«لأنهُ هَكَذا أَحَبَّ اللَّهُ العَالَمَ حَتى بَذلَ ابْنَهُ الوَحِيدَ» ( يوحنا 3: 16 )
أول مرة في المرات الثلاث والستين (7×9) التي يَرِد فيها ذكر المحبة في إنجيل يوحنا هو ماورَدَ في هذه الآية العظيمة يوحنا 3: 16. إن قلب الكتاب المقدس هو العهد الجديد. وإنجيل يوحنا هو مركز العهد الجديد وقلبه. وهذه الآية العظيمة هي من إنجيل يوحنا قلبه النابض. لكأن الرب في هذه الآية يُعلن لنا مركز قلب الإنجيل. بل إنها في الواقع تُرينا قلب الله نفسه، لا قلب الإنجيل فحسب.
في البداية، في تكوين 3 أَوهَم الشيطان الإنسان أن الله لا يُحبه لدرجة أنه حرمه من تناول ثمرة شجرة المعرفة، لكيلا يصير الإنسان كالله. ومنذ ذلك الوقت كم نجح الشيطان في تشويه صورة الله أمام الإنسان! فصوَّره بأنه الإله الجبار القاسي، الغاضب من البشر والمُنتقم من شرهم؛ الإله الماكر المُتكبر، أو على أحسن الأحوال هو الإله العادل البار ونحن جميعًا خطاة فجار. فيا ويلنا منه! أين الهروب من إله كهذا! لكن ها المسيح في يوحنا 3، يُصحح الفكرة الخاطئة التي زرعها الشيطان في البشر في تكوين 3، إذ يقول: «لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ».
نعم لقد أحب الله العالم لا لدرجة أن يُعطيه ثمرة شجرة، بل لدرجة أن أعطاهم ابنه الوحيد. لا أن يسمح له فقط بأفضل شجرة في الجنة وبكل ما في الجنة، بل بأفضل مَنْ في السماء، وبكل ما في السماء. لقد أعطانا ابنه مبذولاً على الصليب ليَهَب «كُلُّ مَن يُؤْمِنُ بِهِ … الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ»؛ ذات حياة الله!!
في هذه الآية، كما ذكرنا، نجد أول ذكر للمحبة في إنجيل المحبة الإلهية، وهو ما يذكِّرنا بأول ذكر لكلمة المحبة في كل الكتاب، وكان مرتبطًا أيضًا بالابن الوحيد في تكوين 22: 1 عندما طلب الله من إبراهيم أن يُقدِّم ابنه وحيده الذي يُحبُّه إسحاق محرقة. ولم يمسك إبراهيم وحيده عن الله. على أن الرب أشفَق على إبراهيم فرتب فدية بدلاً عن ابنهِ، إذ كان كل من إبراهيم وإسحاق مجرَّد رمز للحقيقة الأعجب. أما في يوحنا 3 فنرى لا الرمز بل الحقيقة الأعجب جدًا؛ الله أحب العالم حتى بذل ابنَهُ الوحيد! فالمثال أن يُقدِّم إبراهيم الابن المحبوب، إسحاق، لله. أما الحقيقة فهي أن الله قدَّم ابنه الوحيد لأجل العالم الشرير. فما أعجب هذه المحبة!
يوسف رياض – طعام وتعزية