الزواج هو نظام إلهي رتبه الله، ليرتبط رجل واحد وامرأة مدى الحياة، لا يفصل بينهما إلا الموت، ولا يقع بينهما انفصال إلا بسبب الزنا، والزواج من استحسان الله نفسه، ومن صنعه، إذ بعد أن خلق كل شئ قال الرب الإله ” ليس جيدا أن يكون آدم وحده فاصنع له معينا نظيره” ولذلك خلق الله لآدم معيناً نظيره ،يقول الكتاب المقدس أنه “أوقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام فأخذ واحدة من أضلاعه و ملأ مكانها لحماً و بنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم”، وحين فتح آدم عينيه ورأى أمامه حواء، طفق فرحاً “فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي و لحم من لحمي هذه تدعى امرأة لأنها من امرء أخذت” ووحد الله بين قلبيهما “لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً” (تكوين 2 : 18 – 24). يشبه الكتاب المقدس العلاقة بين الزوجين بالعلاقة بين المسيح والكنيسة، فهو يقول : “أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضا رأس الكنيسة .. أيها الرجال احبوا نساءكم كما احب المسيح أيضا الكنيسة” ثم يمضي الرسول بولس فيقول “لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه من اجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً” (أفسس 5 : 22 – 31).
فالعلاقة الزوجية هي علي مثال علاقة المسيح بالكنيسة، ويقول الرسول بولس عن اتصال المسيح بالكنيسة :
“هذا السر عظيم ولكنني أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة” وعلي المثال نفسه يكون اتحاد الزوج بزوجته. وقد هدف الله من الزواج بقاء الجنس البشري، ولذلك فإن الله عندما خلق الإنسان قد خلقه وبه الغريزة الجنسية، ليحفظ النوع البشري وليزداد ويتكاثر، وليعبر الإنسان عن المحبة بطريقة لا تكفي الكلمة وحدها للتعبير عنها، وعلي هذا فالزواج محبة متبادلة، متساوية، وهو قبل كل شئ عملية أخذ وعطاء واندماج بين أثنين، ليصبحا واحداً.
والزواج قوة رابطة كبيرة لما فيه من توحيد المصالح والأهداف، وهو بذلك يؤثر تأثيراً مثمراً علي عقلي الزوجين بما يوحيه كل الزوجين إلي الآخر، ولعل الزواج أقوى دافع تعليمي في مدرسة الحياة، فهناك دروس التعاون والعطف، والحنان والشعور بالمسؤولية والصداقة ومراعاة الشعور والتضحية والبذل بالإضافة إلي تعليم الأطفال والعناية بهم والتضحية لأجلهم، ليخرج جيل من الأبطال لمجد الله والكنيسة والمجتمع.
وبالزواج نحوز رضى الرب، فما أجمل ما قال الكتاب المقدس “من يجد زوجة يجد خيرا و ينـال رضى من الرب” (أمثال 18 :22).
وبالزواج نجد الخير الروحي والعقلي والجسدي مع نوال الرضا الإلهي، فبالزواج ندخل في علاقة المحبة ومسؤوليات التضحية، والتسامي بالتفكير في العائلة الأبدية الكبرى التي تضم أولاد الله وبناته من كل الأجيال.
وتنادي المسيحية بالزواج من امرأة واحدة فقط، فعندما خلق الله آدم خلق له امرأة واحدة، حواء واحدة، وعندما قال الله ” يكونان جسداً واحداً ” فانه كان يعني جسداً واحداً، وهذا ما لا يتوافر في حالة زواج الرجل بأكثر من امرأة، فلا يمكن أن المعاني السامية الإلهية أن تنقسم أو تتجزأ، فلا يمكن للرجل أن يحب المرأة الثانية كالأولي أو كالثالثة، ولا يمكن للزوجة أن تحب ذلك الرجل مادام له زوجات أخريات، ذات الحب الكامل الذي يتوافر في حالة انفرادها بهذا الزوج الواحد، إذ يجب أن تتجه العاطفة كاملة من الرجل الواحد للمرأة الواحدة، ومن المرأة الواحدة إلي الرجل الواحد، وبذلك يكون أساس هذه الرابطة معنوياً وجسدياً قائماً على أساس واحد قوي، دون أن يتعرض لعوامل الحقد أو الغيرة، ولقد قال السيد المسيح إن الله من البدء خلقهما ذكراً وأنثى، أي ذكراً واحداً وأنثى واحدة. وأساس الارتباط المسيحي يتم بين الرجل المؤمن والمرأة المؤمنة، فيقول رسول المسيحية “تتزوج بمن تريد في الرب فقط” (1 كورنثوس 7 :39).
هذا الأمر يحفظنا من النير المتخالف الذي قال عنه الكتاب “لا تكونوا مع نير مع غير المؤمنين” (2 كورنثوس 6 :14 – 18). فإن كان الكتاب قد منع النير المتخالف في عشرة الناس بعض الوقت، فماذا عن عشرة العمر كله، إن الزواج بغير المؤمن أو المؤمنة يشبه ربط خروف مع خنزير في مكان واحد معاً على الدوام. إن الزواج المسيحي، هو بين أثنين فقط، ذكر وأنثى، يجمعهما الله، في وحدة عجيبة لا يصبحان فيها اثنين بل واحداً، ولا يستطيع إنسان أن يفرقهما. هذا هو الفكر الكتابي المسيحي عن الزواج.
المركز الإعلامي للدراسات و المشورة