The Importance of Repentance-أهمية التوبة وثمارها

أهمية التوبة وثمارها

أخي وأختي  في المسيح 

قد تكونوا قد سمعتم عن التوبة وأهميتها لحياة الإنسان واليوم سندع الكتاب المقدس يخبرنا عن فكر الرب عن التوبة وفائدتها لحياتنا. لقد علمنا المسيح عن أهمية التوبة في نظر الله عندما اعطى هذا المثل لقوم كانوا واثقين أنهم أبرار ولا يشوبهم شائبة فقال: 

“إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا واحد فريسي والأخر عشار. أما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا: اللهم أنا أشكرك إني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار. أصوم مرتين في الأسبوع وأعشر كل ما أقتنيه. وأما العشار فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلا: اللهم إرحمني أنا الخاطئ. أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مبرراً دون ذاك لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع” (لوقا ١٨: ٩ – ١٤). 

ونرى مثال يقتدى به للتوبة في حياة داوود النبي الذي قال عنه الرب أنه رجل حسب قلبه. فبعد أن أخطأ تاب مصليا ً: ” إرحمني يا الله حسب رحمتك. حسب كثرة رأفتك أمح معاصي. أغسلني كثيرا ً من إثمي ومن خطيتي طهرني. لأني عارف بمعاصي وخطيتي أمامي دائما ً. إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت … ” (أنظر مزمور ٥١ للنبي داوود). ومن الجدير بالذكر هنا ان اي خطأ نفعله تجاه اي إنسان وحتى تجاه أنفسنا هو خطأ موجه لله لأنه هو مالك كل فرد منا ومالك كل ما في الكون. إذا التعدي على أي شيء هو التعدي على ممتلكاته اولا ً ومعه أيضا ً يأتي التعدي على وصاياه التي يعطيها بوضوح في الكتاب المقدس. وكون الخطأ موجه إلى أقوى قوة في الكون، رب الكون، فمن الجدير أن نسمع منه بعض فوائد أو نتائج التوبة التي تعددها كلمته ومنها: 

النجاة من الهلاك: “… إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون” ( لوقا ١٣: ٣). والهلاك هنا لا يعني فقط الهلا الأبدي للذي لم يتب ويأتي إلى المسيح، بل أيضا ً الموت او الدمار الذي قد يلحق بالمؤمن الذي سلم حياته للرب ولكن يرفض ان يتوب عن خطيئة ما، لأن “…الخطية إذا كملت تنتج موتا ً” (يعقوب ١: ١٥). 

غفران الخطايا: “… توبوا وليعتمد كل واحد منكم على إسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس”  ( أعمال الرسل ٢: ٣٨).

تغاضي الله عن الماضي: “فالله الأن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا، متغاضياً عن أزمنة الجهل” ( أعمال الرسل ١٧: ٣٠). 

إختبار الفرج: “فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم، لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب” ( أعمال الرسل ٣: ١٩). فالخطيئة تحجب البركات التي يريد أن يبارك الرب الإنسان بها كما يخبرنا النبي أشعياء “ها أن يد الرب لم تقصر عن أن تخلص ولم تثقل أذنه عن أن يسمع. بل آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع” (أشعياء ٥٩: ١ – ٢). 

القدرة على الخدمة: “فأذكر من أين سقطت وتب واعمل الأعمال الأولى وإلا فإني آتيك عن قريب وأزحزح منارتك من مكانها إن لم تتب” ( رؤيا يوحنا ٢: ٥). فالخدمة إمتياز لمن يخدم ملك الملوك ورب الأرباب ولن يقبل الله فيها شخص يعيش في الخطيئة ويرفض التوبة وهو بنفسه سيتعامل مع هذا الإنسان كما تقول الآية. 

النجاح: “من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم.  طوبى للإنسان المتقي دائما. أما المقسي قلبه فيسقط في الشر” (أمثال ٢٨: ١٣- ١٤). 

لكي نجني ثمار التوبة علينا ان نتوب أولا ً، فما هي الخطوات التي يعلمنا إياها الكتاب المقدس التي تؤدي إلى التوبة الحقيقية في نظر الرب؟ يخبرنا النبي أشعياء وعدا ً من الرب تظهر فيه المقومات الضرورية للتوبة. يقول الرب: “فإذا تواضع شعبي الذين دُعي إسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فإنني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأبرئ أرضهم” ( أخبار الأيام الثاني ٧: ١٤). من هذه الآية نرى هذه المقومات الأساسية للتوبة: 

١- التواضع: 

لكي يتوب الإنسان عليه أن يكون مستعدا ً أن يرى خطيئته ويعترف بها.  وهذا يتطلب إخضاع الإرادة الشخصية لمشيئة الله وسلطة كلمته لأنه “… يقاوم الله المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة. فاخضعوا لله. قاوموا إبليس فيهرب منكم. إقتربوا إلى الله فيقترب إليكم. نقوا أيديكم أيها الخطاة وطهروا قلوبكم يا ذوي الرأيين. إكتئبوا ونوحوا وابكوا. ليتحول ضحككم إلى نوح وفرحكم إلى غم. إتضعوا قدام الرب فيرفعكم” (رسالة يعقوب ٤: ٦ – ١٠).

ومن ثمار التواضع الندم عن الخطأ فنرى مثلا ً عند إنكار بطرس للمسيح، تاب بطرس وبكى بكاءً مرا ً. ويعلمنا الرسول بولس: “الأن أنا أفرح لا لأنكم حزنتم بل لأنكم حزنتم للتوبة، لأنكم حزنتم بحسب مشيئة الله لكي لا تتخسروا منا في شيء. لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة. وأما حزن العالم فينشئ موتا” (رسالة كورنثوس الثانية ٧: ٩ – ١٠).

 إذا ً، الندم على الخطأ ضروري والإعتراف به مهم. أما رفض الإعتراف بأفعال معينة أو أفكار معينة والتعايش مع الخطيئة فهو تعدي على الله ذاته  كما يعلمنا يوحنا: “وهذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به أن الله نور وليس فيه ظلمة البتة. إن قلنا أن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق، ولكن إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح إبنه يطهرنا من كل خطية. إن قلنا أنهُ ليس لنا خطية، نُضلُ انفسنا وليس الحق فينا. إن أعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم. إن قلنا أننا لم نخطئ نجعله كاذبا ًوكلمته ليست فينا” ( رسالة يوحنا الاولى ١: ٥ – ١٠). 

٢- الصلاة وطلب وجه الرب: 

التواضع ورؤية الخطيئة على حقيقتها والشعور بالندم مهم ولكن يجب أن يؤدي ذلك إلى طلب وجه الرب بالصلاة. لأن قصد الرب لنا ليس أن يقول لنا اننا سيئين بل أن نأتي إليه كي يغفر لنا خطايانا، لذلك تعلمنا كلمة الرب: “فتب من شرك هذا، واطلب إلى الله عسى أن يغفر لك فكر قلبك”  ( أعمال الرسل ٨: ٢٢).

وكذلك: “لماذا يشتكي الإنسان الحي، الرجل من قصاص خطاياه؟ لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب. لنرفع قلوبنا وأيدينا إلى الله في السموات” (مراثي إرميا ٣: ٣٩ – ٤١). فالصلاة وطلب وجه الرب خطوة أساسية في رحلة التوبة.  

٣- الرجوع: 

طلب الغفران من الرب لا يكفي بل يجب أن لا يقوم الإنسان بذات العمل بل يعود إلى الرب ومشيئته في حياته من كل قلبه ويحيد عن الشر الذي سبب له الندم والحزن في محضر الرب. وفي ذلك تقول كلمة الرب :  

 “فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها وحفظ كل فرائضي وفعل حقا ًوعدلا ًفحياة يحيا. لا يموت. كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه. في بره الذي عمل يحيا. هل مسرة أُسر بموت الشرير يقول السيد الرب، آلا برجوعه عن طرقه فيحيا؟” (حزقيال ١٨: ٢١ – ٢٣).

“هلم نرجع إلى الرب لأنه هو إفترس فيشفينا. ضرب فيجبرنا” ( هوشع ٦: ١).

“ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرأفة ويندم على الشر” (يوئيل ٢: ١٣).

“قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك. إرجع إليّ لأني فديتك” (أشعياء ٤٤: ٢٢).

“وأعطيهم قلباً ليعرفوني أني أنا الرب فيكونوا لي شعبا وأنا أكون لهم إلهاً لأنهم يرجعون إلي بكل قلبهم” (إرميا ٢٤: ٧).   

إن التوبة تتضمن إذا التواضع والإعتراف بالخطأ انه مرفوض من الرب والندم عليه والصلاة طالبين وجه الرب كي يغفر لنا ثم الرجوع عن طريق الشر والسلوك في اتجاه معاكس متوجهين إلى فعل مشيئة الرب وإرضائه. فالرب يريد من جميع أولاده أن يختبروا ما هو أفضل لذلك يقول لنا : “إني كل من أحبه أوبخه وأؤدبة. فكن غيورا ً وتب” ( رؤيا يوحنا ٣: ١٩). وقد أخبرنا السيد المسيح مثلا ً مشهورا ً عن وجهة نظر الآب من التوبة وفرحته بها عندما كلمنا عن مثل الإبن الضال (أنظر لوقا ١٥). وفي الختام، يذكرنا الرسول بطرس: “لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة” (رسالة بطرس الثانية ٣: ٩). 

نستودعكم بين يدي القدير ونصلي ان يبارككم الرب ويقود خطاكم