كيف تخرج من ظلمة الاكتئاب؟

هناك فرق بين الإصابة بالحزن أو التعاسة أو الفشل، وبين الاكتئاب، فهو أكثر من الشعور بوعكة أو حزن شديد.

الاكتئاب مرض منتشر، وخطير.

قد تتشابه أعراضه مع أعراض الحالة النفسية السيئة، ولكنه حالة مختلفة. فهو مرض أحياناً يكون عضويّاً له علاقة بكيمياء الدماغ وبالجينات وبالوراثة.

أي نوع من الاكتئاب لديك؟
الانتصار على الاكتئاب ممكن حينما تقرر مواجهته، وحينما تملأ قلبك بإصرار على الانتصار والسعي للتخلص منه. البداية هي أن تعرف نوع الاكتئاب الذي تعاني منه.

1- اضطراب الاكتئاب الشديد:
فيه يشعر المريض بالاكتئاب لمدة زمنية لا تقل عن أسبوعين متواصلين ويعاني في العمل وفي العلاقات وفقداناً للتركيز وقلّة طاقة.

2- الاكتئاب المزمن والشخصية الاكتئابية:
يشعر المريض بالمزاج المكتئب أغلب فترات اليوم لمدة طويلة قد تكون سنتين على الأقل، مع وجود درجة للإعاقة أو انخفاض في وظائف الإنسان الحيوية والمهنية والاجتماعية.

3- الاكتئاب ثنائي القطب:
تتبادل نوبات الاكتئاب مع نوبات الهَوَس، فقد يشعر المريض بمزاج مرتفع يستمر لأسبوع أو أكثر، يصاحب هذا المزاج المرتفع شعور بالعَظَمة. المريض بهذا النوع من الاكتئاب يكون لديه نشاط زائد.

4- الاكتئاب الناتج عن مشكلة عضوية:
مثل نقص إفراز الغدة الدرقية، أو مرض الشلل الرعاشي.

5- الاكتئاب المصاحب لاضطرابات التأقلم:
يحدث نتيجة ضغوط نفسية أو اجتماعية شديدة، مثل: الطلاق، الفشل، ترك العمل، الحوادث .. إلخ

6- اكتئاب ما بعد الولادة:
يُعرَف بالحزن ما بعد الولادة، يصيب حوالي 50 % من الأمهات الجدد. إذ تشعر الأم التي وضعت مولودها حديثاً باكتئاب خفيف أو قلق، أو توتر أو توعّك.
قد يدوم هذا النوع من الاكتئاب لساعات أو أيام قليلة فقط. أو قد يتطور هذا الشعور لدى حوالي 10 % من الأمهات ليصبح اضطراباً خطيراً يُدعى اكتئاب ما بعد الولادة.

7- الاكتئاب الناتج عن تعاطي المواد المخدرة.

8- الاكتئاب العاطفي الموسمي:
وهي فترات من الاكتئاب التي تحدث في مواسم معينة، وخاصة في فصل الشتاء، والمتعلقة بمستويات منخفضة من أشعة الشمس.

صلاح جاهين
كتب أحد الشباب على الفيس بوك بوست يحاول توضيح ما هو الاكتئاب، فأعطى مثلاً بالفنان العبقري صلاح جاهين، قائلاً:
“سألت أبي: كيف مات صلاح جاهين؟ أجاب: كان مريضاً ومات. بماذا كان مريضاً؟ لم يجيبني.
كرّرت السؤال على أكثر من شخص وكانت الإجابة: أصابه المرض ومات.
الحقيقة أنّ صلاح جاهين انتحر. وسبب انتحاره هو أنه كان مريضاً بالاكتئاب. وقد تأخرالدواء بالوصول إليه من الخارج ولم يستطع الفنان الكبير مواصلة الحياة.
لا يوجد شيء مشين في أن صلاح جاهين انتحر. لقد خسر معركته مع الاكتئاب. كما خسر الفنان أحمد زكي وآخرون معركتهم مع السرطان.
حينما نسمع عن شخص مكتئب، لا يجب أن نتعامل معه وكأنه شخص علينا تجنّبه.
أخيراً: تحية لكل صديق أو صديقة أو قريب لديه مرض اكتئاب ويخوض معركته ضد المرض. أنتم شجعان ونضالكم يجب أن يكون محل تقدير، مثل نضال أي شخص ضد مرض السرطان الذي هو محل تقدير من الجميع”.

كيف تنتصر؟

الخطوة الأولى: هل تدرك نطاقك الشخصي “عالمك”؟
النطاق الشخصي لكلٍّ منّا يحتوي على الأمور التي تُمثّل أهمية وقيمة للشخص. فمثلاً إذا رأيت صورة قديمة لطفل قد لا تهتم بالصورة، ولكن إذا أخبرك أحد أن هذه الصورة هي لوالدك في صغره، فستكون هذه الصورة قيِّمة بالنسبة لك.
نطاقك الشخصي هو قِيَمك، وأخلاقيّاتك، ونظرتك لذاتك، وأسرتك، وأصدقائك، وممتلكاتك، وأهدافك.
اسأل نفسك: ما الذي يؤثّر في نطاقك الشخصي هذا بصورة إيجابية؟ وما الذي يؤثّر بصورة سلبية؟
كيف تنظر لنفسك؟ هل تحترمها وتقيّمها بصورة جيدة؟ هل حدث شيء مثل إهانة أو رفض، أو انتقاد. أثّر سلباً على تقديرك لنفسك؟
بداية عليك أن تُعيد تنظيم نطاقك الشخصي.
لديك السلطان في أن تفعل ذلك، لذا كلّ علاقة تسبّب لك ضغطاً واكتئاباً، عليك أن تقطعها.
كل تفكير وانطباعات وتقييم خاطئ لنفسك، قم بتغييره بأن تنظر لنفسك بصورة حقيقية، أي بالصورة التي صنعك الله عليها.
خذ وقتك في إعادة تنظيم عالمك، واستخدم ورقة وقلماً لكتابة ملاحظاتك وما تودّ تغييره، ولا تخجل من اللجوء لشخص يساعدك في إكمال الطريق.
أحياناً يكون سبب الاكتئاب هو أنّ عالمنا يسوده الفوضى والسّلبية والإهمال.
للسّلبية أسباب حدثت بالفعل، هذه الأسباب تنقل المكتئب إلى تكوين انطباعات عن النّفْس، فيتأمل متسائلاً: لماذا أفشل في علاقاتي؟ لماذا ينتقدني الناس؟ هل أنا غبي؟
وتزداد المشاعر السّلبية حينما يقارن نفسه بمن حوله.
ثم تتمكّن السّلبية من الشّخص المكتئب حتّى تفرض سيطرتها على المستقبل، فينطفئ أي بصيص أمل. وحينما يختفي الأمل، فلا داعي لاستمرار الحياة، ومن هنا تسود فكرة الانتحار.
استيقظ وابدأ في ضبط عالمك من جديد. وابدأ بأفكارك وانطباعاتك وتصوّراتك تجاه نفسك وتجاه كلّ شيء مرتبط بك.

الخطوة الثانية: غيّر نظرتك للمستقبل
سيكون من السهل تغيير نظرتك للمستقبل حينما تضبط عالمك وتغيِّر تفكيرك السلبي تجاه نفسك. عليك أن تدرك أنّ ما يحدث لك هو نتيجة لما تتوقّعه عن نفسك. لذا فحينما تتغيّر توقّعاتك هذه ستكون قادراً أن ترى إشراقة الأمل في المستقبل.

الخطوة الثالثة: هناك شفاء من الاكتئاب
هناك وسائل ناجحة للشفاء من الاكتئاب بمختلف أنواعه بالطرق الطبية، وأشجعك أن لا تخجل من اللجوء إليها، فلا داعي للعيش بهذه المعاناة إذا كان هناك طريق للشفاء.
كما أشجعك أن تذهب إلى هذا الاختبار “في قسم اكتشف نفسك” عن الاكتئاب، فسيساعدك على اكتشاف نفسك وما تحتاجه بالتحديد. كما سيوفر مشورة طبية متميزة.

الخطوة الأخيرة:
“تُشْرِقُ شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا” ملاخي 4: 2

الاكتئاب ظلمة وضغط يحيطان بالنَّفْس. قد يكون سبب الاكتئاب هو عدم تعرّضنا للنور الإلهي من قبل، لأننا نسير بعيداً عنه، حاملين ثِقل خطايانا، وملوّثين ببشاعة آثامنا.
لا تظنّ أن هناك حل بعيداً عن النور الإلهي، وبعيداً عن تطهير الله لقلوبنا، الحقيقة أنه يشفي لأنه يقدر على ذلك.

نسيج الخريطة الجينية
هل تأملت يوماً أن الله هو من صنعك؟ هو من نسج الخريطة الجينية الخاصة بك. لقد اكتشف داوود هذا السر من حوالي ألف سنة قبل الميلاد وقال:”لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي”. مزمور 139: 13

سواء كنت مسيحيّاً أو غير مسيحي. وأياً كان سبب الاكتئاب، وحتى لو كان سببه هو خلل في كيمياء المخ.
فالله موجود وهو نور، ويحبك، وهو إله شافي، وهو أقوى من أي مرض.
اخرج من ظلام الاكتئاب، وقل له: “أحتاج لأن تشرق على حياتي يا شمس البر، أحتاج لأن تلمسني بأجنحة الشفاء، افتح عيني لأني أحتاج لأن أرى النور”.

 

معرفة.كوم