أيعبدون خروفاً أم الله ؟

بينما كنت أستمع الي احدى المناقشات تعجبت من سؤال طرحه أحد الحاضرين بشكل يميل الى السخرية و الشماتة فقد سأل: ” لماذا يعبد المسيحيين خروفاً ؟” بل و زاد في ادعائه و قال متهكماً ” الخروف أبو سبع قرون. ”

وصرت أتساءل أيعبد المسيحيين خروفاً؟ و ماذا عن هذا الخروف ذي السبعة قرون؟؟؟؟؟؟؟؟

و بدأت أفكّر… فرجعت رأسي بكل ما تحويه من افكار الى كتاب تعجبت حقيقيةً من انه خطر على بالي انه كتاب ” متن لمعة الاعتقاد الهادي الى سبيل الرشاد للإمام \موفق الدين ابن قدامه المقدسي” فقد قال في صفحة 13:

” كل ما تُخيل في الذهن أو خطر في البال فان الله تعالى بخلافه ..بل وأيضا ان أسماء الله توفيقيه لا مجال لاعمال العقل بها ، و مما أجمع السلف رمحهم الله – على نقله و قبوله بلا تشبيه ولا تأويل و لا تمثيل ولا تعطيل .”

وذلك يوضح من أين جاءت هذه الفكره المغلوطه عن عبادة المسيحيين لخروف.

ان المسيحيةَ مختلفة تماماً عن الاسلام فهناك تشبيه و تمثيل و تأويل لتوضيح صفات الله كما ان الله استخدم اسلوب الأمثال لتوضيح الفكرة التي يريد توصيلها للبشر. لذا فعلينا أن نعود الى الكتاب المقدس بعهديه لنستدل على معنى الخروف؛ فلقد جاءت كلمة خروف مرات عديدة في العهدين القديم و الجديد و سآخذ بعض الآيات على سبيل المثال لا الحصر:-
ففي سفر اللاويين 1: 3 يحدثنا الكتاب عن ذبيحة المحرقه التي تُقدم لاستعادة العلاقه بين الكاهن (الممثل للشعب) و الله وتشرح هذه الذبيحة كيفية انتقال الخطيه من البشر( بواسطة الكاهن الممثل لهم أمام الرب) الى الذبيحه التي تقدم للتكفير عنه (و يضع يده على رأس المحرقه فيرضى عليه للتكفير عنه )

و هذا مثال لما حدث في الصليب حيث انتقلت خطايانا وآثامنا ليحملها المسيح على خشبة الصليب و يستعيد العلاقة بيننا و بين الله مره اخرى فيرضى الرب عنا و نستطيع ان نكون في محضره.

و ايضا الذبيحة التي أشير اليها في سفر الخروج 12: 5- 14 و المعروفة بخروف الفصح حيث أن هذا الرمز يحوي بين طياته اشارات الى المسيح ففي خروف الفصح الذي قدمته جماعة بني اسرائيل رموز كثيرة عن المسيح كماوضح لنا الكتاب المقدس في العهد الجديد في (1كو 7:5) “لان فصحنا ايضاً المسيح قد ذبح لاجلنا”

و يرمز خروف الفصح للمسيح برموز عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر ؛ انه من خلال هذا الخروف قد عُفي عن ابادة كل الابكار المحتميين في دمه،بل و ايضا عبور القصاص و الدينونه من خلال دم هذه الذبيحة (فأرى الدم و اعبر) ،الدم الذي يعطي الحياه لمن يحتمي به و هذا تمثيل بسيط لما حدث في الصليب حيث نُقِلَ الانسان الشرير الذي اقبل الى المسيح و احتمى بدمه من سلطان الظلمة(الذي انقذنا من سلطان الظلمه و نقلنا الى ملكوت ابن محبته-كو13:1).

أما في العهد الجديد فقد ذُكر الخروف في سفر الرؤيا 6:5 الذي يتحدث عن المسيح مشبهاً اياه بخروف كأنه مذبوح لانه قد صلب و مات لكنه قام ايضا ،له سبعة قرون وتشير كلمة قرون الى القوه و السلطه فاذا راجعت هذه الشواهد (1مل 22: 11، 12) تجد أنه رُمِز للقوه المعطاه لصدقيا بقرني الحديد و ايضا في (زك18:1) قد شرح الملاك لزكريا ان (قوة)القرون هي التي بددت يهوذا واسرائيل و اورشليم اما بالنسبه لكون هذه القرون سبعه فان العدد سبعه يتحدث عن الكمال بلغة الكتاب المقدس و بهذا نصل الى كمال الفداء و كمال القوه و السلطة .

ومن هنا نفطن أن الكتاب المقدس يستخدم اللغة الرمزية ،وقد يستخدم المسيحيون بعض الرموز التي ذكرت به مشيرين الى المرموز (المسيح) لا الرمز ، الذي دخل بذبيحة نفسه مرة واحده الى الاقداس فنال فداء ابديا. الذي صار ذبيحة خطية أي الذبيحة التي تكفر عن الخطيه و محى بدمه الصك الذي كان لابد ان يدفعه بني البشر وهو الموت الابدي بالانفصال عن الله.

بموت المسيح صار لنا الفداء و غفران الخطايا و بقيامته صار لنا اليقين بالنصره و القيامة لملاقاتة . لهذا فاننا لنا الشرف ان نتبع ذاك الذي صار مثل الخروف لكي يخلصنا من خطايانا وآثامنا ذاك الذي يبحث عن كل خروف ضال أي الانسان الضال لكي يرده الى القطيع السماوي نعم سنتبعك و نعبدك يا رب و سنسير في موكبك لانك انت الذي تتقدمنا و تعطينا النصره و اهم من ذلك الحياه…يا صانع الحياة وخالقها.

 

everyarabstudent.com