روعة التجسد

نعم! قد يعطف الغنيّ على الفقير، فيمدّ له يد المساعدة، لكنَّهُ لا يقبل أَن يعيش معهُ في فقرهِ، وقد يرّق الطَّبيب لحال المريض، لكنَّه لا يستطيع أَن يشاركه في أَلمهِ، لكنَّ الله في غنى نعمتهِ وفيضِ محبّتهِ وعظمةِ قُدرتهِ عندما رأَى الإِنسان وقد دمّرتهُ الخطيّة، وحطّمهُ الشَّرُّ، وأَضحى بقايا إنسان في ذُروة البؤس والشَّقاء، لم يرسل له رسالة يُعبّر فيها عن مشاعرهِ الرّقيقة ومكنونات قلبهِ المحبّ، بل جاء إِليهِ بنفسهِ «اللهُ ظَهَرَ في الجَسَدِ». (1تي3: 16).

ولا شكّ أَنَّ المهمّة الأُولى والأَساسيَّة لتجسّد الرَّبّ يسوع على الأَرض إِنَّما كانت ليُخلِّص الإِنسان من خطاياه، كما يقول الرّسول بُولُس: «صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ الْمَسيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا». (1تي1: 15).
تجسَّد ليختبر الإِنسان الحياةَ الجديدةَ، والحياة الأَفضل، والحياةَ الأَبديّة، كما قال الرَّبُّ يَسُوع: «وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتيتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ، وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفضَلُ.» (يُو10: 10).
هذا، ومن ناحيةٍ أُخرى، عندما نتأمّل في حياة الرَّبِّ يسوع أثناء وجودهِ على الأَرضِ، نراهُ كان يتلاحم ويتوحّد مع البشريَّة… مع الفقراء والمساكين، والمرضى والمتألمّين، والخطاة والمذنبين، كما مع التَّلاميذ والمؤمنين.
لقد كان يسوع لمسةَ شافيةً، وهمسةً مُطمئنةً، وبسمةً مُشجّعةً، إِذ كان يجول يصنع خيرًا، ويشفي كُلَّ مرضٍ في الشَّعْبِ (أَع10: 38). كما كان يسوع نورًا جديدًا أَنار الدُّنيا بأَسرها، بقدوتهِ الصَّالحة وبتعاليمهِ الرَّائعة، ومبادئهِ السَّامية.
وقد التقطت عدسةُ الوحي المقدّس العديدَ من الصُّورِ البديعة الجمال، الَّتي تُوضّح لنا هذا الفكر، أَذكر منها على سبيل المثال:
أَوَّلًا: أَهتمّ بالفقراء والمهمّشين
في قصّة الميلاد نرى رُعاة بيت لحم، وهم يسمعون نشيد الميلاد من فريقِ ترنيم السَّماء، وهو يشدو «الْمَجدُ للهِ في الْأَعَالِي، وَعَلَى الْأَرْضِ السَّلَامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ.» (لُو2: 14). ويحدّثهم عن مُخَلِّصٍ هُوَ المسيحُ الرَّبُّ.
كان الرُّعاة من أَفقر النَّاس، لم يَكُنْ لهم مَنْ يكترث بهم، ولو أَنَّ أَحد الأَثرياء أَو العُظماء تحدّث مع أَحدهم كان يُعتبر هذا حدثًا عظيمًا في حياتهِ، يفتخر بهِ طُول العُمْرِ، ولهذا فلقد غمرت البهجة قلوب الرُّعاة البسطاء ساعة الميلاد، فلقد أَحسّوا بأَنَّ الله قريبٌ جدًّا منهم، بصورةٍ لم يختبروها من قَبْل، وكأَنَّ الله ينحاز للفقراء.
نعم! عندما يكتشف الإِنسان حقيقة قُرب الله منهُ، يشعر بسعادةٍ غامرةٍ… إِنَّ سرَّ شقاءِ كثيرٍ من النَّاس أَنَّهم يظنّون أَن الله بعيدٌ عنهم، بينما هو أَقرب إِليهم مِمَّا يتصوّرون… هو في بسمةِ شُروق الشَّمس مع كُلِّ صباحٍ جديدٍ، وفي نسمةِ الهواء الَّتي يتنفّسونها، وفي لُقمة الخبز الَّتي يأكلونها، وفي كأْس الماء الَّذي يشربونهُ، وفي نبضةِ القلوب السَّاكنة في صدورهم.
حقًّا! لقد تجسّدت في يسوع الرّحمة، لذلك كان يسافر الأميال، ليصل إِلى الفقراء والمحتاجين والمتألّمين أَينما كانوا، كان يسمع كُلَّ أَنينٍ، وَيَرِقُّ لكُلِّ حزينٍ، ويُسْرِعُ لِكُلِّ صرخةٍ، ويتألّم لكُلِّ تَوجُّعٍ، لذلك نراهُ وهو يُعلن عن برنامج إِرساليّتهِ فَيقول: «رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لِأَنَّهُ مَسَحَنِي لِأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لِأَشْفِيَ الْمُنْكَسِري الْقُلُوبِ، لِأُنَادِيَ لِلْمَأسُورِينَ بِالْإِطْلَاقِ، وَلِلْعُمِيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ.» (لو4: 18).
والْآن، وهو في السَّماء مَازال يقول: «لِأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيتُمُونِي. كُنْتُ غَريبًا فَآوَيتُمُونِي. عُرْيَانًا فَكَسَوتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيتُمْ إلَيَّ.» (مَتَّ25: 35، 36).
أَي نَعَمْ! إِنَّ يسوع صعد إِلى السَّماء، لكنَّهُ مازال يعيش على الأَرض، يُفجّر ينابيع الرَّحمة في أَحشاءِ الكثيرين من المؤمنين بهِ، فينطلقوا في حُبٍّ ووفاءٍ وولاءٍ لهُ ليبحثوا عن يسوع في الجوعانِ… وفي العطشانِ… وفي الغريبِ… وفي العُريانِ… وفي المريضِ… وفي المحبوسِ.
ثانيًا: انضمّ إِلى صفوف الخُطاة والمذنبين
في إِنجيل متّى ص3 نرى الرَّبَّ يسوع يصل حيث كان يُوحنَّا المعمدان يعظ ويُعَمّد، والعجيب أَن نرى يسوع يطلب أَنْ يَعْتَمِدَ من يُوحنَّا، والجدير بالذِّكر أَنَّه شَتَّان الفرق بين المعموديَّة الَّتي كان يُعَمِّدُ بها يُوحنَّا المعمدان والمعموديّة المسيحيَّة.
لقد كانت معموديّة يُوحنَّا فرصةً للنَّاس لِأَنْ يتوبوا ويعترفوا بخطاياهم، وهم صاعدون من الماء، ولم تَكُنْ ليسوع خطايا يعترف بها، كما أَنَّ المعمودية كانت للدُّخلاءِ والأَجانب، الَّذين يريدون الدّخول لليهوديَّة، ولم يَكُنْ يسوع أَجنبيًّا، الأَمر الَّذي جعل يُوحنَّا يندهش ويرفض في البداية أَنْ يُعَمِّدَ يسوع (متَّ3: 14، 15). ومع ذلك أَراد يسوع أَن يضع نفسهُ مع عامَّةِ الشَّعْبِ المعترفين بخطاياهم ويَعْتَمِدُ.
لقد أَراد يسوع أَنْ يُعْلِنَ عن حبِّهِ والتصاقهِ بالخُطاة وتوحّدهِ معهم بنزولهِ معهم إِلى مياه معموديّة الأُردنّ، لقد كان في المعموديّة كمَنْ يحصل على شرعيَّة تمثيلهِ للخُطاة الآثمين بتوحّدهِ معهم، لكي يتسنَّى له أَن يأخذ مكانهم على صليبِ الْجُلْجُثَةِ نيابةً عنهم أَمام عدالةِ الله كممثّلٍ لهم.
هكذا رأَيتُ يسوع يجعل نفسهُ مع جماعة الخُطاة المعترفين بخطاياهم، مع أَنَّهُ بلا خطية… أَلا يخجل الإِنسان الخاطئ الَّذي يرفض الاعتراف بخطاياه، والاعتذار عنها مع أَنَّهُ غارقٌ فيها؟!.
ولا عجبَ عندما ترسم لنا ريشة الوحي المقدّس الرَّبَّ يسوع وهو يحضر ولائم الخُطاة والعشَّارِين، ويُجَالسهم ويأكل معهم، ويحدّثهم ويستمع إِليهم، ويجتذبهم بالحبِّ، حتَّى قيل عنهُ إِنَّهُ «مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ». (متَّ11: 19). لم يحتقر يسوع الخُطاة مُطلقًا، فالاحتقار لا يخلّصهم، إِنَّما يخلّصهم الحبُّ والاهتمام والافتقاد والرِّعاية، فالخاطئ إِنسانٌ ساقطٌ على الطَّريق مُنْهَكُ القوى، مُحطّم النّفس، مُشتّت الفكر، يعيش في صراعٍ وضياعٍ… في حاجةٍ لمَنْ يَحْنُو عليهِ، ويُضمّد جراحهُ ويأخذ بيدهِ ويقيمهُ مرّةً أُخرى، لهذا قال الرَّبُّ يسوع: «لَا يَحْتَاجُ الْأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلْ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لِأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ.» (مَرْ2: 17).
ثالثًا: تعاطف مع الحزانى والمتألّمين  
ترصد عدسة الوحي المقدّس في (يُوحنَّا ص11) صورةً نابضةً بالحبِّ، ناطقةً بالحنان للرَّبِّ يسوع، إِذ تصوّرهُ باكيًا عند قبر لعازر وسط الجموع المحتشدة مع مريم ومرثا، والسّؤال الَّذي يطرح نفسهُ، هو: لماذا بكى يسوع؟ وهو يعرف أَنَّه بعد لحظاتٍ، وعلى بُعْدِ خُطواتٍ سوف يتقدّم ويدوس الموت، ويُدوّي صوتهُ الآمر المقتدر «لِعَازر هَلُمَّ خَارِجًا»… لماذا بكى يسوع وهو يعلم أَنَّه في مرَّاتٍ يُفسّر النَّاس البكاءَ على أَنَّه علامةُ ضعفٍ؟ أَلم يكن من الأَفضل أَن يسير الرَّبُّ يسوع إِلى القبر بمهابتهِ ومجدهِ وجلالهِ، ويُدحرج الحجر بكلمةٍ، ويمزّق الأَكفان بنفخةٍ من فمهِ؟!
في يقيني أَنَّ يسوع بكى ليكشف عن أَعماق أَحشائهِ الرَّقيقة، وعن عواطفهِ الجميلة، وقلبهِ الْمُحبّ، وليمسح بدموعهِ دموع الحزانى والمتألّمين الباكين، نعم! لقد كان يسوع في قمّةِ المجد والعظمة وجاءت دموعهُ لتزيدهُ مجدًا وعظمةً.
نعم! عندما تجسّد المسيح بدّد ظلام البشريّة بنورهِ، ومسح دموع الحزانى بدموعهِ ولهذا تربّع على عرش قلوبهم.
لقد تدفّقت الجماهير الغفيرة حول يسوع وأَتتهُ من كُلِّ الرّبوع… الكُلُّ يناديه: «ارْحَمْنِي». لقد رَأَوا في يسوع الصَّدر الحنون فهرعوا إِليهِ… لقد صدّقوا في يسوع أَنَّه الحصن الحصين والملجأَ الأَمين فَلَاذُوا بالفرارِ إِليهِ.
هكذا تدفّق ذلك الطُّوفان البشريّ من البؤساء والمحرومين والمرضى والمتألّمين على يسوع، الَّذي قابلهم بطُوفانٍ أعظم من الحُبِّ والحنان، والجودِ والإِحسان.
رابعًا: تلاحم مع الْمُضطَهَدِين والمتضايقين
أَي نعم! مُنْذُ القديم وشعب الرَّبِّ يختبر معية الله في كُلِّ ظروفِ الحياة، فيصوّر الوحي المقدّس أَحاسيس الله الرّحيمة نحو شعبهِ المعذَّب والْمُضطَهَد، فيقول إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ. إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ، فَنَزَلْتُ لِأُنقِذَهُمْ.» (خُر3: 7، 8).
ونَسْمَعُ داود يشدو قائلًا: «أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لَا أَخَافُ شَرًّا، لِأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي.» (مز23: 4). وفي سِفْرِ إِشعياء يقول الرَّبُّ: «إِذَا اجْتَزْتَ فِي الْمِيَاهِ فَأَنَا مَعَكَ، وَفِي الْأَنْهَارِ فَلَا تَغْمُرُكَ. إِذَا مَشَيتَ فِي النَّارِ فَلَا تُلْذَعُ، وَاللَّهِيبُ لَا يُحْرِقُكَ.» (إِش43: 1- 4). ويقول: «هَلْ تَنْسَى الْمَرَأَةُ رَضِيعَهَا فَلَا تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حتَّى هَؤُلَاءِ يَنْسَينَ، وَأَنَا لَا أَنْسَاكِ … هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ.» (إِش49: 15، 16). ويقول مُؤكّدًا: «فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلَاكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ.» (إِش63: 9).
إِنَّ معية الله للإِنسان مُنْذُ فجر التَّاريخ تفوق الخيال، وتكشِف عن أَبعاد ذلك الحبِّ، الَّذي لا أَوَّلَ له ولا آخر، ولكن مهما كانت تلك المعية، ومهما كان ذلك الحبّ الَّذي ظَهَر في القديمِ، لا يمكن أَن يُقارن بحقيقة الحبِّ الَّذي ظَهَرَ عندما صار الحبُّ جسدًا في ملءِ الزَّمان.
ما أَعظمهُ، وهو يُنادي عَلَى الطَّرْسُوسِيّ قائلًا لهُ: «شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟». فَقَالَ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟». فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ.» (أَع9: 4، 5).
والسُّؤال: لماذا لم يَقُلْ لهُ شَاوُل شَاول لماذا تضطهد تلاميذي… أَو أَحبَّائي… أَو الَّذين عرفوني وتعلَّقوا بِي وساروا ورائي؟ لماذا؟ لا يوجد تفسيرٌ لذلك إِلَّا أَنَّ الرَّبَّ كَانَ يقول لشَّاوُل الطَّرْسُوسِيّ: إِنَّ سهام الاضطهاد الَّتي تُوجّهها إِلى بُطْرُسَ أَو يَعْقُوب أَو يُوحنَّا أَو غيرهم، إِنَّما أَنْتَ تطعنني أَنا بها… إِنَّ اضطهادك لهم هو اضطهادٌ لي أَنَا شخصيًّا. ولعلّ هذا يُفسّر قولهُ: «مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَينِهِ.» (زك2: 8).
كم أَنْتَ حلوٌ يا مسيحيّ… كم أَنْتَ رائعٌ في حمايتكَ وعنايتكَ ورعايتكَ لمحبّيكَ.
خامسًا: توحّد مع المؤمنين عبر السّنين  
سجّلت ريشة الوحي المقدّس في إِنجيل يُوحنَّا ص17 صلاةً جميلةً للرَّبِّ يسوع، يحلو للبعض أَنْ يُطلق عليها الصَّلاة الشَّفاعِيَّة، أَو الصَّلاة الكهنوتيّة، والَّتي فيها فتح قلبهُ أَمام الآب مُعبّرًا عن أَشواقهِ وانتظارهِ لمستقبل الكنيسة، الَّتي تنازل مِن مجدهِ وتجسَّد ليفتديها.
أَي نعم! لقد رفع يسوع هذه الصَّلاة من عُلِّيَّةٍ صغيرةٍ، لكنَّهُ كان يرى العالَمَ الفسيح، والقرون والأَجيال القادمة بالملايين تخطو أَمامهُ رافعةً علم الإِيمان بهِ. فَصَلَّى من أَجل وحدتها معًا، لكي تكون كنيسةً واحدةً مُتحدةً، فقال: «لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الْآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا.» (يُو17: 20، 21). وهنا نرى روعة توحّد الرَّبِّ يسوع مع المؤمنين عبر كُلِّ العصور.
كيف لا ؟! وكلمة الله تؤكّد على هذا الأَمر مرارًا وتكرارًا، فنرى على سبيل المثال في (يو15: 5) الرَّبَّ يسوع يقول: «أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الْأَغْصَانُ». فيسوع هو الْكَرْمَةُ الَّتي تحمل الأغصان، وهي تزهو بأَوراقها النَّضرة وزُهورِهَا العطرة، وثمارِها الحلوة.
هذا، ومن جانبٍ آخر استطاع الرّسول بُولُس بوحي الرُّوح القدس أَنْ يُعمّق فكرة الوحدة في تنوّع بفكرةِ الجسد الواحد فيقول في (1كو12: 12، 27) «لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ هُوَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَتْ كثيرَةً هِيَ جَسَدٌ وَاحِدٌ، كَذَلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا… هُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ وَنَحْنُ الْأَعْضَاءِ».
نَعَم! لقد الْتَحَمَ الرَّبُّ يسوع مع تلاميذهِ ومحبّيهِ في أَيَّام تجسّدهِ، لكنَّه قبل صعودهِ أَراد أَن يترك لهم ذكرى خالدةً تذكّرهم بالعَلاقة الحميمة والوطيدة الَّتي تجمعهُ بالمؤمنين عبر كُلِّ العصور إِلى أَنْ يأْتي ثانيةً، فجمع التَّلاميذ ورسم لهم فريضةَ العشاء الرَّبَّانيّ… كانت لحظاتٍ حاسمةً سكب فيها يسوع كُلَّ عواطفهِ، فنراهُ يمسك بالخبز ويقول: «الْخُبزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟ فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبزٌ واحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لِأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبزِ الْوَاحِدِ.» (1كو10: 16، 17).
يا لَهُ من تشبيهٍ غاية في الرّوعة، فالخبز الَّذي نتناولهُ يَرْمُزُ إِلى جسد المسيح هو خُبزٌ واحدٌ، وكأَنَّه يوحّدنا معًا ويوحّدنا معهُ.
ثُمَّ أَخذ الكأْس، وشكر وأَعطى لتلاميذهِ ليشربوا منها كلّهم… هنا نرى شفتي يسوع تتلاقى وتتلامس بشفاهِ أَحبّائهِ على هذه الكأْس… وكأَنَّ يسوع أَخذ يطبع قُبلةً حارّةً على شفاهِ تلاميذهِ، وعلى شفاهِ البشريّة كلّها… قبلة حُبٍّ بلا حدود أَو قيود… حُبّ إِلى المنتهى… حُبّ حتّى الموت… موت الصّليب … حبّ أَعظم من أَعظم حبٍّ في الوجود. هذا هو الحبّ الَّذي رأَيناهُ في روعةِ التَّجسُّدِ.

 

الحياة المنتصرة

هل هو من كان على الصليب؟

هناك الكثير من شكوّا بأن المسيح نفسه هو الذي صلب على تلة تدعى الجلجثة خارج مدينة أورشليم، فمنهم من قال أن الله وضع شخصا آخر ثم رفعّه مباشرة إلى السماء لكي لا يذق الموت، ومنهم من قال أن هذا المشهد هو مسرحية لا صدق فيها، وأيضا منهم من قال “اصلبه اصلبه دمه علينا وعلى أولادنا”.

 

ولكن الله قد له موقف آخر من كل هذه التباينات مع بعضها البعض، فقد أعلن وبالروح القدس أن هذا المشهد الرهيب الذي يقدّم المسيح معلقا بين الأرض والسماء مصادق عليه من فوق لأن المسيح جاء لكي يحمل خطايانا فكان هو نفسه من صلب على الصليب “فخرج وهو حامل صليبه الى الموضع الذي يقال له موضع الجمجمة ويقال له بالعبرانية جلجثة، حيث صلبوه وصلبوا اثنين آخرين معه من هنا وهنا ويسوع في الوسط” (يوحنا 17:19).

هو لم يشبّه به ولا وضع أحدا مكانه، لأن المشروع الإلهي منذ البداية كان أن ياتي المسيح بنفسه متواضعا ومنسحقا ليأخذ صورة عبد فقد شابهنا في كل شيء ما عدا الخطية، عطش وتحمل التعب الجدّي و حينما انتهت مدّت خدمته وجّه أنظاره نحو الجلجثة ومباشرة ذهب بصمت لكي يصلب وهناك تحمل كل الالام الجسدية واللاهوتية التي هي أصعب وحمل خطايانا “وكان إناء موضوعا مملوا خلاّ. فملأوا إسفنجة من الخلّ ووضعوها على زوفا وقّدموها إلى فمه، فلما أخذ يسوع الخلّ قال قد أكمل. ونكس رأسه وأسلم الروح” (يوحنا 29:19)، فلا مجال للشك بأن المسيح هو من كان على الصليب.

وهذه أيضا لم تكن مسرحية أو حادثة عابرة أو مزحة بل كانت حدثا رهيبا وملزما، رب المجد الحامل كل الأشياء في كلمة قدرته وبدون أي تعليق قبل الموت طوعا واختيارا فكان كنعجة صامته لم يفتح فاه أمام جازيه، فحمل ثقل خطايانا على منكبيه وسال منه دما طاهرا ثمينا بلا عيب لكي يمحو عيبنا وآثامنا فكان هذا الحدث جديا “عالمين أنكم افتديتم لا باشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الأباء، بل بدم كريم من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح” (1 بطرس 18:1).

وللذين قالوا اصلبه اصلبه دمه علينا وعلى أولادنا لم يستوعبوا من هو الذي أقام اليعازر من بين الأموات ومن الذي شفى الأعمى ومن الذي أوقف البحر بكلمة منه ولم يعلموا أن يسوع الناصري هو الذي كتب عنه 339 نبوة في العهد القديم، وهو الذي جاء من أجل خاصته وهم لم يقبلوه “إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة. هذا رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلصا ليعطي اسرائيل التوبة وغفران الخطايا” (أعمال 30:5)، وكان من بينهم حفنة من اليهود الذين أيقنوا أن المسيح نفسه هو الذي صلب ومن ثم هم الذين قلبوا المسكونة ودخلت المسيحية إلى العالم أجمع.

هذه الرسالة أقدّمها لجميع من يشك بمصداقية صلب المسيح، فالقلب والفكر والكتاب المقدس و التاريخ المدني يشهد أن المسيح صلب حاملا إكليل شوك ومات ومن ثم قام في اليوم الثالث ظافرا على أرهب عدو لكي يختم بقيامته مصداقية هذا الحدث الذي غيّر كل شيء في داخل النفس البشرية، فهل تؤمن بعمل الله من أجلك لكي تنال الحياة الأبدية؟

elhaq.com

هل تأملت بقداسة المسيح؟

“فأجاب الملاك وقال لها. الروح القدس يحلّ عليك وقوّة العليّ تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله” (لوقا 5:1 ). ربما عندك أحد في حياتك تعتبره مثالا صالحا أو المثل الأعلى الذي من خلاله تستقي عزمك وعنفوانك وقوتّك لكي تستمر في الحياة المليئة بالمشقات والأزمات التي لا تنتهي، فتجد في النهاية نفسك تخور في منتصف الطريق تصرخ إلى العلاء فلا من يسمعك وتصرخ إلى أقاصي الأرض فلن تجد أحدا، هذا لأنك تتكل على من يحتاج أن ينقذه هو.

هل وقفت يوما وتأملت بشخصية المسيح، ذاك المحب القدوس الذي تخرج من فمه الطهارة والنقاوة فهو ابن الله الأزلي حين يأمر يفعل فهو الذي أوجد كل شيء “فإنه فيه خلق الكلّ ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق. الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكلّ، وهو رأس الجسد الكنيسة” (كولوسي 16:1).

قداسته وطهارته تحلّ في كل مكان وفي كل ظرف فهذه من طبيعته التي لا تتغير، هناك يا صديقي تستطيع أن تحتمي وهناك تستطيع أن تلتجأ تحت عبائته فتجد السلام ينهمر كالندى على القلب. والطمأنينة والمحبة تنزلان كالمطر الذي يروي الأرض العطشانة. “ما أحلى مساكنك يا ربّ الجنود. تشتاق بل تتوق نفسي إلى ديار الربّ. قلبي ولحمي يهتفان بالإله الحي” (مزمور 1:84 ).

السرافيم تلك المخلوقات السماوية بدت مندهشة من طبيعة الله الرائعة حيث ينظرون الواحد إلى الأخر فيقول “قدوس قدوس قدوس ربّ الجنود مجده ملء كل الأرض” (أشعياء :6 )، تعال يا صديقي إن كنت مسلما فدينك لن يفيدك وإن كنت ملحدا فإنكارك لن يحفظ أبديتك مع الله. تأمل بصدق بقداسة المسيح وتعال بالتوبة والإيمان فسيمنحك سلاما وخلاصا وغفرانا. “أيها الربّ سيدنا ما أمجد اسمك في كل الأرض حيث جعلت جلالك فوق السموات” (مزمور 1:8).

elhaq.com

هل نحتاج الى رسالة بعد المسيح؟

“له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا” (أعمال الرسل 43:10). إن وعد الله لخلاص البشرية إبتدأ مع آدم وحواء بعد السقوط حيث كان الوعد عن المسيح صادقا وثابتا “وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه” (تكوين 15:3)، ومن ثم انتقل هذا الوعد إلى هابيل بعدما صدقه وجعله في قلبه فقدم أفضل ما عنده لله كذبيحة فقبلها الله حيث يقول الكتاب “بالإيمان قدّم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين. فبه شهد أنه بار إذ شهد الله لقرابينه. وبه وإن مات يتكلم بعد” (عبرانيين 4:11).

وانتقل هذا الوعد الرائع إلى أيوب الذي أراد مصالحا بينه وبين الله بعد إقراره بأنه إنسان خاطىء، وبالنهاية لأنه آمن بالله علم أنه سيكون معه، ومن بعد ذلك انتقل الوعد إلى نوح الذي صدق ما لا يصدق بالعقل فذهب إلى الجبل لكي يصنع الفلك حيث ضحك عليه الجميع ولكن ثقته بالله وبوعده ألزمه بأن يصنع الفلك فأنقذ نفسه وعائلته وحفرت قصته على صفحات الكتاب المقدس بالروح القدس “بالإيمان نوح لما أوحي إليه عن أمور لم تر بعد خاف فبنى فلكا لخلاص بيته فبه دان العالم وصار وارثا للبر حسب الإيمان” (عبرانيين 7:11).

وإلى ابراهيم خليل الله انتقل هذا الوعد لكي يختمه ويكملّه بوعد آخر عن ابنه اسحق بأنه سيكون كنجوم السماء مضيئا في المجتمع وكرمل البحر في الكثرة، وبعد هذا ألزمه بأن يقدم ابنه كذبيحة على جبل المريا وقد أظهر ابراهيم إلتزاما رهيبا في هذا الوعد ولكن الله بمحبته ورحمته جعل الخروف كذبيحة مكان اسحق فكتب عن هذا البطل “بالإيمان ابراهيم لما دعي أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدا أن ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي” (عبرانيين 8:11).

ومن ثم انتقل هذا الوعد إلى كل رجالات الله إلى أن جاء الوقت ليتم ويتحقق هذا الوعد الرائع “ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني” (غلاطية 4:4) وذهب المسيح بعد تمميم خدمته مباشرة إلى الصليب حيث هناك قال وبصوت رهيب “… قد أكمل ونكس رأسه وأسلم الروح” (يوحنا 30: 19)، لقد تم وعد الله وسحق المسيح رأس الأفعى بالموت والقيامة، وأعطى كل من يؤمن به حياة أبدية.

عزيزي القارىء: العالم لا يحتاج إلى رسالة أخرى بعد المسيح لأنه أتمّ كل شيء هو بدم نفسه إفتدى العالم من الخطية صلب ومن ثم قام في اليوم الثالث لكي يفدي كل من يؤمن به، فهل تؤمن بهذا الوعد!!!

elhaq.com

الحرية في المسيح

فقال يسوع لليهود الذين آمنوا به: إن أنتم ثبتم في كلامي فأنتم بالحقيقة تلاميذي، وتعرفون الحق والحق يحرّركم.

الإنجيل حسب يوحنا 8: 31 و 32

قال المسيح: أنا هو نور العالم، من يتبعني فلا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة. أشار المسيح بكلماته هذه إلى أن الإنسان في حالته الحاضرة سائر في ظلام روحي دامس وأنه بحاجة ماسة إلى النور الكائن في المسيح. لم ترحب جماعة الفريسيين بهذه الكلمات الصريحة فقالوا للمسيح: أنت تشهد لنفسك فشهادتك ليست حقاً. أجاب يسوع المسيح وقال لهم: إني وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق، لأني أعلم من أين آتيت وإلى أين أذهب، وأما أنتم فلا تعلمون من أين آتي ولا إلى أين أذهب. أنتم بحسب الجسد تدينون وأما أنا فلا أدين أحداً. وإن كنت أدين فدينونتي حق لأني لست وحدي بل أنا والآب الذي أرسلني. إنكم لا تعرفونني أنا ولا تعرفون أبي، لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً.

كانت هذه الكلمات شديدة اللهجة ولكن معاصري المسيح كانوا بحاجة إلى سماعها لأنهم كانوا قد خدعوا أنفسهم ظانين بأن حياتهم الروحية كانت على ما يرام لمجرّد انحدارهم من نسل ابراهيم واسحق ويعقوب. ونظراً لهذه التعاليم الصريحة التي تفوّه بها المسيح يسوع آمن به العديدون من الناس. فقال للذين آمنوا به: إن أنتم ثبتم في كلامي فأنتم بالحقيقة تلاميذي وتعرفون الحق والحق يحرّركم. وكان من المنتظر من الذين سمعوا هذه الكلمات أن يرحّبوا بها لكونها مبنية على الحق ولأنها أشارت إلى أهم موضوع في العالم ألا وهو الحرية والتحرر من ربقة الشيطان وعبودية الخطية العالقة بكل بشري. ولكن هؤلاء الذين كانوا قد آمنوا بالمسيح ايماناً سطحياً رفضوا تعليمه هذا عن الحرّية قائلين: نحن ذرّية ابراهيم ولم نستعبد قط، فكيف تقول أنت: إنكم تصيرون أحراراً ؟

وكم من المؤسف أن معاصري المسيح تفوّهوا بهذه الكلمات: لم نستعبد قط هل نسوا أن آباءهم استعبدوا إلى فرعون وإلى الآشوريين والبابليين والسلوقيين وأنهم كانوا في تلك الأيام رازحين تحت الاستعمار الروماني ؟ لم يكن المسيح قد تكلم عن الاستعباد بمفهومه السياسي بل أشار إلى ذلك الاستعمار الذي هو أشرّ من العبودية التي رزح تحتها بنو اسرائيل في الماضي. وهكذا استطرد المسيح قائلاً ومعلّماً:

الحق، الحق أقول لكم: إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية. والعبد لا يبقى في البيت إلى الأبد. فإن حرّركم الابن صرتم في الحقيقة أحراراً. أنا أعلم أنكم من ذرية ابراهيم ولكنكم تطلبون أن تقتلوني لأن كلامي لا مقرّ له فيكم. أنا أتكلّم بما رأيت عند أبي وأنتم أيضاً تعملون بما رأيتم عند أبيكم.

إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية. هل رغب الذين آمنوا بالمسيح أن يقبلوا هذا التشخيص الواقعي لحالة الإنسان المحزنة ؟ وأنت أيها القارئ الكريم، ما هو موقفك من المحاورة التي جرت بين المسيح والبعض من معاصريه ؟ هل تقف مع المسيح أم مع الذين ناصبوه العداء ؟ هل تعترف بأن الذي يصنع أو يعمل الخطية هو عبد لها ؟

لم يكتف المسيح بالكلام عن الداء الذي يلازم الناس أجمعين بل أعطانا الدواء الشافي قائلاً: فإن حرّركم الابن صرتم في الحقيقة أحراراً. فالحرية هي في المسيح وبالمسيح. هذه هي الحرية الحقيقية التي يختبرها كل من آمن بالمسيح وثبت في كلامه المنعش. ما أعظم هذه الحرية ! إنها التحرّر من ربقة الخطية الكامنة في قلب كل انسان. ويا لها من كلمات هذبة ! وكم نصاب بدهشة كبيرة عندما نلاحظ الرفض القاطع لكلمات المسيح: إن أبانا هو ابراهيم. وادّعوا بأنهم كانوا سائرين على الطريق القويم الذي رسمه لهم ابراهيم الخليل.

لم يقبل المسيح هذا الادعاء الفارغ فقال: لو كنتم أبناء ابراهيم لعملتم أعمال ابراهيم. ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني، أنا انسان قد كلمتكم بالحق الذي سمعته من الله، فهذا لم يعمله ابراهيم. أنتم تعملون أعمال أبيكم. فقالوا له: إننا لم نولد من زنى، وإنما لنا أب واحد وهو الله. قال لهم يسوع: لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني لأني من الله خرجت وأتيت، فإني لم آت من نفسي بل هو أرسلني. لماذا لا تفهمون كلامي ؟ ذلك لأنكم لا تستطيعون أن تسمعوا كلمتي. أنتم من أب هو ابليس وتريدون أن تعملوا شهوات أبيكم. فإنه كان من البدء قتّالاً للناس ولم يثبت على الحق لأنه لا حق فيه فإذا ما تكلّم بالكذب، فإنما يتكلّم بما عنده فإنه كذوب وأبو الكذب. أما أنا فلأني أقول الحق لا تصدّقونني. من منكم يثبّت علي خطيّة ؟ فإن كنت أنطق بالحق لماذا لا تصدّقونني ؟ من كان من الله يسمع كلام الله، فأنتم لا تسمعونه لأنكم لستم من الله.

هل تتعجب أيها القارئ العزيز من كلمات المسيح هذه ؟ هل تظن أن محبته للبشرية كانت تعني تجاهل حالة الناس الروحية المحزنة ؟ اذكر أن المسيح جاء إلى عالمنا هذا كمخلّص ولهذا دعي اسمه يسوع أي مخلص أو منقذ أو محرّر. ولكن إن وقف الناس من محرّرهم وقفة غير حميدة وأنكروا حاجتهم إلى الخلاص والحرّية والانعتاق، ألا يكونون ناسبين إلى المخلص المسيح الكذب لأنه كان قد علّمهم عن ضرورة التحرّر من الخطية، بينما كانوا بدون حاجة إلى الحرية ؟

تكلّم المسيح بصراحة فائقة ولكن معاصريه استمروا على عنادهم وقالوا للمسيح: ألسنا على صواب حين نقول أنك سامري وأن بك شيطاناً ؟ أجاب يسوع: أنا ليس بي شيطان، إنما أكرم أبي وأنتم تهينونني. أنا لا أطلب مجدي فإنه يوجد من يطلبه ومن يدين. فالحق، الحق أقول لكم: إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد. فقال له اليهود: الآن علمنا أن بك شيطاناً، فقد مات ابراهيم والأنبياء وأنت تقول: إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يذوق الموت إلى الأبد ! ألعلك أعظم من أبينا ابراهيم الذي مات ؟ والأنبياء أيضاً ماتوا ؟ فمن تجعل نفسك ؟ أجاب يسوع: إن كنت أمجد نفسي فليس مجدي بشئ، أبي هو الذي يمجّدني وهو الذي تقولون عنه أنه إلهكم. إن ابراهيم أباكم ابتهج أنه سيرى يومي فرأى وفرح. فقال له اليهود ليس لك بعد خمسون سنة أفرأيت ابراهيم ؟ قال لهم يسوع: الحق، الحق أقول لكم: قبل أن يكون ابراهيم، أنا كائن. فرفعوا حجارة ليرجموه أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل وجاز فيما بينهم ومضى.

جاء المسيح ليعلّم الناس ويشرح لهم رسالته الخلاصية التي اؤتمن عليها من قبل الله الآب. لكن الذين كانوا من بني جنسه والذين سمعوه بآذانهم ورأوا بأعينهم الآيات والمعجزات التي قام بها، لم يؤمنوا به بل نسبوا إليه التعاون مع الشيطان. ونحن لم نبحث في تعاليم الفصل الثامن من الإنجيل لمجرّد تنمية معرفتنا التاريخية أو لمجرّد انتقاد معاصري المسيح من سكان الأرض المقدّسة. غايتنا هي المناداة بكلمات المسيح المنعشة والمحرّرة. فسؤالي هو لكل قارئ وقارئة: هل اختبرتم الحرية الحقيقية التي تكلّم عنها المسيح ؟ من حرّره المسيح يسوع هو بالحقيقة حرّ طليق يكرّس حياته لخدمة الله وعبادته الطاهرة ولخير ورفاهية الناس أجمعين.

كلمة الحياة

الاتضاع طريق المجد

إن الكتاب المقدس رائع لأنه ليس له إلا هدف واحد وهو الحديث عن الرب له كل المجد وبيان روعته في أنه الخالق والمتجسد والمحب وجذبنا إليه لنتمتع به ومعه في بيت الآب.
والحديث اليوم عن رائعة من روائع الكتاب وهي تحدثنا عن حبيب قلوبنا وعريسنا الذي قرب مجيئه لنكون معه كل حين، ففي (رسالة فيلبي 2 : 6-11) يكتب الرسول بولس: “الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ، لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ، مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذَلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ، لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ، لِمَجْدِ اللهِ الآبِ”

يشهد الروح القدس في هذه الأعداد شهادة رائعة عن لاهوت الرب إذ يقول ” إذ كان في صورة الله أي كان هكذا قبل مجيئه إلي أرضنا كإنسان. وهذه الأعداد تبين لنا سبع درجات تنازلية وتواضعية تبدأ من الإخلاء وتنتهي بالصليب.
1 – أخلي نفسه:
يبدأ البشير يوحنا كتابة إنجيله1:1 “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ” ولكن الرب أرتضي أن يخلي نفسه ويأتي إلي أرضنا وهو الوحيد الذي يمكن أن يقال عنه أخلي نفسه. الملائكة والبشر ما هم إلا عبيداً لله ولا يوجد لديهم  أي شئ يستطيع أن يسبغ عليهم كرامة أكثر من ذلك أما الرب فقد أخلي نفسه لأنه كان في صورة الله وأرتضي أن تُستر أمجاد لاهوته داخل خيمة الجسد في (2كورنثوس 8 : 9) “فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ”؛ في ذلك كان مُخلياً نفسه من كل مظاهر غناه كالله.
2 – آخذا صورة عبد:
وهذه هي الدرجة الثانية آخذا صورة عبد وكلمة صورة هي نفس الكلمة التي وردت عن الرب في مجده قبل تجسده “الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ” وهي تعني أنه له المجـد صار إنساناً حقيقيا مشتركا في اللحم والدم مشابها إخوته في كل شئ وهو قدوس ومنفصل عن كل شر بلا خطية.
3 – صائرا في شبه الناس:
هذه هي الدرجة الثالثة في تنازله، صار في شبه الناس حين ولد؛  في (رومية 8 : 3) “لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزاً عَنْهُ فِي مَا كَانَ ضَعِيفاً بِالْجَسَدِ، فَاللَّهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ..” وهذا يعني أن مظهره الخارجي مثل الناس، لم يفرق عنهم شيئا لأنه كان إنسانا حقيقيا في كل شئ، والشئ الوحيد الذي كان يختلف فيه عن الناس أنه كان بلا خطية.
4 – وإذ وجد في الهيئة كإنسان :
الدرجة الرابعة في تنازله العجيب أنه كان إنساناً فقيراً وقد وضع نفسه في هذه الصورة مع إنه كان في الإمكان أن يأتي في صورة ملك ويختار الثروة والمركز ولكنه أختار أن يكون فقيرا ليس له أين يسند رأسه، كانت حياته كلها حياة التواضع ففي متى 11 : 29 “.. تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ”.
5 – وأطاع:
كالله لم يكن يعرف الطاعة ولكن إذ صار عبدا يعلمنا الكتاب عنه في عبرانيين5 : 8 “مَعَ كَوْنِهِ ابْناً تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ”. كان مطيعاً طاعة مطلقة لله الأب، يقول عن نفسه في (يوحنا 4 : 34) “طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي”. كان المثال الكامل الذي أظهر الطاعة والاتكال الكاملين، لم يختر شيئا حسب إرادته الذاتية. كان البرهان علي كونه الخادم الأمين المطيع لله ولكن إلي أي درجة وصلت طاعته؟
6 – حتى الموت:
الدرجة السادسة في تنازله “حتى الموت” لم يكن للموت سلطان عليه كإنسان قدوس بلا خطية ولكنه أطاع حتى الموت، لم يكن أحد آخر غيره كفؤاً أن يضع حياته من أجل الخطاة لأن الجميع زاغو وفسدوا معاً وأعوزهم مجد الله وكانوا بذلك تحت حكم الموت ولكنه أرتضي أن يموت من أجل الخطاة. أن كان الله قد وجد سروره ولذته وتمجد في كل خطوة في حياة ربنا يسوع المسيح، ولكن أسمي الأمجاد هي تلك التي أشرقت بواسطة موته، لم يكن الأمر هنا خاصاً بالخطية وفداء الخطاة، بل في طاعته وهذا كان ممجداً لله.
أن موت المسيح تمجيد كامل لله أبيه وفيه خلاص لنا نحن الهالكين الذين آمنا به. كما أنه إظهار لِصفات الله كالحق والمحبة والقداسة والرحمة والبر والسلام.
7 – موت الصليب:
الدرجة السابعة تبين أن موته لم يكن موتاً عادياً مثل كل إنسان بل في موته كان تحت الدينونـة الرهيبة التي كان ينبغي أن يقاسيها الخطـاة في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت إلي الأبد ولكنها تركزت عليه هناك فوق الصليب في الثلاث الساعات المظلمة. (1كورنثوس 1 : 23) “وَلَكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوباً: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً!”. كان الصليب عثرة للكثيرين من هول العار المقترن به، وهكذا تنازل ربنا يسوع المسيح في موت الصليب إلي آخر درجات التواضع لكي يمجد الله.
1 – لذلك رفعه الله أيضا:
كلمة لذلك ترينا أن ما بعدها أساسه ما قبلها، أي أن الله رفع ربنا يسوع لأنه وضع نفسه وهذا يطابق قول الرب في لوقا 18 : 14 “لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ”؛ أن الله رفع ربنا يسوع إذ أقامه من الأموات وأجلسه علي العرش في يمين العظمة في السموات.
2 – وأعطاه اسما فوق كل اسم:
وأعطاه الاسم الذي تجثو كل الخليقة له – ما أحلي هذا الاسم علي مسامعنا “يسوع”.
3 – لكي تجثو باسم يسوع:
لهذا الاسم العجيب الرائع تجثو كل ركبة، نفس الاسم الذي كان يحمله وهو ناصري محتقر ومعني اسم “يسوع”، “يهوه المخلص” سوف تسجد للرب يسوع كل ركبة وهذه هي الدرجة الثالثة وتأتي بعدها ثلاث درجات متمثلة في ثلاث فئات.
4 – كل ركبة ممن في السماء:
5 – ومن علي الأرض:
6 – ومن تحت الأرض:
في هذه الفئات الثلاث نرى الملائكة ورؤساء الملائكة والشياطين بكل رتبهم والبشر جميعا أمواتا وأحياء، مؤمنين وهالكين، الجميع سوف يسجدون له، وان كان المؤمنون به الآن يسجدون له تعبدا ويجدون لذتهم وفرحهم في السجود له، فان الذين لا يخضعون له الآن سوف يسجدون له اضطراراً وهم في جهنم وإن كان السجود الآن يقترن بالإيمان والخلاص ولكن في جهنم لن يكون هناك خلاص لأن فرصة الخلاص مقترنة بعهد النعمة الحاضر. وسوف يقترن السجود له هناك اعتراف الجميع به ربا لمجد الله الأب. وهذا يقودنا إلي الدرجة السابعة.
7 – ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب:
ما أروعها صلاة الرب وهو في الجسد لله الآب في  يوحنا 17 :  4، 5 “أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ. وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ “. وهكذا نري في رفعه إلي هذه الدرجة السابعة تمجيدا لله الآب.
أحبائي ما أحلاى الوقت الذي نتأمل فيه في حياة ربنا المعبود وحبيب قلوبنا.
إن الكتاب المقدس يزخر بين دفتيه بالكثير والكثير من هذه الروائع. لا تدع اليوم يمر بدون أن يكون لك وقت للتمتع بإلهك.

 

الحياة المنتصرة

عرفته كما تمنيته

من هو الله بالنسبة لك؟
طُرح هذا السؤال على مجموعة باحثين وكانت إجاباتهم كالتالي:
– الله بالنسبة لي هو شخص يجلس في السماء ويراقب البشر ويمسك عصاة في يده ليعاقب كل من يخطئ.
– الله بالنسبة لي هو شخص لا يبالي ولا يهتم بما يحدث في عالمنا، بدليل كل هذه الفوضى التي تثبت بأنه لا يبالي بنا.

– الله بالنسبة لي هو شخص دائماً ما يطلب مني أشياء لا أستطيع تنفيذها، لذا أفضّل أن تكون علاقتي به سطحية.
– الله بالنسبة لي هو الشخص الذي يهددني دائماً، يهددني بدخول النار، يهددني بعذاب القبر، يهددني بالحدود الشرعية والقانونية إذا أخطأت.
وإذا أحضرت ورقة وقلم وكتبت من هو الله بالنسبة لك، ستجد أن هناك فجوة كبيرة جداً بين الإله الذي تصوره لنا أذهاننا، وبين الإله الحقيقي.

عرفته كما تمنيته
هذه الفتاة من إحدى البلاد العربية، تمنت أن يكون الإله الحقيقي مختلفاً عن الإله الذي كانت مؤمنه به. أرسلت لنا رسالة بعد أن تصفّحت موقع معرفة، قالت فيها الكلمات التالية:

“أنا تركت ديني بسبب التناقضات التي فيه. وأيضاً بسبب الإرهاب الذي يتبناه. واضطهاد المرأة. هذه الأشياء كرّهتني في هذا الدين وشككتني به.
خرجت منه لأني عرفت أنه لا يمكن أن يكون هذا الدين من عند الله.
لأن الله محبة
هذا ما رسخ في قلبي
أنا تمنيت أن يكون الله وكأنه أب لي، يحبني ويرعاني.
وهذا ما وجدته في المسيح.
لذا أحببت المسيح من أعماق قلبي
وأحببت أن أتبعه
لأني أحببت المسيح محبة خالصة أودّ معرفة الكتاب المقدس ووصاياه
أحب أن أحيا في كنف المسيح
فهو الملجأ والملاذ
هو الأب الحقيقي
يخاف علينا ويحبنا”.

غرقت في محبته ..
تمنّت الفتاة صاحبة الرسالة السابقة أن يكون الله قريباً منها، تمنّت أن يحبها، تمنّت أن تحيا دائماً معه.
وهذا ما اختبرته حينما عرفت السيد المسيح. شعرت بمحبة المسيح تغمرها فغرقت في محبته، محبة فائقة الوصف، محبة كاملة وسلام كامل واحتواء كامل.
وأنت عزيزي. أشجعك على أن ترفع قلبك إلى السماء وتطلب من الله أن يرشدك إلى الطريق إليه.
كل دين سيحاول أن يثبت بكل الوسائل أنه الطريق إلى الله، لذا اترك كل ذلك وارفع قلبك إلى السماء. تأكد أن الله يحبك، تأكد أنه حاضر حولك، تأكد أنه ليس بعيداً عنك، وتأكد أنك إذا طلبت أن تعرفه، سيأتي سريعاً ليُعرِّفك الطريق إليه.

 

معرفة.كوم

كيف أنال المُعجزة من الله؟

إذا كان الله حقيقياً، فمن الطبيعي أن نراه يصنع المعجزات.

ولكن في ضعفنا وعجزنا وآلامنا نناديه ونقول (يا رب)، نداء أحيانًا ما يكون صراخاً يحمل تساؤلاً، أين أنت؟

يتساءل البعض منا، لقد طلبتك لتشفي مرض أمي، ولم تستجب!

طلبتك لكي تنقذ ابنتي، ولم تستجب!

طلبتك لتحقق أحلامي، ولم تستجب!

وحينما يزداد الألم، يزداد التساؤل، هل الله موجود؟ وإذا كان موجوداً لماذا يتركني؟

في الغالب، هو لم يستجب للأسباب التالية:

1- لأنك لم تدْعُه هو!
تظن أن الإله الذي تعبده هو الإله الحقيقي، فتدعوه ليلاً نهارًا ولا يستجيب لك، وكأنه بعيدٌ عنك جدًا، وأنت لا تمثل أهمية كبيرة بالنسبة له.
تدعو وتصرخ وتتسائل، لماذا لا يستجيب لي؟ هل لأن ما يحدث مُقدر لي ولن يتغير؟
ولكن السبب أن الدين الذي تتبعه ليس هو الطريق إلى الإله الحقيقي لذا لن يستجيب..
من العلامات التي تدلك على الإله الحقيقي أنه يسمع ويستجيب.

2- لأنه ليس لك علاقة وشركة معه.
هو يريد أن يرفع عنك الألم، لأنه أب بل أنه مصدر لكل مشاعر جميلة، فإنه يريد أن تكون قريبًا منه وعلى علاقة دائمة معك، وقد يكون الألم سواء بسبب المرض، أو ظروف قاسية، أو أي شيء صعب يمر بك.. الغرض منه هو أن تبحث عنه وتلجأ إليه وتطلب تدخله.

3- ليس شرطًا أن تكون صالحًا.
يظن البعض أنه لكي ينال معجزة وتدخل إلهي في حياته، فعليه أن يكون إنسانًا صالحًا، وفي الحقيقة هذا عكس ما يقوله السيد المسيح. فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ:«لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ». إنجيل مرقس 2: 17

4- ولكن/ يشترط أن تطلبه بكل قلبك
لذا أشجعك أن تغمض عينك، انس كل شيء آخر، انس خلفيتك الدينية، انسَ خطاياك، وتكلم معه وكأنك وحدك في هذا الكون الذي يتحدث معه..
اطلبه من كل قلبك، دع صرخات احتياجك له تكسر كل حواجز وضعَت بينك وبينه، دع صرخاتك تكون قوية فتخترق السماء وتصعد أمام الله، الذي يحبك.

واطلب أن تراه
كثيرون يرون الله، في حلم، وفي مواقف تثبت أن تدخل الله واضح فيها، وفي تلامس الله مع قلوبهم وتغييرهم، وشفاءهم من أمراضهم وخطاياهم.
لذا أدعوكِ عزيزتي/عزيزي أن تطلب رؤيته. وسيظهر نفسه لك، لا تشترط طريقة لذلك، ولكنه سيتعامل معك وسترى مدى عظمة وروعة تعاملاته معك. سترى المعجزات

معرفة.كوم


كيف تخرج من ظلمة الاكتئاب؟

هناك فرق بين الإصابة بالحزن أو التعاسة أو الفشل، وبين الاكتئاب، فهو أكثر من الشعور بوعكة أو حزن شديد.

الاكتئاب مرض منتشر، وخطير.

قد تتشابه أعراضه مع أعراض الحالة النفسية السيئة، ولكنه حالة مختلفة. فهو مرض أحياناً يكون عضويّاً له علاقة بكيمياء الدماغ وبالجينات وبالوراثة.

أي نوع من الاكتئاب لديك؟
الانتصار على الاكتئاب ممكن حينما تقرر مواجهته، وحينما تملأ قلبك بإصرار على الانتصار والسعي للتخلص منه. البداية هي أن تعرف نوع الاكتئاب الذي تعاني منه.

1- اضطراب الاكتئاب الشديد:
فيه يشعر المريض بالاكتئاب لمدة زمنية لا تقل عن أسبوعين متواصلين ويعاني في العمل وفي العلاقات وفقداناً للتركيز وقلّة طاقة.

2- الاكتئاب المزمن والشخصية الاكتئابية:
يشعر المريض بالمزاج المكتئب أغلب فترات اليوم لمدة طويلة قد تكون سنتين على الأقل، مع وجود درجة للإعاقة أو انخفاض في وظائف الإنسان الحيوية والمهنية والاجتماعية.

3- الاكتئاب ثنائي القطب:
تتبادل نوبات الاكتئاب مع نوبات الهَوَس، فقد يشعر المريض بمزاج مرتفع يستمر لأسبوع أو أكثر، يصاحب هذا المزاج المرتفع شعور بالعَظَمة. المريض بهذا النوع من الاكتئاب يكون لديه نشاط زائد.

4- الاكتئاب الناتج عن مشكلة عضوية:
مثل نقص إفراز الغدة الدرقية، أو مرض الشلل الرعاشي.

5- الاكتئاب المصاحب لاضطرابات التأقلم:
يحدث نتيجة ضغوط نفسية أو اجتماعية شديدة، مثل: الطلاق، الفشل، ترك العمل، الحوادث .. إلخ

6- اكتئاب ما بعد الولادة:
يُعرَف بالحزن ما بعد الولادة، يصيب حوالي 50 % من الأمهات الجدد. إذ تشعر الأم التي وضعت مولودها حديثاً باكتئاب خفيف أو قلق، أو توتر أو توعّك.
قد يدوم هذا النوع من الاكتئاب لساعات أو أيام قليلة فقط. أو قد يتطور هذا الشعور لدى حوالي 10 % من الأمهات ليصبح اضطراباً خطيراً يُدعى اكتئاب ما بعد الولادة.

7- الاكتئاب الناتج عن تعاطي المواد المخدرة.

8- الاكتئاب العاطفي الموسمي:
وهي فترات من الاكتئاب التي تحدث في مواسم معينة، وخاصة في فصل الشتاء، والمتعلقة بمستويات منخفضة من أشعة الشمس.

صلاح جاهين
كتب أحد الشباب على الفيس بوك بوست يحاول توضيح ما هو الاكتئاب، فأعطى مثلاً بالفنان العبقري صلاح جاهين، قائلاً:
“سألت أبي: كيف مات صلاح جاهين؟ أجاب: كان مريضاً ومات. بماذا كان مريضاً؟ لم يجيبني.
كرّرت السؤال على أكثر من شخص وكانت الإجابة: أصابه المرض ومات.
الحقيقة أنّ صلاح جاهين انتحر. وسبب انتحاره هو أنه كان مريضاً بالاكتئاب. وقد تأخرالدواء بالوصول إليه من الخارج ولم يستطع الفنان الكبير مواصلة الحياة.
لا يوجد شيء مشين في أن صلاح جاهين انتحر. لقد خسر معركته مع الاكتئاب. كما خسر الفنان أحمد زكي وآخرون معركتهم مع السرطان.
حينما نسمع عن شخص مكتئب، لا يجب أن نتعامل معه وكأنه شخص علينا تجنّبه.
أخيراً: تحية لكل صديق أو صديقة أو قريب لديه مرض اكتئاب ويخوض معركته ضد المرض. أنتم شجعان ونضالكم يجب أن يكون محل تقدير، مثل نضال أي شخص ضد مرض السرطان الذي هو محل تقدير من الجميع”.

كيف تنتصر؟

الخطوة الأولى: هل تدرك نطاقك الشخصي “عالمك”؟
النطاق الشخصي لكلٍّ منّا يحتوي على الأمور التي تُمثّل أهمية وقيمة للشخص. فمثلاً إذا رأيت صورة قديمة لطفل قد لا تهتم بالصورة، ولكن إذا أخبرك أحد أن هذه الصورة هي لوالدك في صغره، فستكون هذه الصورة قيِّمة بالنسبة لك.
نطاقك الشخصي هو قِيَمك، وأخلاقيّاتك، ونظرتك لذاتك، وأسرتك، وأصدقائك، وممتلكاتك، وأهدافك.
اسأل نفسك: ما الذي يؤثّر في نطاقك الشخصي هذا بصورة إيجابية؟ وما الذي يؤثّر بصورة سلبية؟
كيف تنظر لنفسك؟ هل تحترمها وتقيّمها بصورة جيدة؟ هل حدث شيء مثل إهانة أو رفض، أو انتقاد. أثّر سلباً على تقديرك لنفسك؟
بداية عليك أن تُعيد تنظيم نطاقك الشخصي.
لديك السلطان في أن تفعل ذلك، لذا كلّ علاقة تسبّب لك ضغطاً واكتئاباً، عليك أن تقطعها.
كل تفكير وانطباعات وتقييم خاطئ لنفسك، قم بتغييره بأن تنظر لنفسك بصورة حقيقية، أي بالصورة التي صنعك الله عليها.
خذ وقتك في إعادة تنظيم عالمك، واستخدم ورقة وقلماً لكتابة ملاحظاتك وما تودّ تغييره، ولا تخجل من اللجوء لشخص يساعدك في إكمال الطريق.
أحياناً يكون سبب الاكتئاب هو أنّ عالمنا يسوده الفوضى والسّلبية والإهمال.
للسّلبية أسباب حدثت بالفعل، هذه الأسباب تنقل المكتئب إلى تكوين انطباعات عن النّفْس، فيتأمل متسائلاً: لماذا أفشل في علاقاتي؟ لماذا ينتقدني الناس؟ هل أنا غبي؟
وتزداد المشاعر السّلبية حينما يقارن نفسه بمن حوله.
ثم تتمكّن السّلبية من الشّخص المكتئب حتّى تفرض سيطرتها على المستقبل، فينطفئ أي بصيص أمل. وحينما يختفي الأمل، فلا داعي لاستمرار الحياة، ومن هنا تسود فكرة الانتحار.
استيقظ وابدأ في ضبط عالمك من جديد. وابدأ بأفكارك وانطباعاتك وتصوّراتك تجاه نفسك وتجاه كلّ شيء مرتبط بك.

الخطوة الثانية: غيّر نظرتك للمستقبل
سيكون من السهل تغيير نظرتك للمستقبل حينما تضبط عالمك وتغيِّر تفكيرك السلبي تجاه نفسك. عليك أن تدرك أنّ ما يحدث لك هو نتيجة لما تتوقّعه عن نفسك. لذا فحينما تتغيّر توقّعاتك هذه ستكون قادراً أن ترى إشراقة الأمل في المستقبل.

الخطوة الثالثة: هناك شفاء من الاكتئاب
هناك وسائل ناجحة للشفاء من الاكتئاب بمختلف أنواعه بالطرق الطبية، وأشجعك أن لا تخجل من اللجوء إليها، فلا داعي للعيش بهذه المعاناة إذا كان هناك طريق للشفاء.
كما أشجعك أن تذهب إلى هذا الاختبار “في قسم اكتشف نفسك” عن الاكتئاب، فسيساعدك على اكتشاف نفسك وما تحتاجه بالتحديد. كما سيوفر مشورة طبية متميزة.

الخطوة الأخيرة:
“تُشْرِقُ شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا” ملاخي 4: 2

الاكتئاب ظلمة وضغط يحيطان بالنَّفْس. قد يكون سبب الاكتئاب هو عدم تعرّضنا للنور الإلهي من قبل، لأننا نسير بعيداً عنه، حاملين ثِقل خطايانا، وملوّثين ببشاعة آثامنا.
لا تظنّ أن هناك حل بعيداً عن النور الإلهي، وبعيداً عن تطهير الله لقلوبنا، الحقيقة أنه يشفي لأنه يقدر على ذلك.

نسيج الخريطة الجينية
هل تأملت يوماً أن الله هو من صنعك؟ هو من نسج الخريطة الجينية الخاصة بك. لقد اكتشف داوود هذا السر من حوالي ألف سنة قبل الميلاد وقال:”لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي”. مزمور 139: 13

سواء كنت مسيحيّاً أو غير مسيحي. وأياً كان سبب الاكتئاب، وحتى لو كان سببه هو خلل في كيمياء المخ.
فالله موجود وهو نور، ويحبك، وهو إله شافي، وهو أقوى من أي مرض.
اخرج من ظلام الاكتئاب، وقل له: “أحتاج لأن تشرق على حياتي يا شمس البر، أحتاج لأن تلمسني بأجنحة الشفاء، افتح عيني لأني أحتاج لأن أرى النور”.

 

معرفة.كوم

وسط الأزمات

ارحمني يا الله ارحمني لأنه بك احتمت نفسي وبظل جناحيك أحتمي إلى أن تعبر المصائب. (مزمور 1:57). مهما تعاظم الإنسان ومهما افتخر بنفسه ظنا منه أنه فوق كل الظروف وفوق كل الصعوبات، وكأنه نسرا يحلق عاليا دون أن يمسّه مكروه وكأن العالم كله تحت أمرته ومشيئته، وفجأة يجد أن هذه الصخرة التي يركن عليها ما هي سوى سرابا يختفي مع أول كارثة أو مصيبة تلم به.

فلا تعتقد أيها الصديق العزيز بأنك خارج دائرة الظروف الصعبة أو خارج الألم والهموم والمشاكل، ولا تظن أبدا أنك بكلمات قليلة أو بزكاتك أو بتطهير جسدك بالماء وبغير الماء أو بذهابك لكي تحج في أماكن تظنها مقدسة، أو بسجودك الوهمي لإله لا يسمعك ستنتهي مما أنت فيه، فعبر التاريخ البعيد والقريب قد جرّب حمورابي وكونفوشيوس وغاندي وغيرهم من رجالات التأمل التجاوزي والعبادة الباطنية والطرق الناموسية وأيضا بعضهم قد جرّب التحايل على أن الله قد أنزل عليه الوحي، لكي يتخلصوا من عذابهم ومصائبهم، فلم يجدوا نتيجة، ولكن الله الخارق بإعلانه عن محبته للجميع، أطلق طرحه المميز والصادق “تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم” (متى 28:11).

فدوىّ هذا التصريح في القلوب التائهة وفي أذهان المتعبين الذين يحيون في ظروف صعبة، فالمسيح أعلن عن نفسه بأنه مخلص وبأنه يغفر الخطايا لكل من يلتجأ اليه، وأيضا مانح السلام للقلوب المتعبة والبعيدة، فوحده يخرق المستحيل ويقلب الظروف فيجعل المصائب تعبر وكأنها غيمة من غيوم الصيف، هو قادر أن يظلل بحمايته وأن يرحم بطبيعته وأيضا هو يريد أن يغير إلى الأفضل بثباته. فبحر محبته لا يحد ولا يقاس بمقياس بشري، في وسط الأزمات يكون القائد الذي يدافع عن شعبه بكل قوّته، ووسط الهدوء يكون متنبها لهجمات ابليس قبل أن يخرق هذا السلام والطمأنينة.

وإن نسيت الأم رضيعها فهو لا ينساك أبدا، “ألق على الرب همّك فهو يعولك. لا يدع الصدّيق يتزعزع الى الأبد” (مزمور 22:55). إذا كنت يا صديقي في حالة توهان من ذاتك ومن مجتمعك ومن حيرتك ومن اضطرابك الذهني والقلبي، تعال لمن يستطيع أن يهتم بتفاصيل حياتك، ففي وسط الأتون ستجده دوما إلى جانبك، فلا تبعد نظرك عنه.

elhaq.com

أي كتاب هو من الله؟

“من ثمارهم تعرفونهم. هل يجنون من الشوك عنبا أو من الحسك تينا” (متى 16:7). صديقي العزيز: هل فكرت يوما بكل صدق ومسؤولية حول اي كتاب هو من الله، وأي رسول هو الرسول الحقيقي، وأي طرح يمكن أن يغير حياة الإنسان من حالته البائسة إلى فرح وسلام؟ هناك الكثير من الأسئلة التي يمكن أن نطرحها حيال هذا الموضوع ولكن بكل شفافية وموضوعية فالكتاب المقدس أي الإنجيل هو الكتاب الوحيد والحصري الذي من الله، فنحن نقول هذا بسبب:

جوهر الكتاب: إذا قمت بتصفح الكتاب المقدس حتى ولو لم تكن من أتباعه، بل بمجرد أن تفتح أول صفحاته ستكتشف المحبة الكبيرة التي تتدفق من داخله، وستجد الرحمة الرائعة النابعة من أعظم إله، وأيضا في داخل الكتاب تفوح منه رائحة السلام والطمأنينة والصدق الكبير والبر والعبادة الحقيقية والطاعة والقداسة، وأيضا سوف ستجد ما يدهشك حول الفداء والإنقاذ من الخطية التي ترهق حياة الناس أجمعين “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يوحنا 16:3). أي كتاب في العالم طرح مسألة محبة الأعداء وجعل الجميع متساوين، إنه فقط الكتاب المقدس لأنه نابع من فكر الله نحو الإنسان.

تأثير الكتاب: إن تأثير الكتاب المقدس في حياة الناس لا مثيل له، حيث تجد أنه زرع في حياة الناس ولادة جديدة حقيقية نابعة من الله “المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح” (يوحنا 6:3)، وهذه الولادة هي من زرع لا يفنى، فهي من السماء مباشرة، وما من أحد جاء للمسيح عبر الكتاب المقدس ورجع إلى ما كان عليه لأنه أيقن أن هذا االإنجيل هو بالفعل كلمة الحياة التي تجعلنا نتأكد ونفهم كل الحقائق الروحية التي أراد الله ان يقدمها للإنسان “وعندنا الكلمة النبوية وهي أثبت التي تفعلون حسنا إن انتبهتم إليها كما الى سراج منير في موضع مظلم إلى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم” (2 بطرس 19:2).

والذي يحيا وصايا هذا الكتاب التي هي وصايا الله تشاهد حياته تعكس أقواله، فثمار المسيحين الحقيقين الذين يرفعون راية المسيح عاليا يحيون القداسة والبر أمام الله والإحتارم الشديد للآخر، هذا لأنهم يعتمدون على كتاب هو من الله. فهل تتعرف على هذا الكنز الرائع؟

إذا كنت ترغب بالتعرف على الكتاب المقدس وقراءته يمكنك الدخول من هنا

elhaq.com

مواصفات المسيح المميزة

“فإنه فيه يحل كل ملء الآهوت جسديا” (كولوسي 9:2). في وسط التناحرات العقائدية والدينية والأثنية والعرقية، نجد المسيح جالسا على عرشه مستعدا للتدخل في الوسط لكي يبدل الظروف المأساوية في القلوب الحزينة فهو صاحب الصفات المميزة التي نذكر حفنة صغيرة منها فهو:

كلي المعرفة: “الأن نعلم انك عالم بكل شيء ولست تحتاج أن يسألك أحد” (يوحنا 30:16). الفرق كبير جدا بين المسيح والجميع فهو عالم بكل شيء كاشف القلوب والكلى، ويعرف بما في دواخلنا من شكوك وهموم ومشاكل، معرفته تخرق النفس والروح لكي ترجع بنا من جديد إلى عبادة الله الحية، ومعرفته أيضا لكل الأمور تسهل علينا طريقة العلاقة لكي تكون جدية وحميمة ومسؤولة، فاذا كنت تائها يا صديقي في عالم من الأديان والتناقضات إعلم أن المسيح صاحب المعرفة التي تفوق كل شيء فهو يريد أن يمحنك سلاما أبديا وغفرانا رائعا، اطلب منه وسوف تجد الجواب الشافي.

لا يتغيّر: “هو هو أمسا واليوم والى الأبد” (عبرانيين 8: 13). إن الأمر الأكثر تميزا في المسيح أنه لا يتغيّر فهو ثابت في محبته وراسخ في خلاصه كصخرة لا تتأثر بالعواصف، هو إله تستطيع أن تركن عليه وهو إله يدفع بك نحو المعلوم وليس المجهول، هو ثابت في وعوده فكل ما تكلم به في القديم تحقق، وهو اليوم يريد أن يمسك بماضيك وحاضرك ومستقبلك فما عليك سوى أن ترتمي بين أحضانه، وستجد أمور مدهشة من الروعة الروحية والإختبارات المميزة.

كلّي القدرة: “.. دفع اليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض” (يوحنا 18: 28). ما أبهج يسوع المسيح بين الجميع فهو صاحب السلطان المطلق حيث كل شي في العالم تحت امرته أو بسماح منه، وما أعظم أن تكون يا صديقي تحت مظلته فهو قادر أن يمنحك الكثير جدا من الأمور الروحية لكي ينقل بك من مجد إلى مجد حتى ولو كنت من ديانة اخرى عندما تأتي إليه بالتوبة والإيمان سيجعل منك شخصا جديدا ولسوف يستخدم مواهبك من أجل مجده القدوس فتصبح من أولاده وأحبائه.

صديقي العزيز: إذا كنت تنظر للمسيح نظرة ضعف فأنت في المكان الخاطىء، واذا كنت تظن أن المسيح هو نبي محدود فانت حتما مخطأ، المسيح أعظم من رسول وأعظم من نبي وأعظم من نجار، هو الله المتجسد صاحب الصفات المميزة من المعرفة و عدم التغير والقدرة التي لا تنتهي، وأيضا هناك الكثير من الصفات التي لم نذكرها، فكّر في حياتك ومستقبلك على من أنت تتكل على شخص مات ولم يزل في القبر، أشجعك يا صديقي أن تأتي الى المسيح الذي انتصر على الموت فهو رئيس الحياة وهو يريد أن يمنحك الغفران، قرر وتقدم.

elhaq.com