروح القدس. وكثيرا مانري في الكتاب يسوع المسيح يتحدث الي الآب.

4) كل عضو في الثالوث هو الله: فالآب هو الله، يوحنا 27:6 ورومية 7:1 و بطرس الأولي 2:1. الابن هو الله: يوحنا 1:1 و 14 ورومية 5:9 وكولوسي 9:2 وعبرانيين 8:1 ويوحنا الأولي 20:5. الروح القدس هو الله: أعمال الرسل 3:5-4 وكورنثوس الأولي 16:3 (الروح القدس يسكن فينا – رومية 9:8 ويوحنا 16:14-17 وأعمال الرسل 1:2-4).

5) الخضوع يمثل سمة متبادلة بين شخصيات الله المختلفة فنري في الكتاب المقدس أن الروح القدس يخضع لله الآب والابن، وان الابن خاضعا للآب. وهذا لا يقلل من أهمية أي من شخصيات الله. فبالنسبة للابن نري ذلك في لوقا 42:22 ويوحنا 36:5 و يوحنا 21:20 ورسالة يوحنا الأولي 14:4. وبالنسبة للروح القدس فنري ذلك في: يوحنا 16:14 و 26:14 و 26:15 و 7:16 وخاصة يوحنا 13:16-14.

6) مهمات أعضاء الثالوث الأقدس: الآب هو خالق الكون (كورنثوس الأولي 6:8 ورؤيا 11:4) و هو مصدر الرؤيا الالهية (رؤيا 1:1) و مصدر الخلاص (يوحنا 16:3-17) و سبب أعمال ومعجزات يسوع علي الأرض (يوحنا 17:5 و10:14).

الابن هو الذي من خلاله قام الآب بالأعمال التالية: 1) الخليقة (كورنثوس الأولي 6:8 ويوحنا 3:1 و كولوسي 16:1-17) و الرؤيا الالهية (يوحنا 1:1 ومتي 27:11 ويوحنا 12:16-15 ورؤيا 1:1) و الخلاص (كورنثوس الثانية 19:5 ومتي 21:1 ويوحنا 42:4). فالله الآب ينفذ كل هذه الأشياء من خلال الابن يسوع المسيح.

الروح القدس هو الوسيلة التي من خلالها يقوم الآب من خلالها بالأعمال التالية: الخليقة (تكوين 2:1 وأيوب 13:26 ومزمور 30:104) و الرؤيا الالهية (يوحنا 12:16-15 و أفسس 5:3 وبطرس الثانية 21:1) والخلاص (يوحنا 6:3 وتيطس 5:3 وبطرس الأولي 2:1) و أعمال يسوع (أشعياء 1:61 وأعمال الرسل 38:10). فان الآب يفعل كل هذه الأشياء بقوة الروح القدس.

وكل الوسائل التوضيحية الشائعة تعجزعن تقديم وصف دقيق للثالوث الأقدس. البيضة مثال غير جيد حيث أن البياض والصفار أجزاء من البيضة ولكن بمفردهم لا يمثلون بيضة كاملة. في حين ان الماء الذي يأخذ أشكال متعددة مثل السائل والثلج والبخار هو مثال أقرب الي الثالوث حيث أنه نفس الشيئ ولكن بأشكال مختلفة. وهنا نجد بالفعل أن التعبيرات والتوضيحات تعجز عن وصف الله اللامحدود، فالكتاب المقدس يقول: “يالعمق غني الله وحكمته وعلمه! ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء! لأن من عرف فكر الرب؟ ومن صار له مشيرا؟” (رومية 33:11-34).

What is a good Conscience? الضمير الصالح وما هو

الضمير الصالح وما هو

حازم عويص – linga.org

ما هو الضمير؟

يعرّف قاموس وينستون الضمير بأنه “الحس أو الوعي الأخلاقي داخل الفرد، والذي يحدد ما إذا كان الفعل الذي يقوم به صحيحًا أم خاطئًا، جيدًا أم سيئًا.”

الضمير هو صوتٌ خلقه الله في الإنسان ليستطيع التميز بين الخطأ والصواب، حتى لو لم تصل رسالة الإنجيل إلى هذا الإنسان بعد. فالضمير هو شيء فطري وعام في كل البشر، ولكنّ مشكلة الضمير هي أنه قابل للانحراف، لذلك يوصينا الكتاب المقدّس كمؤمنين أنه يجب أن يكون لنا ضميرٌ صالح. صوت الضمير ليس هو الروح القدس لأن صوت الروح القدس لا ينحرف ابدًا. الروح القدس هو الله الخالق، أما الضمير فهو أداة مخلوقة في داخل الإنسان كي يستطيع أن يميز بين الصواب والخطأ. إن الكلمة اليونانية المترجمة “ضمير” في كل مراجع العهد الجديد هي “suneidēsis” ومعناها “الوعي الأخلاقي” أو “الإدراك الأخلاقي”.

إن الضمير يصدر عنه رد فعل عندما تكون أفعال الإنسان أن أفكاره أو كلماته متوافقة مع، أو على النقيض من مبادئ الصواب والخطأ. وكلمة «ضمير» تعني حرفيا «معرفة المرء نفسه».‏ وبعكس كل المخلوقات الارضية الاخرى،‏ أعطانا الله المقدرة على معرفة أنفسنا.‏ فيمكننا ان نسبر أعماقنا ونقيِّم ذواتنا.‏ فالضمير حكَم داخلي يفحص تصرفاتنا ومواقفنا واختياراتنا.‏ وهو يرشدنا لنتّخذ قرارا صائبًا أو يحذّرنا من قرار سيء.‏ فيُشعرنا بالارتياح عندما نحسن الاختيار، ويعذّبنا عندما نسيء فعل ذلك.

قيل عن الضمير:

  • الضمير لا يمنعك من فعل الخطية لكنه يمنعك من الاستمتاع فيها.
  • المنطق قد يقودنا للأخطاء لكن الضمير لا يفعل أبدًا
  • الضمير هو الصديق الذي يحذّرنا قبل أن يحاكمنا القاضي.

الحقيقة أنّ الكتاب المقدس ذكر لنا عدة أنواع أو صور من الضمير: كالضمير الشرير (أف 4: 18، رو 1: 18 -32 ،1تي 4: 2، تي 1: 15، عب 10: 22)، والضمير المشتكي (يو8 :1 – 11)، والضمير الطاهر (1تي 3: 9، 2تي 1: 3، عب 10: 2- 10) الضمير الضعيف (1كو 8: 7، 1كو 8: 10) ضمير بلا عثرة (أع 24: 16) الضمير الصالح (1تي 1: 1- 5، 1تي 1: 19، 1بط 3: 16). في هذه المقالة سنكتفي بالشرح قليلًا عن الضمير الصالح.

الضمير الصالح يوجّه حياة المؤمن المسيحي ويعمل تحت مظلة وقيادة الروح القدس.”ولك إيمان وضمير صالح الذي إذ رفضه قومٌ انكسرت بهم السفينة من جهة الإيمان أيضًا” (1تي: 1- 19) يقول وليم ماكدونالد: بالنسبة إلى الإيمان المسيحيّ، لا يكفي أن نكون أصحاب عقيدة صحيحة. قد يكون أحدنا مدقِّقًا للغاية، ولكن من دون أن يكون عنده ضمير صالح. كتب هاملتون سميث Hamilton Smith يقول: إنّ أصحاب المواهب والمتقدّمين الغارقين في خضم الانشغالات الكثيرة، والوعظ المستمرّ، والعمل المنظور، ينبغي لهم أن يحذروا التعرّض لإهمال حياة التقوى السرية أمام الله … إن حياة التقوى التي منها يجب أن تتفرّع كل خدمة حقيقية هي الحياة التي تثمر لله، والتي يجازيها – تعالى – خيرًا في اليوم المُقبِل. كان بعض الذين عاشوا في أيام بولس قد ألقوا جانبًا الضمير الصالح فانكسرت بهم السفينة من جهة الإيمان. لقد تمّ تشبيههم بربّان سفينة أحمق رمى بوصلته إلى البحر. إنّ الذين انكسرت بهم السفينة من جهة الإيمان كانوا مؤمنين حقيقيين، لكنهم لم يحافظوا على ضمائرهم رقيقة وحسّاسة. بدأوا حياتهم المسيحية كمركب شجاع يمخر عباب اليمّ، لكنهم عوضًا عن أن يرجعوا إلى المرفأ محمّلين بالبضائع والأعلام مرفرفة، ارتطموا بالصخور وجلبوا العار على نفوسهم وعلى شهادتهم.

الضمير هو خادم لمنظومة قيم الفرد. فمنظومة القيم الضعيفة أو غير الناضجة تنتج ضميرًا ضعيفًا، في حين أن نظام القيم الناضج المكتمل ينتج إحساسًا قويًا بالصواب والخطأ. في الحياة المسيحية، يمكن أن ينقاد ضمير المؤمن بفهم غير مكتمل للحقائق الكتابية ويتسبب في شعور بالذنب والعار غير متناسب مع الواقع. لذلك فإن النضوج في الإيمان يعمل على تقوية الضمير، (راجع 1كو 8: 4-13) السؤال: كيف نحصل على ضمير صالح؟ “لذلك أنا أيضًا أدرب نفسي ليكون لي دائمًا ضميرٌ بلا عثرة من نحو الله و الناس.” (أع 24: 16). في عالمنا هذا ومع طبيعة فاسدة كطبيعتنا، نواجه مشاكل أخلاقية تمتحن باستمرار التزامنا للمبادئ المسيحية. الصلاح كله موجود في الله وحده وعلى قدر تقرّب المؤمن المسيحي من الله وتكوين علاقة قوية معه من خلال ابنه يسوع المسيح، سيكتسب هذا الشخص الضمير الصالح. فنحن كمؤمنين أيضًا كلما قضينا وقتًا مع أبينا السماوي أخذنا أكثر فأكثر منه كل الصلاح والحب ويكون لنا ضمير صالح.

الغرض من الضمير الصالح ليس الافتخار والوقوف أمام الله والإحساس بالبر الذاتي، ولكنّ الضمير الصالح هو عمل كرازي في حد ذاته. يرانا الناس فيشتمّوا فينا رائحة أبينا السماوي. من له ضمير صالح لا يفرح عندما يقول الناس له: أنت عظيم يا فلان ولكن يفرح عندما يمجّد المسيح الذي فيه من خلال صورته التي سمح الله أن يراها الناس من خلاله. إن رسالة الضمير موجهة نحو الإرادة؛ فإذا أطاعت الإرادة، سينمو الضمير وينضج، أما إذا قاومت الإرادة فسيضعف الضمير، ويسهل إسكاته فصلّ لكي يعطيك الرب ضميرًا صالحًا؛ ضميرًا حساسًا. واحذر من موقف الكتبة الذين كان لديهم ضمير حساس في الأمور التافهة، ولكنهم تغاضوا عن الأمور المهمة في الناموس، (راجع متى 23: 23).

إن الضمير هو شيء حيّ، وخاضع للنمو والنضج. “وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِحٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَسِيحِ، يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ. (1بط 3: 16). حتى في أيامنا هذه يوجد أناس لا يحبون المسيحيين فيتكون لديهم إحساسٌ سلبيٌّ تجاههم. ولكن يسمح الله بأن يتعامل هؤلاء الأشخاص مع إنسان مسيحي حقيقي فيجدوا رصيدًا من المحبة والتسامح والاحتمال والضمير الصالح، فيقولون بالعامية “فيكم ناس كويسين”. سمعنا نحن المسيحيون كثيرًا مقولة: “هذا الإنسان رائع لكن خسارة فهو مسيحي.” لماذا هذا التغيير؟ لأنهم أشتموا رائحة المسيح الزكية في المسيحي الحقيقي. أمّا لو قابلنا الشتيمة بشتيمة والإساءة بإساءة فالعداء سوف يستمر ويزداد. ولن نمجد اسم أبينا السماوي، بل سيجدّف على اسمه ونكون نحن السبب.

حين يعاشر شخصٌ من هذا النوع مسيحيًّا حقيقيًّا سيخزى لأنه بعد أن عامله وشعر بالصلاح الذي فيه، سيتغير موقفه من داخله. فالناس حتى لو لم يؤمنوا بإله هذا المسيحي سوف يشهدوا بصلاحه فهم لم يروا أحدًا في قداسته وطهره وأمانته ومحبته التي أكتسبها من أبيه السماوي. فليعطنا الرب ضميرًا صالحًا طاهرًا بلا عثرة من نحو الله والناس. ولإلهنا كل المجد آمين.