1. عاش إسرائيل مثل كل الشعوب القديمة حياة بدائية قبلية تعتمد علي التجوال والرعي قبل أن يستقر ويتحول من قبائل إلي شعب. وحتى بعد أن استقر أبقي علي الكثير من العادات القبلية. والقبائل عادة التي تعتمد علي الرعي تسافر بقطعانها من الغنم والماعز بحثًا عن العشب والماء. لذلك كانوا يسكنون الخيام، واستقرت كلمة الخيام كمكان للسكن في مفهومهم حتى بعد أن صارت لهم منازل ومدن يسكنون فيها، فحينما قاد يربعام بن نباط العشرة أسباط للانفصال عن مملكة يهوذا أو كرسي الملك داود قال “إلي خيامك يا إسرائيل” (1مل 16:12) أي فلننفصل وننعزل بمملكتنا عن بيت داود. وكمجتمع رعاة كانت تشبيهاتهم من واقع ما يعيشونه، فأقوي شيء عند الرعاة هو القرن، فاتخذ القرن علامة للقوة “ارتفع قرني بالرب” (1صم 1:2) “إلهي ترسي وقرن خلاصي وملجأي” (مز2:18). والله مشبه بالراعي أيضًا (مز 23+ حز 34).
2. عاش إبراهيم وإسحق ويعقوب ثم الأسباط حياة القبائل هذه، وما الأسباط سوي قبائل. وحياة القبائل التي تبحث عن الماء يكون من أهم الفضائل فيها الكرم مع الضيف الذي لا يجد ماء ولا طعام. وهذا ما رأيناه في كرم إبراهيم ولوط مع ضيوفهما.
3. القبيلة هي مجموعة عائلات انحدرت من أب واحد تعيش متضامنة تحمي أفرادها، لذلك إذا انفصل أحد عن قبيلته كان يلزم أن يلجأ لقبيلة أخري تحميه، وكانت كل قبيلة تتسمي باسم الأب الأكبر (هذا نراه في الأسباط فيقال مثلًا سبط يهوذا ونراه عند العرب فيقال بني علي مثلًا…) وهذا ما يعبر عنه أبيمالك في قوله لأقرباء أمه” تذكروا أني من عظامكم ولحمكم” (قض2:9).
4. قد تندمج قبيلة مع أخرى وتتسمي باسمها نتيجة للمصاهرة، وهذا ما نراه في انضمام الكالبيين نسل قناز إلي سبط يهوذا (عدد 12:32 + يش 6:14) وكان القنزيين غرباء عن إسرائيل (تك 19:15) ثم دخل كالب إلي سبط يهوذا (1أي 18:2 + عد 6:13).
5. قد تضعف قبيلة فتضطر أن تدخل ضمن قبيلة أخرى وتذوب فيها، وهذا ما حدث مع سبط شمعون الذي ذاب في سبط يهوذا (يش 19: 1-9) وموسي لا يذكر سبط شمعون في بركته للأسباط (تث33) لأن شمعون لضعفه ذاب في سبط يهوذا.
6. وقد ينقسم السبط أو القبيلة إلي عشائر وكل عشيرة بها رئيس يسمي رئيس ألف أو يسمونهم شيوخ أو أمير (قض 8:8، 14+ تك 40:36-43 + يش 14:7-18).
7. لكل قبيلة حدود يتم التعارف عليها ولكن تنشأ صراعات دائمة علي مصادر المياه من الآبار كما تنازع رُعاة لوط مع رعاة إبراهيم، واستيلاء عبيد أبيمالك علي بئر حفرها عبيد إبراهيم. وواجه إسحق نفس المشكلة (تك 7:13+21: 25 +26: 19-22).
8. في الحروب بين القبائل يتقاسم المنتصرون الغنائم ولقد قَنَّنَ داود هذا المبدأ وكان النصيب الأكبر يذهب لرئيس القبيلة ثم صار يذهب إلي اللاويين أي إلي الرب.
9. كانت القبيلة تقوم بحماية ضيفها. ولذلك كاد لوط أن يعطي ابنتيه لأهل سدوم لكي ينقذ ضيفيه. وصارت مدن الملجأ تعبيرًا له معني روحي ورمزي لهذا المفهوم وكانت مدن الملجأ بالنسبة لليهود طريقة للحد من الأخذ بالثأر.
10. حينما تعيش عشيرة في مكان لفترة قد تتخلي عن الاسم الأصلي للسبط وتسمي نفسها باسم مشتق من المكان الذي عاشت فيه فنسمع عن قبيلة الجلعاديين (قض 17:5) وبعد أن صارت إسرائيل دولة انتشرت هذه الطريقة للتسمية.
11. قلنا أن الخيمة وهي أساس السكن عند القبائل، استمرت هي التعبير عن أماكن السكن حتى بعد أن صار لهم بيوتًا ومدن يسكنون فيها، واستمر هذا التشبيه حتى أنهم صوروا الموت علي أنه فك أوتاد الخيمة للرحيل (أي 21:4 + أش 12:38 + 2كو 5: 1). وتم وصف السلام بالخيمة المشدودة (أش 20:33). وكثرة النسل شبهت باتساع الخيمة (أش 2:54).
12. وحينما عاش اليهود في بيوت ازدادت الرفاهية فازدادت الخطية. ومن هنا نري حنين الأنبياء في العودة للتقشف والعودة للبرية حيث الخيمة والزهد والتقشف (هو14:2-17 + هو9:12+ أش 19:43 + أر 6:35-7) ومن هنا نفهم أن هذه دعوة للتغرب عن العالم حتى تكون هناك علاقة صحيحة مع الله.
13. كان الأخ الأكبر ينتقل له الميراث ويجمع في يده كل شيء ويصير رأسًا للأسرة ولذلك نجد لابان يقوم بالدور الرئيسي في زواج أخته رفقة. وكان للأخ الأكبر نصيب الضعف في الميراث (تث17:21).
14. كان يمكن نظرًا لتعدد الزوجات أن تكون هناك أخوات غير شقيقات لأخ (أي لهم نفس الأب لكن من أمهات مختلفات). وكان يمكن للأخ أن يتزوج أخته غير الشقيقة كما تزوج إبراهيم بسارة. وكما طلبت ثامار من أمنون أن يطلبها للزواج من أبيهما داود. وهذا ما نفهمه أن في بعض الأحيان كانت صلة القرابة تنسب للأم وليس للأب، ولكن كان هذا في أحوال نادرة. إلا أن الشكل العام هو نسب الشخص لأبيه وليس لأمه. ولكن نلاحظ اهتمام الكتاب المقدس بنسبة كل ملك من ملوك يهوذا لأمه كما لأبيه.
15. هناك فريضة عبرانية أن يفتدي أحد أفراد الأسرة فردًا آخر من نفس الأسرة ويحميه ويدافع عنه ويثأر له. وهذا معروف عند كل القبائل. إلا أنه عند العبرانيين يأخذ وضعًا خاصًا بهم، فالفادي أو المخلص هو أقرب شخص للفرد المصاب أو الواقع في الأسر، فإذا اضطر الإسرائيلي أن يبيع نفسه عبدًا لسداد دين فمن واجب الفادي أو المخلص أن يسرع لفك أسره وسداد دينه. وهكذا يسدد دينه لو اضطر أن يبيع منزله أو أرضه حتى لا يقع المنزل أو الأرض في أيد أجنبية. وكان بوعز هو المخلص أو الفادي بالنسبة لراعوث ونعمي، عندما تخلي الفادي الأقرب عن دوره بالنسبة لهما. ولعل هذا هو السبب الذي جعل كاتب السفر في أن يغفل اسم الفادي الأول، إذ تخلي عن دوره. وكان دور الفادي أن يشتري الحقل وأن يتزوج راعوث. وعمل الفادي هذا منصوص عليه في (لا 49:25) الذي نص علي أن العم ثم ابنه ثم باقي الأقارب عليهم أن يقوموا بالفداء. ولكن كان من حق المخلص أو الفادي أن يرفض، وكان يعلن عن رفضه بأن يخلع نعليه أمام الجماعة (تث 25: 9 + را 8،7:4). ومن واجبات الفادي الثأر. وبالطبع فواضح أن هذا الفادي هو رمز للفادي الحقيقي لنا أي المسيح له المجد الذي هو أقرب لنا من أي قريب.
16. تخصصت عشائر أو قري في حرف معينة أو مهن معينة. ودعي رأس هؤلاء الحرفيين “أب” وربما هذا تفسير قوله حورام أبي (2أي 13:2) فهو أبو الصناع والمهنيين الذين يعملون في الفضة والذهب والنحاس. لذلك فهو يدعوه حيرام فقط في سفر الملوك (1 مل 13:7) وراجع (1 أي14:4 + نح35:11 + 1 أي 21:4، 23).
17. نلاحظ أنه كان منتشرًا في العهد القديم تعدد الزوجات، والذي بدأ ذلك هو “لامك” من نسل قايين. أما أولاد شيث فقد التزموا بمبدأ الزوجة الواحدة كما هو واضح من قصة نوح فقد كان لكل من نوح وأولاده زوجة واحدة. ثم انتشر مذهب تعدد الزوجات (يعقوب مثلا). وكان للزوج أن يتخذ سرية. والسرية ليس لها نفس مكانة وحقوق الزوجة. وكان للرجل أن يدخل علي جاريته لو كانت زوجته عاقرًا. كل هذا لزيادة النسل. فكان النسل هو أهم شيء عندهم حتى يكون للرجل مكانة وهيبة (مز 127: 3-5). لذلك كان اليهود لا يفهمون معني البتولية، فكانت بركة الرب للإنسان تعني زيادة النسل. والتلمود حدد عدد الزوجات بأربع للرجل العادي وثمانية عشر للملك. وبهذا كان سليمان حالة شاذة. ولكن كان تعدد الزوجات مصدر اضطراب العائلات كما حدث مع إبراهيم ثم يعقوب.
18. كانت المرأة تعيش في بيت أبيها في طاعة له، ثم تذهب إلي بيت زوجها في طاعة له. وكان الزوج ومازال يسمي بعل. وكلمة بعل عبرانية وتعني سيد (خر3:21) لذلك فهموا أن المرأة هي قنية من قنايا بعلها. علي أن الزوجة كان يدفع الزوج مهرًا لها أي لوالدها وتصبح له العمر كله، أما السرية فكان يشتريها بثمن من والدها وله أن يبيعها بعد ذلك. وكان المهر يؤول للزوجة من والدها في حالة وفاته أو طلاقها ولعل هذا ما كانت تعنيه ليئة وراحيل أن أباهما لابان باعهما وأكل ثمنهما أي لم يعطهما حقهما في المهر عندما غادرتا بيته نهائيًا، إذ كانتا لن ترياه ثانية.
19. حدد الربيين (معلمو الشريعة) سن الزواج بـ12 سنة للبنت، 13 سنة للولد، ولصغر السن المسموح به للزواج كان الوالدين يختارون لأبنائهم دون استشارتهم كما أرسل إبراهيم عبده لاختيار زوجة لإسحق. إلا أن القوانين البابلية والتي كانت تحكم عائلة رفقة كانت تحتم أن يستشير الأخ الأكبر (لابان في هذه الحالة) أخته (رفقة في هذه الحالة) إذا كان الأب متوفيًا.
20. كانت جريمة الاعتداء علي فتاة عذراء تحتم الزواج منها مع تقديم مهر زائد عن المهر العادي. دون أن يكون للزوج فيما بعد حق طلاقها (خر 17،16:22+ تث 29،28:22).
21. كانوا يفضلون الزواج من الأقارب (إسحق ورفقة مثلًا) ولا يفضلون الزواج من أسباط أخرى ولا بأجنبيات إلا أن هذا كان مسموحًا به ونجد أن نحميا تشدد جدًا في فصل الزواج من أجنبيات.
22. كان الزواج من العمة أو الخالة مباحًا. وموسي نفسه ثمرة زواج من هذا النوع. ولكنه حرم بعد هذا (لا 13،12:18+ لا19:20). وكذلك تم تحريم الزواج من أختين كما فعل يعقوب (لا18:18).
23. غالبا لم يكن للزواج طقوس دينية، ولكن هناك وثيقة للزواج ووثيقة للطلاق (تث 24: 1-3+ أر 8:3). حقًا لا نجد في العهد القديم إشارة لوثيقة الزواج لكن لا يعقل أن يكون هناك كتاب طلاق ولا يوجد وثيقة زواج. وقد عثر في جزيرة فيلة علي عقد زواج يهودي مكتوب فيه (أنا زوجها وهي زوجتي للأبد).
24. كانت العروس تستعد بلباس برقع ولا تنزعه سوي في غرفة الزوجية، وهذا يفسر لماذا وضعت رفقة برقعًا علي وجهها عندما رأت إسحق. وبذلك أيضًا خدع لابان يعقوب. وكان العريس يلبس تاجًا (نش11:3+ أش 10:61) وراجع (نش 3،1:4+ 6: 7) لتري نقاب العروس. وكانت العروس أيضًا تحيط بها صديقاتها منذ خروجها من منزلها إلي لحظة وصولها إلي منزل العريس (مز 15:45) وتلبس أفخر الثياب وتلبس جواهرها. وكانت تنشد الأناشيد في مدح العريس والعروس (أر9:16). وتقام ولائم واحتفالات لمدة أسبوع (تك 27:29 + قض 12:14).
25. كانت هناك مدرستين في موضوع السماح بالطلاق فقد نص في (تث 1:24) أن الرجل له أن يطلق امرأته إن لم تجد نعمة في عينيه، فإحدى المدارس شددت في هذا وقالت لا يطلق الرجل امرأته إلا إذا وجدها زانية (ليست بكرًا) أو اكتشف أنها سيئة التدبير. والمدرسة الثانية تساهلت تمامًا حتى أنها أباحت الطلاق إذا كانت المرأة لا تجيد الطهي، أو إذا أعجب الرجل بامرأة أخرى. ويكون الطلاق أمام شاهدين، ويعطي الرجل زوجته وثيقة طلاق تستطيع بها أن تتزوج ثانية. ولكننا من (ملا 16:2) نفهم أن الله يكره الطلاق. ومن تعليم السيد المسيح نفهم أن الله سمح لهم بالطلاق لقساوة قلوبهم. وإعلانا من الله أنه يكره الطلاق لم تسجل حالة طلاق واحدة في العهد القديم راجع (مت 19: 7، 8).
26. لم يكن من حق المرأة أن تطلب الطلاق، لذلك كان لو أرسلت امرأة وثيقة طلاق لزوجها اعتبر هذا عملًا غير مسموح به وضد الشريعة اليهودية ولذلك كان ما قاله الرب يسوع “وإن طلقت امرأة زوجها..” جديدًا علي مفاهيم اليهود. (مر12:10).
27. كانت الأرملة التي لم تنجب أولادًا ذكورًا، كان من حقها أن تتزوج من شقيق زوجها لتنجب أولادًا. وأول ولد يكون علي اسم الزوج المتوفي (تث5:25-10). راجع قصة أولاد يهوذا مع ثامار وقصة راعوث.
28. كان للرجل أن يبيع أي شيء يملكه حتى بناته، لكنه لا يحق له أن يبيع زوجته حتي الأجنبية التي إغتنمها في الحرب (تث 10:21، 14).
29. ساوت الشريعة في كرامة الأم كما الأب (تث 18:21-21) + “أكرم أباك وأمك”.
30. كان النسل الكثير أهم عناصر البركة (را11:4-12) + (تك 60:24 + تك 4:26 +تك 5:15 + تك 17:22 + مز 3:127-5) لذلك اعتبر العقم لعنة أو تجربة. لذلك شعرت أم صموئيل بالعار إذ لم تنجب. وكان النساء يتحايلن علي ذلك بتبني الأولاد حتى من جواريهن.
31. كان البكر يحصل علي أكبر نصيب. ولكن هذه القاعدة لم تطبق في حالة إسحق الذي كان أصغر من إسماعيل، ولا في حالة يعقوب فقد كان أصغر من عيسو. وكان سليمان أصغر أبناء داود والسبب أن الله أراد أن يشرع أن المختار من الله ليس بالضرورة هو البكر جسديًا، فإسرائيل هو الابن البكر الذي حلت الكنيسة مكانه بإتحادها بالمسيح البكر المختار.
32. استخدم العبرانيون أسماء دخل فيها اسم الله “إيل” مثل صموئيل أو اسم “يهوه” مثل ناثان ياهو أي يهوه أعطي، وذلك حين بدأت علاقتهم بالله. أما في زمان انحدار علاقتهم بالله فتسموا بأسماء آلهة أخري مثل البعل، فسموا أبنائهم يربعل أو إشبعل (قض 1:7+ 1أي 33:8). وبعد السبي دخلت أسماء أرامية وبعد حكم اليونان والرومان دخلت أسماء يونانية ورومانية، بل تسمي الشخص الواحد باسمين مثل يوحنا مرقس، شاول بولس. وكان تغير الأسماء يشير لسلطة من غَيَّر الاسم. ففرعون غير اسم يوسف وفرعون غير اسم الملك إلياقيم وجعله يهوياقم. ونبوخذ نصر غير اسم متنيا إلي صدقيا وغير أسماء دانيال والثلاثة فتية.
33. عرف الختان في معظم شعوب الشرق ولكن كان للختان عند اليهود معني ديني هو العهد مع يهوه. والكتاب لم يطلق لفظ أغلف إلا علي الفلسطينيين غالبًا لأنهم كانوا لا يختتنون. وغالبًا فقد كان الختان مرتبطًا بالزواج قبل أن يكون طقس ديني، لذلك يسمي العريس بالختن، وكذلك قالت زوجة موسى عنه “عريس دم” (خر 24:4-26). وبهذا المنطق أقنع أولاد يعقوب أهل شكيم أن يختتنوا قبل زواج ابنهم من دينة. وكلمة عريس بالعبرانية وكل مشتقاتها تجئ من الفعل العبراني “ختن”. وكون أن الختان سابق للناموس فواضح من أن الله أعطاه لإبراهيم كعلامة عهد وراجع أيضًا قول السيد المسيح (يو22:7) فاليهود قد اعتبروا أن الختان قد شرعه موسي.
34. كان الختان هو العلامة الخارجية للدخول في عهد مع الله، فالدخول في عهد يتطلب دائمًا علامة خارجية (أر 18:34 + تك 9:15 + تك 44:31).
35. كما قلنا فمفهوم الختان هو أن يصبح الرجل عريسًا وبالتالي يكون له نسل وأولاد، وهذه هي علامة البركة (كثرة البنين). ومن هنا كان الختان علامة العهد مع الله لأنه حين يدخل الشخص في عهد مع الله يباركه الله وهذا ما نفهمه من (تك 28:1) أن الله بارك آدم وحواء وقال لهم أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وبهذا المفهوم نفهم النص (لا19:23، 24) فالشجرة التي لا يأكلون ثمرها يسميها شجرة غلفاء ويسمي الشجرة التي لها ثمار، شجرة مختونة. وبهذا المفهوم نفهم معني الأذن المختونة والقلب المختون. ويضاف لذلك أن الختان فيه قطع لجزء من الجسم وتركه ليموت فيحيا باقي الجسم (أي الإنسان) في عهد مع الله. وذلك إشارة ورمز للمعمودية التي هي موت وحياة ونقوم منها كأولاد الله.
36. اهتم الآباء بجانب تعليم أولادهم القراءة والكتابة والتقاليد والأناشيد الدينية، أن يعلموهم إحدى الحرف وغالبًا ما تكون هي حرفة الأب. قال أحد الربيين من لا يعلم ابنه حرفة، يربيه لكي يصير لصًا. ولذلك تعلم بولس صناعة الخيام. ولأن الأب كان له دور المعلم أساسًا اعتبر الكاهن المعلم أبًا فدعي يوسف أبًا لفرعون لأنه كان مشيرًا له (تك 8:45 + قض 19:18) الذي منه نري أن الكاهن أسموه أبا لهم.
37. كانت المرأة عادة لا تذهب للتعليم، وكل ما تتعلمه في البيت هو الطهي والغسيل، وكانت المرأة عادة تضع برقعًا. وكان من العادات الاجتماعية والتقاليد أن المرأة لا تكلم غرباء، وأن يمتنع الرجل عن أن يكلم نساء، لذلك تعجب التلاميذ إذ وجدوا المسيح يتحدث مع السامرية فهي امرأة وثانيًا هي سامرية. وكان النساء يمنعن من دخول الهيكل فيما بعد رواق النساء المسموح بتواجدهن فيه. وكان النساء غير مسموحًا لهن أن يحضرن الجزء الخاص بشرح الناموس والوصايا التي يقوم بها الكتبة. وكانت المرأة ممنوعة من التعليم.عمومًا كانت المرأة في درجة أقل كثيرًا من الرجل بل كان الرجل يصلي قائلًا مبارك هو الذي لم يخلقني وثنيًا ومبارك هو الذي لم يخلقني امرأة ومبارك هو الذي لم يخلقني عبدًا أو رجلًا جاهلًا. لذلك كان المسيح يبدأ عهدًا جديدًا للمرأة إذ عَلَّم النساء وتحاور معهن، وكان منهن تلميذات له (لو1:8-3+ مر 41:15+مت 20:20). ولكن في نفس الوقت علم المسيح تلاميذه أن لا ينظرن نظرة شهوانية للنساء، فالذي ينظر ليشتهي هو يزني في قلبه.
38. لم يعرف العهد القديم معني البتولية، فكانت شيئًا غير مفهوم. ولما أراد يفتاح تقديم ابنته ذبيحة قالت ” اتركني شهرين فأذهب إلي الجبال وأبكي عذراويتي” فكان عدم الزواج مثل العقم، يعتبر لعنة أو وضعًا وضيعا (ً لو25:1) فالتي لا تتزوج لا يحترمها المجتمع اليهودي. لذلك قد نفهم قول الأنبياء ” عذراء إسرائيل” (عا 2:5 + مرا 15:1 + 13:2) أنه تأكيد علي بؤس إسرائيل ونهايته كنهاية العذارى دون أن يتركن أولادًا. وقال الربيون “أن الرجل غير المتزوج ليس رجلًا علي الإطلاق” لذلك كانت حالة إيليا حالة شاذة وسط الأنبياء اليهود.
القس أنطونيوس فهمي st-takla.org