الشعور بالمسؤولية أمر جيد وأن ترغب أن تفعل شئ في مثل هذه المواقف امر واجب، لكن ماذا ينبغي أن تفعل؟ هذا هو سؤالي لنفسي خلال الأيام الماضية: ماذا ينبغي أن افعل؟ قررت شخصياً أن أرجع مرة أخرى للكتاب المقدس وبدأت القراءة في رسالة بطرس الرسول الأولى حيث إنها الرسالة التي تعملنا عن كيفية تصرف المؤمن في وسط الألم والأضطهاد. لكن قبل أن أكمل حديثي أرغب أن اشجعك من كل قلبي ان تقرأ هذه الرسالة في قرأتك اليومية واسمع لما يعلمنا الله أياها عن الأضطهاد أن تكون سبب تشيجع وتعزية لحياتك.
خلال تأملاتي في هذه الرسالة، أوقفتني آيه يحفظها جميعنا عن ظهر قلب حيث تُعملنا كيف تصرف رب المجد عندما كان يُضطهد. تقول الآية عن المسيح: “لأنكم لهذا دعيتم. فإن المسيح أيضاً تألم لأجلنا، تاركاً لنا مثالاً لكي تتبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطية، ولا وجد في فمه مكر، الذي إذا شتم لم يكن يشتم عوضاً، وإذا تألم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمَن يقضي بعدل. ” (1بطرس 2: 21- 23) هناك بعض الأفكار أرغب أن أشارككم بها وقد لمست قلبي:
أولاً: دائماً نصرخ لله ونقول له: إلى متى؟ وفي صرختنا هذه رغبة ان يضع الله حد ونهاية للألم. للأسف البعض منا ينسى كلمات المسيح “في العالم سيكون لكم ضيق، لكن ثقوا انا قد غلبت العالم”. هذه هي الحقيقة سوف يكون هناك اضطهاد مادمنا في هذا العالم “لأنكم لهذا دعيتم”.
سوف يكون هناك نهاية للأضطهاد وذلك عندما يأتي عريس الكنيسة ويأخذها إلى المكان المُعد لها حيث لا ألم ولا بكاء ولا صراخ ولا عويل ولا دموع. ما دامت الكنيسة موجودة هنا على الأرض سوف يستمر الأضطهاد. لا تستغرب، لكن لك الحق ان تحزن وتتضايق عندما تمر به.
ثانياً: المسيح لم يفعل خطية لكن أُضطِهد. فالبعض منا يتسآل: “ماذنب هؤلاء الذين ماتوا؟ هم أبرياء خارجين من الصلاة فرحيين لأستقبال عام جديد. أنا معك عزيزي فإنهم أبرياء، كما كان المسيح برئ لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك ألم وأضطهاد. الشر لا يعرف برئ أو مذنب لأنه شر.
الذنب ذنب الشر الموجود في العالم والمسؤلية تقع على عاتق هؤلاء الذين اختاروا ان يعيشوا ويشربوا من هذا الشر. ألا يذكرنا هذا بمسؤليتنا اتجاه العالم الشرير الخاطئ بالصلاة لأجل الشر والأشرار ومشاركة الأخبار السارة مع الآخرين لان هذا هو الحل الوحيد حتى يتخلص هؤلاء الأشخاص من الشر المسيطر عليهم. إنهم “لا يعرفون ماذا يفعلون.” ويجب ان نغفر لهم كما غفر المسيح لأعداءه. أن الحل الوحيد للتخلص من مشاعر الحقد والمرارة والكراهية هو الغفران لمَن أساءوا إلينا ككنيسة.
ثالثا: سلّم لمَن يقضي بعدل. هناك العشرات من الأفكار المطروحه على الساحة ويمكننا ان نشارك فيها وكلها أفكار إيجابية ومهمة ومفيدة. لكن بالأضافة لهذه الأفكار يجب أن نرجع إلى صاحب البيت والملكوت ونسأله: ماذا يجب ان أفعل؟ في رأيي الشخصي سوف تكون الإجابة كالتالي: أفعل كما فعل سيدك؟ “سلّم لمَن يُقضي بعدل.” هنا اسمع صوت الاعتراضات من البعض منكم قائلين: هذا موقف سلبي؟ من سنين ونحن نصلي؟ صلينا والله لم يسمع؟ من الضروري أن نفعل ما اكثر من الصلاة…
اسمح لي أن أوضح بعض الأفكار:
أولاً: التسليم لله من خلال الصلاة هو أهم شئ وأفضل شئ يمكن ان نفعله. لماذا؟ لأن المسيح نفسه فعل هذا. لم يكن المسيح ضعيف، ولم يكن جباناً بل كان كلي الثقة أن الآب السماوي عادل.
ثانياً: الصلاة هي سبب وجود كنائسنا في الشرق الأوسط وبدونها “لأبتلعونا أحياء!”. أليس يعلمنا الكتاب المقدس إنه ” لولا الرب الذي لنا لأبتلعونا أحياء”. استمرار كنائسنا ووجودنا في الشرق الأوسط هو نتيجة لحماية الله، وليس شطارة منا أو لأننا أقوياء، بل لأن “ربنا موجود”.
إسمحوا لي أن اقول لك أن ما تحصده كنائسنا اليوم هو أقل جداً عما يمكن ان يحدث لنا من اضطهاد! وذلك نتيجة لصلوات المؤمنين والكنيسة في مصر. في الصلاة دائماً “نسلم لمَن يقضي بعدل” ولذلك كنائسنا موجودة إلى اليوم وسوف تظل ما دام هناك صلوات ترفع وأُناس لديها إيمان
في إن الله يقدر أن يحمي بيته وأبناؤه وبناته وهو يحكم بالعدل.
ثالثاً: البعض منا يفكر ان المظاهرات وحقوق الإنسان وكل هذه الأمور تستطيع أن تحمي الكنيسة . كل هذه الامور مهمة للغاية ولا استغناء
عنها. لكن اسمح لي عزيزي ان أقول لك أن الذي يحمي الكنيسة هو الله.
الكتاب المقدس يقول: أن لم يحرس الرب البيت فباطل يتعب الحراس. البعض منا يحاول أن يكون “الحارس” لعمل الرب من خلال المظاهرات والتحدث للأمم المتحدة، والذهاب لأمريكا والبيت الأبيض،وهذا أمر واجب ومهم ودليل على النضوج الروحي لتطبيق مبادئ الكتاب المقدس، لكن كم من هؤلاء “الحراس” يذهبون إلى الله ويسلمون لمَن يقضي بعدل؟ أن قوانيين الحماية في ملكوت الله مختلفة عن قوانيين العالم. للملكوت إله يحميه وقادر أن يحرسه وينميه لانه هو الوحيد الذي وعد: “أبواب الجحيم لن تقوى عليها” أليس الله قادر؟ لو كانت الإجابة نعم أسألك أن
تحني رأسك الآن وتسلم ليه الأمر وتطلب منه الحماية لكل كنائسنا وتعلن ثقتك وإيمانك به من جديد.
رابعاً: إبليس أحياناً كثيرة يستنفذ طاقتنا ويشتتنا بعيد عن فكر الله والنتيجة إننا مُنهكين، تعابى، قلوبنا مملوءه حزن وكآبة ولا نعرف ماذا نفعل.
نقضي ساعات في قراءة الأخبار، الحديث مع الآخرين حول هذا الموضوع، مشاهدة الأخبار بالتليفزيون، الحديث في الإعلام لتوضيح الحقائق وحتى يعرف العالم كله ما يتم في الشرق الأوسط، وآخرون مشغوليين جداً للتحضير لمظاهرات…ألخ أرغب أن أضيف إلى قائمة مشغولياتك أمر آخر لكن أتمنى ان يكون ضمن أولوياتك وهو عمل مظاهرة، لكنها مظاهرة من نوع جديد، مظاهرة امام الذي يسمع ويستجيب ويستطيع أن يحمي. مظاهرة أمام الله من خلال الصلاة! هل لديك وقت في اجندة مشغولياتك بهذا الحدث الآليم أن تجلس وتقضي وقت امام الله للصلاة وتسلم له الأمر وتطلب منه الحماية؟
خامساً وأخيراً: إبليس يضحك علينا قائلاً: ماذا تفعل الصلاة، وهل سمع الله؟ إن كان الله يسمع، والكلام لإبليس، فلماذا جرى ما جرى في مصر والعراق؟ اترك الصلاة وابحث عن شئ مفيد. عزيزي، أن ما جرى في مصر والعراق مؤخراً وإن دل فهو يدل على شئ واحد: “لو حماية الله لكان هذا هو حالنا كل يوم. لولا حماية الله لكانوا ابتعلونا احياء، لشاهدنا كل يوم انفجارات وقتل وموت ولم يبقى منا أحد.” إن مثل هذه الأحداث لا تعني أن الله لا يسمع وإن الصلاة بدون فائدة بل العكس صحيح. إن مثل هذه الأحداث تذكرنا إن هذا هو حالنا كل يوم لولا حماية الله. أحبائي، الشر سوف يستمر في العالم وما حصل في مصر والعراق، لم يكن للأسف النهاية. سوف يستمر الأضطهاد على الكنيسة. إذا كنت ما زالت تسأل: ماذا يجب ان أفعل. الإجابة هي: إستمر في عمل مظاهرات أمام الله من خلال الصلاة. أفعل كما فعل المسيح: سلّم لمَن يقضي بعدل.
وإله كل نعمة الذي دعانا إلى مجده الأبدي في المسيح يسوع، بعدما تألمتم يسيراً هو يُكملكم، ويثبتكم، ويقويكم، ويُمكنكم. له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين. أمين
الرب يشجعكم ويعزيكم
عزيزي الزائر
هل تشعر بالظلم، هل تشعر انك وحيدا
تثقل الاعباء كاهلك وقلبك ملئ بالالم.
ليس لك صديق أو شخص تستطيع التشاور معه وافضاء ما بقلبك معه؟
انت تحتاج الى شخص المسيح الذي وعد قائلاً:
“تعالوا اليَّ ياجميع المتعبين وثقيلي الاحمال وأنا أريحكم” (متى 28:11)
ان الايام التي نحيا بها يسود عليها الفوضى والاضطراب الشديد،
ولا مأوي آمن الا في شخص المسيح.
تعال اليه والقي باحمالك عليه.
قل له الان يارب ارحمنى، اشف عصياني.
ها أنا آتي اليك الآن.
لقد ابتعدت عنك فاصاباتني الجروح وتعرضت للنكبات الشديدة .
احتمي في دمك الكريم الان لكي تغفر لي اثامي،
اريدك ان تملك على مشاعري وفكري ووجداني.
اقبلني اليوم كابن لك
فاتمتع بحضورك معي وارشادك لي
وتاييد قوتك بالروح القدس على حياتي وفكري مشاعري.
في اسم المسيح اصلي
فلك الكرامة والمجد يالله من الان والى الابد امين.
بقلم القس عماد بطرس – نور لجميع الأمم