لنّ يعطش الى الابد

قبل ان يخلق الله الانسان خلق له كل شيء،وجعل كل مخلوقاته لخدمة الانسان.الشمس لتنير عليه في النهار والقمر لينير دربه في الليل،والحيوان ليسخّره لخدمته ولطعامه والاشجار ايضاً.لم يبخل الله على الانسان بشيء حتى انّه سلطه على كل مخلوقاته وقد اعطاه كل شيء ليملك على كل شيء ورغم ذاك تمرّد الانسان وعصى الله.اهم احتياجات الجسد هو الطعام والشرب،فكانت الاشجار المثمرة من اهم مصادر الغذاء للانسان كما ايضاً الحيوانات.ولكنّ الماء هو مصدر الحياة ايضاً وبدونه لا يستطيع جسم الانسان الصمود،يستطيع الانسان الصمود بدون طعام مدة اطول على المياه فقط ولكنّه لا يستطيع الصمود طويلاً بلا ماء.لذلك المياه هي مورد اساسي في حياة الشعوب وكم نرى من مشاكل وحروب تقع بين الدول من اجل الخلاف على مصادر المياه من انهار وينابيع، او حتى كم نسمع عن مجاعات واوبئة وامراض متنوّعة سببها شحّ في المياه والامطار في تلك الدول.الماء مصدر لكل كائن حيّ للانسان كما للحيوان والاشجار والنبات.هي القوّة اتي تعطي كل كائن حيّ عمليّة الاستمرار في الحياة والنمو والانتاج.فإذا كان للماء هذه الاهميّة القصوى في حياتنا فكيف اذاً برب المياه وواهب الحياة ألا نحتاج اليه ايضاً؟ كل يوم نحتاج الى الماء وكلما نشرب بعد حين نعطش ايضاً ونعود لنشرب من جديد وهكذا الى ان ننتقل من هذه الدنيا الى دنيا الكمال حيث لا عطش ولا جوع ولا الم ولا مرض بل الكمال مع الكامل والخالق ورب الحياة له كل المجد،فيه وحده كل الكفاية والشبع والاستقرار والسلام.
جلس يسوع عند بئر يعقوب ليرتاح وكان الوقت ظهراً،فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماءً.فقال لها يسوع أعطني لاشرب.فتعجبت المرأة السامريّة من طلبه لانه يهودي وهي سامريّة لانّ اليهود لا يعاملون السامريين.اجاب يسوع وقال لها لو كنت تعلمين عطيّة الله ومن هو الذي يقول لك اعطني لاشرب لطلبت انت منه فأعطاك ماءً حيّاً.فقالت له المرأة يا سيّد لا دلوَ لك والبير عميقة فمن اين لك الماء.العلّك اعظم من ابينا يعقوب الذي اعطانا البير.اجاب يسوع وقال لها.كل من يشرب من هذا الماء يعطش ايضاً.ولكن من يشرب من الماء الذي اعطيه انا فلن يعطش الى الابد.بل الماء الذي اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياةٍ ابدية.(يوحنا /6الى13)

نعم الرب يسوع وحده الينبوع الذي لا ينضب والذي يشرب منه لا يعطش الى مياه العالم والاشياء التي في العالم.كلما ابتعدنا عن الرب يصيبنا العطش والجوع الى كلمة الله الحيّة الفعّالة التي تُحيينا وتجعلنا اولاد الله ونشرب من ينابيع الروح القدس الروح المعزّي الذي يسير معنا في غربتنا فيُحيينا ويحمينا ونصل معه الى برّ الامان حيث ملك الملوك ورب الارباب. هو القائل ايضاً:انا هو خبز الحياة من يُقبل اليّ فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش الى الابد.هو له كل المجد من نقلنا بموته وقيامته من الظلمة الى النور ومن الموت الى الحياة لان الماء الذي يُعطينا هو ماء الحياة الابديّة.كم نشقى ونتعب ونسهر لكي نؤمّن مصدر حياتنا وعيشنا ومع هذا نعود لنعطش من جديد ونجوع من جديد ولا امل بحياةٍ افضل ولكن مع الرب نعيش بأمان فمنه الكل وفيه كل شيء.لينظر كل واحد منّا الى ماضيه وحاضره ويحسب كم من مرة اراد ان يشبع من العالم ولم يقدر.فالمدمن على الخمر يشرب كل يوم ولا يرتوي ليعود ليشرب من جديد،والمدمن على السهر ولعب الميسر والسبق وارتياد الملاهي لا يشبع ايضاً كل يوم يقوم ليعود من جديد وهناك امثلة كثيرة على تعلّق الانسان بأمور كثيرة لا مجال لحصرها اليوم وهو يعيش اسيرها كل الوقت ولا يرتوي من صرف كل وقته ليتمتّع بها ومع ذلك لا يشبع ليعود كل يوم من جديد محاولاً في كل مرّة اشباع غرائزه وميوله واهوائه وهذا ليس بإرادته فهو ينساق الى مياه العالم مسلوب الارادة ولا يستطيع شيئاً لذلك قال الرب من يشرب من هذا الماء يعطش ايضاً.انما من يلتفت الى الرب ليقول له يا رب لقد تعبت ولا استطيع ان افعل شيئاً اسلّمك امري واعترف امامك بضعفي فهو الرب القادر على كل شيء ففى لحظة ينقلك من الموت الى الحياة ويرويك من نبعه الذي لا ينضب كما يذكر الكتاب المقدّس:ويقودك الرب على الدوام ويُشبع في الجدوب نفسك ويُنشّط عظامك فتصير كجنّة رياً وكنبع مياهٍ لا تنقطع مياهه. (اشعيا58/11) فنتمتّع حينها بنعم الرب الغزيرة وتخرج منّا ايضاً مياهً حيّةً لتروي كل من حولنا ونصير بركة وسبب فرح لكل من حولنا ونفعل مشيئته في كل حين ويُنير الرب فينا فننير نحن ايضاً بدورنا كما قال الرب لنا انتم نور العالم فيعلم الجميع اننا تلاميذه بعد ان كنّا تلاميذ الشرير ونعمل اعماله ونهشّم اجسادنا وحياتنا ونعطش في كل حين الى من يقتل اجسادنا و يُدمّرها.يقول الرب :لانّ شعبي عمل شرّين تركوني انا ينبوع المياه الحيّة لينقروا لانفسهم أباراً مشقّقة لا تضبط ماءً(ارميا 2/13)

نعم ابار هذا العالم هي آبار مشققّة لا تضبط ماء فكل تعب الانسان لكي يجعلها تمتلئ يذهب ادراج الرياح وحتى ولو اعتقد انه يُخزّن المياه التي لا تروي يوماً بعد يوم تأتي الساعة التي لا ينتظرها فيرحل من هذا العالم دون ان يتمتّع ولو وقتيّاً بتعبه وسهره وما جنته يداه طوال حياته ليتركه لغيره لكي يستعد ليتعب هو الآخر من جديد يقول الكتاب:كل الانهار تصبّ في البحر والبحر ليس بملآن.

نعم احبّائي لنترك ابار هذا العالم ونأتي الى الينبوع الذي لا ينضب الى المياه التي تروي الى التمام الى الرب يسوع المسيح الذي بدمه غفر لنا خطايانا ومحا عنّا عارنا ووهبنا الحياة الابديّة وروانا من شخصه ماءً حيّاً.تعالوا اليه لنجلس جميعاً عند قدميه لنرتوي من نبعه ولنعش حياةً افضل فيها الشبع والسرور لانه هووحده مصدر كل الشبع والسرور له السجود والمجد الى ابد الدهور.

آمين

 

arabicchristianchurch.com.au