رحلة خدمة الطفل

ببساطة هي رحلة، لأنها مليئة بتحديات تكاد تستنفذ قوى الخادم. خاصة عندما يخدم لسنين طويلة بدون معرفة سابقة عن خدمة الطفل أو حتى عن سمات مراحل عمر الطفل، وأيضًا دون أن تفتح له سوى القليل من أبواب المعرفة. لكنها أيضًا رحلة مليئة بالاكتشافات المُغيرة تمامًا لحياة الخادم والطفل. فور قبولي مُلك المسيح على حياتي وبعد وقت ليس بطويل أدركت هدف الله في حياتي ونوع الخدمة التي يُريدني أن أقوم بها. لقد بدأت خدمتي مع الطفل في سنة 1991 في مؤسسة خيرية في محافظة أسوان بمصر. ولأن أسوان تبعد كثيرًا عن العاصمة وبالإضافة لقلة الخدام بين الأطفال في ذلك الوقت فلم يكن هناك تطور في مناهج الطفل وكانت الخدمة بدائية جدًا وهذه كانت واحدة من أقوى التحديات (صغر سن، عدم معرفة مسبقة، لا وجود لتدريب للخدمة مع الطفل، ولا وجود لموارد سوى مناهج قديمة). بعد حوالي22 سنة بدأت أسمع وأتعلم قليلًا عن الإرسالية، فجاء سؤال استنكاري إلى ذهني، لماذا مهمة الإرسالية قاصرة على الكبار فقط، ألا يصلح الأطفال أيضاً لهذه المهمة؟ فَهُمُ الأقدر على توصيل رسالة الخلاص ببساطة إيمان. لكني بعد وقت قليل رفضت الفكرة وكأنها فكرة مجنونة وضرب من الخيال. لكني شعرت أن الله ظل يحاصرني بإمكانية تحقيق هذه الفكرة، لكن لمدة سنتين كنت رافضة تمامًا، إلى أن جاءتني طفلة صديقة لي تبلغ من العمر 10سنوات، وهي بالفعل قَبِلت الإيمان في هذا العمر. أخبرتني قصة حدثت معها أكثر من مرة وقالت: “في يوم جاءت إليها مجموعة من زميلاتها في الصف ليسألوها عن يسوع الذي تعبده؟” فجاوبتهم قائلة: “هو أبي وصديقي، يحبني كثيرًا كما أنا لأنه خالقي. لا يغضب مني إن فعلت أي خطأ، لكنه يحزن لأجلي. فهو يريدني أن أكون جميلة دائمًا كما هو جميل”. عاتبني إلهي على قلة إيماني بقوته، القادرة على جعل كل من قبلوه مُرسلين حتى (الأطفال). أصبحت هذه رؤيتي التي أصلي من أجلها كثيرًا. اختلفت أماكن خدمتي في مصر بين المدينة والقرية. أختلف الطفل الذي أخدمه بين صبي وفتاة. اختلفت المراحل العمرية للأطفال بين الطفولة والمراهقة لكني تعلمت حقيقة واحدة، الطفل لا يريد أن يسمع كلمة الله. الطفل لا يريد أن يرى قصص الإنجيل في أفلام الكرتون. الطفل لا يريد أن يتعلم الحقائق الكتابية السليمة ليعيش بتميز أخلاقي وسط عالم ملئ بالشر. الطفل خاصة الذي يعيش من أبوين لا يمجدون الله، يريد أن يتلامس جسديًا مع الله من خلال حضن أبوي أو أمومي طاهر من خادمه في الكنيسة. الطفل يريد أن يكون مقبول، ومحبوب من الله رغم العيوب، من خلال قبول ومحبة، وطول أناة خادمه. الأطفال لا يسمعون كلماتنا، ولا يرون أفعالنا الوقتية، لكنهم يراقبون حياتنا، ويحللون سلوكنا، ويتفاعلون مع ردود أفعالنا بالإيجاب أو بالسلب.

باختصار “أرني أعمالك فأشتاق لأعرف إلهك”. أليست هذ الحقيقة يحتاجها كل إنسان؟

فأين نحن كخدام الله من تحقيقها؟

إيمان جرجس – كلية اللاهوت المعمدانية العربية