اسماء المسيح – الكرمة الحقيقية

“أنا (هو) الكرمة الحقيقية” (يوحنا 1:15). هذه هي المرة السابعة و الأخيرة لعبارة ” أنا هو …” المذكورة في إنجيل يوحنا. و هنا يذكرها الرب بالارتباط بالكرمة الحقيقية، و الكرمة هي شجرة العنب، و هي أول شجرة يذكر الكتاب المقدس أن إنساناً قد زرعها (تكوين 20:9). و الكرمة وُجدت لكي تثمر، لأنه لا يؤخذ منها شيء لعمل ما، فلا نستطيع أن نصنع من خشبها أبوابا أو شبابيك (حزقيال 15).

و لقد شـُبه بنو إسرائيل في العهد القديم بكرمة (مزمور 8:80، إشعياء 1:5-7) اعتنى بها الله، و كان منتظراً ثمراً لمجده، لكن للأسف هذه الكرمة صنعت عنباً رديئاً، إذ بدل العدل وجد الظلم و نزع الحق. و هكذا رفض الله تلك الكرمة الأرضية التي لم تعد شاهدة لمجده، و أتى الرب يسوع المسيح على الأرض ليكون هو وحده الكرمة الحقيقية الذي يشهد و يثمر لله، إذ قال في صلاته للآب” أنا مجدتك على الأرض، العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته” (يوحنا 4:17).

 

و تذكر كلمة (الحقيقي) أيضا عن الرب في اوجه مختلفة:-
فهو النور الحقيقي (يوحنا 9:1) و ذلك بالمقابلة مع يوحنا المعمدان الذي هو السراج (يوحنا 35:5).
و هو الخبز الحقيقي (يوحنا 32:6) و ذلك بالمقابلة مع المن الذي أكله الآباء في البرية و ماتوا.

و عندما شبه الرب نفسه بالكرمة، فالأغصان في هذه الكرمة هم المؤمنون و هم جزء منه، و هنا نجد صورة للوحدة الرائعة و الاتصال المستمر بين الرب و المؤمنين، و أيضا وحدة المؤمنين معاً، لأن كل الأغصان تستمد نفس العصارة من الكرمة الواحدة، لذلك يحدث انسجام تام بين المؤمنين إذا كانوا في شركة قوية مع الرب.

و أيضا نجد الامتياز و المسؤولية، فامتياز المؤمنين انهم أغصان في الكرمة أي يشاركون ذات طبيعة و حياة المسيح فيهم، أما المسؤولية فهي الثبات في المسيح للإتيان بالثمر فيقول الرب “الذي يثبت فيّ و أنا فيه هذا يأتي بثمر كثير. لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً”. و نتيجة لثبات الغصن في الكرمة فإنه يتمتع بدسم و عصارة الكرمة فيظهر الثمر، و هكذا المؤمن يجب أن يثبت في المسيح ” اثبتوا فيّ ” أي المشغولية به و الوجود في الشركة المستمرة معه، و ذلك بقراءة كلمة الله و الصلاة و الشركة مع المؤمنين و بذلك يمكنه أن يعمل ما يُسر قلب الله. و الثمر هو ظهور صفات المسيح فينا.

أخي .. أختي .. هل تعلم لماذا أوجدك الله على الأرض؟ هل لكي تأكل و تشرب و غداً تموت؟ كلا… بل لقد أوجدك لكي تثمر ثمراً كثيراً به يتمجد الآب و به تـُظهر انك تلميذ للمسيح.
قال الرب يسوع له كل المجد : أنا الكرمة الحقيقية ( إنجيل يوحنا 1:15 )

 

مسيحيات

لماذا يحفظ المسيحيون يوم الأحد؟

إن يوم السبت كان يوم العبادة والراحة في العهد القديم، أي قبل مجيء المسيح، وقبل أن يبدأ المسيحيون بحفظ يوم الأحد للراحة والعبادة. أما لماذا كان يوم السبت يُعتبر يوم الراحة واليوم المخصص للعبادة في العهد القديم، فذلك لأن كلمة “سبت” بحدّ ذاتها كلمة عبرية معناها “راحة”، أو توقّف أو عدم متابعة، ويذكر الكتاب المقدس في سفر التكوين الأصحاح الثاني أنه بعدما خلق الله العالم استراح في اليوم السابع فيقول: “وفرغ الله في اليوم السابع من العمل الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدّسه، لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً” (تكوين 2:2-3). نلاحظ هنا أن الكتاب المقدس ذكر كلمة اليوم السابع الذي استراح فيه الله من العمل، ولم يذكر كلمة سبت أو السبت، فكيف وردت كلمة السبت في الكتاب المقدس وخاصة في الوصايا بخصوص حفظ السبت؟

في الواقع أن كلمة “سبت” وردت في الكتاب المقدس لأول مرة في سفر الخروج عندما قال موسى لشعب بني إسرائيل: “غداً عطلة سب مقدس للرب” (خروج 16 :23). مذكّراً الشعب اليهودي بأن السبت مقدس. وقد وردت هذه العبارة قبل إعطاء الشريعة لموسى. ثم أن حفظ السبت كان ضمن إحدى الوصايا، وبالتحديد في الوصية التي تقول: “اذكر يوم السبت لتقدسه، ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك، وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك.. لذلك بارك الرب يوم السبت وقدّسه” (خروج8:20 –11). وهناك مراجع أخرى في العهد القديم من الكتاب المقدس تشير إلى حفظ السبت منها ما يلي: “وكلّم الرب موسى قائلاً: وأنت تكلِّم بني إسرائيل قائلاً: سبوتي تحفظونها لأنه علامة بيني وبينكم في أجيالكم.. فيحفظ بنو إسرائيل السبت، ليصنعوا السبت في أجيالهم عهداً أبدياً هو بيني وبين بني إسرائيل علامة إلى الأبد” (خروج 31 :12 -17). وأيضاً قول الرب لموسى: “كلِّم بني إسرائيل وقل لهم: مواسم الرب التي فيها تنادون محافل مقدسة هذه هي مواسمي، ستة أيام يعمل عمل وأما اليوم السابع ففيه سبت عطلة محفل مقدس” (لاويين 23 :1-3). وغيرها من الآيات التي تشير إلى ضرورة حفظ يوم السبت في العهد القديم. لماذا لم يُعِر المسيحيين الاهتمام الكافي ليوم السبت كما يفعل اليهود بالرغم من وجود الكثير من الآيات التي تشير إليه؟ – إن تغيير يوم السبت كيوم للراحة والعبادة إلى يوم الأحد عند المسيحيين له أسباب عدّة منها: أولاً: إن يوم السبت هو يوم راحة لأنه اليوم السابع الذي استراح الله فيه بعد أن خلق العالم، وقد ورد ذكره في الكتاب المقدس حتى قبل نزول الشريعة على موسى فيوم السبت هو يوم للراحة وليس له صورة الفريضة الشرعية.

ثانياً: إن حفظ السبت كفريضة شرعية هو علامة بين شعب بني إسرائيل وبين إلههم في العهد القديم ولا علاقة للمسيحيين في العهد الجديد به إلا من ناحية كونه يرمز إلى الراحة العظمى، التي أعدّها الله بالمسيح يسوع. ثالثاً: إن حفظ السبت بالنسبة لليهود هو جزء من الناموس الموسوي، ومن حفظ السبت ملزم بهذا الناموس كله. فقد كتب الرسول يعقوب: “لأن من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مُجرماً في الكل” (يعقوب 2 :10). فحافظ السبت يصبح متعدّياً على الشريعة الموسوية إن لم يُختتن ويقدّم الذبائح والمحرقات، ويمارس المحافل والأعياد، ويتقيّد بكل ما يتعلق بها من أطعمة وأشربة، واغتسال وتطهير وفرائض منسوبه ، وكل ما هنالك من تقاليد تتطلبها الشريعة. وهذا طبعاً يعني العزوف عن اعتبار ذبيحة المسيح أنها أُكملت إلى الأبد. رابعاً: إن حفظ الناموس لا يقرّب الإنسان من الله، وهدف الناموس أن يظهر قداسة الله وعجز الإنسان وحاجته إلى مخلص. وإن كلمة الله الواردة في الكتاب المقدس تؤكّد لنا عدم جدوى محاولة الإنسان الخلاص من الخطية والحصول على البر بواسطة أعمال الناموس، إذ أن المؤمن يتبرر بالإيمان بالمسيح المخلص والسير حسب تعاليمه وليس بحفظ ناموس العهد القديم (غلاطية 3 :24 و5 :4 ). وأن حفظ الإنسان المسيحي المؤمن ليوم السبت كجزء من الناموس، هو اعتراف ضمني بعدم كفاية المسيح للقيام بعمل الفداء (عبرانيين 10 :14)، لأنه بمجيء المسيح موته وفدائه تحرر الإنسان من الناموس

 

مسيحيات

الذبائح في العهد الجديد

أولاً : الفكرة الأساسية في أسفار العهد الجديد هي أن ذبيحة المسيح على الصليب هي الذبيحة النهائية الكاملة للتكفير عن خطية الإنسان وخلاصه، فالذبائح جميعها لم تكن إلا رموزاً لذبيحة المسيح، فلم يكن الناموس بكل ذبائحه وفرائضه وأحكامه بقادر أن يحيي”، بل كان الناموس “مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان(غل21:3و24). “لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا… نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة. وكل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويقدم مراراً كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة أن تنزع الخطية، أما هذا فبعد ما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله… لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين” (عب 4:10 14)، ومن ثم فقد أبطلت ذبيحة المسيح كل الذبائح. وقد تعددت الذبائح في العهد القديم لأن ذبيحة واحدة لم تكن بكافية للتعبير عن الجوانب المختلفة لذبيحة المسيح.

وجميع أسفار العهد الجديد (ما عدا يعقوب ويهوذا) تشير إلى موت المسيح كالذبيحة الكاملة عن الخطية، وقد أشار المسيح نفسه ثم الرسل إلى ذلك، فإليه ترمز:

(1) ذبيحة العهد (مرقس 24:14، مت 28:26، لو20:22، عب 15:9-22).

(2) المحرقة (أف 2:5، عب 4:10-9).

(3) ذبيحة الخطية (رو 3:8، 2 كو21:5، عب 11:13،1بط 18:3).

(4) خروف الفصح (1 كو7:5، انظر أيضاً يوحنا 29:1 و36).

(5) ذبيحة يوم الكفارة (عب 17:2، 12:9-14).

 

ثانياً: علاقة ذبيحة المسيح بخلاص الإنسان: هناك نتائج هامة لموت المسيح الكفاري:

(1) الفداء أو الخلاص من لعنة الخطية: وهو ما تضمنته كلمات الرب يسوع: “لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأت ليُخدم بل ليَخدُم وليبذل نفسه فدية كثيرين” (مرقس 45:10، مت 28:20)، فالإنسان عبد للخطية، وقد أرسل الله الآب ابنه ليدفع الفدية ليخلصنا من العبودية، وكان موته هو الثمن الذي دفعه لتحريرنا. ويؤكد الرسول بولس ذلك بالقول:”متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه” (رو24:3و25). فالرسول يبني التبرير على أساس الفداء، والفداء بالدم. أي أن موت المسيح هو الذي تمم الفداء، والفداء أتى لنا بالتبرير. كما يقول أيضاً في غلاطية (13:3) إن “المسيح افتدانا من لعنة الناموس”، لأن الناموس وضع الإنسان تحت اللعنة لأنه لم يستطع أن يحفظه،فاللعنة هي نتيجة الناموس المكسور، والتي يجب على الخاطئ أن يتحملها، وقد حمل المسيح هذه اللعنة نيابة عنا (انظر أيضاً غل 5:4). كما يقول أيضاً:”الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا” (أف 7:1، كو14:1)، “لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع” (1تي 6:2). ويؤكد كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن المسيح “بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبدياً” (عب 12:9)، ويقول الرسول يوحنا:”الذي أحبنا وقد غسلنا (أو حررنا) من خطايانا بدمه” (رؤ 5:1).ويقول الرسول بطرس: “عالمين أنكم افتديتم… بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح” (1بط 18:1و19)،فذبيحة المسيح هي أساس الفداء.

(2)المصالحة: تتضمن المصالحة وجود طرفين. لقد حدث انفصال بين الإنسان والله، والمصالحة هي استعادة العلاقة بين الطرفين، “لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه” (رو10:5)، وهكذا يؤكد الرسول بولس أن موت المسيح هو أساس المصالحة (انظر أف 13:2و14و18، 10:1).كما يعلمنا الرسول يوحنا أن المسيح هو شفيعنا الذي يصالحنا مع الله (1يو 1:2و2).

(3)غفران الخطايا: المصالحة تعني الغفران، غفران الله للإنسان الخاطئ. وأساس الغفران هو دم المسيح، أي موت المسيح على الصليب. ويقول الرب نفسه: “لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا” (مت 28:26). ويربط الرسول بولس تماماً بين غفران الله للإنسان وذبيحة المسيح (رو21:3 21:5 وبخاصة 7:4، أف 7:1، كو 14:1)، وكذلك الرسول يوحنا (1يو 7:1 9).

(4)محو الذنب: تتضمن المصالحة والغفران محو الذنب، فيختم الرسول بولس كلامه عن شمول الخطية لكل البشر، بتأكيده:”لكي يستد كل فم ويصير كل العالم تحت قصاص من الله(رو19:3)، ولكنه يقول أيضاً: “إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع… فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية (أي ليقدم نفسه ذبيحة عن الخطية) دان الخطية في الجسد” (رو1:8و3)، فالذنب الذي جعل الإنسان عرضة لغضب الله، ومن ثم لدينونته، قد انمحى بموت المسيح إذ “محا الصك الذي علينا… الذي كان ضداً لنا وقد رفعه من الوسط مسمراً إياه بالصليب” (كو14:2).

(5) التبرير: أو الوضع الصحيح من نحو الله. فغفران الخطايا ومحو الذنب هما الجانب السلبي من القضية. أما وضعنا في الوضع الصحيح من نحو الله،أي وضع القبول أمامه، فهو الجانب الإيجابي “لأنه جعل الذي لا يعرف خطية، خطية (أو ذبيحة خطية) لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه” (2كو 21:5)، فكأن تبريرنا كان هو القصد الإلهي من موت المسيح الكفاري وقيامته: “لأنه أسلم من أجل خطايانا وأقيم من لأجل تبريرنا” (رو 25:4).

(6) التطهير أو التقديس: نتعلم من الأصحاحات السادس والسابع والثامن من الرسالة إلى رومية، أن التقديس هو نتيجة منطقية للتبرير الذي تحقق بموت المسيح. ويؤكد لنا الرسول أيضًا في الرسالة إلى فيلبي، أن موت المسيح وقيامته هما القوة الفعَّالة في تغيير الحياة:”لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته، لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات” (في 10:3و11)، كما يستخدم كاتب الرسالة إلى العبرانيين صور التطهير في العهد القديم رموزاً لعملية محو الخطايا، من الكفارة إلى التقديس، فدم المسيح، أي موته، هو وسيلة التطهير (عب 3:1، 14:9 23، 2:10)، كما يؤكد الرسول يوحنا ذلك أيضاً إذ يقول:”دم يسوع المسيح ابنه (ابن الله) يطهرنا من كل خطية” (1 يو7:1، انظر أيضاً رؤ 14:7).

(7) البنوية: يرجع أيضاً الرسول بولس ببنوية المؤمن لله، إلى موت المسيح الكفاري، فيقول: “أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب. الروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله” (رو 15:8و16و19)، كما يقول:”أرسل الله ابنه… ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني. ثم بما أنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب. إذا لست بعد عبداً بل ابناً…” (غل 4:4 7).

وهكذا نرى عملية الخلاص ابتداء من الفداء والمصالحة مع الله إلى تبني الخاطئ المخلَّص ليكون واحداً من أهل بيت الله (أف19:2) ترجع كلها إلى موت المسيح الكفاري. وكما يقول “هولتزمان” (E.Holtzmann) :” إن على موت المسيح يرتكز كل عمل الخلاص“.

 

ثالثاً : أساس كفاية ذبيحة المسيح:

(أ) أكد المسيح أنه جاء طوعاً، “ليبذل نفسه فدية عن كثيرين” (مت 28:20، مرقس 45:10)، فلم يجبره أحد ولا الآب على أن يبذل نفسه، فقد قال:”أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل” (يو 11:10)، “لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً. ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها أيضاً” (يو 17:10و18).

(ب) ويؤكد لنا الرسول بولس أن المسيح قد أسلم نفسه طوعاً:”ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه من أجلي” (غل 20:2)، فالذي أسلم نفسه هو “ابن الله” مما يسمو إلى أبعد حد بقيمة الذبيحة، وقد تبرهن ذلك بقيامته من الأموات (رو4:1)، فهو لم يكن مجرد إنسان بل الابن الكامل القدوس”، وبموته وقيامته ضمن “تبريرنا” (رو25:4، 1كو 3:15و4و17). كما يؤكد لنا أيضاً أن الذي مات وقام “لم يعرف خطية” (2كو 21:5).

(ج) أما كاتب الرسالة إلى العبرانيين، فيوضح أسس كفاية ذبيحة المسيح:

(1) إنها لم تكن ذبيحة حيوانية، بل”بدم نفسه” (عب 12:9 14و26، 4:10و12).

(2) إنها ذبيحة “ابن الله” (عب 5:3) الذي هو “بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته” (عب 3:1).

(3) الذي بذل نفسه هو ملك وكاهن على رتبة ملكي صادق ملك ساليم (عب 20:6، 1:7).

(4) وهو قدوس بلا شر ولا دنس” (عب26:7و27، 14:9، 10:10و12 ).

(5) وهو السرمدي، الأزلي الأبدي، بحسب قوة حياة لا تزول… إلى الأبد” (عب 20:6، 16:7و17).

(6) كما يبلغ كاتب الرسالة إلى العبرانيين الذروة في بيان كفاية ذبيحة المسيح، عندما يتكلم عنه داخلاً إلى قدس الأقداس السماوية، إلى حضرة الله بعد أن أكمل عمل الفداء (عب1:8و2، 11:9و12و24).

(د) يؤكد كل من الرسولين بطرس ويوحنا عظمة المسيح ومجده (1بط 19:1، 22:2و23، يو1:1 4، 1يو 7:1، 2:2).

 

رابعاً: كيف يستفيد منها البشر:

(1) ذبيحة المسيح هي للجميع، فقد مات المسيح عن كل العالم: “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يو16:3). وقد أمر الرب تلاميذه أن يكرزوا بالإنجيل “لجميع الأمم” (مت19:28، لو47:24)، و”للعالم أجمع… والخليقة كلها” (مر15:16، انظر أيضاً رومية 5:1، 18:5، 32:11، 2كو 14:5و15، غل14:3). ويقول كاتب الرسالة للعبرانيين:”لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد” (عب9:2)، كما يقول يوحنا الرسول: “وهو كفارة لخطايانابل لخطايا كل العالم أيضاً” (1يو 2:2).

(2) يجب أن يقرر كل فرد موقفه منها: إن دم المسيح هو العلاج الوحيد الناجح الكافي لجميع الخطاة، ولكن على كل إنسان أن يطبقه على نفسه وذلك بالتوبة والإيمان والطاعة:

(أ) التوبة: لقد نادى يوحنا المعمدان والرب يسوع نفسه بضرورة التوبة للدخول إلى الملكوت (مت 2:3، 17:4، مرقس15:1). كما كرز الرسول بطرس بالتوبة في يوم الخمسين وما بعده (أع 28:2، 19:3… الخ). كما نادى الرسول بولس بالتوبة إلى الله والإيمان بربنا يسوع المسيح (أع 21:20، رو 4:2… الخ).

(ب) الإيمان: لقد جمع الرب يسوع بين التوبة والإيمان: “توبوا وآمنوا بالإنجيل(مرقس15:1). كما أن الرسول بولس يجعل الإيمان الوسيلة الجامعة المانعة لنوال الخلاص، فالإنجيل هو “قوة الله للخلاص لكل من يؤمن” (رو16:1). ويقول عن المسيح:”الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه” (رو25:3)، وأن كل من “يؤمن بالذي يبرر الفاجر فإيمانه يحسب له براً” (رو5:4)، “إذ قد تبررنا بالإيمان” (رو1:5). ويؤكد نفس الشيء في رسالته إلى غلاطية كما في سائر رسائله، فالإيمان هو الشرط الوحيد لنوال الخلاص، ليس الإيمان التاريخي أو العقلي، بل الإيمان القلبي “لأن القلب يؤمن به للبر”(رو 10:10)، الإيمان هو أن يسلم الإنسان نفسه تماماً للمسيح مخلصاً و ربَّاً (2كو 15:5). كما يؤكد كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن الإيمان هو القوة الغالبة وطريق الدخول للراحة والشركة (عب 3، 4). كما يؤكد الرسولان بطرس ويوحنا أن الإيمان هو وسيلة لنوال الخلاص والتمتع بسائر بركات موت المسيح (1بط 8:1 و9، 1يو23:3، 15:4و16، 1:5و5… الخ).

(ج) الطاعة في خدمة مضحية: فقد قال الرب يسوع:”من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني” (مرقس34:8، انظر أيضاً مت 38:10، 24:16، لو23:9)، وهو يضع هنا شرطين للتلمذة: إنكار الذات وحمل الصليب. وإنكار الذات معناه أن لا تكون الذات هي مركز الفكر والإيمان والرجاء والحياة. أما حمل الصليب فمعناه حياة التضحية. وكان الرب يسوع يؤكد على هذا المعنى في قوله: “لأن ابن الإنسان لم يأتي ليخدَم بل ليخدُم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين” (مرقس45:10، مت28:20). ويؤكد الرسول بولس هذه المسئولية من جانب الإنسان، بقوله إن ما ينفع إنما هو “الإيمان العامل بالمحبة” (غل 6:5). كما يؤكد ذلك كاتب الرسالة إلى العبرانيين:”صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي” (عب 9:5). إن الخلاص في لحظة حقيقة من جانب الله، ولكنه عملية مستمرة في حياة الإنسان، حياة الطاعة والخدمة حيث يظهر التطبيق العملي لقوة ذبيحة المسيح.

وحيث أن ذبيحة المسيح هي للجميع، أصبح من الواجب على المؤمنين أن يكرزوا بالإنجيل للجميع تنفيذاً لوصية الرب:”اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها” (مرقس 15:16).

 

خامساًالخلاصة: وهي أن:

(1) الرب يسوع المسيح وكتبة أسفار العهد الجديد يعتبرون أن ذبائح العهد القديم كانت مجرد رموز للذبيحة العظمى الوحيدة التي قدمها الرب يسوع بموته على صليب العار.

(2)إن ذبيحة المسيح هي الذبيحة الواحدة الوحيدة التي تكفر عن خطايا العالم.

(3) إن ذبيحة المسيح هي الوسيلة الوحيدة لخلاص الإنسان.

(4) إن الإنسان صار تحت لعنة الله وغضبه، وأن ذبيحة المسيح هي الوسيلة الوحيدة لمصالحة الإنسان مع الله الذي أظهر بره في إدانة الخطية على الصليب، كما أظهر محبته ونعمته في خلاص الخاطئ.

(5) إن كفاية ذبيحة المسيح تقوم على أساس أنه ابن الله الأزلي، وملك الدهور الأبدي، وأنه الطاهر القدوس الذي بلا عيب ولا شر ولا دنس، لم يعرف خطية ولم تكن فيه خطية.

(6) للاستفادة من ذبيحة المسيح، تلزم التوبة والإيمان الذي يظهر ويثمر طاعة وحياة مضحية.

(7) إن موت المسيح هو السبب والدافع والقوة العاملة في حياة المؤمن للتضحية، كما أن المسيح هو المثال الكامل الذي يجب أن نتمثل به.

 

st-takla

هل أكل لحم الخنزير محرم في المسيحية؟

هل يحلّل المسيحيون أكل لحم الخنـزير، مع العلم أن الخنـزير من الحيوانات النجسة ولحمه مضرّ بالصحة، ويُقال أنه يسبب الأمراض؟

– للإجابة على هذا السؤال، تجدر الإشارة أولاً إلى أن الخنـزير كان يعتبر من الحيوانات النجسة في العهد القديم، أي في الفترة التي سبقت مجيء المسيح، وكان أكله محرماً من قِبَل اليهود كما أن الجمل والوبر (وهو حيوان يشبه الأرنب البرّي) والأرنب أيضاً، كانت تُعتبر من الحيوانات النجسة المحرّم أكلها بالنسبة للناس في العهد القديم. وكانت هذه الحيوانات، أي الخنـزير والجمل والأرنب والوبر، تُعتبر مع عدد من الطيور والأسماك نجسة لا يجوز أكلها، ولا يجوز لمس جثثها، لأن الذي يلمسها يتنجس. وقد ورد ذلك ضمن شريعة العهد القديم. التي كانت تحلّل أكل بعض اللحوم، وتحرّم البعض الآخر. فقد ورد في سفر التثنية أسماء الحيوانات النجسة وغير النجسة. وهي كما يلي: “لا تأكل رجساً ما. هذه هي البهائم التي تأكلونها. البقر والضأن والمعز والإبل والطبي واليحمور والوعل والرئم والثيتل والمهاة. وكل بهيمة من البهائم تشق ظلفاً وتقسمه ظلفين وتجترّ فإياها تأكلون إلا هذه فلا تأكلوها مما يجترّ ومما يشق الظلف المنقسم. الجمل والأرنب والوبر لأنها تجترّ لكنها لا تشق ظلفاً فهي نجسة لكم والخنـزير لأنه يشق الظلف لكنه لا يجتر فهو نجس لكم. فمن لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا. وهذا تأكلونه من كل ما في المياه. كل ما له زعانف وحرشف تأكلونه. لكن كل ما ليس له زعانف وحرشف لا تأكلوه. إنه نجس لكم.

كل طير طاهر تأكلون. وهذا ما لا تأكلون منه. النسر والانوق والعقاب والحدأة والباشق والشاهين على أجناسه وكل غراب على أجناسه والنعامة والظليم والسأم والباز على أجناسه والبوم والكركي والبجع والقوق والرخم والغواص واللقلق والببغا على أجناسه والهدهد والخفاش. ولك دبيب الطير نجس لكم لا يؤكل كل طير طاهر تأكلون” (تثنية 3:14-20).

والمعروف أن شريعة العهد القديم كانت تقيّد الناس بقوانين معينة وتفرض عليهم شرائع مختلفة، لها علاقة بالأكل والشرب واللبس والتعامل في الحياة اليومية والأعياد. وقد ظل الناس في العهد القديم يمارسون تلك العادات ويأكلون المحلّلات، ويمتنعون عن المحرّمات إلى مجيء المسيح، الذي أبطل هذه العادات، وحلّل الناس أن يأكلوا ما يشاؤون.

وبعد مجيء المسيح:

بدأ الناس أكل لحم الخنـزير بعد مجيء المسيح، لأن المسيح لم يربط إيمان الإنسان بما يأكله من لحوم أو غيرها. وبما أن المسيح جاء لحررنا من الناموس ومن قيود العهد القديم، فإنه لم يحلل أو يحرّم أي نوع من اللحوم باعتبار أن كل إنسان يأكل ما يطيب له، ولا يأكل ما لا يستطيع أكله، وباعتبار أن “ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجّس الإنسان” (متى 11:15). أي الشتائم والتجديف والكلام البطّال والكذب والخداع الخ. وعلى هذا الأساس يستطيع المسيحي أن يأكل ما يطيب له من اللحوم، لأن المجاسة ليست بالأكل والشرب، بل بعمل الخطية وعدم إطاعة شريعة الله، وأيضاً “ما طهّره لا تدنّسه أنت” (أعمال 15:10).

هل يسبب لحم الخنـزير بعض الأمراض؟

صحيح أن جميع أنواع اللحوم تسبب الأمراض ومضرّة بالصحة إن لم تُطبخ جيداً، ويمكن القول إن لحم الخنـزير يتأثر بالبكتريا، أي الجراثيم أسرع من غيره، فإنه يعطب قبل غيره من اللحوم. فإذا لم يحفظ جيداً أو يضوع في الثلاجة فإنه يعطب أسرع من غيره من اللحوم. وعندها فإن تناوله يضرّ الصحة، وقد يسبب أحياناً بعض الأمراض الخطيرة. ولكن إذا حُفظ الخنـزير وطُبح جيداً، فلا يسبب الأمراض أو يضرّ باصحة مطلقاً، وجليل على ذلك أن معظم الدول الراقية التي تحافظ على صحة مواطنيها تأكل لحم الخنـزير بكثرة، فلو كان لحم الخنـزير يسبب الأمراض ويضرّ بالصحة العامة، لما سمح بذبحه وبيع لحمه هذا طبعاً إذا لم تكن الخنازير مصابة أصلاً بأمراض معيّنة قبل ذبحها، والمعروف أن أحد الأمراض الشائقة التي يسببها لحم الخنـزير المريض “هو التريشينويز” الذي يؤثر على الجهاز العصبي عند الإنسان، وقد تكون الإصابة به خطيرة إن لم يعالج جيداً. على كل حال، هناك عدد من الناس لا يأكلون لحم الخنـزير والأرنب والجمل، ليس لأنه لحم نجس، ولكن لأن أكلهذه اللحوم لا يروق لهم. كما أن هناك من يحرّم أكل لحم الخنـزير لأسباب شخصية أو دينية ونحن تحترم رأيهم. أما تعاليم الدين المسيحي بهذا الخصوص تشير إلى أن “ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم ينجّس الإنسان” (متى 11:15).

 

arabicbible.com

قوة الصوم

قوة الصوم

 الصوم هو الأداة الفعالة التي تمكّننا من نتجاوز الكثير من الظروف. وفيها بركاتٌ هائلة لصحتك ولنموّك الروحي في المسيح.

لماذا علينا أن نصوم

هل توجد في حياتك جبالٌ ترغب أن تزيحها؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل في حياتك عماليق ترغب أن تهزمها؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل أنت بحاجة للتقدم في حياتك؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل أنت بحاجة للتجديد؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل أنت بحاجة إلى الشفاء؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل أنت بحاجة إلى معجزة؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل أنت بحاجة إلى شفاءٍ داخلي؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل أنت بحاجة إلى التحرير؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل أنت بحاجة إلى المصالحة؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل ترغب بأن ترى أحباءك يخلصون؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل أنت بحاجة إلى إرشادٍ من الروح القدس؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل تريد أن يزيد يسوع وأنت تنقص؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل أنت ترغب بنهضة في حياتك؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل أنت بحاجة أن تسمع صوت الله؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل تمرّ في محنة؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل تواجه تحديات أو مقاومة أو اضطهاد؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل لديك حلمٌ كبير أو رؤية ترغب بتحقيقها؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل تحتاج إلى مؤازرة؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل لديك أعداء كثيرون؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل يوجد حصون في حياتك؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل تشعر بأنّك عالقٌ في مكانٍ ما حياتك أو في عملك؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل تواجه مشاكل زوجية؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل تتوق أن ترى بلدك وهي تصبح تحت سلطان المسيح؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل تتوق أن ترى نهضة كبيرة في الكنيسة؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل ترغب بالوصول إلى مستوى أعمق في علاقتك مع الله؟ ابدأ بالصوم والصلاة

هل ترغب بالمزيد من الاتقاد بنار الروح القدس؟ ابدأ بالصوم والصلاة

 

 

أنت بحاجة إلى هذا! صوم الأربعين يومًا!

 إنّ الصوم ليس ممارسةً سهلة، كما أنّه ومع الأسف لم يعد شائعًا في العالم المسيحي اليوم. لقد صام يسوع لمدة أربعين يومًا، الأمر الذي يجب أن يبيّن لنا ضرورة الصوم، ويظهر لنا نموذج الرب يسوع الذي يجب أن نتبعه. سأقدّم بعض النصائح القيمة وبعض التشجيع على رجاء أن تغيّر هذه النصائح نظرتك تجاه الصوم ومدى أهميته بالنسبة لك وتساعدك في أن تُدخل الصوم إلى نمط حياتك بشكلٍ أسهل.

من الضروري أن تتذكر أن الصوم هو تضحية. وهذا يعني أنّه لن يكون سهلًا. فمن خلاله تميت شهوة جسدك وتخبر الله بأنّك تحبه أكثر من الطعام. ويمكننا أن نفرح رغم ذلك، لأنّ لدى الصوم قوّة تكسر القيود باسم يسوع. إنّ الرب يذلّل الجبال أمامك عندما تخضع له وتذلّل نفسك جسديًا أمامه. فهو سيكون قوتك. المرة تلو الأخرى، نرى الكثير من الشهادات عن الشفاء والتحرير كنتائج للصوم. ويمكنك أن تكون أنت شهادةً ايضًا!

نحن نؤمن بوجود ثلاثة أنواع رئيسية للصوم بحسب الكتاب المقدس. وقد أضفنا الآيات الكتابية التي تدعم هذا وتتضمن نوعًا رابعًا من الصوم ليعكس وقتنا الحاضر. يمكنك المتابعة معنا واختيار أيّ الأنواع الذي قد ينجح معك بشكل أفضل في هذا الوقت.

1) الصوم (الانقطاع) بشكل كامل: قد يستخدم هذا الصوم في المواقف الطارئة. ويمنح هذا الصوم نجاةً سواء في حالات الحياة أو الموت. إذا كان هناك مأزقٌ كبير أو بلدٌ أو مجموعة تواجه موقفًا صعبًا، فيمكن أن يُعايَن الكثير من الازدهار والانتعاش بفضل الصوم الكامل. كما يمكنك أيضًا أن تصوم على هذا النحو بصورة فردية أو جماعية.

 يتضمّن هذا الصوم انقطاعًا تامًا عن الطعام والماء لمدة ثلاثة أيام. ونرى هذا النوع من الصوم في سفر إستير. حيث طلبت الملكة إستير من شعب إسرائيل بأكمله أن يصوموا من أجل خلاصهم. أنا شخصيًا لم أجرّب الصوم بدون ماء لأكثر من يومٍ واحد. لذا فأقترح عليك ألّا تحرم جسدك من الماء دون استشارة طبيبك ودون طلب مشورة الروح القدس بشكل أساسي. من المدهش كم من الوقت يمكن للجسم البشري أن يحتمل دون طعام، ولكن ليس دون ماء. وعلى أية حال، إذا كان الله يدعوك إلى هذا النوع من الصيام، فاتبع توجيهاته بالدرجة الأولى دائمًا.

كما هو واضحٌ أدناه في الآيات الكتابية، فإنّ الملكة إستير طلبت من شعبها أن يصوموا لثلاثة أيام دون طعام أو شراب. وايضًا صوم أهل نينوى في سفر يونان كان على النحو ذاته.

إستير 4: 16

“اذْهَبِ اجْمَعْ جَمِيعَ الْيَهُودِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ وَصُومُوا مِنْ جِهَتِي وَلاَ تَأْكُلُوا وَلاَ تَشْرَبُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْلاً وَنَهَارًا. وَأَنَا أَيْضًا وَجَوَارِيَّ نَصُومُ كَذلِكَ. وَهكَذَا أَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ خِلاَفَ السُّنَّةِ. فَإِذَا هَلَكْتُ، هَلَكْتُ”.‏

يونان 3: 6-10

وَبَلَغَ الأَمْرُ مَلِكَ نِينَوَى، فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ، وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ عَلَى الرَّمَادِ.‏ وَنُودِيَ وَقِيلَ فِي نِينَوَى عَنْ أَمْرِ الْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ قَائِلاً: “لاَ تَذُقِ النَّاسُ وَلاَ الْبَهَائِمُ وَلاَ الْبَقَرُ وَلاَ الْغَنَمُ شَيْئًا. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً. ‏وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ، وَيَصْرُخُوا إِلَى اللهِ بِشِدَّةٍ، وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ وَعَنِ الظُّلْمِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ، ‏لَعَلَّ اللهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجعُ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ”. ‏فَلَمَّا رَأَى اللهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ، نَدِمَ اللهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ، فَلَمْ يَصْنَعْهُ.‏

2) الصوم الخارق (المعجزي): وهو صومٌ وفق تكليف. فمن المعروف أن هذا النوع من الصوم يمارس بهدف تعيين أو تكليف لخدمة عليا أو مهمّة إلهية. وهذا الصوم أيضًا يتضمّن انقطاعًا عن الماء والطعام، كما هو الصوم الكامل، غير أنّ هذا الصوم هو لمدّة 40 يومًا. صام موسى مرّتين لمدّة أربعين يومًا دون طعامٍ أو ماء. عندما أحضر تابوت العهد، وعندما أحضر الوصايا العشر إلى الإسرائيليين. وهذه كانت الشريعة الأولى التي أعطيت للجنس البشري والتي كُتبت بيد الله نفسه.

وأيضًا، نرى أنّ يسوع قد صام أربعين يومًا في البرية. قبل أن تبدأ خدمته الأرضية. يمكك أن ترى في كلا الحالتين، أنّ هناك مسؤولية ومهمّة روحية ضخمة قبل كلّ صوم. أتمنى لو أنّ كلّ راعٍ يصوم هذا الصوم قبل رسامته وتعيينه لخدمة الرعاية. أنا أعرف أنّ هناك بعض الناس ممّن يمارسون هذا الصوم مع الماء، لذلك، أنصحك باستشارة طبيبك قبل أن تقرر البدء بصوم الأربعين يومًا أو أي صوم. ولكن طاعة الله فوق كلّ شيء.

خروج 34: 28

وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الرَّبِّ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، لَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا وَلَمْ يَشْرَبْ مَاءً. فَكَتَبَ عَلَى اللَّوْحَيْنِ كَلِمَاتِ الْعَهْدِ، الْكَلِمَاتِ الْعَشَرَ.‏

3) صوم دانيال: وهو الامتناع عن بعض الأطعمة لفترة من الزمن كالأطعمة الفاخرة. أو يمكن أن يكون هذا الصوم فقط عن العصائر أو السوائل السكرية. لقد صام دانيال لمدة 21 يومًا متناولًا الخضار. لم يتناول أي نوع من السكريات أو العصائر أو القهوة أو الحلويات! اختيار الأطعمة لا يعني ألّا تتناول أي طعامٍ لذيذ. يمكنك أن تأكل البقول ولكن ليس بإفراط. الغاية من هذا الصوم هي تأديب النفس وعلى هذا النحو يتم الحدّ من التساهل مع الذات. وهذا الصوم يتضمن تجنّب المطاعم الفاخرة. وينبغي عليك أن تتوخى الحذر في هذا النوع من الصوم فهناك الكثير من الناس يتناولون كمياتٍ كبيرة من الحبوب والخضار الغنية بالبروتينات والسكّريات عالية. تذكّر أنّه لا يمكنك خداع الله. يجب أن تقدّم صومك كذبيحة تضحية.

دانيال 10: 2-7

فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَا دَانِيآلَ كُنْتُ نَائِحًا ثَلاَثَةَ أَسَابِيعِ أَيَّامٍ‏ لَمْ آكُلْ طَعَامًا شَهِيًّا وَلَمْ يَدْخُلْ فِي فَمِي لَحْمٌ وَلاَ خَمْرٌ، وَلَمْ أَدَّهِنْ حَتَّى تَمَّتْ ثَلاَثَةُ أَسَابِيعِ أَيَّامٍ. ‏وَفِي الْيَوْمِ الرَّابعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ، إِذْ كُنْتُ عَلَى جَانِبِ النَّهْرِ الْعَظِيمِ هُوَ دِجْلَةُ،‏رَفَعْتُ وَنَظَرْتُ فَإِذَا بِرَجُل لاَبِسٍ كَتَّانًا، وَحَقْوَاهُ مُتَنَطِّقَانِ بِذَهَبِ أُوفَازَ،‏وَجِسْمُهُ كَالزَّبَرْجَدِ، وَوَجْهُهُ كَمَنْظَرِ الْبَرْقِ، وَعَيْنَاهُ كَمِصْبَاحَيْ نَارٍ، وَذِرَاعَاهُ وَرِجْلاَهُ كَعَيْنِ النُّحَاسِ الْمَصْقُولِ، وَصَوْتُ كَلاَمِهِ كَصَوْتِ جُمْهُورٍ.‏ فَرَأَيْتُ أَنَا دَانِيآلُ الرُّؤْيَا وَحْدِي، وَالرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا مَعِي لَمْ يَرَوْا الرُّؤْيَا، لكِنْ وَقَعَ عَلَيْهِمِ ارْتِعَادٌ عَظِيمٌ، فَهَرَبُوا لِيَخْتَبِئُوا.

دانيال 10: 11-12

وَقَالَ لِي: “يَا دَانِيآلُ، أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمَحْبُوبُ افْهَمِ الْكَلاَمَ الَّذِي أُكَلِّمُكَ بِهِ، وَقُمْ عَلَى مَقَامِكَ لأَنِّي الآنَ أُرْسِلْتُ إِلَيْكَ”. وَلَمَّا تَكَلَّمَ مَعِي بِهذَا الْكَلاَمِ قُمْتُ مُرْتَعِدًا.‏فَقَالَ لِي: “لاَ تَخَفْ يَا دَانِيآلُ، لأَنَّهُ مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ الَّذِي فِيهِ جَعَلْتَ قَلْبَكَ لِلْفَهْمِ وَلإِذْلاَلِ نَفْسِكَ قُدَّامَ إِلهِكَ، سُمِعَ كَلاَمُكَ، وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ.

4) الصوم عن المسلّيات: قد نسمع نحن المؤمنين إلى إرشاد الروح القدس. وقد يتكلّم الرب إلينا بصورة شخصية بخصوص أي شيء يريدنا أن نضحّي به لمدة من الزمن. ومن الممكن أن يكون هذا صومًا عن الكثير من الأمور كاحتساء القهوة أو تناول الحلويات أو مشاهدة التلفاز (وهنا أنصح كلّ من يريد أن يصوم هذا الصوم أن يقطع علاقته بالتلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية، فهذا يزيد من منافع الصوم.) الصوم عن التسوق والتواجد على الإنترنت طوال الوقت. عادةً ما أصوم يومين في الأسبوع على الأقل متناولةً وجبة واحدة في اليوم. أصوم خلال فترة الإفطار والغداء وأتناول العشاء فقط. إذا كنت ترغب بالبدء في تدريب جسدك على الصوم لفترة طويلة، فقد تكون هذه نقطة بداية أفضل لك.

 

بعض النصائح حول الصوم

 أشجعك دائمًا أن تستشير الطبيب، ولكن أن تطيع الله أولًا.

صلّي أولًا. ليس بحسب مشيئتك، بل دع مشيئة الله تتحقّق في حياتك.

اتّضع واتّخذ موقف “التسليم والخضوع”. الصوم لا يجعلنا أفضل من الشخص الذي لا يصوم. لا تسمح للتفاخر بالدين أن يتسلّل إلى حياتك. إنّ الصوم جُعل لخيرنا وهو مفيد في علاقتنا الشخصية مع الله. يعطينا الصوم نظرة جديدة عندما نتخلّى عن السعي وراء إرضاء ذواتنا والتساهل مع شهوات الجسد.

هيّئ برنامج مواعيدك لقضاء أوقات خلوة أكثر مع الرب وفترات أطول لدراسة الكتاب المقدس والتأملات. وسوف تُدهَش من النتائج الهائلة عندما تسمع صوت الله خلال فترة صومك. ومن خلال الصوم ستزول كل العوائق التي تمنعك من سماع صوت الروح القدس.

ينبغي على الصوم أن يتم بشكل سري، ولكنّني أقوم بإخبار أسرتي وأصدقائي عندما أصوم صومًا طويلًا لسببين: الأول لكي يدعموني ويصلّوا من أجلي خلال هذه الفترة. وأطلب منهم ألّا يقدّموا لي طعامًا ولا يغووني. والسبب الثاني وهو لكيلا يشعر هؤلاء المقرّبون مني بالإهانة أو الإحراج عندما أرفض دعواتهم إلى مناسباتٍ تتخلّلها موائد طعام. وأظنّ أنّه طالما أنت لا تعلن أو تتفاخر بصومك فلا مانع من طلب الدعم من المقربين لك. افحص دوافع قلبك دائمًا. ينبغي أن نذلّل أنفسنا من خلال الصوم؛ ويجب ألّا نشعر بأننا أفضل من الآخرين الذين لا يصومون.

أَسكِت كلّ الأصوات التي من شأنها أن تقف بوجه الصوم. بالنسبة لي فأنا أتخلّى عمّا يقارب 70% من مراسلاتي النصية. ولا أستطيع أن أصف لكم كم صنع هذا فرقًا في حياتي. فأصبحتُ أثمر بشكل أكبر وأمتلك المزيد من الوقت من أجل أسرتي ومن أجل الرب. وأقترح عليكم أن تفعلوا ذلك أيضًا، على الأقل عندما تصومون.

سوف يجلب عدوّ النفوس لك الكثير من المقاومة والمحاربة! من المهم أن تعلم بأنّك قد تتعرّض في البداية لحالات صداع، واضطرابات في النوم، وسوء في التنفس، وتقلّب في المزاج، وحالات من الإغماء. وقد تصبح ايضًا سريع الانفعال نتيجة لنقص السكر الكربوهيدرات في جسمك. وسوف يعرض عليك عدوّ النفوس أي شيء ليجعلك تتوقّف عن الصوم. وسوف يجرّبك بأية طريقة. كن مستعدًّا ذهنيًا لمواجهة الكثير التجارب التي ستدفعك إلى الإخلال بصومك. لقد كان إبليس ف الماضي يحاول أن يزرع في قلبي وعقلي خوفًا من أن أصابَ بنوبة قلبية خلال صيامي. تذكّر دائمًا أنّ إبليس هو أبو الكذابين، كما أسماه يسوع. أرجوك أن تستعدّ وأن تكون حذرًا جدًا منه حين يستخدم أناسًا ليؤذوا صومك.

أقترح عليك ألّا تذهب إلى أي مناسبة خاصة حيث تُقدَّم الأطعمة. لماذا؟ لأنّ الأيام الثلاثة الأولى بالتحديد هي أصعب الأيام. وبعد مرور تلك الأيام الثلاثة، عمومًا لن تتوق كثيرًا إلى الطعام. وبعد سبعة أيام ينضبط جسمك بشكلٍ عام ولن تُجرّب بسهولة.

أَسكِت محيطك، على الأقل في بداية صومك. فكلّما كنتَ متعَبًا ومجهَدًا أكثر، كلّما بحثت عن راحتك وملاذك في الطعام أكثر. لقد حدث لي هذا. فقد توقّفت عن أصوامٍ كثيرة وأنا تحت ضغوطاتٍ كبيرة. أنا أخبركم هذا لكي تدركوا أنّ هذه رحلة. نسقط أولًا وثمّ ننهض ونحاول مجدّدًا حتى تنتصر. إلهنا حنّان ورحوم!

وأيضًا، فكّر بالبدء في فتراتٍ قصيرة من الصوم لتدرّب جسدك قبل أن تدخل في صومٍ كبير كصوم الأربعين يومًا. على سبيل المثال، يمكنك أن تبدأ بصوم العصير إذا كنت لم تجرّبه من قبل (حيث تتناول عصائر صحيّة كبدائلٍ عن وجباتك المعتادة). من ثمّ، يمكن أن تدخل في صوم الماء لمدة أسبوع. وبعد ذلك اطلب من الرب أن يمنحك القوة لصومٍ أطول. شقّ طريقك صعودًا. ولكن مرّة أخرى أقول لك، إن كان الله يدعوك، فعليك أن تطيعه وهو سيحفظك ويساندك.

أثناء الصيام، لا تثرثر أو تمارس النميمة أو تدخل في شجارٍ أو قتال (علينا ألّا نفعل هذه الأشياء في طبيعة الحال). افعل الخير للآخرين، انصر المظلومين واليتامى.

إشعياء 58: 2-12

وَإِيَّايَ يَطْلُبُونَ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَيُسَرُّونَ بِمَعْرِفَةِ طُرُقِي كَأُمَّةٍ عَمِلَتْ بِرًّا، وَلَمْ تَتْرُكْ قَضَاءَ إِلهِهَا. يَسْأَلُونَنِي عَنْ أَحْكَامِ الْبِرِّ. يُسَرُّونَ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ. يَقُولُونَ: لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ، ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلاَحِظْ؟ هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً، وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ. هَا إِنَّكُمْ لِلْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ تَصُومُونَ، وَلِتَضْرِبُوا بِلَكْمَةِ الشَّرِّ. لَسْتُمْ تَصُومُونَ كَمَا الْيَوْمَ لِتَسْمِيعِ صَوْتِكُمْ فِي الْعَلاَءِ. أَمِثْلُ هذَا يَكُونُ صَوْمٌ أَخْتَارُهُ؟ يَوْمًا يُذَلِّلُ الإِنْسَانُ فِيهِ نَفْسَهُ، يُحْنِي كَالأَسَلَةِ رَأْسَهُ، وَيْفْرُشُ تَحْتَهُ مِسْحًا وَرَمَادًا. هَلْ تُسَمِّي هذَا صَوْمًا وَيَوْمًا مَقْبُولاً لِلرَّبِّ؟
أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ. “حِينَئِذٍ يَنْفَجِرُ مِثْلَ الصُّبْحِ نُورُكَ، وَتَنْبُتُ صِحَّتُكَ سَرِيعًا، وَيَسِيرُ بِرُّكَ أَمَامَكَ، وَمَجْدُ الرَّبِّ يَجْمَعُ سَاقَتَك. حِينَئِذٍ تَدْعُو فَيُجِيبُ الرَّبُّ. تَسْتَغِيثُ فَيَقُولُ: هأَنَذَا. إِنْ نَزَعْتَ مِنْ وَسَطِكَ النِّيرَ وَالإِيمَاءَ بِالأصْبُعِ وَكَلاَمَ الإِثْمِ وَأَنْفَقْتَ نَفْسَكَ لِلْجَائِعِ، وَأَشْبَعْتَ النَّفْسَ الذَّلِيلَةَ، يُشْرِقُ فِي الظُّلْمَةِ نُورُكَ، وَيَكُونُ ظَلاَمُكَ الدَّامِسُ مِثْلَ الظُّهْرِ. وَيَقُودُكَ الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ، وَيُشْبعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ، وَيُنَشِّطُ عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيَّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ مِيَاهُهُ. وَمِنْكَ تُبْنَى الْخِرَبُ الْقَدِيمَةُ. تُقِيمُ أَسَاسَاتِ دَوْرٍ فَدَوْرٍ، فَيُسَمُّونَكَ: مُرَمِّمَ الثُّغْرَةِ، مُرْجعَ الْمَسَالِكِ لِلسُّكْنَى.

دليل صوم الشركة (أربعين يومًا) 2017

  • متى سيبدأ؟

من 1 آب ولمدة 40 يومًا

  • القواعد والإرشادات المقترحة:

تناول وجبة واحدة فقط في اليوم في تمام الساعة الخامسة مساء مع الكثير من المياه (يمكنك تعديله بحسب قيادة الروح القدس وتوصيات طبيبك).

* ملاحظة هامة: يرجى استشارة طبيبك أو مرشد الصحة الخاص بك أولًا ومراعاة تعديل هذا الصوم وفقًأ لظرفك الصحي. فإذا كنتِ سيدتي حاملًا، أو مريضًا/مريضةً بالسكري، أو تعاني أو عانيت من مرض فقدان الشهية أو الشراهة، لا ننصحك بالانضمام إلى هذا الصوم.

* لا تلفاز ولا وسائل ترفيهية واستخدام محدود لوسائل التواصل الاجتماعي*

جرب أن تمضي الكثير من الوقت مع يسوع.

 كيف سيتم هذا الصوم؟

  1. تناول وجبة واحدة فقط في اليوم في تمام الساعة الخامسة مساء مع الكثير من المياه (يمكنك تعديله بحسب قيادة الروح القدس وتوصيات طبيبك).
  2. اشرب الماء بكثرة!
    • يمكنك تناول حليب اللوز أو ماء جوز الهند أو ما شابه ذلك فيما يتعلق بالوجبات الخفيفة.
    • كما يمكنك تناول مرق (حساء) الدجاج أو اللحم للحصول على البروتين. سيطر على حصتك الغذائية.
    • امتنع عن القهوة والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة! تذكر أن الصوم هو تضحية.
    • استبدل القهوة بشاي الأعشاب كالزهورات. لا تستخدم السكر أو بدائله بل القليل من العسل العضوي يفي بالغرض للتحلية والطاقة.
  3. إذا كنت ترغب في أن تصوم صوم العصائر، حاول أن تجعل العصائر التي تتناولها طبيعية قدر الإمكان!
  4. تجنّب حضور المناسبات التي تتخلّلها وجبات طعام.
  5. كن مستعدًّا لمهاجمات العدو كالتجارب، الأشخاص الذين يقفون ضدك وضد صومك، الصداع، الدوخة، الضعف العاطفي والجسدي.
  6. جرب القيام بنشاطات خفيفة كالمشي، وركوب الدراجة، والسباحة … إلخ. إذا كنت تمارس التمارين بشدّة يمكنك تناول مخفوق البروتين. ولكن تذكّر أن هذه المشروبات تحتوي على نسبة كبيرة من السكريات والنشويات، الأمر الذي سيجعلك أكثر جوعًا.
  7. ذلّل نفسك أمام الرب! ثابر على طلب الرب من خلال الصلاة وقراءة الكلمة.
  8. ابتعد عن التلفاز واللهو.
  9. حدَّ من التسوق
  10. اصرف وقتًا مميزًا مع يسوع من خلال الصلاة. (ابقَ بمفردك أو اصنع حجرة صلاة صغيرة إن لم يكن لديك واحدة، واطلب الرب).
  11. اجعل حياتك بسيطة.
  12. اقضِ المزيد من الوقت في قراءة الكلمة. (تعهّد في أن تقرأ كلمة الرب خلال فترة محددة كلّ يوم)
  13. قدّم التسبيح والعبادة لله أكثر من المعتاد. ابدأ بالترنيم والتسبيح في أنحاء منزلك بينما تقوم بأعمالك المنزلية. مجّد الرب وسبّحه وأنت تقود سيارتك. اجعل التسبيح نمط حياتك!
  14. اضبط هذا الصوم وفقًا لحالتك الصحية! استشر طبيبك قبل البدء بالصوم فيما إذا كانت صحتك تسمح لك بالقيام بصوم العصائر.
    • ملاحظة هامة: إذا كنت تتناول الأدوية التي تحتاج إلى وجبات غذائية قبلها، تناول مقدارًا قليلًا من أيّ شيءٍ صحي وخفيف (وجبة صغيرة) بدلًا من العصير. ويفضّل أن تكون فاكهة كالموز أو التفاح.
  15. سوف ننهي هذا الصوم معًا ونستمر بتناول وجبات خفيفة لمدة أسبوع معًا!

أهمية الصوم

إنّ الصوم والصلاة يسيران جنبًا على جنب. من الضروري لنا أن نقضي وقتًا مع الرب أكثر من أي شيء أو أي شخصٍ آخر. استدم هذا الوقت من الصوم لتضحِّ بأي نشاط أو ممارسة تجلب لك المتعة (مثال: مواقع عرض المسلسلات والأفلام، أو التلفاز، أو وسائل التواصل الاجتماعي) أو أية مواد تجلب لك السرور (كالطعام) وامضِ ذلك الوقت وأنت تطلب وجه الرب من خلال الصلاة أو قراءة الكلمة.

الغاية من هذا الصوم

  • نحن نصوم لكي نرى علاقاتنا مع الرب تنمو وتتعمّق أكثر.
  • نحن نصوم من أجل انتعاشٍ ونهضةٍ في حياة عائلاتنا وبلداننا.
  • نحن نصوم من أجل تحوّلٍ كبير ونقلةٍ نوعيّة في مسيرنا مع المسيح.
  • نحن نصوم لكي نتخلّص ممّا اعتدنا عليه من (فوضى، وصراعٍ مع شريك الحياة، وأسقامٍ، وأمراضٍ، واكتئاب ….) في حياتنا! لقد حان الوقت لنحيا حياةً فوق الطبيعة!

هل ستنضمّ إلينا؟

 

راسلنا على infoar@ISIKABLA.com لكي تخبرنا بأنّك شاركت بالصوم ولكي تُطلع فريق خدمتنا كيف أنّ الرب يلمس قلبك خلال وبعد هذه الفترة!

 

تنويه: أنا، إيشيك أبلا (الأخت إيشيك)، لستُ أخصائية صحة مرخّصة، أو طبيبة، أو أخصائية تغذية، أو مستشارة. أنا أشارك كل ما يتعلّق بالصوم بناء على اختباري ورأيي وإيماني الشخصي.

كل شخص يُعتبر جزءًا من هذا الصوم، سوف يصوم بناء على رغبته الشخصية وعلى مسؤوليته الخاصة. لذا، أنصحك بشدّة أن تتحقّق الأمر مع طبيبك أولًا إذا كانت لديك أية مسائل صحية.

آيات عن الصوم والصلاة

متى 6: 5-7

“وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ.

متى 6: 16-18

“وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.

2أخبار 7: 14

فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلَّوْا وَطَلَبُوا وَجْهِي، وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيةِ فَإِنَّنِي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.

فيلبي 4: 6

لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ.

دانيال 9: 3

فَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَى اللهِ السَّيِّدِ طَالِبًا بِالصَّلاَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، بِالصَّوْمِ وَالْمَسْحِ وَالرَّمَادِ.

1أخبار 16: 11

اطْلُبُوا الرَّبَّ وَعِزَّهُ. الْتَمِسُوا وَجْهَهُ دَائِمًا.

رومية 12: 12

فَرِحِينَ فِي الرَّجَاءِ، صَابِرِينَ فِي الضِّيْقِ، مُواظِبِينَ عَلَى الصَّلاَةِ،

لوقا 6: 12

وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ للهِ.

أعمال 14: 23

وَانْتَخَبَا لَهُمْ قُسُوسًا فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ، ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَاسْتَوْدَعَاهُمْ لِلرَّبِّ الَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ.

أفسس 6: 18

مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ،

أعمال 13: 2

وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ، قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: “أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ”.

رومية 8: 26

وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا.

متى 26: 41

اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ”.

مزمور 35: 13

أَمَّا أَنَا فَفِي مَرَضِهِمْ كَانَ لِبَاسِي مِسْحًا. أَذْلَلْتُ بِالصَّوْمِ نَفْسِي، وَصَلاَتِي إِلَى حِضْنِي تَرْجعُ.

نحميا 1: 4

فَلَمَّا سَمِعْتُ هذَا الْكَلاَمَ جَلَسْتُ وَبَكَيْتُ وَنُحْتُ أَيَّامًا، وَصُمْتُ وَصَلَّيْتُ أَمَامَ إِلهِ السَّمَاءِ،

إشعياء 58: 1-7

“نَادِ بِصَوْتٍ عَال. لاَ تُمْسِكْ. اِرْفَعْ صَوْتَكَ كَبُوق وَأَخْبِرْ شَعْبِي بِتَعَدِّيهِمْ، وَبَيْتَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ.
وَإِيَّايَ يَطْلُبُونَ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَيُسَرُّونَ بِمَعْرِفَةِ طُرُقِي كَأُمَّةٍ عَمِلَتْ بِرًّا، وَلَمْ تَتْرُكْ قَضَاءَ إِلهِهَا. يَسْأَلُونَنِي عَنْ أَحْكَامِ الْبِرِّ. يُسَرُّونَ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ. يَقُولُونَ: لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ، ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلاَحِظْ؟ هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً، وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ. هَا إِنَّكُمْ لِلْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ تَصُومُونَ، وَلِتَضْرِبُوا بِلَكْمَةِ الشَّرِّ. لَسْتُمْ تَصُومُونَ كَمَا الْيَوْمَ لِتَسْمِيعِ صَوْتِكُمْ فِي الْعَلاَءِ. أَمِثْلُ هذَا يَكُونُ صَوْمٌ أَخْتَارُهُ؟ يَوْمًا يُذَلِّلُ الإِنْسَانُ فِيهِ نَفْسَهُ، يُحْنِي كَالأَسَلَةِ رَأْسَهُ، وَيْفْرُشُ تَحْتَهُ مِسْحًا وَرَمَادًا. هَلْ تُسَمِّي هذَا صَوْمًا وَيَوْمًا مَقْبُولاً لِلرَّبِّ؟ أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ.

يوئيل 2: 12-14

  1. ” وَلكِنِ الآنَ، يَقُولُ الرَّبُّ، ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ. وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ”. وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ.

إيشيك أبلا

مفهوم الحرية في الفكر المسيحي

المقدمة

موضوع الحرية مهم جدا للإنسان وللحياة ككل والعالم كله، فهو واحد من شيئان يميزان الإنسان ككائن مخلوق عن باقي الكائنات. أي ليس هناك أعلى وأسمى من هذان الموضوعان: العقل ـ الحرية. ولأهمية الموضوع علينا ان نكون عارفين تماما لمعناه وكل ما يخصه من جوانب، لأننا نعيشه يوميا وكل لحظة، لهذا علينا ان نعرفه بشكله الصحيح لنعيشه بشكله الصحيح.

سوف نتكلم عن الحرية بشكل عام لكن طبعا منطلقين من مفهومنا الإيماني لأنه بالتأكيد المفهوم الأصح والأكثر تعبيرا عن جوهر الحرية.

“ان المسيح قد حررنا لنكون أحرارا، فاثبتوا اذا ولا تعودوا الى نير العبودية …. انكم ايها الإخوة قد دعيتم الى الحرية، على ان لا تجعلوا هذه الحرية سبيلا لإرضاء الجسد، بل عليكم ان يصير بالمحبة بعضكم عبيدا لبعض، لان تمام الشريعة كلها في هذه الوصية (احبب قريبك حبك لنفسك)” غلا 5: 1، 13 ـ 14.

في العصر الحالي أصبحنا نسمع ونرى زيادة عدد الذين يطالبون بان يكون لهم الحرية، وأصبحنا نرى ونسمع العالم كله تقريبا يقاتل من اجل حريته بمختلف انواع القتال. فمن ابسط إنسان الى اكبر المؤسسات الدولية نراهم يلحون كثيرا على ان يتمتعوا بحقهم في العيش والعمل حسبما يريدون دون ضغط او اكره.

لكن السؤال المهم: كم من هؤلاء الناس او المؤسسات يطالبون بحرية صحيحة جوهرية؟ أي ما هي الحرية التي يطالبون بها؟

الحـــــرية

تعني الحرية ان يعيش الإنسان ويعمل دون ضغط او جبر سواء جاء من الله نفسه او الأفراد او السلطات البشرية، او العوامل الحياتية الأخرى في حياة الإنسان. أي بمعنى ان يتمتع الإنسان بحرية القرار والمسؤولية ويتمكن من العمل بها دون اكراه.

الحرية تعني الإنسان، فالإنسان بدون الحرية ليس إنسانا. الإنسان الذي يعيش إنسانيته، أي يعيش كل المبادئ والقيم والمقومات التي تجعله يصبح إنسانا، عندما يعيش كل هذه وسط وضعه وعصره وعالمه والذي يتعرض فيه الإنسان الى مختلف انواع الضغوطات والاخطار التي تهدد حرية قراره الشخصي، اذا عاش وسط هذه كلها مبادئه وقيمه ومقومات انسانيته فانه انسان حر.

الحرية هي الوعي بالإنسانية، الوعي التام لما يبني الإنسان ولما يهدم الإنسان، واختيار الشيء البنّاء. فليست الحرية هي التصرف كيفما نريد بل هي معرفة ما نريد، هي اختيار ما نريد لنا كأناس، هي البحث عن ما يعطي معنى لما نعيشه ومعرفة كيف نعيش، أي البحث ومعرفة الحق، الحقيقة. يقول يسوع “ان الحق يحرركم” يو 8: 32، لكن لماذا الحق يحررنا وكيف؟

الحقيقة او الحق هو علامة مميزة لصورة الله في الإنسان، أي ان الإنسان يحقق صورة الله فيه بالحق، الحق المعاش هو تصوير او تجسيد للإنسان في قمة معناه كانسان، الإنسان يحقق ذاته بالحق، أي يصبح إنسانا بالحق لان من صميم تكوينه ان يعيش الحق ليصبح ما هو مصمم له.

الشر هو نقيض الحق، وبالتالي نقيض الإنسان، فالإنسان بشره يهدم حياته لانه لا يتمكن من ان يعيش في العالم او ضمن عالم وأناس ومجتمع مملوء من القيم والمبادئ السيئة. لهذا لا يتمكن من ان يتمتع بظروف حياتية وإنسانية سليمة، فيكون هذا نتيجة قاسية له كانسان تُنقص من كرامته ومكانته في الحياة.

اذاً عمل الشر هو ضد الإنسان، ضد الحق. فعمل الشر بحرية هو نقيض الحرية بل على العكس هو عبودية، لانه يجعل الإنسان لا انسان “كل من يرتكب الخطيئة يكون عبدا للخطيئة” يو 8: 33.

عادة ما يكون الشر جذابا وفيه متعة، لكن متعته تكون وقتية، فالإنسان عندما يعمل الشر يبحث عن أسهل الطرق وأمتعها، والشر يحقق له ذلك، لكن الحرية الحقيقية تكون بمعاداة الشر حتى لو كان فيه متعة لانه يجب البحث عن الشيء الدائم والثابت الذي لا يزول فيه المعنى والقيمة.

المسيحي يجب ان يكون اكثر الناس حرية لانه يعرف معنى حياته وموته، ولان المسيحية هي الحقيقة النهائية حول الإنسان، أي ليس هناك شيء أكثر حقيقة من المسيحية بالنسبة للإنسان. لهذا يجب ان نكون اكثر أحرارا.

الحرية تعني اعمال الإنسان التي يتوجه بها بإرادته نحو هدف حياته الصالح والصحيح. وهي تعني ايضا الانفتاح نحو الخارج وليس الانكماش على النفس.

متطلبات الحرية

لنتكلم قليلا عن متطلبات الحرية، ما هي الأشياء المطلوبة لنعيش أحرار، بحرية؟

اولا: في أي نوع من انواع الحرية لا بد من التقيد بمبادئ إيمانية وأخلاقية قائمة على المسؤولية، الشعور بالمسؤولية. أي كي نعيش أحرارا يجب ان تكون لنا مبادئ صالحة، وهذا عكس المفهوم المتداول للحرية الذي يدّعي بان الحرية هي عدم وجود قيد او مبدأ او شرع يلزمنا. بمبادئنا الايمانية والاخلاقية نبني ذواتنا ونبني عالمنا وحياتنا ومجتمعنا بشكل يساعد الانسان على ان يعيش انسانيته، وبهذا يكون حراً.

ليست المبادئ والشرائع ضد الحرية بل الفوضى والإباحية هي ضد الحرية لانها تجعل الانسان بدون هدف ومعنى، تجعله لا يعرف لماذا يعيش وما معنى حياته واعماله وحتى موته. بينما المبادئ المتأتية من الحق والحقيقة تجعل الانسان مدركا لما يعيشه وفاهما معنى مسيرته ورسالته في الحياة.

ثانيا: من متطلبات الحرية الصحيحة هي ان لا نظن اننا نمتلك كل الحقيقة، وهذه اكبر تجربة يقع فيها الانسان، ونتائجها خطيرة جدا على الحرية. ففي هذه الحالة يرى الانسان الاخرين وكانه تنقصهم الحقيقة، او ليس لهم حقيقة كاملة فيحاول فرض حقيقته عليهم ويصبح هو منتهكا لحريتهم، فكيف يقول انه حر وهو لا يحترم حرية الاخرين؟

ان من اهم ما يجب معرفته من متطلبات الحرية والمتأتية من هذه النقطة هو انه ليس هناك حرية بدون احترام لحرية الاخرين، بدون احترام حقوقهم والالتزام بالعمل تجاههم. لا يمكن ان نحصل على حرية على حساب الآخرين، على حساب ألمهم والتضحية بهم، لاننا في تلك الحالة نكون قد جعلنا الاخرين عبيدا لنا ولنتائج اعمالنا، ونكون قد انتهكنا واحدا من المبادئ التي تقوم عليها الحرية وهي احترام الاخرين.

ثالثا: لكي يصبح الانسالن حرا عليه ان يكون متفتحا. التفتح هو الوعي الناضج تجاه ما يصادف الانسان في حياته، أي يعرف عمق الاشياء ويعيش ويتعامل على اساس هذه العمق.

الحرية الحقيقية تتطلب ان يكون الانسان متنفتحا تجاه:

اللـــه: الله خلقنا بحريته، وهو يستطيع بل قادر على كل شيء، لكنه يختفي لان فرحه هو في ان تحبه خليقته بحرية، يريد ان يكون موضع التفضيل عند الانسان بحريته. على الانسان ان يختار بحريته الله، لانه يحبه ولانه يعرف انه هو المعنى النهائي في حياته. اذاً ليس هناك من حرية اعظم من حرية الله تجاهنا، وعلينا ان نتعامل بنفس الحرية مع الهنا.

الحياة: على الانسان ان يكون منفتحا تجاه الحياة، أي يعي ويفتهم الحياة من كافة جوانبها ويتعامل بواقعية ومبدئية إيمانية، عندها يكتسب حريته الحقيقية، حيث يصبح كل شيء في الحياة عامل مساعد للسعادة وللوصول الى الاستقرار الإنساني ضمن العالم المضطرب ….

الإنسان: الحرية الحقيقية تكون عندما نعطي الحرية للاخرين وليس فقط نحصل على حريتنا. الانفتاح نحو الانسان الاخر يعطينا حريتنا، واحترامه لكرامته الشخصية يعطينا كرامتنا التي هي اساس حريتنا. لنتعامل مع الاخرين بحرية وانفتاح واعٍ، أي نقبلهم كما هم، ولا نحاول ان نصوغ الاخرين كلهم ـ حتى في الاشياء الصالحة ـ على مزاجنا وذوقنا ….

الحرية الحقيقية هي حرية الحب، والحب هو الحرية. “ما معنى الحب اذا كنّا عليه مرغمين”.

د. أميل شمعون نونا – قناة الكرمة

كيف نختبر الحرية الحقيقية في المسيح؟

يسعى الجميع للحرية. وتعتبر الحرية، خاصة في العالم الغربي، أسمى الفضائل التي يسعى وراءها جميع من يعتبرون أنفسهم معرضين للقمع. ولكن الحرية في المسيح ليست هي الحرية السياسية أو الإقتصادية. فإنه في الواقع، كان البعض ممن تعرضوا لأقسى أنواع القمع في التاريخ يتمتعون بالحرية الكاملة في المسيح. يقول الكتاب المقدس أنه بالمعنى الروحي لا يوجد أحد حر. ويشرح الرسول بولس في رومية 6 أننا جميعنا عبيد. فنحن إما عبيد للخطية أو عبيد للبر. فمن هم عبيد للخطية لا يستطيعون أن يحرروا أنفسهم منها، ولكن عندما نتحرر من تبعات الخطية وسلطانها، من خلال صليب المسيح، نصبح عبيد من نوع آخر، فنجد السلام الكامل والحرية الحقيقية في تلك العبودية.

ورغم التناقض الظاهري، إلا أن الحرية الحقيقية في المسيح متاحة فقط لمن هم عبيد له. إن العبودية صارت مرادفاً للإهانة والضيق وعدم المساواة. ولكن المثال الكتابي هو الحرية الحقيقية لعبيد المسيح الذين يختبرون الفرح والسلام التي هي نتائج الحرية الحقيقية الوحيدة التي يمكن أن نعرفها في هذا العالم. تتكرر كلمة doulos 124 مرة في العهد الجديد، وهي تعني “شخص ملك لشخص آخر” أو “عبد ليست له أية حقوق شخصية”. وللأسف، تمت ترجمة هذه الكلمة غالباً بأنها “خادم”. ولكن الخادم هو شخص يعمل مقابل أجر، والذي يكون، نتيجة عمله، له حقوق لدى سيده. أما الشخص المسيحي فليس لديه ما يقدمه للرب مقابل الغفران الممنوح له، وهو مملوك كلية للسيد الذي إشتراه بدمه المسفوك على الصليب. لقد تم شراء المؤمنين بذلك الدم الكريم وهم ملك لربهم ومخلصهم. إنه لا يؤجرنا؛ فنحن ملك له (رومية 8: 9). لهذا، فإن كلمة “عبد” هي فعلياً الترجمة الوحيدة الصحيحة لكلمة doulos.

إن عبيد المسيح هم أبعد ما يكون عن القمع، لأنهم بالحقيقة أحرار. فلقد حررنا إبن الله من الخطية “إِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً” (يوحنا 8: 36). والآن يستطيع المؤمن أن يقول بصدق مع الرسول بولس “لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ” (رومية 8: 2). نحن الآن نعرف الحق وذلك الحق هو الذي حررنا (يوحنا 8: 32). ومن المفارقات، أنه من خلال عبوديتنا للمسيح أصبحنا أيضاً أبناء ووارثين للإله العلي (غلاطية 4: 1-7). ولنا كورثة نصيب في ذلك الميراث – الحياة الأبدية – الذي يمنحه الله لجميع أبناءه. وهذا إمتياز يفوق أي كنز أرضي يمكن أن نرثه، في حين أن من هم عبيد للخطية يرثون فقط الموت الروحي والأبدية في الجحيم.

لماذا إذاً يعيش الكثير من المؤمنين وكأنهم ما زالوا مقيدين؟ إننا، من جهة، كثيراً ما نتمرد على سيدنا ونرفض طاعته ونتمسك بحياتنا القديمة. إننا نتعلق بالخطايا التي كانت تقيدنا بالشيطان سيدنا القديم. ولأن طبيعتنا الجديدة لا زالت تعيش في الجسد القديم، فإننا لا زلنا ننجذب للخطية. يقول الرسول بولس لأهل أفسس أن “يخلعوا” الجسد القديم بطبيعته وفساده وأن “يلبسوا” الذات الجديدة وبرها. أن يخلعوا الكذب ويلبسوا الصدق. أن يخلعوا السرقة ويلبسوا الإجتهاد والعمل. أن يخلعوا المرارة والغضب والسخط وأن يلبسوا اللطف والمحبة والغفران (أفسس 4: 22-32). لقد تحررنا من قيود الخطية ولكننا كثيراً ما نعود إلى القيود لأن جزء منا يحب الحياة القديمة.

وفوق ذلك، كثيراً ما لا ندرك أننا قد صلبنا مع المسيح (غلاطية 2: 20) وأننا ولدنا ثانية كخليقة جديدة تماماً (كورنثوس الثانية 5: 17). إن الحياة المسيحية هي حياة الموت عن الذات والقيامة “للسير في جدة الحياة” (رومية 6: 4)، وأن تلك الحياة الجديدة تتميز بتفكيرنا في من خلصنا وليس في الجسد المائت الذي صلب مع المسيح. عندما نفكر في أنفسنا بصورة دائمة، ونشبع الجسد بالخطية التي سبق وتحررنا منها، نكون كأننا نعيش حاملين جثة مملوءة فساداً وموتاً. والطريقة الوحيدة لدفنها تماماً هي قوة الروح القدس الذي هو المصدر الوحيد للقوة. إننا نعزز الطبيعة الجديدة بالتغذية المستمرة من كلمة الله، ومن خلال الصلاة نحصل على القوة التي نحتاجها للهروب من الرغبة في العودة إلى حياة الخطية القديمة. حينها ندرك أن مكانتنا الجديدة كعبيد للمسيح هي الحرية الحقيقية الوحيدة ونطلب قوته حتى “لاَ تَمْلِكَنَّ الْخَطِيَّةُ فِي جَسَدِكُمُ الْمَائِتِ لِكَيْ تُطِيعُوهَا فِي شَهَوَاتِهِ” (رومية 6: 12).

 

gotquestions.org

لماذا أعيش؟؟ سؤال يُحير الملايين

مطرقة المسامير :
نحن نعلم أنها قد صُممت وصُنعت لطرق المسامير ، إفترض أن هذه المطرقة موضوعة في صندوق الأدوات دون أن تُستَخدم أبداً, فهل سيشعرها ذلك بأي شيء؟ لا طبعاً , فهي جماد ولن تكترث بالأمر أبداً.

تخيّل الآن المطرقة نفسها وقد دبّت فيها الحياة و أصبحت مُدرِكة لما يدور حولها، وتمر الأيام وراء الأيام وهي ما زالت في الصندوق، فمع أن وجودها في الداخل مُسلّياً إلاّ أن هناك شيئاً مفقوداً ولكنها لا تعلم ما هو .

تخيل معي بعد ذلك أن يأتي شخص ويخرجها من صندوق الأدوات ويستخدمها لتكسير الأخشاب التي يضعها في المدفأة، بالتأكيد ستفرح بذلك ، نعم إن تكسير الأخشاب فيه شيء من السعادة و لكنه ليس كافياً ، ففي نهاية اليوم هناك شعور بعدم الرضى ، فما زال هناك شيء مفقود شيء ناقص !!!

في الأيام التالية، تخيل أنها أستُخدِمت أيضاً مرات عديدة : لأصلاح الغطاء المعدني الذي يوضع على إطار السيارة ، أولتثبيت رِجْل الطاولة ، أولتفتيت بعض الحجارة ، و مع هذا كله ما زالت تشعر بعدم الإكتفاء و تتوق إلى المزيد والمزيد من التكسير و الضرب للأشياء ظناً منها أن ذلك هو ما سيجعلها تكتفي وتشعر بالرضى.

تخيل أنه في يوم من الأيام يأتي شخص ما ويستخدمها لطرق المسامير وفجأة تحس المطرقة بسعادة تغمرها وتتدفق من داخلها، فلقد أدركت أخيراً ما صممت لأجله حقاً، لقد كان القصد منها هو طرق المسامير فيما أن جميع الأشياء الأخرى التي قامت بها ما هي إلا أمور ثانوية بجوار طرق المسامير،وقد وجدت الآن الشيء المفقود الذي طالما بحثت عنه.

لقد خلقنا الله بصورة نستطيع من خلالها أن نكون في علاقة معه،وهذه العلاقة هي الشيء الوحيد الذي سيشبعنا و يرضينا بالكامل، وحتى ولو اختبرنا الكثير من الأمور الرائعة وكرّسنا أنفسنا لغاياتٍ نبيلة , فبدون هذه العلاقة الشخصية التي خُلقنا من أجلها لا نستطيع القول بأننا قد ” طرقنا المسمار”، وسنبقى غير مكتفين، و لقد عبّر أغسطينوس عن ذلك بالكلمات التالية: “يا الله لقد خلقتنا لذاتك ونفوسنا لن تجد راحتها إلا فيك.”

إن العلاقة مع الله هي الشيء الوحيد الذي يروي عطش نفوسنا؛ قال يسوع المسيح : “أنا هو خبز الحياة من يقبل إلي فلا يجوع ومن يؤمن بي فلن يعطش أبداً.”

إن لم نرجع إلى الله سنبقى جياع وعطاش في هذه الحياة، وكل ما ” نأكله” لن يشبعنا وكل ما “نشربه” لن يروينا، وسنبقى مثل ” المطرقة”، لا نعرف ما هو الشيء الذي يملأ الفراغ في حياتنا ويخلصنا من عدم الإكتفاء.

وحتى في وسط المجتمع النازي ,فقد وصل البعض إلى حقيقة أن مصدر الشبع الحقيقي هو الله فقط ، فقد قال أحد السجناء في معسكرة : ” أساس فرحنا هو أننا عرفنا أن حياتنا مستترة مع المسيح في الله” ، وكان لنا إيمان في محبة الله الذي هو متكلنا الأقوى حتى في أعماق الظلام ”

عادةً، عندما لا نكون في علاقة مع الله ، نحاول إيجاد الرضى والشبع في أشياء بعيدة عنه ، ،ونواصل “الأكل” و”الشرب” أكثر فأكثر معتقدين أن الإكتفاء و ملء الفراغ هو في المزيد والمزيد لكننا لا ولن نكتفي أبداً .

إن أعظم رغبة تتوق لها نفوسنا هي أن نعرف الله وأن يكون لنا علاقة شخصية معه، لماذا؟ لأننا خلقنا وبداخلنا هذه الحاجة. فهل” طرقت مسماراً ” للآن؟؟

 

everyarabstudent.com

كيف لي أن أؤمن بعد موت ابني؟

لم أكن أبداً من أنصار عبارة : أبتسمي وتظاهري أن كل شيء على ما يرام.

لقد بدأت أشعر بالغضب بعد عدة أشهر من وفاة ابني نوح. فقد اضطرب للعودة إلى عملي وقد بدأ شعوري بالظلم جراء ذلك يتغلغل في أعماقي. كنت قد اعتدت على الاعتقاد بأن الذين لديهم إيمان حقيقي يقبلون كل شيء بهدوء وراحة، ولكني الآن لست متأكدة من ذلك. لقد تصارعت مع الله لعدة أشهر كان زوجي يخشى أن يفقدني إلى الأبد. فلو أنَّ أحداً قد شاهدني وأنا أهيم على وجهي بالغابات خلف بيتنا لأعتقد بكل تأكيد أنني قد جننت – كنت أتذمر وأبكي وحتى أتطاول على الله.

لقد قرأت أسفار الكتاب المقدس التي تتحدث عن الأشخاص الذين كانوا يعانون – أيوب والمزامير والجامعة ومراثي إرميا – وتأكدت أن بعض الناس الذين كانوا مفضلين عند الله غضبوا وكانوا مضطربين أمام الله. أفضل نصيحة حصلت عليها هي أن تعاملي مع لله بصمت سيعاقبني أنا وحدي. يمكن لله أن يتحمل كل ما تقولينه، لذلك أخبريه عما تشعرين به. قد تسألن، كيف يمكن أن يكون لي إيمان؟ أن زوجي علماني ويجد الطمأنينة في المناقشات الفلسفية حول حقيقة وضع العالم وطبيعة الله. سوف اعترف أن هذه الحقائق مقنعة جداً وسوف أكون سعيدة لأشارككن بالبعض منها إن أحببتن، لكن الأزمة في إيماني لا تدعمها الأفكار والنقاط الأكاديمية، فلذلك لن أخوض فيها الآن. يجب علي أولاً تفسير إيماني لكنَّ حتى تعرفن ما الذي اخترته كي اعتمد عليه أؤمن من كل قلبي أن الله صالح والعالم ليس كذلك.

يقول الكتاب المقدس بكل وضوح أنه بسبب اختيارنا الانفصال عن الله نحن نعيش في عالم ساقط ملئ بالأمراض والكوارث الطبيعية والألم والموت. ليس هذا ما يريده الله للإنسانية – أنه يريدنا أن نعيش معه حيث لا ألم و لا حزن و لا موت. وحتى يتم ذلك، فقد قدم أعظم تضحية، لقد أرسل ابنه الوحيد ليموت وليدفع ثمن اختياراتنا الخطأ (من الصعب جداً تخيل أنه يحبنا كثيراً لدرجة أنه سمح بموت ابنه – و بقصد منه). وبقيامة يسوع من بين الأموات بعد ثلاثة أيام، فقد تم القضاء للأبد على قوة الموت المفروضة على الروح الإنسانية. ومع ذلك يجب علينا أن نختار بين قبول أو رفض هذه العطية. هذا هو الإيمان الذي لديَّ. أثق بيسوع أنه دفع ثمن أخطائي وأنه خلصني من الموت على هذا يستند رجائي وخصوصاً بعد موت ابني نوح. أنا أعلم أنه ذات يوم لن أرى يسوع وحسب ولكن ابني أيضاً. أفضلّ لو أنه كان معي هاهنا الآن، ولكن بما أنه ليس هنا فأنا سعيدة أنه بأمان وهناك من يحبه. لهذا السبب أنا أتمسك بإيماني وقد أنشأت موقع على الانترنت حول هذا الموضوع ليس هذا كل ما لديَّ عن إيماني بيسوع وعلاقتي به أيضاً.

– مثلما قلت من قبل – لقد كنت أشعر بالغضب تجاهه. لن أكون سعيدة أبداً وابني بعيدٌ عني (حتى ولو مؤقتاً). إني أشتاق إليه بشكل مروع. هناك شرخ في عائلتي وفي قلبي يؤلمني كثيراً. لكن الله يعلم كيف أشعر. أنه فقد ابنه أيضاً. وأوضح لي بشكل جيد أنه يحبني لدرجة لا استطيع فهمها. مثل هذا العزاء لا يأتي بسرعة أو بسهولة. أنه يأتي ببطء، يطوقني الله بذراعيه وبطرق متعددة – بواسطة قراءة الكتاب المقدس والصلاة (حتى الصلوات الغاضبة واليائسة) وبواسطة جمال الطبيعية وبواسطة الاشخاص الآخرين المحيطين بي – ليساعد في شفاء قلبي. لقد كان موجوداً طوال الوقت وكل ما كان علي أن أفعله هو مجرد أن أكون متجهةً إليه. بدا لي العيش بدون الإيمان كالوجود بلا رجاء وبلا عزاء وبلا غاية لهذا السبب تمسكت بإيماني حتى عندما كنت أشعر بأني لا أريد ذلك. بهذه الطريقة حصلت على إيماني، أنه ليس أحساساً أو تجربة، ولكنه قراراً. وكما قال أيوب، “هَا هُوَ حَتْماً يَقْضِي عَلَيَّ وَلاَ أَمَلَ لِي. وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَبْسُطُ حُجَّتِي لأُزَكِّيَ طَرِيقِي أَمَامَهُ.” لا استطيع أن أتخيل الحياة بدون يسوع. كان التمسك بالإيمان صراعاً، ولكن العيش بدونه من المحال. يمكنكن أن تخترن أنتن أيضاً. الإيمان ليس شيئاً تفقدنه، أنه شيئاً إما أن تخترنه أو ترفضنه. أنا آسفة أن أقول أن بإنتظار كل امرأة – مات ابنها – رحلة طويلة ومضنية. الحزن ينهك و يخلق الفوضى ولا يمكن فهمه. والغضب والتشويش أمران طبيعيان وصحيان (إلا إذا تعلقتِ بهما لفترة طويلة من الوقت، حينها يجب عليكِ أن تقلقي وأن تنشدي المساعدة الطبية). إذا ما مات لكِ ابناً، فعودي نفسكِ على الصبر، فأنت في حالة حزن. لا تعتمدي على مشاعركِ في تقرير ما تؤمنين به.

أنظري للأمام – ما نوع الحياة التي ترغبين بها؟ ماذا تردين أن تكوني؟ لن استبدل ابني نوح بطفل حي لم أكن أرغب باختيار هذا الطريق، فقد كان صعباً ومؤلماً، ولكنه غيرني نحو الأفضل وأنا ممتنة لابني للأبد من أجل ذلك. المُحِبة، كريستي والدة نوح إن كنتِ قد فقدتِ طفلاً، فأعلمي أنكِ لستِ وحيدة. لا أستطيع اخبارك لماذا مات طفلك، لكن يمكني إخباركِ إن الله موجود الله وهو يحبكِ ويحب طفلكِ. أنه يعرف ما الذي يعنيه فقدان ابن. هل تتصارعين مع الحزن الذي يبدو أنه لن ينتهي؟ هل تبحثين عن شيءٍ يذهب بالألم بعيداً؟ اعلمي أن الرجاء موجود. فكرن بحياتكن. كيف تصفنها؟ قانعة؟ فيها اندفاع؟ مثيرة؟ متعبة؟ هل تتطور للأمام أم تتراجع؟ الحياة بالنسبة للكثيرات مِنّا هي كل ما ذُكر. هنالك أشياء نحلم أن نقوم بها من الأيام، وأمور أخرى نود لو ننساها. يقول الكتاب المقدس على لسان يسوع كي يجعل كل الأمور جديدة. كيف ستبدو حياتكِ إذا لم تبدأ منذ البداية بحالة الطهارة؟

العيش برجاء.. حياة الأمل إن كنتِ تبحثين عن السلام، فهناك طريقة تعيد التوازن لحياتكِ. لا يمكن لأي واحدة منا أن تكون كاملة أو أن تعيش حياة كاملة، لكن توجد لكل واحدة منا فرصة لاختبار النعمة الكاملة عن طريق إقامة العلاقة الكاملة مع الله بواسطة ابنه يسوع المسيح. يمكنكِ أن تقبلي يسوع الآن بالإيمان وعن طريق الصلاة. الصلاة هي بكل بساطة التكلم مع الله. الله يعرف ما بقلبكِ ولا تعنيه كلماتكِ مهما كانت منمقة قدر اهتمامه بأعماق قلبكِ.

أقترح عليك الصلاة التالية: أريد أن أعرفك شخصياً أيها الرب يسوع. أشكرك لأنك مت على الصليب من أجل خطاياي. إنني أفتح باب حياتي أمامك وأسألك أن تدخل إلى حياتي كمخلصي وربي. سيطر على حياتي. أشكرك لأنك غفرت لي خطاياي ومنحتني الحياة الأبدية. اجعل مني يا رب الشخص الذي تريدني أن أكون. هل تعبّر هذه الصلاة عن مكنونات قلبكِ؟ بإمكانكِ أن تصليها في هذه اللحظة وسيدخل يسوع إلى حياتكِ كما وعد تماماً. هل وجدت نفسكِ؟ إذا ما دعوتِ المسيح للدخول إلى حياتكِ فاشكري الله كثيراً لأنه دخل إلى حياتكِ الآن ولأنه لن يترككِ أبداً ولأنكِ نلتِ الحياة الأبدية. بينما تتعمقين في علاقتكِ مع الله ومدى محبته لكِ، فأنكِ سوف تختبرين الحياة بأجمل حالاتها. كلنا نضحك، و نتألم، وكلنا نرتكب الأخطاء، و الجميع لديه أحلاماً و طموحات. تلك هي الحياة، لكنَّ الله له رسالة لهذه الحياة، رسالة عن محبته المدهشة التي لا يمكن وضعها و عن مدى قوته و قدرته على تغيير حياتنا.

نساء باكيات ونساء واقفات

«ونساء … من بعيد ينظرونَ» ( لوقا 23: 49 )
بالارتباط بالمسيح المتألم، نقرأ عن نوعين من النساء؛ الفريق الأول من أورشليم، والأُخريات من الجليل:

أولاً: نساء أورشليم الباكيات:

تقابلن مع المسيح في طريقه للجلجثة، وهو حاملٌ صليبه، ولقد أثرَّ فيهن جدًا منظره، في إعيائه وتعبه، في عاره وخجله، الدماء التي تغطي الوجه، وإكليل الشوك الذي يَعلو الرأس، أن يُهَان وهو الكريم، ويُحقَّر وهو العظيم؛ فنقرأ أنهن كن يلطمن ويَنُحـنَ عليه ( لوقا 23: 27 ). لقد تعاطفن معه كل التعاطف، وتأثرن أعمق التأثر، لكن من المدهش حقًا ما قاله المسيح لهن: «يا بنات أُورشليم، لا تبكينَ عليَّ، بل ابكينَ على أنفسكُنَّ وعلى أولادكُنَّ» ( لو 23: 28 ). هذا لأن هذا البكاء والنواح لم َزِد عن كونه تأثيرًا وقتيًا، وليس إيمانًا حقيقيًا، لم يكن حزنهن حزنًا بحسب مشيئة الله، فلم يُنشئ فيهن توبة لخلاص بلا ندامة. للأسف الشديد كن قريبات جدًا من المسيح لكنهن لم ينتفعن شيئًا، ولم يُفِدْهِن بكائهن بشيء.

أ ليس هذا ما يحدث مع بعض الذين يسمعون بعض العظات الخلاصية، فيتأثرون وقتيًا دون اتخاذ القرار بالتوبة والرجوع عن الخطية؟ فليس المهم أن تدمع العين ويظل الحال كما هو، إنما الأهم أن يؤمن القلب، فتتغير الحياة.

ثانيا: نساء الجليل الواقفات:

عُلِّقَ المسيح على صليب الجلجثة، وكانت هؤلاء النسوة واقفات من بعيد، بحسب ما قيل: «وكان جميع معَارفه، ونساءٌ كنَّ قد تبعنَهُ من الجليل، واقفين من بعيد ينظرون ذلك» ( لو 23: 49 ). بالتأكيد تمنَّينَ لو استطعن أن يقفنَ أقرب من ذلك بكثير، لكن ربما أُرغِمنَ على الوقوف بعيدًا. صحيح أنهن لم يَقُلن كلمة، إلا أن مشاعرهُن الصادقة أبلَغ من أي كلام، ففي الوقت الذي هرب فيه أقرب الرجال – تلاميذ المسيح – ظهر معدنهن النفيس. صحيح أنهن وقفن بعيدًا عن الصليب، لكنهن لم يكنَّ بعيدًا عن ناظري المسيح. وفي وسط حشد هائل من المعيرين والمُتهكمين، كان لهذه القلَّة من نساء الجليل أبلغ التأثير في نفسية المسيح المتألم.

عزيزي .. إن وقفة الصمت من بعيد لنساء الجليل المُحبَّات المؤمنات، لهيَ أهم وأقيَم جدًا من كثرة اللطم والنواح لبنات أورشليم الباكيات.

عادل حبيب – طعام وتعزية

العاطي أم العطية؟

«يا رب الجنود، إن … أعطيتَ أَمتك زرع بشر، فإني أُعطيه للرب كل أيام حياته» ( 1صموئيل 1: 11 )
إن كثيرين من المؤمنين يعيشون في فَلَك ذواتهم ويستخدمون الرب لحسابهم. ولكن قليلين هم الذين أعطوا أنفسهم للرب، ويعيشون لكي يستخدمهم الرب لحسابه، ويُحقق من خلالهم مشروعاته. لقد تحرَّروا من الأنانية، ولم تَعُد ذواتهم هي هدف حياتهم التي يسعون لإرضائها، بل إن عاشوا أو إن ماتوا فهُم للرب. وحتى عطايا الرب الصالحة لا تشغلهم عنه.

كانت حَنَّة زوجة ألقانة تشتاق إلى طفل، وحُرمت من ذلك لسنوات طويلة، لأن الرب كان قد أغلق رَحِمها. ولم يكن في مقدورها أن تفعل شيئًا تُغيِّر به هذا الوضع. صلَّت وتضرَّعت، ولم تأتِ الإجابة سريعة، فتعلَّمت أن تصبر وتنتظر. وبعد سنوات تغيَّر منهج تفكيرها فلم تَعُد تفكِّر في إشباع احتياجاتها المشروعة لطفل، تُشبع به عاطفة الأمومة أو تُسكت به تعييرات الآخرين، بل بدأت تُفكِّر في الرب واحتياجه إلى رجل بار تقي يخدمه ويقف أمامه، عندما رأت أولاد عالي الأشرار، وعالي نفسه الشيخ المُتهاون. فصلَّت من هذا المنظور، ونذرَت الابن للرب كل أيام حياته. وفي مدَار السنة، ذكَرها الرب وأعطاها ابنًا، وهي أرضعَتهُ حتى فطمته، ثم أصعدَتهُ إلى الرب في شيلوه، ليُقيم هناك إلى الأبد. لقد كرَّست كل الجهد خلال سنوات الطفولة المُبكِّرة لكي تُعِدَّ هذا الصبي وتُعلِّمه وتُهيئه وتزرع فيه كل المبادئ التقوية ليكون نذيرًا حقيقيًا للرب، ونافعًا لخدمته. تعبت في تربيته، لكنها لم تشعر بالندَم، ولم تدخل في اكتئاب أنه خرج من حضنها ليعيش بعيدًا عنها، ولا تستطيع أن تراه أكثر من مرة في السنة، بل سبَّحت وترنَّمت. لم يكن الرب قد أعطاها غيره، فكيف صمدَت وتعايشت مع هذا الحرمان؟

الجواب: عندما أدركت أن صموئيل لم يكن ملكية خاصة لها، بل وديعة من الرب مؤتمَنة عليها. لقد ربَّتـه وهي تعرف أنه ملك للرب، وأنها ستُقدِّمه للرب في يومٍ لاحق. وهكذا معنا نحن، ليتنا ندرك أننا لسنا مالكين بل وكلاء مؤتمَنين على كل شـيء، عندئذٍ سنتقبَّل الأمور من الرب صاحب الودائع إذا أراد أن يأخذ منَّا شيئًا في أي وقت.

 

محب نصيف – طعام وتعزية

مرض النقد اللاذع

المرض الذي سنناقشه الآن هو، مرض النقد اللاذع .. أو ممكن تسميته بالعنف في التوجيه، وهذا سواء بين الزوجين أو بين الأباء مع أولادهم.
أذكر زوجة كانت تشتكي من زوجها بأنها في كل مرة كانت تشاركه بمشكلة حدثت معها في العمل، يكون رد فعله معها عنيف، ناقداً لتصرفاتها والتي دائماً من وجهة نظره خاطئة، فوصلت لقناعة أنها لن تشاركه أبداً بأي أمر مهما كانت تحتاج لمساندته لها، وأنها سوف تتصرف بمفردها. وعندما جلست مع الزوج عرفت منه أنه يحب زوجته وأن تصرفه هذا بسبب خوفه عليها وخاصة أنه يعرف أنها غلبانة ومن الممكن أن يضحك عليها الآخرون، وهو يحاول أن يعرفها الطريقة الصحيحة في التعامل مع المشاكل حتى لا تفقد حقها، لكن طبعاً لم يصل للنتيجة المرجوة بل العكس.
وكما حدث مع الزوجة يحدث بين الأباء والأولاد، فعندما يوجه الأهل نقداً بأسلوب لاذع ومهين تصرفات الأولاد، تكون النتيجة أن الأولاد يخفون كل ما يخص حياتهم عن أهلهم حتى يتجنبوا نقدهم المهين. وكما كان السبب في نقد الزوج هو محبته وخوفه على زوجته بالتأكيد الأهل عندما يوجهوا النقد لأولادهم يكون السبب الأساسي هو خوفهم عليهم ورغبتهم أن يكون مستقبلهم أفضل مستقبل.. ولكن أسلوبهم تسبب في العكس وابتعاد الأبناء عنهم.
إن مرض النقد اللاذع، إذا لم نحذر منه ستكون النتيجة هو موت العلاقات الأسرية، حيث يتسبب في وجود فاصل بين الشخص الناقد والآخر الموجه له النقد.
وحتى تكون العلاقة بين أفراد الأسرة علاقة صحيحة تتميز بالحب والإحترام، عليه:
أولاً: أن يعرف أن الهدف من النقد هو التوجيه للأفضل، لذا لو أصر على أسلوبه الحاد فلن يصل للنتيجة المرجوة، بل ستزداد المشكلة وتتفاقم ويظل الفرد كما هو بل قد يعاند ويزيد من سلوكه الغير مرغوب فيه، والنتيجة هي فقدان العلاقة بين الزوجين أو الأهل والأولاد.
ثانياً: حتى يتم علاج هذا المرض على الفرد ذي الأسلوب اللاذع تدريب نفسه أن يكون غير حاد وهو يوجه النقد، أي كما يقول الكتاب في أمثال 11:10 “فَمُ الصِّدِّيقِ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ وَفَمُ الأَشْرَارِ يَغْشَاهُ ظُلْمٌ”. فيكون كلامه فيه حياة.. حريصاً وحذراً وهو يتكلم حتى لا تخرج منه كلمات مهينة للطرف التاني.
ثالثاً: حتى يكون النقد سليماً ويبني الآخر.. عليه بجانب توضيح الخطأ بهدوء، وأن يضع حلول بديلة تساعد على تصحيح الأمر فيما بعد. فمثلاً، لو الزوجة طريقتها جافة في التعامل مع الناس مما يسبب لها المشاكل، على الزوج أن يوضح لها الطرق الأفضل التي من الممكن أن تجربها لتتعامل بها مع الناس، وكيف ترد بطريقة هادئة لو أحد حاول مضايقتها…
رابعاً: تغليف النقد بإيجابيات يقوم بها، فتصل رسالة للآخر أنه مقبول، وتزيد الثقة في نفسه، أما النقد المباشر الجاف فإنه يُرسل رسالة له أنه مرفوض، وأن ما يقوم به كل خطأ وغير مقبول، فتهتز الثقة في نفسه.
لو مثلاً الأبن درجاته منخفضة في الامتحان في مادة ما، فالنقد السليم ليس اللوم وكيف أنه مهمل، لكن قبل كل شي نمدحه بصفات إيجابيه مثلاً: “أنت ذكي في مادة كذا، وأنت مجتهد في الدراسة وتحاول، لكن من الواضح أن لديك مشكلة في هذه المادة.”. أما النقطة الثانية هي أن نعطي له بدائل، مثلاً نعلمه طريقة المذاكرة الصحيحة. وأيضاً نفهم سب عدم قدرته على مذاكرة هذه المادة، فمن الممكن أن تكون صعبة وغير قادر على فهمها.. قد يكون محتاج للمساعدة. أتذكر يوماً سألني ابني جون: “يا ماما إزاي أذاكر الجغرافيا؟.. فهي صعبة وكل ما أذاكرها أنسى”، لقد كان يحتاج مني طريقة توجيه للمذاكرة.. والأن أكثر مادة متفوق فيها هي مادة الحغرافيا.
وفي النهاية.. أرجو أن تُفكر، هل أنت من النوع الذي يوجه النقد بطريقة لاذعة وعنيفة؟ لو أنت من هذا النوع من فضلك صلي لله وأطلب منه أن يساعدك كي تكون هادئاً ونقدك فيه حياة للغير.
هذا الأمر يحتاج منك لتدريب، وعليك قبل ما تبدأ أن توجه النقد لأحد أن تفكر في الكلمات الخارجة من فمك هل هي ينبوع حياة ولا ظلم.
قد تفشل.. ولكن فشلك مرة لا يعني أن تتوقف عن التدريب.. وفي كل مرة حاول مرة .. ومرة.. وبإصرارك سوف تنجح، وتُشفى من النقد اللاذع. ومن الضروري أن تلجأ للفيتامينات التي تقوي جهاز المناعة عندك كي لا يعود لك هذا المرض، وهذه الفيتامينات التي عليك تناولها يومياً دون إهمال هي كلمات الكتاب المقدس التي تقرأها يومياً دون إهمال.. عندها ستتعلم كلمات الحياة وكيف تكون مترفقاً بأسرتك.

بقلم: هايدي حنا – دبلوم في الإرشاد النفسي والمشورة الأسرية

inarabic.com