إن زيجات كثيرة قد تحطمت على صخرة الاختيار الخاطئ والشاب العاقل هو الذي لا يقدم على الزواج إلا بعد تأمل وانتظار وتفكير.
حدثنا أحدهم عن شاب أراد الزواج، فأرشده صديق له إلى رجل كان له سبع بنات جميلات، كن يملأنا البيت روعة وجلالاً، وكان اسم الفتاة الأولى “الجمال” واسم الثانية “الأنوثة” واسم الثالثة “الخفة” واسم الرابعة “الحنان”، واسم الخامسة “الوفاء” واسم السادسة “الصحة”، واسم السابعة “العقل”، لكن الشاب مضى وراء عينيه، فلم يختر الوفاء، ولم يختر العقل،
ولم يختر الحنان، وإنما اختار “الجمال”، فلما أخذ عروسه وذهب بها إلى بيته وهو يظن أنه أسعد من في الوجود، إذا به يرى ذلك الجمال وقد ذبل وانهار وتحول إلى تمثال من الملح البارد الجامد الخالي من كل عاطفة أو إحساس.
منذ وقت ليس ببعيد أبدى مستر جورج ايفالدي، وهو أحد رجال الصناعة في فيلادلفيا استعداده للتنازل عن كل ثروته للمرأة المثالية على شرط أن توجد هذه المرأة.
لكن ما هي شروط المرأة المثالية؟ هل هي التي تقوى فيها عاطفة الأمومة؟ أم هي المرأة الوفية؟ أم هي المرأة الصبورة المحتملة؟ في اعتقادي أن المرأة المثالية هي المرأة التي تسعد الرجل الذي تتزوجه، وتنشر الهناء في المحيط الذي تعيش فيه، وتحمل معها الحنان، والحب، والعطف، أينما ذهبت، وتجعل العطاء قاعدة حياتها إنها المرأة التي تشعر زوجها بالحياة في شبابه، وتكون صديقته إذا انتصف به العمر، وممرضة له إذا وهن منه العظم.
فهل يمكن أن يجد الشاب هذه الزوجة؟ هناك بعض إرشادات تقي كل مقدم على الزواج من الاختيار الخاطئ نذكرها فيما يلي:
1- لا تتزوج بفتاة غير متجددة بحجة أنها قد تتجدد مستقبلاً:
إن أمر الرب “لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين” 2 كو 6: 14 وكل تعد لهذا القانون يجر على صاحبه الشقاء.
ذهب أحد الشبان إلى راعي كنيسته يسأله رأيه في أمر زواجه قال: “ما رأيك في الآنسة افلين، إنها شابة جميلة، ومثقفة ومن عائلة عريقة، فهل توافق على أن أطلبها من أبيها؟” سأله الراعي: “هل هي مولودة من الله يا ابني؟” أجاب: “كلا! إنها مؤدبة ومتدينة، ولطيفة جداً”. وهنا ارتسمت علامات الجد على وجه الراعي الوقور ثم قال: “أنت يا ابني ابن الله، فأنت تسير على شاطئ نهر الحياة الأبدية، وهي ليست ابنة لله، فهي تسير على حافة الجحيم الأبدي، فكيف يكون بينكما توافق وانسجام؟ قد تسعدا في الشهور الأولى يا ولدي، لكن سعادتكما ستكون في عمر الزهر، ثم تتسع شقة الخلاف بينكما، وتنقلب سعادتكما إلى أشجان، ولن يكون هناك علاج بعد فوات الأوان … واذكر يا ولدي أن “كل بيت منقسم على ذاته لا يثبت” مت 12: 26 .
فحاذر أيها الشاب عندما تختار فتاتك، أن تختار فتاة غير متجددة إن معنى هذا أنك ستعيش في شقاء مقيم. وما نقوله للشاب نقوله للفتاة “خير ألف مرة أن تنتظر الفتاة بغير زواج من أن تتزوج شاباً ينغص عليها حياتها، ويفسد إيمانها، ويقودها إلى الخطية”.
2- تأكد قبل زواجك من التوافق التام بينك وبين الفتاة التي ستتزوجها:
ليس الإيمان هو كل شيء في الزواج، فليس كل شاب مؤمن يصلح لكل شابة مؤمنة، فلا بد إذاً من الانسجام في الأشياء الآتية:
أ- العمر: والعمر أمر هام في الزواج، فاحذر أن تتزوج فتاة تصغرك بعشرين عاماً، إن طبيعة الحياة تنفر من هذا، فالربيع لا يعيش مع الشتاء، والمال، والأثاثات الجميلة، والقصر الملآن بكل معدات المدنية المريحة لا يمكن أن تعوض ربيع العمر وقوة الشباب، لذلك فلا بد من أن يكون السن متقارباً، لقد كان الترتيب الإلهي أن يكبر آدم حواء في حساب الزمن، وأقصى مدة معقولة للفرق في السن بحسب آراء المفكرين هي سبع سنوات.
ب – الثقافة والعقلية: لا بد مع توافق العمر، من التناسب في الثقافة والعقلية، ولا ضير في أن يكون الزوج أكثر ثقافة من زوجته، فطبيعة الحياة لا تأبى ذلك، لكن الأمر الهام هو توافق العقلية والمزاج، فمن الصعب أن تعيش امرأة مع رجل غبي، أو يعيش رجل مع فتاة بلهاء ولو كانت في جمال “فينوس”
جـ – البيئة والعائلة: يجب أن تعرف البيئة التي نشأت فيها الفتاة التي ستصبح أماً لأولادك، وشريكة لحياتك. سل أين تعلمت، فبعض الشبان تعجبهم الثقافة الفرنسية، وبعضهم يحبون الثقافة الأمريكية، وآخرون يرغبون الثقافة الشرقية، والبيئة التي تعلمت فيها زوجتك هي التي صنعت منها المرأة التي ستعيش معك.
ومع دراسة البيئة ادرس عائلة الفتاة، إن أخاها هو خال أولادك العتيد، ووالدها هو جدهم، وأختها هي خالتهم، فلا بد إذاً من أن تحسن اختيار الأسرة التي ستأخذ منها فتاتك، ولا بد من التناسب بين عائلتها وعائلتك حتى لا يكون هناك أي مجال للتفاخر والغرور.
وأخلاق الأهل، في معاملتهم، وحسن تصرفهم، وكياستهم في تصريف الأمور، ومحبتهم، وعواطفهم، وقلوبهم المتسعة لها أهميتها ففكر في هذه الأمور وأنت مقدم على الزواج.
3- حاذر من زواج البرق، فالزواج القائم على الأساس الجسدي المحض زواج فاشل:
إن الأشياء الروحية لها البقاء بلا شك، لهذا قال لموئيل ملك مسه “الحسن غش والجمال باطل. أما المرأة المتقية الرب فهي تمدح” أم 31: 30
كتبت إحدى الفتيات في اعترافاتها هذا الاختبار “أحببت رجلاً لي من زملاء الدراسة من على بعد، راعني جماله، ورشاقة جسمه، وخفة حركاته، وتمنيت في قلبي أن أصير له زوجة، ومرت الأيام وحبه كامن في قلبي، حتى جاء اليوم الذي دعاني فيه إلى نزهة فأحسست بالسعادة تغمرني، وسرت معه وأنا أحس بأن الدنيا لا تسعني، لكنه عندما بدأ يتكلم أحسست أن هناك شيئاً ناقصاً في ذلك التمثال الجميل، فقد كان حديثه خالياً من العاطفة، وكانت أنفاسه تفوح منها رائحة الخمر، وبدا أمامي كأنه قبر من المرمر، وكانت هذه الدعوة هي أول لقاء وآخر لقاء، وقد تعلمت من ذلك اليوم ألا أحلق في وادي الخيال أو أتعلق بالأوهام”,
فاحترس يا أخي من أن يجذبك الجمال وحده، أدخل إلى الأعماق لترى ما وراء الحسن، فإن العاطفة الحارة، والحنان الدافق في وجه امرأة متوسطة الجمال، أحسن ألف مرة من الجمود والقسوة في قلب امرأة جميلة.
4- اطلب وجه الرب للإرشاد بإخلاص:
يقول سليمان الحكيم “البيت والثروة ميراث من الآباء. أما الزوجة المتعقلة فمن عند الرب” أم 19: 14، ولاحظ أن الزوجة المتعقلة من عند الرب! أما الزوجة غير المتعقلة فليست من عنده بحال من الأحوال!! لذلك يجب أن تصلي كثيراً قبل الزواج بإخلاص من القلب، وتقول للرب أن يختار لك شريكة الحياة. لما صلى عبد إبراهيم أرشده الله إلى رفقة وكانت خير زوجة لاسحق. والرب ما زال مستعداً أن يرشد من يطلب وجهه بلا غرض، ففي صلاتك فرغ نفسك من كل الأغراض المادية، واحذر أن يكون غرضك في الزواج، هو المال، أو وظيفة زوجتك، أو مركز عائلتها، فالزواج التجاري لا يعيش.
الحياة المنتصرة