السير مع الرب

عندما يتعلق الأمر بمحبّة الناس، فإنّ الله هو أفضل نموذج! فالسير معه يكشف لنا حقيقة محبة المسيح.

وَانْصَرَفَ الرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَذَهَبُوا نَحْوَ سَدُومَ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ قَائِمًا أَمَامَ الرَّبِّ. فَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: أَفَتُهْلِكُ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ؟ عَسَى أَنْ يَكُونَ خَمْسُونَ بَارًّا فِي الْمَدِينَةِ. أَفَتُهْلِكُ الْمَكَانَ وَلاَ تَصْفَحُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الْخَمْسِينَ بَارًّا الَّذِينَ فِيهِ حَاشَا لَكَ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ هذَا الأَمْرِ، أَنْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ، فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالأَثِيمِ. حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ كُلِّ الأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلًا؟ تكوين 18: 22-25

لا بد لك أن تكون في علاقة جيدة مع شخصٍ ما حتى تحاججه أو تتحداه بهذه الطريقة التي تكلّم بها إبراهيم مع الرب. يقول الكتاب المقدس في يعقوب 4: 2-3،

“…تمتلكون، لأنكم لا تطلبون. تطلبون ولستم تأخذون، لأنكم تطلبون رديا لكي تنفقوا في لذاتكم.

في متى 5: 44، يطلب منا يسوع أن نصليّ بل أيضًا أن نحب الذين يضطهدوننا. يجب علينا أيضًا أن يكون لدينا هذا الاهتمام من أجل جميع الناس. تقول رسالة كورنثوس الأولى 2: 16 أنّنا “نحن لنا فكر المسيح” إذا كنا نسلك بالحكمة التي هي من الروح القدس. يقول أيضًا بولس في رسالة فيلبي 2: 5 أننا يجب أن نتملك الفكر الذي في المسيح يسوع أيضًا. وأخيرًا، الدعوى العليا للمسيحيّ مذكورة في رسالة يوحنا الأولى 2: 6 “مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا.”

لقد صلى إبراهيم من أجل خلاص النفوس. لقد كان إبراهيم في عهد مع الله، سار مع الله، تكلّم إلى الله، والله تكلّم إليه. وعندما كان إبراهيم يكلّم الله، كان الله يستمع إليه ويستجيب إلى ما كان يصلي من أجله. إبراهيم طلب الرحمة، والرب منحها بكلّ سرور.

صلاة:

أبي الحبيب، أنت الفخاري، ونحن الطين. شكّلنا من جديد كما يحسن في عينيك. أنت قلت إنّنا مخلوقين على صورتك وشبهك. وقلتَ أيضًا أننا قد امتزنا عجبًا. أشكرك لأنك خلقتني وخلصتني وأحببتني محبة أبدية. تلك المحبة التي ظهرت بإرسال ابنك الوحيد يسوع لكي يموت ليس فقط من أجلي، بل من أجل خطايا العالم أجمع. اغفر لي لأنني لم أصل إلى مستوى الدعوة العليا التي هي في المسيح يسوع. اهدني إلى طريق الأبدية. أبتِ، أريد أن أسير معك كما فعل إبراهيم. أريد أن أسمع صوتك وأتكلم إليك. علمني أن أكون مثل إبراهيم. ساعدني كي أسير في عهد معك. آمين.

صلاة المتواضع

وَلَمَّا كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً ظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَقَالَ لَهُ: أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. سِرْ أَمَامِي وَكُنْ كَامِلًا، فَأَجْعَلَ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَأُكَثِّرَكَ كَثِيرًا جِدًّا. فَسَقَطَ أَبْرَامُ عَلَى وَجْهِهِ. وَتَكَلَّمَ اللهُ مَعَهُ قَائِلًا: أَمَّا أَنَا فَهُوَذَا عَهْدِي مَعَكَ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ. (تكوين 17: 1-4)

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ للهِ: لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ! (تكوين 17: 18)

يبدو لنا من خلال النص أعلاه أنّ إبراهيم لم يكن يعوّل بقوّة على إسماعيل بعد أن وعده الله بإسحاق. لقد كانت صلاته من القلب. كانت صلاة مليئة بالاتضاع. في الأصحاح 22 من سفر التكوين، اختبر الرب إبراهيم من خلال دفعه إلى تقديم ابنه ابن الموعد، إسحاق، كذبيحة للرب. عندما أكون بحاجة إلى رحمة ومعونة من عند الرب، عليّ أن أصلي كما صلى داود في المزمور 51: 17.

“ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اَللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ.

الآن، أن نسأل الله بالإيمان هو أمر، وأن نطالبه بشيء ما هو أمرٌ آخر. يقول يسوع في متى 7: 7-11 أنّ كلّ ما علينا فعله هو أن نسأل، وأن نطلب، وأن نقرع. وبالتالي فسوف نُعطى ما نسأله، وسنجد ما نطلبه، وسيُفتح لنا الباب الذي نقرعه. إنّها وعود رائعة ومذهلة.

صلاة:

يا رب، ساعدني كي أدرك أنّك أنت صاحب السيادة في اختيارك وانتخابك للجميع، من الخدام إلى الملوك. أنت اخترت أن يسود يعقوب على عيسو، ولكن مع ذلك باركت عيسو أيضًا. أنت اخترت إبراهيم ونسله ليكون أبًا لأمم كثيرة، ولكنّك ما تزال تبارك الملايين من نسل إسماعيل. يا رب، أنا أعجز أمام كلماتك عندما تقول: “إنّي أرحم من أرحم، وأتراءف على من أتراءف.” سامحني إذا أظهرتُ أي شعور بالفخر باستحقاقي لهذه الرحمة. باسم يسوع أصلي. آمين.

الله يرى معاناتك!

“فَدَعَتِ اسْمَ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعَهَا: أَنْتَ إِيلُ رُئِي. لأَنَّهَا قَالَتْ: أَههُنَا أَيْضًا رَأَيْتُ بَعْدَ رُؤْيَةٍ؟” التكوين 16: 13

فرّت هاجر إلى القفر، وهناك ظهر لها ملاكٌ من الرب، وأخبرها أنّها حبلى بطفل، وأنّ نسلها لن يعدّ من الكثرة. وعندها أدركت هاجر أنّ الإله الحقيقي الواحد قد نظر إلى معاناتها وترأف عليها.

عرفت هاجر أنّه الرب عندما ظهر لها. تمامًا كما ظهر الرب لموسى في شقّ في الصخرة، (خروج 33: 22، 23). الرب يظهر لنا جميعنا ويدعو الجميع أولاده. الرب لا يظهر أيّ تحيّز تجاه أحد، ولا يريدنا نحن أيضًا أن نكون متحيّزين.

“يَا إِخْوَتِي، لاَ يَكُنْ لَكُمْ إِيمَانُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، رَبِّ الْمَجْدِ، فِي الْمُحَابَاةِ.” (يعقوب 2: 1)

لقد سمّيت هاجر جارية، وابنها إسماعيل وُلِد بطريقة طبيعية. وفي المقابل، في سفر التكوين 4، سمّيت سارة حرّة وابنها إسحاق ابن الموعد. لقد حوّل العداوة إلى سلام بين الاثنين وجعلنا واحدًا.

لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الاثْنَيْنِ وَاحِدًا، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ أَيِ الْعَدَاوَةَ. مُبْطِلًا بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ، لِكَيْ يَخْلُقَ الاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَانًا وَاحِدًا جَدِيدًا، صَانِعًا سَلاَمًا، وَيُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلًا الْعَدَاوَةَ بِهِ. فَجَاءَ وَبَشَّرَكُمْ بِسَلاَمٍ، أَنْتُمُ الْبَعِيدِينَ وَالْقَرِيبِينَ. لأَنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ.  (أفسس 2: 14-18)

صلّ الآن هذه الصلاة:

ربي الحبيب، اشكرك لأنك جعلت طريقًا حيث لا يبدو أنّ هناك طريق. عندما أكون في حالة اكتئاب، سأتذكر أنني أستطيع كلّ شيء في المسيح الذي يقويني. وتمامًا كما فتحت طريقًا لهاجر، سوف تجعل لي طريقًا. يا رب، أشكرك من أجل تشجيعك وتوجيهك وسلامك. عندما يقولون لي أنني لا أستطيع فعل شيء ما، أنت تشجّعني كي أقول: “أستطيع!” بمساعدتك. ساعدني كي أدرك أنّني إذا أردت أن يحدث شيء ما مختلف وغير عادي في حياتي. وفي حياة الآخرين، عليّ أن أتصرف وأن أفكر بطريقة مختلفة. ساعدني كي أفعل هذا بثقة وبإيمان! آمين.

الثقة بوعد الله

“بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ صَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى أَبْرَامَ فِي الرُّؤْيَا قَائِلًا: لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ. أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدًّا. فَقَالَ أَبْرَامُ: أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، مَاذَا تُعْطِينِي وَأَنَا مَاضٍ عَقِيمًا، وَمَالِكُ بَيْتِي هُوَ أَلِيعَازَرُ الدِّمَشْقِيُّ؟ وَقَالَ أَبْرَامُ أَيْضًا: إِنَّكَ لَمْ تُعْطِنِي نَسْلًا، وَهُوَذَا ابْنُ بَيْتِي وَارِثٌ لِي.” سفر التكوين 15: 2-3

بالرغم من أن أبرام “إبراهيم” لم يرَ الوعد يتحقق في ذلك الوقت، إلّا أنّ الرب كلّمه بكلمة رجاء. لقد صنع الرب عهدًا مع أبرام أنه لن يكون لديه ابنٌ فحسب، بل إنّ نسله سيكون بعدد نجوم السماء. إنّ ظروفنا في الكثير من الأوقات لا تعكس الحقيقة. فالله يذخر لنا أكثير بكثير ممّا يمكننا أن نرى في الحالة الطبيعية! علينا أن نسعى وراء الرب ونطلب منه أن يكشف لنا عن وعوده في حياتنا، تمامًا كما فعل أبرام.

إنّ “مساءلة الله” شيء و”سؤال الله” شيءٌ آخر. بالرغم من صراع أبرام مع نفسه وتساؤلاته حول من سيكون وريثه، فإنّ الرب كان يشجع إيمانه بشأن من ستكون ذريته المباركة. قال الله لأبرام في رؤيا: “لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ. أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدًّا” (تكوين 15: 1). قريبًا، سيصنع الله عهدًا مع أبرام ومع نسله، الذي أنا منه في المسيح (غلاطية 3: 29)

لن أتطلّع إلى ظروفي بشكل طبيعيّ على الإطلاق. أنا أخدم إله كلّ ما “يفوق الطبيعة.” وسأترك الكلمة الأخيرة دائمًا له. رغم الأسئلة الكثيرة والشك الذي ينتابني في هذا العالم، إلا أنني أخدم إلهًا عظيمًا وخططه هي دائمًا أعظم مما يمكنني أن أتصور. ليس عليّ أن أشكّ بقوّته، بل أن أتكل على وعده. لتكن الكلمات التالية هي صلاة قلبي:

أشكرك أيها الرب، من أجل سيادتك على حياتي. اغفر لي عندما أتولى زمام الأمور في حيياتي ولا أنتظر الأفضل منك. أنت هو الرب! أنت ربّي وإلهي! أنت هو المسيطر. أنت جالسٌ على العرش. ابقَ جالسًا على عرش قلبي دائمًا. أرجوك أن تتدخّل في ظروفي وتبطل كلّ أفكاري وشكوكي المتضاربة. أصلي أن تحوّل قلبي كي أطلب مشيئتك وخطتك، التي هي دائمًا الأفضل، ليس فقط من أجل حياتي، بل من أجل حياة الآخرين من حولي. أبتِ، أشكرك من أجل صلاحك، لأنّك إله صالح، وآبٌ صالح. إنّ خططك ومقاصدك لحياتي تفوق كلّ التصورات. ساعدني كي أراها بعيون الإيمان. آمين!

طاعة الرب

وَمَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَخَمْرًا. وَكَانَ كَاهِنًا للهِ الْعَلِيِّ. وَبَارَكَهُ وَقَالَ: «مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ». فَأَعْطَاهُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْء. تكوين 14: 18-20

نحن نعلم أن الله يريد أن يباركنا، فهو خالقنا، وأبونا، وهو الذي يعيننا، وهو الذي يحررنا من أعدائنا. ولكن هل تعلم أنه بإمكاننا أن نبارك الله؟ نحن نعطيه البركة عندما نصلي له ونقدّم له الشكر. نحن نباركه من خلال عبادتنا وسجودنا. كما يمكننا أن نباركه من خلال عشورنا. إنّ العشور هي شكل من أشكال العبادة للرب. تمامًا كما أعطى إبراهيم عشرًا من كل شيء يملكه.

كما يوصينا بولس في رومية 12: 14، علينا دائمًا أن “نبارك ولا نلعن” الناس الذين يضعهم الله في طريقنا، وبالتالي نعطي البركة للرب. نحن نعترف أنّه هو مصدر كلّ شيء صالح. ومن خلال عشورنا نحن نعطي الله ما هو له في الحقيقة، وهو سيقدس لنا الباقي. إنّ بركاته المادية ستحلّ علينا عندما نعطي نحن بدورنا.

افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. 1تسالونيكي 5: 16-18

صلِّ هذه الصلاة معي:

أبي السماوي، أشكرك من أجل وعودك الثمينة المقدسة والأبدية التي تقوّي إيماني. أنا أعترف بك سيّدًا على ظروفي المالية. أنا أريد أن أعطي بفرح ومن منطلق طاعتي لكلمتك. أشكرك من أجل بركاتك عليّ. أشكرك من أجل كلّ وعودك الثمينة المقدسة التي تشجّع إيماننا. أصلي أيضًا من أجل أن أشجّع الآخرين من خليقتك في مسيري اليومي. آمين.

أين هي الحقيقة؟

كل فرد في هذا العالم يظن نفسه ممسك بالحقيقة وبأن كل ما يطرحه هو الحق المطلق، لهذا نجد الكثيرين يدافعون عن معتقدات أو ديانات أو أفكار دون أن يقدموا أي مجهود في البحث الجدي

عن الحق الإلهي، فقط يصرخون بأعلى الأصوات بأنهم سائرون على السكة الصحيحة ويوهمون الجميع بأن كل من هو خارج دائرتهم هو على خطأ كبير، ولكن للأسف في النهاية سيتفاجىء كثير من الذين ادعوا انهم ممسكين بالحق فهم يعيشون في سراب كبير “توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت” (أمثال 25:16).

هناك معايير ثابتة نستسطيع من خلالها أن نبني أحكامنا على الأمور، فعندما نقول أن المسيح هو الحق الكامل وهو الذي قال “أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي الى الأب إلا بي” (يوحنا 6:14)، لن تنتهي القضية هنا، بل المعيار الأساسي في البداية مصداقية من قال هذا وهل هو يطبق ما قاله.

فكل ما قاله المسيح كان يقوم به بالقول والفعل، عندما قال أنا هو الحياة، أثبت هذا القول بقيامته من القبر، لو بقي المسيح جامدا في قبره كان كل ما قاله عن الحياة وبأن كل من يؤمن به سيحيا يذهب في مهب الريح، ولكن مصداقية أفعاله ثبتت أقواله المدهشة التي طرحها. “وإذ كن خائفات ومنكسات وجوههن ّ إلى الأرض قالا لهنّ. لماذا تطلبن الحيّ بين الأموات. ليس هو ههنا لكنه قام. اذكرن كيف كلمكنّ وهو بعد في الجليل قائلا إنه ينبغي أن يسلم ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة ويصلب وفي اليوم الثالث يقوم” (لوقا 7-5:24).

وحين قال يوحنا عن المسيح أن به كانت الحياة ومن غيره لم يكن شيء مما كان استند على أمور شاهدها في عينيه “الذي كان من البدء الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة” (1 يوحنا 1:1)، ألم يتلاقى المسيح مع الأعمى الذي كان همه الوحيد أن يبصر، في هذه الحادثة فعل المسيح كما فعل الله في خلق آدم وحواء، ففي سفر التكوين حين جبل الله من تراب الأرض ونفخ وصار آدم نفسا حيا، هكذا فعل المسيح مع الأعمى الذي كان من دون عيون “قال هذا وتفل على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الأعمى، وقال له اذهب اغتسل في بركة سلوام. الذي تفسيره مرسل. فمضى واغتسل وأتى بصيرا” (يوحنا 6: 9).

هذه المصداقية العالية الموجودة عند المسيح في أقواله وأفعاله تعطيه الحق الكامل ليقول أنه هو البداية والنهاية وهو منبع الحياة، لهذا صديقي القارىء إذا كنت من الذين يبحثون عن الحق تعال بموضوعية وطبق المعايير الإلهية والأرضية على شخص المسيح ستجد أنه وحده الحق الكامل وفيه ستجد الحقيقية الغائبة عن كثيرين.

كلمة الحياة

نؤمن بإله واحد (2)

يؤمن جميع المؤمنين بالله، بوجود الله، وكل موجود عاقل له شخصية، وصفات، وأسماء، وفي ضوء هذه المعطيات يمكننا أن نتعرف على بعض معاني الوحدانية، لنرى ما هو المقصود بوحدانية الله، وما هو الإيمان المسيحي بوحدانية الله؛ يستعرض الأستاذ عوض سمعان في كتاب”الله في المسيحية ص 42، 127″ بعض من صور هذه الوحدانية، ليصل إلى المفهوم المسيحي لمعنى وحدانية الله، فيقول:

الوحدانية المجردة

إن الوحدانية المجردة، تعني أن لا صفات فيها، ومَن يقولون بوحدانية الله المجردة، فهم بذلك ينأون بالله عن أن يتصف بأية صفة، باعتبار أن الله عندما يتصف بصفات معينة، فإنه يكون إلهاً محدوداً بحدود هذه الصفات، وهم يقولون بأن الله فوق الوجود، وفوق العالم، وفوق الإرادة، ونقطة الضعف في هذه الصورة من الوحدانية، إنها تجعل من الله غير موجود، لأن مَن هو فوق الوجود، يكون خارج الوجود، ومن هو فوق الإرادة غير مريد، ولذلك فإن إلهاً مثل هذا لا يمكن أن يكون إلهاً حقيقياً.

الوحدانية المطلقة

يؤمن أصحاب هذا الفكر، بأن الله كائن، موجود، ووجوده أمر حتمي، ووحدانيته مطلقة، لا حدَّ لها، وهم ينقسمون إلى فريقين عند نسبة الصفات لله، فمنهم مَن يقول أن الله ذات يتصف بالصفات السلبية، كعدم الإرغام، وعدم الجهل، وغيرها، ومنهم مَن يقول بأن الله ذات يتصف بكل الصفات الإيجابية كالعلم، والإرادة وغيرها، على أن هذه الصفات لم يكن لها ظهور أو مجال تعمل فيه، قبل الخلق، أي أن صفات الله كانت موجودة منذ الأزل، لكنها صارت فاعلة عند الخلق، لكننا إذا سلمنا بهذه النظرية نكون آمنا بأنه في لحظة من الزمن قد حدث تغير في الله، وحاشا لله من التغيير.

الوحدانية الجامعة المانعة

أي الشاملة والجامعة لكل ما هو لازم وجود صفات الله بالفعل، بصرف النظر عن وجود الكائنات أو عدم وجودها، لأنه بذلك يكون منذ الأزل الذي لا بدء له، عالماً ومعلوماً، عاقلاً ومعقولاً، محباً ومحبوباً، دون أن يكون هناك تركيب في ذاته أو شريك معه، الأمر الذي يتوافق كل التوافق مع كماله، واستغنائه بذاته عن كل شئ في الوجود.

وحدانية تتصف بكل الصفات الإيجابية اللائقة بها، وحدانية لها مميزات خاصة بها، تنشأ بسببها بينها وبين ذاتها علاقات خاصة منذ الأزل وإلى الأبد.

لذلك لا يٌقصد بوحدانية الله الجامعة المانعة أن هناك آلهة مع الله، أو أن هناك تركيب في ذاته، بل يقصد بها أن ذاته الواحدة التي لا تركيب فيها على الإطلاق، هي بنفسها جامعة مانعة، أي تتميز بكل المميزات الروحية اللائقة بكمالها، واستغنائها عن كل شئ غيرها منذ الأزل، وإذ كان الأمر كذلك فليس في إسناد هذه الوحدانية إلى الله ما يٌفهم منه أن له شريكاً أو به تركيباً [أنظر كتاب الله فى المسيحية لعوض سمعان – صفحة 127، 55].

(**) لا يمكن الاعتراض على استعمال صيغة الجمع بأنها صيغة تعظيم الذات لأن هذه الصيغة لا توجد في اللغة العبرية التي كتبت بها التوراة بدليل أن أقوال الملوك المدونة في التوارة هي بصيغة المفرد “أنا فرعون”، “أنا نبوخذ نصر”. فضلاً عن ذلك فإن الله العظيم لا يحتاج إلى تعظيم ذاته.

(***) هيبوستاسيس .. أقنوم

مصطلح الهيبوستاسيس باليونانية ύπόστασiς أي person أو Hypostasis، دخل هذا الاصطلاح في اللاهوت الكنسي مع بدايات القرن الرابع الميلادي وبعد اصطلاح “أوسيَّا” (oύσiα). وكان العلامة أوريجانوس المصري هو أول مَنْ ميَّز بين الهيبوستاسس (الأقنوم) والأوسيا (الجوهر)، في شرحه لإنجيل القديس يوحنا (2: 6).

وهذا المصطلح ينقسم إلى قسمين: ύπό (هيبو) أي “تحت”،و στασiς (ستاسيس) أي “قائم”. فالمصطلح يعني ما يعبِّر عن الوجود، أو ما يقوم عليه الشيء. والكلمة السريانية “أقنوم” تفيد نفس معنى الكلمة اليونانية ύπόστασiς (هيبو ستاسيس).

وتستخدم هذه الكلمة للتعبير عن التميز بدون انفصال، والأتحاد دون أندماج وقد تُرجمت في الكتاب المقدس “جوهر” ، وكانت تعني “طريقة للوجود” ، أو الشئ الموجود بذاته، والقائم على ذاته ، وحين استُخدمت كلمة “برسيونا” في اللاتينية للتعبير عن أي من أقانيم اللاهوت، كانت تعني حينذاك “طريقة للوجود”، فعندما نتحدث عن كلمة “أقنوم” أو الأقانيم الثلاثة ، فإننا نعني أن لكل أقنوم تميز “تعين”، عن الأقنومين الآخرين، دون انفصال عنهما، فالكلمة “أقنوم” تشير إلى كائن حي يستطيع أن يقول عن ذاته “أنا”، وعن الأقنوم الآخر “أنت”، كما يمكن أن يُقال عنه “هو”، وهذا ما نراه في الكتاب المقدس ، في قول الله ” «أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ.”(مزمور2 : 7)..

واستخدمت كلمة “هيبوستاسس” في العهد الجديد بمعنى {الجوهر الحامل}” ٣ الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي،” (عب 1: 3)،

فهي تعني أيضاً {الجوهر أو الأساس}:”٤ حَتَّى إِذَا جَاءَ مَعِي مَكِدُونِيُّونَ وَوَجَدُوكُمْ غَيْرَ مُسْتَعِدِّينَ لاَ نُخْجَلُ نَحْنُ ­ حَتَّى لاَ أَقُولُ أَنْتُمْ ­ فِي جَسَارَةِ الافْتِخَارِ هذِهِ.” (2 كو 9: 4)؛ “١٧ الَّذِي أَتَكَلَّمُ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ بِحَسَبِ الرَّبِّ، بَلْ كَأَنَّهُ فِي غَبَاوَةٍ، فِي جَسَارَةِ الافْتِخَارِ هذِهِ.” (2 كو 11: 17). ولذلك يمكننا أن نقول مع رسالة العبرانيين أن الإيمان هو جوهر ما يُرجى أو الأساس إلى ما يٌرجى. وهي نفس كلمة “هيوستاسيس” التي تُرجِمَت إلى {ثقة}:” ١٤ لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا شُرَكَاءَ الْمَسِيحِ، إِنْ تَمَسَّكْنَا بِبَدَاءَةِ الثِّقَةِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ،”(عب 3: 14)؛ “الإيمان هو الثقة بما يُرجى..” (عبرانيين 11 : 1).

والكلمة معروفة في الترجمة السبعينية للعهد القديم بمعنى “أساس”، أو “أساس الرجاء”. وفي الفلسفة اليونانية صار اصطلاح الـ”هيبوستاسيس” يتبادل مع اصطلاح “أوسيا” نفس المعنى، ويحل كل منهما محل الآخر..

تميز الأقانيم

أقانيم اللاهوت الثلاثة متحدون في الجوهر واللاهوت، ولكل أقنوم كامل صفات اللاهوت، أي أزلي وأبدي وغير محدود كلي القدرة والعلم والسلطان والقداسة. ولكن الأقانيم متميـزون، أي أن لكل أقنوم بعـض أعمال خاصة لا نستطيـع أن ننسبها إلى الأقنومين الآخرين. فهناك تميز واتحاد ولكن ليس هناك امتزاج أي لا نستطيع أن نقول أن الابن هو الآب ولا الآب هو الابن، مع أن الابن والآب واحد.

وواضح جداً من الكتاب أن أقنوم الابن هو الذي جاء إلى العالم متجسداً مرسلاً من الآب ليتم عمل الفداء بموته الكفاري على الصليب، فمكتوب فى (1يوحنا4: 10):

“فِي هَذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا”.

وفى (يوحنا 3: 16):

“لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأبديةُ”.

وفى (رسالة غلاطية 4: 4):

“وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ”.

والابن يقول فى (إنجيل يوحنا 16: 28):

“خَرَجْـتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إلى الْعَالَمِ وَأيضاً أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إلى الآبِ”.

فالآب هو الذي أرسل الابن، وهو الذي بذله لأجلنا وهو الذي قدمه كفارة عن خطايانا. والابن هو الذي خرج من عند الآب، وهـو الذي جاء إلى هذا العالـم مولودا من عذراء، وهو الذي مات على الصليب حاملا قصاص خطايانا. ولا نستطيع أن ننسب إلى الابن ما اختص به الآب. ولا ننسب إلى الآب ما اختص به الابن فنقول مثلاً أن الآب تجسد وأتى إلى العالم مولوداً ومات على الصليب. هذا خطأ محض لأن الذي تجسد هو أقنوم الابن فقط. ولا يجوز أن نقع في هذا الخلط في الكلام أو في الصلاة، ولو عن طريق السهو.

والروح القدس جاء إلى العالم في يوم الخمسين مرسلاً من الآب والابن، جاء بلاهوته غير متجسد ليشهد للابن وليسكن في جميع المؤمنين بعد أن ولدهم ولادة ثانية في كل الأجيال وفي كل مكان في العالم وهذا دليل على لاهوته غير المحدود الذي لا يتحيز بمكان أو زمان.

ومن اختصاص الابن أيضاً أن يدين الأشرار، الأحياء والأموات لأنه هو الذي أكمل الفداء على الصليب. ومما يبين هذا التميز بوضوح قول الوحي فى (إنجيل يوحنا 5: 22 – 23):

“ ٢٢ لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ، ٢٣ لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ. “.

ومن سخف القول أن هذا التميز يعني انقساماً أو تجزيئاً في اللاهوت لأن اللاهوت واحد غير محدود لا يدرك ولا ينقسم لأنه لا تركيب فيه. ولكن التميز هو في الأقانيم أو تعينات الله المتحدة في الجوهر بغير انقسام أو امتزاج.

ومن سخف القول أيضاً أنه إذا كان الله قد تجسد ونزل من السماء إلى هذا العالم فهل كانت السماء خالية في مدة التجسد؟

ومن الذي كان يدير الكون في تلك المدة؟

والخطأ كله يرجع إلى تطبيق ما للكائنات المحدودة التي تقع تحت حِسِّنا وبصرنا على الله غير المحدود الذي لا يتحيز بمكان أو زمان من الأزل وإلى الأبد، وبتطبيق أقيسة المحدود على الله غير المحدود.

الثالوث الأقدس

مما تقدم نرى أن الله أعلن ذاته في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، إلهاً واحداً لا نظير له ولا شريك في ثلاثة أقانيم: الآب والابن والروح القدس.

الآب هو الله،

والابن هو الله،

والروح القدس هو الله،

لا ثلاثة آلهة بل إله واحد، ذات واحدة، جوهر واحد، لاهوت واحد. ولكن ثلاثة أقانيم متحدون بغير امتزاج ومتميزون بغير انفصال. وكل أقنوم أزلي، أبدي، غير محـدود، لا يتحيز بمكان أو زمان، كلي العلم، كلي القدرة، كلي السلطان، لأن الأقانيم ذات واحدة.

هل هذا معقول؟

تبدو هذه الحقيقة معقدة فعلاً وصعبة الاستيعاب، ولكن أليس هذا دليلاً واضحاً على صحتها وعلى أن الله نفسه هو الذي أعلن ذاته بها؟ لأن الإنسان إذا أراد أن يزيف إيماناً أو يصنعه فإنما يصنعه وفق الفطـرة البشرية وفي مستوى العقـل ليسهـل قبـوله واستيعابه. أما إذا كان الأمر خاصاً بحقيقة الله غير المحدود فلا بد أن يكون الإعلان كبيراً فوق الفهم الطبيعي، وأسمى من العقل ولكن لا يتعارض معه، ليكون المجال لقبول الإعلان الإلهي، للإيمان ولنور الله في القلب كما يقول الكتاب المقدس فى (1كورنثوس 2: 14):

“الإنسان الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ (أي في ما لروح الله) رُوحِيّاً “,

فالإيمان بإعلان الله عن ذاته ثالوثاً، وإن كان يبدو صعباً، ولكنه معقول، بل هو المعقول لأننا سبق أن رأينا أن الوحدانية المطلقة لا تليق بالله لأنها تقتضي تنـزيهه عن الصفات والعلاقات. ولكن بما أن الله ذات فهو يتصف بصفات وله علاقات. ولكن بما أنه وحده الأزلي فلم يكن غيره في الأزل ليمارس معه الصفات والعلاقات. وبناء عليه تكون صفاته وعلاقاته عاطلة في الأزل ثم صارت عاملة بعد خلق الكائنات، وحاشا أن يكون الأمر كذلك لأن الله منـزه عن التغير، وهو مكتف بذاته، مستغن عن مخلوقاته. إذن لابد أن الله كان يمارس علاقاته وصفاته في الأزل مع ذاته لأن لا شريك له تركيب فيه. ولا بد في هذه الحالة من الاعتراف بأن وحدانيته جامعة، أي جامعة لتعينات الذات الواحدة، لأن من لا تعين له لا وجود له.

ولا تناقص بين الوحدانية والتعينات لأن الله واحد في جوهره وجامع في تعيناته، لأنه يمارس صفاته وعلاقاته مع ذاته بالفعل منذ الأزل، مع تعيناته وليس مع صفاته لأن الصفات معان، وليست تعينات عاقلة يمكن التعامل معها. فلا يقال مثلاً أن الله كان في الأزل يكلم صفاته ويسمعها ويبصرها ويحبها، أو أن صفاته كانت تكلمه وتبصره وتحبه ولكن نقرأ في الكتاب المقدس أن الابن يحب الآب، والآب يحب الابن قبل إنشاء العالم، والروح القدس هو “روح المحبة”… وكانت هناك مشورة في الأزل بين الأقانيم الثلاثة.

ولابد من الإقرار بتعينات الله وإلا جعلناه جوهراً غامضاً لا يمكن الاتصال به أو معرفة شيء عنه بينما يتفق الجميع على أنه تكلم مع موسى ومع إبراهيم وأظهر ذاته للأنبياء. ووجود التعينات في الله لا يمس وحدانيته كما قلنا لأن التعينات هم ذات الله وليسوا أجزاء من ذاته، حاشا. بل ذات واحدة، جوهر واحد، لاهوت واحد.

لاشك أن هذه الحقيقة فوق الإدراك البشرى لأنه لا شبيه لهذه الوحدانية في الكائنات المنظورة ولكن هذه الحقيقة لا تتعارض مع العقل بل هي معقولة. وقد شهد بمعقوليتها كثيرون من الفلاسفة الموحدين الذين تعمقوا في البحث.

أراء بعض الفلاسفة الموحدين في نوع وحدانية الله، وفي الأقانيم:

قال الإمام الغزالي في كتابه “الرد الجميل” المشار إليه في كتاب “تاريخ الفلسفة في الإسلام” صفحة 196 :

“يعتقد النصارى أن ذات الباري واحدة في الجوهر، ولها اعتبارات. والحاصل من هذا التعبير الاصطلاحي أن الذات الإلهية عندهم واحدة في الجوهر وإن تكن منعوتة بصفات الأقانيم“ .

وقال الشيخ أبو الخير الطيب في كتابه “أصول الدين” صفحة 153:

“أقوال علماء النصارى تشهد بتوحيدهم، لأنهم يقولون أن الباري تعالى جوهر واحد موصوف بالكمال، وله ثلاث خواص ذاتية كشف المسيح النقاب عنها وهي: الآب والابن والروح القدس. ويريدون بالجوهر هنا ما قام بنفسه مستغنياً عن الظروف“ .

هاتان الشهادتان عن الإيمان المسيحي قريبتان من الصحة. غير أنهما قالا عن الأقانيم أنهم “اعتبارات” أو “صفات”وهذا نقلوه عن بعض فلاسفة المسيحيين دون الرجوع إلى الكتاب المقدس.

وقال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني في كتابه “الطمس في القواعد الخمس”:

“وإذا أمعنا النظر في قول النصارى أن الله جوهر واحد وثلاثة أقانيم لا نجد بينهم وبيننا اختلافاً إلا في اللفظ فقط. فهم يقولون أنه جوهر ولكن ليس كالجواهر المخلوقة ويريدون بذلك أنه قائم بذاته، والمعنى صحيح ولكن العبارة فاسدة“ .

ولكن الواقع أنه لا فساد في العبارة، فقد شهد كثيرون من العلماء والفلاسفة أنه يمكن إطلاق كلمة “جوهر” على الله. فقد قال مثلاً الإمام جعفر بن محمد الأشعبي: “يتعين أن يكون الله جوهراً، أو جوهراً مع سلامة المعنى”. وقد جاءت كلمة “جوهر” مرة واحدة في الكتاب المقدس عن المسيح “الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ” (رسالة العبرانيين 1: 3).

وجاء في كتاب العقائد النسفية صفحة 162 :

“لا مخالف في مسألة توحيد واجب الوجود إلا الثنوية (أي الذين يعتقدون بإلهين: واحد للخير وآخر للشر) دون النصارى” أي أن النصارى موحِّدون.

وقال ابن سينا:

“الله علم وعالم ومعلوم،

وعقل وعاقل ومعقول،

ومحبة ومحب ومحبوب”.

وجاء في مجلة كلية الآداب الصادرة في مايو سنة 1934، وفي كتاب نصوص الحكم للفيلسوف محيي الدين العربي (صفحات 133، 134، 225، 226) ما يأتي :

“إن أول صورة تعينت فيها الذات الإلهية كانت ثلاثية، وذلك لأن التعيين كان في صورة العلم حيث: العلم والعالم والمعلوم حقيقة واحدة. كما أن أول حضرة إلهية ظهر فيها الله كانت ثلاثية لأنها حضرة الذات الإلهية المتصفة بجميع الأسماء والصفات. فضلاً عن ذلك فإن عملية الخلق نفسها تقتضي وجود الذات الإلهية، والإرادة، والقول: “كن”. فالتثليث هو إذن المحور الذي تدور حوله رحى الوجود وهو الشرط الأساسي في تحقيق الإيجاد. والخلق“ .

وقد أنشد الفيلسوف محيي الدين العربي في حب الله قائلاً:

“تثليث محبوبي وقد كان واحداً

كما صير الأقنام بالذات أقنما“.

ولا يقصد هذا الفيلسوف بهذا الشعر وبأقواله السابقة أن يؤيد العقيدة المسيحية لأنه كان من المسلمين المتمسكيـن، ولكنه أراد أن يعلن أن الله كان يظـهر دائماً في ثالوث هـو “العلم والعالم والمعلوم “. أو “الذات والإرادة والكلمة”. ويقصد أن مجرد اتصاف الله بصفات وقيامه بأعمال دليل على أنه تعالى ليس أقنوماً واحداً بل أقانيم.

وقال نفس هذا الفيلسوف “إن الله هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، وعين ما ظهر وعين ما بطن فالأمر حيرة في حيرة. واحد في كثرة، وكثرة مردها إلى واحد “ .

وقال ابن الفارض:

“الحمد لله الذي تجلى بذاته، فأظهر حقائق أسمائه وصفاته، فجعلها أعيانا ثابتة وحقائق عينية“ .

وقال الشيخ البيجوري:

“الحاصل أن الوحدانية الشاملة هي وحدانية الذات، ووحدانية الصفات، ووحدانية الأفعال“ .

وقال صاحب التحقيق:

“أرى الكثرة في الواحد. وإن اختلفت حقائقها وكثرت فإنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين“ .

وقال الإمام الغزالي:

“من ذهب إلى أن الله لا يعقل نفسه إنما خاف من لزوم الكثرة”.

ثم قال “إن كان عقل الله ذاته فيرجع الكل إلى ذاته فلا كثرة إذن. وإن كانت هذه كثرة فهي موجودة في الأول”(أي أنها أصلية في الله أزلاً).

وقال الأستاذ عباس محمود العقاد في شرحه لاعتقاد المسيحييـن فـي ذات الله (كتاب الله صفحة 171):

“إن الأقانيم جوهر واحد. وإن “الكلمة ” و”الآب” وجود واحد، وإنك حين تقول “الآب” لا تدل عن ذات منفصلة عن “الابن” لأنه لا انفصال ولا تركيب في الذات الإلهية“ .

عقيدة الثالوث ليست مقتبسة من الوثنية:

يقول البعض، إما عن عدم درس وفهم أو عن سوء نية بغرض التضليل، يقولون أن عقيدة الثالوث كانت موجودة عند الوثنيين في الهند، وكانوا يطلقون على إلههم المثلث: براهما، وفشنو، وسيفا ويقولون أن البوذيين كانوا يعتقدون أن بوذا ذو ثلاثة أقانيم: الأول والوسط والآخر. وأن قدماء المصريين كانوا يعتقدون بآلهة ثلاثية: الأولى أمون، وكونس، وموت. والثانية: أوزيريس، وايزيس، وحورس. والثالثة: خنوم، وساتيت، وعنقت. وأن الأول من كل مجموعة هو الآب والثاني هو الابن والثالث هو الروح القدس كما هو الحال عند المسيحيين. ويقولون أن البابليين والفرس والصينيين كانوا يعتنقون مثل هذه العقيدة.

والواقع أن كل هذه الأقوال هراء في هراء وليس لها أي نصيب من الصحة. وهي تقال لتضليل غير الدارسين. ولكن بالدرس الدقيق لتلك الديانات يتضح أن براهما وفشنو وسيفا عند الهنود ثلاثة آلهة مختلفون عن بعضهم تماماً.

أما بوذا فكان رجلاً عادياً عاش في الهند حوالي سنة 500 قبل الميلاد وكانت له تعاليم معينة.

أما آلهة المصريين فهي لا تنص على أن كل مجموعة من آلهتهم إله واحد بل ثلاثة آلهة مختلفون عن بعضهم تماماً فكانوا يمثلون أمون برجل وكونس (أوخنسو) بالقمر، وموت بأنثى النسر. وأوزيريس برجل، وايزيس بامرأة، وحورس بالصقر، وخنوم بالكبش، وساتيت بامرأة هي زوجته الأولى، وعنقت زوجته الثانية.

ولا مجال هنا للكلام عن الأوثان الأخرى عند البابليين والفرس وغيرهم.

فأي افتراء متعمد بجهل تتضمنه أقوال أولئك المعترضين!

ويكفى هنا أن نثبت بطلان هذه الأقوال من الوجهة التاريخية باقتباس أقوال الأستاذ عباس محمود العقـاد في كتـاب “الله” صفحات 149إلى 154 ونلخصها فيما يلي:

“فكرة الله في المسيحية لا تشبهها فكرة أخرى من ديانات ذلك العصر الكتابية أو غير الكتابية. وروح المسيحية في إدراك فكرة الله هي روح متناسقة تشف عن جوهر واحد، ولا يشبهه إدراك فكرة الله في عبادة من العبادات الوثنية. فالإيمان بالله على تلك الصفة فتح جديد لرسالة السيد المسيح لم يسبقه إليها في اجتماع مقوماتها برسول من الكتابيين ولا غير الكتابيين. ولم تكن أجزاء مقتبسة من هنا أو هناك، بل كانت كلاماً متجانساً من وحي واحد وطبيعة واحدة“ .

كنيسة كلمة المصالحة

نؤمن بإله واحد (1)

قانون الإيمان: نؤمن بإله واحد

بالحقيقة نؤمن يإله واحد لنا لا شريك له، كما أوصى الرب شعبه فى (سفر الخروج 20 : 3) قائلاً:

“لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.”..

كما قال الرب يسوع المسيح فى صلاته التشفعية بجثماني فى (إنجيل يوحنا 17 : 3):

“ وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ “.

ويكمل الكتاب المقدس حول الإيمان بوحدانية الله قائلاً فى (رسالة القديس بولس الرسول لأهل رومية 3 : 30):

“لأَنَّ الإِلهَ وَاحد،..”.

وفي (إنجيل مرقس ٣٢:١٢ ):

“فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ:«جَيِّدًا يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ قُلْتَ، لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.”.

وفى (الرسالة الأولى لأهل كورنثوس 8 : 4):

“وَأَنْ لَيْسَ إِلهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِدً“.

وفى (الرسالة الأولى لأهل كورنثوس 8 : 6):

“ لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ. ” .

وفى (رسالة غلاطية 3 : 20):

“ وَأَمَّا الْوَسِيطُ فَلاَ يَكُونُ لِوَاحِدٍ. وَلكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ.”

وفى (الرسالة الأولي إلى تيموثاوس 2 : 5):

“ لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ،”.

وفى (رسالة يعقوب 2: 19):

“ أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ. حَسَنًا تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ!”.

وفى (سفر التثنية 6 : 4):

“اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ “

وفى (إنجيل يوحنا 5 : 44):

“كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْدًا بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ”.

وفى (سفر إشعياء 44 :24):

“أَنَا الرَّبُّ صَانِعٌ كلَّ شَيْءٍ نَاشِرٌ السَّمَاوَاتِ وَحْدِي.بَاسِطٌ الأرض. مَنْ مَعِي؟”.

وفى (سفر إشعياء 45 :5):

“أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلهَ سِوَايَ. نَطَّقْتُكَ {أى منطقتك بالقوة –ألبستك منطقة- وهو تعبير مجازي} وَأَنْتَ لَمْ تَعْرِفْنِي.”.

وفى (سفر إشعياء 45 :21):

“أَلَيْسَ أَنَا الرَّبُّ وَلاَ إِلَهَ آخَرَ غَيْرِي؟ إِلَهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ. لَيْسَ سوَايَ“.

وفى (سفر التثنية 4 : 39):

“فَاعْلَمِ الْيَوْمَ وَرَدِّدْ فِي قَلْبِكَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الإِلهُ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَعَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ. لَيْسَ سِوَاهُ “.

وفى (سفر ملاخي 2 : 10):

” أَلَيْسَ أَبٌ وَاحِدٌ لِكُلِّنَا؟ أَلَيْسَ إِلهٌ وَاحِدٌ خَلَقَنَا؟ فَلِمَ نَغْدُرُ الرَّجُلُ بِأَخِيهِ لِتَدْنِيسِ عَهْدِ آبَائِنَا؟”.

لذلك تؤمن “كنيسة كلمة المصالحة” بإله واحد وهذا الإيمان تدرج لنا من آدم إلى نوح إلى إبراهيم إلى الرسل هذا هو إلهنا الذى نؤمن به وهذا القانون هو خلاصة خبرة هؤلاء جميعاً وقد تم تدوينه بالروح القدس فى الكتاب المقدس الذى بين أيدينا.

وحدانية الله

لكن ما هو نوع هذه الوحدانية (*)؟

هل هي وحدانية مجردة أو مطلقة؟

لو كان هكذا سيظل السؤال الذي حير الفلاسفة دون إجابة وهو:

ماذا كان يقول أو يفعل الله الآزلي قبل خلق الكون والملائكة والبشر إذ لم يكن سواه؟

هل كان يتكلم ويسمع ويحب أم كان في حالة صمت مطبق – حاشا لله جل جلاله- دون إظهار أي من صفاته وطبيعته قبل خلق الملائكة والبشر، فمع من كان يتكلم أو يسمع أو يحب أو يمارس صفاته أو طبيعته؟ أعلن الكتاب المقدس الحل الأوحد لهذه المعضلة وهي أن وحدانية الله ليست مجردة مطلقة بل هي وحدانية جامعة مانعة.

جامعة لكل ما يلزم لها ومانعة لكل ما عداها.

وبناء على هذه الوحدانية الجامعة المانعة فى الله منذ الأزل وللأبد هو كليم وسميع ومحب ومحبوب دون حاجة إلى شيء أو شخص لإظهار طبيعته وصفاته.

قبل أن أبين بالأدلة العقلية والنقلية والمنطقية النوع الوحيد للوحدانية التي تليق بالله جل جلاله، وأؤيد ذلك بشهادة الفلاسفة الذين يؤمنون بالتوحيد، قبل ذلك أرجع إلى الكتاب المقدس الذي اقتبسنا منه بعض الآيات الدالة على وحدانية الله حيث نجد فيه صيغة الجمع (*) في اسم الله عز وجل، تلك الصيغة التي وردت في العهد القديم نحو ثلاثة آلاف مرة فضلا ًعن العبارات الكثيرة الواضحة التي نجد فيها لا ما يفيد الجمع فقط بل الثالوث بالتحديد. وإليك بعض الشواهد الكتابية من العهد القديم:

أول آية في الكتاب المقدس وردت فى (سفر التكوين1 :1):

“فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض”.

وفي (العدد 26 من نفس الإصحاح) يقول الله:

“نَعْمَلُ الإنسان عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا”،

وفي (عدد 22 من الإصحاح الثالث) يقول الله:

“هُوَذَا الإنسان قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا”.

وقوله تعالى “كواحد منا” يدل على وجود أقانيم في اللاهوت.

وفي (العدد السابع من الإصحاح الحادي عشر) يقول الله:

“هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ”.

وفي (مزمور 45: 6-7) نقرأ :

“كُرْسِيُّكَ يَا اللهُ إلى دَهْرِ الدُّهُورِ.

قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ.

أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلَهُكَ بِدُهْنِ الاِبْتِهَاجِ “.. وهنا نرى الآب والابن.

وفي (المزمور الثاني) نجد الله الآب الماسح، والله الابن الممسوح، والروح القدس المسحة “وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ” (1يوحنا 2: 20)، فنقرأ قول الآب عن الابن:

“أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي” (مزمور 2: 6). وقول الابن عن الآب:

“قال لي: أَنْتَ ابْنِي. أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ” (ع7).

وقول الروح القدس عن الابن :

“اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ. قَبِّلُوا الاِبْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ” (ع 11، 12).

وفي (مزمور 110 : 1) نقرأ:

“١ قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ».“.. وهنا نرى الآب والابن.

وفي (سفر إشعياء 6: 8):

“مَنْ أُرْسِلُ (بالمفرد) وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا (بالجمع)؟“.

وفي (إشعياء 48: 12، 16) نقرأ:

“أَنَا الأول وَأَنَا الآخِرُ (الابن)… مُنْذُ وُجُودِهِ (الآب) أَنَا هُنَاكَ (الابن). وَالآنَ السَّيِّدُ الرَّبُّ (الآب) أَرْسَلَنِي (الابن) وَرُوحُهُ (الروح القدس) “..وهنا نرى ثالوثاً في اللاهوت ثم إليك هذه الشواهد من العهد الجديد:

نقرأ في (إنجيل متى 3: 16، 17) أن الرب يسوع له المجد عندما اعتمد من يوحنا في نهر الأردن انفتحت له السموات وأتى عليه الروح القدس “نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِياً عَلَيْهِ وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» “وهنا أيضاً نرى الأقانيم الثلاثة.

ونقرأ في (إنجيل متى 28: 19) قول الرب يسوع لتلاميذه “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسم الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. “فنجد هنا أقانيم اللاهوت الثلاثة ونلاحظ أن الرب يسوع يقول “باسم” لا بـ “أسماء” لأن الثلاثة هم واحد، الله الواحد.

ونقرأ في (إنجيل يوحنا 14: 16، 17، 26) “وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إلى الأَبَدِ رُوحُ الْحَقِّ… وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسمي”. وهنا نجد الأقانيم الثلاثة.

ونقرأ في (2كورنثوس 13: 14) “نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ”. وهنا نجد الأقانيم الثلاثة.

ونقرأ في (رسالة غلاطية 4: 6) “بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إلى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: «يَا أَبَا الآبُ». “وهنا نرى الأقانيم الثلاثة… وكذلك في (رسالة أفسس 2: 18) حيث نقرأ “لأَنَّ بِهِ (بالمسيح) لَنَا كِلَيْنَا (اليهودي والأممي) قُدُوماً فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إلى الآبِ “… وكذلك نقرأ فـي (رسالة يهوذا 20، 21) “مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ“ .

ولأن الله بثالوث أقانيمه (***) هو إله واحد لذلك عندما يذكر الكتاب المقدس أقنومين أو أكثر لا يأتي بالفعل في صيغة المثنى أو الجمع بل في صيغة المفرد. مثال ذلك قوله فى (1تسالونيكى3: 11):

“وَاللهُ نَفْسُهُ أَبُونَا وَرَبُّنَا يَسُوعُ الْمَسِيحُ يَهْدِي (بالمفرد) طَرِيقَنَا”.

وأيضاً فى (2 تسالونيكي 2: 16، 17):

“وَرَبُّنَا نَفْسُهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، وَاللهُ أَبُونَا… يُعَزِّي (بالمفرد) قُلُوبَكُمْ”.

ونلاحظ في هذه الآية تقدم ذكر الابن عن الآب لأن الأقانيم الثلاثة واحد في اللاهوت.

ومن الخطأ أن نقول: الأقنوم الأول، والثاني، والثالث. ونقرأ أيضاً فى (سفر الرؤيا 11: 15):

“قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا (الآب) وَمَسِيحِهِ (الابن)، فَسَيَمْلِكُ (بالمفرد) إلى أَبَدِ الأبدينَ”.

وأيضاً فى (سفر الرؤيا 22: 3):

“سَيَكُونُونَ كَهَنَةً لِلَّهِ وَالْمَسِيحِ، وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ”(بالمفرد) ألف سنة (رؤيا 20: 6). وأيضاً “وَعَرْشُ اللهِ وَالْحَمَلِ (المسيح الفادي) يَكُونُ فِيهَا (عرش واحد)، وَعَبِيدُهُ يَخْدِمُونَهُ (بالمفرد)”.

(*) الوحدانية، تأتي من الأصل “واحد”، والوحدانية Unity، تختلف عن الوحدة Unit، التي تعني وحدة مفردة، أو وحدة قياس، وتختلف أيضاً عن Unite ، التي تعني “اتَّحد أو تأَلَّف”[ Karmi, S Hasan. Al-Manar, An English – Arabic Dictionary. 1971.pp 809.]،

لذلك عندما نقول بوحدانية الله، فإننا لا نقصد الوحدانية الحسابية العددية، لأن الله لا يُعد، ، لكننا نُعلِّم بأن الله واحد، ويظل السؤال: ماذا نعني بوحدانية الله؟ أو ما هو المقصود بالقول أن “الله واحد”؟!.

وبدراسة المعاني المختلفة للوحدانية نجد أمامنا بعض المفاهيم عن الوحدانية، فما هي يا ترى الوحدانية التي لله؟.

كنيسة كلمة المصالحة

الخشبة التي تنقذ من الموت! (4)

فكيف للعدل والرحمة أن يلتقيا؟
ولك أن تتخيل اخي المُسلم أذا قتل أحدهم شخصاً وذهب إلى البوليس وسلم السلاح المستخدم فى القتل وأرشدهم عن جثة القتيل وتم القبض عليه وبعدها وقف أمام القاضي قائلاً له:
أننى سأقوم بدفع كل ما أملك صدقة وهبة للمحتاجين.. وسأقوم بأداء كل الفرائض وتكليف العبادات، بل وأصلي الفرض بفرضه، وأقوم بعمل النوافل.. وسوف أسع وأحج بيت الله.. وأصوم كل صيام مفروض علىً.. فأنا نادماً تأباً أتوب الأن أمام الله وأمامك ولن أفعل ذلك فيما بعد ياسيادة القاضي الرحيم..

فهل سيفرج عنه القاضى؟
طبعاً لا.. وهذا مافعله محمد مع الزاني المدعو {الإسلمي}.. كما ذكر فى (صحيح البخاري- كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة – 13 – باب: هل يقول الإمام للمقرِّ: لعلك لمست أو غمزت – الحديث رقم 6438).. عندما أعترف بزناه وتاب إلا أن محمد رجمه بعد أن تاب..!
هذا عكس مافعل الرب مع التى أمسكت فى ذات الفعل فقد قال لها ولا أنا أيضاً أدينك، أذهبى بسلام .. لقد غفر الرب خطاياها لآنه بعدها صلب من أجلها رافعاً كل خطاياها وكل خطايا البشر على عود الصليب.. وفيه يقول المرنم “الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا.” (مزمور 85: 10).
ويقول القديس بولس الرسول”وَيُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ {أى بالصليب}.” (رسالة أفسس 2 : 16).

ولكن من هو الفادي الذي يصلح ليقوم بفداء الإنسان والمُكفر الذى يكفر عن الانسان سيئاته أمام عدل الله؟
1- هل هو ذبيحة حيوانية تكفر عن الإنسان؟
إذا كانت الكفارة تعني الستر والغطاء، فلا يصلح أن تكون الذبيحة أقل في قيمتها من قيمة الإنسان ليمكنها أن تكفِّر عنه، أي تغطيه وتستره. وعليه فلا تنفع ذبيحة حيوانية ” ٤ لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا.” (رسالة العبرانيين 10: 4).

2- هل يصح أن يكون الفادي إنسان عادي؟
يجب أن يكون الفادي خالياً من الخطية. فلو كان خاطئاً، لاحتاج هو نفسه لمن يكفِّر عنه وما صَلُح لكي يفدي غيره. ولهذا ففي العهد القديم، عهد الرموز، كان يلزم أن تكون الذبيحة بلا عيب.. وعليه فإن الإنسان العادي، نظراً لأنه مليء بالعيوب، لا يصلح لكي يكفِّر عن البشر.

3- هل ينفع أن يكون الفادي إنساناً باراً مثل أخنوخ أو نوح أوأيوب؟
مع أن كل البشر خطاة، وليس بار ولا واحد” ١٠ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ.” (رسالة رومية 3: 10). لكن هب أننا وجدنا شخصاً بلا خطية، فهل يصلح ليفدي؟ الواقع إنه نظراً لأن هذا الفادي مطلوب منه أن يفدي لا إنساناً واحداً بل كثيرين، فإنه حتى لو وجدنا الشخص البار، فإنه لن يصلح أن يقوم بفداء الكثيرين بل يفدى نفسه فقط وكما يقول الكتاب فى (سفر حزقيال 14 : 13 – 14) ” ١٣ «يَا ابْنَ آدَمَ، إِنْ أَخْطَأَتْ إِلَيَّ أَرْضٌ وَخَانَتْ خِيَانَةً، فَمَدَدْتُ يَدِي عَلَيْهَا وَكَسَرْتُ لَهَا قِوَامَ الْخُبْزِ، وَأَرْسَلْتُ عَلَيْهَا الْجُوعَ، وَقَطَعْتُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ، ١٤ وَكَانَ فِيهَا هؤُلاَءِ الرِّجَالُ الثَّلاَثَةُ: نُوحٌ وَدَانِيآلُ وَأَيُّوبُ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يُخَلِّصُونَ أَنْفُسَهُمْ بِبِرِّهِمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.”، أى أن كل انسان بار يستطيع أن يخلص نفسه فقط لذلك يجب أن يكون الفادي بار غير محدود قيمته أكبر من جميع البشر معاً. وعليه فلا ينفع أن يكون إنساناً على الإطلاق.

4- هل ينفع أن يكون ملاكاً أو مخلوقاً سماوياً عظيماً؟
لنتخلص من المشكلة السابقة، هب أننا وجدنا مخلوقاً سماوياً عظيماً، قيمته أكبر بكثير من قيمة الناس، فهل يصلح هذا المخلوق أن يفدي البشر؟ الواقع إن الفادي لو كان مخلوقاً لا تكون نفسه ملكه هو بل ملك الله خالقها، لأن الجبلة ملك جابلها وبالتالي فلا يحق له أن يقدِّم نفسه لله، إذ أنها هي أساساً ملك الله. وعليه فإن الملائكة ورؤساء الملائكة لا يصلحون أن يفدوا البشر، لأنهم مخلوقون من الله.. لذلك نقول على المسيح أنه مولود غير مخلوق.

5- إذاً من هو الفادي؟
إن هذا الشخص – بالإضافة إلى كل ما سبق- ينبغي ويتحتم أن يكون إنساناً لكي يمكنه أن يُمثِّل الإنسان أمام الله، يملك روحه ويقدر أن يقيم نفسه بعد موته وكما يقول كاتب العبرانيين ” ٥ لِذلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ:«ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ، وَلكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا.”(رسالة العبرانيين 10: 5).. وبهذا وحده يمكن أن يكون نائباً عنه، وأن يمثله أمام الله.

سابعاً هل يمكن أن يضلل الله عباده طيلة ستة قرون ويخدعهم؟
هل من المعقول أن يخدع الله العباد ويوقع الشبه على شخص آخر ويجعل القاتل قتيل والقتيل قاتلاً.. ؟! كما يقول كاتب القرآن فى (سورة أل عمران 3: 54 – 55) “وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)”.. وإذا كان المُسلم يؤمن بأن إلهه خداع فهذه مشكلته وكما يقول كاتب القرآن فى (سورة النساء 4 : 142)” ِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ..”.. فلا يليق بالله أن ننسب له أعمال الظلمة التى تشين الانسان..
فهل يمكن أن يخدع الله البشر بأن يوقع الشبه على آخر ليظنوا ويعتقدوا أن المسيح صلب ودفن وقام لمدة 530 سنة قبل الإسلام ثم يأتى محمد ليقول أنه شبه به, هذا الكلام لا يليق بإله يترك أتباعه يؤمنون بشئ ثم يخبرهم بشئ آخر بعد 530 عاماً أو لعله نسى إخبارهم, إن هذا الكلام لا يؤمن به إلا ضعاف العقول.. وحاشا لله أن يفعل ما لا يليق بالتنزيه..
وفى ” وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ..” (سورة النساء 4 : 157) نلاحظ الأتي:
(أ) إستحالة تفسير النص “ولكن شبه لهم” بأن شَبَه المسيح وقع علي آخر أو آخرين للأسباب الآتية:
1 – غياب النص القرآني الصريح عن وقوع التشبيه علي شخص آخر.
2 – إنتفاء وعدم وجود شهود عيان لهذا التشبيه.. لا من أتباع المسيح و لا من أعدائه.
3 – إن رفع المسيح إلي السماء في حد ذاته ينفي الحاجة لأن يصلب شخص آخر مكانه وخاصة إن التفسير لا يقدم جواباً شافياً عن كون هذا الشخص مِقدَاما مُضحياً من أجل المسيح أم جباناً مُجرماً يأخذ عقاباً عادلاً.. وهذا ركن مهم جداً في نفي التشبيه.

(ب) إستحالة أن يكون رفع المسيح قد حدث قبل وفاته و بعثه حيا للأسباب الآتية:
1 – النصوص القرآنية التي تتكلم عن رفع المسيح تتكلم عن إن وفاته تسبق رفعه, مثل “متوفيك ورافعك” و “فلما توفيتني”.
2 – لا يوجد أي شاهد عيان سواء من أتباع المسيح أو من أعدائه شاهده وهو يُرفَع حيا قبل صلبه.
3 – تعارض قضيتي التشبيه والرفع يلزم بطلان كليهما أو إحديهما, فلوكان المسيح قد شُبّه فلماذا يُرفع وإذا كان قد رُفع فلماذا يُشبّه؟.. وحيث أن النص يقول برفعه فالتشبيه يكون تخيلاً وقع علي عقول اليهود لأن وفاة المسيح كانت بيد الله وليس بفعلهم, وببطلان تفسير التشبيه {إلقاء شبهِهِ علي آخر} فيكون رفعه قد تم بعد وفاته فعلاً بيد الله و بعثه حياً حسب وعد الله وحسب النص القرآني أيضاً.

ثامناً القرآن ينكر صلب المسيح وقتله بأيدي اليهود، مع أن اليهود يعترفون بذلك والمسيحيين يؤكدونه ويفتخرون به!
الإنجيل كله هو خبر صلب المسيح والبشارة به كفادٍ وذبح عظيماً للبشر.. بل وهناك العشرات من النصوص في القرآن التي تفيد أن القرآن جاء مصادقاً لما مع اليهود والمسيحيين من التوراة والإنجيل.. ويذكر القرآن في مواضع أخرى موت المسيح وقيامته وارتفاعه إلى السماء كقوله فى (سورة آل عمران 3: 55)” إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)”.. أنظر (سورة المائدة 5: 117).. (سورة مريم 19: 33).

تاسعاً أليس غريباً أن يجيء من ينكر صلب المسيح بعد حدوثه بستمائة سنة؟
إن حادثة الصلب حقيقة تاريخيّة سجّلها ودونها الرّومان واليونان واليهود والمسيحيين فى سجلاتهم.. كما أنه لم تترك ألأناجيل أى مجال للتفسيرات أو التأويلات المختلفة وذكرت وقت موت المسيح ومكانة وظروفة وواضح تماماً أنه صلب وقبر وقام من الأموات وعندما ذكرت هذه الكتب أنه تم صلبة خارج أسوار أورشليم فى عهد بيلاطس البنطى توافقت وتطابقت أقوالها مع الحقائق التاريخية الثابتة والأثار والمخطوطات.. فعلى المُدعى الذى لم يكن موجوداً فى تاريخ الصلب ولا من نفس البلد أن يأتي بالبينة التى تدحض كل الأدلة التاريخية والأثار والمخطوطات وشهادات الشهود من تابعي المسيح وأعدائه وأعتراف صالبيه بصلبه.. إلخ، والحقيقة أن أنكار صليب المسيح فى القرآن من أقوى الأدلة التى تثبت بشرية القرآن وأن كاتبه شاهد زور لأنه شاهد غير أمين.

عاشراً قانون الإيمان المسيحي:
في مجمع نيقية الذي انعقد سنة 325م أقر أساقفة العالم المسيحي قانون الإيمان مقرراً صلب المسيح لأجل خلاصنا، وهو القانون الذي تم كتابته من نصوص الإنجيل مثل (رسالة كورنثوس الأولى أصحاح 15 : 1- 9)” ١ وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ، وَقَبِلْتُمُوهُ، وَتَقُومُونَ فِيهِ، ٢ وَبِهِ أَيْضًا تَخْلُصُونَ، إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ كَلاَمٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلاَّ إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثًا! ٣ فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ، ٤ وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ، ٥ وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ. ٦ وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاق إِلَى الآنَ. وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. ٧ وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. ٨ وَآخِرَ الْكُلِّ ­ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ­ ظَهَرَ لِي أَنَا. ٩ لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ، أَنَا الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً، لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ.”.. وهذا القانون يتلوه كل مسيحي في كل كنيسة في كل مكان وزمان! وآثار المسيحيين في القرون العشرين الفائتة في كل أنحاء العالم تحمل شارات الصليب.. فكيف ينكر أحدٌ تاريخيّة الصليب؟

وآخيراً أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ:
أقول الصليب هو الحل الإلهي لأنقاذ أى انسان من طوفان غضب الله والحل لعطشك الروحي وعبورك لمجد الله وأنقاذك من الموت الأبدي.. والأهم أنه يجعلك وارثاً لله فى جناته.. وهذا ما قاله كاتب القرآن عن المؤمنين فى (سورة المؤمنون 23 : 10 – 11):
” أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)”،

وأيضاً قال فى (سورة القصص 28 : 5):
” وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ “،
مما جعل المؤمنين يقولون فى (سورة القصص 28 : 58):
“.. وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ”،

و كافئهم قائلاً فى (سورة الأعراف 7 : 43):
“.. وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ”،
وقال عن الجنة فى (سورة مريم 19 : 63):
” تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا”،
ودعى إبراهيم لله قائلاً فى ( سورة الشعراء 26 : 85):
“وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ”،
وفى (سورة الزخرف 43 : 72 – 73):
“وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)”.
أكد القرآن أن زكريا أبو النبي يحيى (يوحنا المعمدان) وقف متضرعاً طالباً من الله قائلاً فى (سورة مريم 19 : 5 – 7):
“فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا(7)”.. أى يرثه من بعد موته.
وأيضاً يقول القرآن (سورة النمل 27 : 16):
” وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ..”.. وذلك من بعد موته..

وبحسب (فقه) قانون المواريث وحتى يتحول
الأب لموَرِث،
وكل أملاك الأب لإِرثْ،
والابن لـــوًارث،
يلزم بيان موت الموصي ليتحول لمُوَرث (الأب) والابن يكون وارثاً يرث أبيه (البنوية هى العلاقة القانونية مع الأب) ويرث الابن كل أملاك الموَرث أى تتحول إلى إرث خص بالوارث.

وكما يقول الكتاب المقدس فى (رسالة العبرانيين 9 : 16 – 17):
“لأَنَّهُ حَيْثُ تُوجَدُ وَصِيَّةٌ، {أى وثيقة الأرث} يَلْزَمُ بَيَانُ مَوْتِ الْمُوصِي. (أى شهادة وفاته)، لأَنَّ الْوَصِيَّةَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمَوْتى، إِذْ لاَ قُوَّةَ لَهَا الْبَتَّةَ مَا دَامَ الْمُوصِي حَيًّا”.

قد يقول أحد ولكن الله وارث فى القرآن أيضاً واسمه الوارث:
كما ورد فى (سورة الحجر 15 : 23):
“وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ”…
بل ونجد أن كلمة الوارث أسم من اسماء الله الحسنى .
وهنا نسأل:
كيف يكون الله وارث؟
ووارث لمن؟
وما هو نوع هذا الأرث الذي سيرثه؟
وقد يقول البعض أن الله هو من له ما فى السماوات ووما على الأرض، رب كل شيء ووارثه ، وهو الباقي بعد فناء خلقه الذى لا يشاركه فى ملكه أحد وإليه يرجع كل شيء وكما يقول بالقرآن فى (سورة مريم 19 : 40) :
” إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ” .
وكما قال زكريا لله فى (سورة الأنبياء 21 : 89):
“وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ”.

ونسألك أخي المُسلم:
أذا سرق أحد اللصوص أمتعتك، وبينما أنت تطارده لتسترد حقك حدث له حادث أذ جاءت سيارة مسرعة وصدمته فمات وأخذت ما سرقه منك بعد موته..
فهل أنت وارث لهذا اللص أم مُسترد لما سلبه وسرقه منك؟
فكان بنبغي على الله أى يسمي نفسه بالمسترد للارض وما عليها وليس الوارث وشتان بين المُسترد والوارث.
أذاً كيف سنرث الجنة بحسب فقه المواريث؟
لكى تُرث الجنة عليك أن تكون ابن للمَورث (أى صاحب الجنة) وبعدها يلزم بيان موت المَورث (أى أعلام الوراثة).
قد شهد القرآن بأن الذين أتوا الكتاب من قبله يقولون أنهم أبناء الله وأحباءه فى (سورة المائدة 5 : 18): ” وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ.. “، فأصطدم محمد معهم لأنه لم يرى فيهم سمات الابن كحامل الطبيعة الإلهية بالرغم من أهميتها للأرث، فالبنوية هى العلاقة القانونية وتعصيب الوارث للمورث بل وأظهر رد محمد على اليهود والنصارى على عدم فهمه لمعانى البنوية والتبني.
ومن هنا أوجه سؤالي لأخي المُسلم ..
كيف سترث الجنة؟
ألم تسال نفسك هذا السؤال المهم..
ولكى ترث عليك أن:
1 – تكون لك علاقة قانونية مع المُورث تؤهلك لأن ترث أى ذو صفة قانونية للمورث صاحب الجنة..
2 – يلزم بيان موت المُوَرث أى صاحب الجنة.

ملحوظة هامة:
لن يدخل أحد الجنة بأعماله ولكن بِرَحْمَةٍ مِنْ الله:
قال محمد فى صحيح مُسلم – كتاب صفة القيامة والجنة والنار – بَاب لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ بَلْ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى:
“لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ قَالَ رَجُلٌ وَلَا إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَلَا إِيَّايَ إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ “..
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=8151&idto=8159&bk_no=53&ID=1312#docu

ولكن كيف يموت صاحب الجنة التى سأرثها ؟
عزيزي لقد كان الصليب هو شهادة وفاة صاحب الجنة وأعلام الوراثة القانوني الذي يؤهلك لتكون وارث لها،
ولآن الله هو “الحي القيوم” أى الحى الذى لا يموت وأن مات بعد تجسده يقوم بقوة نفسه،
الحى يعبر عن إلوهيته جل جلاله الذى لا مثل له ولا مثل أعماله لأنه هو عظيم وصانع العجائب..
والقيوم تعبير عن ظهور الله فى الجسد {مع إستبقاء طبيعته الإلهية الربانية دون أى تغير} ليكفر عنا سيئاتنا أمام عدل الله ويُدخل الإنسان للجنة بموت الظاهر فى الجسد على الصليب،
كما قال كاتب القرآن فى (سورة التحريم 66 : 8):
” يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ..”،
أى أن الله يدفع ويكفر لله عن سيئاتكم!!
ولكى يكون لك هذه العلاقة القانونية للمُورث وتكون وارث عليك أن تقبل وتصدق هذا العمل العظيم كما صدق النبي موسي وبني إسرائيل أن العصا هى الأداة الإلهية لعبورهم البحر وأنقاذهم من الموت فى البر ومصدراً لينابيع الماء ودخول الفراديس.. فعليك أن تصدق وتقبل لتتحول إلى ابن ووارث لتسكن مع الله إلى أبد الأبدين، وكما قال الكتاب المقدس فى (يوحنا 1 : 12 – 13):
” ١٢ وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ {أى قبلوا عمل المسيح} فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. ١٣ اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ.”.
وفى (رسالة رومية 8 : 15 – 17):
” ١٥ إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ {لأن العبد لا يرث} أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ:«يَا أَبَا الآبُ». ١٦ اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. ١٧فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ”.

عزيزي
أن أردت أن تقبل التحول من حياة العبودية لحياة البنوية، أرفع يدك وأدعو الله من كل قلبك قائلاً:
بابا، أقبلك الأن اباً لي الأن..
بابا أعطيك قلبي ومحبتي..
أقبل الصليب أداتك للخلاص
وأفتخر به لأنه إعلام الوراثة الذى يجعلني وارثاً لكل شيء فى اسم يسوع المسيح طلبت، أمين.

الأخ مجدي تاد
كنيسة كلمة المصالحة

الخشبة التي تنقذ من الموت! (3)

رابعاً ولكن من الذى صلب وقتل المسيح؟
عزيزي القارئ لا تتعجب عندما أقول لك أن القرآن يقول أن الله هو الذى صلب المسيح وقتله بحسب نصوص القرآن، ولدينا شاهدين واضحين على هذا الأمر:
الشاهد الأول:
ما ورد فى (سورة أل عمران 3 : 55):” إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ”.
ومنه نلاحظ الفعل المضارع “مُتَوَفِّيكَ” واضح ولا يحتاج إلى تفسير, ولكن كتب التفاسير وعلماء المُسلمين يفسرون هذا الفعل من الوفاة والموت إلى “الرفع”, والباحث الأمين يجد أن النص قد جاء مشتملاً على فعلين منفصلين لكل منهما معنى مختلف, بل أن كل منهما له عمل مختلف عن الآخر:
الفعل الأول: “مُتَوَفِّيكَ”،
الفعل الثانى: “رَافِعُكَ”،
و هنا نجد أن الفعل الثانى جاء مؤكداً على أن الفعل الأول إنما هو بمعنى الوفاة وليس الرفع، ولا مجال هنا على الإطلاق لتأويل هذا الفعل أو تغير عمله الحقيقى فالوفاه تعنى الوفاة، والوفاة محددة المعنى فهى الموت, ولا تعنى الحياة أو الرفع فبالوفاة تنتهى حياة الإنسان وترجع الروح إلى بارئها.. ولو قبلنا برأى علماء الإسلام من أن الفعل جاء بمعنى الرفع على سبيل الفرض لكان النص كالتالى:
“إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي رَافِعُكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ..” وهذا لا يجوز ولا يستقيم مع قواعد اللغه العربية , والتى هى سر إعجاز القرآن, كما تحدث محمد فى أحاديثة, فلا يجوز مجئ فعلين متتابعين لزمن واحد فى جملة واحدة..
والتفسير المنطقى لكلمة “متوفيك”هى مميتك وقابضك..
+ يقول بن عباس و وهب بن منبه و ابن أسحاق و أبن أنس وغيرهم فى تفاسيرهم:
” بأن الوفاة بمعنى القبض والموت”.
+ قال وهب:
“توفي ثلاث ساعات ثم رفع إلى السماء”.
+ قال محمد بن اسحاق:
“توفي سبع ساعات ثم أحياه الله ورفعه”.
+ قال البيضاوي فى تفسيره:
“قيل أمانة الله سبع ساعات ثم رفعه إلى السماء.. وقال أيضاً: “التوفي أخذ الشيء وافياً، والموت نوع منه”.
+ أما الزمخشري فقد قال:
“إني متوفيك معناه: مستوفي أجلك المسمى”.
+ يقول بن كثير فى تفسيره للنص عن أدريس:
“أن المسيح مات ثلاثة أيام ثم بعثه الله”.
+ القاموس المحيط – للفيروزآبادي– تحقيق محمد نعيم العرقسوسي – مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان – 1998 – صفحة 1343″.
الوفاة: الموت.. وتوفاه الله: قبض روحه.
+ لسان العرب – لإبن منظور – نخبة من الأساتذة المتخصصين – دار الحديث – القاهرة – مصر – 2003 – المجلد التاسع – صفحة 364″.
والوفَاةُ: المَنِيَّةُ.. والوفاةُ: الموت.. و تُوُفِّي فلان و تَوَفَّاه الله إذ قبض نَفْسَه, و في الصحاح: إذ قبض روحه, وقال غيره: توفِّي الميت إستيفاء مدته التي وفيت له وعدد أيامه وشهوره وأعوامه في الدنيا..

و معني هذا – بحسب قواميس اللغة العربية – إن الوفاه التي بيد الله هي الموت ولا مجال لأي إفتراضات أخري, أما القتل الذي إفتري به اليهود علي المسيح فهو بيد الإنسان و ليس بيد الله.. بمعني إن الإنسان يقتل أما الله فهو الذي يتوفي..

الشاهد الثاني:
“وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي {توفيتني بصيغة الماضى أى مات وقام ويتكلم مع الله} كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)” (سورة المائدة 5 : 116 – 118).

و فيه نجد عيسى يقول “فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي”، لأى تكلم بصيغة الماضى، والفعل الماضى فى اللغة العربية يفيد وقوع حدث والإنتهاء منه، وفى النص يعلن كاتب القرآن عن موت المسيح قد حدث و يتكلم لأنه قام من الأموات، ويتكلم مع الله.
وأيضاً يقول المسيح عن نفسه:
“وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ {وهنا الموت قبل البعث} وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)” (سورة مريم 19 : 33 – 34).
وفيه يتكلم المسيح عن نفسه بأنه سوف يموت، وتمهيد لتعريف الناس وإعلانهم أنه سوف يقتل, حتى تتهيئ الأذهان لذلك الحدث الجلل, الذى سوف يحدث فلا يوجد شك وهذا التأكيد المستقبلى واضح فى نصين هما:
1 – يقول إله القرآن عن يحيى بن زكريا:
” وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا” (سورة مريم 19 : 15).
2 – يقول عيسى عن نفسه:
” وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا” (سورة مريم 19 : 33).

وهناك شاهد ضمني يقول فى (سورة البقرة 2 : 87): “وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ”.

خامساً ولكن هل رفع الله مسيح القرآن قبل موته أم وهو نائم؟
هل الله رفع إليه عيسى وهو نائم وهل مازال عيسى نائماً عند الله إلى الأن، ولذلك فان المقصود بالتوفى هنا هو الموت وليس النوم والدليل على ذلك انه جاء فى (سورة مريم 19 : 31) على لسان عيسى:
“وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا”.. تنفيذا لتلك الوصية الإلهية لعيسى يتحتم علية دفع الزكاة مادام حياً إلا اذا كان يقوم بدفع الزكاة فى السماء وطبعاً من غير المعقول وجود دفع زكاة فى السما..

ولكن الاعتراض ان البعض يقول ان التوفي يعني الراحة أو النوم، والباحث فى القرآن يجد أن كلمة “الوفاة” قد وردت في القرآن 25 مرة جاءت كلها بمعنى (الموت) ولكن في آيتين فقط جاءت الوفاة بمعنى “النوم” وهما:
الآية الاولى:
جاءت فى (سورة الانعام 7 : 60):
“وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ {الموت الأصغر} وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ”..
الآية الثانية:
فى (سورة الزمر 39 : 42): “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”..
ونحن نسألك أخي المسلم أن تجيب على هذه الأسئلة الهامة:
س: هل تصدق ان النوم هو حالة وفاة يقبض فيها الله الروح ثم يعود يبعثها مرة آخرى قبل الإستيقاظ كما يقول القرآن فى النصين السابقين؟
س: لماذا أراد الله تنويم المسيح أو ما العلة وراء تنويم عيسى؟
س: وهل كان المسيح مصاباً بالأرق وهو الذى قال على نفسه “وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ {وهنا الموت قبل البعث} وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا” (سورة مريم 19 : 33)؟
س: وهل رفعه الله وهو نائماً؟
س : لماذا أنكر كاتب القرآن علي المسيح حق الشهادة في سبيل الله.. أليست قيامة المسيح من بين الأموات أي بعثه حياً، هو تطهير له من الذين كفروا، أي الذين ألصقوا به التهم لقتله؟
فوضحاً أنه فى موضوع المسيح لم يتكلم كاتب القرآن عن الوفاة بمعنى النوم ولكن تكلم عن الوفاة بمعنى القتل فى مسالة “وَقَوْلِهِمْ {أى اليهود} إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ”.. بالفعل اليهود لم يقتلوا المسيح ولم يصلبوه لانهم لم يكونوا اصحاب السلطة والحكم انذاك بل كان اليهود تحت الحكم الرومانى وولاية قيصر..
أنظر الإنجيل فى (لوقا 20 : 20) – (لوقا 23 : 2) – (يوحنا 19 : 15)..
ولكن هم الذين أسلموه للرومان لصلبه وقتله (لوقا 20 : 20).. (يوحنا 11 : 7).. (لوقا 20 : 1).
وقد خيل لليهود وتصوروا انهم قتلوه وأستراحوا عند تسليم المسيح للرومان حيث خيل لهم بذلك انهم هم الذين قاموا بصلبة فهم اصحاب لفكرة ولكن الرومان هم اصحاب تنفيذ الصلب نفسه .
ولو كان المقصود صلب انسان اخر مكان المسيح لقال “ولكن شبه لهم بآخر” ولكن هم تصوروا انهم هم الذين قتلوه ( يوحنا 19 – 6 ) لانهم كانوا يرفضوه ( سورة البقرة 2 : 87 ) .

سادساً : ولكن لماذا أمات الله المسيح بالصلب ؟
يقول القرآن فى (سورة الصافات 37 : 107): “وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ”.. وهو الحل الإلهي ليعود ابن إبراهيم حياً والعجيب أن يتفق المفسرين للاية أن هذا الكبش الأقرن هو نفس الكبش الذى قدمه هابيل ذبيحة وتقبله الله منه..
ويقول بن عباس: “خَرَجَ عَلَيْهِ كَبْشٌ مِنَ الْجَنَّةِ قَدْ رَعَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، فَأَرْسَلَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَهُ وَاتَّبَعَ الْكَبْشَ.. الْكَبْشُ الَّذِي ذَبَحَهُ إِبْرَاهِيمُ هُوَ الْكَبْشُ الَّذِي قَرَّبَهُ ابْنُ آدَمَ فَتُقُبِّلَ مِنْهُ”..
أنظر تفسير الطبري – محمد بن جرير الطبري – تفسير سورة الصافات – القول في تأويل قوله تعالى “وفديناه بذبح عظيم” – الجزء الحادي والعشرون – ص 88 – طبعة دار المعارف.
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=50&surano=37&ayano=107
وهنا نسال الأخ المُسلم:
إليس هذا الكبش رمزاً للذبيح العظيم الذى لم يستنكف أن يكون عبداً لله (سورة النساء 4: 172) .. ليموت من أجلك على الصليب لينقذك من الموت الأبدي؟
كيف قام هذا الكبش من الموت بعد أن قدمه هابيل وأحترق ليعيش 40 خريفاً ثم ينزل لفداء بن إبراهيم؟
هل الكبش الذى ذبحه إبراهيم فدوة عن ابنه إسحق هو العظيم؟
إلا تعلم يا أخي أن العظمة لله واحده، وهل يصح أن أخظأت لرئيسك فى العمل تصالحه بتقديم خروف أو تيس؟

وقد يقول احدهم:
ما الحاجة إلى فادي وصليب؟
ولماذا الصليب ولماذا لا يغفر للناس كغفور رحيم دون الحاجة للصليب؟
ونحن نسأل السائل
لماذا يكلف الله النبي نوح ببناء فلك فى ألف سنة إلا خمسين كما يقول القرآن “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ” (سورة العنكبوت 29 : 14) ..ولماذا لم يقل أنه غفور رحيم ويتمم الأمر بدون تجسد وصلب وقتل؟
عندما أخطأ أبونا آدم وسقط نتيجة آختياره الخاطئ للأكل من شجرة معرفة الخير والشر {الشجرة التى أوصى الرب أدم أن لا يأكل منها}.. وسقط محكوماً عليه بالموت الذى آختاره بكامل ذهنه ومشاعره وإرادته، ” لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” (رسالة رومية 6 : 23).. ولأن آدم الذى هو بذرة الشجرة الإنسانية ورأسها أصبح فاسد بفعل الخطية، بل وخميرة الفساد لكل نسله.. لذلك يقول الكتاب أن: “الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ.” (رسالة رومية 3 : 12)..
وأذ أن الله عادل ورحيم، والإنسان مدان أمام عدل الله ومحكوم عليه بالموت.. وبمحبته الكاملة وبرحمته يطالب الصفح والغفران للانسان، فأصبحا العدل والرحمة ضدان لا يلتقيان.. وصفات الله متساوية فى عملها لا يغلب أحدهما الأخر..

الأخ مجدي تاد
كنيسة كلمة المصالحة

الخشبة التي تنقذ من الموت! (2)

من جانب آخر يقول كاتب القرآن بلسان المسيح فى (سورة آل عمران 3 :49):
” وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49)”.
أى أن المسيح قادر على أقامة الموتي بإذن الله ولم يحدد كاتب القرآن أى نوع من الموتى، وهل من هؤلاء الموتى الذين أقامهم المسيح كان عظام رميم؟

وفى (سورة المائدة 5: 110):
” إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110)”.
وفى سورة المائدة يؤكد كاتب القرآن ان المسيح كان يخرج الموتى من قبورهم إلى الحياة وأيضاً لم يحدد كاتب القرآن أى نوع من الموتى، وهل من هؤلاء الموتى الذين أقامهم المسيح كان عظام رميم؟

المسيح أقام حام ابن نوح من الموت أى عظام وهو رميم:
“رَوَى عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى – عَلَيْهِ السَّلَامُ – : لَوْ بَعَثْتَ لَنَا رَجُلًا شَهِدَ السَّفِينَةَ يُحَدِّثُنَا عَنْهَا، فَانْطَلَقَ بِهِمْ حَتَّى انْتَهَى إِلَى كَثِيبٍ مِنْ تُرَابٍ فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ، قَالَ أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : هَذَا كَعْبُ {كعب قدم} حَامِ بْنِ نُوحٍ قَالَ فَضَرَبَ الْكَثِيبَ بِعَصَاهُ وَقَالَ : قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يَنْفُضُ التُّرَابَ مِنْ رَأْسِهِ، وَقَدْ شَابَ; فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أَهَكَذَا هَلَكْتَ ؟ قَالَ: لَا بَلْ مُتُّ وَأَنَا شَابٌّ; وَلَكِنَّنِي ظَنَنْتُ أَنَّهَا السَّاعَةُ فَمِنْ ثَمَّ شِبْتُ. قَالَ : أَخْبِرْنَا عَنْ سَفِينَةِ نُوحٍ ؟… إلخ ” فذكر الخبر بطوله.
أنظر الجامع لأحكام القرآن – تفسير القرطبي – محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي – تفسير سورة هود عليه السلام – قوله تعالى ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه – طبعة دار الفكر – الجزء التاسع – ص 29.
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=48&surano=11&ayano=40

ونفس الكلام قاله ابن كثير:
أنظر تفسير ابن كثير – تفسير القرآن العظيم – إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي – تفسير سورة هود – تفسير قوله تعالى”وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن” – الجزء الرابع – ص 320 – طبعة دار طيبة – سنة النشر: 1422هـ / 2002م.
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&surano=11&ayano=37

ملحوظة هامة: الزمن بين حام ابن نوح والمسيح حاولي 2400 سنة أى أربعة وعشرون قرناً.

ويؤكد البغوي فى تفسيره قائلاً:
“قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ أَحْيَا أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ، عَازِرَ وَابْنَ الْعَجُوزِ، وَابْنَةَ الْعَاشِرِ، وَسَامَ بْنَ نُوحٍ، فَأَمَّا عَازِرُ فَكَانَ صَدِيقًا لَهُ فَأَرْسَلَتْ أُخْتُهُ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّ أَخَاكَ عَازِرَ يَمُوتُ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَتَاهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَوَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ لِأُخْتِهِ: انْطَلِقِي بِنَا إِلَى قَبْرِهِ، فَانْطَلَقَتْ مَعَهُمْ إِلَى قَبْرِهِ، فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى فَقَامَ عَازِرُ وَوَدَكُهُ يَقْطُرُ فَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَبَقِيَ وَوُلِدَ لَهُ.
وَأَمَّا ابْنُ الْعَجُوزِ مُرَّ بِهِ مَيِّتًا عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى سَرِيرٍ يُحْمَلُ فَدَعَا اللَّهَ عِيسَى فَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِهِ، وَنَزَلَ عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ، وَلَبِسَ ثِيَابَهُ، وَحَمَلَ السَّرِيرَ عَلَى عُنُقِهِ وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَبَقِيَ وَوُلِدَ لَهُ.
وَأَمَّا ابْنَةُ الْعَاشِرِ كَانَ [أَبُوهَا] رَجُلًا يَأْخُذُ الْعُشُورَ مَاتَتْ لَهُ بِنْتٌ بِالْأَمْسِ، فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ [بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ] فَأَحْيَاهَا [اللَّهُ تَعَالَى] وَبَقِيَتْ [بَعْدَ ذَلِكَ زَمَنًا] وَوُلِدَ لَهَا. وَأَمَّا سَامُ بْنُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ جَاءَ إِلَى قَبْرِهِ فَدَعَا بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ فَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَقَدْ شَابَ نِصْفُ رَأْسِهِ خَوْفًا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ، وَلَمْ يَكُونُوا يَشِيبُونَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَقَالَ: قَدْ قَامَتِ الْقِيَامَةُ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّ دَعَوْتُكَ بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مُتْ قَالَ: بِشَرْطِ أَنْ يُعِيذَنِي اللَّهُ مِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ فَدَعَا اللَّهَ فَفَعَلَ”.
أنظر تفسير البغوي – الحسين بن مسعود البغوي – الجزء الثاني – ص 41 – طبعة دار طيبة.
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=51&ID=&idfrom=169&idto=278&bookid=51&startno=28

أما حديث سلمان الفارسي فقال أن الذى أقامة المسيح هو سام ابن نوح :
فقد ورد فى كتاب المنتظم في تاريخ الأمم لابن الجوزي:”أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُصَيْنِ بْن دُومَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَطَّان، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْرِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ:
” لَمْ يَبْقَ فِي مَدِينَتِهِمْ زَمِنٌ، وَلا مُبْتَلًى، وَلا مَرِيضٌ إِلا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَدَعَا لَهُمْ فَشَفَاهُمُ اللَّهُ، فَصَدَّقُوهُ وَاتَّبَعُوهُ، ثُمَّ قَالُوا لَهُ: ابْعَثْ لَنَا مِنَ الآخِرَةِ، قَالَ: مَنْ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: سَامَ بْنَ نُوحٍ، فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا أَلْفِ سَنَةٍ، قَالَ: تَعْلَمُونَ أَيْنَ قَبْرُهُ قَالُوا فِي وَادِي كَذَا وَكَذَا، فَانْطَلَقُوا إِلَى الْوَادِي، فصلى عِيسَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ إِنَّهُمْ سَأَلُونِي مَا قَدْ عَلِمْتَ فَابْعَثْ لِي سَامَ بْنَ نُوحٍ، فَقَالَ: يَا سَامُ بْنَ نُوحٍ، قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ، ثُمَّ نَادَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ، فَأَجَابَهُ فَنَظَرَ إِلَى الأَرْضِ قَدِ انْشَقَّتْ عَنْهُ فَخَرَجَ وَهُوَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، هَا أَنَا ذَا قَدْ جِئْتُكَ. فَقَالَ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، هَذَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، ابْنُ الْعَذْرَاءِ الْمُبَارَكَةِ، رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، فَآمِنُوا بِهِ وَاتَّبِعُوهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا رُوحَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَمَّا دَعَوْتَنِي جَمَعَ اللَّهُ مَفَاصِلِي وَعِظَامِي، ثُمَّ سَوَّانِي خَلْقًا، فَلَمَّا دَعَوْتَنِي الثَّانِيَةَ رَجَعَتْ إِلَيَّ رُوحِي، فَلَمَّا دَعَوْتَنِي الثَّالِثَةَ خِفْتُ أَنْ تَكُونَ الْقِيَامَةَ، فَشَابَ رَأْسِي وَأَتَانِي مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا عِيسَى يَدْعُوكَ لِتُصَدِّقَ مَقَالَتَهُ، يَا رُوحَ اللَّهِ سَلْ رَبَّكَ أَنْ يَرُدَّنِي إِلَى الآخِرَةِ فَلا حَاجَةَ لِي فِي الدُّنْيَا، قَالَ عِيسَى: فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَكُونَ مَعِي، قَالَ: يَا عِيسَى، أَكْرَهُ كَرْبَ الْمَوْتِ، مَا ذَاقَ الذَّائِقُونَ مِثْلَهُ فَدَعَا رَبَّهُ فَاسْتَوَتْ عَلَيْهِ الأْرَضُ، وَقَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، فَبَلَغَ عِدَّةُ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى سَبْعَةُ آلافٍ “.
قَالَ: منذ كم مت ؟ قَالَ: منذ أربعة آلاف سنة ما ذهبت عني سكرة الموت .
أنظر المنتظم في تاريخ الأمم لابن الجوزي – أبواب ذكر المخلوقات – باب ذكر عِيسَى ابن مريم عَلَيْهِ السلام. رقم الحديث: 116 – الجزء الثاني – ص 22).
https://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?indexstartno=0&hflag=&pid=405399&bk_no=837&startno=14

معاوية بن قرة يقول إِنَّ سَامَ بْنَ نُوحٍ هو الذى أقامه المسيح:
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب “من عاش بعد الموت” ص 59 – من طريق خَلَفِ بْن هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ مُوسَى، سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ، قَالَ:
“سَأَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالُوا: يَا رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ إِنَّ سَامَ بْنَ نُوحٍ دُفِنَ هَاهُنَا قَرِيبًا، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَبْعَثَهُ لَنَا، قَالَ: فَهَتَفَ نَبِيُّ اللَّهِ بِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا وَهَتَفَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَقَالُوا: لَقَدْ دُفِنَ هَاهُنَا قَرِيبًا، فَهَتَفَ نَبِيُّ اللَّهِ، فَخَرَجَ أَشْمَطُ، قَالُوا: يَا رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، نُبِّئْنَا أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ شَابٌّ، فَمَا هَذَا الْبَيَاضُ؟ فَقَالَ لَهُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا هَذَا الْبَيَاضُ؟ قَالَ:”ظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنَ الصَّيْحَةِ فَفَزِعْتُ” .
(إسناده صحيح عن معاوية بن قرة).
http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?hflag=1&bk_no=256&pid=822489

أما الزهري فيؤكد أن حام هو الذى أقامه المسيح:
أخرجه ابن الجوزي في كتاب “المنتظم في تاريخ الأمم لابن الجوزي”من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة، عَنِ ابْنِ الهاد، عَنِ ابْنِ شهاب، قَالَ: قيل لعيسى بن مريم عليه السلام: أحي حام بْن نوح، فَقَالَ: أروني قبره، فأروه فقام فقال: يا حام بن نوح احي بإذن اللَّه، فلم يخرج، ثم قالها الثانية، فإذا شق رأسه ولحيته أبيض. فَقَالَ: ما هَذَا؟، قَالَ: سمعت الدعاء الأول فظننت أنه من اللَّه عز وجل ، فشاب له شقي ، ثم سمعت الثاني فعلمت أنه من الدنيا فخرجت. قَالَ: منذ كم مت؟ قَالَ: منذ أربعة آلاف سنة ما ذهبت عني سكرة الموت”. وإسناده حسن عن الزهري.
أنظر المنتظم في تاريخ الأمم لابن الجوزي – أبواب ذكر المخلوقات – باب ذكر عِيسَى ابن مريم عَلَيْهِ السلام. رقم الحديث: 116 – الجزء الثاني – ص 22).
https://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?indexstartno=0&hflag=&pid=405399&bk_no=837&startno=14
ومما سبق نستنتج أن اصح الكتب الإسلامية تؤكد أن المسيح أحيا العظام وهي رميم وبحسب النص القرآني الوارد فى (سورة يس 36: 78 – 79):
“وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)”.
بما أن المسيح له القدرة على أحياء الموتي بعد أن تحولوا لعظام رميم.. أذاً هو الذى أنشأها أول مرة أى خالقها أى أن المسيح هو الله سبحانه وتعالَّ.
وللرد على قول المسيح “بأذن الله” أرجع لمقالتنا:
“قول المسيح فى القرآن “بِإِذْنِ اللَّهِ” يثبت أنه هو الله الظاهر فى الجسد”.
http://www.islamicbag.com/news-articles/our-articles/item/2190-christsayinginquran-god-swilling-approvesheisgodintheflesh

2 – المسيح هـوعـالم الغيب:
وبالرغم أم القرآن أختص الله وحده بالغيب وعلم الغيوب:
“.. فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ … ” (سورة يونس 10 : 20) و (سورة الرعد 13 : 9).
وأيضاً: ” قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ” (سورة النمل 27 : 65).
“هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ”(سورة الحشر 59 : 22).
” عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ” (سورة الجن 72 : 26).
إلا أن القران أختص المسيح بعلم الغيب فيقول عن نفسه:
“وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ”(سورة آل عمران 3 : 49).

3 – المسيح هـو الذى يحيي الموتى:
وبينما يختص القرآن الله بصفة أحياء العظام وهى رميم قائلاً:
“لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ” (سورة الدخان 44 : 8).
“وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ . قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ” (سورة يــس 36 : 78 – 79).

ثم يخص القرآن المسيح بأقامة وأحياء الموتي فيقول:
“وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ” (سورة آل عمران 3 : 49).
ويختصه إله القرآن بأخراج الموتى من القبور أى يحي العظام وهى رميم لآنه لم يحدد الفترة الزمنية التى قضاها هذا المقام من بين الأموات الخارج فى القبر قبل أن يقيمه المسيح، فيقول له:
“.. وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي.. “(سورة المائدة 5 : 110).
ويؤكد الجلالين فى تفسيره للنص أن المسيح هو الذى يحيى ويميت:
” قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ عَلَامَةٍ عَلَى صِدْقِي مِنْ رَبِّكُمْ هِيَ أَنِّي ، وَفِي قِرَاءَةٍ بِالْكَسْرِ اِسْتِئْنَافًا أَخْلُقُ أُصَوِّرُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ مِثْلَ صُورَتِهِ، فَالْكَافُ اِسْمُ مَفْعُولٍ فَأَنْفُخُ فِيهِ اَلضَّمِيرُ لِلْكَافِ فَيَكُونُ طَيْرًا ، وَفِي قِرَاءَةٍ طَائِرًا بِإِذْنِ اللَّهِ بِإِرَادَتِهِ فَخَلَقَ لَهُمُ اَلْخُفَّاشَ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ اَلطَّيْرِ خَلْقًا فَكَانَ يَطِيرُ وَهُمْ يَنْظُرُونَهُ فَإِذَا غَابَ عَنْ أَعْيُنِهِمْ سَقَطَ مَيِّتًا..”.
أنظر تفسير الجلالين – جلال الدين المحلي – جلال الدين السيوطي – سورة آل عمران – تفسير قوله تعالى ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه- طبعة دار ابن كثير –- سنة النشر: 1407 هـ.
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=341&idto=341&bk_no=211&ID=345

4 – المسيح هو الذى يرزقكم:
فالقرآن يختص الله بأنزال الرزق من السماء فيقول :”هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ” (سورة غافر 40 : 13).
و أيضاً يختص المسيح فى القرآن بأنزال الرزق الحسن من السماء لأشباع الجموع فيقول:
” قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ” (سورة المائدة 5 : 114).

5 – المسيح هــو الرب الشافي:
تحدى إبراهيم قومه وإلهتهم وأختص الله بأنه هو الشافى فى القرآن فقال: “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” (سورة الشعراء 26 : 80).. وهو النص الوحيد الذي يقر بأن الله يشفي من المرض..
بينما يختص المسيح نفسه إيضاً بأنه يبرئ ويشفي فيقول:
“وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ” (سورة آل عمران 3 : 49).
ويختصه الله بالشفاء فيقول له فى القرآن:
“وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي” (سورة المائدة 5 : 110).
{أبرىء الأكمة = أخلص المولود أعمى من العمى= المولود أعمى،}
ويقول الجلالين فى تفسيره للنص:
“وَأُبْرِئُ أَشْفِي الأَكْمَهَ اَلَّذِي وُلِدَ أَعْمَى وَالأَبْرَصَ وَخُصَّا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمَا دَاءَا إِعْيَاءٍ وَكَانَ بَعْثُهُ فِي زَمَنِ اَلطِّبِّ فَأَبْرَأَ فِي يَوْمٍ خَمْسِينَ أَلْفًا بِالدُّعَاءِ بِشَرْطِ اَلْإِيمَانِ..”.
أنظر تفسير الجلالين – جلال الدين المحلي – جلال الدين السيوطي – سورة آل عمران – تفسير قوله تعالى ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه- طبعة دار ابن كثير –- سنة النشر: 1407 هـ.
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=341&idto=341&bk_no=211&ID=345
ملحوظة:
البرص = مرض ليس له علاج قديماً وهو الجذام حديثاً.

6 – المسيح هـــو الحي القيوم:
“اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ” (سورة البقرة 2 : 255).
“اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ” (سورة آل عمران 3 : 2).
“وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا” (سورة طه 20 : 111).
ويقول أن الله رفعه حياً بعد أن قتل وصلب:
“بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا” (سورة النساء 4 : 158).
“إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ..” (سورة آل عمران 3 : 55).
بل ويقول القرآن أن المسيح هو الوحيد الذى سيبعث حياً من السماء:
“وَالسَّلَامُ {هو أسم من إسماء الله الحسنى} عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)” (سورة مريم 19 : 33 – 34).
ونرى المسيح هو الذى ألقى السلام على نفسه، وإذا قارنا ببن هذه الآية والآيات الآخر التى يلقي إله القرآن السلام على الآخرين:
“وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا” (سورة مريم 19 : 15).
” قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ” (سورة مريم 19 : 47).
“سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ” (سورة الصافات 37 : 79).
“سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ” (سورة الصافات 37 : 120).
“سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ” (سورة الصافات 37 : 109).
“سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ” (سورة الصافات 37 : 130).
“وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ” (سورة الصافات 37 : 181).
والسؤال :
لماذا المسيح هو الوحيد الذى يلقى السلام {معرف بألف ولام فيقول والسلام على هو أسم من أسماء الله الحسني} على نفسه؟
إلا ترى معي أنه حلول لاهوت فى ناسوت؟

7 – المسيح هو قول الحق الذى خُلق به السموات والأرض، أى كلمة قدرة الله:
“وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ {الأصح كان يقول كن فكان} قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ” (سورة الأنعام 7 : 73).
وهذا النص يدل على أن العالم قد خُلق بالمسيح لأن القرآن يقول عن المسيح هو قول الحق إذ يقول:
“ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ” (سورة مريم 19 : 34).
ونحن دائماً نقول أنه ينبغى على الرجل أن يكون قدر كلمته فهل الله فى الإسلام قد كلمته وقوله؟ … فالمسيح هو قول الحق والله هو الحق فهل الله كقوله؟
“ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (سورة الحـج 22 : 6).
وكما قال كاتب العبرانيين: ” ١ اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، ٢ كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ {أى حامل طبيعته}، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ،..” (رسالة العبرنيين 1 : 2- 3)..
ثم يكمل قائلاً: ” ٣ بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ.” (رسالة العبرانيين 11 : 3).
نكتفى بالأمثلة السابقة وهى كثيرة جداً ..

الأخ مجدي تاد
كنيسة كلمة المصالحة

الكلمة المكتوبة والكلمة المتجسد

يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس في (2تيمو 4: 2): “اكرز بالكلمة” .

الكرازة هي هدف رئيسي لوجودنا ككنيسة في هذا العالم، فمهمة الكنيسة الرئيسية أن تبشر وتكرز بإنجيل يسوع المسيح.

والكلمة في مفهومنا المسيحي تعني أمرين:
أولاً: الكتاب المقدس.
ثانيًا: شخصية المسيح.
وكلاهما إلهي وإنساني في آن واحد.

أولاً: الكتاب المقدس
هو كلام الله وهو أفضل كتاب عرفه العالم، ومن الرائع أنه لا يوجد في كتابنا المقدس آيات تنسخ آيات أخرى، فتصبح الآيات المنسوخة عاطلة بلا فائدة، ولا يأتي الله بتشريع ويلغيه بتشريع آخر، ولكن الله يتدرج بالبشرية من مرحلة لأخرى في طريق الكمال والملكوت.

وبشأن مفهوم الوحي، ليس هناك تعبيرات أدق مما قاله الكتاب المقدس عن طبيعة الوحي، ففي هذا الصدد قال الرسول بطرس:

في رسالتة الثانية 1: 21 “لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروحِ القدس” .

وشرحًا لهذه الآيات، قال طيب الذكر الراحل القس إلياس مقار في كتاب إيماني: “إن العلاقة الإلهية البشرية في الكتاب المقدس، أشبه بذلك الضوء الذي ينفذ خلال زجاج الكاتدرائيات الملون، الذي وإن كان في حد ذاته نورًا علويًا يأتي من الشمس، إلا أنه يحمل معه لون الزجاج عندما ينفذ إلى داخل الكاتدرائية، وإن نسمة الله في الوحي ونفخته تعني في الواقع تلك العناية الإلهية الدافعة والحافظة والمنقية والمحددة لما يُكتب سواء كان تفصيلاً أو إجمالاً. ونؤمن أن روح الله هو الذي أوحي بالكلمة المقدسة، وكأن الله نفخ في الكلمات البشرية نسمةً منه، كما نفخ قديمًا في آدم، فأصبحت تلك الكلمات حية ومحيية صادرة من فمه هو، والكلمة النبوية هي الدستور الوحيد المعصوم ذو السلطة الكاملة للإيمان والأعمال”. انتهي الاقتباس.

بمعنى آخر، يمكننا القول إن كل الكتاب هو زفير الله هو تنفسات الله، وحمل الله الكتبة بروحه إلى الهدف الذي كان يريده ويقصده.

ثانيًا: شخص المسيح
وإذا كان من الطبيعي أن نطلق على الكتاب المقدس بعهديه أنه كلمة الله، فإن كلمة الله تعني أيضًا شخص المسيح كلمة الله المتجسد (اللوجوس)، فهو الذي قال عنه يوحنا: “في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله… والكلمة صار جسدًا”. وكلمة الله هنا ليست صفة ولا وحيًا مكتوبًا ولكنها شخص المسيح…

المسيح هو كلمة الله والذي من خلاله أعلن الله لنا عن نفسه بأجلى صورة وأوضح بيان، المسيح هو كلمة الله، فهو قمة الوحي، وكمال الإعلان الإلهي، فهو الوحي وموضوعه، بدؤه وملؤه، كماله وغايته.

إن المسيح هو كلمة الله الأخيرة التي أوحى بها الله عن نفسه للبشر، هو الله المتكلم وكلمة الله ذاته، المسيح هو الوحي وموضوعه في آن معًا، وكما قال كالفن إنه لا يمكن معرفة المسيح بشكل صحيح إلا من خلال الكتاب المقدس، لا يمكن أن نعرف الكلمة المتجسد إلا من خلال الكلمة المكتوبة.

وكان السيد المسيح فريدًا في أنه إله وإنسان في آن واحد؛ هو هو نفسه ابن الله وابن الإنسان وهو صورة الله غير المنظور.

ونظرًا لأن السيد المسيح شخصية فائقة العظمة فقد عبر عن عظمتها ملايين المشاهير حول العالم، فقال عنه روبرت لي: “كان المسيح ابن الانسان حتى نكاد نظن أنه ليس ابن الله، وكان ابن الله حتى نكاد نظن أنه ليس ابن الإنسان، كان إنسانًا وكان إلهًا في آن واحد” .

كان إنسانًا فشعر بالتعب، وكان إلهًا فقال: “تعالوا إلى يا جميع المتعبين” .
كان إنسانًا، فشعر بالجوع، وكان إلهًا فأشبع الخمس آلاف بالخمس خبزات وسمكتين. كان إنسانًا، فصلى وكان إلهًا حتى إنه لم يعترف في صلاته بخطية، ومن ثم فلم يستغفر ربه. كان إنسانًا فشعر بالوحدة وقال لتلاميذه: “امكثوا ههنا واسهروا معي”، وكان إلهًا فرجع الأعداء إلى وراء وسقطوا على وجوههم عندما قال لهم: “أنا هو”. كان إنسانًا فبكى على قبر لعازر، وكان إلهًا فقال: “لعازر هلم خارجًا” .

وعن المسيح والكتاب المقدس، قال الدكتور القس إبراهيم سعيد في كتابه الهام “لماذا أؤمن” :
“هذا الكتاب الذي أومن بأنه كلمة الله، فهو ليس متضمنًا كلمة الله وكفى ولكنه، كلمة الله بالذات، نعم استخدم الرب في كتابه علم موسى، وشاعرية إشعياء، وسذاجة عاموس، وحكمة سليمان، وفلسفة بولس، وتصوف يوحنا، وبساطة بطرس، فانطبعت شخصية كلٌ على كتاباته، لكن روح الله كان يسوق الجميع في ما كتبوا، فكتاب الله يتمشى مع مسيح الله، كلاهما كلمة الله، فالكتاب هو كلمة الله المكتوبة، والمسيح هو كلمة الله المتجسد، وكلاهما متأنس، فكتاب الله هو فكر الله متأنسًا في بشرية من كتبوه، والمسيح متأنس في شخص ابن الإنسان، فكما أن المسيح كلمة الله له لحم وعظم ولاهوت. كذلك لكتاب الله لحم وعظم ولاهوت، أما لحمه وعظمه فهما شخصيات كتابه، وأما لاهوته فهو فكر الله. وعندما نقول إن الإيمان المسيحي هو الإيمان بيسوع المسيح، فإننا نقصد ضمنًا أنه هو الإيمان بالكتاب المقدس، فحيث لا كتاب مقدس لا مسيح”. انتهى الاقتباس.

وعندما يقول البعض إن المسيحية ليست دين كتاب، ولا المسيحيين أهل كتاب وأننا نقدس الشخص لا النص، فهذا الكلام قد يكون منطقيًا وجذابًا من الوهلة الأولى ولكن من أين عرفنا الشخص؟ أليس من النص؟ أيها الأحباء حيث لا كتاب مقدس لا مسيح.

يلخص اللاهوتي بيتر إنس نظريته فى طبيعة الكتاب المقدس في هذه العبارة: ” كما أن المسيح هو الله وهو أيضًا إنسان، فهكذا أيضًا الكتاب المقدس إلهي وإنساني في نفس الوقت بكل انسجام”. فالحقيقة هي في اجتماع الأمرين معًا، كما هو الحال في شخصية المسيح التي تجمع الطبيعتين، الإلهية والإنسانية، بدون اختلاط أو امتزاج أو تغيير أو أي تنازل في أي منهما لحساب الأخرى.

في حواره مع نيقوديموس، قال السيد المسيح: “ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء”. وما قاله المسيح يؤكد أن الوحيد المنزل من السماء هو شخص المسيح.

القس/ رفعت فكري – رئيس سنودس النيل بمصر
كنيسة كلمة المصالحة