صناعة الأبطال

عندما نقرأ عن الأشخاص الذين استخدمهم الرب ونرى كيف صنعوا أموراً عجيبة أتت بمجد عظيم للرب، فإننا نبدأ فى مقارنة أنفسنا بهم، والنتيجة في أغلب الأحيان سلبية، لأننا نجد أنفسنا بلا مواهب أو إنجازات.

السؤال الذي يدور في أذهاننا: هل من الممكن أن أكون واحداً مثل هؤلاء الأبطال؟ كيف يحدث هذا؟

سوف تجد الإجابة فى الكتاب المقدس. ومن خلال مثالين أحدهما في العهد االقديم والآخر في العهد الجديد.

القصة الأُولى: داود ورجاله ( 1صم 3:22 )

عندما هرب داود من وجه شاول الملك انضم إليه مجموعة من الرجال من أصحاب الظروف الصعبة (المتضايقين والمديونين ومُرىّ النفس)، وبعد فترة من الزمن يطلق عليهم الكتاب المقدس لقب أبطال فى 2صم8:23 ، 1أخ10:11 ويعدد الكتاب من الأعمال العظيمة التي عملها هؤلاء، كيف حدث ذلك وما سر تحولهم ؟

في البداية كانوا شخصيات ضعيفة بدليل هروبهم من تحديات حياتهم، وكانت طباعهم ليست جميلة بدليل وصفهم بأن بهم من هو شرير ولئيم (1صم 22:30). بل كادوا فى ذات مرة أن يقتلوا داود نفسه (1صم 6:30)..

ولكن يذكر الكتاب أنهم رافقوا داود لفترة كبيرة من الوقت كانت كافية أن تغير شخصياتهم وطباعهم. الفضل يرجع لداود الذي كان قائداً ومعلماً وملهماً لكل منهم. ولأن خطة الرب أن يصبح داود الملك القادم لشعبه، واحتاجت الخطة أن يكون لدى داود مجموعة من الجنود تساعده على تحقيق خطة الرب، اختار الرب هذه المجموعة من هؤلاء الأشخاص الهاربين. والسؤال هل كان أحد يتوقع أن يصبح هؤلاء أبطال في يوم من الأيام؟ بالطبع لا.

 

القصة الثانية: يسوع وتلاميذه

عندما بدأ الرب يسوع خدمته العلنية ابتدأ يختار تلاميذه الاثني عشر. واختار الرب صيادي السمك (مت 18:4) والعشار (مت 9:9) وكما دعاهم بولس الرسول “المزدرى وغير الموجود” (1كو28:1)..

لم تكن جماعته من علية القوم بل كان معظمهم من بسطاء الشعب. وأيضاً مثل رجال داود لم يكونوا أشخاصاً بلا عيوب بل أظهر الكتاب المقدس أخطاء كثيرة لهم مثل تفكيرهم من هو أعظم فيهم (لو 46:9) وكانت لهم مواقف معادية مع المختلفين عنهم (لو49:9 ،54 ، 55) ومنهم من أنكر المسيح (لو34:22) ومنهم من سلّمه للصلب (لو48:22)..

 

ومرة أُخرى السؤال كيف تغيروا وكيف أصبحوا أبطال في الإيمان؟

والإجابة هى أنهم أيضاً مثل أبطال داود تغيروا بسبب وجودهم بالقرب من يسوع (مر14:3) الذي أعاد تشكيل حياتهم الذي بنى شخصياتهم من جديد. فيوحنا الذي لم يكن يقبل المختلفين عنه أصبح من أكثر الذين يستخدمهم الرب في الحديث عن محبة الآخر (1يو10:2-11) وبطرس الذي جبن وأنكر المسيح يتحول لمن يجاهر بتعاليم المسيح أمام الذين حكموا على الرب وصلبوه (أع 14:2)

لقد اقتربوا من الرب، اصغوا إلى كلامه، أكلوا معه، خدموا معه، اختلفوا معه، فالكلمة المشتركة هي معه.

 

القصتان متشابهتان فهناك ملكان كل منهما بدأ صغيراً ولكي يمد ملكه احتاج إلى جماعة صغيرة لكي تعاونه على ذلك. وكل منهما اختار أشخاصاً أكثر من بسطاء ، ثم عاش معهم وصنع منهم أبطال يغيرون العالم.

 

وإلى اليوم مازالت مدرسة إعداد الأبطال موجودة وبنفس المواصفات. فهي لا تقبل الأشخاص أصحاب المواهب الفذة أو نوابغ المجتمع. بل الشرط الوحيد هو أن تظل قريب من ذلك القائد العظيم الذي لديه المقدرة على صنع البطل.

إن الرب يرى له فيك بطلاً ، يريد أن يسود على حياتك كي يجعل منها شيئاً جديداً ومختلفاً.

أدعوك أن تكف عن الشكوى من الفشل ومن أهمال الآخرين لك ومن ظلم الظروف لك، وأن تكون ايجابياً وتأتي بإيمان للرب واثقاً فى حبه لك. إنه لا يكل ولا يفشل. قال بولس الرسول “أستطيع كل شيء فى المسيح الذي يقويني” (فى13:4)

كلمة خاصة لك: الرب له خطة يريد أن يتممها في حياتك فهل تعطيه الفرصة لذلك؟

 

بقلبم أشرف دانيال – أنهار الحياة