الطريق والحق والحياة

«قال له يسوع: أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحدٌ يأتي إلى الآب إلا بي» ( يوحنا 14: 6 )
يُخيِّم القلق على عقول التلاميذ إذ أخبرهم ربهم أنه على وشك تركهم. وبطرس المقدام لا يستطيع اتّباعه في هذا الطريق آنذاك. وتوما يُعلن جهله بالمكان الذاهب إليه ربــه، ويهوذا أُعلنت خيانته. في وسط هذا المشهد القاتم أعلن له المجد، أمجد الإعلانات عن الطريق الحي الحقيقي للآب.

«أنا هو الطريق»: هنا إعلان عظيم جديد للبشرية كلها أن الطريق للآب غدَا مفتوحًا وهو ”المسيح نفسه“. وقد تم افتتاح هذا الطريق للأقداس السماوية على الصليب، إذ تمزَّق الجسد الكريم، المرموز إليه بالحجاب المشقوق. وهو ليس طريقًا نرتاده فحسب ولكنه السُلَّم السماوي؛ قاعدته في قلوبنا، ورأسه في بيت الآب. وعلينا أن نصعد والنعمة خير مُعين. ودرجات السُلَّم هي التلمذة لوصاياه. والوصية إذا سكَنت القلب، أعطتنا القوة لنرتقي درجات النعمة. وهذا هو الطريق الوحيد للآب «ليسَ أحدٌ يأتي إلى الآب إلاَّ بي» ( يو 14: 6 ).

قارئي المبارك: هل ترتاد هذا الطريق لبيت الآب حاملاً تأشيرة الدخول، ”الإيمان بشخصه الكريم وعمله المجيد؟“.

أنا هو «الحـق»: إن الحق دائمًا إلهي في مصدره. والمسيح لأنه الله الظاهر في الجسد، لهذا فهو الحق. وقبل مجيء المسيح عاش الإنسان يتخبَّط في أكاذيب الشيطان التي أطعمها لحواء، وأورَثها للبشرية، فما عاد الإنسان يثق في إلهه. وتخيَّله إلهًا غاضبًا، يطارده لخطاياه، ويتوعَّده في آخرته. فأتى المسيح ـ له المجد ـ الحق الكاشف والمُعلن للآب ولقلبه. أن الآب يُحبنا، وقد جعلنا أولاده وأفراد عائلته ( 1يو 3: 1 ). ويُسرّ أن يسكب حُبُّه في قلوبنا ( رو 5: 5 ؛ يو17: 26)، وفاتح لنا بيته ليستقبلنا عن قريب.

أنا هو «الحياة»: والحياة هنا هي الحياة الأبدية. ومصدرها ومُعطيها والحافظ لها في قلوبنا هو شخص الرب؛ فهي لنا فيه بالإيمان ( يو 3: 36 ). إنه الطريق للحياة، والحق عنها. وحياتنا الجديدة الجارية في عروقنا هي عطية إلهية، ولا فضل لنا فيها. والحياة الأبدية ـ لمَن عرفوها ـ حياة تَصغُـر أمامها الحياة الحاضرة، ويرتقي فيها القديسون من مجد إلى مجد. وتتغيَّر أشكالهم الروحية بصدق وأصالة، من الداخل للخارج، لتكون مُشابهة لصورته له المجد. ومهما بلغوا من تغيير، فهم لفقرهم الروحي ولمَسكنتهم مُدركون. ما أروعه ـ تبارك اسمه ـ طريقًا نازلاً بالحق، صاعدًا بالحياة والأحياء!!

أشرف يوسف – طعام وتعزية