«أَطلبُ إِلَيكُمْ … أَنْ تحْرِصُوا علَى أَنْ تكُونوا هَادِئينَ» ( 1تسالونيكي 4: 10 ، 11)
عصرنا هذا الذي نعيش فيه هو بلا مُنازع عصـر يتَّسم بالصَخَب. ولسنوات خلَت تأثرت تأثرًا بالغًا بقول الرسول الذي في صدر هذا المَقال، وها هو القول يستعيد تأثيره في نفسي، وهو بكل يقين ينطوي على إشارة إلهية لعصـرنا الحاضر الموبوء بالصخب والضجيج.
ولكن، هل ترانا قد أدركنا عُمق ما تعنيه هذه الكلمات؟ القراءة السطحية قد تجعلنا نفهم ما تعنيه، وهو أن نكف عن الصخب في حياتنا. ولسنا ننكر أن التحريض ينطوي على قدر من النصيحة لأصحاب الأصوات المرتفعة، والأشخاص دائبي الحركة الذين لا يكفُّون عنها، ومنظرهم الهائج يُهيج سواهم.
وكم ودَدننا لهم أن يعطونا فرصة لالتقاط بعض الصور لهم وهم في حالات الهياج، لتكون لهم بمثابة ”إثبات حالة“ حتى يفيدوا منها في الوقت المناسب.
غير أنني أرى أن كلمات الرسول تستهدف أن نغرس في نفوسنا حالة الهدوء الباطني التي لا تتأثر بالقلق بما في الخارج، وأن يسود القلب، في هدأة المقادس وسكونها، سلام الله بمثابة حارس لتأمين النفس ضد عوامل العالم المتنازعة وقوى إبليس الذي لا يهدأ. هذا هو سكون الروح الذي يُقاوم بنجاح عديد المؤثرات التي تُهدِّدنا في كل اتجاه. وسياج مثل هذا للفكر، لا يسَعنا إلا الاعتراف بحاجتنا القصوى إليه.
وسواء أدركنا، أم لم نُدرك، الحاجة إلى روح الهدوء هذه، فلا مفرّ من مواجهة الحقيقة، وهي أن الرسول يُحرِّضنا على الاجتهاد في غرسها وتدعيم قوائمها. فالحرص على أن أكون هادئًا معناه أن أجعل الهدوء مطلَبًا ومطمَعًا مسيحيًا، أبذل الجهد في سبيله. علينا أن نعدّه هدفًا من أهداف الحياة الجديدة، أن نحفظ القلب مَصونًا إزاء تشويش مشغوليات واهتمامات وانزعاجات هذه الحياة.
وإذ يملك سلام المسيح في قلوبنا، عندئذٍ نكون قد امتلكنا سكون وهدوء النفس. وسر نجاحنا في مسَاعينا نحو هذا الهدف هو الإيمان.
ومن اليسير على المؤمن أن يتقبَّل هذا التحدِّي الذي لا جواب عليه: «إِن كَانَ اللهُ مَعَنَا (أو لنا)، فَمَن عَلَيْنَا؟» ( رو 8: 31 ). إن اليقين بأن القدرة الإلهية تحرسنا وتهدينا، مِن شأنه أن يهَبنا إحساسًا بالطمأنينة والأمن لا يمكن لشيء على الأرض أن يزعجه.
طعام وتعزية