أهمية الحدود في حياة طفلك

نوع المرض الذي سأناقشه في هذا المقال هو مرض فقدان أو تجاهل الحدود مع الطفل، هذا المرض عندما يتواجد في الأسرة
يدمر علاقة الأباء بأطفالهم.. كما يُدمر علاقة الأولاد بأندادهم. وحتى تتضح الصورة سنطرح هذه الحدود عليهم خلال السطور القادمة مع توضيح أهميتها في حياة طفلك:
الحدود الأولى حدود تلبية رغباته: هذه الحدود وضعها لنا الكتاب المقدس في جامعة “لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ…” (جامعة 1:3 – 7) فليس كل شيء متاح، ولكل شيء تحت السماء وقت. من المهم أن يعرف الطفل هذا، ويسمع كلمة “لأ” وهذا خطأ، وهذا ليس وقته، أمثلة، اللعب، الحلويات، الكمبيوتر….
الحدود الثانية حدود في التعبير عن غضبه: الكثير يعاني من مشكلة عدم التحكم في غضبه، أو أنه غير قادر على التعبير عن نفسه وما يشعر به، أن هذا الأمر بسبب عدم استخدام الأباء لمبدأ الحدود في التعبير عن غضبه، وهذه الحدود هي إتاحة الطفل أن يعبر عن ما يُغضبه، لكن عليه أن يتعلم أن يكون هذا دون أن يتعدى حدود احترامه لوالديه.. فيتعلم كيف يعبر عن رأيه بدون أن يتعصب ويرفس على الأرض ويضرب… إن وجود هذا النوع من الحدود مهمة للطفل فمن خلالها يتعلم كيف يتحكم في أعصابه ويضبط نفسه، لأنه إن لم يتعلم وهو طفل كيف يعبر عن مشاعر غضبه بطريقة صحيحة، ستكون النتيجة أنه سيخسر علاقاته بالآخرين بسبب غضبه وعصبيته معهم. لكن على الأباء الحذر بأن يطبقوا هذه الحدود بطريقة خطأ، بأن يمنعوهم تماماً بالتعبير عن ما يغيظهم، لأنه بهذا سينشأ طفل ضعيف الشخصية غير قادر عن التعبير عن نفسه، والنتيجة فقدان العلاقة الصحيحة مع الغير لأنه لم يتعود على التعبير عن مشاعره للآخر. هذا بجانب أنه من الممكن أن يتعرض لمشكلة التحرش الجنسي لأنه لم يتعود أن يتكلم ويعترض على سلوك ضايقه، بل على العكس كان يُنتهر من والديه إذا حاول التعبير عن نفسه ورفض ما يضايقه، فأصبح يخاف يعبر عن هذه المشاعر. ومن هنا نجد أهمية هذه الحدود للطفل، حيث يتعلم كيف يعتمد على نفسه، ويكون قادراً على تكوين علاقات صحيحة، بل ويحمي نفسه أيضاً.
الحدود الثالثة الخصوصية: وخاصة مع أولادنا في مرحلة المراهقة، بعض الأهل يبحثوا في الأشياء الخاصة بأولادهم، مما يسبب ضيق لأولادهم ويشعروا بعدم الأمان لأنه لا توجد خصوصية لهم. أعزائي الأباء مهما كان تبريركم لهذا التصرف من اقتحام خصوصية ابنك وابنتك أرجو أن تتوقفوا عنه، فهذا الأسلوب وعدم وجود هذه الحدود لأمر خطير جداً ويسبب دمار في العلاقة بينكم، فهذه ليست الطريقة لحماية أبنائكم من الخطأ، فهم بكل بساطة سيفعلوا ما يرضيكم أمامكم ويخفوا ما يريدون عنكم. لكن لو يتعلم الأهل وجود الحدود واحترام الخصوصية، مع بناء حوار معهم ستكون وسيلة أفضل لحمايتهم بجانب تكوين علاقة أفضل بين الأهل وأبنائهم. لأنكم بهذا ترسلون لهم رسالة أنكم تثقوا فيهم وتحترمون شخصيتهم التي هي منفصلة عن شخصيتكم.
لكل أب وكل أم.. إن وجود حدود في التربية يعلمهم أن يحموا أنفسهم ويتحكموا في أعصابهم، وتحميهم من السلوك في الظلام حتى لا تكشفوهم. ولتتذكروا وصية الله في “أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ لِئَلاَّ يَفْشَلُوا.”. كولوسي 21:3
وفي النهاية لا تنسوا أن تصلوا من أجلهم وتتركهم بين يد الله هو يرعاهم

بقلم: هايدي حنا – دبلوم في المشورة الأسرية

inarabic.com