ذبيحة الخطية

في ذبيحة الخطية ينكشف وجه آخر من أوجه الصليب (لا 4 : 3) فلا نسمع في ذبيحة الخطية أنها للرضى والمسرة ولا كأنها رائحة سرور بل نسمع فقط أن مقدمها يضع يديه عليها معترفاً بخطاياه فتُنقل خطاياه منه إلى ذبيحته فتساق الذبيحة للموت عوضاً عنه وهكذا أيضاً رأينا هذا العمل يكمل على الصليب إذ تقدم المسيح لله حاملاً خطايا وآثام ونجاسات الإنسان الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر (1 بط 2 : 24) إذن فلا مجال للمسرة وليس الوضع هنا وضع رضى بل على النقيض تماماً نجد الآب يحجب وجهه عنه من هذه الناحية أو بالأصح ينحجب وجه الآب عنه بسبب ما كان في موقف العار والفضيحة إذا صار لعنة لأجلنا (غل 3 : 13) لذلك على الصليب نسمعه يقول إلهي إلهي لماذا تركتني (متى 27 : 46) وما ذلك إلا لأنه وقف ضمناً موقف الخطاة الذي لم يعرف خطية صار خطية لأجلنا (2 كو 5 : 21) ومعلوم جيداً لدينا أن الله لا يرى الخطية من أجل ذلك احتجب وجه الله عن المسيح حامل الخطية.

وعبر الرب يسوع عن شناعة هذا الوجه من أوجه الصليب بقوله إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس (متى 26 : 39) مع أننا سمعناه في صورة الإبن البار الطائع يقول الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها!

إذن في الصليب عملان متداخلان يظهران وكأنهما متعارضان ولكن لم يدع الطقس القديم محلاً لتعارض ولا اعتراض فالمسيح أكمل على الصليب ذبيحتين معاً ذبيحة محرقة للرضى والسرور وذبيحة خطية ولعنة وكان يليق به أن يفرح بالصليب ويقبل اليه كعلامة طاعة وإظهار بر النبوة وكان يليق جداً أن يرتعب ويفزع منه كخشبة عار وعلامة لعنة!

ولطالما تبلبلت عقول الناس بسبب هاتين الصورتين المقترنتين معاً في الصليب مع أن الطقس الذي جمعهما في العهد الجديد فرقهما وميزهما في العهد القديم بلا لبس ولا إبهام في ذبيحتي المحرقة والخطية وإذا قارنا بين عمل الذبيحتين على الصليب نجد أن ذبيحة المحرقة تعبر موقف المسيح على الصليب أمام الله ببره الشخصي فينال الرضى والمسرة بالضرورة بينما نجد ذبيحة الخطية تعبر عن موقف المسيح أمام الله وعليه نجاسات الانسان.

لذلك بينما نجد أن ذبيحة المحرقة كانت تفحص بالسلخ والتقطيع والغسل إشارة إلى الفحص الذي أثبت بر المسيح لا نجد مثل هذا الفحص في ذبيحة الخطية على العكس كان يخرج بها الكاهن خارج الهيكل وخارج المحلة كلها إشارة إلى عدم ترائيها أمام الله أو عدم إمكانية رؤية الله لها توضيحاً لجرم الخطية وشناعتها فإن الحيوانات التي يدخل بدمها عن الخطية إلى الأقداس بيد رئيس الكهنة تحرق أجسامها خارج المحلة لذلك يسوع أيضاً لكي يقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب فلنخرج إذن اليه خارج المحلة حاملين عاره (عب 13 : 11 – 13).

ولنلاحظ أنه في ذات الوقت وعلى ذات الصليب ولذات الإبن الوحيد تمت هاتان الذبيحتان معاً ففي الوقت الذي احتجب فيه وجه الآب عن الإبن بسبب الخطية التي حملها عن الإنسان كان في ذات الوقت وعلى الصليب هو هو بنفسه موضع فرح ومسرة وقبول ورضى الآب بسبب طاعته وبره وكماله الشخصي وقوله على الصليب إلهي إلهي لماذا تركتني، لأنه كان يكمل العملين معاً.

ولكن للأسف بعض الشرائح قالوا ان المسيح عندما قال إلهي إلهي لماذا تركتني كان يتكلم بناسوته هذا محض افتراء وتقسيم فاضح لطبيعته الواحدة لأن ناسوتة لم يفارق لاهوته قط، لا في قول ولا في عمل لا لحظة واحدة ولا طرفة عين.

كذلك أيضاً من يقول أنه كان يتكلم تحت الألأم عندما قال فلتعبر عني هذه الكأس (متى 26 : 39) وفي قوله لماذا تركتني هو هو المسيح الذي قال أنا والآب واحد الآب الحال في هو يعمل الأعمال (يو 14 : 10) الإبن الوحيد الذي هو في حضن الآب (يو 1 : 18) ابن الإنسان الذي هو على الأرض هو في السماء (يو 3 : 13) هو لم ينقسم قط ولا انقسمت طبيعته ولا تكلم بلسانين ولا أبدى مشيئتين ولا عمل عملاً نسخ به عملاً سابقاً قط ولكن الحقيقة تكمن في أن المسيح عمل عملاًُ واسع الاختصاصات وأكمل بالصيب صوراً عديدية متضاعفة ومتعددة الآثار.

وليس في ذلك أي ذنب على الله بل العيب وكل العيب في الإنسانية الشقية التي فتحت حصنها الإلهي ((العقل)) للشيطان ومكنته من احتلال أركانه فجاء الرب يسوع ليعمل ويُصالح ويجدد هذه الأركان.

ذبيحة الخطية قدم نفسه حاملاً خطايا الإنسان ونجاساته في جسده على الخشبة (1 بط 2 : 24) متألماً إذا لم يكن يحمل الخطية في جسده بسرور ؟؟ وقبل بحزن عظيم أن يصلب خارج أورشليم كحامل عار ولعنه الإنسان.

بعد أن علمت بقوة ذبيحة الخطية التي أكملها المسيح عنك ووضعت يدك على ذبيحة الصليب معترفاً بخطاياك وعلمت أنه بسبب انتقال خطاياك منك الى جسد المسيح على الخشبة مات المسيح على الصليب فهل لا يزال لك ضمير مثقل بالخطايا (عب 10 : 2) احذر ذلك لئلا تهين قوة الذبيحة! بل إحذر جداً أن تتقدم إلى الله وشركة دم المسيح مستكثراً خطاياك على عمل الدم الإلهي (1 يو 2 : 2).

شكراً للذي أحبنا وقد غسلنا بدمه وجعلنا ملوكاً وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين (رؤ 1 : 5 ، 6)

inarabic.org