بحسب إحصاء قامت به لجنة التعليم الأمريكية في 1987، على 200 ألف طالب، هم الملتحقون آنذاك بالجامعات والكليات؛ تبيَّن أن 75% منهم يؤمنون بأن الغِنى هو أمر مهم للغاية, بل إنه الهدف الأول للحياة. 71% قالوا: “إن أهم سبب لالتحاقهم بالجامعة هو الحصول على وظيفة محترمة تُدِر عليهم الأموال الطائلة بعد تخرجهم”.
لقد أصبح المال هو كل شيء في الحياة، بالنسبة لجيل تربَّى في مجتمع تطغي عليه الماديات. إن إعتقادهم ومفهومهم للسعادة هو: اقتناء سيارات فخمة، ومنازل ضخمة، وملابس كثيرة الثمن… ولكن للأسف، ففي معظم الأحيان تصبح هذه الأشياء حجر عثرة، وتعميهم عن رؤية الرب يسوع كما تمنعهم من المجيء إليه.
ويُعلِّمنا أيوب قائلاً «إِنْ كُنْتُ قَدْ جَعَلْتُ الذَّهَبَ عَمْدَتِي أَوْ قُلْتُ لِلإِبْرِيزِ: أَنْتَ مُتَّكَلِي… فَهَذَا أَيْضًا إِثْمٌ يُعْرَضُ لِلْقُضَاةِ لأَنِّي أَكُونُ قَدْ جَحَدْتُ اللهَ مِنْ فَوْقُ» (أيوب31: 24، 28).
والمال بركة إذا استُخدم لمجد الله في حياتنا، لكن الكارثة هي «محبة المال» فهي «أصل لكل الشرور» (1تيموثاوس6: 10).
وتعالوا بنا نبحث في الكتاب المقدس: ماذا فعل المال بالبعض؟
هناك مَن أحب المال لدرجة أن مضى حزينًا من أمام مصدر الفرح الحقيقي.. إنه الشاب الغني، الذي أتى إلى الرب يسوع، وأراد الرب أن يُعرفه أنه خاطئ يحتاج إلى الخلاص فامتحنه ببعض وصايا الناموس، لكنه أجاب بأن هذه الوصايا حفظها منذ حداثته، فامتحنه بوصية أخرى، ألا وهي محبة القريب مثل النفس؛ كان عليه لكي يُثبت ذلك، أن يبيع كل مله ويُعطي الفقراء. لكنه اغتمّ على القول ومضى حزينًا. كان ينبغي أن يقول للرب: “إذا كان هذا هو المطلوب فأنا ضعيف وأيضًا خاطئ وأرجوك أن تخلصني بنعمتك”، لكنه أحبّ ممتلكاته كثيرًا ولم يكن مستعدًّا للتخلّي عنها (مرقس10).
هناك من أحب المال، فخنق نفسه. إنه يهوذا الذي خان سيده الرب يسوع المسيح وباعه بثلاثين من الفضة. لقد ندم يهوذا، ولكن بلا توبة حقيقية. وطرح الفضة في الهيكل، ثم مضى وخنق نفسه. ونفهم من أعمال الرسل1 أنه علّّق نفسه على شجرة، حتى انقطع الحبل أو انكسر غصن الشجرة، فسقط على وجهه وانشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه (متى27).
هناك مَن أحبَّ المال حتى أنه رُجِمَ.. إنه عخان الذي خان، فقد أوصى الرب أن كل الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد تكون قُدسًا للرب وتدخل في خزانة الرب، إلا أن عخان رأى في الغنيمة رداءً نفيسًا ومئتي شاقل فضة (حوالي 2كجم)، ولسان ذهب وزنه خمسون شاقلاً (نصف كيلوجرام)، فاشتهاها وأخذها وطمرها في وسط الخيمة. وكانت النتيجة أن يشوع أخذ عاخان والفضة والرداء ولسان الذهب وبنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ما له إلى وادي عخور، ورجمه جميع إسرائيل بالحجارة وأحرقوهم بالنار (يشوع6، 7).
هناك مَن أحبَّ المال حتى أنه أصيب بالبرص.. نعم، إنه جيحزي غلام أليشع رجل الله، حيث جرى وراء نعمان الأرامي وأخذ منه وزنتي فضة في كيسين وحُلَّتَي ثياب، وتنتهي القصة بأن برص نعمان لصق به وبنسله (2ملوك5).
هناك من أحب المال حتى أنه كذب وصُرِعَ هو وزوجته.. إنهما حنانيا وسفيرة، حيث ملأ الشيطان قلب حنانيا، فعندما باع مُلكًا له، اختلس جزءًا من الثمن وأتى بالجزء الآخر عند أقدام الرسل. وعندما سمع توبيخ بطرس، وقع ومات. وبعد ثلاث ساعات جاءت سفّيرة وسألها بطرس، وأعلنت أنه بهذا المقدار فقط تم بيع الحقل، وبعدما سمعت توبيخ بطرس وقعت وماتت (أعمال5).
هناك من أحبّوا المال فاستهزأوا بالرب.إنـهم الفريسيون الذين كانوا يسمعون كلام الرب عن ضرورة أن يصنعوا لهم أصدقاء بمال الظلم، لكنهم لم يكونوا مرائين فقط، بل أيضًا جشعين؛ لقد ظنوا أن التقوى الظاهرية سبيل للغِنى، لذا عند سماعهم الرب يسوع يُعلِّم بضرورة التخلي عن غِنَى هذا العالم لكنز كنوز في السماء، استهزأوا به.
أصدقائي.. على النقيض من ذلك هناك:
من أعطى نصف أمواله فمدحه الرب (لوقا19: 8، 9).
من أعطت أغلى ما عندها للرب (يوحنا12: 3).
من أعطت القليل، والذي هو كل ما عندها، فمدحها الرب (لوقا21: 4).
من أعطوا أنفسهم أولاً للرب فكانوا أسخياء (2كورنثوس8: 5).
من أكرمْنَ الرب من أموالهِنَّ (لوقا8: 3).
من أعطى عُشرًا من كل شيء (تكوين14: 20).
وأنت، يا عزيزي،
من أي الفريقين أنت؟
وماذا يا تُرى أعطيت للرب؟
قال المُرسل الشهير جيم إيليوت:
“ليس أحمق مَن يُعطي ما لا يُمكن أن يحتفظ به، حتى يربح ما لا يُمكن أن يَخسَرَهُ”.
قناة الكرمة