إن يوم السبت كان يوم العبادة والراحة في العهد القديم، أي قبل مجيء المسيح، وقبل أن يبدأ المسيحيون بحفظ يوم الأحد للراحة والعبادة. أما لماذا كان يوم السبت يُعتبر يوم الراحة واليوم المخصص للعبادة في العهد القديم، فذلك لأن كلمة “سبت” بحدّ ذاتها كلمة عبرية معناها “راحة”، أو توقّف أو عدم متابعة، ويذكر الكتاب المقدس في سفر التكوين الأصحاح الثاني أنه بعدما خلق الله العالم استراح في اليوم السابع فيقول: “وفرغ الله في اليوم السابع من العمل الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدّسه، لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً” (تكوين 2:2-3). نلاحظ هنا أن الكتاب المقدس ذكر كلمة اليوم السابع الذي استراح فيه الله من العمل، ولم يذكر كلمة سبت أو السبت، فكيف وردت كلمة السبت في الكتاب المقدس وخاصة في الوصايا بخصوص حفظ السبت؟
في الواقع أن كلمة “سبت” وردت في الكتاب المقدس لأول مرة في سفر الخروج عندما قال موسى لشعب بني إسرائيل: “غداً عطلة سب مقدس للرب” (خروج 16 :23). مذكّراً الشعب اليهودي بأن السبت مقدس. وقد وردت هذه العبارة قبل إعطاء الشريعة لموسى. ثم أن حفظ السبت كان ضمن إحدى الوصايا، وبالتحديد في الوصية التي تقول: “اذكر يوم السبت لتقدسه، ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك، وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك.. لذلك بارك الرب يوم السبت وقدّسه” (خروج8:20 –11). وهناك مراجع أخرى في العهد القديم من الكتاب المقدس تشير إلى حفظ السبت منها ما يلي: “وكلّم الرب موسى قائلاً: وأنت تكلِّم بني إسرائيل قائلاً: سبوتي تحفظونها لأنه علامة بيني وبينكم في أجيالكم.. فيحفظ بنو إسرائيل السبت، ليصنعوا السبت في أجيالهم عهداً أبدياً هو بيني وبين بني إسرائيل علامة إلى الأبد” (خروج 31 :12 -17). وأيضاً قول الرب لموسى: “كلِّم بني إسرائيل وقل لهم: مواسم الرب التي فيها تنادون محافل مقدسة هذه هي مواسمي، ستة أيام يعمل عمل وأما اليوم السابع ففيه سبت عطلة محفل مقدس” (لاويين 23 :1-3). وغيرها من الآيات التي تشير إلى ضرورة حفظ يوم السبت في العهد القديم. لماذا لم يُعِر المسيحيين الاهتمام الكافي ليوم السبت كما يفعل اليهود بالرغم من وجود الكثير من الآيات التي تشير إليه؟ – إن تغيير يوم السبت كيوم للراحة والعبادة إلى يوم الأحد عند المسيحيين له أسباب عدّة منها: أولاً: إن يوم السبت هو يوم راحة لأنه اليوم السابع الذي استراح الله فيه بعد أن خلق العالم، وقد ورد ذكره في الكتاب المقدس حتى قبل نزول الشريعة على موسى فيوم السبت هو يوم للراحة وليس له صورة الفريضة الشرعية.
ثانياً: إن حفظ السبت كفريضة شرعية هو علامة بين شعب بني إسرائيل وبين إلههم في العهد القديم ولا علاقة للمسيحيين في العهد الجديد به إلا من ناحية كونه يرمز إلى الراحة العظمى، التي أعدّها الله بالمسيح يسوع. ثالثاً: إن حفظ السبت بالنسبة لليهود هو جزء من الناموس الموسوي، ومن حفظ السبت ملزم بهذا الناموس كله. فقد كتب الرسول يعقوب: “لأن من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مُجرماً في الكل” (يعقوب 2 :10). فحافظ السبت يصبح متعدّياً على الشريعة الموسوية إن لم يُختتن ويقدّم الذبائح والمحرقات، ويمارس المحافل والأعياد، ويتقيّد بكل ما يتعلق بها من أطعمة وأشربة، واغتسال وتطهير وفرائض منسوبه ، وكل ما هنالك من تقاليد تتطلبها الشريعة. وهذا طبعاً يعني العزوف عن اعتبار ذبيحة المسيح أنها أُكملت إلى الأبد. رابعاً: إن حفظ الناموس لا يقرّب الإنسان من الله، وهدف الناموس أن يظهر قداسة الله وعجز الإنسان وحاجته إلى مخلص. وإن كلمة الله الواردة في الكتاب المقدس تؤكّد لنا عدم جدوى محاولة الإنسان الخلاص من الخطية والحصول على البر بواسطة أعمال الناموس، إذ أن المؤمن يتبرر بالإيمان بالمسيح المخلص والسير حسب تعاليمه وليس بحفظ ناموس العهد القديم (غلاطية 3 :24 و5 :4 ). وأن حفظ الإنسان المسيحي المؤمن ليوم السبت كجزء من الناموس، هو اعتراف ضمني بعدم كفاية المسيح للقيام بعمل الفداء (عبرانيين 10 :14)، لأنه بمجيء المسيح موته وفدائه تحرر الإنسان من الناموس
مسيحيات